استمارة البحث

القسم 4. مناداة بالأنظمة وتنظيم المجتمعات المحلّية

  • ما هو التحرّك الاجتماعي؟
  • لماذا الانخراط في التحرّك الاجتماعي؟
  • متى ننخرط في التحرّك الاجتماعي؟
  • مَن يجب أن ينخرط في التحرّك الاجتماعي؟
  • كيف ننخرط في التحرّك الاجتماعي؟

شعر الاتّحاد البيئي بالقلق. مجلس البلدة يدعم خطة متعهد لبناء مجمّع حديث على آخر قطعة أرض مفتوحة قرب النهر، وهو المكان الذي استقرّ فيه السكاّن الأُوَل قبل حوالي 200 سنة. في حال تمّ البناء، سيخسر المواطنون تماماً القدرة على الوصول إلى الواجهة النهريّة، ويكون كذلك قد اختفى جزءٌ قيّم من تاريخ البلدة. كان الاتّحاد البيئي قد قام بحملات لمدّة طويلة لتحويل هذه الأرض إلى حديقة عامّة.

نظّم الاتّحاد اجتماعاً لأكثر من مئتَي شخص. كان الجميع مغتاظاً من قرار السياسيين. قالت إحدى النساء: "يجب أن نقوم بأمرٍ ما سريعاً أو سنخسر هذه الأرض للأبد." وقالت أُخرى: "هذا قرار سياسي وليس في مصلحة البلدة الفضلى".

في نهاية الاجتماع، تبيّن أن الحاضرين يريدون تحرّكاً ما لإجبار مجلس البلدة على إعادة التفكير في موقفه. كان موعد اجتماع مجلس البلدة يوم الخميس، أي بعد ثلاثة أيّام. هل يمكن للاتحاد البيئي تنظيم مسيرة إلى مقر البلدية في وقت الاجتماع؟ نزل المنظّمون إلى الشارع، وحرّكت المنظّمات التي يتشكّل منها الاتحاد أعضاءها، وبدأ الناس الذين حضروا الاجتماع بالاتصال بأصدقائهم لشرح الوضع، كما اتّصل مسؤولو الاتّحاد بالإعلام.

يوم الخميس، سار أكثر من 500 شخص إلى الطريق العام حيث مركز البلدية، حاملين يافطات تقول: "الأنهر للجميع"، و"حافظوا على ماضينا". وفيما كانت كاميرات التلفزيون تسجّل المشهد على درج مركز البلدية، كان مسؤولو الاتحاد يُخبرون قصة العقار على شاطئ النهر، وما أهمّية الحفاظ عليه. ثم بدأت الحشود تتوافد إلى داخل مركز البلدية مطالبين بالدخول إلى غرفة اجتماع المجلس البلدي، وكانت الكاميرات تلاحق التحرّك. وعندما مَنعت الشرطة الناس من الدخول، جلست الحشود خارج الباب.

أدرك أعضاء المجلس البلدي أنّ صورتهم ستكون سيئة جدّاً في أخبار المساء، فالتقوا بالمتظاهرين واستمعوا لما قالوه لهم. كان صوت الاجتماع عالياً، كما كان الاجتماع مليئاً بالأحداث، ونتج عنه أن سحبَ المجلس البلدي دعمه مناقصة البناء ووعد أمام الكاميرات بمناقشة استخدام أرض الواجهة النهرية مع الاتّحاد ومع مواطنين آخرين مُهتمّين.

الطريقة الأفضل أحياناً لإتمام أمرٍ ما هو مواجهة صانعي القرار بتحرّك متّفق عليه. يسمّى ذلك "التحرك الاجتماعي"، ويتراوح ما بين تنظيم مجموعة من الناس لكتابة رسائل إلى الصحف، وتجميع عشرات الآلاف في مركز المحافظة أو العاصمة للاحتجاج على أعمال الحكومة. في هذا القسم، سننظر في تنظيم المجتمعات المحليّة لإشراكها في التحرك الاجتماعي: لماذا نقوم بذلك وكيف نقوم به ، ومتى يكون التحرك مناسباً ومتى لا يكون، وما يمكن أن يحقّقه.

ما هو التحرّك الاجتماعي؟

التحرك الاجتماعي هو فعلُ القيام بتحركٍ (غالباً ما يكون جزءاً من مجموعة منظَّمة أو مجتمع محلي) من أجل خلق تغيير إيجابي. أحياناً، يؤدّي التحرك الاجتماعي إلى تغيير عميق في المجتمع، كما في حالة حركة الحقوق المدنية في الولايات المتّحدة على سبيل المثال. وفي أحيان أخرى، يتوخّى التحرك الاجتماعي تغييرات معيّنة ومحدّدة أكثر، كالمحافظة على مساحة مفتوحة، مثلاً، أو معاشات أفضل لمجموعة معيّنة من العمّال.

يجري تطبيق التحرك الاجتماعي، بحكم طبيعته، مِن قِبَل الذين لديهم يتمتعون تقليدياً بنفوذ قليل في المجتمع (الفقراء أو الأقليات أو الأشخاص ذوي الإعاقات، مثلاً)، ولكن يمكن أن تستخدمه أية مجموعة تشعر أنّ همومها يجري تجاهلها. مِن خلال العمل معاً، يمكن لأعضاء هذه المجموعات ممارسة النفوذ جماعياً بفضل أعدادهم، واستخدام الإعلام وأصواتهم والمقاطعة وأشكال أخرى من الضغط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، من أجل إقناع مَن هم في السلطة بإعادة التفكير في مواقفهم:

  • في التفكير في السياسات، يمكن أن تشمل النقاشات مصالح مَن يجري عادة تجاهلهم، والذين غالباً ما يكونون ذوي الدخل المنخفض ومجتمعات الأقليات.

  • التأسيس لسياسات أكثر عدلاً والقضاء على التمييز.

  • تصحيح الأخطاء السابقة، كتقديم الاعتذارات والتعويضات (على سبيل المثال، الاعتذار من الأميركيين  من أصل ياباني الذين احتُجزوا في مخيّمات الاعتقال في الغرب الأميركي خلال الحرب العالمية الثانية  بشكل غير عادل وغير دستوري).

  • منع الأذى عن المجتمع المحلي: قد يعني ذلك تحدي موقع مؤسسة صناعية بسبب مخاوف التلوّث، مثلاً.

  • كسب منافع محدّدة للمجتمع المحلي، أو لجزء منه، قد تكون أحياناً على نطاق صغير جدّاً.

  • المحافظة على مكان أو بناء أو أمرٍ ما له قيمة تاريخية أو اجتماعية.

  • أن تشمل مناقشة السياسات مَن كانوا قبل ذلك محرومين أو مهمّشين أو مستبعدين، كإشراك المواطنين من الأقليات في مجلس لمراجعة سلوك الشرطة، مثلاً.

  • تنظيم مجموعة لكتابة رسائل أو القيام بالاتصالات الهاتفية أو إرسال البريد الإلكتروني إلى صانعي السياسات، وخصوصاً إلى المشرّعين منهم، من أجل إعلان موقفكم ومدى حجمكم التمثيلي. (راجعوا الفصل 33، القسم 1: كتابة رسائل إلى المسؤولين المنتَخبين و الفصل 33، القسم 2: كتابة رسائل إلى المحرّر).

  • إقناع الإعلام بتغطية أحداث أو نشر قصص تضيء على مسائل معينة أو تُحرج سياسيين وآخرين في السلطة يرفضون القيام بما هو صائب. يمكن لكم أيضاً أن تخطّطوا لأحداث تحديداً لجذب الإعلام. (انظروا الفصل 6، القسم 3: إعداد بيان صحفيّ و الفصل 6، القسم 4: إعداد أخبار وقصص بارزة، بالإضافة إلى الفصل 34: المناداة عبر الإعلام).

  • جمع أو دعم مجموعة مرشحين لمراكز في الإدارة العامة: ينتج عن ذلك جميع ما يتراوح بين ملء مغلّفات والذهاب من باب إلى باب من أجل مناقشة المسائل وإيصال الناخبين إلى مكان الاقتراع.

  • المشاركة، كمجموعة، في اجتماع عام حيث تناقَش المسألة التي تهمّ مجتمعكم المحلي (ربما كان حضوركم لحشد الناس أو التشويش، بحسب فلسفتكم وللظروف).

تنظيم مسرح الشارع: مسرح الشارع، كما يدل اسمه، هو الذي تؤدّى عروضه أمام الناس في الشوارع والميادين ويقصد تسخيف المعارضة، و/أو إيصال رسالة عميقة بشكل سهل الفهم ومسلّ. يعود هذا النوع من المسرح إلى اليونان القديمة، مروراً بالعصور الوسطى في مسرحيات الأخلاقيات وعروض الدمى، كما استُخدم في العصور الحديثة، بشكل خاص منذ منتصف القرن العشرين، للاحتجاج السياسي.


مثال: "مسرح الخبز والدمى"، ومقرّه الآن ولاية فِيرْمُونْت في الولايات المتّحدة، اشتهر تحديداً أثناء حرب فيتنام بعروض الشارع السياسية مقدّماً دمى هائلة، بالإضافة إلى عادته بتشارك الخبز مع الجمهور.

 
  • تنظيم مظاهرات وتجمّعات ومسيرات: هذه التحرّكات الاجتماعية "الكلاسيكية" تتضمّن عامّة يافطات وخطابات وتسليات و/أو عناصر مسرح الشارع. (انظروا الفصل 33، القسم 14: تنظيم تظاهرات عامّة).

  • الاحتجاج أو تنظيم إضراب: هذه طبعاً هي تكتيكات عمّالية تقليدية، تطبّق عادة على مؤسسة محدّدة أو شركة أو مصنع. هنالك أيضاً احتمال الإضراب العام، وهو الوضع حيث يرفض فيه الجميع، في مجموعة أو مجتمع محلي أو حتّى بلد بأكمله، العمل ليوم واحد أو لعدّة أيّام أو إلى ما لا نهاية، حتّى يخضع مَن في السلطة لمطالبهم. (انظروا الفصل 33، القسم 18: تنظيم إضراب)

  • تنظيم مقاطعة ("بُويْكُوت" في اللغة الإنكليزية)، وهي سُميّت كذلك تيمّناً بوكيل أراضٍ بريطاني في أيرلندا يدعى تْشارلز بُويْكُوت، الذي نُبِذ (أي لم يعد أي أيرلندي يتعامل أو حتى يتواصل معه) بسبب من سياساته. المقاطعة (بُويْكُوت) تتضمّن رفض التعامل أو الاتجار مع شركة (أو مدينة أو محافظة أو بلد) يرى المقاطعون أنهّا تقوم بأمر ما خاطئ أخلاقيّاً. (انظروا الفصل 33، القسم 17: تنظيم مقاطعة.)

تنظيم اعتصام: كثيراً ما يعتبر ذلك تحركاً من نوع العصيان المدني، وفيه تحتل مجموعة مكاناً (ربّما مكتبَ مسؤول يصنع سياسةً ما، أو يمثّلها، والتي تحتجّ عليها المجموعة، أو فناءً ما أو بناءً ما أو حديقة) لتأكيد المطالبة بحقّهم باستعمال المكان أو لإجبار مالكي المكان (أو المسؤولين الحكوميين) على المفاوضة أو على تلبية مطالبهم. يصبح التحرك عصياناً مدنياً إذا تجاوزت المجموعة المكان الذي يحتلّونه.


العصيان المدني هو نوع خاص من التحركات حيث تكسر المجموعةُ المعنية القانونَ عمداً بوصفه عملاً واعياً. قد تقوم المجموعة بذلك احتجاجاً على القانون نفسه أو لأنها تريد التعبير بأقوى بيانٍ ممكن حول المسألة. يصبح العصيان المدني فعّالاً كاستراتيجية فقط إذا كان مَن يقومون به مستعدّين لقبول عواقب أعمالهم، ومواجهة التوقيف والمحاكمة والعقاب المحتمل. وإلاّ، يصبحون ببساطة خارجين عن القانون ويَفقد احتجاجهم قوته المعنوية والأخلاقية.

 

"التحرّك الاجتماعي" هو ربّما ما يفكّر به معظم الناس عندما يسمعون تعبير "تنظيم المجتمع المحلي". إنّه نوع التنظيم الذي انخرط به كلٌّ من مارتن لوثر كينغ و"سُول أَلينسْكي" و"سيزار شافيز"، ومنظِّمون آخرون معروفون من القرن العشرين. يصبو هذا النوع من التنظيم إلى تمكين الناس الذين تمّ إقصاؤهم من النظام السياسي أو الاجتماعي، وهو يساعدهم على اكتساب التحكّم في حياتهم ومصيرهم. لهذا السبب، "فالقاعدة الأساسية" في التنظيم المجتمعي هي أنه لا يمكن أن نفعل للناس ما يمكن أن يفعلوه لنفسهم.

في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي، عمد "سُول أَلينسْكي"، وهو أب التنظيم المجتمعي الحديث، إلى جمع أحياء في شيكاغو تتكون من عمّال مسالخ قادمين من بلدان أوروبا الشرقية يتبادلون العداء، في مجلس أحد الأحياء. استخدم أَلينسْكي المنظمات القائمة (الاتحادات والكنائس والأخويات) لخلق قاعدة قوّة سياسيّة للعمّال الذين كانوا يُستغلَّون ويُساء إليهم. النتائج كانت ظروفَ عمل ومعاشات أفضل وتحسيناً في الأحياء واحترام الذات وقيام منظمة لا تزال موجودة.

يرتكز نوع أَلينسْكي في التنظيم على بناء القوّة السياسية واستخدامها لمواجهة السلطة (غالباً من خلال ممارسة التحرك الاجتماعي). ولا يزال هذا النوع من التنظيم يُستخدم بشكل واسع ما زال فعالاً خصوصاً في الحالات التي حيث تبقى السلطة في أيدي نفس الناس لمدّة طويلة. المنظّمة الأكبر التي أسّسها أَلينسْكي لتنفيذ عمله في كافّة أنحاء البلاد، هي مؤسسة المناطق الصناعية"، وهي تشرح استراتيجيتها على موقعها الإلكتروني:

"مؤسسة المناطق الصناعية" ليست إيديولوجية وهي غير حيادية نهائيّاً، ولكنها سياسية بفخر وبجهر وبإصرار. وهي تبني قاعدة سياسية في خضم القطاع الثالث الغني والمعقّد من المجتمع، أي القطاع الذي يضم المؤسسات الطوعية بما فيها التجمّعات الدينية، والمحليات العمالية، ومجموعات ملاّكي البيوت، ومجموعات الشفاء، وروابط الآباء والأمهات"، وجماعات المهاجرين، والمدارس، والمراكز التعليمية الدينية، والجماعات الدينية (النساء والرجال)، وغيرها. بعد ذلك، يستخدم القادة هذه القاعدة للمنافسة أحياناً وللمواجهة في أحيان أخرى، وللتعاون في أوقات أخرى مع قادة في القطاعين العام والخاص. (http://industrialareasfoundation.org)

يمكن أن يشكّل ما سبق أفضل شرح لما هو المقصود بممارسة "التحرك الاجتماعي".

لماذا ننخرط في التحرّك الاجتماعي؟

قد يكون التحرك الاجتماعي أحياناً صدامياً ومقاتِلاً. وقد يكون خطراً في أوقات معينة، كما ظهر في الضرب الدموي على أيدي الغوغاء والشرطة الذي أصاب المنظِّمين والسائرين في حركة الحقوق المدنية في ستينات القرن الماضي في الولايات المتحدة، وفي مظاهر العنف الذي استُخدم ضد المزارعين في كاليفورنيا في الستينات والسبعينات. في حال اخترتم ممارسة العصيان المدني فقد تتعرّضون للتوقيف ودفع غرامة، أو للسجن. وفي أهون الحالات (ككتابة رسائل إلى الصحف، مثلاً)، فقد تُغضِبون جيرانكم أو قد يُنظر إليكم كمتطرّفين. إذاً لماذا اختيار استخدام هذه الطرائق؟

هنالك عدّة أسباب كثيراً ما تجعل الخيار المناسب:

  1. التحرك الاجتماعي يمكّن الشعوب التي طالما كانت مسلوبة القوة أو لم تكن تفهم إمكانياتها لممارسة النفوذ، ويزودها بالطاقة: إن تجربة المشاركة في تحركِ ما (بشكل خاص في حال نجاحه)، يمكن أن تُنهض الناس الذين لم يفكّروا قط أنّه يمكنهم أن يؤثروا على مسار الأحداث. وهي قد تُغيّر الطريقة التي ينظرون بها إلى أنفسهم، وتُعطيهم تصوراً مختلفاً تماماً عمّا هو ممكن، كما يمكن أن تُجهزّهم لنضال طويل من أجل تحقيق غايات بعيدة المدى، وتجعلهم مستعدّين لإدامة هذه الجهود.


    يصحّ ذلك أيضاً حتى بالنسبة للناس الذين قد لم يكونوا قد شاركوا في التحرك الأصلي. إن مشاهدة ما يحقّقه أناسٌ يشبهونهم قد يُلهم آخرين للانضمام إلى الجهود الحالية أو المشاركة (أو حتى المبادرة) في جهود مماثلة في المستقبل.

    2.التحرك الاجتماعي يوحّد المجتمعات المحلية: التحرك الجماعي يجمع الناس سوية بالشكل الذي تفعله النشاطات التعاونية. فهو يخلق روحية الجهود المشتركة، وتَشارك الشغف، ويوثّق علاقات الأفراد في مجتمع محلي ذي هدف مشترك.

    3.التحرك الاجتماعي يُظهر للمجتمع المحلي الأوسع، أو الجماعة، أن المجموعة المنظَّمة هي قوّة يجب أن يُحسب حسابها: على الناس احترام حاجاتها ومصالحها والتعامل معها، حتّى لو لم يتّفقوا معها.

    4.التحرّك الاجتماعي قد يكون هو الأمر الوحيد الذي يزحزح الخصم العنيد: قد يكون مَن يستهدفهم التحرك الاجتماعي قد استقروا في السلطة لمدّة طويلة، أو ربما ظنوا أن الأمور مقدّر لها ببساطة أن تبقى كما هي. قد يلزم حملة طويلة من التحرك لإقناعهم أن عليهم معالجة همومكم.

    مثال: عملت "منظّمات أركانساس المجتمعية للإصلاح الآن" لسنوات في مدينة "ليتل روك" وعبر ولاية "أركانساس" (الأميركية) على تنظيم مجموعات كانت متعادية في ما مضى (مجموعات من أفراد سود وبيض وذوي دخل محدود ومتوسط، لم يكونوا في البداية يدركون أنّ مصالحهم متماثلة) وعلى كسب ما يكفي من عناصر القوة وتمتينها من أجل تحقيق انتصارات هامة وتصاعدية. بنية السلطة القائمة لم تكن فقط غير مكترثة لحاجات الفقراء، لكن معظم الولاية كان في السبعينات في الجنوب المتمسك بالعادات القديمة، الذي كان التمييز العنصري ما زال سائداً فيه. وقد استخدمت المنظماتُ القانونَ، مُدعّماً بالتحرك الاجتماعي لإظهار مواقفها، والعمل من أجل العدالة الاجتماعية. إن أيُّ حديث مهذب، مهما كان حجمه، لم يكن سيُقنع بنية السلطة في "ليتل روك" في ذلك الحين بضرورة تغيير مواقفهم.  

    5.قد يُنظر إلى التحرك الاجتماعي كضرورة أخلاقيّة: التحرك الاجتماعي يمكن أن يكون قاسياً وغيرَ شعبي. يلتزم الناس به عادة لأنهم يُؤمنون بأحقيّة القضية، وقد يرون القيام بأمرٍ ما حيال ذلك واجباً أخلاقيّاً.

    مثال: عندما سُجن الكاتب الإميركي والمُنادي بالمذهب الطبيعي، "هنري ديفيد ثورو"، لرفضه دفع الضرائب لدعم الحرب الأميركية على المكسيك، سأله صديقه الفيلسوف، "رالف والْد إيمرسون"، "لماذا أنت في السجن؟"، فأجابه ثورو بسؤاله نفسه: "لماذا أنت لست هنا؟" فهو كان يرى بوضوح أن تحرّكَه مسألةً أخلاقية.

    6.يمكن للتحرك الاجتماعي أن يحفّز الناس على اتخاذ أشكال أخرى من التحرك الإيجابي: ما إن يُدرك الناس أنّه بإمكانهم التأثير على ما يحصل في العالم، يصبحون مستعدّين للالتزام بأنواع أخرى من المهام، كإنشاء التعاونيات، أو إعادة تأهيل المساكن المهجورة، أو تنظيف الأحياء. فهم بدؤوا يفهمون أنّهم يمتلكون الموارد لحل العديد من مشاكلهم الخاصة، وطوّروا الحوافز والمهارات لاستخدام هذه الموارد.

    7.يمكن أن يكون التحرك الاجتماعي بدايةً لمسار يؤدّي إلى مجتمع محلي أوسع وأكثر وحدةً: عندما تدرك المجموعة نقاط قوّتها، وتُظهر أنّها عصية على الضغط، يصبح من الممكن أن تتهاطى بل حتى أن تتعاون مع مَن كانوا سابقاً خصومها.

    8.التحرك الاجتماعي يمكن أن يؤدّي إلى تغيير اجتماعي إيجابي وطويل الأمد: التحرك الاجتماعي، كغيره من أشكال التنظيم المجتمعي، لديه بشكل عام غايات طويلة المدى بالإضافة إلى تلك قصيرة المدى. وفيما قد يكون غرض تحرّكٍ معيّن محدّداً بشكل ضيّق، فالغايات بعيدة المدى لمعظم هذه التنظيمات هي إنصافٌ أكبر وعدالةٌ اجتماعية واقتصادية. وحملة التحرك الاجتماعي – المُالتي تُدار بشكل جيّد والتي تحافظ على زخمها على مدى طويل، يمكن أن تُنتج مجتمعاً ديمقراطيّاً بحق، حيث صَوْتُ كلّ امرئ يُحسب. مرّة أخرى، المثل الأفضل في زمننا هو "حركة الحقوق المدنية" (التي قادها مارتن لوثر كينغ) الذي هزّ كل البلد للمطالبة بإنهاء التمييز والعنصرية، وذلك من خلال تحرّك أظهر قوته الأخلاقيّة.

    المثلٍ الآخر يأتي من جمعيّة "منظمات أركانساس المجتمعية للإصلاح الآن"، التي هدفت تحركاتها الأولية إلى الحصول على الأثاث والثياب لأعمال خيرية، كما كان يخوّلها القانون في الولاية. وفيما قويت المنظمات، وأضافت مجموعات أكثر إلى عضويتها، فقد أصبحت تنادي بحقوق مالكي المنازل من الطبقة العاملة، وأوقفت بناء معمل كهرباء كان سيخرّب المزارع في المنطقة. في تلك المرحلة، كانت الجمعيّة قد توسّعت إلى 75 مدينة في الولايات المتّحدة وبلدان أخرى، وأصبحت تعمل من أجل مساكن ذات كلفة معقولة، وقروض عادلة، ووظائف ذات معاشات قابلة للحياة تعيل الناس، ومدارس أفضل، وقضايا أخرى. من بدايات متواضعة، نمت الجهود لتشمل كافة جوانب العدالة الاجتماعية والاقتصادية.


    كما أن هنالك أسباباً عديدة للانخراط في التحرك الاجتماعي، قد يكون هنالك أسباب عدّة لعدم القيام بذلك. بشكل عام، الطبيعي هو استخدام الطريقة الأقل عدائية لتحقيق غاياتكم. وإذا تمكّنتم من الحصول على معظم ما تسعون وراءه من خلال التعاون والتسوية، يمكن الإبقاء على علاقة إيجابية مع المعارضين، وهم سيكونون أكثر استعداداً للمفاوضة في المرّة القادمة. من هنا، يجب استعمال التحرك الاجتماعي عند الضرورة فحسب. في ما يلي، بعض الأمثلة حيث "التحرك الاجتماعي" غير محبَّذ:

    • عندما تستطيعون الحصول على ما تريدون من خلال وسائل أخف وطأة ، كالتفاوض والتبادل المقبول، والإقناع والتسوية، الخ.

    • عندما لا تتمتّعون بالقوّة الكافية لإدارة تحرك اجتماعي مُقنِع. في حال لم يكن لديكم مجموعة كبيرة بما  يكفي لممارسة النفوذ، مثلاً، يكون عليكم القيام بعمل تنظيمي إلى أن تصبحوا جاهزين للقيام بتحرّك.

    • عندما تعتمدون على الشائعات أكثر من الوقائع. تأكّدوا من أنكم تعرفون أن ما تتحرّكون من أجله حقيقيّ، وليس ثرثرة أو تقارير ثانوية غير أصيلة. عدم تفقّد الوقائع قد يضعف الثقة في جهودكم بأكملها.

    • عندما ينجم عن تحرّكٍ ما، حتى لو كان ناجحاً، عواقب كارثية اجتماعية أو سياسية. في بعض الأحيان، قد تفوزون بمطلبكم المباشر على حساب خلق ردّة فعل عدائية يُمكن أن تُعيد قضيتكم بعيداً إلى الوراء، أي قبل المكان الذي بدأتم منه. يمكن أن يظل التحرك الاجتماعي مبرّراً هنا (يمكن وصف "حركة الحقوق المدنية" حتماً بهذه التعبيرات)، ولكن عليكم أن تدركوا العواقب، سواء على القضية أو على الأفراد والمجموعات المنخرطة.  

متى ننخرط في التحرّك الاجتماعي؟

  1. عندما لا يُنتج التفاوض والعقل نتائجَ مُرْضية: أحياناً، لا ينفع أن يكون المرء منطقياً. فلسببٍ ما (الخوف أو الغضب أو الاندفاع لحماية الامتيازات أو الأحكام المسبقة أو الفلسفة السياسية)، قد لا يُصغي الخصم إليكم أو لا يستجيب لهمومكم، أولا يتقدم بما يكفي لطرح المسألة بصدق.

  1. عندما يكون الوقت قصيراً: باشرَ المنشار فعلاً قطع غابة الأشجار المعمّرة على رقعة الأرض الصغيرة، أو بدأت الكرة المدمّرة تتأرجح باتّجاه حائط البناء التاريخي، أو يكاد المشرِّعون يلغون المعونات الغذائية بحجّة تمويل حملة إغاثة لكارثة ما. في هذه الحالات وأُخرى مماثلة، ربما كان التحرك هو الطريقة السريعة الوحيدة للفت الانتباه إلى قصر النظر أو غياب العدالة في الأمور التي هي على وشك أن تحدث.


الاستنتاج هنا هو التالي: الوقت قد يكون قصيراً لأن ما هو على وشك أن يحدث لا يمكن عكسه، إذا ما حدث. قد تتمكنون من تغيير قانونٍ أو تحدّيه في محكمة، ولكن لا يمكنكم إعادة غابة أشجار معمرة أو بناء تاريخي.

  1. عندما يكون الوقت صائباً: قد تكون المسألة في طور كسب التقدير في الإعلام أو لدى الرأي العام، أو ربما كان الرأي العام قد بدأ يتغير لمصلحتكم. هنا، يمكن أن تُفتح نافذة أمل وفرصة. التحرك في الوقت الصحيح يمكن أن يمتّن الدعم ويضع جهودكم فعلاً في قمة الاهتمام.

  2. عندما يكون لديكم الموارد لجعل التحرك ممكناً: التمتّع بالموارد (عدد كافٍ من الناس والمال واتصالات مع الإعلام، الخ) ليس عُذراً كافياً للانخراط في تحركٍ ما، لكنه يشكل أساساً ضرورياً للقيام بذلك.

  3. عندما تريدون التصريح عن بيان دراماتيكي يجذب تركيز الانتباه العام: رفضت روزا بارْكْس التخلّي عن مقعدها في حافلة الركّاب لرجلٍ أبيض، ولكن لم يكن ذلك هو ما أدى في النهاية إلى الدمج في وسائل النقل العام في مدينة مونْتْغومِري (في ولاية ألاباما في جنوب الولايات المتّحدة). بل كانت المقاطعة لمدّة سنة التي قام بها المواطنون السود في المدينة التي أدّت إلى إنهاء التمييز في حافلات النقل. المقاطعة جذبت أنظار الأمّة وأثّرت على الاقتصاد في بيرمِنْغهام. في النهاية، أُتخذ القرار في القضية في المحكمة الفدرالية، وربح المواطنون السود: النقل العام في مونْتْغومِري أصبح مختلطاً، وانتهت المقاطعة.

  4. عندما تريدون تمكين المجتمع المحلي/الجماعة وتزويده بالطاقة، وتطوير القيادة المجتمعية: التحرك الاجتماعي يحرّك الناس ويجعلهم يشعرون بالقوّة.  يصبحون أقل قبولاً للخضوع بخنوع لقواعد أصحاب السلطة ولمطالبهم، كما يُعطي الناس المسؤوليةَ عن حياتهم الخاصة وتحركاتهم، ويُظهّر إمكانياتهم القيادية.

  5. عندما تريدون جذب انتباه العموم والإعلام وإثارة الرأي العام لصالحكم حول مسألةٍ أو حول منظمتكم أو مجتمعكم المحلي: في وابل التقارير الإخبارية والكوارث التي تهاجم ضمائر الناس كل يوم، من السهل أن تضيع رسالتكم أو حتى وجودكم. يستطيع التحرّك الاجتماعي أن يجعل الناس يلتفتون إلى قضيتكم ومجتمعكم المحلي.


مثل: إلى أن جاءت مقاطعة العنب التي نظمّها سيزار شافِيزْ و"عمّال اتّحاد المزارعين المتّحدين" عام 1967، فإن قلّة من الناس كانوا يَعلمون عن مأزق العاملين المهاجرين. لم يكتفِ تحرّك شافيزْ باحتلال عناوين وسائل الإعلام، بَل لقد استقطب أيضاً ملايين من الأميركيين إلى قضية "عمّال اتّحاد المزارعين المتّحدين"، وأجبر مالكي المزارع وولاية كاليفورنيا على الاعتراف بالاتّحاد والتفاوض على أجور وظروف عمل أفضل للعاملين في المزارع.

مَن يجب أن ينخرط في التحرّك الاجتماعي؟

يكون "التحرّك الاجتماعي"  فاعل أكثر عندما يكون المنخرطون فيه هم أصحاب المصالح المُهدَّدة. هنا، تنطبق تماماً حالة "القاعدة  الأساسية". ليس على المنخرطين في التحرك أن يكونوا متأثرين به فحسب، بَل وعليهم أيضاً أن يكونوا هم مَن يقرّر أن هذا التحرك ضروري. يجب أن يفهموا ما هي العواقب المحتملة لتحركهم (مِن تسوية في القضية، إلى ردة فعل سياسية قاسية ، إلى الخطر الجسدي)، وعليهم اتخاذ قرار حول ما تستحقّه المكاسبُ المحتملة من مخاطر.

هنالك في الحقيقية مُكَوّنان للتنظيم هنا:  ألينْسْكي قارب المنظمات الموجودة أصلاً في المجتمع المحلي (اتّحادات العمّال، ومنظمات الخدمات والأخويات، والكنائس) وجنّد أعضاء من خلالها. أما في جهود سيزار شافيز وآخرين لتنظيم عمال المزارع وكسب الامتيازات من أصحاب المزارع فقد ركّز التنظيم على الأفراد.

لم يكن للعمال المهاجرين تنظيمات تجمعهم حتّى التأموا في إطار الاتّحادات. ولأنه لم يكن للعمّال بيوت دائمة، ولأنّهم كانوا يتفرّقون ويذهبون في اتجاهات مُختلفة وفقاً لمكان العمل، كانت فرصهم في  تكوين مجموعات تعيش مطوّلا ضئيلة، فيما كان أصحاب المزارع يطرُدون فوراً أيَّ عامل ملتزم بما يبدو وكأنه تنظيم اتّحادي. ولم تكن الكنائس تستطيع التنقل مع العمّال من أريزونا إلى أوريغون إلى كاليفورنيا. نتيجةً لذلك، كان على المنظّمين مقاربة العمّال كأفراد ومجموعات صغيرة لتكوين منظّمة تخطّط وتنسّق التحركات التي حسّنت الأوضاع في النهاية.

من هنا، يصبح الجواب على مَن يجب أن يكون مشتركاً في "التحرك الاجتماعي" كالتالي: كُلٌّ من المنظمات والمؤسسات التي تشمل وتمثّل المجتمع المحلي المعني فضلاً عن الأفراد الذين يمكن أن يشكلوا مجموعات  حيث لا وجود لها.

كيف ننخرط في التحرّك الاجتماعي؟

يختلف "التحرك الاجتماعي" عن "التنمية المحلية"... ولكن ليس تماماً. كلاهما يبدأ بالأجزاء الأهم من تنظيم المجتمع المحلي (التعرّف على المجتمع المحلي وأعضائه الأفراد، والقيام باتصالات شخصية، وتوطيد الثقة مع أعضاء المجتمع المحلي وما بينهم). تجري مناقشة الخطوات التي تؤدي إلى إنخراط المجتمع المحلي في الفصل 5، القسم 2. سنراجعها بسرعة هنا، ونضيف بعض التفاصيل الخاصّة بتنظيم التحرك الاجتماعي.

ما أن ينخرط المجتمع المحلي، وعندما يكون قد جرى إنشاء بنية للتحرك (وبعدما تبيّن من هذا المسار أن التحرّك الاجتماعي هو اللازم في هذا الوضع)، يصبح التخطيط للخطوة التالية. يجب أن تتحول الخطط إلى تحركات، وأن ننفّذ استراتيجيتنا. في النهاية، علينا المتابعة، وأن نقيّم ما قمنا به واتّخاذ قرار بالخطوة التالية.

التحضير للتحرّك الاجتماعي

  1. التعرّف على المجتمع المحلي، أو الجماعة: تعلُّموا تاريخ المجتمع المحلي وعلاقاته وثقافته وما يستهويه. تعرّفوا إلى أكبر عدد ممكن من الأفراد (التحدّث معهم، ليس فقط عن السياسة أو المسائل الاجتماعية، بل عن العائلات والرياضة والعلاقات وتاريخكم الخاص). بكلمات أخرى، عليكم اكتساب أصدقاء كما تفعلون في ظروف أخرى.

  2. تحديد المسائل التي ستقود المجتمع المحلي، أو الجماعة، على الأرجح، إلى التحرّك الاجتماعي: الفرضيّة التي تقف خلف التنظيم هي أنّ هذا مجتمعٌ محليّ يشعر تقليدياً بالعجز. ماذا يمكن أن يكون مهمّاً إلى درجة تحثّ الناس على التَحرُّك؟

لكي يكونَ الجواب عن هذا السؤال مفيداً، عليه أن يأتي من المجتمع المحلي نفسه  أو من الجماعة نفسها. في الاجتماعات مع الأفراد والمجموعات، وخصوصاً في تلك الاجتماعات التي يناقش فيها أعضاء المجتمع المحلي القضايا مع بعضهم بعضاً، يجب أن تطفو الهموم الأساسية للمجتمع المحلي أو الجماعة. أحياناً، تكون مهمّة المنظِّم أن يقوم بتأطير هذه الهموم في أطر تلقى صدى لدى أعضاء المجتمع المحلي أو الجماعة. ولكن كثيراً  ايضاً ما تكون الهموم، أصلاً، واضحة للجميع تقريباً، وتصبح مهمة المنظّم مساعدة الناس على إدراك أنّه يمكنهم القيام بتحرّك. (انظروا الفصل 3: تقدير حاجات المجتمع المحلي وموارده)

  1. تحديد الأفراد والمجموعات المفاتيح والاتّصال بهم: البدء بالأفراد والمجموعات الذين يحظون بالثقة والاحترام يؤمن لكم وصولاً آلياً إلى معظم المجتمع المحلي أو الجماعة. إذا أثنى عليكم رجل دين أو أي فرد أساسي آخر، أو إذا عملتم مع مؤسسة أو منظمة مرتكزة إلى المجتمع المحلي ومعروفة ومحترمة، تصبح لديكم مصداقية. إضافة إلى ذلك، فهؤلاء الأفراد وهذه المنظمات قد تساعدونكم على تجنّب ارتكاب أخطاء مدمّرة، من خلال اطلاعكم على العلاقات داخل المجتمع المحلي، أو الجماعة، وعن الإخفاقات والنجاحات السابقة المتعلقة بالتنظيم وبالمسائل المطروحة، وعن عوامل أُخرى قد تؤثر على جهودكم.

كما ذكرنا سابقاً في القسم، سواء تركّزون على الأفراد أو على المجموعات يعتمد على وضع المجتمع المحلي الذي تقاربونه. فقد يحاول معظم المنظّمين اختيار أمكنة تَواجد المجموعات (الأماكن الدينية، واتحادات العمال، ومنظمات الخدمات الإنسانية ومنظمات الصحة المجتمعية، الخ) لتكون قاعدة، بما أن مثل هذه الأمكنة يتمتّع أصلاً ببنية وأعضاء. وتزداد أهمية الأفراد المفاتيح أكثر بكثير حيث لا يوجد مجموعات فاعلة أو حيث يندر وجودها، وذلك في عملية من أجل كسب القدرة على الوصول إلى الآخرين في المجتمع المحلي، ومن أجل جمع الناس معا أيضا.

وحتّى في المجتمعات المحلية ذات المجموعات العديدة، غالباًما تكون الاتصالات الأولى مع أفراد. أما نظرة هؤلاء الأفراد (رجال دين أو مدراء منظمات أو أصحاب أعمال) إليكم فستحدّد ما إذا كانت هذه المنظمات ستنضم إلى الجهود. لذا، تُشكّل إقامة العلاقات مع الأفراد المفاتيح الخطوة الأولى باتّجاه تنظيم مجتمعي ناجح. (انظروا الفصل 7، القسم 6: إشراك أصحاب النفوذ الأساسيين في المبادرة).

  1. استقطاب أعضاء المجتمع المحلي/ الجماعة للجهود: هذا هو قلب أية حملة تنظيم لمجتمع محلي، وهو يشمل الاتّصال الشخصي، كالتحدث مع الناس من باب إلى باب، أو من خلال اجتماعات في منازل الناس، أو تجمّعات عامّة، أو أحاديث في حانات أو مقاهي أو مواقع الغسيل أو إحضار الماء، الخ. لا بديل من التواصل وجهاً لوجه، لعدة أسباب، منها الصدق في ما يتعلق بأغراضكم وغاياتكم، والانفتاح الشخصي، وغياب الادّعاء، والتعاطي مع الناس باحترام. يصعب بناء الثقة من بعد.


    كذلك، لا يمكن بناء الثقة على فرضيات خاطئة. كونوا مَن أنتم ولا تحاولوا ادّعاء أنّكم ترعرعتم مع الطبقة العاملة، في حال لم يكن ذلك صحيحاً، مثلاً. ما لا يفهمه مَن قد يصبحون منظمين هو أنّه ليس عليكم الادّعاء. كونوا مرتاحين مع أنفسكم، فسيشعر الآخرون بالارتياح معكم، بغض النظر عمّن تكونوا، طالما أنّه من الواضح أنّكم تحترمونهم على ما هم. كونوا مستعدّين للتعلم، وسيُقبِل الآخرون على تعليمكم. لا تتكلموا باستعلاء مع أي كان، ولكن لا تتردّدوا في استخدام ما تعرفون في خدمة جهودكم والناس الذين تعملون معهم.

    في مسرحيّة هاملِت لشِكسبير، يتعرض أحد رجال الحاشية بولونيوس للسخرية، لتباهيه الفارغ، من قبل الشخصيتين في المسرحية والحضور. ولكن، إذا انتبهتم بدقة، فستدركون أنّه نبيل وحكيم. في نصيحته لابنه، يقول كلمات مهمّة للغاية لكافة مَن يريد الانخراط في تنظيم المجتمع المحلي: "أهم شيء: أن تكون صادقاً مع نفسك / ويجب أن يستمر ذلك، في الليل كما في النهار / عندها لن تخطئ مع أيّ امرئ آخر".

     

    قد يأخذ استقطاب أعضاء المجتمع المحلي بعض الوقت. إن كسب ثقة مجتمعٍ محلي مهمة لا تتُنجز بين ليلة وضحاها، بشكل خاص إذا كان المجتمع قد جرى استغَلاله أو تجاهله أو التعاطي معه بازدراء من قبل غرباء. كثيراً ما يبدأ التنظيم بفرد واحد أو منزل واحد في نفس الوقت. تصادقون أحدَهم فيقدّمكم لأصدقائه، وهلم جرّ...

    يمكن لهذا العمل أن يستغرق وقتاً، ولكن إذا قمتكم بعملكم جيّداً فسيكون له مفعول كرة الثلج ، وإذا شعر الناس الذين استقطبتموهم أنّ الجهود هي جهودهم. لهذا السبب، من المهم للغاية عدم مقاربة المجتمع المحلي بخطة تنص على ما يجب وما لا يجب أن يقوم به، بل عليكم الانتظار حتى تأتي الخطة من الناس أنفسهم.


    من خلال تنظيمه "مجلس الحي" في شيكاغو عام 1939، اشترك سُول ألينْسْكي مع المدير المحترم لحديقة محلية هو جوْ مِيْغان. وفيما كان يتم استقطاب الأفراد والمنظمات، بات واضحاً أن الناس هم الذين سيتخذون القرارات بالاتجاه الذي ستأخذه المنظمة وما ستقوم به. شعار المنظمة كان (ولا يزال) "نحن الناس سنصنع مصيرنا بنفسنا."

     

    (انظروا الفصل 6، القسم 1: تطوير خطّة اتّصال، والفصل 7: التشجيع على الانخراط في العمل المجتمعي)

    5.بناء نظام تواصل: فيما تستقطبون الأفراد والمجموعات وتباشرون التخطيط لتنفيذ استراتيجية التحرك الاجتماعي، يصبح ضروريّاً أن يتمكّن الناس من الاتصال ببعضهم بعضاً، وأن تنتشر الأخبار بشكل فعّال وسريع بين الجميع. أن يكون لديكم طريقة للقيام بذلك (سواء عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الاتصال الشخصي) سيجعل عملكم ممكناً. (للمزيد عن أشكال متنوعة من أنظمة التواصل، انظروا الفصل 33، القسم 10: القواعد العامّة لتنظيم مناداة تشريعيّة والفصل 33، القسم 14: تنظيم تظاهرات عامّة.)

    6.تشجيع القيادة من المجتمع المحلي من البداية: بعض الأفراد المفاتيح الذين ستتصلون بهم، من دون أن يكونوا من "القادة المحليين"، بل أفراداً يثق الناس بهم ويصغون إليهم. هم أصلاً قادة، مع تسمية أو من دونها. إضافةً إلى ذلك، يتمتع آخرون عديدين بالقدرات الكامنة على القيادة، أو هم يمارسون القيادة في بعض الأوضاع أو مع بعض المجموعات. كلّما أسرعتم في تحديد هؤلاء القادة الحقيقيين أو المحتمَلين، وبدأتم في توجيههم وتشجيعهم، كلّما أسرع المجتمع المحلي في البدء بعمليّة "صنع مصيره بنفسه". (انظروا الفصل 13، القسم 5: تطوير فصائل من القيادات المجتمعيّة: نموذج لتعلّم الخدمة، حيث تجدون إحدى الطرائق لإيجاد قادة محتملين وتدريبهم.)

    7.خلق بنية تساعد المجتمع المحلي على تحقيق غاياته: ما أن يصل عدد المجموعات والأفراد الملتزمين بالجهود إلى كتلة حرجة، حتى يكون قد حان الوقت لجمعهم في منظمة أو أيّة بنية أُخرى تَجعل من الممكن لهم أن يتحدثوا عن اختلافاتهم ويخطّطوا لاستراتيجية تحرك اجتماعي موحّدة وينفّذوها.

    الميزة الكبرى الأخرى للمنظّمة أو لبنية أخرى هي أنّها تؤمّن التنسيق ونقطة ارتكاز لأي أمر يقوم به المجتمع المحلي أو الجماعة. في حال جرت مفاوضات مع أصحاب السلطة، مثلاً، تستطيع المنظمة أن تمثّل المجتمع المحلي بأسره، بدلاً من أن تفاوض كل مجموعة من المجموعات العديدة بشكل منفرد. كما يسمح ذلك للمجتمع بأن يتكلّم بصوت واحد، ويُعطيه نفوذاً أكثر بكثير مِمّا لو كان مُقسَّماً إلى مجموعات مصالح متعدّدة.

للمزيد عن إنشاء منظّمة، الرجاء زيارة الفصل 5، القسم 5: إنشاء ائتلاف (1): بدء ائتلاف والفصل 5، القسم 6: إنشاء ائتلاف (2): صيانة الائتلاف بالإضافة إلى الفصل 9: تطوير بنية تنظيمية للمبادرة.

التخطيط للتحرّك الاجتماعي

ينشأ التحرك الاجتماعي من الظروف أحياناً. كانت المعارضة التْشيكيّة تأمل وتخطّط لعقود من الزمن للتظاهرات العفوية في "الثورة المخملية" عام 1989، التي أدّت إلى سقوط الحكومة الشيوعية. القادة كانوا موجودين، وكانت الخطط موضوعةً للانتقال إلى حكومة غير شيوعية، ولكن لم يكن هنالك تخطيط للتظاهرات الضخمة. كانت تلك ردات فعل شعبية على القمع القاسي الذي تعرضت له تظاهرة طلابية، ومن أجل فك القبضة الحديدية الشيوعية التي كانت تسيطر على معظم أوروبا الشرقية.

من جهة أخرى، عندما وصل "وايْد راثْك" إلى مدينة "لِيتل روك" للمباشرة بما أصبح لاحقاً "منظمات أركانساس المجتمعية للإصلاح الآن"، لم يكن لديه أية أوهام عن احتمال نشوء حركة عفوية. لقد قضى وقته يستقطب منظمات وأفراداً، محدّداً المسائل المهمة، خالقاً الائتلافات بين مجموعات كانت تتبادل العداء فيما سبق (بشكل خاص عبر الخطوط العرقيّة)، ومُخَطّطاً مع المجتمع المحلي الطرائق التي يمكنهم استخدامها في مقاربة الغايات التي حدّدوها باعتبارها الأكثر أهمية والأكثر قابلية للتحقيق.

سواء استغرق وقتاً طويلاً أو مرحلة قصيرة، فالتخطيط يشكل جزءاً مهماً من حملة التحرك الاجتماعي. ما إن تضعوا قواعد العوامل الأساسية وينتظم المجتمع المحلي، يكون قد حان وقت الاستراتيجية.

 8. بناء خطة استراتيجية للتحرك الاجتماعي: هذه هي حملة التحرّك الاجتماعي. الأرجح أن تكون الغايات النهائية للمجتمع المحلي أو الجماعة، بعيدة المدى، وتركّز على التغييرات الدائمة التي ستؤدّي إلى العدالة الاجتماعية والاقتصادية. إن غايات بهذا القدر من الأهمية لا يمكن أن تتحقّق بسرعة أو بتحرّك محدود. سيلزمكم استراتيجية طويلة الأمد، فضلاً عن استراتيجية وخطّة تحرّك للوصول إلى كل من هذه الغايات الوسطية التي تؤدي إلى النتيجة النهائية.>

يغطّي الفصل 8: بناء خطّة استراتيجية، التخطيطَ الاستراتيجي في "عدّة العمل المجتمعي". يوصي الفصل بتبني مسار "الرؤية والرسالة والأهداف والاستراتيجية والتحركات" كما يلي: بناء رؤية مشتركة، ووضع رسالة لمنظمتكم أو مبادرتكم بناءً على الرؤية المجتمعية، واختيار أهداف تعكس الرؤية والرسالة، وصياغة استراتيجية للوصول إلى هذه الأهداف، واستنباط تحركات لتطبيق هذه الاستراتيجية.

كل عنصر من هذا المسار يجب أن يُنفَّذ بمشاركة (وفي الإطار المثالي، تحت قيادة) المجتمع المحلي، حتّى تكون مجمل الخطة خطتهم. يستطيع المنظّمون أن يلعبوا دوراً أساسياً كمستشارين وميسّرين هنا، مستخدمين خبرتهم وتجربتهم لمساعدة أعضاء المجتمع المحلي على تصوّر الغايات طويلة الأمد والغايات قصيرة الأمد، بالإضافة إلى أنواع الاستراتيجيات والتحركات التي قد يستخدمونها للوصول إلى هذه الغايات.


مثل: بعض منظمي المجتمع المحلي والمنظمات التي تبني المجتمعات المحلية يحدّ عملَه بتدريب المنظّمين من داخل المجتمع المحلي. لقد درّب "مركز هايلانْدر" عدداً كبيراً من قادة "حركة الحقوق المدنية"، ولا يزال يجمع ويدرب ناشطين من مختلف أنحاء الولايات المتحدة. كما يؤمّن كل من "مركز التدريب على التحرك المباشر والأبحاث" ومقرّه ميامي، و"المركز الوطني للمعلومات والتدريب" ومقرّه شيكاغو، التدريب والمساعدة التقنية للقادة المجتمعيين وآخرين مهتَمين بالتنظيم داخل مجتمعاتهم المحلية.  وهنالك منظمات أخرى في الولايات المتحدة، بما فيها "مؤسسة المناطق الصناعية"، و"الشبكة الوطنية للمعهد السلمي للتنظيمات المجتمعية"، و"أكاديمية ميد وِست"  في شيكاغو، و"منظمات أركانساس المجتمعية للإصلاح الآن"، تؤمّن التدريب على تنظيم المجتمع المحلي بالإضافة إلى عملهم على بناء المجتمعات المحلية.  (من المترجِمة: استبدال هذه الأمثلة بمراكز من المنطقة؟!)

    9.اتخاذ قرار حول أنواع التحركات التي ستعمل بشكل أفضل في المجتمع المحلي، وأنواع التحركات التي يمكن للمجتمع المحلي أن يكون مستعداً للمشاركة فيها، وتلك التي لا يريد القيام بها. هنالك مروحة واسعة من التحركات المحتملة التي يمكن أن يقوم بها المجتمع المحلي. من جهة، تجدون تحركات تُعلن ببساطة أنّ المجتمع المحلي موجود كقوّة موحّدة (كتابة رسائل، أو اتصالات أو زيارات إلى المسؤولين ربطاً بمسألة تشريعية، الخ). تتطلّب هذه التحرّكات التنسيق والتوقيت، ولكنها لا تطلُب من أي أحد التعرض لمخاطر أو للظهور الإعلامي. من جهة أخرى، هنالك أعمال العصيان المدني التي يمكن أن تعرّض الناس للتوقيف و/أو تضعهم في خطر جسدي.

من المهم أن تعلموا، كمجتمع محلي، ما الذي أنتم على استعداد للقيام به، في أي وقت كان. يعتمد ذلك على:

  • ما هو التحرك الذي يحتمل أن يكون فعالاً أكثر من غيره: لا شك أن أعمال العنف تجاه الممتلكات لها رمزية عالية، ولكنها نادراً ما تُقنع المعارضة بأي شيء، وغالباً ما تقسّم مجموعتكم، إذ إنّ فعاليتها في معظم المجتمعات المحليّة تُثير الجدل.
  • ما الذي يراه أعضاء المجتمع المحلي أخلاقيّاً ولائقاً: إن مفهوم المقاومة اللاعنفية بأسره، الذي استخدمه غاندي، وحاكاه مارتن لوثر كينغ وزملاؤه في "حركة الحقوق المدنية الأميركية"، مبنيٌّ على فرضية أن العنف تجاه الآخرين هو بكل بساطة خاطئ، واستخدامه قد يحرم الحركة من القوة الأخلاقية.
  • ما الذي يقبلونه وما هم مستعدّون له: يتعلّق هذا بالنقاط أعلاه وتلك أدناه، ولكنه يرتبط أكثر بالأعراف الثقافية والاجتماعية للمجتمع المحلي. قد يكون عند بعض المجموعات محرّمات قوية ضد المواجهة أو ضد الأفراد الذين يبرزون من المجموعة، مثلاً، وقد تضطر استراتيجيات التحرك الاجتماعي إلى التفاف  حولها أو إلى مواربتها. على الناس أن يكونوا مستعدّين نفسياً لتنفيذ ما يخُطّطون.
  • ما هي أنواع المخاطر التي يستعدّون لتحمّلها: ذلك يمكن أن يتغير مع الوقت (أنظر أدناه)، ولكن قد تختلف المجتمعات المحلية في ما قد تتحمّل من مخاطر. بعض الناس قد يعرّض نفسه شخصياً وسياسياً، فيما قد لا يفعل ذلك آخرون، على الأقل ليس في البداية. يكون مهمّاً أحياناً دفعُ الناس إلى ما هو أبعد من مجال راحتهم...، ولكن ليس كثيراً. ربّما كنتم تتعاطون مع مجتمع محلي عانى سابقاً من عواقب احتجاج، وقد تكون هذه العواقب جاءت قاسية للغاية. وحتّى لو تغيرت الظروف الآن، يجب أن يبدأ المجتمع المحلي على درجة من المخاطر معقولة بالنسبة له.
  • ما جرى تجريبه من قبل: إن مجتمعاً محليّاً غيرَ مستعد للالتزام بالعصيان المدني في بداية الحملة قد يشعر بشكل مختلف بعد تجاهُل جهوده الأخف. ومجتمعٌ محلي نفّذ تحركاً اجتماعياً ناجحاً وحقّق غاياته المباشرة، يصبح مستعدّاً لرفع الرهان في المرّة القادمة. تتغير الظروف كما يتغيّر الناس، لذا من المهم مراجعة هذا السؤال من وقت إلى وقت.

   10.تجهيز خطط طوارئ ترتكز إلى المستوى الذي يمكن أن تكونوا مستعدّين للوصول إليه: أحياناً، تنجح جهود التحرّك الاجتماعي من المحاولة الأولى، وتأخذ أحياناً عدّة محاولات، وتتطلّب تغييراً في الإجراءات وزيادةً في التكثيف، أو عاملاً جديداً آخر لجلب النجاح. وفي بعض الأوقات، لا تسير الجهود بشكل جيّد، أو لا تسير أبداً: عندها يجب أن يكون لديكم الخطة "ب".

يمكن لخطط الطوارئ أن تشمل تقريباً كل شيء. أحد الاحتمالات هو مثلاً إسقاط المسألة المعيّنة وتحويل جهودكم إلى أمر أكثر قابلية للفوز من أجل بناء القوة والمعنويات. احتمالٌ آخر هو تغيير التكتيكات، أي تناوُل المسألة من زاوية أخرى، أو تصويب تحرّككم باتّجاه هدف آخر. وقد يكون لااحتمال الثالث هو التهديدُ بالمستوى التالي من التحرك (بشكل دقيق أو مباشر) واقتراح التفاوض قبل أن "تُجبَروا" على تنفيذه. الاحتمال الرابع هو تصعيد مستوى تحرّككم دون سابق إنذار، بهدف جذب انتباه الإعلام، ووضع خصومكم في وضع أصعب، و/أو إظهار مدى القوّة والدعم الذي تتمتعون به.


ليس التصعيد أفضل نتيجة هنا. في حال استطعتم تحقيق غاياتكم من خلال تبديل التكتيكات أو استراتيجية أخرى، يبقى ذلك هو المَخرج الأفضل. يجب أن يكون لديكم خطط طوارئ تغطّي عدداً كبيراً من احتمالات مختلفة، لكي لا تجري مفاجأتكم، ولكي يكون لديكم بعض الخيارات لكيفية التجاوب عندما لا تسير الأمور على ما يرام. من جهة أخرى، يجب أن تتضمّن هذه الخطط البديلة التصعيد. قد لا تحتاجونه، ولكن في حال لزم الأمر عليكم أن تعرفوا كيف سيبدو.

يجب أن يكون المجتمع المحلي واضحاً بالنسبة لمستوى التحرّك الذي يرغب القيام به. هل ستقطعون الطريق وصولاً إلى العصيان المدني؟ هل يوجد إجراءات أخرى بنفس الحدّة أنتم مستعدّون للمخاطرة بها؟ ما هي العواقب المحتملة والممكنة لخططكم على المجموعات والأفراد المنخرطين، وعلى جهودكم؟ هل لديكم الموارد والإرادة للمضي بمسار صعب (دعوة قضائية، مثلاً) حتّى النهاية؟

مهما تكون أجوبتكم عن هذه الأسئلة، من الضروري التخطيط لأكبر عدد من الاحتمالات الممكنة. لا تفترضوا أبداً أنّ التحرك سيحقق غاياتكم بمجرد أنكم منخرطون فيه. يجب أن تعرفوا خطوتكم التالية في حال لم يحقق التحرك غاياتكم.

تنفيذ استراتيجية تحرّك اجتماعي

التحرّك الاجتماعي لا يعني دائماً تجميع الفصائل والزحف باتّجاه مركز البلدية، والشرر يتطاير من عيونكم. يمكن أن يحدث ذلك، وهنالك عدّة ظروف تجعل ذلك مناسباً. ولكن هذا يمكن أن يعني أيضاً تقديم شهادة في جلسة تشريعية، أو الذهاب من باب إلى باب للتحدّث إلى الناخبين عن انتخابات قادمة، أو تقديم دعوة قضائية، أو الاجتماع بجسم تمثيلي أو تنظيمي للمطالبة بإنفاذ صارم لقواعد موجودة أصلاً، أو القيام بزيارة نائب مع مجموعة من المواطنين...الخ.

الاختلاف الأساسي بين التحرّك الاجتماعي ومجرّد المشاركة الديمقراطية هو عرض القوّة الذي يأتي من وجود أو دعم مجموعة واسعة من ناس يتشابهون في التفكير. الاتصال بالبيت الأبيض للاحتجاج على الاحتلال الأميركي للعراق هو مشاركة ديمقراطية، أمّا الاتّصال لنفس الغرض كجزءٍ من جهود منسَّقة لإمطار الحكومة بمئات الآلاف من الاتصالات هو تحرّك اجتماعي:

 


هناك كثير من أمثلة التحرك الاجتماعي: يمكنكم أن تقرؤوا أية جريدة لمدّة أسبوع، وسترون على الأقل واحداً. فعلى سبيل المثال، قامت جمعيّة "منظمات أركانساس المجتمعية للإصلاح الآن" في خريف 2005 في الولايات المتّحدة بما يلي:

  • تحريك الناخبين من خلال التكلم معهم من باب إلى باب، وتسجيل الناخبين، والمشاركة في اجتماعات مع مسؤولين رسميين منتَخَبين، من أجل الحاق الهزيمة بعدد من مبادرات الاقتراع في كاليفورنيا.

  • أغرقت قاعة اجتماع مجلس "الدهان والطلاء الوطني" في كليفْلاند بحشد من 400 شخص. طالبت المنظمة بنجاح أن تناقش منظمة الصناعة معهم مسؤولية صناعة طلاء الرصاص المسموم وواجباتها تجاه الضحايا.

  • شاركت الجمعيّة في رعاية اجتماع في مدينة نيويورك، حضره أكثر من ألف من العملين والعاملات في رعاية أطفال المنزلية، من أجل الإضاءة على الأجور الضئيلة وغياب الدعم. (كما ساعدت الجمعية في ضم بعض العاملين إلى اتّحادات في نيويورك عام 2004.)

  • قامت الجمعية بتحركات عديدة من أنواع مختلفة عبر الولايات المتحدة لمحاولة إقناع مجلس النواب بتغيير بند في الموازنة يقطع التمويل عن برامج للفقراء بحجة المساعدة على تمويل الإغاثة في كارثة.

  • شاركت الجمعية في تحركات ونقاشات في المحاكم أدّت إلى تأجيل تجديد الرخصة لمصنع صهر في تكساس يبث معادن ثقيلة في الهواء.

في كثير من الحالات، لم يكن هنالك تحرك واحد فقط، بل عدد كبير من التحركات، إمّا بالتوالي، أو لنفس المسألة في مدن عديدة في البلد.

في النهاية، (في العادة، عاجلاً أكثر من آجلاً)، يجب أن تنتقلوا من التخطيط إلى التنفيذ. ولكن، حتّى في أبسط التحرّكات وأقلّها مخاطرة (مثلاً، ارسال رسائل إلى المشرّعين)، يحتاج الناس إلى تدريب أو إلى أنواع أخرى من المساعدة. وكلّما كان التحرّك معقّداً ويحتمل مخاطرة، كلمّا زاد احتمال الدعم اللازم للمنخرطين فيه.

ينطبق معظم الخطوات أدناه على التحرّك الفردي. ولكن تذكّروا أن تنفيذ استراتيجية تحرّك اجتماعي ليس مثل الانخراط في تحرّك فردي: إنّه بشكل عام التزام طويل الأمد بتحرّك من أنواع مختلفة، وغالباً ما تكون غايته إحداث تغيير في توزيع النفوذ باتجاه إنصاف أكبر.  

      11.اختيار الزمان والمكان والهدف (الأهداف) وطبيعة التحرّك، بناءً على غرضه، ومدى انسجامه والاستراتيجية ككل: إذا أردتم إقناع المشرِّعين بالإصغاء إليكم أو بالتصرّف بطريقة معينة، لا معنى للتظاهر أمام البرلمان عندما لا يكونون في جلسة منعقدة، أو في أي مكان لن يعرفوا فيه على الأرجح ماذا تفعلون. إذا أردتم أن يمرّ قانونٌ ما فيجب أن يستهدف تحركُّكم المشرّعين، وإذا أردتم أن تغيّر شركة ما سياساتها، فعلى تحرّككم أن يصوّب باتّجاه مكاتبها أو مسؤوليها. فكّروا مليّاً في ما تريدون تحقيقه وفي الأشخاص الذين يتمتّعون بالنفوذ لجعله يحصل.

لنفس الأسباب، خذوا بعين الاعتبار نوع التحركات الذي سيكون أكثر فعالية في تحقيق الهدف المطروح وفي استراتيجيتكم طويلة الأمد. بشكل عام، يقضي المنطق بأن تستخدموا التحرّكات الأقل ظهوراً وضجةً، موفّرين تلك الأكثر تطرّفاً للأوقات اللازمة (تظاهرات ومسيرات وربط أنفسكم بالسلاسل عند المدخل الأمامي لمكتب مُدير عام الشركة، الخ). إذا استطعتم تحقيق غايتكم بطريقة لا تتضمن المواجهة والاتهامات، فذلك من جهة يجعل خصومكم مستعدّين أكثر للتعاطي معكم في المستقبل، ومن جهة ثانية، يترك لكم خيارات أكثر إنْ لم يفعلوا ذلك. أمّا إذا بدأتم بإطلاق أثقل أسلحتكم فلن يبقى شيئ  في المخزن إنْ لم تحقق الضربة الأولى غرضها. إضافةً إلى ذلك، إذا تعوّد خصومكم والجمهور العام على سماع الأسلحة الثقيلة سيتوقّفون عن إعارتها أي انتباه.

          12.تأمين تدريب ودعم آخر لازم للقيام بتحرك ناجح، قبل الانخراط فيه: هنالك عدة أنواع مختلفة من الدعم التي يمكن أن تقدّموها:

  1. التدريب: إذا كان الناس يقومون باتّصالات هاتفية أو بكتابة الرسائل، وبشكل خاص إذا كانوا يقومون بذلك للمرّة الأولى، فقد يحتاجون عيّنة من رسالة أو نصّاً للاستخدام كنموذج. يجب أن يجري إطلاع المشاركين على أكمل وجه على طبيعة التحرّك ومداه، وعلى أدوارهم، وأين ايُتَوقَّع منهم أن يكونوا تماماً ومتى، الخ. في حال كان الناس يقدّمون شهادات أمام لجنة تشريعية أو محكمة، فيجب أن يكون لديهم الفرصة للتمرّن على ما سيقولونه، وأن يتم إطْلاعهم على ما يجب أن يتوقعوه، ومَن سيكون هنالك، وكَم من الوقت سيكون لديهم، الخ. أمّا في حال ممارسة العصيان المدني، فيصبح في غاية الأهمية تدريب المشاركين على الاحتجاج اللاعنفي، وكيف يتصرّفون، وما يجب أن يتوقّعوا في حال تمّ توقيفهم. عليهم أن يفهموا مَرْوحة الخيارات الموجودة لديهم (الانخراط في العصيان المدني أو دعم المنخرطين فيه أو مجرّد الحضور، الخ). وكلّما عرف المشاركون عن التحرّك قبل القيام به، كلّما زاد احتمال نجاحه.

  2. الأمور اللوجستية: في حال خطّطتم لمسيرة أو لإضراب فقد يحتاج المشاركيون إلى إشارات. وقد تضطرون أن نقل الناس إلى مكان الاجتماع العام، أو أمكنة الاقتراع. وفي بعض التحرّكات، قد تنشأ حاجة إلى تزويد الناس بلباس خاصٍ أو مطبوعٍ بالشعارات المناسبة. وقد يحتاج المشاركون أيضاً إلى خرائط أو معلومات أخرى. وفي الجلسات الإعلامية أو الاجتماعات العامة، يلزمكم صور أو رسوم، وتجهيزات صوتية، وأوراق كبيرة، وحواسيب (كومبيوترات)، وشاشة كبيرة ( لائحة الاحتمالات تكاد لا تنتهي). إن توقُّع ما يحتاجه المنظّمون والمشاركون وتزويدُهم به هو جزءٌ أساسي من تنظيم التحرك.


لا تنسوا الضروريات الأساسية: في حال كانت المجموعة تلتقي مسؤولين في مجلس البلدية أو مجلس النواب، ماذا سيفعلون وقت الغداء؟ إذا كان الطقس حارّاً، قد تضطرون إلى تزويدهم بالماء. وقد تكون تسهيلات المراحيض (النقّلة أو غيرها، في حال كان يوم التحلرك طويلاً)، قد تكون ضرورية كذلك. وتوفير عددٍ كاف من صناديق النفايات خلال اجتماع كبير يجعل التنظيف بعد اللقاء أسهل بكثير. وكلّما استطعتم التفكير مسبقاً وتحضير هذه الأغراض، كلّما سار تحرّككم بشكل أسهل.

  • التنسيق والدعم: يعمل الناس بشكل أفضل حين يعلمون أن هنالك أحداً يتحمّل مسؤولية القيادة. أن يكون هنالك أشخاص معيّنون لتأمين التوجيهات والتعليمات والمعلومات...الخ، أثناء التحرّك، يجعل الأمور تسير بشكل أسلس كما يعطي المشاركين الشعور بالأمان الذي يتأتّى عن تنظيم جيّد.

يصبح نوع التنسيق والدعم مهمّاً بشكل خاص في حال وجود تهديد بالعنف، حقيقياً كان أم متخيَّلا: العنف قد يسيئ مصداقية تحرّككم فحسب بل إلى مصداقية المنظمة والقضية كذلك. من الضروري أن يكون هنالك ضبط للحشود (باستخدام أكثر شكل غير رسمي ممكن ودون ظهور قوي)، وأن توقَف أية حركة باتّجاه العنف، قبل أن تأخذ زخمها.

 

 

13.التخطيط للتحرك بالتفصيل، ومن ثمّ، متابعة الخط: كما في الاستراتيجية بشكل عام، يجب أن يكون التخطيط تشاركياً وأن يشمل الناس المتأثرين بالمسألة وممثّلين للمنظمات الأعضاء و/أو المؤتلفة، الخ. وكلّما زاد المشاركون ذوو المصلحة في استراتيجية التحرك الاجتماعي (التي تتضمّن التخطيط لتحركات فردية)، كلّما زاد احتمال استمراره على مدى طويل ونجاحه.

تجدون تغطيةً مفصّلة للتخطيط لأنواع مختلفة من التحركات في الفصل 33: تنظيم حملة تحرك مباشر.

يجب أن يشمل التخطيط للتحرّك كلَّ احتمال قد تفكرون به، أنتم وكافّة أصحاب العلاقة:  إنّ درأ المشكلة قبل حصولها أسهل بكثير مِن التعاطي معها بعد أن تقع، وهي ستقع في حال لم تخطّطوا كما يجب.


إذاً ماذا يحصل عندما تخطّطون بدقة فيما يحدث غير المتوقّع تماماً: الجلسة التشريعية الذي كنتم ستدلون بشهادتكم فيها قد ألغيت، أو المتكلّم الأساسي قد أُصيب في حادث سيّارة في طريقه إلى التجمّع، أو قائد المعارضة التي تواجهكم أُصيب بسكتة قلبية صباح اليوم الذي قرّرتم فيه مواجهته؟

أحد الأجوبة، طبعاً، هو أنّه كان عليكم توقّع احتمال كافّة هذه الأحداث، والتخطيط وفقاً لذلك... وربّما فعلتم ذلك. ولكن، ليس من الواقعي، ببساطة افتراض أنّ أيّاً كان، مهما كان ذكيّاً، يمكنه التفكير بكل ما قد يحصل. أفضل ما يمكنكم القيام به هو تحضير خطط طوارئ بديلة تكون جاهزة عندما تسوء الأمور، وأن توفروا دعماً جاهزاً لكافّة الأمور: متكلّم/ة جاهز/ة عند الحاجة، وخط سير بديل، ومكان مسقوف في حال ساء الطقس... هذه وغيرها من خطط الطوارئ البديلة يمكن أن تُنقذكم عندما يحصل ما ليس متوقَّعاً. تماماً مثل البيانات على الحواسيب (الكمبيوترات): تأكّدوا من تأمينها في "ملف احتياط". لن تندموا.

 

14.التنظيم للتحرّك: هذا يعني تنشيط شبكة اتصالاتكم، والذهاب من باب إلى باب، والدعوة لاجتماعات، والقيام بكل ما يلزم حتى يكون الناس المناسبين في الوقت المناسب في المكان المناسب. عليكم التنسيق والاتصال سواء أردتم أن يكتب عشرون شخص رسائل إلى الصحف، أو أن يحضر ألفا شخص أمام مبنى البلدية الساعة الثانية بعد ظهر يوم الاثنين. لذا يجب أن يكون لديكم تنظيم واتصالات مع المنظمات والمؤسسات الاجتماعية والأفراد المفاتيح.

15.القيام بالتحرّك: مجمل التخطيط والفلسفة في العالم لن يحققا لكم شيئاً إلاّ إذا ترجمتم ذلك إلى تحرّك. جاءت الفرصة، هيا نفذوا!

16.المتابعة والتقييم: لن ينتهي دوركم عندما ينتهي التحرّك. سيبقى عليكم القيام بعدّة أمور:

  1. الاهتمام بالأمور اللوجستية: التأكّد من أنّه قد تمّ إيصال الناس التي تطلب ذلك إلى بيوتها، وتسليم العريضة إلى المكتب المناسب، وجدولة أرقام الهواتف التي تمّ الاتصال بها... الخ.

في حال أقمتم تجمّعاً كبيراً أو تظاهرة واسعة، يجب أن تجري "اللملمة" بعد انصراف الحشد، لكي لا تضيع رسالتكم في الشكاوى عن الفوضى التي سببها التحرّك. يجب أن يكون هنالك طريقة منظمة ومنطقية لتفريق الحشود والعودة إلى البيوت بعد انتهاء التحرّك. للمزيد عن اللوجستيات لهذا النوع من التحرّك الاجتماعي، الرجاء زيارة الفصل 33، القسم 14: تنظيم تظاهرات عامّة.

في حال كنتم تخططون لنشاطات لمتابعة (تجمُّع أمام المجلس النيابي قد يَنتُج عنه زيارات للمشرِّعين، مثلاً) فعليكم أن تتأكّدوا من حصولها، ومِن أنّ الجميع يعرف ما عليه أن يفعل وأين عليه أن يذهب.  في نهاية ذلك النشاط، يبقى عليكم من جديد إيصال الناس إلى بيوتهم بطريقة منظمة، وجمع النفايات، الخ.


في حال كان من الواضح تماماً لكم أنكم تريدون تجنّب العنف والتخريب (وهذا ما يجب وفي معظم الأحيان) فعلى المسؤولين أو المنسّقين أن يبقوا إلى أن يغادر المشهدَ كلُّ مَن كان مشاركاً في التحرك، وأصبح في طريقه إلى البيت، بدل أن يتجمع المشاركون في مجموعات صغيرة أو كبيرة. وفي حال تواجد خصوم مسألتكم أو وجهة نظركم في المكان فعليكم القيام بكل ما يلزم للتأكّد من أن أي تواجه مع الخصوم سيبقى متمدناً نسبياً، وألاّ تتحول المعنويات العالية إلى سلوكيات متهوّرة، وذلك بشكل خاص.

  • عندما ينتهي كل شيء فعلياً (في اليوم التالي أو الأسبوع التالي)، على المخطّطين أن يجتمعوا لتقييم كيف جرت الأمور. هل سار كل شيء وفقاً للخطّة؟ هل قام المسؤولون بمهمّاتهم جيّداً؟ مَن أظهر كفاءة مميّزة (أو فشلاً)؟ ما الذي كان أكثر فعالية؟ أقل فعالية؟ كيف كانت التغطية الإعلامية؟ كيف يمكن أن تقوموا بهذا التحرك في المستقبل؟ بشكل عام، هل تبيّن أنّ هذا النوع من التحرك ينفع باتّجاه الغرض المخطّط له؟ في حال كان لا ينفع، ما الذي كان يمكن أن يعمل بشكل أفضل؟ استخدِموا التقييم لتعديل التحرّك القادم (أو استراتيجيتكم بأكملها، عند اللزوم) لجعله أكثر فعاليّة.


في حال كنتم قد استخدمتم "عدّة العمل المجتمعي" سابقاً فستعلمون أننا نعتبر أنّ التقييم مهم للغاية وجزء لا يتجزّأ من أي نشاط تنموي مجتمعي أو صحي. والتقييم الصادق يعطيكم معلومات قيّمة للغاية حول ما تقومون به، وتسمح لكم هذه المعلومات بتغيير عملكم وتحسينه. لا تتجاهلوا هذه الفرصة، بل استخدموها باستمرار لإدخال تحسين هائل على فرص تنظيم حملات ناجحة.

17.في النهاية، عليكم التخطيط للحركة التالية بناءً على مدى ما ينسجم ما قمتم به للتو مع الاستراتيجية بمجملها. الطريق طويلة جدّاً، وكلّ ما تقومون به يجب أن يتلاءم مع الخطة طويلة الأمد، ويجب أن يدفعكم إلى الأمام. نادراً ما تكون استراتيجيات التحرك الاجتماعي مكتملة بذاتها. فهي تساعد على تحقيق مكاسب تتجمع في النهاية لتؤدّي إلى تغيير مهم مع الوقت، ولكن يبقى دائماً الكثير مما يجب تحقيقه. على سبيل المثال،  غيّرت "حركة الحقوق المدنية" بشكل جذري حياة الناس السود في الولايات المتّحدة إلى الأحسن، ولكن تبقى هناك مسيرة طويلة بعد مضي أكثر من 50 سنة. إنّ تنظيم المجتمع المحلي والتحرّك الاجتماعي (عند الضرورة) لا يتوقّفان إلى أن يصبح المجتمع المحلي (أو المجتمع بشكل عام) عادلاً ومنصفاً بحق. هذا يعني أن المنظّمين الناجحين يتابعون مسيرتهم، ببساطة، إلى الأبد.

باختصار

إنّ تنظيم المجتمع المحلي ، أو الجماعة، كما مارسه وطبقه كُلٌّ مِن سُول أَلينْسْكي، ومارتِن لوثر كينغ، وسيزار شافيز، وزملائهم ووارثيهم، يؤدّي إلى فرضيّة القوة التي تحققها وِحدةُ عددٍ واسع من الناس الذين كانوا عاجزين سابقاً. هذا هو التحرك الاجتماعي، ويمكن أن يأخذ أشكالاً تتراوح بين كتابة رسائل إلى الصحف والعصيان المدني الجدّي.

غالباً ما يعني التحرك الاجتماعي رفض الانصياع للقواعد التي وضعها أصحاب السلطة، واستبدالها بممارسة حق الاحتجاج والاعتراض على السياسات والقرارات غير العادلة أو غير الموضوعة بشكل صحيح. وهو يستهدف تمكينَ المجتمعات المحلية التي تم استغلالها أو تجاهلها أو التعاطي معي بشكل غير عادل من قبل السلطة أو المجتمع بأسره، وإعطاءَ هؤلاء صوتاً ووضع بعض السلطة في أيديهم. من خلال لفت الانتباه إلى غياب الإنصاف والعدالة، واستخدام التحرّك الموحّد لمواجهة صانعي السياسات والمجتمع بأسره (أو التعاون معهم)، يمكن لاستراتجية التحرك الاجتماعي أن تُحدث تغييراً اجتماعياً مؤثّراً.

نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المواد، لكن نرجو أن تذكروا مرجعها: "عدة العمل المجتمعي" على الموقع:

Http://ctb.ku.edu

Contributor 
فِيلْ رابيْنوفِيتْز