استمارة البحث

القسم 6. بناء الائتلافات اا: المحافظة على الائتلاف

  • ما أهمية صيانة الائتلاف؟
  • ما الذي يجب صيانته في الائتلاف؟
  • كيف نصون الائتلاف؟
  • ما هي بدائل الصيانة؟

لنفترض أنّنا بدأنا ائتلافاً، متّبعين التوجيهات الموجودة في القسم السابق من عدّة العمل المجتمعي (الفصل 5، القسم 5: إنشاء ائتلاف (1): بدء ائتلاف). ولنفترض أنّ ائتلافنا يسير بشكل جيّد، كما تصوّرنا: يتمتّع بعدد كبير من الأعضاء، ولديه بنية مستقرّة ودعم من المجتمع المحلي، بالإضافة إلى لائحة من الإنجازات المجتمعية المتزايدة، وهذا هو الأهم.

هنيئاً لنا. يمكننا الانحناء الآن لتلقي التهنئة.

ولكن علينا ألا ننعم بالتصفيق طويلاً، لأنّ عملنا لم ينته بعد. علينا أن نصون عمل الائتلاف.

في هذا القسم، سنتناول أهمية الصيانة، وما يجب المحافظة عليه، وكيفية صيانة عملنا بنجاح. كما سنستكشف بعض بدائل الصيانة البسيطة (مثل نمو الائتلاف، أو تغيير اتجاهه، أو حتّى إنهاءه). ولكن تبقى النقطة الأساس في الصيانة هي أنّها لا تحصل من تلقاء نفسها، فهي تتطلب جهوداً واعية، ومخطّطاً لها، ومستمرة. هنا بلورة لما ذكرنا:

ما أهمية صيانة الائتلاف؟

لنعترف أنّ بدء ائتلاف أو أي مجموعة مليء بالتحديات، كما أنه يتطلّب مهارات وحساسية وانتباهاً للوقت ومثابرة بالإضافة ربّما إلى الإيمان. إنه يُخرج أفضل ما عندنا. وبالرغم من أنّ بدء  الائتلاف قد يكون مليئاً بالتحديات،  فهولا يشكّل سوى نصف المعركة. في الواقع، قد يشكل على الأرجح أقل من النصف. فالآن وقد وقف الائتلاف على رجليه، عليه أن يمشي قُدماً باتّجاه الغايات المجتمعية. هذه الإنجازات تشي بالمستقبل. ولتأمين مستقبل ناجح، على الائتلاف أن يبقى حيّاً وبصحة جيّدة. ولكي يبقى حيّاً وبصحة جيّدة، يجب صيانته.

لا شك أن الصيانة ضرورية في العالم المادّي، للأشياء الحية ولتلك غير الحيّة. بعض الآلات يلزمها تزييت كل فترة، والمنازل بحاجة إلى الدهان، والسيارات بحاجة إلى ضبط. حتّى بعض ملفّات الحواسيب (الكومبيوتر) بحاجة إلى أن تُمحى أحياناً. وطبعاً، أجسامنا يجب صيانتها كذلك. لهذا نحن نقوم بفحوصات جسديّة عامّة أو نفحص أنفسنا أحياناً، أو نتوجّه إلى صالات الرياضة. هل يمكن أن يخطر ببالكم أي كائن حي أو أي شيء تكون له حياة منتجة وطويلة دون أية صيانة؟

صيانة العالم المادّي هي موضوع جدّي للغاية. في الأعمال والصناعة، مثلاً، أو عند الإدارات، تُصان الممتلكات المادّية دورياً. يُعدّ المدراء جداول للقيام بذلك، ويحمّلون موظفين أساسيين مسؤولية الاهتمام بذلك، ويقومون بالتصليحات اللازمة. في بعض الحالات (كالمصاعد أو المطاعم) يخضع هذا النوع من الصيانة لأجكام القانون، ويُطبّق بشكل كشف. هذا ما يُسمّى الصيانة الوقائية التي نقوم بها قبل أن تقع المصائب أو لمنع المصائب من الحصول أصلاً.

الصيانة والصيانة الوقائية تنطبقان أيضاً على العالم الاجتماعي (الشراكات، والزواج، وكافّة أشكال العلاقات). أمّا الائتلافات، فينطبق ذلك عليها أكثر وأكثر. فالائتلاف معرّض للانحراف عن الطريق الأساسي أكثر من تعرض التفاعلات الإنسانية الأخرى لأن طرقاته موضوعة أصلاً وفيها خلل. إذ قليلة هي التوجيهات التي تقول للائتلاف أين أو كيف يذهب. وفي قطار الائتلاف، يستطيع الركّاب أن يصوّتوا على المكان الذي يريدون الوصول إليه كما يشاؤون. بتعبيرات بسيطة، التركيبة المعقّدة للائتلاف تجعل الإشراف والصيانة لازمين أكثر وأكثر.

صحيح أنّه كلّما تقدّمت التكنولوجيا كلما أصبح بعض الآلات (المادّية) بحاجة أقل للصيانة الروتينية. فبعض مصنّعو السيارات يقول أنّ لا حاجة لتفقّد السيارة قبل مئة ألف مِيل. ولكن لا ائتلاف يمكن أن يقطع مئة ألف مِيل دون تفقّد وضبط. ففي العلاقات الاجتماعية، وطبعاً بالنسبة للائتلافات، لم تصل "التكنولوجيا الاجتماعية" إلى المرحلة حيث لا تعود الصيانة ضرورية، وقد لا تصل إلى هذه المرحلة أبداً.

بكلمات مختصرة أخرى، تتغير البيئة باستمرار، أكانت البيئة الخارجية أو الداخلية. والتكيّف الفعال وهذه التغييرات ضروريان للصحة التنظيمية. التجديد (الواعي والمقصود) هو حاجة أساسية للحياة التنظيمية. عندما نعتبر أن الائتلاف (أو أية مجموعة في المجتمع المحلي تقريباً) بات أمراً مفروغاً منه تبدأ عندها الأمور بالتزعزع. لهذا من المهم للائتلافات والمجموعات المجتمعية أن تولي الصيانة اهتماماً خاصّاً، وأن تقوم بإجراءات دوريّة لكي تحافظ على تأدية وظائفها على أفضل وجه.

ما الذي يجب صيانته في الائتلاف؟

ما يجب صيانته في الائتلاف هو ما يلي: البُنى والوظائف والعلاقات الأساسية في الائتلاف التي ساعدت أصلاً على المباشرة به.

مقارنةً بالجسم البشري: في حال إجراء فحص طبّي، سيفحص مقدم الرعاية أنظمة الجسم المتنوعة وكيف تعمل. إضافة إلى ذلك، قد يشجعنا المعالج على المحافظة على السلامة البدنية من خلال تمارين جسدية وذهنية، وعلى تجنّب السلوكيات المتطرّفة، وعلى العيش باعتدال. في الائتلاف، تكون العناصر المكوّنة الرئيسية هي اجتماعية بدل أن تكون جسديّة، ولكنّها لا تقل أهميّةً أو واقعيةً عنها. وهي تتضمّن:

  • مسببّات وجود الائتلاف: الرؤية والرسالة والأهداف

  • القواعد الأساسية في حُكم الائتلاف وتشغيله

  • قيادة الائتلاف

  • عضوية الائتلاف

  • تقسيم العمل بين القادة والأعضاء

  • استراتيجية الائتلاف وخطط عمله، على الصعيدين قصير المدى وطويل المدى

  • تحركات وأعمال الائتلاف ونتائجها بحيث يحقّق إنجازاتٍ (أو ما يقصد أن يحقّق) في العالم

  • تمويل الائتلاف، للتمكن من متابعة الإنجازات

  • صورة الائتلاف الظاهرة في المجتمع المحلي الأوسع

  • الدعم الشعبي للائتلاف

  • وأخيراً، ما يمكن أن نسمّيه روحية الائتلاف، أي المشاعر الحلوة والعلاقات بين كافة المنخرطين فيه، وهي شروط أساسية مسبقة لاستمرار وجود الائتلاف. سنتطرّق إلى هذه النقطة بإسهاب في وقت لاحق من هذا القسم.

يمكن تقسيم كل فئة من هذه الفئات والتوسّع فيها. تجدون إحدى هذه التفصيلات على شكل قائمة تفقّد للصيانة، في نهاية هذا القسم: الأداة الرقم 1. أمّا الآن، فبعد أن قمنا بتحديد ما الذي يجب صيانته، فكيف نجري الصيانة الفعليّة؟


ولكن، قبل المتابعة، نتفقّد الواقع في ما يلي: معظم الائتلافات (ومعظم المجموعات المحلية، بَل ومعظم العلاقات) لا يلتزم بصيانة دورية ومخطَّط لها. قد لا يعي المعنيّون هذه الحاجة، أو قد لا تكون بموقع مرتفع بما يكفي على لائحة الأولويات. وقد يكونون منهمكين بالعمل، أو يرون أنفسهم على أنهم منهمكون، أو قد تتدخّل مهمات طارئة. كما قد يشعرون أنهم لا يعرفون كيفية صيانة العمل، أو أنهم لا يرون في الصيانة أمراًَ ممتعا.

 

هنالك العديد من الأسباب التي تنطبق هنا، لأسباب فردية أو مختلطة. على كلٍّ، النقطة الأساسية هي أنّ الصيانة المُخطَّط لها والتي تُنفّذ هي نادرة نسبياً.

 

الفكرة ليست أنّ الائتلاف لا يستطيع البقاء حيّاً دون صيانة، بل يستطيع. قد تستمر الأمور بالسير وحدها، وقد تسير بشكل جيد نسبياً، ولمدة طويلة. فكّروا  بالقصور الذاتي (إيْنِيْرشْيا)، كما في الفيزياء. إنّ عدداً من الأنظمة، الحيّة وغير الحيّة، تنظم نفسها بنفسها جزئياً. في البيولوجيا (علم الأحياء)، مثلاً، يؤمّن الاستتباب والتوازن، (أو الاتزان بين عناصر الكائن الحي) مردوداً تصحيحياً لنفسه بنفسه . يمكن لهذه المبادئ أن تمتد وتنطبق على الائتلافات كذلك.

 

بالرغم من ذلك، ما نقوله هو أنّ الائتلافات أو المجموعات التي تنخرط في صيانة دورية ومُخَطّط لها ستكون على المدى البعيد أفضل بكثير. ستحقّق المزيد من الإنجازات وستتمكّن من إدامة إنجازاتها لمدّة أطول.

كيف نصون الائتلاف؟

الخطوات الأولى في صيانة الائتلاف، أو أيّة مجموعة، تجري داخل عقول أعضاء مجموعة الائتلاف. هي خطوات داخلية. في ما يلي نذكرها كخطوط توجيهيّة محّددة:

  1. تطوير الوعي بأنّ الصيانة ضرورية

  2. اتّخاذ قرار بالانخراط فيها

هذه الخطوات الداخلية هي بشكل ما الأصعب في المسار بأكمله. ولكن، ما أن نقوم بها، كأعضاء أفراد ثمّ كمجموعة، ونتخذ قرار بناء خطة صيانة وتطبيقها، نكون على الطريق الصحيح.

  1. تصميم خطّة صيانة

  2. تنفيذ خطة الصيانة

 

لنفترض أنّنا نعي أن الصيانة ضرورية وأنّنا اتّخذنا القرار بإجرائها. فلنفكّر بالسؤال التالي: كيف نضع خطة صيانة متكاملة؟ (لاحظوا الفرضية هنا مجدداً: إن خطة الصيانة هي التي ستساعدنا أكثر من إجراء الصيانة بحسب الحاجة وقتها). في أثناء تصميم الخطة، نكون في البداية أمام عدد من الخيارات. سنَجردها، ثم نفصّل كلاًّ منها بعد كل بند في ما يلي:

تصميم خطة صيانة

  1. مَن يجب أن يصمّم الخطة

مِن بَيْن الخيارات المطروحة أمامنا: يمكن لقادة الائتلاف أن يصمّموا الخطة، أو يمكن أن تصمّمها مجموعة صغيرة منبثقة من القادة، أو مجموعة صغيرة منبثقة من الأعضاء يختارها القادة، كما يمكن أن يصمّمها الأعضاء بأكملهم.

في معظم الحالات، يجب أن يتحمّل القادة مسؤولية تحريك العجلات، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن عليهم أن يدفعوا العمل بأنفسهم. يمكن أن يفوضّو آخرين، وغالباً ما تكون الطريقة الفضلى للتفويض اختيار بعض الأعضاء ذوي الخبرة والمهتمين بالصيانة والذين لديهم الوقت للقيام بذلك. عادةً ما  تكون مجموعة صغيرة هي التي تقوم بالعمل بشكل أفضل. تُقدَّم الخطة إلى القيادة، ثم إلى سائر الأعضاء للنظر والتعليق، ومن بعدها إلى المراجعة كما تقتضي الحاجة.

أمّا تفاصيل الخطّة، فهي تعتمد على نوع الائتلاف (أو المجموعة) الذي ننتمي إليه. في حال كان لدينا خمسة أو ستة أعضاء ناشطين بشكل دوري (حتّى الائتلاف بهذا الحجم الصغير قد يكون فعّالاً)، فالاحتمال هو أن يتولى القيادة شخص أو اثنان. ولكن عندما يصبح الخمسة أو الستة خمسين أو ستّين، فسيتاح لنا ترف إنشاء لجنة أوسع للتخطيط لما يلزم، وربّما تنفيذه.

  1. ما مدى الشمولية التي يجب أن تكون عليها الخطة ؟

هل يجب أن تشمل الخطة (ومنها الصيانة الفعلية) كافة جوانب الطريقة التي يُدار فيها الائتلاف، أو بعضاً منها فحسب ؟

هنالك بنود عديدة يمكن أن ننظر فيها (الأداة الرقم 1). هنا سيتوقف خيارنا مرّة أخرى على الموارد وعلى خاصيّات مجموعتنا. ولكم عندما نبدأ، فإن الخط التوجيهي العام الجيّد يقضي باتباع الوسط، أي قد لا تأخذ الصيانة عندنا بعين الاعتبار المشروبات التي تُقدّم في الاجتماعات، بل قد تنتبه انتباهاً دقيقاً إلى شكل الاجتماعات بحد ذاتها ومضمونها.

بكلمات أخرى، علينا أن نجعل العمل قابلاً للتطبيق بالنسبة لنا، أي أمراً نرتاح للقيام به. صحيح أنّه قد يكون من المفيد أن نتحدّى أنفسنا قليلاً، ولكن من دون أن تُثْقل على أنفسنا في البداية.

  1. إلى أي مدى يجب أن تكون الخطة "رسميّة" ؟

يمكن أن يكون لدينا دفاتر ملحوظات ذات أوراق فالتة مليئة بإجراءات الصيانة ومواعيدها (كالتي تحملها ِفرق صيانة الآلات، كالمصاعد مثلاً)، أو يمكننا أن نكتب على دفتر "ملاحظات". كما يمكننا الاحتفاظ بسجلات مفصّلة أو عدم الاحتفاظ بأية سجلات. ويمكننا إجراء الصيانة، ببساطة، من خلال النقاشات الشفهية، أو دون أي نقاش من أي نوع. قد تفي بالغرض ملاحظة ذهنية، بقدر ما تفعل أنظمة مشغولة على الحاسوب.

مرّة أخرى، تتنوع الاحتمالات، وتتوقف اختياراتنا على حجم المجموعة وطبيعتها. ومرّة أخرى، الطريق الوسطى قد تكون الأفضل لمعظم المجموعات. كقاعدة، فإنّ مستوى "رسمية" العمل يجب أن تكون منسجماً مع مستوى رسمية الائتلاف أو المجموعة.  ولكن لا يضر أن يكون العمل رسميّاً أكثر مقدارَ خطوة أو اثنتين.

  1. من يجب أن ينفّذ الخطّة؟

باختصار، تتشابه الخيارات هنا مع تلك المذكورة تحت عنوان "تصميم خطة الصيانة". إنها مهمة قادة الائتلاف بأنفسهم، أو مجموعة منبثقة عنهم من القادة، أو مجموعة صغيرة من الأعضاء يختارهم القادة، مع احتمال إجراء تعديلات خلال المسار.

هنا يمكن أن تساعدنا ثلاثة خطوط توجيهية عريضة:

أولاً، قد يكون الأشخاص الذين ينفّذون الخطة هم أنفسهم الذين قاموا بتصميمها، لكن هذا ليس ضرورياً. إذ يجب أن يكون للمنفذين صوتٌ قوي في تصميم الخطة، ولكن ليس بالضرورة أن يكون المخطّطون والمنفّذون هم نفس الأشخاص.

ثانياً، يعمل تطبيق الخطة عادةً بشكل أفضل عندما تتقسّم مسؤوليات العمل بحسب الوظيفة، أي (وهذا ليس بمفاجأة) من البديهي أن يقع على المسؤول الدور الأساس في استقطاب الأعضاء الجدد والمحافظة عليهم، وسيتولّى مسؤول الدعاية القيادة في صيانة جهود الدعاية، وهكذا دواليك.

ثالثاً، سكون التطبيق دائماً أفضل في حال كانت هنالك خطوط واضحة للمساءلة والمحاسبة، بغض النظر عمّن يقوم بالتطبيق الفعلي للعمل، وهذا ليس لإزعاجه/ها، ولكن مَن يُسائل ويحاسب المسؤول؟ نعرف أنّ المسؤول مبدع بشكل رائع، وأنه يشعر بالمسؤولية، ولكن مع هذا، فنحن نفضّل إقامة المساءلة والمحاسبة أمام شخص آخر لا أن يسائل الشخص ويحاسب نفسه بنفسه. وذلك لأنّ المنظمات تعمل بشكل أفضل هكذا.

  1. ما هي وتيرة إجراء الصيانة؟

الخيارات النظرية تتراوح بين "يوميا"ً و"أبداً"، مع كل التوقّفات بينهما. الخط التوجيهي هنا يقترح الوتيرة التالية: ليس بشكل متكرر إلى درجة تجعلكم تقضون وقتاً طويلاً في هذا الجهد قياساً بمهام الائتلاف الأخرى، وليس بشكل دائم يجعل حدوث أي تغيير منذ المراجعة السابقة شبه مستحيل. ولكن، بالمقابل، ليس بشكل متباعد إلى درجة نشوء مشاكل لم تُعرّف من قبل.

ماذا يعني ما ذكرناه في الممارسة؟ قد تنجح المراجعة السنوية، أو ما أشبه، عند مجموعات عديدة. وأيّة وتيرة أقل من تلك تكون غير مقبولة. ويمُكن أن تُخصَّص المراجعات الأكثر تواتراً لمجالات المشكلات السابقة التي تستدعي اهتماماً خاصاً. بشكل عام، ليس بالضرورة أن يكون جدول الصيانة هو نفسه لكافة مجالات عمل الائتلاف، إذ إنّه يمكن مراجعة بعض الجوانب أكثر من جوانب أخرى، وأخرى أقل.

قد يستنتج المرء من الأجوبة عن الأسئلة أعلاه أنّ هنالك عدّة طرق لتصميم خطة صيانة وتنفيذها، وأنّه لا يوجد طريقة وحيدة واحدة لإجراء الصيانة تفوق الأخريات. هذا صحيح. الطريقة الأفضل للقيام بالصيانة ستعتمد على طبيعة مجموعتنا المحدّدة وتاريخها وتكوينها وغاياتها، بالإضافة إلى خططها والتزامها القيام بعمل الصيانة. علينا كذلك التفكير بالمعايير: مهما كان خيارنا في شكل الصيانة فهي يجب أن تكون مناسبة لنا، وقابلة للتحقق معنا، وأن يكون من الممكن لنا تطبيقها في ممارستنا اليومية، وأن نرتاح إليها، نحن والائتلاف.


انتميتُ مرّة إلى ائتلاف وضعه جيّد، إذ كان يأخذ الصيانة على محمل الجد وكان يمارس ما ينادي به. في نهاية الأسبوع، كانت هنالك اجتماعات مراجعة أسبوعية في المكتب، غالباً ما كانت تكون خفيفة (كنّا نعلم جميعنا أنّه يوم الجمعة بعد الظهر أي بداية عطلة نهاية الأسبوع)، لكنّها كانت جدّية ومنهجيّة كذلك. كانت شكلاً من أشكال مراجعة الأسبوع الفائت ووضع جدول أعمال الأسبوع القادم. كان ممكناً لذلك أن يحصل يوم الاثنين، لكن يوم الجمعة كان جيّداً بالنسبة لنا. بدا أنه يمثل المعادلة الصحيحة.

 

بعد ذلك، كنّا نلتئم خارج المؤسسة مرّة كل سنة عندما يصبح الطقس معتدلاً، ونعقد اجتماعاً لنهار كامل، بعيداً عن المكتب، في الريف، وغالباً ما يكون في منزل إحدى قيادات الائتلاف، التي بلطفها الذي لا يمكن أن ننساه، كانت تعدّ لنا غداءً عظيماً. من جديد، كنّا نراجع ونخطّط، ولكن هذه المرة لوقت طويل وبرؤية أوسع. معظمنا كان يتطلّع إلى هذه الاجتماعات. قد لا نكون قد تابعنا بدقة كافة ما قلنا أنّنا سنقوم به، ولكن هذه الاجتماعات ساعدت في صيانة ائتلافنا، ووثّقت العلاقات بيننا كأعضاء فيه. لم تكن الاجتماعات مثالية، لكنّها ساعدت على القيام بالعمل. ولم يكن أحدٌ يريد الاستغناء عنها.

لنفترض الآن أننا اخترنا خياراتنا. كيف ننفذها؟ كيف يجب علينا أن نجري الصيانة فعلياً في الممارسة؟ يوصلنا هذا إلى الخطوة الرابعة:

تنفيذ خطة الصيانة

مرة أخرى، لدينا عدّة خيارات للقيام بذلك، وهي تتضمن:

  1. مراجعات خارجية:

هذه مراجعات يقوم بها مراجِعون مُخْتصّون أو مستشارون من خارج الإئتلاف. يمكن أحياناً تكليفهم مِن قِبل الجهة التي تمولنا. وهذه المراجعات الخارجية لها أيضاً تنويعات بحد ذاتها:

  • يمكن أن يكون المراجِعون المخْتصون مهنيين يُدفَع لهم من خارج المجتمع المحلي أو أن يكون المراجِع شخصاً متطوعاً محلياً.

  • يمكن للمراجعين أن يراجعوا السياسات والممارسات والإنجازات بشكل عام، أو قد يجرون مسحاً لممارسات أصغر ومحدودة أكثر.

  • قد تطول المراجعات ساعات عديدة أو أياماً عدة.

  • يمكن مزج المراجعات الخارجية بالداخلية كما سترون أدناه.

في أي حال، المعايير المستخدمة للقيام بالمراجعة يجب أن تكون واضحة للجميع. الوضع المثالي هو أن يكون قد تم العمل عليها مسبقاً مع المُراجعين. يجب ألاّ يكون هنالك مفاجآت.

سواءً كانت خارجية أم داخلية، تبقى المراجعات نادرة نسبياً لدى الائتلافات، ولكن قد نجدها أكثر لدى أنواع أخرى من المجموعات.
ليس مفاجئاً أن نقول أن للمراجعات حسناتها وسيئاتها. فهي يمكن أن تكون مُكلفة، كما يمكن ألا يمتلك المُراجعون فهماً جيّداً لمنظمتنا، وقد يستخدمون معايير مختلفة عن تلك التي نستعمل. قيمة المراجعة تكون بجودة خبرة المُراجع، وحساسيته، ومهاراته في التواصل.

من جهة أخرى، قد تقدّم هكذا مراجعة منظوراً خارجياً مفيداً، من خلال رؤية عملياتكم بعيون المراجع النضرة، ومن خلال الاستفادة من نظرته الأعمق التي لم تكن ستتوفّر لنا من دونه. كذلك قد تعطينا المراجعةُ موضوعيةً وأحياناً خبرةً محدّدة. وقد تكون المراجعة مجّانية أحياناً ، بشكل خاص إذا جاء التفويض بها من الخارج. وكما قال لنا قائد أحد الائتلافات:


"كان يزور ائتلافنا دورياً ممثلةٌ عن مكتب الولاية. كان المكتب يقدّم لنا بعض التمويل وكانت تأتي لتتفقّد ما كنّا نقوم به، وكنّا نعلم ذلك. هذه المراجِعة، التي كانت شخصاً لطيفاً، كانت تعرف أنّنا كنّا نعرف. كما كانت تعرف أنّنا كنّا نعلم أنّها إنما كانت تقوم بعملها. إذاً، وبالرغم من عدم تحمّس أحد لزيارتها إيانا، كنّا نقبلها، وفي الواقع، كانت لديها بعض الأفكار الجيّدة لنا. وكانت لَبِقة إلى درجة التعبير عن تلك الأفكار من دون إشعارنا بالغربة أو الإزعاج. إذا نظرنا الآن إلى الوراء اليوم، نرى أنها ساعدتنا أكثر ممّا اعترفنا به."

كافة إجراءات الصيانة المذكورة أدناه هي إجراءات داخلية، يقوم بها الأشخاص من الائتلاف نفسه.

  1. المراجعات الداخلية:

يمكن تقسيمها إلى ما يلي

  1. المراجعات الرسمية: ما الذي يجعلها "رسمية"؟: سياساتها وإجراءاتها، وإمكانية أن تُجرى بشكل دوري. وهي "مُمأْسسة" في ثقافة الائتلاف، والأرجح أن تُنتج تقريراً مكتوباً.

المراجعات الرسمية يمكن أن تتنوع:

  • يمكن أن تأخذ شكل مراجعة سنوية للبرنامج، بطرقٍ مصمّمة مُسبقاً. يمكن تكليف الهيئة التنفيذية أو مجموعة حاكمة أخرى لتجتمع لهذا الغرض.

  • أو، بدلاً مِن مراجعة ذاتية تقوم بها المجموعة ككل، فقد تتولى مسؤولية إجراء المراجعة هيئةٌ مُصغّرة أو مجموعة معيّنة، وتقدّم تقريرها لاحقاً. يُناقش هذا التقرير فيما بعد من قبَل المجموعة الأكبر الحاكمة.

  • يمكن للمراجعة أن تتم كذلك في اجتماعات موسعة لجميع الأعضاء بأكملهم. أو يمكن إعداد تقرير مِن قبَل آخرين يعرضونه على النقاش في اجتماع الأعضاء.

  • أحياناً، لا تغطي المراجعة كافة عمليات الائتلاف، بل بعض الممارسات المحدّدة كالترويج والموازنة، الخ. هذا النوع المحدّد من المراجعات يمكن كذلك أن تقوم به المجموعة ككل، أو مجموعة صغيرة، مع تقديم التقارير، مثلما ذُكر أعلاه.

  • كذلك، يمكن إجراء سلسلة من المراجعات الصغيرة بالمداورة، بحيث تجري مراجعة جانبٍ من الائتلاف (وصيانته) كل سنة أو كل عدّة أشهر. بهذه الطريقة، تتقدّم الصيانة في جدول متهادٍ: مراجعة التمويل في هذا الشهر، ومراجعة العضوية في الخريف القادم، وهكذا دواليك.

يستطيع ائتلافنا، أو مجموعتنا، أن يقرر القيام بأي من هذه الأنواع المتعددة من المراجعات. وما إن يُتَّخذ القرار فإنه  يجب تحضير الإجراءات للتأكّد من تطبيق المراجعة، وإتمامها، واستخدامها.

  1. المراجعات غير الرسمية: ليس من الضروري أن تكون الصيانة إجراءً رسمياً بجدول أعمال منظّم، وجداول، وقوائم تفقّد، وتقارير مكتوبة. يمكن للائتلاف أن يقرر استخدام طرق أقل تعقيداً لجمع المعلومات اللازمة ومعرفة كيف تجري الأمور. في ما يلي بعض الأمثلة:

الحصول على مردود من المشاركين في اجتماعات مُجَدْولة: تقوم فرصة للمراجعة والصيانة غير الرسميّتَين بشكل طبيعي في نهاية الاجتماع المقرر مسبقاً. فمثلاً، يمكن تخصيص جزء من كل اجتماع عام ليقدم المشاركون آراءهم ومردودهم. ("هل يريد أحدٌ أن يعلّق على هذا الاجتماع؟"، أو "هل نقوم بالأمور بالطريقة الصحيحة؟"، أو "ما شعوركم تجاه الطريقة التي جرت فيها الأمور؟"، أو "هل كنتم سعيدين بما أنجزنا اليوم؟") ينطبق ذلك أيضاً على أنواع أخرى من الاجتماعات، كاجتماعات الهيئة الإدارية، أو اجتماعات اللجان المصغّرة.


هنالك تنويعات عديدة على هذا المفهوم. هنا بعض الممارسات المحدّدة:

 

  • كانت إحدى ميسّرات الاجتماعات التي نعرفها تستخدم دائماً طريقة "الإيجابي – دلتا" في نهاية كل اجتماع. كانت تسأل المجموعة عما أعجبها في الاجتماع ( الإيجابي) وما كان يمكن أن يكون أفضل (الدلتا، أو الأمور اللازم تغييرها). تكتب نقاط "الإيجابي" و"الدلتا" على ورقة كبيرة، كتذكيرٍ مكتوب بكيف يجب أن تُتابع الأمور في المرّة القادمة.

  • في اجتماعات أخرى، كانت تُخصّص نهاية الاجتماع من أجل "الجيّد والصالح"، بما معناه أنّه إذا كان لأحد المشاركين ما يقوله لخير المجموعة وصالحها فإنه يجري دعوته/ها وتشجيعه/ها على قوله. في خبرة كاتب هذه المادة، تعود هذه الممارسة إلى المخيمات الصيفية! لكنّها تنطبق على أطر أُخرى كذلك.

  • في إحدى المنظمات الكبيرة (مركز للصحة النفسية) كان المدير يعقد اجتماعات شهرية عامة للموظفين. الجميع كان مدعواً، والعديد من الموظفين كان يحضر، من الأطباء النفسيين إلى مسؤولي الدوامات الليلية، ومن مدراء الأعمال إلى عمّال التنظيفات. كان المدير يقوم ببعض الإعلانات، ثم يُعطى الكلام لمَن يريد. كان الجميع مدعوّاً للتعليق بحرّية على أي جانب من جوانب عمليات المركز، وبما أن الثقة توطّدت من خلال هذا المسار كان الكثير من المشاركين يعلق. كانت هذه الاجتماعات ممتازة لمراجعة الأعمال، وللحث على التغيير اللازم، ولبناء المعنويات.

المردود عبر البريد أو البريد الإلكتروني أو الهاتف: من وقت إلى آخر، يمكن إرسال بطاقة بريدية إلى أعضاء الائتلاف لسؤالهم عن مردودهم على جوانب معينة من أداء الائتلاف وطلب اقتراحات للتحسين. هذا المسار يمكن تحقيقه بالبريد الإلكتروني كذلك، أو عبر الهاتف أحياناً.

الخلوات: تكون هذه في العادة اجتماعات مطوّلة لكافة موظفي الائتلاف تُعقد بعيداً عن مقر عمل الائتلاف (أحياناً في مراكز خاصة بالخلوات)، ويديرها أحياناً ميسرٌ خارجي. غرضها عادةً مراجعة عمل المجموعة وصيانته، وإنعاشه، علماً بأنّ الخلوات قد تؤدّي أحياناً إلى تصميم خطط جديدة، أو التفكير بموضوع أو تحدٍّ معيّن. الإيجابية تكمن في نضارة الموقع، والتحرر من الإلهاءات اليومية، وتوقّع إنجازات جديدة، والتحضير الذهني الذي يجري قبل الحدث. لمزيد من التفاصيل عن إدارة الخلوات، انظروا الفصل 12، القسم 7: تنظيم خلوة والفصل 16، القسم 1: إجراء اجتماعات فعّالة.

التواصل اليومي: يمكن أن يكون مسار صيانة ائتلافنا جزءاً من التواصل اليومي، بالرغم من عدم تسميته "صيانة" أو "مراجعة" حرفياً. بهذا المعنى، تصبح الصيانة جزءاً من كل ما نقوم به. التعبير عن رأي دون الخوف من النقد الشخصي، وإبقاء الأعضاء على دراية بما يجري، وتقديم الدعم الشخصي في حال مرّ أحدهم بيومٍ سيء... كل من هذه "الحركات" الصغيرة تسهم في صيانة الائتلاف، حتى ولو كان يصعب تصنيفها على أنها أعمال "صيانة". في حال تضاعفت طرق التعامل هذه عبر الأشهر والسنين فهي تُديم الطاقة والروح في عمل الائتلاف. للمزيد عن هذا الموضوع، انظروا الفصل 15، القسم 4: تعزيز الاتّصال الداخلي.

تذكّروا أنّه يمكن مزج هذه الطرائق: فالمردود الذي يقدمه المشاركون في الاجتماعات يمكن أن يُمزج مع المردود عبر البريد. والتواصل الداخلي الدوري القوي يُمكن أن يُمزج مع الخلوات التي تَحدث في المناسبات. صيانة الائتلاف يمكن (بل يجب) أن تتم بطرق مختلفة.


إبقاء الشعلة حية

لقد تكلّمنا عن الصيانة حتى الآن وكأنّها تتم خطوةً بخطوة، بل حتى بالأرقام تقريباً. وهي كذلك في بعض الأحيان، بل يجب أن تكون كذلك، في أحيان أخرى. بل إن هناك جزءاً آخر من الصيانة الذي يصعب اختصاره بخطوات من التحرك، وهو تحديداً إبقاء روح الائتلاف حيّة.

 

ما نعنيه هنا هو أنّ الناس تنضم إلى المجموعات من أجل إتمام أمورٍ ما، ولكن أيضاً من أجل قضاء وقت ممتع في أثناء القيام بذلك. إنجاز الأمور أمر أساسي، ولكن إذا كان الانتماء إلى الائتلاف هو لمجرد العمل من دون أي فرصة للهو فقد يصبح عملاً شاقاً. فعضو الائتلاف يفكّر: الحياة مليئة بالخيارات، فلماذا أقدّم طاقتي لأمر روتيني يخلو من المرح ولا يمنحني أي شعور جميل؟ عاجلاً أم آجلاًَ (آجلاً على الأرجح)،  سيغادرهؤلاء الأعضاء (أكانوا أجراء أم متطوعين).

 

من هنا، فإن القائد الحكيم سيجعل من الائتلاف مكاناً مُمتعاً للبقاء فيه. سيخلق في داخله بعض الفرح (بعض الأوقات للراحة، وإزاحة العمل جانباً في بعض الأحيان، والاستمتاع برفقة الآخرين). إن الخروج سوية لتناول وجبة، أو ترتيب حفل عيد ميلاد، أو طهي طعام في الخارج، أو أخذ يوم إجازة لكافة الأعضاء دون سبب محدد، أو أيجاد أسباب للاحتفال، جميعها أمثلة على أنشطة تُبقي الأعضاء على صلة بالائتلاف. فالعضو ينخرط ليس فقط من أجل العمل، بل من أجل تحقيق ذاته ككائن حي متكامل، لأن روحه الإنسانية تتغذى.

 

ما ذكرناه هنا هو جزء من صيانة الائتلاف، مثله مثل أي مسار مراجعةٍ مفنّد في بنود.

 

أيّها القادة، خذوا ذلك بعين الاعتبار.

ما هي بدائل الصيانة؟ بعض اتجاهات الائتلاف الأخرى

إن صيانة الائتلاف مهمّة، بل هي أساسية. لذلك قضينا هذا الوقت الطويل في مناقشتها. ولكنّنا لم نذكر بعد نقطة جوهرية: قد لا تكون صيانة الائتلاف، بمعنى القيام بما كنا نقوم به سابقاً، هو ما نريد أن نفعل.

فالناس تتغير، وكذلك المجموعات. والأوضاع المجتمعية تتغير، وكذلك الحاجات المجتمعية. والائتلافات ليست محصّنة ضد التغيير، وقد يود ائتلافنا أن يتغير مع تغير الزمن. والصيانة البسيطة، أي إبقاء القديم على قدمه والحفاظ على الأمر الواقع، ليسا خيارنا الوحيد.

ما هي الخيارات الأخرى؟ يمكننا أن ننمو، كما يمكنا أن ننسج ائتلافاً آخر ينبثق عن القديم، أو أن نغير نقطة التركيز في عملنا، أو أن نتراجع، أو بكل بساطة، أن ننهي الائتلاف. أمام ائتلافنا خيارات. يمكننا أن نتبع أيّاً من هذه الخيارات أو مجموعة منها في أوقات مختلفة. ولكن أي خيار ننتقي وكيف نعمل على انتقائه؟ سنتناول هذه الخيارات بالتتالي، بالإضافة إلى بعض الشروط أو الظروف التي قد تُحبّذ كلاً منها.

(جزء كبير ممّا يلي هو مكيّف عن "روح الائتلاف" هو من إعداد بِيْل بِرْكوفيتْز وتومْ وُوْلف، ويمكن مراجعة المصادر أدناه).

النمو:

يمكننا أن  ننموا، وهذا ميلٌ طبيعي عند المجموعات والمنظمات، بشكل خاص إذا كانت تعمل بشكل جيّد.

لنفترض أننا نعمل بشكل جيّد. ولنفترض كذلك أن قائمة تفقّد الصيانة المُقترحة سابقاً تمّت بما يرضي معظم الناس. لماذا إذاً لا نقوم عندها بالمزيد ممّا نقوم به اليوم، أو لماذا لا نتشعّب أو نتوسّع؟ لقد حقّقنا بعض المهام بنجاح، فما رأينا بالمزيد؟ أو ما رأينا بتحدٍّ جديد، في مجال مختلف؟

نمو الائتلاف قد يكون الطريق الصحيح أمامنا في الحالات التالية:

  • عندما يبرهن الائتلاف عن سجل من الاستقرار

  • عندما يتمتع بسجل من النجاحات

  • عندما تقوم حاجة مجتمعية

  • عندما تكون موارد الاستدامة (الناس والمال والوقت) موجودة كذلك

  • عندما يكون الأعضاء راغبين في النمو والتوسع

  • عندما يكون المجتمع المحلي راغباً بذلك أيضاً

ولكن، قبل البدء بالتفكير بالنمو، علينا النظر جيداً قبل القفز أو حتى قبل القيام بخطوة صغيرة. من المفيد أن يعلم الائتلاف بعض المخاطر التي تأتي مع التوسّع:

  1. إذا توسّعنا فسنحتاج إلى المزيد من الموارد للاستدامة. بلغة أبسط، سيصبح هناك طمزيد من الأفواه لإطعامها".

  2. يضع النمو كذلك ضغطاً أكبر على قيادة الائتلاف. فللقيادة والأعضاء حدود، وهم يمكنهم القيام بقدرٍ محددٍ من الأمور، علماً بأنّ النمو قد يعني أيضاً فرصاً جديدة للائتلاف قد يصعب عليه تفويتها.

إذاً، قد نشعر بضرورة المقايضة، وكما ذكر أحد قادة الائتلافات:


"نحن حريصون جداً على تسلم مشاريع جديدة، ولكن في السنتين أو السنوات الثلاث الماضية، حصلت ائتلافاتنا على أموال إضافية للقيام بمشاريع خاصّة في تنمية الأحياء، وذلك يتطلب الكثير من التركيز والوقت. في هذه المرحلة، نرى الأولوية في تطوير هذه الأنواع القاعدية من جهود تحريك المجتمع المحلي. لذا نحن مستعدّون للقيام بهذه المقايضة، لكنها مقايضة مليئة بالمخاطر."

  1. عندما يكبر الائتلاف، ويصبح مرئياً بشكل أكبر وأفضل، ويصبح مقبولاً في المجتمع المحلي أكثر وأكثر، فقد تواجهنا ضغوط لكي نتولى إدارة الخدمات المجتمعية، وبل قيادتها في الواقع. قد يبعدنا ذلك عن أدوار التخطيط والتنسيق والتحفيز والتحريك التي نلعب. قد لا نرغب في أن نصبح من مقدمي الخدمة بشكل مباشر.

  2. وأخيراً، في حال حققنا النمو فهذا يمكن أن ينشر جهودنا بأكثر من اللازم، وعندها، قد نبدأ بالشعور بوطأة الحمل الزائد. وحتى لو كنا نستطيع التغلب على ضغط الإجهاد، فإن نوعية ما نقوم به ستبدأ بالتدهور. بهذا المعنى، هناك خطر في النجاح، إذ إنّه يمكن أن يقود إلى الفشل.

حل مسألة النمو: صحيح أن كافة هذه المسائل المتعلقة بالنمو يجب أن تستوقفنا وتجعلنا نفكر، ولكنّها قابلة للحل. يبدأ الحل بالتنبه إلى أنّ النمو ليس ببساطة "إما كلَّ شيء أو لا شيء"، ولا "إما النمو أو الركود"، ولا " إما النمو أو الموت". إذ يمكن لنموّنا أن يكون هادفاً ويمكننا أن نتحكّم به. وفي استطاعتنا أن نختار الدرجة التي نرغب في أن ننموا باتجاهها، ومتى نريد أن نفعل ذلك، وفي أية مجالات، وكيف. يمكننا أن ننخرط في شكل من أشكال التخطيط المهني للائتلاف.

عندما نفعل ذلك، يكون من المفيد دائماً أن نبدأ البناء من أساس متين، وقد عبّر عن ذلك أحد قادة الائتلافات بهذا الشكل:


"نحن بحاجة إلى أن نكون أقوياء بما نتمتّع به، وأن نكون على يقين من كون النمو هو في الاتجاه الصحي والمنتج، قبل أن نبدأ أعمالاً أخرى في مجالات جديدة. نحن نبدأ من جديد في كلّ مرة ننمو فيها. ولكي نبدأ في مجال جديد تماماً، لا بد أن يأخذنا بعض الوقت لنتعلّم كيف نقوم بذلك بشكل صحيح، وأنا أريد أن أجعل عملنا الحالي أَمْتن قبل أن نباشر بمقاربة أي شيء آخر."

إذاً، وباختصار، عندما نختار النمو، يتوجب أن نكون متحكمين بالمسار، وألاّ ندع المسار يتحكّم بنا. يمكننا أن نفعل ذلك بالتفكير، وبالخبرة والممارسة يمكن لقراراتنا الخاصة بالنمو أن تكون أسهل وأكثر إنتاجيةً

اشتقاق ائتلاف من ائتلافنا:

قد يكون النمو (المخطّط له والقابل للتحكم) هدفاً من أهداف الائتلاف، وهو هدف معقول وحكيم. ولكن اختيار النمو ليس الإمكانية الوحيدة. وليس بالضرورة أن تكون المبادرات الجديدة التي يتخذها الائتلاف دائمة، بل يمكن أن تكون مؤقتة، أي يمكن لنا أن نأخذ أمراً جديداً، ونباشر به، ثم نطلق سراحه.

هذا هو ما نعنيه عندما نقول "اشتقاق ائتلاف آخر": إنه شبيه باحتضان برنامج إلى أن يصبح قوياً لدرجة تمكّنه من البقاء والاستمرار من تلقاء ذاته، أو إنه (وهذا تشبيه مجازي آخر) يشبه أم الطير التي تبقى أماً حتى ينمو للفرخ جناحان ويصبح مستعدّاً للطيران.

اشتقاق الائتلاف الآخر يكون مستحباً في الحالات التالية:

  • عندما يستمر وجود حاجة مجتمعية معينة

  • عندما يكون ائتلافنا قد تصدى لهذه الحاجة، ولكنه لم يعد يريد القيام بذلك

  • عندما تكون مجموعة أخرى تريد (أو هي مستعدّة) وقادرة على القيام بتلك المهمة 

لا تستطيع الائتلافات التعاطي مع كافة الحاجات المجتمعية، لذا يصبح منطقياً أن نسلّم المجد ووجع الرأس لأحد آخر. مع ذلك، عندما يُشتق أو يَنبثق جزءٌ عن جزء آخر، قد يكون هناك مشاكل. أحد الهموم الأساسية هو "المسؤولية الوالديّة". إلى أي حدود تمتد مسؤوليتنا؟ ما هي المدّة الزمنية التي سنبقى فيها متعلّقين "بالمولود الجديد"؟ قد لا نريد التعلق به طويلاً، لأنّ في ذلك استنزاف لطاقتنا، ومن جهة أخرى: لا نتخلى عنه قبل الأوان.

هَمّ آخر، ولكنه بنفس الأهمية: صحيح أننا إذا أطلقنا مغامرتنا الجديدة وحدها، فنحن نخاطر. إذ إن الطفل قد يصبح ناكراً الجميل. والمشروع قد يعود ليقلقنا.

يشكّل اشتقاق برامج جديدة (ومحاولة تطوير برامج جديدة تحديداً لكي تسير وحدها) خياراً ممتازاً. صحيح أن النجاح ليس مضموناً، ولكن، عندما نشتق شيئاً ومن أجل زيادة فرص النجاح، فما يمكن أن نقوم به هو وضع الشروط بوضوح وجعل قواعد الالتزام المستقبلي واضحة. يمكن أن نؤمّن المساعدة التقنية والاستشارات، ويمكن أن نتأكد من أن التعاقد يشمل بوضوح ما سنفعل وما لن نفعل.

مع هذا، فالواقع هو أنه عندما نشتق برنامجاً من آخر فهو يصبح خارج طوعنا، وهذا غالباً ما يكون السبب الذي أردنا أصلاً أن ينطلق البرنامج من أجله. من المفيد قبول هذا الواقع، إذ إنّه من الصعب، إنْ لم يكن مستحيلاً، أن يكون لنا كلا الخيارين (انبثاق البرنامج وإبقاء السيطرة عليه).

تغيير نقطة التركيز في العمل:

ليست احتمالات الائتلاف الفعّال بالضرورة إمّا النمو أو نسج برامج جديدة. إذ يمكن للائتلاف بكل بساطة تغيير نقطة التركيز في العمل. قد تكون هذه فكرة جيدة عندما تكون الأهداف الأصلية للائتلاف قد تحققت، وعندما تكون عضوية الائتلاف وقيادته محفَّزة للقيام بمهام أُخرى. فإذا كنا قد التأمنا أصلاً لتحسين النقل العام، مثلاً، وأصبح الآن هنالك خطوط نقل عام جديدة تسير، فقد نختار التعاطي مع التدريب المهني (لأن الناس يستطيعون أن يصلوا إلى المهن الجيدة بشكل أسهل الآن)، أو يمكننا أن نركّز على تشغيل الشباب، أو الرعاية الصحية ذات الكلفة المقبولة، أو أي أمر آخر لازم.
 


 

التأم أحد الائتلافات الذي نعرفه ليعمل على الترجمة الطبية ووضع برامج الترجمة في مكانها. بعد أن أنهى ذلك، كان مستعدّاً للانتقال قدماً:

 

"لقد صغرت فجوة الترجمة الآن، لذا رأينا أنّه لم يعد هنالك لزوم في هذه المرحلة للمتابعة، ويمكننا وضع طاقاتنا في مسائل أخرى. فمثلاً، كنّا نتحدّث للتو عن الشباب... والملفت هو أن الأشخاص الذين يعملون أصلاً مع الشباب يأتون لرؤيتنا. هذا هو الفرق. قبل ذلك، كنا نحن مَن يدق على الأبواب، أمّا الآن، فصار الناس يدقون على أبوابنا."

 

إذن، ينظر الائتلاف ، في المسار الطبيعي للأحداث، باتجاه مسألة جديدة. فسجل النجاحات يجذب الأعضاء الجدد ويزيد احتمالات النجاح وفرصه في المستقبل. هذا مسار تطوري شائع للائتلافات، وهو مسار مبرّر تماماً كذلك.

التقليص:

سيناريو مختلف: لنفترض أن الائتلاف واجه وقتاً وظروفاً صعبة، أكانت داخلية أو خارجية، اقتصادية أو نفسية. أو لنفترض أن مجموعةٍ أُخرى نشأت في المجتمع المحلي يبدو أنّها تؤدي نفس الأدوار، وتقدّم نفس الخدمات، وبشكل جيّد. في أي من هذه الظروف، إذا ما استمرّت أو كانت حادّة، يمكننا أن نصغّر أو نقلص أعمالنا. (كما يمكن عندها تشارك الموارد أو الاندماج مع هذه المجموعة، وهذا موضوع لا نغطّيه بالتفاصيل هنا، ولكن يمكن الذهاب إلى الفصل 46، القسم 6: تشارك المواقع والموارد الأخرى).

قد يكون هنالك أسباب وجيهة للقيام بذلك. قد نحتاج لإعادة رص الصفوف قليلاً، بعد بعض النمو الصحي. أو قد نكون قد نمونا بشكل سريع، وقد نحتاج للقيام ببعض التعديلات. أو قد تكون هنالك منحة كبيرة شارفت على الانتهاء. وقد تكون مجموعة أخرى أصبحت مستعدّة لنقل نشاطٍ إلى عاتقها كان يعيق تحركنا. ربّما كانت تلك المجموعة هي "الفرخ" الذي أصبح أخيراً مستعدّاً لمغادرة العش وحده. في هذه الظروف، قد يكون التقليص فكرة صائبة، على الأقل في الوقت الحالي. فهو يحرّرنا من كافّة الأمور التي لم تكن فعّالةً، ويعيدنا إلى الأساس، ويحثنا على التفكير بتأنٍّ أكبر بالأولويات.


فكَّر بعض أعضاء الائتلافات بالخيارات التالية:

 

"إذا كان علينا أن ننكمش ونعود إلى المجموعة النواة، فهذه ليست هزيمة، بل هو إدراك بأنّنا لا نريد أن نخسر أهم ما نقوم به، أي الاجتماعات والنشرة..."

***

"بدأت حلقة تمويلنا تميل نحو التراجع. نحن في السنة الرابعة من منحة كبيرة. من هنا، سيتم اختزال وقت المنسق إلى النصف، وعلى الهيئة الموجهة أن تفكر في ما تريد أن للائتلاف أن ينخرط. هل يودون العودة إلى الحالة الأكثر هدوءاً التي كان يعيشها الائتلاف قبل هذه السنوات الأخيرة، أم ماذا؟ وفي حال أرادوا إبقاء الموظفين بنفس المستوى، ماذا سيفعلون بالنسبة لمصادر التمويل عندها؟"

 

هذا النوع من الأحداث، كتلك المذكورة أعلاه، هي أحداث طبيعية في تطور الائتلاف. وكتذكيرٍ فقط، لا النمو ولا تقليص الحجم يبقيان إلى الأبد. في حال تراجعتم الآن، فهذا لا يعني أن النمو لن يعود من جديد. إذ إن المسار التطوري للائتلافات والأنظمة الاجتماعية لا يتبع عادةً خطاً مستقيماً.

الإنهاء:

يمكنكم اتّخاذ قرار بإنهاء العمليات وإيقافها تماماً. غالباً ما يشكل ذلك حدثاً حزيناً، ولكنّه ليس عليه بالضرورة أن يكون كذلك.

الائتلافات ليست خالدة، ويجب ألاّ يُتَوَقّع لها أن تُخلد. يمكن للائتلاف ببساطة أن يتخطّى حدود فائدته ويقرّر حل نفسه بنفسه. الحاجة التي كانت مشتعلة قبل ذلك بات تخم الآند، كما يمكن أن يكون القادة والأعضاء قد أخذوا على عاتقهم مهمّات جديدة، أو غيروا أولوياتهم، أو مرضوا، أو ابتعدوا. وفي حال كان الزخم أو التمويل الأولي لبدء الائتلاف جاء من الخارج (في شكل منحة تمويلية، ربّما)، فقد يكون التمويل قد تبدّل اليوم أو غيّر اتجاهه، وكذلك القوة الدافعة.

في حال كانت الغاية أو الرسالة قد تحقّقت الآن، يمكن أن نقول "مبروك للعمل الذي تم بشكل جيد". وحتى لو لم يتم الوصول إلى كافة الغايات، وحتى لو كان على الأمور أن تنتهي بشكل نصف طوعي أو غير طوعي بتاتاً، فلا بد أن تكون جهود الائتلاف قد أحدثت فرقاً. والأكثر من ذلك أنّه في حال عادت الحاجة لتشتعل من جديد، يمكن للائتلاف أن يحيا ويزهر مجدّداً. في أي حال، يمكن أن تنشأ ائتلافات جديدة لاحقاً، أحياناً مع بعض الأعضاء نفسهم، وقد تكون أفضل ممّا قبل، مستندةً إلى الجهود السابقة.

البقاء كما نحن:

الخيار الإضافي هو أن نبقى ببساطة كما نحن. إذا كنا نقوم بأمرٍ جيد، فلمَ لا تبقى المتابعة بنفس الطريقة تماماً؟ وقد يرغب الائتلاف بالقيام بذلك عندما يكون قد بنى سجلاً من النجاحات، وعندما تكون الحاجة الأصلية لا تزال قائمة، ويكون الدعم المجتمعي مستقراً، والأمور تسير بشكل جيد، وعندما يكون القادة والأعضاء (وأعضاء المجتمع المحلي) راضين بالوضع القائم، وعندما يختار القادة والأعضاء المحافظة عليه كما هو.

قد يبدو البقاء على ما نحن خياراً سهلاً ومنطقياً، لكنّه، ، من أصعب الخيارات عند التنفيذ فعلياً. إذ إنّ العالم الخارجي والعالم الداخلي يتغيّران. وهناك ضغوط مستمرة ودائمة للتحرك باتّجاه أو بآخر: النمو أو القيام بأمر مختلف أو طي الأمر. وليس أمراً سهلاً اختيار أن نُبقي الوضع القائم على ما هو، والمحافظة على هذا الخيار بغض النظر عن تلك الضغوط، والثبات على الموقف.

قد يكون أمراً يستحق الثناء ومحبّذاً كذلك، ولكنّه قد لا يكون الأمر الأفضل. الخطر هو في أن نصبح مهمّشين أو بالعكس، وقد نصبح متعالين، أو خارج السياق، أو قد نتراجع ونضعف شيئاً فشيئاً. فالتغيير يبعث الطاقة، كأنّه إعادة إحياء للروح. أما إذا بقينا كما نحن، يكون علينا التأكّد من استمرار روح الائتلاف الأساسية.

لنذكّر بالموضوع الأساس: هل سيكون ائتلافنا أفضل في حال غيرنا أمراً ما بطريقة أو بأخرى؟ قد يكون أفضل أو قد لا يكون. لا جواب حاسم على هذا السؤال. الجواب يعتمد على تقييمنا الحاجات الحالية للائتلاف والمجتمع المحلي، ورغباتهم ومواردهم ودعمهم وإنجازاتهم، مقابل الكلفة والمنفعة اللَتيْن تتأتّيان عن الخيارات الأخرى المتوفرة لنا. لنوضح هذه النقطة في الجزء التالي من عرضنا هذا.

باختصار

لقد عالجنا هذه الاتّجاهات المُختلفة للائتلافات كخيارات مستقلّة، ولكن ذلك كان جزئياً من أجل أغراض العرض. في الممارسة، تدور هذه الخيارات سوية في مدار متقارب، والذي يتغيّر هو النمط المهيمن، مثلما يمكن أن تمرّ من فوقنا متغيّرات المناخ.

إن حقيقة صيانة الائتلاف وتطوره هي في الواقع أقرب إلى ما يلي: تستمرون بما تقومون به لأنكم تقومون بأمر جيد. لديكم وظائف أساسية، وربّما تأخذون مهامّاً جديدة من وقت إلى آخر، بشكل حكيم أحياناً وبشكل غير حكيم في أحيان أخرى. ربّما يموت هذا "الشيء" وحده، أو ربّما يقتله أحدُهم، ومن جهة أخرى، من الممكن أن يعمل جيداً، وأن تحافظوا به. أو ربّما "تفطمونه" فيقف على رجليه وحده. إن فرص جديدة كهذه لا بد أن تأتي إليكم كل حين. يمكن لكم الاختيار بينها.

كيف يمكن القيام بهذه الخيارات بالشكل الأفضل؟ للإجابة عن هذا السؤال، يساعدكم التأمل في العناصر الأساسية التي، في نهاية الأمر، تصون الائتلافات وأي تنظيم مجتمعي آخر وتديمُها، كما تساعدكم مراجعة العناصر التالية، وهي:

الإنجاز: أولاً، طبعاً، هناك الإنجاز. إذا كانت الائتلافات أو أية منظّمة تقوم بعمل جيد، وإذا كان هذا العمل الجيّد مُعترَفاً به، فالأرجح أن يدعمه المجتمع المحلي، كما سيصبح من الأسهل أن ينضم أعضاءٌ جدد وأن يأتي تمويلٌ جديد. إذ إنّ النجاح يقوّي، فإذا وجد الائتلاف (وقيادته) طريقاً لتوليد الأحداث الإيجابية بشكل مستمر ، سيكون الاتّجاه نحو سير الأمور أخرى سيراً حسنا. وهذا ينطبق بغض النظر عما إذا كان الائتلاف اختار النمو أو التقلّص أو تغيير الاتجاه.

الوعي المؤسساتي: العنصر الأساسي الثاني هو الوعي المؤسساتي. هذا يعني أن الائتلاف وأعضاءَه يُؤْمنون ويتصرّفون على أساس أنّهم جزءٌ لا يتجزّأ من المجتمع المحلي، ومَعْلمٌ دائم وظاهر على الساحة المحلية. ويشعر المجتمع المحلي الأوسع بالأمر المماثل. يتمتّع الائتلاف بحس الدوام، فهو موجود ليبقى، والجميع يعرف ذلك. وقد أصبح مُمَأْسساً.

لتطوير الوعي المؤسساتي، يلزم قيادة الائتلاف قوية ومُلتزمة. (والإنجاز يساعد أيضا.) ولكن ذلك يتطلّب أيضاً بُنى فعالة للائتلافات. يجب أن يعرف الأعضاء أنّ حضورَهم كل اجتماع شهري متوقَّعٌ، كما أنّ خدمتهم في مجموعة عمل واحدة على الأقل متوَقّعة، وأنّ الانتخابات ستجري مثلاً يوم الأربعاء الأخير من شهر أيلول / سبتمبر، وأنّ العمل الأول بعد الانتخابات هو خطة تحرك الائتلاف. هذه البنى، أو بنى أخرى مماثلة، مُستخدَمة بشكل متكرّر ويُتَكّل عليها، تقوّي الإخلاص والولاء. وهي، مع الوقت، تقوّي كذلك جذور الائتلاف. المأسسة، هذه الكلمة تعني التجذّر، حتّى لو كانت جذور الائتلاف، كجذور الشجر، لا نراها على السطح، بسبب وجودها تحت الأرض.

الروح الإيجابية: العمل الحسن والبنية الجيّدة هما عنصران أساسيان لصيانة أي ائتلاف، ولكن في النهاية، فإن ما تودّون أيضاً المحافظة عليه، هو المشاعر الجيّدة: الروح الإيجابية التي جمعت الناس سوية وجعلتهم يستمرون بالتقدّم معاً في الأصل. لا يمكن المبالغة في تقدير القرب الشخصي والتماسك والزمالة، فنحن نقضي وقتنا الخاص حيث نشعر بالراحة ونشعر أنّنا مقبولون، وقيمتنا محفوظة لما نحن عليه. فما الذي يمكن أن يجعلنا نظن أنّ أعضاء ائتلافنا يشعرون أو يتصرّفون بشكل مختلف؟

بعد ترسيخ الائتلاف، قد تختارون من بين خيارات العديدة للصيانة. النقطة الأساسية هنا والنقطة الأساسية في صيانة الائتلاف هي أنّ الخيارات هي حقيقية، والأفضل أن يقع الاختيار بوعي. فأنتم تستطيعون الحفاظَ على زخم الائتلاف كما هو، أو تسريعَه، أو إبطاءَه. كما يمكنكم تحديد وجهة الائتلاف، والحفاظ عليها أو تغييرها كما ترون مناسباً، أنتم وسائر أعضاء الائتلاف، بدلاً من أن تكونوا تحت رحمة العوامل الخارجية.

الخيارات التي تقومون بها ستعتمد على تاريخ ائتلافكم الخاص وشخصيته وأرصدته، بالإضافة إلى اعتمادها على حاجات المجتمع المحلي والعوامل البيئية والوقت المتوفّر. هنالك خيارات عديدة مبرّرة، ويمكن القيام بخيارات مختلفة ومتنوعة في غضون مسيرة حياة الائتلاف، كما أنّ خيارات الصيانة موجودة ومستمرّة، ما يعني أنّ الخيار الأفضل لكم اليوم قد لا يكون كذلك غداً، وهذا يشكّل جزءاً ممّا يجعل العمل المجتمعي مليئاً بالتحديات من جهة، وبالبهجة والمرح من جهة أخرى. ولكن الحفاظ على الائتلاف أو تغييره، كمعظم سائر مجالات الممارسات المجتمعية، يعود إليكم.

إذا كان الائتلاف يقوم بعمل جيّد، فسيختار على الأرجح الاستدامة، بشكل أو بآخر. الإنجازات المستمرة، والبنى المؤسساتية، والروح الحيوية، ستساعدكم على صيانة جهودكم ونجاحاتكم. حاجات الائتلاف هذه هي مترابطة ومتواصلة، ولا تختفي أبداً. وقائد الائتلاف الحكيم، مثله مثل الذي نقتبس بعض أقواله أدناه، سينحاز إلى المبادئ التي تحكم حياة الائتلاف هذه، وسيقود مركبه بحذر وبمرونة، وبخفة الكائن المسافر في رحلة ممتدّة على مياه لا تزال مجهولة.

"بناء الائتلاف هو عملية طويلة، وهي عملية لا تمشي دائماً بسلاسة ولا وفقاً للجدول الزمني المقرّر مسبقاً من قبل أي كان. على الناس في الائتلافات أن يتذكّروا ذلك، وأن يقبلوه، وأن لا يخيب أملهم عندما لا تمشي الأمور بالسرعة التي يريدونها. فكلّما ينضم عضو جديد، تتغيّر الديناميّكية في الائتلاف بأكملها، والتركيز كذلك يتغيّر، وهذا جزء من العملية. التطور مستمر. لا نهاية للائتلاف على مدّ النظر، إلاّ إذا أردتم تمزيقه أو حلّه. هو في حال تغيّر مستمر. عليكم فقط الاستمرار في المضي والتوقف أحياناً ثم إعادة الوصل. هذه هي طبيعة الائتلافات..."

نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المواد، لكن نرجو أن تذكروا مرجعها: "عدة العمل المجتمعي" على الموقع:

Http://ctb.ku.edu

Contributor 
بِيْل بِرْكوفيتْز

موارد

موارد مطبوعة

Berkowitz, B., & Wolff, T. (2000). The spirit of the coalition. Washington, DC: American Public Health Association. (See also bibliography there included.)

Chrislip, D. D.& Larson, C. E.(1994). Collaborative leadership: How citizens and civic leaders can make a difference. San Francisco: Jossey-Bass.

Kaye, G., & Wolff, T. (Eds.) (1995). From the ground up!: A workbook on coalition building and community development. Amherst, MA:AHEC/Community Partners. (Available from AHEC/Community Partners, 24 South Prospect Street, Amherst,MA 01002, (413) 253 -4283, www. ahecpartners.org.)

King County Community Organizing Program and Guila Muir and Associates (no date). Coalition assessment tool: A tool for community coalitions and their supporters. Seattle. (Available from Guila Muir and Associates, 3724 38th Avenue South, Seattle, WA 98144, (206) 725-1994.)

Mattessich, P. W., Murray-Close, M., & Monsey, B. R.(2001). Collaboration: What makes it work: A review of research literature on factors influencing successful collaboration. (2nd ed.) St. Paul, MN: Amherst H. Wilder Foundation. (Available from Wilder Publishing Center, 919 Lafond Avenue, St. Paul, MN 55104, 1-800-274-6024, http://www.wilder.org.)