استمارة البحث

الفصل 12. بعض النماذج الأخرى لترويج الصحّة والتنمية المجتمعيتين

المثل الأوّل: التحرّك التعاوني من أجل التغيير المجتمعي وتخفيف مخاطر الأمراض المزمنة والمشكلات الصحّية

كتابة: جيري شولْتْز وسْتيف فَوسِت وفيكي كولي أكرز

في عام 2000، بدأ ائتلاف للأمراض المزمنة في مدينة كنساس بولاية  ميسوري استجابة لحدثيْن:

1) طلب من "مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها" لمشاريع ربطاً بمشروع "المقاربات العرقيّة والإثنيّة للصحّة المجتمعيّة 2010"،

2) دراسات عن الوضع الصحّي للأقلّيات أطلقتها منظّمتان وأضاءت على تباينات صحّية ملحوظة لدى السكّان من أصل أفريقي ولاتيني.

تميّزت هذه المنطقة الحضريّة بمعدلات عالية من الفقر وبقلّة الفرص للانخراط بسلوكيّات صحّية. ويتكوّن الائتلاف من منظمات صحيّة ومجتمعيّة ومنظّمات أحياء، ومن مجموعات دينية، وشركات أعمال، فضلاً عن سكّان مدينة كنساس، ومع الوقت، شمل الائتلاف الأميركيين الأصلييّن كإحدى المجموعات السكّانيّة المستهدفة، ولكن الجهود للوصول إلى هذه المجموعة لم تنجح.

كانت رسالة الائتلاف تحسين النتائج الصحّية لأمراض السكّري وأمراض شرايين القلب، من خلال تعزيز الوصول إلى الرعاية الجيّدة ولبيئات وأنماط عيش صحيّة، وذلك عبر خدمات وقاية ومراكز رعاية صحية مجتمعية متكاملة وذات كلفة مقبولة وحسّاسة ثقافيّاً وقابلة للمحاسبة.

يقترح الائتلاف خمس مراحل مترابطة:

  1. التخطيط التعاوني وبناء القدرات
  2. التحرّك والتدخّل الهادفيْن
  3. التغييرات في المجتمع المحلّي والنظام
  4. التغيير السلوكي المنتشر
  5. تحسين في النتائج الصحّية المجتمعية

طوّر الائتلاف خطّة تحرّك تكاملية اقترحت 86 تغييراً مجتمعيّاً. ومن خلال برنامج "اختيار ستّة"، قدّم الائتلاف أيضاً موارد للشركاء الأساسيّين من أجل دعم تطبيق ستّة بنود من خطّة العمل (مثلاً، ستّة برامج أو سياسات أو ممارسات، معدّلة أو جديدة). وشملت الموارد منحاً ودعماً تقنيّاً ومواد برامجيّة.

وقد يسّر الائتلاف حوالي 675 تغييراً مجتمعيّاً بين عاميْ 2001 و2007. وتتضمّن بعض الأمثلة: تعديل ساعات العمل في العيادات من أجل زيادة وصول الناس إليها، وتبنّي خطوط توجيهيّة للرعاية العياديّة، وإدخال معلومات صحّية في نشرات الأحياء، واستخدام مرافق المؤسسات للنشاطات الرياضيّة، وتطوير نوادي أو طرق للمشي. وتقول النتائج من التقييم التشاركي أنّ الائتلاف كان محفّزاً فعّالاً للتغييرات البيئية من أجل التخفيف من المشكلات الصحّية المرتبطة بأمراض شرايين القلب والسكري.

وتشكّلت بعض نقاط قوّة الائتلاف من الشبكة الاجتماعية الواسعة لمدير أوّل مشروع وبناء العلاقات مع عدد كبير من المنظّمات المجتمعية. من جهة أخرى، أدّت التحديات في تطبيق المنح الصغيرة، بما فيها المتطلّبات الحكومية المعقّدة والإدارة المالية الداخلية، إلى توتير العلاقات القائمة من قَبْل مع هذه المنظّمات. كما شكّل انخراطِ السكان من أصل لاتيني المحدود (وهم إحدى المجموعات السكانية المستهدفة) عقبة.

وقد حصل الائتلاف، بين عاميْ 2001 و2007، على منح كبيرة كجزء من مبادرة مركز مكافحة الأمراض: "المقاربات العرقيّة والإثنيّة للصحّة المجتمعيّة 2010". كما سمحت منحة لمدّة خمس سنوات قُدّمت عام 2008 باستمرار هذه المبادرة الناجحة، كما قد تسمح لجهود مستدامة بطرح التباينات الصحّية، على أن يكون التعديل الأساسي هو بناء استراتيجية فعّالة لإشراك الجماعات المحلّية اللاتينية في المبادرة.

المثل الثاني: برنامج المساعدة المنرليّة للمسنّين

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم للمساعدة في تحضير دراسة الحالة هذه: كاري ماثيوز، وجونو لورنس، وباتسي وِيلي، وروزينا ألكسانْدر سْناغ.

بدأ برنامج "المساعدة المنرليّة للمسنّين" (وهو مبادرة من حكومة "سان فنسن والغْرنادين" نفّذتها وزارة التنمية الاجتماعية لتحسين الرعاية والدعم للسكّان الكبار)، وذلك في آب/أغسطس 2002. كان هدف المبادرة إفادة الأشخاص من عمر 60 سنة وما فوق، والأشخاص المعزولين والمتروكين في البيوت، والأشخاص ذوي الحاجات الخاصة، فشملت المبادرة 92 مساعداً للرعاية المنزلّية، ومشرفيْن، وعاملاً صحيا. ويُذكر أن المبادرة تلقّت دعماً من مركز ديني محلّي.

وكانت رسالة المبادرة خلق بيئة داعمة وحس انتماء لدى المسنّين بالتزامن مع رفع تقديرهم لذاتهم وتلبية حاجاتهم الاجتماعية العاطفيّة والصحّية الأساسيّة. واقترحت المبادرة مقاربة شموليّة، حيث تتم مساعدة المسنّين بالرعاية الصحّية وحاجات أخرى، فيما جرى تعليم مقدّمي الخدمات عن نمط حياة المسنّين وكيفية رعايتهم. وكانت الخدمات تقدّم دون أي كلفة على المتلقّي.

إضافةً إلى ذلك، أمّن الصليب الأحمر في المنطقة تدريباً على الإسعافات الأولّية للمساعدين المنزليّين، وأمّن الممرضون رعايةً تمريضية عامّة وأشرفوا على المتدرّبين في أثناء تدريبهم. فضلاً عن ذلك، قدّم المسؤولون المساعدة في البرنامج التدريبي. من هنا، جرت تغطية كافّة مناطق البلد جرّاء انخراط كافّة الوزارات ودعمها.

حاليّاً، يستفيد 450 مسنّاً من المبادرة، وهي تُعتبر إجراءً يقلّص الكلفة على الحكومة، بما أنّ الكلفة كانت ستكون أعلى لو كانت الحكومة ستؤمّن رعاية مؤسّساتيّة لهذه الفئة السكّانيّة. أفادتْ تقارير المسنّين عن شعورهم بحسّ من الراحة والأمان، كما شعر أفراد عائلاتهم بالارتياح لعلمهم أنّ هنالك مَن يهتم بالمسنّين، وزادت استخدامات تسهيلات الرعاية الصحّية ضمن المناطق. إضافةً إلى ذلك،  بدأ الكبار يهتمون بشكل أكبر بنظامهم الغذائي وطعامهم، واكتسب صانعو السياسات فهماً أفضل لصورة المسنّين في مجتمعاتهم، كما أصبحت البرامج التدريبيّة مصدرَ توظيفٍ لمانحي الرعاية.

من جهة أخرى، كان هنالك نقصٌ في انخراط الذكور في المشروع (كمساعدين منزليّين)، وكانت الموارد الإنسانيّة والماليّة محدودة، ومواد وتجهيزات قليلة، بالإضافة إلى نقص الدعم من القطاع الخاص. وكان التحدي المستمر هو التأكّدَ من تمكُّن المستفيدين الحقيقيّين من الوصول إلى البرنامج فضلاً عن التأكّد من أنّ التدخّلات السياسية مقلّصة إلى أدنى حد ممكن، ولم يكن للمبادرة توثيقٌ رسمي ونظام تقييم.

ساهمت المبادرة في تغييرات إيجابيّة لدى السكّان المسنّين في المنطقة. وفيما المبادرة في طور التنفيذ والإدامة، كانيجب التفكير في التقييم الذي ينبغي أن يكون مساراً مستمرّاً. كما توجّب التفكير في مصدر لاستدامة المبادرة، إذ إنّ الاعتماد حتّى الآن كان مقتصراً على الحكومة.

المثل الثالث: برنامج العافية الوطنيّ

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم للمساعدة في تحضير دراسة الحالة هذه: كاري ماثيوز، وجونو لورنس، وباتسي ويلي، وروزينا ألكسانْدر سناغ.

أطلق قسم التربية البدنيّة والرياضة في وزارة التنمية الاجتماعية في "سان فنسن والغْرنادين"، بدءاً من عام 2006، برنامج رفاهة وطنيّ جرى تطبيقه من خلال المجموعات والمؤسسات المجتمعية. وشملت المبادرة مؤسسات/منظّمات مشارِكة أخرى وزارةَ الصحّة والبيئة، وبيوتاً للمسنّين، والسجن، ومجموعات مجتمعيّة أخرى في مناطق متنوّعة. كان الهدف من المبادرة إفادة السكّان بشكل عام، لاسيّما الأفراد المنخرطين في المؤسسات/المنظّمات المشارِكة.

الأمراض غير المعدية هي مشكلة مُلحّة وأساسية في المنطقة إذ تتسبّب في 80% من الوفيّات في البلد، لذا كانت رسالة المبادرة تحسيس المشاركين بأنماط العيش الصحّية وبمنافع المشاركة في نشاطات رياضيّة بشكل دوري. وأحد أهداف المبادرة الرئيسية كان تغيير الاعتقاد بأنّ الصحّة مهمّة فقط عندما يكون الأفراد بصحّة غير جيّدة، وجعل الناس أكثر مبادَرةً عندما تتعلّق الأمور بصحّتهم.

وبالرغم من غياب نظام رسمي للرصد أو التقييم في المبادرة فقد كان توسّع البرنامج إلى مجتمعات محلّية أخرى مؤشراً إيجابيّاً إلى أن التغييرات كانت تحصل وتؤدّي مرادها. وذكرت المجتمعات المحلّية ارتفاع الوعي بأهمية النشاطات الرياضيّة وعبّرت عن اهتمام بالانخراط في البرنامج. كما أصبح هنالك استخدامٌ أكبر للموارد المجتمعية (مثل المراكز المجتمعية المحلية والأماكن الترفيهيّة) ولتسهيلات الرعاية الصحيّة ضمن المناطق. وظهر التغيير السلوكي الإيجابي من خلال ازدياد مستوى النشاط الجسدي لدى السكّان.

من جهة أخرى، نقلت دراسة الحالة بعض التحدّيات كالنقص في انخراط الذكور في المشروع وفي الموارد الإنسانيّة والماليّة المحدودة، وقلة المواد والتجهيزات، فضلاً عن نقص الدعم من القطاع الخاص. إضافةً إلى ذلك، فقد عرقل تغيير أمكنة بعض النشاطات انخراط بعض المشاركين. وسينبغي تأمين تمويل مناسب من مصادر أخرى.

المثل الرابع: مركز استعادة نمط الحياة الصحّي للسكان الأصليين

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم للمساعدة في تحضير دراسة الحالة هذه: كاثرين مينيش وسوزان جاكسون.

بدأت هذه المبادرة مبادرة عام 2000، استجابةً للّجنة الملَكيّة حول السكّان الأصليين. وقد شملت المنظّمات والمؤسّسات المشارِكة عدة مراكز وهدفت إلى إفادة شعب "الإينْويْت" الأصلي (أو من كانوا يُسمُّون شعب الإسكيمو) الذي كان يعاني أسوأ وضع صحّي في كندا. وشكّل صانعو السياسات والعاملون الحكوميّون والجمهور العام الفئات المستهدفة من المبادرة.

التركيز الأساسي كان الترويج للممارسات التي ستُعيد نمط الحياة الصحّي لسكّان "الإينْويْت"، وتحسين وضعهم الصحّي من خلال الأبحاث ونشر نتائج الأبحاث، والتثقيف وزيادة الوعي، وتنمية الموارد البشرية وتشارك المعلومات عن السياسات والممارسات الصحّية الخاصّة بتلك الجماعة من السكّان. تسعى المبادرة إلى هذه التغييرات على مستوى الأفراد والمنظمات والمجتمع المحلّي والمجتمع بشكل عام.

حددت المبادرة خمسة أهداف:

  1. تحسين حياة شعب "الإينْويْت" وتعزيزها من خلال نشاطات مبنيّة على المعرفة
  2. تعزيز فهم المسائل الصحية التي تؤثّر على شعب "الإينْويْت"
  3. تسهيل الأبحاث وتعزيزها، وتطوير شراكات للأبحاث
  4. تقوية مشاركة شعب "الإينْويْت" في توفير الرعاية الصحّية
  5. التأكيد على ممارسات الشفاء التقليدية لشعب "الإينْويْت" وحمايتها.

كان من الصعب التقاط التغييرات في المجتمع المحلي لدى شعب "الإينْويْت" إذ إنّ السكّان مبعثرون بشكل كبير، كما أنّه لم يكن هنالك نظامٌ رسمي للرصد والمراقبة موضوعاً بعد ما صعّب قياس التغييرات والنتائج. البيانات الإثنيّة المجمَّعة قليلة جدّاً، لذا كان من الصعب القول كيف يستفيد شعب "الإينْويْت" بشكل عام. بعض المُنتجات والموارد استهدفت جماهير محدّدة، ولكن مدلى تأثير هذه الموارد وفهمها كان غير معروف. من جهة أخرى، سهّلت التغييرات على المستوى التنظيمي مطالبةَ العاملين بالحصول على المنح الصغرى.

تشمل التحديّات التي تواجهها المبادرة: الصعوبة في الاحتفاظ بعمّال "الإينْويْت"، وبعض التحدّيات الصحّية غير العاديّة لدى السكّان، والحكومات المتغيّرة ما يؤدّي إلى تساؤلات عن متابعة التمويل.

وبالرغم من الحاجة إلى تظهير براهين على الفعاليّة، بسبب عدم وجود نظام رسمي للرصد والتقييم، يبدو أنّ المبادرة تسير في الطريق الصحيح. فوفقاً للمبادرة، وصلت الرسالة والمعلومات إلى الجمهور المستهدَف، واكتسب المركز مكاناً ملحوظا، وتأسّست الموارد/الشراكات. من جهة أخرى، لا تزال المبادرة بحاجة إلى التركيز على مسائل أقل وعلى مشاريع أطول زمناً وأكثر شموليّة، وإلى تقوية الشراكات مع قطاعات التربية والصحّة، وإلى تطوير المواد المستهدفة. كما ينبغي تطوير أدوات رصد وتقييم الأداء وتحسينها.

المثل الخامس: مبادرة المدارس التي تعزّز الصحّة

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم للمساعدة في تحضير دراسة الحالة هذه: أنطوني هانْت، وديون برون، وجونو لورانس، ولوسي أندرسن، وليديا بادال، وبريتا ساجواك، ووزارة الصحة ووزارة التربية في غويانا.

بدأت مبادرة المدارس التي تعزّز الصحّة في دولة غويانا عام 2002 من أجل طرح المشكلات الصحية والاجتماعية المتفاقمة والمرتبطة بأنماط عيش وسلوكيّات سائدة في البلد. المنظمات التي قادت المبادرة شملت وزارة الصحة ووزارة التربية، ومنظمة الصحة للبلدان الأميركية (في غويانا). وتضمّنت المنظمات المشارِكة المجلس الكاريبي لغير المُبْصرين، ووزارة الخدمات الإنسانية والأمن الاجتماعي، وعيادة الأسنان "شيدي جاغان"، ومركز بْتُوليمي ريد للتأهيل، و"موني غرام"، ووزارة الزراعة، ووزارة الثقافة والشباب والرياضة، ومنظمات الخدمة التطوّعية، وبرنامج ليندِن للتقدمّ الاقتصادي، وفيالق السلام، والصليب الأحمر في غويانا، و"نساء عابرات للاختلاف"، والبنك الدولي، وكنيسة "سان سيدوِلز" الإنجيلية.

جرى تطبيق المبادرة في الحضانات والمدارس الابتدائية والثانوية، بالتزامن مع المجتمعات المحلّية التي تتواجد فيها المدارس. وتضمّنت المجموعات المستهدفة جمعيات الأهل والمعلّمين، واللجان الاستشاريّة لتحسين المجتمع المحلّي، وأطفالاً من عمر المدرسة من كافّة المستويات.

هدفت المبادرة إلى خلق بيئات داعمة تشجّع على التغيير الإيجابي من خلال التثقيف والتدريب على المهارات لمختلف المجموعات المستهدَفة. الرسالة هي "بناء قدرات مجتمعات المدارس على بناء الصحّة ضمن كافّة جوانب الحياة المدرسيّة، والمحافظة عليها، فضلاً عن تحسين صحّة الأطفال والمعلّمين والأهل والرعاة وسائر أعضاء المجتمع المدرسي". تُيسّر المبادرةُ العملَ المشترك لخدمات الصحّة الأوليّة والمدرسة ما يحسّن قدرتها على التقاط المشكلات وتقديم المساعدة للأطفال والشباب في التوقيت المناسب، ويجعلها تؤخّر وتمنع تبنّي السلوكيات الخطرة كالتدخين واستهلاك المشروبات الكحوليّة، والإدمان على المخدّرات، والممارسات الجنسيّة المبكرة والخطرة، والحمل الباكر غير المرغوب. قدّمت منظمةُ الصحة للبلدان الأميركية ووزارةُ الصحة الدعمَ التقني، كما أمّنت جمعية الأهل والمعلّمين الموارد البشرية. أمّا الموارد الماليّة، فأمّنتها وكالات عالميّة عديدة.

ووفقاً للمبادرة، لا يمكن وصف إنجازات مبادرة "المدارس التي تعزّز الصحّة" ونتائجها، نظراً إلى غياب أنظمة الرصد الرسمي والتقييم التي كانت ستقوم بالجمع الروتيني للبيانات اللازمة لدعم أي ادّعاءات. من جهة أخرى، صرّحت المجتمعات المحليّة المنخرطة عن بعض التغييرات السلوكيّة لدى الأهل والأطفال.

وتنوّعت التحدّيات مع مختلف مراحل المبادرة. ففي مرحلة التخطيط كان هنالك نقصٌ في الاتّفاقات الرسمية بين مختلف أصحاب المصلحة ذوي الصلة، ونقصٌ في التمويل المناسب، فضلاً عن النقص في الموارد البشرية التي تتمتّع بالمهارات. أمّا أثناء مرحلة التطبيق، فكان هنالك غياب لأنظمة المراقبة الرسمية لرصد التقدّم، وغياب استراتيجيات الاتّصال لإعلام العامّة عن المبادرة، ولتأمين التواصل الفعّال بين أصحاب المصلحة.

أمّا استدامة الجهود، فستجري من خلال وحدات الصحة المدرسية ضمن وزارات الصحة والتربية. كِلا هذه الوحدتين مسؤولتان عن تنسيق النشاطات ضمن كلّ وزارة، وعن تشارك تلك المعلومات مع الوزارة الأخرى من خلال لجنة صغيرة.

Health-Promoting Schools Initiative in Guyana

المثل السادس: مبادرة جودة الحياة

الكتّاب: أليسيا شادويك وهيلين لاندز مع وماري بِث رايْنر مع مدرسة التمريض في جامعة إنديانا، وماري روغ.

كان غرض هذه المبادرة تحسين نوعيّة حياة السكّان في أحد الأحياء المحدّد جغرافيّاً في مدينة حضرية في الوسط الغربي من الولايات المتحّدة الأميركية. وقد أمّن مجلسٌ استشاري الإشراف على دراسة شاملة قام بتنفيذها طلاّبٌ من فرع التمريض، ولقد استُخدمت هذه الدراسة لتطوير المشروع الذي قام بتمويل مجموعة استشارية عيّنها رئيس بلدية المدينة.

وقد قامت قطاعات مختلفة في المجتمع المحلّي بالتعاون عبر استخدام نموذج "البلديات والمجتمعات المحلية والمدن الصحية" لمنظمة الصحّة للبلدان الأميركية من أجل طرح الظروف المسؤولة عن الصحة والعافية. وتضمّنت المنظمات المنخرِطة في المبادرة مستشفىً ووكالةَ خدمةٍ اجتماعيّة ووكالةَ بناء سكني وجامعة.

أمّا غايات المبادرة، فكانت تحسين نوعيّة حياة الحي من خلال: إعادة إحياء البيئات المَبْنيّة (مباني البلدية للإسكان والمباني التجاريّة، والسكن، والطرقات، والأرصفة، الخ)، وشراكات جديدة بين منظمات الخدمة الاجتماعية والتربية والصحة، وانخراط السكّان في تحسين المجتمع المحلي.

بعض المبادرات التي طبّقت لتحقيق هذه الغايات كانت ما يلي: استثمارات في برنامج سكني للسكّان ذوي الدخل المنخفض والمتوسّط، وبناء جناح عائلي لطرح الحاجات المدنية والاجتماعية والثقافية والترفيهية وما بين الأجيال للأفراد والعائلات في المنطقة، وبرنامج صحّة مدرسيّة لطلاّب المنطقة.

جرى بناء "جناح العائلة" في الحي، وأصبح يؤمّن الآن مساحة رائعة للتجمّعات المحلية، ولنشاطات الشباب والعائلات، ونشاطات ترفيهية أخرى، فضلاً عن كونه موقعاً ذي كلفة مقبولة لحفلات الأعراس، واللقاءات العائليّة، وحفلات التخرّج، والمناسبات الدينية. نَقَلَ برنامجُ الصحة المدرسية مفهومَ تقديم الرعاية الصحّية إلى أبعد من حائط المستشفى، وأًصبح الآن جزءاً من رؤية أوسع لبناء مجتمعات محليّة أكثر صحّةً. وتبنّت المدارس سياسات مدرسيّة أكثر صحّة، وأصبحت قادرة على معالجة مسائل مزمنة كالربو والبدانة والتغيّب عن المدرسة. كما أدّت الاستثمارات في السكن إلى إتمام ثلاثة منازل للسكن لاثنيْ عشرة ساكناً من الأشخاص ذوي الإعاقات، وهي مساكن حديثة تَستخدم ممارسات البناء "الخضراء" الصديقة للبيئة، كما أدّت الاستثمارات إلى تصليحات بيوت 33 مالكاً مسنّاً، وإلى تثقيف 60 شارياً محتمَلاً عن عمليات شراء المنازل، فضلاً عن مساعدات في الدفعات الأولى لاثنيْ عشرة شارياً قاموا بابتياع منازل في المنطقة للمرّة الأولى.

من جهة أخرى، عانى مشروع الجناح العائلي من بعض الصعوبات، كترك أحد المتعهّدين المشروع في منتصف الطريق، ما أدّى إلى تأخير لثمانية أشهر وإلى تكاليف إضافيّة. فوجب التعاقد مع متعهّد آخر، وأموال إضافيّة جُمعت من أجل إتمام المشروع. كما أصبح برنامج الصحة المدرسيّة أكثر تعقيداً عندما أدرك الشركاء أن الطبيعة الفريدة لكل مدرسة تتطلّب تدخّلات ينبغي أن تُقاس وتفصَّل على المجموعات الطلاّبية المختلفة في كل مدرسة. أمّا الاستثمارات في برنامج السكن، فقد وجدت أنّ كلفة المشاريع مستدامة فقط في حال استمرّت المنظّمة في التنافس بنجاح للحصول على تمويلات من القطاعين العام والخاص لضمان المشاريع.

تضمّن بعض الدروس المستفادة من المبادرات ما يلي:

  1. التعاون يجعل المنظّمات الفردية أقوى، إذ إنّ منظمة جديدة دون سجل سابق تستفيد من الشراكة مع منظّمة قائمة، ما يعطي المنظّمات الأخرى "الإذن" لأن تكون داعمة. أمّا المنظّمات القائمة، فهي تستفيد من الطاقة وجانب المغامرات والمبادرات لدى المنظمات المبتدئة.
  2. من الجوهري بناء خطّة جيّدة مبنيّة على بيانات جيّدة، من أجل تأمين التمويل والدعم.
  3. يحتاج مشغّلو البرنامج إلى التأكّد من إبقاء القادة الأعلى (المدراء وأعضاء المجالس) على علم بما يحصل ومنخرطين طوال الوقت من أجل استدامة المبادرات على المدى الطويل، وإلاّ، فهم يخاطرون باحتمال استبدالهم بالأمر التالي الجديد (الذي لن يكون بالضرورة أفضل).

Crooked Creek Quality of Life Initiative (CC QOLI): A Community Development Experience in Indianapolis, Indiana, USA

المثل السابع: الصحّة من خلال المشاركة:

الكتّاب: روزيلدا مندِس، ودوغلاس برانداليز، وإيميليا برويد. كما نود شكر جوناس دياز على مساعدته في تحضير دراسة الحالة هذه.

تعمل هذه المبادرة في حي غارولوس، في مدينة ساو باولو البرازيلية، كإحدى استراتيجيات التعاطي مع المشكلات المتعلّقة بالصحة وظروف العيش، وتهدف إلى تعزيز المشاركة الشعبية وتحسينها، وتأسيس قنوات اتّصال لتضمين المطالب الشعبيّة في عمليات تطوير السياسات الصحّية. ويعمل المشروع الذي يشكّل أولوية، وعنوانه "الصحّة من خلال المشاركة"، عبر الترويج لمنتديات محلّية مفتوحة للعموم، تُعقَد مرّة كل سنتيْن. عُقد 37 منتدى بين عاميْ 2005 و2007 (في أمكنة مختلفة)، وجمعت المنتديات هذه حوالي 6700 ممثّلاً عن المجتمعات المحلّية، وأخصائيين صحّيين، ومدراء أقسام الصحّة، وجمعيّات غير حكومية، وكنائس...الخ.

الهدف الأساسي من المبادرة هو زيادة تحكّم الناس بالرعاية الصحّية وبإدارة السياسات العامّة المرتبطة بالصحّة، فضلاً عن المساعدة على تحديد وضع الصحّة في مناطق معيّنة تقع على أكثر مستوى منخفض ممكن من تقسيم المساحة الحضريّة المحلّية. بدأت المبادرة عام 2005 عبر منتديات "الصحّة من خلال المشاركة" التي عُقدت في 22 منطقة من المدينة بالتزامن مع "منتديات الميزانية التشاركيّة". في عام 2007، عُقدت الجلسات العامّة "للصحّة من خلال المشاركة" في كل من المناطق الصحّية التي نُظّمت على أساس الإدارات الصحّية.  ومنذ الجلسات العامّة الأولى، انتُخِب حوالي 1300 ممثلاً ليشكّلوا مجالس الصحّة المحليّة لوحدات الصحّة الأساسية وعددها 65، والمستشفيات والمراكز الصحّية المتخصّصة في البلديّة. وقد عُقد 14 منتدى حتى نهاية عام 2009.

لقد وسّعت مجالس الصحّة المحليّة مدى تحرّكها: من العمل على مسائل الصحّة المحليّة إلى مسائل اجتماعيّة أشمل. من هنا، أصبح التحرّك موجّهاً إلى مسائل يوميّة تؤثّر على المجتمعات المحليّة. ويعود التركيز على السياسات الصحّية العامّة، وهو ناتج عن النقاشات، إلى المبادرة، وقد أُعلن ذلك. كما سُجّلت تحسينات في وحدات الصحّة الأساسيّة مع تحيّة إلى نوعيّة الرعاية المقدَّمة. إضافةً إلى ذلك، كان هنالك تقدّمٌ ملحوظ في تحديد المزيد من المطالب الصحّية المحدّدة من قبل الناس.

إنّ واقع أنّ الناس قد بدؤوا يتحكّمون بالمسائل الصحّية قد ولّد نمطاً جديداً ضمن الشعب، إذ إنّ الشكاوى الشعبيّة استُبدِلت بمشاريع محدّدة للتغيير وبدعم أكبر للقطاع الصحّي. أصبح الناس يفهمون، مثلاً، منطق الاستثمار في الرعاية الأوليّة من خلال وحدات الصحة الأساسيّة بدلاً من أعداد أكبر من المستشفيات. وقد حدثت تغييرات إيجابية متعلّقة بإنشاء آليات للمشاركة تشمل العديد من اللاعبين المحليين. ومع ذلك، أصبح لدى المجالس بعضٌ من "العصبويّة" التي أعاقت مشاركة اجتماعية أكْمَل.

ومن بين الدروس المستفادة من هذه التجربة، أي الحاجة لضمان الدعم من الحكومة المحليّة من أجل زيادة المشاركة الاجتماعية بنجاح وتحسين التخطيط لنشاطات، لكي يجري التأكّد من المحافظة على استدامة المشروع. كما يشكّل بناء الموازنة ركناً مركزياً في دعم النشاطات المستمرة اللازمة للمشروع، إذ إنّها معقّدة لدرجة عالية وتتضمّن لاعبين كُثر. الأهم بالنسبة للمشروع هو أنّه يجب ألاّ ينفصل عن النشاطات والسياسة المحلية. ينبغي إذاً أن يكون مفتوح الأفق.

Health through Participation: the experience of Guarulhos in São Paulo, Brazil

المثل الثامن: مبادرة المدارس الصحّية

الكتّاب: إدارة تعزيز الصحّة، في وزارة الصحّة العامّة والرفاه الاجتماعيّ

بدأت مبادرة المدارس الصحّية في التسعينات من القرن الماضي، بقيادة وزارة الصحّة وبدعمٍ من منظمة الصحّة للبلدان الأميركية. وكان الهدف تعزيز الصحّة في الإطار المدرسي والنمو المتكامل للصبيان والبنات ضمن المجتمع التعليمي.

في عام 2000، نُفّذ مشروع نموذجي في 17 مدرسة موزّعة على مناطق حضريّة وشبه حضرية وريفية في بعض دوائر الباراغواي في أميركا اللاتينية. وفي كل مدرسة مُختارة، تشكّلت هيئة إدارية مكوّنة من سلطات المدرسة وأهالي وطلاّب وسلطات محليّة وممثلين عن منظّمات ومؤسسات محليّة. وركزّت المدارس المختارة تحرّكها على أربعة مجالات: الرعاية الصحّية الأوليّة والبنية التحتيّة والتدريب والمشاريع التشاركيّة. ومع أنّ هذه الجهود بدأت بدفع عظيم إلاّ أنه لم يكن ممكناً استدامتها مع مرور الوقت. من جهة أخرى، خلقت المبادرة أرضاً خصبة سمحت بالمحافظة على بعض المبادرات ضمن إطار عمل المدارس الصحّية، وفي بعض الأحيان، كانت محفّزةً لبداية مسارات جديدة.

في تشرين الأوّل / أكتوبر 2008، قامت سلطات الحكومة الجديدة بإعادة إطلاق مبادرة المدارس الصحّية، في مشروع مشترك بين وزارات الصحة والتربية. وأجريت دراسة للبيانات جرى تحليلها وولّدت توافقاً على معايير التصديق. كما تأسّست شراكات استراتيجية مع منظمات كبرنامج مكافحة أمراض شرايين القلب، ومع وكالات عالمية مثل اليونيسيف وبرنامج الأمم المتحّدة للتنمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان. وركّزت التحركات التي جرى تنفيذها في هذه المرحلة على المصلحة القويّة والمتجانسة لكافّة أصحاب المصلحة. ويجب الإشارة إلى أنّ وزارة التربية والثقافة قامت بتعديل منهاج "تعليم الصحة في المدارس المهنيّة التقنية"، عبر إعادة توجيهه إلى تعزيز الصحّة ومن هنا المساهمة في مسار تطبيق مبادرات المدارس الصحّية.

إحدى تحديات المبادرة كانت وجود عدد من التجارب في الصحّة المدرسيّة تصف نفسها على أنّها "مدارس صحّية" أو "مدارس تعزّز الصحّة"، ولكن لم يكن هنالك معايير موحّدة معتمدة لهذه التسمية. وهذه التجارب تعزّزها قطاعات مختلفة: البلدية والمناطق الصحّية والإدارة المحلّية ومجتمع التربية والتعليم. الغاية الحالية هي توحيد الاستراتيجية من خلال تطوير معايير للتصديق توجّه المؤسسات في بناء خطوط التحرّك، ويكمّلها نظام مراقبة. الهدف الحالي هو تطوير استراتيجية موحّدة في 40 مدرسة مُختارة في خمس مناطق. كما سيتم بناء قاعدة بيانات عن الواقع قبيل بدء المشروع، بالإضافة إلى نظام لجمع البيانات وتحليلها سيكون مستمراً ومنهجيّاً.

وشمل بعض الصعوبات:

1) محدودية الموارد وتبعثر جهود دائرة تعزيز الصحة، ما جعل تنفيذ مسارٍ مستدامٍ عملية صعبة،

2) غياب التنسيق ضمن برامج وزارة الصحّة، ما منع التحرك المتكامل المبني على أهداف مشتركة.

أمّا الدروس المستفادة، فتضمّنت:

  1. الحاجة لجمع البيانات وتحليلها بشكل منهجي،
  2. نشر المعلومات بين أصحاب المصلحة الرئيسيين حتى يتم درس النتائج،
  3. الحاجة إلى تمكين المجتمع المحلّي (الحكومات/الإدارات المحليّة ولاعبين اجتماعيين آخرين) من أجل تجنّب بقاء المسارات غير محسومة.

تيسير البناء الجماعي للمدارس الصحية سيساعد اللاعبين الاجتماعيين على تحديد العوامل الحامية وعلى الحث على الحصزل على أجوبة فعّالة. ينبغي تحمّل المسؤولية من قبل المؤسسات الحكومية بشكل رئيسي، من أجل ربط الجهود مع مؤسسات أخرى تعمل في هذه المنطقة. إذ إنّ استراتيجية المدارس الصحّية تخلق فرصة لتحويل الإطار المدرسي إلى مساحة ترعى الإنتاج الاجتماعي للصحّة.

Healthy Schools Initiative in the Departments of Asunción, Central, Misiones, Itapúa y Cordillera in Paraguay

المثل التاسع: تعزيز الأطر وأنماط العيش الصحّية في المدارس الابتدائيّة

الكتّاب: لوز مونْريال وباستور فِرناديز وكْريستينا غرسيا وإلْبا أبْريل وهِكْتور هرْنانْديز وسوفيا كويفاس.

بادرت "المؤسسة الوطنية للصحّة العامّة" في مكسيكو عام 2006 إلى إقامة مشروع تعزيز الأطر وأنماط العيش الصحّية في المدارس الابتدائيّة في أربع ولايات مكسيكيّة، وذلك بالتعاون مع خدمات الصحّة في ولايتيْن، ومركز الأبحاث حول الطعام والتنمية، ومدارس رسمية في الولايات الأربع. وقد موّل هذا المشروع المجلسُ الوطني للعلوم والتكنولوجيا. واستَخدم المشروع مقاربةً متكاملة لتحسين البيئة المادّية والعاطفية والاجتماعية للأطفال في عمر المدرسة، كما طُرحت المشكلات التي تؤثّر على هذه الفئة العمريّة، كزيادة الوزن والبدانة، والإدمان، والتدهور البيئي، والعنف الاجتماعي والعائلي.

بدايةً، جرى إنشاء مجموعات مركّزة مع معلّمين من الولايات الأربع للمساعدة على تعريف المحدّدات الاجتماعيّة (العيش والعمل وظروف التعليم، والبيئة المادّية، والعوامل الاجتماعية النفسيّة، وشبكات الدعم العائليّة والاجتماعيّة، الخ) التي كانت تؤثّر على السكّان في المناطق التي كانت ستُنفّذ فيها المبادرة. السمات الأساسيّة التي وُجدت لدى عائلات طلاّب المدارس كانت ما يلي: طبقة اجتماعية دُنيا، ومستوى تعليمي منخفض لدى الأهل، وفقر، وهجرة إلى الولايات المتّحدة. في المرحلة الأولى، جرى جمع بيانات قياس الخط الأساسي الذي انطلقت من المبادرة: الوزن/العمر، والوزن/الطول، والعمر/الطول، ووجود تسّوس في الأسنان والتدخين، وكانت النتائج التالية: تعايش سوء التغذية مع زيادة الوزن أو البدانة بين أطفال كافة المدارس المشارِكة، وتواجد عالي لمشكلات الأسنان، ونسبة مئويّة ملحوظة للأطفال الذين يدخّنون و/أو يستهلكون المشروبات الكحوليّة.

في المرحلة الثانية، نُفّذت التدخّلات التربويّة ربطاً بمواضيع كالتالية: التقدير الذاتي وفلسفة السلام، والحماية البيئية والرعاية، ومكافحة التدخين، والتغذية النظافة الصحّية. نتيجةً لذلك، لوحظت زيادات في المعرفة عن الطعام الصحّي والنظافة، فضلاً عن تحسن في المهارات المرتبطة بفرز النفايات ورعاية الموارد الطبيعية. كما صرّح المعلّمون عن تدنٍّ في العنف وزيادة في استخدام طرق أكثر سلماً لحل النزاعات بين أطفال المدارس. كما جرى تأليف لجنتيْن صحّيتيْن: واحدة مكوّنة من الأطفال والأخرى من الأهل. إضافةً إلى ذلك، أُسّست روابط بين المدارس والمراكز لتسهيل وصول الأطفال إلى الخدمات.

في هذه الأثناء، يُذكر أنّ الأطفال عانوا من بعض الصعوبات في تطبيق ما تعلّموه في المبادرة خارج الإطار المدرسي، ما أضاء على محدوديّة المبادرات المرتكزة إلى المدرسة والتي لا تشمل المجتمع المحلي بأسره. كان هنالك كذلك صعوبات في التأثير على الوكالات المسؤولة عن تطوير السياسات العامّة (بيع الطعام الصحّي في المدارس والجوار) في ولايتيْ غيريرا وموريلوس من الولايات الأربع المعنيّة. أمّا في ولايتيْ جالِسكو وسونورا، حيث كانت أصلاً قواعدُ بيع الطعام ضمن المدارس مستتبّةً، فقد تمكّنت المبادرة من رفع وعي العائلات بما يتصل باستهلاك الطعام الصحّي.

لقد ساهم المشروع في دمج مقاربات تعزيز الصحّة الأكثر شموليّةً في المبادرات التي كانت تقوم بها "المؤسسة الوطنية للصحّة العامّة"، مثل الترويج لتأسيس مجموعة بحث حول "تعزيز أنماط العيش الصحّية".

Promotion of Healthy Settings and Lifestyles at Primary Schools of Four Mexican States

المثل العاشر: حركة الصحّة النفسية المجتمعيّة

نودّ شكر ماريا غوديْ على مساعدتها على تحضير دراسة الحالة هذه.

تهدف "حركة الصحّة النفسية المجتمعيّة"، في بوم جارديم في فورتاليزا في البرازيل، إلى تأمين الخدمات لأشخاص مصابين بأنواع مختلفة من المشكلات النفسيّة أو الذهنية، من أجل تحسين اندماجهم في المجتمع المحلي، وتعزيز التمكين الفردي والجماعي والاجتماعي. وتنفَّذ الحركة في 22 مركزاً مجتمعياً في خمسة أحياء في منطقة "بوم جارديم الكبرى" في بلدية فورتاليزا. تركّز المبادرة على العائلات المعرّضة للخطر والضعيفة والتي تعيش في فقر مدقع. وتتميّز هذه المجموعات السكّانيّة بمستوى تعليمي منخفض وبطالة وغياب الفرص وتقدير للذات ضعيف.

بدأت المبادرة عندما شكّلت قيادة المركز الديني المحليّ والإرساليّات التي تعمل في المنطقة مجموعة متطوّعين لتأمين المسكن والإرشاد للسكّان الذين لم يكن لديهم في ذلك الوقت أي منفذ إلى خدمات الصحّة النفسيّة. بدايةً، كانت الجهود لإشراك الحكومة المحليّة دون جدوى، ولكن، مع تغيير الحكومة في عام 2005، اكتسبت المبادرة اعترافاً أكبر ودفعاً أشمل، ما أدّى إلى إقامة التحالفات وزيادة في سيلان الموارد لتوسيع التحرّكات والخدمات. ويشمل أصحاب المصلحة المنخرِطين حاليّاً في المبادرة أقسامَ الصحة المحليّة وأقسام الصحّة على صعيد الولاية، والسكّان الأصليين، والجامعات المحليّة، والقطاع الخاص، والجمعيات غير الحكوميّة التي تعمل مع الشباب الجانح، وبرنامج مكافحة عمل الأطفال.

تضمّنت المبادرة استراتيجيات متنوعة لتحقيق غاياتها. فأقيمت مجموعات علاج مجتمعيّة، فضلاً عن مجموعات أخرى تهدف إلى تيسير مسارات العلاج الفردي ضمن التحرّكات الجماعيّة (العلاج من خلال الفن، ومجموعات دعم تقدير الذات، والرقص الجماعي، الخ). وقدّمت دورات وورش عمل حول العلاج بالتدليك، والطب البديل عبر استخدام الطاقة في الجسم، والتنفس والاسترخاء. كما عُرضتْ نشاطات موسيقيّة في أماكن عامّة باعتبارها طريقة في تملّك المجتمع المحلّي للأمكنة التي كان يسيطر عليها تهريب المخدّرات والعنف، فضلاً عن نشاطات متنوعة ثقافيّة وفنّية مجانية لكافة أعضاء المجتمع المحلي (دروس في الموسيقى واللغات والرسم والمسرح). إضافةً إلى ذلك، أقيمت حديقة مجتمعيّة وصيدليّة وجرى تأمين التدريب للشباب. وأخيراً، وُضعت الجهود لدمج الأشخاص المصابين باضطرابات نفسيّة في هذه النشاطات من أجل دعم مسار تخفيف الوصمة المرتبطة بمشاكل الصحّة النفسيّة ودعم إخراج هؤلاء الأشخاص من المؤسسات.

جاءت التقارير بنتائج إيجابيّة جرّاء هذه المبادرة. تحوّل الموقف المجتمعي العام تجاه التعاطي مع السكان المهمّشين من منظور فردي إلى منظور جماعي واجتماعي. كما تحسّنت هويّة المجتمع المحلّي، حيث بدأ سكّان "بوم جارديم" يشعرون بالاعتزاز بحيّهم، فيما كانوا قبل ذلك يطلقون عليه صفات البشاعة والعنف. وتأسست شبكة لمساعدة أعضاء المجتمع المحلّي على الاهتمام بشكل أفضل بأنفسهم. وأقيمت روابط جديدة مع أصحاب مصلحة آخرين يعملون في المجتمع المحلّي ومع القطاع الخاص. وقد صرّح الشباب في المجتمع المحلّي عن تحفيز أكبر للوصول إلى مستوى تعليمي أعلى، وخفّت الوصمة المرتبطة بالمشكلات النفسيّة. كما حصلت المبادرة على اعتراف وطني وعلى جوائز متنوعة وطنية وإقليمية.

أمّا التحديات، فقد شملت التغيير الحكومي الذي أدّى إلى بعض التأخيرات وإلى التردّد إزاء استمرار المبادرة، فضلاً عن صعوبات في صيانة الموارد وزيادتها فيما كانت المبادرة تتوسّع، بالإضافة إلى امتناع مؤسّسات أخرى عن التعاون مع نشاطات المبادرة.

هنالك وصمة كبيرة اجتماعيّة مرتبطة بالأمراض النفسية والذهنية، لاسيّما عندما تكون مرتبطة بسكّان فقراء ومهمّشين. وقد أظهرت هذه التجربة إمكانية تطبيق أمور كالتمكين وتحسين رأس المال الاجتماعي وتوسيع النشاطات العلاجية والتعليمية لهذه الفئة السكانية. كما عزّزت المبادرة طرقاً جديدة للنظر إلى مسائل الصحّة النفسية شاملة ومتحوّلة.

The Community Mental Health Movement of Bom Jardim, Fortaleza, Brazil

المثل الحادي عشر: مبادرة "وجوه وأصوات وأمكنة"

نود شكر الأفراد والمنظمات التالية أسماؤها لمساعدتها على تحضير دراسة الحالة هذه: جيراردو غالفيس، وإدالي ليدسمان، وساندرا موريلّو، وكزينيا بُستامانت، وفريق الصحّة المحلي في مدينة ميلي، ومجلس الأمن الغذائي في كورّيدورس.

بدأت مبادرة "وجوه وأصوات وأمكنة" في كورّيدورِس في كوستاريكا (أميركا الوسطى) عام 2006، كجزء من مبادرة أوسع أُطلقت في عام 1998 لتحسين الأمن الغذائي والتغذية في المنطقة. ركّزت المبادرة في كورّيدورِس أيضاً على المياه والصرف الصحي. وقد شاركت وزارة الصحة والحكومة البلدية وخدمات الصحة المحلية ومجموعات مجتمعية ومدارس محلية وسوبر ماركت وجمعية "القناة الريفية" و"منظمة الصحة للبلدان الأميركية" والهيئة المحليّة للغذاء الآمن. وتمّ تأسيس مكتب للمبادرة في البلدية لتسهيل التنسيق والتنفيذ ونشاطات المتابعة. وسمح التنظيم المجتمعي القائم بالتزام أكبر من جانب كافّة المنخرطين بالعمل جماعياً.

عملت المبادرة مع النساء وجماعات السكان الأصليين ومع الأطفال في مشاريع مختلفة مثل الزراعة وصناعة الخبز. وشارك الأطفال في تصميم برامج إعادة التدوير وتطبيقها ضمن المدارس. وجرى إنشاء حديقة مجتمعية في كلٍّ من مجتمعَيْن محلييْن أصليّيْن شملت إنتاج الأطعمة، وهدفت إلى تأمين العيش للناس وإلى البيع. وجرى تقديم التدريبات والموارد إلى العاملين في التخلّص من النفايات الصلبة (الكفوف والملابس المناسبة) وتكوّنت لجنة محليّة من العاملين في التخلّص من النفايات الصلبة، من أجل تحسين القدرات وزيادة منزلة هذا العمل المهم الذي كان يساهم في التنمية المحلية والاستدامة البيئية.

كما عزّزت المبادرة المزيد من وعي المسائل المتعلّقة بالأمن الغذائي والتغذية، وذلك ليس فقط على مستوى المنازل بَل أيضاً على المستوى المجتمعي. وانخفضت نسبة وفيّات الأطفال في كورّيدورِس منذ بداية المبادرة، ما عُزي إلى زيادة وعي الشعب وتثقيفه. أصبحت كافّة الأمهات تتلقى الآن رعاية ما قبل الولادة، بغض النظر عن وضعهنّ الاجتماعي. كما لوحظ زيادة في مستوى التمكين المجتمعي، إذ أظهر أعضاء المجتمع ثقةً أكبر في تحديد المشكلات ومناقشة الحلول مناقشة مشتركة. فضلاً عن ذلك، صرّح أخصائيّون في الصحة أنّهم أصبحوا يشعرون بتحفيز إضافي للعمل مع المجتمع المحلّي.

ولقد ساعد العمل ضمن إطار عمل مبادرة "وجوه وأصوات وأمكنة" على جذب الانتباه الوطني لهذه المنطقة من البلاد، ما أدّى إلى المزيد من الالتزام وازدياد في الموارد المتوفّرة للعمل مع هذه المجتمعات المحلية والفئات السكانية المعرّضة والمهمّشة. كما ساعد العمل في مسائل مرتبطة بالأمن الغذائي والمياه والنظافة على تحديد مسائل أخرى مهمّة للمجتمع المحلي وعلى التأثير عليها، مثل التدهور البيئي والعنف ضمن العائلة. ونتيجة لذلك، تحوّل تركيز المبادرة إلى محدّدات الصحّة، ما جَمَعَ مؤسسات وقطاعات مختلفة، وأضاء على دورها في الرفاهة المجتمعية.

من جهة أخرى، فإن عدم وجود إدارة جيدة على المستوى الوطني كما في بعض المؤسسات المعنيّة اعتُبر تحدّياً ملحوظاً. إضافةً إلى ذلك، تسبّب في بعض الصعوبات عدمُ وجود متابعة من قبل الكوادر الفنية على الصعيد الوطني، والناجم في معظمه عن موقع البلدية النائي. كما أعاق نجاحَ هذه المبادرة المستوى العالي لتسرّب الأطفال من المدرسة من أجل لعمل في الحقول، وذلك بالرغم من بعض الجهود التي بذلها مدراء المدارس لإبقاء الأطفال في المدارس.

ومن خلال طرح المحددات المختلفة للصحة، حسّنت هذه المبادرة بنجاح نوعيّة الحياة في المجتمع المحلّي، عبر تمكين المرأة لتكون أكثر استقلاليّةً ولتلعب دوراً أكثر فعالية على المستوى الفردي والأُسري والمجتمعي، وعبر تحسين فرص الحصول على الغذاء وتحسين نوعيّته، وعبر تحسين دخل الأسرة. كما ساعد ذلك على تعزيز التماسك الاجتماعي وقدرة المجتمع المحلّي على تنظيم نفسه والانخراط في إيجاد حلول لمشاكله الخاصة. هذه التجربة تسلّط الضوء على أهمّية تجاوز تحديد المشاكل التي تؤثّر على المجتمع المحلي إلى فهم جذورها أيضاً وفهم وقدرة السكّان على اتّخاذ القرارات والتحرّك فردياً وجماعياً.

Faces, Voices and Places initiative in the municipality of Corredores, Costa Rica

المثل الثاني عشر: الاكتشاف المبكر لسرطان الصدر من خلال خدمات فحص الثدي المتحرّكة

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم لمساعدتهم على تحضير دراسة الحالة هذه: أدريانا سيرّا، وإيلينا مارتينز، وماريا شارفي، وماريانا بيريرا، وماريو غونزاليز، وروزانا روس.

أطلقت خدمات فحص الثدي المتحرّكة، وهي جزء من برنامج الاكتشاف المبكر لسرطان الصدر الذي تنسّقه اللجنة العليا لمحاربة السرطان، في العام 2003 في أربع بلديات في ولاية كولونيا في بلاد الأوروغواي. كان الهدف تحسين الاكتشاف المبكر للأورام الخبيثة، فضلاً عن تحسين الرعاية الذاتيّة، والفحص الذاتي للصدر من قبل النساء في تلك المناطق. لم تكن فحوص الثدي متوفّرة للنساء في تلك المناطق النائية من البلاد قبل هذه المبادرة، ما كان يتطلّب سفرهنّ إلى عاصمة الولاية للحصول على هذه الخدمات. وكان ذلك يوثّر على نساء أفقر قطاعات المجتمع بشكل غير مقبول.

وقد شارك مختلف أصحاب المصلحة المحليّين في مرحلة التخطيط لهذه المبادرة من خلال إنشاء لجنة محليّة في كل من البلديات المختارة. جمعت هذه اللجنة المحلية المالَ لتغطية تكاليف إيصال العيادة المتنقّلة إلى المجتمعات المحلية، ولدفع تكاليف الأخصائيين في مجال الصحة العاملين في العيادة. كما عرض أفراد المجتمع المحلّي نقل النساء غير القادرات على الوصول إلى العيادة المتنقلة من تلقاء أنفسهنّ، إمّا بسبب بعد المسافة أو بسبب وجود إعاقات جسدية. ونظرا لمحدودية توافر الخدمات النقّالة في كل من هذه المجتمعات، كان التركيز في المقام الأول على النساء اللواتي بلغن 40 عاماً أو أكثر، والقاطنات في الأحياء الأكثر فقراً، وغير القادرات على الوصول إلى الخدمات الصحية الدوريّة.

تمكّنت المبادرة من إجراء فحص الثدي على 5392 امرأة من حوالي 10,500 امرأة تجاوزن سن الأربعين في تلك البلديات، ما شكّل حوالي 51% من هذه المجموعة السكّانية. الطلب على الخدمات كان عالياً، وبالرغم من جدولة 100% من المواعيد المتوفّرة، بقيت لدى كل بلدية لائحة انتظار طويلة من النساء اللواتي كنّ يردن الحصول على معاينة. نتيجةً لذلك، وُضعت آلتان لفحص الثدي ثابتتان في موقعيْن ضمن المبادرة. وبالرغم من وجود هذه الخدمات الآن فقط في العيادات الخاصّة، جاء ذلك نتيجة لطلب الناس على الخدمات.

في البداية، واجهت المبادرة بعض الممانعة. بعض النساء لم كن يعرف فحص الثدي جيّداً، ما أدّى إلى شعورهنّ بالخوف والقلق من القيام بهذه المعاينة. كان من المهم أن تُشرح لهنّ الخلفيّة العلميّة لهذا الفحص، والتأكّد من فهمهنّ لمدى الفائدة من القيام بهذا الفحص. من هنا، خُلقت ونفّذت حملة إعلاميّة وتثقيفيّة من قبل قادة محلّيين من خلال الإعلام لطرح الهموم والمخاوف الأساسية للناس ربطاً بفحوص الثدي.

كذلك رفعت هذه المبادرة بنجاح وعي سرطان الثدي من خلال حملة مستمرّة موجهّة نحو تحسين معرفة النساء بأجسادهنّ وحقوقهن. ومع أنّ ذلك حسّن الرعاية الذاتية للمرأة ووعيها سرطان الثدي فقد خلق بعض التحدّيات للمبادرة كالتجاوب مع طلبات الخدمات التي ولّدتها هذه المعرفة المتزايدة.

وتمتّعت البلديات المشاركة في هذه المبادرة بمستوى عالٍ من التنظيم والمشاركة المجتمعية، ما ساهم بشكل كبير في التطبيق الناجح والتخطيط للنشاطات. من جهة أخرى، كان هنالك تنافس كبير بين هذه المواقع، ما خلق صعوبات حالت دون إنشاء شبكات وروابط تعاونيّة.

أدّت المبادرة كذلك إلى تطوير سياستيْن مهمّتيْن، واحدة تسمح للنساء بيوم عطلة سنويّاً للقيام بفحص الثدي، والثانية تؤمّن فحصاً مجّانيّاً للثدي كل سنتيْن للنساء بين 40 و59 عاماً.

Early Detection of Breast Cancer through Mobile Mammography Services in Uruguay

المثل الثالث عشر: مبادرة "أماكن عمل خالية من التبغ"

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم لمساعدتهم على تحضير دراسة الحالة هذه: أدريانا سيرّا وإيلينا مارتينز، وماريا شارفي، وماريانا بيريرا، وماريو غونزاليز، وروزانا روس.

أطلقت مبادرة "الأبنية الخالية من التدخين" في عام 2002 للمحافظة على بيئة عمل خالية من التدخين في مصنع سكّر في منطقة أَزوكارْليتو بالأروغواي. بدأت المبادرة استجابةً لاهتمام عبّرت عنه إدارة المصنع ومجموعة من الموظّفين للعمل في إطار خالٍ من الدخان. الواقع الأوّلي حدّد وجود 10% من عمال المصنع مدخّنين، ولم تكن برامج إيقاف التدخين التي نفّذت سابقاً لمساعدة الموظّفين على ترك هذه العادة قد فعلت فِعلها.

في البداية، هدفت النشاطات إلى زيادة المعرفة عن الغواقب السلبيّة للتدخين والمنافع الإيجابيّة لجعل المساحات خالية من تدخين التبغ. كما جرى نقاش حول التمييز بين "المدخّنين المباشرين" والمدخّنين غير المباشرين". وتشكلت مجموعات لمناقشة المسؤوليّات الفردية والجماعيّة لصحّة الجميع، ويَسّر هذه النقاشات طبيبٌ وأخصّائي في تعزيز الصحّة. كما تألّفت مجموعات دعم لإيقاف التدخين. في النهاية، طُبّقت السياسة من قُبل الإدارة العليا إذ أعلنت أَزوكارْليتو "مكان عمل خالياً من التدخين"، وحددت عقوبات ستطبّق على كل من لا يلتزم بالقواعد الجديدة.

نتيجةً لذلك، أقلع العديد من الموظّفين عن التدخين، فيما خفّف آخرون بشكل ملحوظ عدد السجائر يوميّاً. واكتسبت المبادرة اهتماماً إعلاميّاً، ما روّج لاعتبار أَزوكارْليتو "أوّل مكان عمل خالٍ من تدخين التبغ" في البلد، وحفّز منظمات أخرى على إطلاق مبادرات خاصّة بها لجعل أمكنة العمل خالية من التدخين.

العوامل الجوهريّة التي أدت إلى نجاح المبادرة شملت القيادة والتنسيق اللذين قام بهما مُنظِّم مجتمعي من اللجنة العليا لمكافحة السرطان، فضلاً عن المشاركة الواسعة والدعم من كافّة المستويات ضمن الشركة. إذْ كانت شركة أَزوكارْليتو قد عبّرت عن التزام بحماية صحّة عمّالها، ما ولّد دعماً من مستويات عالية في إدارة الشركة. وقد سلّط الضوء على القيادة أحد المدراء بشكل خاص، والذي كان مدخّناً سابقاً عانى من تبعات صحّية خطرة نتيجة لهذه العادة، ما شكل عاملاً أساسياً في نجاح التجربة. كما شارك العمال بفعاليّة في كافّة مراحل المبادرة. أمّا التحدّيات، فلقد تضمّنت ممانعة عن المشاركة في نشاطات المبادرة وبرامجها من قبل المدخّنين في الشركة، لاسيّما أصحاب المناصب العالية في الإدارة.

أسّست مبادرة أَزوكارْليتو "خالية من التدخين" نموذجاً مهمّاً ومبتكراً لبرامج تعزيز الصحّة والسياسات في أوروغواي. وقد لاقت التجربة اعترافاً وطنياً جرى تكرارها في مؤسّسات عديدة. كما عملت كنموذج لتطوير المرسوم الوطني 268/05 الذي يمنع التدخين في كافّة الأماكن المغلقة في البلدة كجزء من المبادرة الوطنيّة "أمكنة خالية من تدخين التبغ 100%".

: Azucarlito “Free of Tobacco Smoke Workplace” Initiative in Uruguay

المثل الرابع عشر: جعل مبنى مجلس البلديّة مكانَ عمل خالياً من التدخين

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم على مساعدتهم على تحضير دراسة الحالة هذه: أدريانا سيرّا، وإيلينا مارتينز، وماريا شارفي، وماريانا بيريرا، وماريو غونزاليز، وروزانا روس.

أُطلقت مبادرة "مبنى مجلس بلدية ريفِرا خالٍ من التدخين" عام 2004، وذلك بهدف تحويل المبنى الرئيسي لمجلس بلدية ريفرا، في بلاد الأوروغواي، إلى مكان عمل خالٍ من التدخين. صمّم المبادرة وطبّقها موظّفو البلدية ومنسّقٍ من اللجنة العليا لمكافحة السرطان. كما جرى تعاونٌ مع البرنامج الإذاعي "بيننا جميعاً"، الذي ساعد على نشر المعلومات عن المبادرة ونتائجها إلى سائر السكّان.

بدايةً، تكوّنت مجموعة عمل اسمها "مجموعة جودة الحياة"، مؤلّفة من موظّفين وإداريين من مختلف أقسام مجلس البلدية، وقُدّم لهم مكان عمل فيه هاتف وكومبيوتر وطابعة ووصول إلى الإنترنت. التقت مجموعة العمل دورياً لمناقشة القرارات والنشاطات المرتبطة بالمبادرة. في مسار المشروع، تغيّرت المجموعة وفقاً لمهمّات المبادرة المتنوّعة ومراحلها. ولقد سُلّط الضوء على تنوّع المجموعة والمستوى العالي من الالتزام والمشاركة من قبل أعضائها على أنه أحد العوامل الأساسية المؤثّرة على نجاح المبادرة.

وكانت إحدى مساهمات المجموعة الرئيسية كتابة مسودّة سياسة داخليّة متعلّقة بالتدخين في أماكن العمل. وبعد الموافقة عليها، أدّت هذه السياسية إلى خلق مطارح مخصّصة للتدخين، وحوّلت مبنى مجلس بلدية ريفِرا إلى أوّل مبنى بلدية في الأوروغواي خالٍ من التدخين 100%. اعتلرف رسميّاً بالمبادرة مكتب رئيس البلدية ووافقت الهيئة التشريعيّة في المدينة على تغييرٍ في نظام البلدية الأساسي لدعم المبادرة. ولقد زادت مشاركة رئيس البلدية في النشاطات خلال مسار المبادرة، كما دعمت اتّحادات العمّال المحليّة الجهود.

جرى تطوير حملة توعية لتشارك المعلومات عن ضخامة حجم المشكلة ومخاطر التدخين المباشر وغير المباشر للعاملين في المبنى. وتمّ ذلك من خلال عروض وورش عمل مع طبيب متخصّص في السرطان وأساتذة جامعات، فضلاً عن ملصقات كبيرة وصغيرة ومواد ترويجية أخرى كالرقعة التي توضع تحت فأرة الحاسوب (الكومبيوتر). كما وُضعت منافض السجائر في أماكن استراتيجية، مع تذكير للناس بإيداع سجائرهم قبل الدخول إلى أماكن العمل.

وأحد التحديّات الأوّلية كان أن الإدارة والموظفين وحتّى الخدمات الصحية لم يعتبروا التلوث الذي يسبّبه الدخّان في أماكن العمل مشكلة. وفيما تزايد الوعي نتيجة لجهود المبادرة، بدأ يُنظر إلى هذه المسألة على أنّها مشكلة تحتاج إلى معالجة. وقد لوحظ أيضا تأثيرٌ إيجابيٌ لهذه المبادرة على إدراك موظفي الخدمات الصحية المحلية لكيفية تأثير دخان التبغ على صحّة السكان، وقد أدّى ذلك إلى دعم الخدمات الصحية لأنشطة المبادرة وزيادة تعزيز السياسات العامة المحلية لمكافحة تلويث الدخان لأماكن العمل.

أمّا أحد العوامل الأساسية التي أعاقت نجاح المبادرة فكان غياب الإرادة لدى بعض الموظّفين للإقلاع عن التدخين في العمل. هدفت السياسة إلى جعل المدخنين إمّا يتوقّفون عن التدخين أو حصر استهلاكهم التبغ على الأماكن غير المرتبطة بالعمل. من جهة أخرى، تطلّب الأمر إنفاذاً كثيفاً وثابتاً من أجل التخفيف من تلويث الدخان لأماكن العمل.

كانت المبادرة مستدامة وتمكّنت من المحافظة على مستوى عالٍ من المشاركة من أجل صيانة النتائج التي حققتها. فخفّ التلوّث الذي يسبّبه التدخين في المبنى كما تناقص عدد المدخّنين بين الموظّفين. وقد أصبحت سياسة عدم التدخين في موضعها ومحترَمة. وحاليّاً، تركّز مجموعة العمل على توثيق التجربة من أجل نشر نتائجها والدروس المستفادة في المجتمع المحلي وبين أخصّائيي الصحّة.

Making the Rivera Town Council a Free of Tobacco Smoke Workplace in Uruguay

المثل الخامس عشر: تعزيز صحّة الشرايين القلبية والوقاية والتثقيف في تالا، في أوروغواي

نود شكر الأفراد التالية أسماؤهم على مساعدتهم في تحضير دراسة الحالة هذه: أدريانا سيرّا، وإيلينا مارتينز، وماريا شارفي، وماريانا بيريرا، وماريو غونزاليز، وروزانا روس.

هدفت هذه المبادرة المرتكزة إلى المجتمع المحلّي، والتي طُبّقت منذ عام 2002 في بلدية تالا في كانيلون (في بلاد الأوروغواي) إلى تعزيز فهمٍ أفضل لمفهوم شمولي للصحّة وإلى تعزيز عمليات تبنّي أساليب عيش صحّية. شملت المبادرة الحكومة المحليّة، والمنظمات المجتمعية المحلية، وخدمات الصحّة الخاصّة والعامّة، والمدارس في الريف والمدينة، والمراكز الدينية المحلّية، والهيئة العليا لصحة شرايين القلب، والجسم الأكاديمي، والمنظمات الرياضيّة، وأخصائيّي الصحّة، وعمّال الصحّة المجتمعيين، وقادة المجتمع المحلّي. بدايةً، جرى تحديد الواقع لرسم خط الأساس الذي تنطلق منه ودراسة صورة واقع  والمشكلات الأساسية التي تؤثّر عليه، ما أظهر فئة سكّانية مسنّة تعاني من العيش في أوضاع سيئة كان من الممكن تجنّبها. سبّبَ هذه الظروف بشكل أساسي التغييراتُ في عادات الأكل، وأسلوب الحياة قليل الحركة، والإدمان على الكحول، والتدخين، والاستهلاك العالي للأدوية النفسيّة والعصبيّة، وتدهورُ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تؤثّر على صحّة شرايين القلب. وكانت نسبة البطالة عاليةً بشكل استثنائي، لاسيّما لدى سكّان الريف، كما كانت الخدمات الصحّية تركّز بشكل حصري على تأمين العلاج مع القليل النادر من التعزيز والوقاية ونشاطات التثقيف.

احتوت نشاطات المبادرة على أمور متنوعة مثل الحملة الإعلاميّة عن أهمّية أساليب الحياة الصحّية، وإدخال فرق  الصحّة في المدارس، وتأسيس مجموعات مجتمعيّة، ونشاطات لبناء القدرات. كما أسفرت هذه الجهود الأولّية عن سلسلةٌ من المشاريع (التخلص من النفايات بشكل سليم، ومكافحة الحشرات ناقلة الجراثيم، والوقاية من الأمراض المتناقلة جنسيّاً، ومكافحة الإدمان على المخدّرات والعنف المنزل...الخ)، وجرت كافّة هذه المشاريع تحت نفس خط التحرّك الاستراتيجي مع التركيز على المجموعات السكّانيّة الأضعف التي تعاني من مخاطر محدّدة متعلّقة بشرايين القلب (البدانة والسكّري والإدمان...الخ).

وتضمّن بعض النتائج التي لوحظت ما يلي:

  • زيادةً في الوعي لدى أخصّائيي الصحّة في ما يتعلّق بأهمّية تعزيز أسليب الحياة الصحّية،
  • فهماً أفضل لاستراتيجيات تعزيز الصحة وآليّاتها،
  • قبولاً أكبر للجهود التي نُفّذت بطريقة تشاركية شملت المجتمع المحلي،
  • زيادةً في المعرفة وفي العادات الصحّية لدى المراهقين والكبار،
  • مشاركة أكبر وانعزال أقل من قبل المسنين،
  • فهماً أفضل للمسائل المتعلّقة بالصحة المدرسيّة بالترابط مع تطبيق عمليات متابعة أكثر فعاليّة
  • نظام إحالة،
  • تأسيس مجموعات صحيّة مجتمعية كمجموعة "كبار يتحرّكون" التي تعمل على مكافحة العنف المنزلي.

أحد العوامل الداعمة لهذه المبادرة كان التغيير في الحكومة المركزيّة الذي حصل في العام 2005، ما أدّى إلى زيادة في التطوّرات التكنولوجيّة وتشديداً أكبر على المسائل الصحّية في الإعلام. كما أدّى إلى تغيير بنيوي في النظام الصحّي الذي أصبح يوجّه نفسه أكثر نحو تعزيز الصحّة والتثقيف، ويقوّي استراتيجيات الرعاية الصحّية الأوليّة. ونتج عن ذلك ضم مختلف اللاعبين الاجتماعيين على المستوى المحلّي في عمليّة اتّخاذ القرار، ما سهّل بشكل كبير التخطيط للمبادرة وتنفيذها، وقد ولّد ذلك بدوره اهتماماً أكبر والتزاماً من قبل المجتمع المحلّي بالمبادرة.

Community Promotion, Prevention and Education for Cardiovascular Health in Tala, Uruguay

Contributor 
فِيْل رابيْنوفيتز
وسْتِيفِن فَوْسِت
ورينيه فرانكْلِن بِرون