استمارة البحث

القسم 1. تطوير خطة لإدخال مسائل الصحّة والتنمية المجتمعيتين إلى جدول الأعمال المحلّي

  • ماذا نقصد بوضع مسائل الصحة والتنمية المجتمعيّتَيْن على الأجندة المحلية؟
  • متى يكون الوقت الأفضل لمحاولة وضع المسائل على الأجندة المحلية؟
  • مَن يجب أن يخطّط لوضع المسائل على الأجندة المحلية؟
  • كيف تطوّرون خطة لوضع المسائل على الأجندة المحلية؟

كانت "عيادة الصحّة المجتمعية" قد قامت للتو بالمراجعة السنوية لحالاتها. في السنوات الماضية، أظهرت المراجعة مجموعةً مألوفة من أمراض الطفولة، والسكّري، والمشاكل في الحمل، والضغط والتوتّر، مع بعض الحالات الغريبة من التهاب السحايا أو السرطان. أمّا هذه السنة، فيبدو أن المجتمع المحلي يختبر نوعاً من "وباء" الإصابات لدى الأطفال. إذ وقع عدد مفاجئ من الأطفال الصغار من على الدرج، أو ضُربوا بأشياء رماها أطفال آخرون، أو سقطوا من على الألعاب في ملاعب الأطفال.

تم تشخيص عدد كبير من هذه "الحوادث" وكان التقرير أنّها إشارات محتَمَلة عن سوء التعاطي مع الأطفال. وعندما كشفت المراجعة عن عدد هذه الحوادث، زاد قلق العاملين في العيادة بسبب ضخامة حجم المشكلة، وكبر الهم عندما تحدّثوا إلى العاملين في غرفة طوارئ المستشفى، ووجدوا أن إحصائيات سوء معاملة الأطفال للسنة الماضية كانت أيضاً قد قفزت بشكل دراماتيكي.

كانت الأوقات صعبة في المجتمع المحلي. مصنع كبير كان قد أقفل أبوابه، وعدد كبير من الناس كان إمّا عاطلاً عن العمل أو يقطع مسافات كبيرة للعمل مقابل أجر أقل ممّا كان يجني سابقاً. وبدأ  ضغط العائلات المعدمة مالياً على أطفال المجتمع المحلي، فأصبح جلياً أن الأمر أصبح مسألة حالكة يجب أن يتم التعاطي معها بأسرع وجه. وكان يُخشى من ألا يمر وقتٌ قصير قبل أن يُقتل طفل أو أن يُصاب إصابة دائمة.

من جهة أخرى، لم يكن لدى معظم أعضاء المجتمع المحلي أدنى فكرة عن وجود المشكلة. إذ مَن كانوا يتعاطون معها يومياً (العاملون في العيادة والمستشفى، وعاملو طوارئ المدارس، وبعض العاملين في الصحة النفسيّة) كانوا يريدون إلى أقصى حد أن يروا موضوع الإساءة للأطفال يُطرح ويناقَش في المجتمع المحلي. كان عليهم أن يجدوا طريقة لوضع المسألة على الأجندة المحلية باعتبارها مسألة حسّاسة يجب أن يواجهها المجتمع المحلي.

الفصل الرابع هو عن إحضار المسائل إلى الوعي العام ووضعها في مكان مرئي والبحث فيها. وهذا القسم يصف كيفية التخطيط لإعلام الناس في مجتمعٍ محليٍ عن مسألةٍ ما، وإقناعهم بأهميتها. الأقسام الأخرى في هذا الفصل والفصل التالي تبحث في استراتيجيات محدّدة يمكنكم استخدامها للقيام بذلك.

ماذا نقصد بوضع مسائل الصحة والتنمية المجتمعيّتَيْن على الأجندة المحلية؟

المقصود بالأجندة المحلية، كما نستخدم التعبير هنا، هو ما يرى المجتمع المحلّي أن من الضروريّ طرحه. بعض هذه الأمور (كتصليح الطرقات أو طلاء الأبنية العامّة) قد لا يكون له صلة بخدمات الصحة والمجتمع المحلي، بينما أمور أخرى (كالدعم المحلي المالي لرعاية الأطفال، والتعاون بين القطاعيْن الرسمي والخاص لوقف العنف بين الشباب) لها كل الصلة بالخدمات الصحيّة والمجتمعيّة.

وكما يمكن أن تكونوا قد قدّرتم من المقدّمة (أو كما تعرفون من خبرتكم الخاصّة)، فإنّ وضع المسائل في بال العموم والمسؤولين وصانعي السياسات ليس قضيّة بسيطة. هنالك عدّة خطوات يجب القيام بها ( وهي تتوقف على ما يعرفونه أصلاً عن المسألة الذي غالباً ما يكون لا شيء نهائياً)،  وكلٌّ منها يتطلّب وقتاً:

  1. تثقيف الناس عن وجود المسألة:

على الأغلب، يكون المواطنون والمسؤولون إمّا لا يعرفون عن وجود المسألة أبداً أو هم مقتنعون باستحالة وجودها في مجتمعهم المحلي. الخطوة الأولى في جعلها قابلة للطرح هي إعلاء وعي العامّة بوجودها.

غالباً ما كان مدير برنامج محو الأميّة يتحدّث لمجموعات مجتمعية عن عمل منظّمته، وكان دائماً يبدأ عرضه بسؤال الجمهور كم منهم يعرف شخصاً كبيراً لا يستطيع القراءة أو الكتابة جيّداً أو نهائياً. أحياناً كان شخص أو اثنان، (ومعظم الأحيان لا أحد) يرفع يده، فيكون تعليق المدير التالي ما يلي: "أنا متأكّد أن معظمكم مُخطئ."

بعد تعداد الأعذار المعتمدة التي يستخدمها الكبار لتغطية الصعوبات في القراءة أو الكتابة أو الرياضيّات، كان المدير يسأل من جديد: "مَن منكن الآن يظن أنّه يعرف أحداً كان يعاني صعوبات في هذه المجالات؟" هذه المرّة، تعلو نصف الأيادي الموجودة في الغرفة. وغالباً بعد العرض أو أحياناً بعد أسابيع أو أشهر، كان الناس يأتون إليه لإخباره أنّهم لم يكن لديهم فكرة من قبل عن مدى انتشار مشكلات الأميّة في منطقتهم، أو كَم من الناس من الذين يعرفونهم كانوا يعانون صعوبات القراءة.

(لمعلومات مفصّلة عن تثقيف المجتمع المحلي، الرجاء الذهاب إلى القسمين في هذا الفصل: الفصل 4، القسم 2: إيصال المعلومات عن مسائل الصحة والتنمية المجتمعيّة والفصل 4، القسم 5: إعداد عروض مجتمعية.)

وضع الأجندة هي في الجوهر منافسة من أجل موارد محدودة: انتبهوا. فكما أشار "جيمْس ديرينْغ" وَ"إيفْريتْ روجِرزْ" في "وضع الأجندة" (1996)، إنّ مناصري قضايا محدّدة يتنافسون باستمرار لكسب انتباه الإعلام والعموم وصانعي السياسات.

يشير كذلك الكاتبان إلى أنّ غياب الانتباه هو عامل في وضع الأجندة. في دراسة وطنية (في الولايات المتّحدة)، أعطى الباحثون الأفرادَ فرصةً لتسمية "مسائل مهمّة" كما يريدون، ومعظم الناس سمّى أربع أو خمس. من هنا، إذا احتوت الأجندة العامّة (هموم المواطن العادي) على عدد محدود من البنود، يصبح وضع الأجندة لعبة "المجموع صفر": من أجل أن تظهر مسألة على الأجندة، يجب أن تُخرج مسألة أخرى إلى خارج الأجندة.

إذاً، إذا كان الناس في المجتمع المحلي والإعلام المحلّي يركّزون على حوادث أليمة كاستخدام المراهقين للمخدّرات، عليكم أن تعملوا على نحو مضاعف لجعل مسألة القرائية على شاشة الرادار.

  1. التأكّد من أن الناس يفهمون المسألة وأهميتها العامّة:

ليس وعي المسألة إلاّ البداية. قد يفهم الناس أن المسألة موجودة، ولكنّهم لا يفهمون بالضرورة تبعاتها. قد يشعرون أنّها ليست بالضرورة مهمّة، أو أنّها تؤثّر فقط على عدد قليل من الناس أو على أمكنة بعيدة، أو أنّه لا يوجد في الحقيقة أي دليل على تأثيراتها.

المرحلة التالية هي شرح المسألة بوضوح. يحتاج الناس إلى أن يعرفوا على مَن تؤثّر المسألة، أو أين يكبر احتمال التصادم بها، وما هي تبعاتها. إذا تمتّع الناس بمعلومات جيّدة فسيدركون على الأقل أن المسألة جدّية.

في عروضه، تحدّث مدير برنامج محو الأميّة عن تأثيرات مسائل القرائية على المجتمع المحلي كما على مَن يعاني هذه المسائل. وشرح أنّ الخسارة بالنسبة للمجتمع المحلي هي بحجم خسارة الكبار المتأثّرين أنفسهم. الناس الذين يعانون مشاكل قرائية يكونون غالباً عالقين في مهن ضئيلة الأجر ولا تحتاج إلى مهارات جيّدة، ما يؤدّي إلى مردود ضريبي أقل في المجتمع المحلي. تنخفض قدرة أرباب العمل المحليّين على التنافس لأنّهم قد لا يجدون عاملين يتمتّعون بالمهارات اللازمة لتعلّم الإجراءات الجديدة أو المهن الجديدة سريعاً. كما يؤدّي وجود ناخبين أقل أو ناخبين أَقَل علماً إلى عدد أقل من القرارات المجتمعية المَبنيّة على معلومات جيّدة وعلى مراعاة البدائل المتوفّرة. وربّما، وهذا أكثر تعبيراً ممّا سبق، غالباً ما يعاني أطفالُ أصحاب المهارات المنخفضة صعوبات مدرسيّة، ما يُديم هذا النمط.

ما إنْ فهم الناس هذه الجوانب من المسألة حتى باتوا على استعداد أكبر لأخذ المسألة بشكل أكثر جدّية، والتساؤل فيما لو كانت هذه المسألة مشكلةً في مجتمعهم المحلي.

(تجدون في القسم الرابع من هذا الفصل، الفصل 4، القسم 4: التحدّث عن المخاطر وعوامل الحماية المتصلة بالمسائل المجتمعيّة، مزيداً عن هذا الموضوع.)

  1. خلق هم حقيقي محلي حول المسألة:

الخطوة التالية بعد أن يعلم الناس عن المسائل ويفهموها هي تعزيز الاهتمام، ويتضمّن ذلك التأكّد من فهم الناس كيف تؤثر المسائل عليهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وكيف تتفاقم في مجتمعاتهم المحلية. إذ إنّه عندما يدرك الناس عالقتهم الخاصّة بالمسألة فسيبدؤون برؤيتها كأمر ليس فقط جدّياً بل أيضاً كأمر يحتاج للتصدّي له محليّاً.

حتى بعد أن نظر الناس إلى الأمر كمسألة مهمّة لم يكن معظمهم مستعدّاً لوضع مسألة القرائية على أعلى لائحة المشكلات الواجب التعاطي معها. كان يلزمهم الحس بأنّ المسألة تمسّهم بشكل ما.

تعاطى مدير برنامج محو الأميّة مع الموضوع عبر طريقتين. أوّلاً، كان لديه أوراق معلومات مُحَضّرة، فوزّعها، ليس فقط في أثناء العروض بل أيضاً في كل فرصة تسنح (عبر الاتّصال الشخصي أو لوحات الإعلان أو قطاع الأعمال في المجتمع المحلّي...الخ). عرّف ذلك المواطنين عن حجم المشكلة في الولاية كما في المنطقة المحليّة، وهو حجم يفوق ما قدّر معظمهم. (انظروا  الفصل 6، القسم 15: تطوير ورقة معلومات حول مسائل محلّيّة)

أمّا استراتيجيته الثانية، فكانت تحضير عروض يقدمها متعلّمون حاليون أو سابقون في البرنامج. وفي عرض فعّال بشكل خاص قُدّم إلى غرفة التجارة، أخبر رجل من المجتمع المحلي كيف كان قد تخرّج من الثانوية، من الصف نفسه الذي ارتاده العديد من الحاضرين، ولم يكن قادراً على الكتابة أو القراءة، وكيف أخفى مشكلته عن الجميع بمن فيهم زوجته، لسنوات. عندما وصف كمْ كان يشعر بعدم القيمة وبالغباء لسنوات عديدة، وما عنى له أن يتمكّن من القيام بأمر بسيط كالذهاب إلى مطعم، واختيار ما يريد من لائحة الطعام، دمعت عيون معظم مَن كان في الصالة.

حديث هذا المتعلّم المسألة وضع أعضاء غرفة التجارة أمام المشكلة مباشرة، فلم تعد "في مكان ما هنالك"، بل أصبحت همّاً في مجتمعهم، وهمّاً شخصياً للعديد منهم الذين كانوا يعرفون هذا الرجل معظم حياتهم. أصبحت المسألة الآن على أجندتهم. (للمزيد من النقاش حول هذا المسار، انظروا القسم الثالث من هذا الفصل، الفصل 4، القسم 3: اكتساب دعم المجتمع المحلي للتصدي لمسائل الصحة والتنمية في المجتمع المحلي.)

 
  1. وضع المسألة على الأجندة المحليّة:

في الحقيقة، إنّ وضع المسألة على الأجندة المحليّة فعليّاً يعني العديد من الأمور:

  • الغاية النهائية هو وضع المسألة حرفيّاً على الأجندة المحليّة وذلك في شكل قوانين أو تنظيمات أو مذكّرات أو بيانات سياسات، مستقبليّة أو حاليّة. (للمزيد من المعلومات حول بناء السياسات والقوانين أو تغييرها، انظروا الفصل 5: اختيار استراتيجيات لتعزيز الصحة والتنمية في المجتمع المحلي والفصل 30: مبادئ المناداة والفصل 32: توفير التشجيع والتثقيف والفصل 33: تنظيم حملة تحرك مباشر والفصل 34: المناداة عبر الإعلام).

من جهة أخرى، تجدون طرقاً أقل رسمية للوصول إلى الأجندة المحلية، وهذه الطرق هي بنفس الأهمية، وتكون معظم الأحيان ضرورية للوصول إلى مرحلة اقتراح قوانين أو تنظيمات أو سياسات رسمية أخرى

  • التأثير على الرأي العام: الرأي العام هو عامل أساس في وضع الأجندة المحليّة. تصبح المسائل بنوداً على الأجندة المحلية عندما تصل إلى مستوى معيّن من الوعي لدى العموم، ويبدأ المجتمع المحلي باعتبارها جديرة بالاهتمام. وتبدأ القصص حولها تظهر في الإعلام، وتقوم برعاية البرامج والمذيعين الذين يذكرون هذه المسائل المؤسساتُ والمنظماتُ القائمة في المجتمع المحلي (نوادي الخدمات والمؤسسات المدنية والدينية والجامعات)، ويتحدّث عنها المواطنون العاديّون في أحاديثهم اليوميّة. وما إن يصبح واضحاً أن الشعب مهتم بهذه المسائل حتى ينتبه السياسيّون والمسؤولون الآخرون. (لمزيد من المعلومات عن التواصل والتأثير على الرأي العام، الرجاء الذهاب إلى الفصل 6: تعزيز الاهتمام بالمسائل المجتمعية، بالإضافة إلى فصول المناداة المذكورة أعلاه.)

  • التأثير على السياسات الرسمية غير الرسميّة: عندما نذكر السياسات في "عدّة العمل"، فنحن نقصد عادةً القوانين أو النُظم التي تنظّم بشكل رسمي كيفية اعتبار مسائل معيّنة والتعاطي معها. ولكن معظم الأحيان، ولاسيّما على المستوى المحلي، فإن السياسات التي تنظّم الشؤون العامّة تكون غير رسمية، وهي تعتمد على الفرضيات والضغوطات والتحيّز والتأثيرات التي تشكّل آراء المسؤولين المنتَخبين والمعيّنين. قد تكون التنمية الاقتصادية أولوية إذا كان قريب رئيس البلدية عاطلاً عن العمل بنفس القدر كما لو كانت هي فعلاً المسألة الأهم بالنسبة للمجتمع المحلي. قد يَنبع الدعم الرسمي لملاجئ المشرّدين أو لمحو أمّية الكبار من الضغط العام أو من معرفة المسؤولين الشخصية بأشخاص يصارعون هذه المشكلات أكثر بكثير من القوانين أو النظم. التأثير على هذه السياسات غير الرسمية هي جزء كبير من وضع المسألة على الأجندة المحليّة.

  • تغيير المسؤولية الفردية: الجانب الأخير من جعل المسألة على الأجندة المحلية هو جعلها على أجندات معظم الأفراد أعضاء المجتمع المحلّي. لن يعمل برنامج إعادة التدوير إلاّ إذا التزم به كافة السكّان، إمّا عن اقتناع بالحاجة من أجل بيئة أنظف أو لأنّه يوفّر لهم أموالاً. الحد الناجح من العنف الشبابي قد يعتمد على أن يغيّر عدد كبير من الكبار (لاسيّما الأهل) مواقفهم الخاصّة تجاه العنف. عندما يصل المجتمع المحلي إلى كتلة حرجة من الأفراد الذين يتحمّلون مسؤولية مسألة، عندها تصبح هذه المسألة على الأجندة المحليّة.

من هنا، فإنّ وضع مسألة تنموية صحية أو مجتمعية على الأجندة المحلية يعني مساعدة المجتمع المحلي على الوصول إلى المرحلة التي يري فيها المسألة مهمّة بما يكفي للتعاطي معها، والتأكّد من أنّ الناس بشكل عام والمسؤولين المنتخبين والمعيّنين وكل مواطن فرد، يتحمّلون شيئاً من المسؤولية تجاه المسألة.

متى يكون الوقت الأفضل لمحاولة وضع مسائل الصحة والتنمية المجتمعيّتَيْن على الأجندة المحلية؟

إن أي وقت هو وقت جيّد لتعزيز الصحة والتنمية المجتمعيتيْن، ولكن بعض الظروف تجعل العمل أسهل:

  1. عندما تطفو على الواجهة مسألة يلزم التعاطي معها فوراً:

إنّ اكتشاف أنّ مخزون مياه البلدة ملوّث بسبب تسرّب من براميل النفط المدفونة منذ فترة (وهي حالة تلوث حصلت فعلاً كما حصل مثلها في بلدان عربية عدة) قد يكون الوقت المثالي لوضع مناقشة تلوّث المياه وتوفيرها على الأجندة المحليّة. الحسنات هي أنّه يجب التعاطي مع المسألة الآن، وأنّها لن تزول إلاّ إذا تم التصدّي لها بشكل مستمر. لا وقت أفضل من ذلك لطرح المسألة.

  1. عندما تصل مسألة مزعجة أصلاً إلى مستويات حرجة:

يُصاب طفلٌ بإطلاق نار بين سيّارات، ويتجمّد حتى الموت بعض المشرّدين على الشوارع في ليلة شتاء قارصة، ويقفل مصنعٌ أبوابه ويفوق المعقولَ معدّلُ العاطلين عن العمل...في ظروف كهذه، يصبح بشكل عام جلب المسألة المحدّدة إلى الوعي العام أسهل.

يأمل الجميع ألاّ تصل الأمور إلى هذه الدرجة قبل أن ينتبه الناس لها، ولكن تغيير منظور الناس هو أمرٌ صعب. وضع مسألتكم على الأجندة المحلية يتطلّب أحياناً أزمة تجعله ممكناً.

  1. عندما يلفت نظرَكم إلى المسألة مصدرٌ خارجي:

تقرير لجنة وزارية جديدة، أو مقال في جريدة مرموقة عن مشكلة معيّنة أو مجتمع محلي، أو تعليق رئاسي، أو كتاب لأديب مُحترَم، أو موضوع أُثير في برنامج تلفزيوني معروف...أيٌّ من هذه الأمور يمكن أن يُسخّن مسألتكم ويجعل الوقت مناسباً لجعلها موضع اهتمام الناس في المجتمع المحلي.

نشر الكاتب "جوناثان كوزول" عام 1984، "أميركا الأميّة"، وهو كتاب عن العدد الضخم من الأميركيين الذين الذين يعانون صعوبة في الكتابة والقراءة. صدم الكتاب البلد، وبقي أسابيع على لائحة أفضل المبيعات، ونبّه الجمهور العام إلى أهميّة المسألة. استخدم العاملون في برنامج محو الأميّة الكتاب والمعلومات الموجودة داخله من أجل المساعدة على تجميع الدعم المحلي وخلق قاعدة من المعرفة في مجتمعاتهم المحلية عن أهميّة القرائية وعدد جيرانهم الذين يصارعونها.

  1. عندما تكشف معلومات جديدة عن مسألة مهمّة أو تركّز عليها:

يوجد عدّة احتمالات هنا. في عام الانتخابات، مثلاً، هنالك سببان يجعلان من الممكن لفت الانتباه للمسائل وجعلها تُناقَش:

  • السياسيون المرشّحون للانتخابات (أكان ذلك للمرّة أولى أم للمرّة ثانية) يصبحون متحمّسين لإعجاب الناس بإظهار الاهتمام بالمسائل الصحّية والاجتماعية. من هنا، قد يكون المرشحون مستعدّين لحمل قضيتكم كمسألة في حملتهم.

  • في أماكن كثيرة يمكن طرح مسألتكم على التصويت أو الاستفتاء.

في عدّة أمكنة، يُسمح بأخذ السؤال عن مسألة مباشرة إلى المقترعين في استفتاء. إنه تصويت مباشر من الناس : إمّا موافق / ملزم (أي إذا مرّ، يصبح قانوناً) أو غير موافق / غير ملزم (ما يشير إلى إرادة الناس).

أمّا آلية وضع الاستفتاء في تصويت محلّي أو على صعيد المحافظة، مثلاً، فهو عادةً عبر عريضة لمبادرة. وهي عريضة تحتاج إمّا لتوقيعات عدد معيّن من الناخبين المسجّلين، أو لنسبة مئوية محدّدة من الناخبين المسجّلين. في بلدة صغيرة، قد يعني ذلك بضع مئات أو عشرات الآلاف في مدينة.

الاستفتاء يُصاغ عادةً كسؤال للتصويت عليه. قد يُسأل المقترعون عما إذا كانوا يفضّلون مساراً معيّناً للتحرّك، أو ما إذا كانوا يوافقون على قانون مقترح، أو ما إذا كانوا يدعمون موقفاً معيّناً من سياسة ما. في السنوات القليلة الماضية، سُئل المقترعون، مثلاً، ومن بين عدّة أمور، ما إذا كان يجب إجبار الشركات الكبيرة على التصريح عن الضرائب التي تدفعها، وما إذا كان يجب إصدار قانون يقر التمويل العلني للانتخابات، وما إذا كان يجب خفض الضرائب. حدث هذا في ولاية  ماساتْشوستْس الأميركية.

حتّى في السنوات التي لا تجري فيها انتخابات فإن الوضع أو الحدث السياسي الذي تتم الدعاية له بشكل جيّد قد يساعد على يسلط الضوء على مسألتكم.

مَن يجب أن يخطّط لوضع مسائل الصحة والتنمية المجتمعيّتَيْن على الأجندة المحلية؟

يمكن أن يكون بناء الخطة لوضع المسائل على الأجندة المحلية جزءاً من استراتيجيتكم إذا جرى بشكل صحيح. التخطيط هو الخطوة الأولى ليس إلا باتّجاه التحرّك، بل أيضاً باتّجاه المساعدة والدعم لما ستقومون به. ويمكن لاختيار مجموعة تخطيط بتمعّن أن يساهم بشكل كبير في النجاح الحقيقي لجهودكم.

يجب أن تشمل مجموعة التخطيط كافة مَن قد يكون متأثّراً بالمسألة أو من قد يساعد في التصدّي لها:

  1. أصحاب المصلحة:

يشمل هذا التعبير كافّة مَن لهم مصلحة مباشرة بالمسألة:

  • المتأثرين بالمسألة أو المنخرطين بشكل مباشر فيها: في حالة العنف الشبابي، مثلاً، قد يشمل هؤلاء الضحايا الشباب والمشاركين في العنف (أعضاء العصابات ومراهقين آخرين يعيشون في مناطق يزداد فيها العنف أو يتردّدون إليها)، وأهاليهم، وسكّان الأحياء التي يسود فيها العنف، وموظّفي المدارس المهدّدين بالعنف في عملهم.

  • الذين يجب أن يتعاطوا مع المسألة: باستخدام المثل نفسه أعلاه، يشمل هؤلاء الشرطة، والنظام القضائي (القضاة ومسؤولو الكفالة للمساجين)، والمدارس، وموظفي غرف الطوارئ في المستشفيات ومهنيين صحيين آخرين، ومدراء هيئات الشباب والعائلات وموظفيها...الخ.

  1. المتأثرين بشكل غير مباشر:

تشمل هذه الفئة ناساً كالتجّار الذين تتأثّر أعمالهم سلباً بسبب خوف الناس من التسوّق ليلاً أو من زيارة أحيائهم، والمواطنين الذين يشعرون أنهم محاصرون في بيوتهم بسبب العنف على الطرقات، والشباب البريئين الذين يجدون أنفسهم ملطّخين بنفس التهم الموجهة إلى هؤلاء المنخرطين في العنف بسبب عمرهم أو مظهرهم أو خلفيّتهم العرقية أو الإثنية أو الطائفية أو المناطقية، وأصحاب العقارات الذين لم يعودوا قادرين على بيع عقاراتهم أو تأجيرها بسبب سمعة الحي السيئة.

  1. صانعي السياسات:

نجد هنا ثلاث مجموعات: الذين يصنعون السياسات الرسمية والذين يصنعون السياسات غير الرسمية والمموّلين.

  • السياسات الرسمية: قد تشمل هذه المجموعة التي تضع السياسات الرسمية السياسيين المحليين والمخطّطين والهيئات التي تحكم المجتمعات المحلية أو تلك ذات الطابع الإشرافي (مجلس الصحة أو مجالس الطفولة والأمومة، مثلاً). يمكن لكافّة هؤلاء أن يمرّروا أو يضمنوا قوانين محلية أو مراسيم رسمية تحكم كيفية التعاطي مع مجموعات معيّنة، أو أن يحلّوا مشكلات أو أن يخلقوها. وقد يكونون بشكل أو بآخر مبدعين وفعّالين في طرح المسائل.

  • السياسات غير الرسمية: يمكن لهذه المجموعة الأخرى، التي تشمل بعض المجالس المحليّة أو هيئات أخرى، والجمعيات، والمدارس، الشرطة والمحاكم، وحتّى قطاع الأعمال، أن تضع السياسات بشكل غير رسمي من خلال القواعد والتنظيمات.

يمكن لقانون يمنع "الدراجات النارية" أن يخلق توتّرات بين المراهقين والكبار، وأن يلصق الوصمة ببعض الشباب، وأن يتسبب بتوقيف بعضهم، بينما يمكن لقانون يحدّد أمكنة معيّنة لاستخدامها أن يحل هكذا مشكلات أو حتّى أن يمنع وقوعها.

  • المموّلين: يمكن أيضاً للمنظمات المموّلة أن تصنع قرارات غير رسمية للسياسات من خلال ما تختار تمويله. مثلاً، إذا كان تمويل الوقاية من العنف الشبابي يصوّب بدرجة عالية باتّجاه تطبيق القوانين، مثلاً، فسيُنتج نوعاً من الجهود مختلفاً تماماً عمّا لو كان يهدف إلى تدريب الشباب على حل النزاعات وإشراكهم في نشاطات أخرى.

  1. الناس المؤثّرين والمواطنين الآخرين المهتمّين:

إذا أشركتم الناس الذين تُحترم آراؤهم في المجتمع المحلي، يزيد احتمال حصولكم على الدعم المجتمعي لجهودكم. يشمل هؤلاء الناس قادة الأعمال، وقادة المجموعات الأكثر تأثّراً بالمسألة، ورجال الدين وقادة آخرين لمؤسسات دينية، والناشطين المجتمعيين والمناصرين، وبعض الأشخاص الذين ليس لهم مناصب رسمية ولكنهم يتمتعون باحترام واسع ومصداقية على وسع المجتمع المحلي.

في هذه الفئة، تجدون أيضاً الناس المهتمين بكل بساطة بالعمل على هذه المسألة، لأسباب شخصية أو متعلقة بالمجتمع المحلية. وهؤلاء لن يكونوا مساعِدين في عمليّة التخطيط فحسب، بل قَد يعملون كصلات وصل أيضاً مع عائلاتهم وأصدقائهم وجيرانهم لدعم الجهود في المجتمع المحلي.

لأنّ أعضاء هذه المجموعات هم من المجتمع المحلّي ومنخرطون فيه بعمق، يمكن لهذه المجموعات أن تساعد على تحديد القضايا الحقيقية وتكشف عن معلومات مهمّة عن المجتمع المحلي، فيما تمضي الجهود قدماً. الخطط التي يكون هؤلاء الأشخاص جزءاً منها ستأخذ في الاعتبار حقائق المجتمع المحلي والأوضاع، ومن هنا، ستكون الخطط أكثر فعاليّة.

والأهم من ذلك هو أنّ كافّة هذه المجموعات تشعر بنوع من تبنّي الخطّة والجهود التي تحاول مبادرتكم القيام بها لتنبيه المجتمع المحلي إلى مسألتكم، ولدفعها إلى الأمام، والتعاطي معها. هؤلاء الناس يمكن أن يُعيدوا المعلومات - وبالتالي خطة التحرّك - إلى شرائحهم في المجتمع المحلي، وأن يساعدوا على كسب الدعم للمبادرة. من دون دعمهم، تتقلّص فرصة إدخال مسألتكم واقعيّاً في الوعي العام وعلى الأجندة المحليّة.

كيف نطوّر خطة لوضع مسائل الصحة والتنمية المجتمعيّتَيْن على الأجندة المحلية؟

إذن، لقد حان الآن وقت القيام بذلك... ما هي الخطوات التي يجب اتّخاذها لتطوير خطّة من أجل جعل مسألتكم تُطرح؟

  1. تحديد مجموعة تخطيط واستقطابها:

استخدموا المعلومات من الجزء السابق من هذا القسم (مَن يجب أن يخطّط...) بالإضافة إلى ما تعرفونه عن مجتمعكم المحلي، وقوموا بتأليف مجموعة ممثِّلة يمكن أن تساعدكم على القيام بأفضل تخطيط ممكن، وعلى تنفيذه بشكل فعّال. (لمزيد من المعلومات عن الاتّصال بمشاركين في عملية التخطيط واستقطابهم، انظروا الفصل 5، القسم 5: إنشاء ائتلاف (1): بدء ائتلاف والفصل 7: التشجيع على الانخراط في العمل المجتمعي.)

  1. اختيار المسألة بتأنٍّ وتعريفها:

حتّى لو كنتم تتعاطون مع مسألة كبيرة قد تعتبر بديهيّة، مثل زيادة حادّة محليّة في نوع معيّن من السرطان، يبقى من الضروري تعريف المسألة بوضوح لكي يفهمها الناس بسهولة، وبشكل ضيّق بحيث يصبح ممكناً طرحها والتصدّي لها.

قد تكون زيادة انتشار السرطان معقّدة، فلديكم على الأقل ثلاثة خيارات للتركيز عليها هنا:

  • التشخيص المبكر والعلاج المبكر للمصابين

  • البحث عن سبب الازدياد

  • مكافحة ما تبدو أنّها الأسباب البيئية لهذا الازدياد

فيما يبدو هذا الخيار الأخير هو الأسهل تنفيذاً، وقد يكتسب دعماً مجتمعياً مبكراً، فالمشكلة أنّه قد لا يكون هنالك دليلٌ واضح يربط السبب البيئي المُفتَرض بالمرض. المياه الملوّثة بدرجة عالية أو أي مخاطر صحية بديهية أخرى قد لا تكون هي السبب الحقيقي لهذا الازدياد. ومن دون دليل قد تموت المسألة في مهدها، فيما تكون مسارات تحرّكات أخرى قد تكون أكثر إنتاجاً قد بقيَت غير مجرَّبة.

من خلال اختيار المسألة وتعريفها بشكل دقيق، أنتم تزيدون فرص إمكانيّة القيام بأمر حقيقي تجاهها.

  1. التخطيط لحملة تواصل، وليس لحملة معلومات أو إقناع لمرّة واحدة:

عليكم تصوّر الحملة بأكملها، وليس بدايتها فقط.

بعض الخطوات الأساسية:

  • الوعي مستوى الالتزام الممكن توقّعه من مجموعة التخطيط: هم على الأرجح غير مستعدّين لربط أنفسهم بالبلديّة من أجل لفت الانتباه للقضيّة، أو على الأقل ليس بعد. المرجّح أكثر هو أن يكونوا حاضرين للموافقة على بعث رسائل للمحرّر أو مواد إلى وسائل الإعلام.

  • معرفة كم يعرف المجتمع المحلي وكم هو مهتم حتّى الآن بالمسألة: هل أعضاء المجتمع المحلي يعرفون بها؟ هل يهتمّون بها؟ هل هم مستعدّون للقيام بأمر ما تجاهها؟ هل هم يقومون بأمر ما أصلاً ربطاً بها؟ الأجوبة عن هذه الأسئلة ستساعدكم على البدء مِن حيث يقف معظم أعضاء المجتمع المحلي، بدل إخبارهم أموراً يعرفونها أصلاً، أو الطلب منهم أن يعملوا على مشكلة لم يفكّروا بها مسبقاً.

  • التخطيط لحملة تركّز على النقطة التي يتواجد فيها المجتمع المحلّي الآن، ولكن التخطيط للخطوات القادمة كذلك: إذا بدأتم بمحاولة جعل المواطنين يعرفون أن المسألة موجودة، مثلاً، فيجب أن تكونوا قد خطّطتم أيضاً لكيف تُقنعونهم بأنّ المسألة مهمّة.

  • إيجاد "الطعم" لشد الناس إلى مسألتكم: قد تكون لهذه "الطعوم" علاقة بعلاقة الناس بالمسألة (إحصاءات محليّة أو شهادة من أعضاء المجتمع المحلّي) أو بجوانب معيّنة منها، أو بعوامل الخطر والحماية... الخ)، أي ما يحاكي قيمهم وهمومهم. العديد من الأهل قد لا يكونون مستعدّين للتوقّف عن التدخين لأجل أنفسهم مثلاً، ولكنّهم قد يكونون مستعدّين للقيام بذلك لحماية أطفالهم من التدخين غير المباشر. الرجاء الذهاب إلى الأداة الرقم 1 والفصل 45، القسم 5: تعزيز الوعي والاهتمام من خلال الاتصال، للمزيد حول كيفيّة إدارة حملة تواصل.

  • التوجّه إلى الرأي العام: ما إن يصبح ثقل الرأي العام خلف مسألتكم، فسيكون لديكم العديد من الإيجابيات. ستتمتّعون بالدعم المجتمعي لما تريدون القيام به، وسينتبه الإعلام لهذا الدعم ويعزّزه، وسيكون صانعو السياسات والمموّلون أكثر استعداداً على الأرجح للنظر في المسألة رسمياً ولتزويدكم بالموارد. من هنا، يجب أن تتضمّن خطّة وضع المسائل على الأجندة المحليّة استهدافَ الرأي العام. هنالك على الأقل ثلاث طرق للتأثير على الرأي العام:

  • الاتصال بالجمهور مباشرةً: يشمل ذلك جهود التثقيف العام، والعروضَ، والندوات والاجتماعات العامّة، والملصقات والمنشورات، والمواقع الإلكترونيّة، وأيَّ أمر يذهب مباشرة من منظمتكم أو مبادرتكم إلى المجتمع المحلي. الرجاء الذهاب إلى الفصل 6، القسم 1: تطوير خطّة اتّصال والفصل 6، القسم 2: استخدام مبادئ الإقناع والفصل 6، القسم 9: استخدام الدعاية المدفوعة والفصل 6، القسم 10: تأليف النشرات والفصل 6، القسم 11: صناعة الملصقات والمنشورات والفصل 6، القسم 12: تطوير الترويج المبتكر والفصل 6، القسم 13: صناعة المطويات والفصل 6، القسم 15: تطوير ورقة معلومات حول مسائل محلّيّة والفصل 6، القسم 16: بناء موقع إلكتروني لمنظّمتكم والفصل 6، القسم 17: خلق لوائح البريد الإلكتروني والفصل 6، القسم 18: استخدام البريد المباشر والفصل 6، القسم 19: التعاطي مع الأزمات في التواصل. انظروا أيضاً الفصل 45، القسم 5: تعزيز الوعي والاهتمام من خلال الاتصال.)

  • استخدام الإعلام: يمكن أن يكون الإعلام مساعداً لدرجة عالية في تثقيف المجتمع المحلي عن المسألة نفسها وعمّا هي منظمتكم أو مبادرتكم. فمِن خلال نشر البيانات الإحصائية والافتتاحيّات، وتغطية الاهتمامات الإنسانية وقصص أخرى ذات صلة بها، وتقديم تسليات تخدمها، يمكن للصحف المحليّة والراديو والتلفزيون أن ترفع الوعي وأن تشكّل أو تغيّر المواقف المتصلة بمسألتكم والجهود. (الرجاء الذهاب إلى الفصل 6، القسم 3: إعداد بيان صحفيّ والفصل 6، القسم 4: إعداد أخبار وقصص بارزة والفصل 6، القسم 6: تحضير أعمدة الضيوف والافتتاحيّات والفصل 6، القسم 7: تحضير إعلانات الخدمة العامّة والفصل 6، القسم 8: تنظيم مؤتمر صحفي. انظروا أيضاً الفصل 34: المناداة عبر الإعلام)

  • الإستعانة بوسطاء موثوقين: مثل بعض رجال الدين وبعض القادة المحترمين على صعيد المجتمع المحلي، ومشاهير من الرياضيين المحليين، ومواطنين عاديّين يثق بهم المجتمع المحلي... يمكن لكافّة هؤلاء أن يساعدوكم على التأثير على الرأي العام. إذا تمكّنتم من تثقيفهم وجعلهم إلى جانبكم (أو، وذلك حتّى أفضل، إذا كانوا أصلاً على اطّلاع على المسألة ويوافقون على أهميّتها)، فسيكون لديكم "دخول" أفضل إلى المجتمع المحلي، وستؤْخَذ رسالتكم بشكل أكثر جديّةً.

  1. التوجّه إلى السياسات غير الرسميّة: عليكم محاولة إيجاد لماذا يفكّر الذين يضعون السياسات أو يؤثّرون عليها ويتصرّفون بهذه الطريقة. قوموا بمقاربتهم عبر قصص فردية عن تأثير المسألة على الناس المحليّين (قصص مَروية من قبل الناس أنفسهم، عند الإمكان). وإذا أمكن، عليكم إجراء أحاديث معهم لاكتشاف ما هي همومهم واهتماماتهم الأساسيّة. يمكن لتلك الأحاديث أن تساعدكم على تأطير المسألة بشكل يجعلهم يضعونها على أجندتهم الخاصّة (أو فكّروا بمَن يمكن أن يعرضها فَيجعلهم يصغون إليه.)

  2. التوجّه إلى المسؤولية الفرديّة:

ما إن يفهم الناس المسألة وأهمّيتها، عليكم إقناعهم بضرورة وجودها على أجندتهم الشخصيّة. ويمكن المراهنة على أن "الوعظ" لن يفيد، ولكن ما قد يساعد هو أن تُظهروا لهم أنّ المسألة تؤثّر على أناس يعرفونهم، أو قد تؤثّر عليهم هم. بعض الاستراتيجيات الأخرى التي يمكن أن تساعد كذلك هي ما يلي:

  • إعلامهم عن أمور معيّنة يمكنهم القيام بها: التطوع، وكتابة رسائل إلى المحرّر أو إلى صانعي السياسات، والتحدّث إلى أصدقاء، والتكلّم في اجتماعات عامّة...هي بعض الطرائق التي يمكن من خلالها أن يكون الناس فعّالين، وأن يصبحوا مستثمَرين شخصياً في التعاطي مع المسألة.

  • خلق سياسة العصا والجزرة: زيادات في الضرائب على التبغ، ومنع التدخين في المطاعم وأماكن عامّة أخرى، وتخفيض كلفة التأمين لغير المدخّنين، هي جميعها طرائق لدفع الناس إلى اتّخاذ مسؤولية شخصيّة للإقلاع عن التدخين.

  • استخدام الإعلام: التأثير القويّ للحملات ضد التدخين على التليفزيون ليست إلا مؤشر واحد لمدى نفوذ وإقناع الإعلام.

  • إظهار للناس أن لهم مصلحة في ذلك: إذا تمكّنوا من ادّخار المال من خلال إعادة تدوير النفايات أو الفضلات إذا كان أطفالهم يحصلون على تعليم أفضل بفضل سندات مدرسية، فسيكون الناس أكثر حماساً لدعم هذه القضايا. الرجاء الذهاب إلى الفصل 45، القسم 6: تعزيز التغيير السلوكي من خلال تسهيله وجعله مجزياً.)

  • مناشدة القيم الراسخة بعمق: إن تذكير الناس بأنّ العنصرية والتمييز هما منافيان لمعتقدات معظم الأديان ولقيم بلادهم قد يساعدهم على إعادة النظر في ردود فعلهم الخاصّة. قد تكون مناشدة القيم العائلية طريقةً لجعل الناس يفكّرون بمسائل الرعاية الصحّية والتأمين الصحّي.

  1. التوجّه إلى السياسات العامّة: لتغيير السياسات العامّة، ومنه لوضع المسألة بشكل دائم على الأجندة المحليّة، عليكم أن تقوموا بجهود المناداة والعمل مع المشرّعين والمسؤولين المحليّين. والعناصر الأساسيّة لحملة كهذه هي:

  2. إيجاد بطل من بين المشرّعين والمسؤولين المحليّين وصانعي السياسات مستعد وقوي بشكلٍ كافٍ ليكون رأس الحربة الفعّال لمسألتكم.

  3. مناداة مَن يسيطرون على السياسة الرسمية من المشرّعين والمسؤولين المحليّين...الخ.

  4. إطلاق حملة إعلامية ودعائيّة لجعل الرأي العام خلفكم، ضمن الحد الممكن. ليس بالضرورة أن يكون ذلك عبر سلسلة من الدعايات التلفزيونية التي تكلّف آلاف الدولارات، بل يمكن أن تُنَفّذ هذه الحملة عبر بيانات ومؤتمرات صحفية، وإعلانات الخدمة العامّة، ورسائل إلى المحرر، وفرص أخرى للدعاية مجانية أو شبه مجانية.

  5. تحريك المتأثّرين بالمسألة أو المنخرطين فيها لكي يراسلوا ويزوروا ويتّصلوا بصانعي السياسة المناسبين ومعهم الرسالة المتّسقة والمتكاملة.

  • عندما أدّى العجز في الميزانية في ولاية ماساتشوستس إلى تخفيض ميزانية تعليم الكبار بمعدّل 50%، حرّكت منظمة الولاية المتعلّمين والمعلّمين. وفي أعلى مراحل الحملة، كان المشرّعون يتلقّون أكثر من ألف اتّصال يوميّاً، وكان هنالك مقالات شبه يومية عن المسألة في الجريدة اليومية المقروءة من معظم سكّان الولاية، "بوسْتن غْلوب". أعيد التمويل إلى التعليم بوقت قصير جدّاً نسبياً.

الرجاء الذهاب إلى الفصل 33: تنظيم حملة تحرك مباشر والفصل 34: المناداة عبر الإعلام للمزيد حول القيام بجهود لطرح المسائل رسميّاً.

  1. المتابعة: عندما تصبح القوانين أو التنظيمات التي تطرح المسألة موجودة، تصبح المسألة على الأجندة المحليّة. ولكن لا تنسوا المتابعة. إذا كانت غايتكم هي مجرّد إحضار المسألة إلى الانتباه العام، استخدموا هذا الانتباه للانتقال إلى الخطوة التالية من المسار. إذا مرّ القانون، فحافظوا على علاقتكم بصانعي السياسات وبالعموم لإبقاء المسألة في أعلى وعيهم. إنّ وضع المسائل على الأجندة المحلية وإبقاءها هنالك ليسا مهمّة مؤقتة: إنّه عملٌ دائم.

باختصار

فيما قد تكون الغاية النهائية لوضع المسألة على الأجندة المحلية هي تغيير السياسات الرسمية من خلال قوانين وتنظيمات، فإن الوصول إلى هذه المرحلة يتطلّب خطّة لتثقيف المجتمع المحلي عن وجود المسألة وأهميّتها. عليكم التوجّه ليس فقط إلى السياسات الرسمية، بل أيضاً إلى الرأي العام، والسياسات غير الرسمية "الرسميّة"، وإلى أن يتَحمّل المواطنون المسؤولية الفردية عن المسألة.

الطريقتان اللتان تساعدان على تأمين النجاح هما الانتباه إلى توقيت الجهود والاهتمام بشمولية عملية التخطيط بذاتها. التوقيت يعني اختيار، أو الاستفادة من، وضع سياسي أو أزمة يجب التعاطي معها، أو حالة تؤدي إلى إدخال معلومات جديدة تدفع المسألةَ إلى الصدارة أو تلفت انتباهُ الإعلام النظرَ إليها. الشمولية في التخطيط تعني إشراك كافّة أصحاب المصلحة وما أمكن من عناصر المجتمع المحلّي، من أجل التشجيع على تبنّي الخطة والمسألة مِن جانب أكبر عدد ممكن من الأشخاص.

التخطيط الحقيقي للمسار بذاته يشمل اختياراً متأنّياً لمجموعة التخطيط، وتعريف المسألة، والتخطيط لحملة طويلة المدى وليس لجهود لمرّة واحدة، والتوجّه إلى الرأي العام والسياسات غير الرسميّة والمسؤولية الفردية، وأخيراً إلى السياسات الرسمية من أجل إحداث التغيير. يجب أن يكون هنالك أيضاً خطّة للمتابعة ما إن يُنَفّذ التغيير حتى تتم المحافظة على المكاسب.

إذا استطعتم الخروج بخطّة تغطّي كافة هذه المجالات، وتُشرك شرائح عديدة من المجتمع المحلي، فإنّ فرصتكم للنجاح حقيقية.

نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المادة، لكن نرجو أن تذكروا مرجعها، "عدة العمل المجتمعي" على الموقع:

Http://ctb.ku.edu

Contributor 
فِيلْ رابيْنوفِيتْز

موارد

موارد مطبوعة

Dearing, James W. and Everett M. Rogers. (1996). Agenda-Setting. Thousand Oaks, CA: Sage Publications, Inc.

Meredith, Judith C. and Catherine M. Dunham. (1999). Real Clout. Boston: The Access Project.

 موارد على الإنترنت

Kansas Action for Children

يوفر حقيبة للمناداة لدعم الناس في محاولة تغيير أو خلق سياسات تساند الأطفال. وفيه قسم عن العمل مع وسائل الإعلام.

 The Center for American Politics and Public Policy

مركز يوفر بيبلوغرافيا عن حالات ودراسات إعلامية.