استمارة البحث

Section 13. MAPP: Mobilizing for Action through Planning and Partnerships

  • ما هي "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟
  • لماذا استخدام "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟
  • مَن يجب أن يكون جزءاً مِن هذا النموذج ومن يجب أن يستخدمه؟
  • متى نستخدم عملية  "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟
  • كيف ننفّذ عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟

يصف هذا القسم، كالأقسام الأخرى من هذا الفصل، عملية يمكنكم استخدامها لتحسين نوعيّة الحياة في مجتمعكم المحلّي، وتركّز عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" على الصحّة من منظورٍ مجتمعي، لذا من السهل رؤية كيف يمكن تكييفه لطرح مسائل مجتمعية أخرى كذلك. وهو يشمل العديد من السمات المماثلة لتلك الموجودة في النماذج الأخرى من هذا الفصل: عملية تشاركية توجّهها رؤيةٌ أنتجها المجتمع المحلي، واستراتيجيات وأهداف مبنيّة على قياس أولويات المجتمع المحلي وحاجاته، وخطّة تحرّك تنمو من الرؤية والغايات، وتقييمات للعملية بذاتها وللتطبيقات ولنتائج خطّة التحرّك، تاركين الأعين متجّهة نحو تحسين فعاليّة "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" في المجتمع المحلي، فيما تجري صيانتها مع الوقت.

الفرق الأساسي، دون أن يكون الوحيد، بين هذا النموذج وغيره، هو طبيعة دراسة المجتمع المحلي، التي تتطلّب في الحقيقة القيام بقياس أربعة مجالات منفصلة رغم ارتباطها ببعض، ودمج نتائج القياسات. الغرض هنا هو خلق صورة كاملة قدر الإمكان عن صحة المجتمع المحلي ومقدّراته وحاجاته، وذلك من أجل الفهم الشامل لماهية التغييرات الواجب حصولها، وكيف يمكن تحريكها.

سيقودكم هذا القسم في عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، ويناقش كيف يمكن تكييفها لطرح مسائل أخرى غير الصحّة. سننظر على الطريق كذلك في كيفية تكييف هذه العملية مع منظمات أو مجتمعات محلّية أصغر وذات موارد محدودة. اسم العملية الأصلي هو:

Mobilizing for Action through Planning and Partnerships (MAPP)

ما هي "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟

جرى تطوير هذه "العملية" كمشروع مشترك بين "الجمعية الوطنية لمسؤولي الصحة في المدينة والمقاطعة"، و"مركز الوقاية من الأمراض ومكافحتها" وهي الهيئة الحكومية الأميركية التي "تعمل نقطة التركيز الوطنية لتطوير وتطبيق الوقاية من الأمراض ومكافحتها، والصحّة البيئية، ونشاطات تعزيز الصحة والتربية الصحّية المصمَّمة لتحسين صحة الناس في الولايات المتّحدة" (من بيان رسالة المركز).

بما أنّها نتاج منظّمتَيْن مكوّنتيْن من مسؤولين في الصحة العامّة، ليس مفاجئاً أن يكون المقصود من جهود "التعبئة" هذه أن تركّز، ولكن دون حصريّة، على بُنيات الصحّة العامة والمؤسسات المحلّية. الرؤية هي "تحقيق المجتمعات المحلية صحّةً ونوعيّةَ حياةٍ أفضل من خلال تعبئة الشركاء والقيام بتحرّكات استراتيجيّة". إن جزء "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" في الموقع الإلكتروني التابع ل "الجمعية الوطنية لمسؤولي الصحة في المدينة والمقاطعة" يوضح تماماً أن تحقيق هذه الرؤية يعتمد ليس فقط على تحسين مسارات أو منظمات صحية محدّدة، بل على بناء مجتمع صحّي كذلك. (للمزيد عن الجمعية:National Association of County and City Health Officials (NACCHO)

إن مفهوم الصحة الذي يعتمده هذا النموذج هو نفس المفهوم الذي يتبنّاه معظم النماذج في أقسام هذا الفصل، وطبعاً، فإن المفهوم الذي يحكم "عدّة العمل المجتمعي" بأسرها يقول بإن الصحة ليست مجرّد علاج طبّي أو غياب المرض، بل يجب النظر إليها من منظور مجتمعي. ولقد أدركت منظمة الصحة العالمية طويلاً أن الصحّة هي "حالة ديناميكية من العافية الكاملة الجسدية والذهنية والروحية والاجتماعية، وليست مجرّد غياب المرض أو العجز" (اللجنة الإدارية لمنظمة الصحة العالمية، 1998).

النظرة إلى الصحة المرتكزة إلى المجتمع تعني أنّ الصحة الحقيقية لكافة الأفراد يمكن تحقيقها فقط عندما يكون المجتمع المحلي بأسره صحّياً، ويتطلّب ذلك أن يشّجع المجتمع المحلي ويدعم ليس فقط الصحة الجسدية بل أيضاً الصحة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والنفسية والسياسية. للمزيد من النقاش عن هذه النظرة للصحّة، انظروا الفصل 2، القسم 3: مدن صحية / مجتمعات محلية صحية.

وضعت المنظمة العالميّة للصحّة، عام 1986،  في وثيقة يطلق عليها اسم "شرعة أوتاوا"، تسعة متطلّبات لمجتمع محلي صحي، وهي السلام، والمأوى/السكن، والتعليم، والتغذية، والدخل، والنظام البيئي المستقر، والموارد المستدامة، والعدالة الاجتماعية، والإنصاف. وترى المنظّمة أنّه فقط عندما تتوفّر كافّة هذه المتطلّبات للجميع، يمكن أن يكون المجتمع المحلي صحّياً.

 

نموذجَ "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" توجّهُه سبعةُ مبادئ وستُّ مراحل. المبادئ الأساسية هي مهمّة لنجاح تطبيق التعبئة في المجتمع المحلي، والمراحل الست تؤمّن بنية المسار. سنضع هذه المبادئ هنا ونصفها باختصار، على أن نطرحها بتفصيل أكبر في جزء "كيف نعمل" من هذا القسم.

المبادئ الأساسيّة هي:

  1. التفكير على صعيد النظم: يتضمّن مراقبة البنية الأساسية لمسائل الصحة المجتمعية والنُظم، من أجل خلق تغيير إيجابي دائم على مستوى المجتمع المحلي.

  1. الحوار: يؤمّن شمل وجهات نظر متعدّدة وسماع أصوات كافّة أصحاب المصلحة في مسار التعبئة.

  1. الرؤية المشتركة: تضمن تبنيّ المسار والموافقة عليه من قبل كافّة المعنيين، وبالتالي زيادة فرص نجاحه.

  1. البيانات: تؤمّن أساساً صارماً للتخطيط والتحرّك، وليس الأفكار المسبقة أو الروايات أو الحدْس.

  2. الشراكة والتعاون: لا يجعلان المسار أكثر عدلاً فحسب، بل يزيدان أيضاً الوصول إلى الموارد ويضعان مسؤولية النجاح على عدد أكبر من الأكتاف.

  3. التفكير الاستراتيجي: يجعل المقاربة للمسائل والنُظُم مبادِرة بدل من أن تكون ردّة فعل.

  1. الاحتفال بالنجاحات: يبقي الحماس عالياً، ويشير إلى التقدّم والإنجازات الفردية والجماعيّة.

المراحل الست في عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" هي:

  1. التنظيم للنجاح/تطوير الشراكة:

في هذه المرحلة، تُستقطَب مجموعة نواة ولجنة إدارية شاملة، وينظّم المسار ويخطّط له.

  1. خلق الرؤية:

يعمل المجتمع المحلّي واللجنة سويةً لبناء رؤية عامّة ومشتركة للصحة في المجتمع المحلّي، وهي التي ستوجّه التخطيط والتحرّك القادمين.

  1. عمليّات القياس/الدراسة:

كما ذكرنا سابقاً، ربّما كانت السمة الأساسية التي تميّز هذه العملية عن نماذج مماثلة، هي التعمّق في دراسة المجتمع المحلي. هنالك فعليّاً أربع عمليّات قياس، علماً أنّ كلاًّ منها مرتبط بالأخرى:

  • قياس نقاط القوة والمواضيع المجتمعية: يطلب من السكّان تسمية المسائل التي يعتبرونها مهمّة، والتكلّم عمّا يشعرون به تجاه المجتمع المحلّي، وتحديد المقدّرات أو الأرصدة المجتمعيّة (الموارد الموجودة أصلاً في المجتمع المحلّي والتي يمكن استخدامها لطرح الصحّة ومسائل أخرى).

  • قياس نظام الصحّة العامّة المحلّي: يتفحّص كافّة عناصر نُظم الصحة العامّة، من المستشفيات إلى المساعدين الصحّيين في المنازل، بالإضافة إلى كيف تعمل هذه العناصر، وكيف هي بنيتها، وكيف تتفاعل مع قطاعات وعناصر أخرى في المجتمع المحلي، وطبيعة مواردها. تتم هذه الدراسة باستخدام الأداة المحلّية من "البرنامج الوطني لمعايير أداء الصحة العامّة".

    • تؤمّن الأداة المحلّية "للبرنامج الوطني لمعايير أداء الصحة العامّة" معايير ومقاييس للأداء، لقياس الجودة التي يقدّم من خلالها نظام الصحة العامّة خدمات الصحة العامّة الرئيسة. سننظر في الخدمات الأساسية العشر في جزء "كيف نعمل" من هذا القسم. للمزيد من التفاصيل، انظروا الفصل 2، القسم 7: عشر خدمات صحّة عامّة أساسيّة.

     
  • قياس وضع الصحة المجتمعية: ينظر إلى صحّة أعضاء المجتمع المحلي وصحة المجتمع المحلي. هنا تُعتبَر المسائل المتعلّقة بجودة الحياة، كالعمل والسكن والبيئة...الخ، جزءاً من المنظور المجتمعي إلى الصحة أيضاً.

  • قياس قوى التغيير: يراقب ما يجري أو ما قد يجري في المستقبل مما يمكن أن يترك أثراً على الصحة المجتمعية.

  1. المسائل الاستراتيجية:

يبحث المجتمع المحلي واللجنة في البيانات المجمّعة في المرحلة السابقة، من خلال مقاربة تشاركية، لتحديد المسائل المفاتيح الواجب طرحها من أجل تحقيق الرؤية المشتركة.

  1. الغايات / الاستراتيجيات:

ما إن تحدَّد المسائل الاستراتيجية حتى تضع المجموعة غايات، أو أهدافاً، لكل منها بناءً على الرؤية وبيانات القياس، ثمّ تصوغ استراتيجيات لتحقيق هذه الغايات، وترسم هذه الغايات والاستراتيجيات خريطة الطريق انطلاقاً من الأوضاع الحالية للمجتمع المحلي إلى المستقبل المطروح في الرؤية.

  1. حلقة التحرّك:

تتضمّن هذه المرحلة التخطيط والتطبيق وتقييم التحرّك الذي تقوم به المجموعة من أجل تحقيق هذه الغايات. يُنظر إليها كحلقة لأن الفرضيّة هي أنّ المسارَ مستمرّ. التحرّك يقيَّم باستمرار ويعدَّل لتحقيق فعاليّة أعظم. وتستمر حلقة التخطيط / التطبيق / التقييم إلى أن يحقّق المجتمع المحلي رؤيته... ويولّد رؤية جديدة للعمل باتّجاهها.

ملاحظة هنا:

كما شرحنا سابقاً، إنّ نموذج عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" معنيٌّ بالصحّة المجتمعية والنُظم الصحّيّة. ومع أنّه يفترض انضمام مسؤولي الصحّة العامّة وهيئاتها إلى قادة الجهود وأعضاء اللجنة، يرى النموذج أن الصحّةَ مسألة تتخطّى الرعاية الطبّية والوقاية والنُظم الصحّية. من هنا، يمكن استخدام مسار مشابه في التعاطي مع أي نظام مجتمعي آخر كذلك (التعليم، أو الخدمات للأطفال أو للكبار، أو الخدمات الإنسانية)، أو حتّى التركيز على جودة الحياة بشكل عام في المجتمع المحلي. (يمكن القول أنّ أي جهود موجّهة لمجال معيّن تتطلّب تركيزاً على المجتمع المحلي بأسره، وهذا ما أدركه حقل الصحّة.) وبالرغم من تشديد وصف نموذج عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" على النظام الصحّي فإنه يمكن لأي نظام آخر أو للمجتمع المحلي بأسره أن يكون كذلك هدف الجهود التي تستخدم مبادئ النموذج ومساره.

إحدى السمات المهمّة الأخرى لهذا المسار هي أنّه ليس مسعى لمرّة واحدة، بل المقصود به أن يكون حلقة متواصلة، تحافظ على الشراكات الأصليّة وتوسّعها، وتتابع طرح الصحّة المجتمعيّة عبر كافّة الطرق اللازمة. ويجب القيام بالقياسات المجتمعية، بالإضافة إلى الرصد والتقييم للمسار ولطرائقه ولنتائجه بشكل دوري، لكي تستمر الجهود في محاكاة الوقائع الحاليّة للمجتمع المحلي، ولكي تبقى فعّالة قدر الإمكان.

 

لماذا استخدام "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟

  1. "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" تَستخدم مساراً تشاركيّاً:

من خلال شمل كافّة أصحاب المصلحة في القياس والتخطيط والتطبيق، تؤمّن عملية كهذه سماع هموم الجميع وأفكارهم، ويؤكّد أنّ المجتمع المحلي يقود ويتبنّى ملكية نتائج الخطّة مهما كانت، ممّا يجعل احتمال النجاح أعلى، بالإضافة إلى تشجيع قيادات جديدة، ووضع الأساس لمبادرات مجتمعية أخرى. (انظروا الفصل 18، القسم 2: مقاربات تشاركية في التخطيط لتدخلات مجتمعية.)

  1. تستند عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" على الشراكة والتعاون ضمن كافّة أجسام الصحّة العامّة ذات الصلة من جهة، وبين نظام الصحة العامّة والمجتمع المحلي من جهة أخرى:

هذا يعني أنّ الجميع يتحرّك بنفس الاتّجاه مع نفس الغايات ونفس الاستراتيجية، فلا نجد ازدواجيّة أو تناقضاً في الجهود. وكَما في حال المشاركة، تجهّز العملية المنصّة للتعاون في مجالات وجهود أخرى. (انظروا الفصل 5، القسم 5: إنشاء ائتلاف (1): بدء ائتلاف والقسم 6: إنشاء ائتلاف (2): صيانة الائتلاف.)

  1. جرى بناء عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" عبر استخدام معلومات مجمَّعة من جهود تخطيط سابقة:

هذا يزيل تكرار الأخطاء القديمة، ويبني على عناصر برهنت عن فعاليّتها.

  1. تحمل هذه العملية معها أربع عمليات قياس مختلفة للحصول على أوضح صورة ممكنة عن مسائل الصحة المجتمعية والنظم:

من خلال النظر إلى المجتمع المحلي ونظام الصحّة العامّة من وجهات نظر مختلفة (هموم المجتمع المحلي ومقدّراته وإماكاناته، ووضع النظام المحلّي للصحّة العامّة، ووضع الصحة والمسائل في المجتمع المحلي، والتغييرات التي تلوح في الأفق)، تؤمّن العملية معلومات قدر الإمكان لبناء خطّة استراتيجية عليها.

  1. يتضمّن نموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" التخطيط الاستراتيجي:

كما يعرف المستخدمون الدائمون، فإنّ "عدةّ العمل المجتمعي" من تناصر التخطيط الاستراتيجي لأي جهود مجتمعية أو منظّماتية تقريباً. (انظروا الفصل 8: بناء خطّة استراتيجية.) من خلال إدخال خطّة استراتيجية كاملة في النموذج، يمكن لهذا المسار أن يستخدم المعلومات من عمليّات القياس من أجل زيادة فرص وصول تحرّكاته إلى النتائج المطلوبة بشكل كبير.

  1. يساعد هذا النموذج المجتمعات المحلّية على توقّع التغيير وإدارته:

إنّ قياس قوى التغيير يؤمّن معرفة مسبقة عن التغييرات المحتملة (الإيجابيّة والسلبيّة) التي يمكن أن تؤثّر على الصحة المجتمعية أو المجتمع المحلي بشكل عام. ثم يؤمّن مسار التخطيط الاستراتيجي قاطرة للتحضير لهذه التغييرات قبل أن تحصل، ما يسمح للمجتمع المحلي بحبك مستقبله بيده، بدلاً من أن تحدّد الأحداث مستقبله.

  1. يركّز نموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" المجتمعات المحلّية على تقوية نظام الصحة العامّة المحلّي:

من خلال التحليل وتعديل النظام، ودعم الشراكات بين مختلف عناصره، والمعطيات من كافّة قطاعات المجتمع المحلّي. يخلق ذلك بنية تحتية أقوى للصحّة العامّة، ما يؤدّي إلى تنسيق أفضل للخدمات والموارد، ودرجة أعلى من التنسيق والتعاون (بالإضافة إلى الإلمام بعمل الآخرين) بين الشركاء، وازدواجيّة أقل في الخدمات.

إيجابية أخرى هنا هي استخدام "خدمات الصحّة العامّة الأساسيّة العشر" لتقييم النظام المحلّي. لقد أظهرت الأبحاث أنّ هذه الخدمات هي المفاتيح للتشغيل الجيّد لنظامٍ يلبّي حاجات كافّة أعضاء المجتمع المحلّي.

 
  1. تزيد عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" من إبراز صورة الصحّة العامّة في المجتمع المحلّي:

من خلال استقطاب أعضاء من كافّة القطاعات للخدمة في اللجنة، ومن خلال الإعلان عن الجهود، يُعلي المسار صورة المسائل والنُظم الصحّية بين المجموعات التي لم تكُن قد فكّرت بها في الماضي، ومن هنا يخلق مزيداً من الدعم المجتمعي للصحّة العامّة.

  1. تخلق هذه العملية قيادة حكومية لمسائل الصحّة العامّة:

نتيجةً لانخراطهم في المسار، قد يميل المسؤولون المعيّنون والمنتَخَبون في هيئات الصحّة العامة والبيئة إلى أخذ أدوار قياديّة عند (أو قبل) ظهور المسائل الصحّية، وإلى المبادرة أكثر في سَنّ السياسة الصحّية.

  1. يتّخذ نموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" منظوراً مجتمعياً، مع غاية عامة تصوّب باتّجاه خلق مجتمع محلّي صحّي:

هذا لا يعني فقط التحسينات في أنظمة الصحّة العامّة، ولكن ذلك يعني أيضاً مجتمعاً محلّياً صحّياً وتحسيناً عامّاً في نوعية حياة الجميع. (عودوا إلى الفصل 2، القسم 3: مدن صحية / مجتمعات محلية صحية.)

مَن يجب أن يكون جزءاً مِن هذا النموذج ومن يجب أن يستخدمه؟

الفرضيّة هنا هي أنّ الجهود تعقدها هيئة صحة عامة (الأرجح على مستوى محلّي)، من دون أن تكون محركها، وهي تؤمّن أيضاً الكثير من الموظفين الضروريين والمساعدة التقنية. ولكن التخطيط الحقيقي والتطبيق يبقيان مسؤولية لجنة "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" المقصود بها أن تمثّل المجتمع المحلي. بناءً على هذه البنية، مَن يجب أن يكون ممثَّلاً في هذه اللجنة؟ من يجب أن يكون حول الطاولة من أجل تأمين المشاركة القصوى الممكنة المجتمعية في المسار؟

على الأقل، من الأفضل أن ينخرط هؤلاء الأفراد وهذه المجموعات:

  • مسؤولو / وكالات الصحة العامة المحلية والوطنية: وهي تشمل مجالس الصحّة، وقسم الصحّة المحلي أو الوطني، وهيئات الخدمة الإنسانيّة، والمفتّشين البيئيين والوكالات البيئية، ووكالات / مفتشي السلامة والصحّة في أماكن العمل، وقسم الأعمال العامّة (المسؤول عادةً عن التخلّص من النفايات، والصرف الصحي، وشبكات المياه، التي يمكن أن يكون لجميعها آثار صحية كبيرة)...الخ.

  • الممارسون الصحّيون والإداريون وآخرون ممّن يشكّلون جزءاً من نظام الصحّة العامّة المحلّي: أي المسؤولون عن تقديم خدمات الصحّة العامّة الأساسيّة و/أو مَن يتمتّعون بمعرفة بالنظام وهم منخرطون فيه. يشمل هؤلاء الأطبّاء والممرضين وممارسي الطب البديل الذي يعملون أو يتفاعلون مع الممارسات الطبّية المحلّية، ومدراء العيادات والمستشفيات وإداريّيها، ومدرّبي الرياضة. كما يشمل شركاءُ نظام الصحّة العامّة مكوّنات عامّة وخاصّة وطوعيّة تساهم في تأمين صحّة العموم.

  • المتجاوبون الأُوَل: وهم فنيّو الطوارئ الطبّية والمساعدون الطبيون وطواقم الإسعاف والشرطة ورجال الإطفاء. يلعب أول المستجيبين دوراً بارزاً في مجال التأهب للصحة العامة.

  • المسؤولون المعيّنون والمنتَخبون على الصعيدين المحلّي والوطنيّ: من أجل تأمين الدعم الحكومي لأي تطوير أو تغيير لسياسةٍ ما، يجب أن تشملوا رؤساء البلديّات، ومجالس البلديّات، والمخطّطين، ومسؤولي القطاعات، والمشرّعين على صعيد المقاطعة أو الولاية أو البلد.

  • منظمات الخدمات الإنسانيّة: غالباً ما تخدم هذه المؤسسات الناس الذين يعانون من المسائل الصحّية والذين قد يكون لهم فهمٌ جيّد جدّاً لوضع الصحة في المجتمع المحلّي. إضافةً إلى ذلك، قد يكون لديهم علاقات مع المجموعات التي يجد النظام الصحّي صعوبة في إيجادها.

  • المنظمات المجتمعية: الأندية المختلفة وغرفة التجارة والمنظّمات الشبابيّة والنوادي الرياضيّة وجمعيات الشباب...الخ. تمتلك المنظمات معرفة قيّمة عن أعضائها وعن قدرات أعضاء المجتمع المحلّي وهمومه.

  • المدارس الرسميّة، والكلّيات والجامعات المحلية، ومؤسسات تربويّة أخرى: تقدّم المدارس خدمات صحّة عامّة أساسيّة كمراقبة الوضع الصحّي لطلابها، وتنخرط في تعزيز الصحّة والتعليم، وتؤمّن الأبحاثَ والتقييم، وهي تساهم  في تطوير قوّة العمل للصحّة العامّة.

  • المجموعات الدينيّة: تملك المجموعات الدينية معلومات قيّمة عن نوعية الحياة والمسائل المهمّة لسكّان المجتمع المحلّي من خلال عملها معه.

  • شركات الأعمال: قد تمثَّل من خلال غرفة التجارة، ولكن بعض الأفراد في الأعمال قد يكونون مهتمّين   بالمسألة، فالصحّة تشكّل مسألةً بالنسبة للأعمال بطرق عديدة (كلفة التأمين، وخسارة الإنتاجيّة بسبب مرض العمّال، وتوفّر قوّة عمل قادرة على القيام بأعمال معيّنة...الخ). إضافةً إلى ذلك، يلتزم العديد من شركات الأعمال المحلّية بتنمية المجتمع المحلي وتحسينه.

  • أعضاء المجتمع المحلّي: الذين يمثّلون تنوّع الأعمار والدخل والمزيج  الإثني في المجتمع المحلي. ويكون في غاية الأهمّية شمل الذين لا يملكون تأميناً صحياً أو المؤمّنين بشكل ضئيل، فضلاً عن الأقليات اللغوية (الذين قد يجدون صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية بسبب الحواجز اللغوية أو الإستبعاد)، وغيرها من الفئات السكانية التي لا تصلها الخدمات بشكل كافٍ.

لمعلومات عن استقطاب مشاركين إلى المسار، انظروا الفصل 7: التشجيع على الانخراط في العمل المجتمعي.

متى نستخدم مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟

قد يكون منطقيّاً بالنسبة لمجتمعكم المحلي تطبيق عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" في أي وقت. من جهة أخرى، في حال تزايُد التركيز على تحسين الصحّة في المجتمع المحلي فقد تكون الظروف باتت مؤاتية بشكل خاص. في ما يلي بعض الظروف التي تُدخل الصحّة إلى أذهان العموم و/أو المسؤولين:

  1. عندما تطفو إلى السطح مسألة صحيّة حاليّة أو محتملة، إمّا في الإعلام أو بين الممارسين الصحّيين: قد يتراوح ذلك بين الهمّ العالمي الذي سبّبه، مثلاً، وباء "السارْز" (أعراض التنفّس الحادّة) عامي 2002 و2003 أو وباء "انفلونزا الخنازير" 2009، وحال طوارئ في مستشفى محلّي يلحظ عدد حالات أكثر من العادة من التهاب الرئة ضمن أعضاء مجموعة سكّانيّة معيّنة.

  2. عندما تكون هنالك مسألة أو أزمة، يتّفق الجميع أنّها لم تعالَج بشكل جيّد: فلنأخذ مثلاً بداية وباء الإيدز في بدايات الثمانينات من القرن الماضي، أو تْسونامي المحيط الهندي عام 2004، أو زلزال تسيتشوان في الصين عام 2008. لقد اختبرتَ هذه الأحداث إلى حد بعيد نظم الصحة العامة المحليّة ووجَدتها ناقصة، على الرغم من أفضل الجهود المبذولة من جميع الأطراف المعنية. عند حدوث أي وباء أو ازدياد معدلات نوع معين من السرطان أو حصول كارثة طبيعية فذلك بالتأكيد ليس ما نتمنّاه، إلا أن هذه الأمور قد تجعل المجتمع راغباً في إعادة هيكلة نظام الصحة العامة والسعي نحو مجتمع صحّي.

  3. عندما تتوفّر الأموال لتحسين الصحّة العامّة: قد تقدّم أحياناً الهيئات المحلّية والرسميّة والدولية، كما المؤسسات الخاصّة، منحاً لمجرّد تنفيذ مسار مثل "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات". (انظروا الفصل 42، القسم 4: التقدم بطلب للحصول على منحة: النهج العام.)

  4. عندما لا تتوفّر الأموال لنظم الصحّة العامّة: يمكن تنفيذ مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" دون تمويل خارجي بل بفضل مشاركة الناس، وقد يجلب نتائج أكثر فعاليّة قياساً بالتكلفة من إنفاق الملايين لبناء منشأة، لأنه سوف يتناول مروحة واسعة من احتياجات المجتمع المحلي وسيؤدّي إلى تعبئة قوى المجتمع المحلي لتطوير نظام صحي فعّال مندمج اندماجاً كاملا في مجتمع، ودعمه.

  5. عندما يكون المجتمع المحلي على وشك بناء منشأة جديدة: إذا أراد المجتمع المحلي صرف ملايين على بناء منشأة جديدة فليس منطقياً القيام بذلك دون تنفيذ تحليل شامل للنظام الحالي وجهود تخطيط من أجل فهم كيف يمكن استخدام المنشأة الجديدة بشكل أفضل، وكيف يمكن إعادة تصوّر النظام لكي يستفيد منها.

  6. عندما يكون هنالك دفع حكومي باتّجاه إعادة البحث في صحة العموم أو في نظام الصحّة العامّة المحلّي: قد تدعم المجالس البلديات أو مجالس المحافظات أو الحكومات المركزيّة انخراط البلديّات في مبادرات الصحّة المجتمعية، أو قد تفوّضها للقيام بذلك.

  7. عندما ينمو مجتمع محلي بسرعة، أو عندما يكون على وشك أن يقوم بذلك، بسبب مشاريع تنمويّة مخطَّطة: عندما ينمو مجتمع محلي بسرعة، يصيب الضغط كافّة النُظُم (الصحّة والتعليم والإنعاش الاجتماعي والإطفاء والشرطة والخدمات الإنسانيّة والعمل...الخ) التي هي بالفعل إلى حدّ ما جزء من نظام الصحّة العامّة. أكنتم تتوقّعون نموّاً أو تختبرونه، يمكن لنموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" أن يساعد مجتمعكم المحلي على إدارته بشكل فعّال.

كيف ننفّذ عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"؟

المبادئ الأساسية

تؤمّن المراحل الست لنموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" إطارَ عمل لبناء المسار. وإذا تفحّصنا كلاًّ منها تلو الأخرى فالمفروض أن يتكوّن لدينا عندما ننتهي فهمٌ شديد الوضوح لكيفية المباشرة. ولكن قبل أن نقوم بذلك، فلنَنْظر إلى المبادئ السبعة الأساسية التي وصفناها أعلاه في هذا القسم.

تتمّم المبادئ السبعة بنية المسار وتجعله فعّالاً. بعضٌ من هذه المبادئ بسيط، كالاحتفال بالنجاح، مثلاً، فهو تماماً كما يبدو: عندما تنجزون أمراً ما نعلن عنه بنوع من الاحتفال من أجل الاعتراف بعمل كل مشارك وبناء الحماس للخطوة التالية. من جهة ثانية، قد تتطلّب مبادئ أخرى، لاسيّما التفكير على صعيد النُظُم، شرحاً أطول. وبما أنّ كافّة المبادئ هي عناصر مهمّة في النموذج، سنعيد ذكرها هنا ونفصّل كلّ مبدأ بشكل أعمق قبل أن ننتقل إلى خطوات المسار:

  1. الرؤية المشتركة:

إحدى الخطوات الأولى في أي جهود مجتمعيّة هي تطوير رؤية للمستقبل يمكن أن يدعمها الجميع ويعمل نحو تحقيقيها. "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" ليست استثناءً هنا، فالعمل الحقيقي يبدأ بتطوير رؤية يجري العمل عليها من قبل كافّة أصحاب المصلحة وتعكس آمالهم لكيف يمكن أن تعمل الصحّة والنُظُم الأخرى لخلق مجتمع صحّي حقيقي.

 

 

قد يبدو بناء رؤية خطوة بسيطة، ولكنّه نادراً ما يكون كذلك. غالباً ما تطفو إلى السطح الخلافات والاختلافات في الفلسفة والنظرة إلى الأمور التي يجب مواجهتها وحلّها لكي تنتج رؤية يمكن لكل معنيّ أن يتبنّاها بحماس، وهي تستحق الوقت والجهود التي تتطلّبها مهما كانت. فأكثر ما يحكم على الجهود بالإخفاق هو فقدان الرؤية المشتركة بين الشركاء المعنيين بحملها. انظروا الفصل 8، القسم 2: التصريح عن الحلم: تطوير الرؤية والرسالة.

 

 
  1. الشراكة والتعاون:

التغيير الحقيقي والدائم في أي نظام مجتمعي يتطلّب تعاون كافّة المنخرطين في النظام، من هؤلاء هناك الذين يديرونه ويوجّهونه إلى الذين يتلقّون خدماته أو يتأثّرون به بشكلٍ أو بآخر. فمثلاً، يجب أن تعمل سويّةً المنظّمات والهيئات التي تشكّل رسميّاً جزءاً من نظام الصحّة العامّة المحلّي أو التي تتفاعل معه، وذلك من أجل تجنّب ازدواجيّة الجهود والتأكّد من أنّ كل من يحتاج إلى خدمات يحصل عليها، وتأمين التغطية في كافّة المناطق الجغرافيّة، وتمرير الإجراءات والممارسات التي تعمل بشكل جيّد، وتشارك الموارد عند الضرورة، والتخطيط معاً. عليها أيضاً تنسيق الجهود، تحديداً في حالات الطوارئ، في ما بينها ومع قطاعات أخرى في المجتمع المحلي أو البلد. هذه هي إحدى أسباب تجميع لجنة متنوّعة لعملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" (جعل أكبر عدد ممكن من الأفراد والمنظمات في المجتمع المحلي يتحرّكون بنفس الاتّجاه ويتواصلون بشكل جيّد مع بعضهم).

غالباً ما تنظر المنظّمات إلى المنظمات الأخرى ذات الأهداف المتشابهة كمنافسة لها وليس كشريكة. قد تشعر أنّها تتنافس على كمّية محدودة من التمويل أو الموارد الأخرى، فترغب بالدفاع عن ملكها "الخاص". لا تخدم هذه الصراعات التنافسيّة أحداً، وهي تمنع عن المجتمع المحلي الخدمات والأفكار. من هنا ومن خلال جلب كافّة اللاعبين معاً، يحاول نموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" استبدال التنافس وفقدان الثقة المتبادَل بشراكة وغرض مشترك وجهود تعاونية. (انظروا الفصل 5، القسم 5: إنشاء ائتلاف (1): بدء ائتلاف والفصل 5، القسم 6: إنشاء ائتلاف (2): صيانة الائتلاف.)

  1. الحوار:

ليس الحوار أن يتحدّث فريق واحد في الفراغ، بل هو أن يتحدّث الجميع، كلّ بدوره، والجميع يُنصت ويتفاعل باحترام مع الآخرين. عندما يتمكن الأفراد كما المنظمات من إسماع آمالهم وهمومهم، ومناقشة خلافاتهم، والتوصل إلى تسوية أو إلى أرضيّة مشتركة فإن ذلك يؤدّي إلى حل الاختلافات وحل المشكلات بشكل حقيقي. الحوار جوهري لتأسيس الثقة والتعاون.

  1. التفكير على صعيد النظم:

ينظر التفكير على صعيد النظم إلى البنى الأوسع التي تعمل داخلها معظم الأحداث والمسارات. إحدى الطرق لشرح ذلك هو عبر وصف ثلاث طرق للنظر إلى العالم، أو ثلاث طرق  في التفكير:

  • يمكننا تسمية النوع الأول "ح"، نسبةً إلى الحدث/الأحداث. هنا، نأخذ كل حدث عندما يحصل، ونتصرّف وفقاً لذلك، ولا نربط بالضرورة الأحداث سويّة. فكّروا بغرفة طوارئ في مستشفى حيث يأتي الكثير من الناس بشكاوى متشابهة. تكون ردّة الفعل من النوع "ح"، بالتعاطي مع كل شخص بحسب أعراضه من دون الانتباه إلى أنّ الشكاوى متشابهة.

  • النوع الثاني من طرق التفكير هو المستوى "ن"، نسبةً إلى النمط/الأنماط. هنا، نرى الصلات التي تربط الأحداث ببعضها. ففي حال اعتمد الأطبّاء والممرّضون في غرفة الطوارئ تلك طريقة التفكير "ن"، فسينتبهون إلى التشابه بين عدد كبير من الحالات، ويتجاوبون من خلال طلب كمّيات هائلة من الأدوية المناسبة، ويقومون بتسريع الإجراءات اللازمة، وإنذار موظّفي المستشفى و/أو نظام الصحّة العامّة...الخ.

  • سنسمّي المستوى الثالث "ب"، نسبةً إلى البنية. على هذا المستوى، نبحث في بنية النظم التي يشكل الحدث أو النمط جزءاً منها، ونحاول أن نفهم أسباب الأنماط التي نراها والبنية التي تتناسب معها. إذا تمكّنا من رؤية البنية بشكل واضح يمكننا أن نفهم كيف نتدخّل لإزالة المشكلات أو لإحداث التغيير الإيجابي. فإذا كانت أعراض غرفة الطوارئ التي تكلّمنا عنها مرتبطة بمرض معيّن، مثلاً، يمكن لخبير في الأوبئة يعمل على المستوى "ب" أن يحاول وضع كافّة الأنماط التي جرت معاً وذلك لمعرفة ما الذي تسبّب بها، وما إذا كان التدخّل في منطقة جغرافية معيّنة سيوقف تفشّي الوباء ويمنعه من الحصول مجدّداً. (نشكر "دِب ريْدي" من شركاء ريْدي في هولويوك، ماريلاند، على هذا المثال عن التفكير على صعيد النُظُم.) فقط عندما تتدخّلون على مستوى البينة يكبر احتمال الحلّ النهائي للمشكلة الاجتماعية. يكون المفتاح عادةً بإيجاد "نقاط نفوذ" - أي أماكن يمكنكم من خلالها الضغط على النظام لتغييره، ومنه الوضع أو السياسة التي تهمّكم، بالطريقة المطلوبة. أمّا ما تختارون القيام به وكيف ستقومون بذلك، فهذا يتطلّب تفكيراً استراتيجيّاً، وهو مبدأ آخر من المبادئ الأساسيّة لنموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات".

  • التفكير الاستراتيجي:

الاستراتيجية هي خطّةٌ للتحرّك. عندما تكونون منخرطين في تفكير استراتيجي فأنتم لا تقومون بمجرّد رد فعل على وضعٍ ما، بل أنتم تخطّطون لكيفية السيطرة عليه من أجل كسب النتيجة التي تريدون، ما يعني تحديد الغايات وتحليل الوضع وبناء مسار للتحرّك لا يكتفي بالسماح لكم بتحقيق غاياتكم، بل يضعكم أيضاً في مكان يجعلكم تتقدّمون باستمرار عندما تقومون به.

التفكير الاستراتيجي يعطيكم حرّية المبادرة (اختيار المستقبل الذي تريدون والعمل نحوه) بدل القيام بردود فعل على ما يجري والتمنّي بأن تسير الأمور بالاتّجاه الصحيح. إنّ التفكير على صعيد النظم يغذّي التفكير الاستراتيجي ويؤمّن فهم النظم التي تؤثّر على الوضع بحيث يمكنكم تحديد الاستراتيجية التي ستغيّر على الأرجح الأمور في اتجاه مجتمع محلّي أكثر صحّة. من أجل منظور آخر في التفكير الاستراتيجي وللتفكير على صعيد النظم انظروا الفصل 17، القسم 2: التفكير النقدي.

  1. البيانات:

يعتمد مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" تحديداً على المعلومات الدقيقة وليس على التقديرات أو الإشاعات، وفقط عندما تبدؤون ببيانات حقيقية وبفهمٍ واضح لحاجات أعضاء المجتمع المحلّي ورغباته، ستكونون قادرين على الخروج باستنتاجات وتصميم استراتيجيّات تحاكي حقيقة الظروف في المجتمع المحلّي.

إنّ جمع البيانات التي يمكن الاعتماد عليها هو جزءٌ في غاية الأهمّية من مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، وهذا هو سبب تضمين أربع عمليات قياس للمجتمع المحلي ونظمه. يزداد احتمال بناء استراتيجيات وخطط تحرّك ناجحة كلّما كانت المعلومات التي تملكونها أفضل وأقرب إلى الكمال. (انظروا الفصل 3: تقدير حاجات المجتمع المحلي وموارده لاسيّما القسم 6: تنظيم مجموعات مركّزة والقسم 9: تطوير قياسات للسلوك عند خط الأساس والقسم 11: تحديد استخدام الخدمات والقسم 12: إجراء المقابلات والقسم 13: إجراء المسوح والقسم 15: الطرق النوعية في تقدير المسائل المجتمعية والقسم 16: نظم المعلومات الجغرافيّة: أدوات لرسم خريطة المجتمع المحلّي والقسم 19: استخدام السجلات الرسمية ومعلومات الأرشيف، بالإضافة إلى الفصل 31، القسم 1: كيف نُجري بحثاً: نظرة عامّة والفصل 36، القسم 2: البحث التدخّل مع المجتمعات المحلّية: مدخل إلى الأدوات والقسم 6: التقييم التشاركي والفصل 37، القسم 5: جمع البيانات وتحليلها.)

  1. الاحتفال بالنجاحات:

من أجل الإبقاء على الحماس للجهود ولفت الانتباه للإنجازات (عند المنخرطين والمجتمع المحلي بأسره)، من المهم التوقف عند هذه الإنجازات. يشكّل الاحتفال بالنجاحات، أكان بشكل إعلان أو جمع المشاركين لتشارك الطعام والشعور بالرضى أو الاثنين، عنصراً مهمّاً في إدامة الدفع للتغيير. (انظروا الفصل 41: مكافأة الإنجازات، لاسيّما القسم 1: تنظيم الاحتفالات والقسم 3: إدراك بلوغ الغاية.)

مراحل المسار

أَبقوا هذه المبادئ في أذهانكم وفكّروا في كيف يمكن تطبيقها في كل مرحلة فيما نَعبر مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات". سنسير مرحلة تلو مرحلة، شارحين كيفية المضي في كلّ منها، وكيف يمكن تكييف كل مرحلة مع المبادرات التي تركّز على مجالات غير الصحّة.

  • المرحلة الأولى: التنظيم لتطوير النجاح / الشراكة:

مع أنّ هذه المرحلة لا تطرح المسائل بشكل مباشر فهي التي تضع أساسات الجهود بأكملها، إنها المرحلة التي يجري فيها تجنيد اعضاء لجنة "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" والمشاركين الآخرين، ويوضع فيها  فيها تصميم مسار التخطيط. المرحلة الأولى تؤسّس للطبيعة التشاركية للجهود وتبني المشاركة المجتمعية ودعم المجتمع المحلي. ويشكّل مسارُ التخطيط المدروس بشكل جيّد والمشاركةُ واسعةُ القاعدة عاملَيْن جوهريّين في خلق خطة تحرّك فعّالة وفي تطبيقها.

إن فرضيّة "الجمعية الوطنية لمسؤولي الصحة في المدينة والمقاطعة" هي أنّ الدفع الأوّلي لمسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" سيأتي من هيئة صحّة عامّة محلّية أو تابعة للولاية. ولكن المسار، من جهة أخرى، تقودُه لجنة المسار التي تمثّل قطاعات متعدّدة وأعضاء من مختلف الخلفيّات من المجتمع المحلي. ولن تتحكّم الهيئة الجامعة بالمسار، بَل ستتصرّف كفريق الدعم النواة (أو تؤمّنه)، وهذا الفريق سيقدّم الدعم والمساعدة التقنية للّجنة ولأعضاء آخرين ومنظّمات أخرى من المجتمع المحلّي ضمن المسار. هذا الفريق سيقوم باستقطاب أول أعضاء اللجنة.

الخطوات لإتمام المرحلة الأولى فهي تشمل:

  1. تحديد ضرورة تنفيذ عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات":

هل يحتاج المجتمع المحلّي حقّاً إلى هذا المسار؟ هل هنالك أصلاً مبادرة مماثلة قائمة؟ ما الذي يمكن أن يحقّقه، وما هي العقبات المحتملة أمام المسار وغاياته؟ هل هنالك مبادرات أقل شموليّةً أو يختلف تركيزها، يمكن ربطها بهذا النموذج؟ تأكّدوا من أنّ النموذج يجلب منافع حقيقية للمجتمع المحلّي: لا تباشروا العمل به لمجرّد أنّه يبدو جيّداً وفكرة جيّدة.

  1. تحديد المشاركين وتنظيمهم:

تتطلّب هذه الخطوة معرفة وثيقة بالمجتمع المحلّي (تاريخه والعلاقات بين مجموعاته والأفراد المفاتيح، الاقتصاد والسياسة وتنوّع المجتمع المحلي). يجب على أعضاء فريق الدعم النواة، الذين قد يكون أو لا يكون لديهم هذه المعرفة أن يتأكّدوا من استشارة مجموعة متنوعة من مزوِّدي المعلومات المحليين عمّن هم المشاركون، وعن المجموعات والأفراد الواجب إشراكهم في اللجنة، وعن الأفراد والمنظمات التي يشكّل دعمها ضرورةً لنجاح الجهود.

كلّما تمكّن أعضاء المجتمع المحلي بأنفسهم من القيام بالاستقطاب، كان ذلك أفضل، مع وجوب تمثيل كافّة عناصر المجتمع المحلّي وليس فقط "القادة" أو أصدقاء بعض أصحاب المعلومات وشركاؤهم، دون أن يمنع ذلك وجوب تواجد هؤلاء القادة والأشخاص المؤثّرين ضمن المسار. وبنفس الأهميّة، ينبغي إشراك مَن لا تُسمع أصواتهم عادةً مثل الأشخاص ذوي الدخل المحدود، والأقلّيات العرقيّة أو الإثنيّة أو الثقافيّة، والأشخاص ذوي الإعاقات، والشباب، والذين لا يتكلّمون اللغة السائدة. على المسار الذي يناشد التغيير أن تكون قاعدة مشاركته واسعة لضمان النجاح. (للمعلومات عن كيفيّة الإعلان عن جهودكم والاتّصال بأعضاء اللجنة المحتمَلين وبمشاركين آخرين، يمكن الذهاب إلى الفصل 6: تعزيز الاهتمام بالمسائل المجتمعية والفصل 7: التشجيع على الانخراط في العمل المجتمعي، وللمزيد عن تشكيل اللجنة، انظروا الفصل 9، القسم 2: اختيار مجموعة لخلق المبادرة وإدارتها والقسم 3: بناء فرق عمل متعددة الحقول أو لجان عمل للمبادرة.)

  1. تصميم مسار التخطيط:

وهو الخطوة الأولى للجنة التعبئة بعد أن تنظّم نفسها (اختيار ميسّر أو رئيس، وتأسيس قواعد عمل رئيسية...الخ.). ستصمّم اللجنةُ المسارَ الذي سيجري من خلاله التخطيط للتحرّك. يمكن شرح كيفية تصميم مسار التخطيط من خلال تفصيل الأسئلة التي على المسار أن يجيب عنها:

  • من يجب إشراكه أيضاً، في حال كان هنالك ضرورة لذلك؟ هل تمّ تمثيل كافّة قطاعات المجتمع المحلي ومروحة واسعة من الخلفيّات ووجهات النظر؟

  • ماذا سيترتّب عن مسار التخطيط؟ ما الذي يجب التخطيط له وما حجم التفاصيل؟

  • ما هي المدّة التي سيأخذها؟ وكم من الوقت تتوقّعون أن تخصصوا لكل مرحلة من التخطيط قبل الانتقال إلى التطبيق؟ كم معكم من الوقت؟ هل يجب أن تضعوا مواعيد انتهاء ملزمة أو يمكن مجرّد التصويب بشكل غير رسمي على الانتهاء في موعد معيّن؟

بعض الإشارات المساعِدة:

انظروا إلى المراحل المقبلة. عليكم أن تخطّطوا لكيف يمكنكم إجراء مسار بناء الرؤية وعمليات القياس الأربع، أي جمع البيانات وتحليلها، وكيف ستُستخدم البيانات لتحديد القضايا الاستراتيجية، وكيف ستضعون الغايات والاستراتيجيات لمعالجة هذه المسائل (خطة العمل الخاصّة بكم).

يمكن للوقت أن يكون همّاً كبيراً هنا: لا يوجد أبداً وقت كافٍ للتخطيط بالشكل المناسب، ولكن إذا استمر التخطيط لوقت طويل، فإن المجتمع المحلي (ومشاركين آخرين كذلك) أن يفقدوا الاهتمام ويغادروا الجهود. عليكم القيام بتوازن يسمح بوقت كافٍ للتخطيط بشكل معقول، دون أن تغرق مجموعة التخطيط في مستنقع المناكفات أو الحلقات المفرغة من النقاشات. في مرحلةٍ ما، يجب عليكم إعلان التالي: "لقد أصبح لدينا خطّة قابلة للخدمة، وعلينا الانتقال إلى المرحة التالية."

من المهم التذكّر أنّ مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" مصمّمٌ لكي يستمر، لذا يمكن تصحيح الأخطاء التي تقع في المرّة الأولى، في المرّة التالية. المهم إشراك المجتمع المحلي وتشغيل المسار. يجب أن تكون خطتكم أفضل ما يمكن، دون أن تكون بالضرورة كاملة.

 

 

 

  • ماذا ستكون النتائج؟ كيف ستبدو الخطة عند انتهائها، وكيف ستعلمون متى ستنتهي؟ هذا يعيدكم إلى ما متطلبات الخطّة. إذا علمتم من البداية ما الذي تريدون تغطيته فيجب أن يكون بديهياً متى يكون التخطيط قد أتمّ مهمّته. ضعوا غايات واضحة من البداية: تكونون قد وصلتم عندما تتحقّق هذه الغايات.

  • مَن سينفّذ كل مهمّة؟ إنّ هذا دائماً لَسؤال حرج. من المهم التأكّد من أنّ كل شخص يتحمّل مسؤولية ما التزم به، وأنّ المسؤوليّات تتوافق مع قدراته واهتماماته. لن تريدوا، مثلاً، الطلب من شخص يكره القراءة القيام ببحث في المكتبة أو على الإنترنت، أو تعيين شخص بلا مهارات اجتماعيّة للقيام بمقابلات شخصيّة. يمكن لتجميع فرقٍ عديدة للعمل على جوانب متنوعة من التخطيط أن يُسرّع المسار وأن يساعد على إبقاء الجميع مهتمّين وقابلين للمحاسبة.

 

 

انظروا الفصل 8: بناء خطّة استراتيجية.

ملاحظة مهمّة حول التقييم

يجب أن يأتي التقييم من هنا، في بداية المسار. يجب أن يتم تقييم المسار بذاته، ويمكن القيام بذلك جيّداً فقط إذا بوشِر بجمع المعلومات من أوّل البداية، وإذا كان عند مخطّطي مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" فكرة واضحة عن المعلومات اللازمة ولماذا. من هنا، الآن هو الوقت الذي يجب أن يتم فيه التفكير بشكل التقييم وغاياته وطرائقه.

ينبغي تنفيذ التقييم طوال المسار، من بداية التخطيط إلى نهاية مرحلة التحرّك، حتّى تتم التعديلات المناسِبة للمساعدة في نجاح الجهود. بعدها، يجب أن يستمر التقييم في أثناء سيران الجهود حتى تكون فعّالةً التدخّلاتُ الجديدة والنشاطات والإعادات الخاصة التي باتت مثبتة.

 
  1. تحديد الموارد اللازمة لمسار التخطيط:

الأموال (السفر والمواد والتجهيزات والطباعة) والمكان والأشخاص الذين يتمتّعون (أو لا يتمتّعون) بمهارات محدّدة (متطوعون أو أُجراء) والنقل ورعاية الأطفال. أيّ عنصر من هذه العناصر وجميعها ضروريّ، وقد تكون غالبيّتها (أو حتّى جميعها) متوفّرة لدى أعضاء الشراكة، أو قد لا تكون. على كلٍّ، من المهم معرفة من أين الحصول على ما يلزمكم قبل البدء.

 

 

في بعض المجتمعات المحلّية، لن تحتاجوا عمليّاً إلى شيء ليس متوفّراً بسهولة. فَكافّة الأمور كأماكن الاجتماعات، ومعها المتطوّعون المتمتّعون بمَروحة واسعة من المهارات، والدعم الإداري والطباعة والوصول إلى الإنترنت والتجهيزات، قد تأتي من المنظّمات الأعضاء دون أي نقاش، أو قد تكون متوفّرة ببساطة في المجتمع المحلي. في مجتمعات أخرى، قد تضطرّون إلى مقاربة مموّلين في القطاعيْن الرسمي والخاص للحصول على المال، والتفاوض مع منظمات تجارية أو مؤسسات لتقديم المكان و/أو المواد والتجهيزات، وتوظيف بعض الأشخاص ذوي الخبرة في مجالات محدّدة. مهما كانت الظروف، يجب محاولة تأمين على الأقل أهم عناصر مسار التخطيط قبل المباشرة به. (انظروا الفصل 42، القسم 4: التقدم بطلب للحصول على منحة: النهج العام والقسم 5: كتابة منحة. انظروا أيضاً الفصل 46، القسم 6: تشارك المواقع والموارد الأخرى والقسم 10: الاستفادة من الموارد الموجودة والقسم 11: استدراج إسهامات ودعم عيني والقسم 15: اكتساب تمويل من القطاع العام.)

 

 
  1. التأكّد من أنّ المجتمع المحلي مستعدٌّ للقيام بمسار تخطيط ناجح:

مسارُ "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" يتطلّب التعاونَ والشراكةَ، ونظرةً إلى الصحّة (أو أي مسألة أخرى) من منظور مجتمعي، كما تتطلب مشاركةً ودعماً من المجتمع المحلي. الدعم من قيادة المجتمع المحلي ومن "شخص مؤثر أو نافذ" من ضمن المسار (رئيس بلدية أو مواطن معروف ويتمتّع بثقة عالية أو قائد مؤسسّة/منظّمة يُنظر إليها نظرة جيّدة) جوهريّ كذلك لإنجاح الجهود. المجتمعات المحلّية المختلفة هي على مستويات مختلقة من الجهوزيّة لهذه العناصر الأمر الذي يتوقف على مدى اهتمام أعضائها والمنظمات داخلها بالمسألة المطروحة ومعرفتهم بها، وعلى الثقة والتعاون فيما بين المنظمات والأعضاء، وعدد من العوامل الأخرى. يمكن الذهاب إلى الفصل 2، القسم 9: استعداد المجتمع المحلي من أجل وصفٍ مفصّل لهذا المفهوم، وطريقةٍ تعالج الاستعداد المجتمعي.

  1. تطوير بنية إدارة للمسار:

هنالك ثلاثة أمور مهمّة يجب القيام بها هنا:

  • الاتّفاق على الفرضيات التي ستوجّه المسار: قد يشمل بعض الاحتمالات هنا: القواعد الأساسيّة للنقاش، تضمين وجهات نظر كافّة المجموعات في المجتمع المحلّي، وضرورة تغيير النظام الحالي...الخ..

  • وضع خطة عمل تُظهر ما يجب القيام به لإتمام مسار التخطيط والترتيبَ الذي يجب أن تتّبعه عناصر المسار، عنصراً تلو الآخر، ومَن سيكون مسؤولاً عن أي جزء، وجدولاً زمنيّاً يحدّد متى ينتهي كل جزء.

  • تعيين شخص أو مجموعة صغيرة لدور التنسيق، بحيث يكون هنالك مَن يلاحق التقدّم بشكل عام، ويتمكّن من التدخّل في حال تبيّن وجود عقبة غير متوقّعة. قد يكون المنسّق الطرف الوحيد الذي يرى المسار بأكمله، وتكون قدرتُه على التقاط المشكلات وعلاجها جوهريّةً لإبقاء سير الأمور بسلاسة.

انظروا الفصل 9، القسم 1: البنية التنظيميّة: نظرة عامة والفصل 13، القسم 11: القيادة التعاونية.

  • المرحلة الثانية: بناء الرؤية

هنالك سببان رئيسيّان لخلق رؤية لمستقبل المجتمع المحلّي. السبب الأكثر بديهيّة هو أنّ الرؤية تضع أمامكم أمراً مثاليّاً للسعي باتّجاهه، مانحين "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" جهوداً ذات غاية. وبنفس القدر من الأهمية، تَنتُج الرؤيةُ عن عملية شاملة وتعاونية يتم فيها سماع أصوات جميع القطاعات والمجموعات. ويمكن لهذا المسار أن يوحّد المجتمع، وأن يوضح الآمال والأهداف التي يشترك فيها جميع أفراد المجتمع المحلّي.

المسار الذي يأخذ بعين الاعتبار أفكار الجميع يُنتِج على الأرجح رؤيةً تعكس بدقّة آمال المجتمع المحلي بأسره وتطلّعاته.

الخطوات لإتمام مرحلة بناء الرؤية:

  1. تحديد جهود أخرى لبناء الرؤية والتواصل معها كما يلزم:

في حال كانت هنالك مجموعات أخرى في المجتمع المحلي انخرطت سابقاً أو منخرطة حاليّاً في مسار خلق رؤيةٍ ما، يكون مفيداً للجميع إذا تواصلتم معهم. وإذا كان مسار بناء الرؤية عند المجموعة الأخرى يُعنى بالمجتمع المحلي بأسره، فقد تتمكّنون من تقريبه إلى مساركم، بشكل تتكون فيه رؤيةً متناغمة عبر القطاعات، وإذا ما كان يخص مجالاً معيّناً فقد يستوعب مساركم- والعكس صحيح. في الوضع المثالي، قد تطوّرون رؤية مشتركة تنظر إلى كافّة الهموم من منظور مجتمعي أو منظور المجتمع المحلي الصحّي.

  1. تصميم مسار بناء الرؤية واتّخاذ قرار حول كيفيّة إدارته:

يقترح موقع "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" (بالإنكليزية) أن تعمل مجموعة صغيرة مع مَن يجري اختياره كميسّر لتصميم المسار.

غالباً ما يحتاج مسار بناء الرؤية إلى ميسّر خبير من أجل مساعدة مجموعة بناء الرؤية على تخطّي النزاعات وتحديد التطلّعات والقيم المشتركة الواجب إدخالها في البيان النهائي. قد تضطرّون إلى توظيف ميسّر مدرَّب من خارج المجتمع المحلي، فيُنظر إليه كمحايد وموضوعي، لاسيّما إذا كانت المجموعة كبيرة. يقطع ذلك الطريق أمام منافسات قديمة أو مشاعر فقدان الثقة التي قد تجعل الأفراد أو المجموعات تشعر بأنّ هنالك تحيّزاً في العمل.

وحتى يكسب كافّة المنافع، يجب على مسار خلق الرؤية أن يكون تشاركيّاً عن حق. يقترح موقع "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" احتمالين:

  1. مسار بناء رؤية مجتمعية يشمل عدداً كبيراً من الناس، من 40 إلى 100، يمثّلون كافة عناصر المجتمع المحلي: الإيجابيّات هي شمل كافّة الأصوات وإمكانية تحريك المجتمع المحلي بأسره دعماً لمسار "التعبئة" وللرؤية الناتجة. السيّئات هي صعوبة الإدارة واحتمال الوقت الطويل والكلفة العالية، بما أنّ ذلك قد يتطلبّ الدفع لميسّر ماهر، وتكلفة المراسلات والطباعة، وعدداً من أماكن الاجتماعات اللازمة الكبيرة والصغيرة.

  2. اللجنة الاستشارية / القيادة المفتاح لبناء الرؤية تشمل ربّما فقط أعضاء لجنة "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" وقادة مجتمعيين آخرين: إدارة هذا النوع من المسار، الذي يتضمّن ربّما من 10 إلى 20 شخصاً أسهل بكثير وقد تكون ممْكنة من دون ميسّر خبير، ولكن ينقصه الانخراط المجتمعي الواسع المهم لعملية بناء الرؤية.

فيما الخيار الأول هو المثالي فسيَعتمد المسار الذي تختارونه على ظروف مجتمعكم والموارد المتاحة أمامكم.

       3.تنفيذ مسار بناء الرؤية:  

هنالك عدّة طرق للقيام بذلك، ولكن البدء بعصف ذهني ربّما هو المقاربة الأكثر شيوعاً. ماذا تريدون أن يبدو عليه المجتمع المحلي (إمّا عموماً أو ربطاً بمسألة محدّدة كالصحّة)؟ الحصول على عدد من الأجوبة عن هذا السؤال من مروحة واسعة من أعضاء المجتمع المحلي سيبدأ بالكشف عن أنماط الاتّفاق، وفي النهاية يؤدّي إلى صياغة بيانٍ أو نصٍ للرؤية يغلّف آمال المجتمع المحلّي.

بعد الاتّفاق على الرؤية، يجب أن تتّفق المجموعة أيضاً على قيم مشتركة تعمل كمبادئ موجّهة للرؤية. وكما مع الرؤية، فالقيم أيضاً تختلف من مجتمع إلى آخر.

انظروا الأداة الرقم 1 من اجل ورقة إرشادات سريعة، صادرة عن "الجمعية الوطنية لمسؤولي الصحة في المدينة والمقاطعة"، وفيها طريقة سهلة وقصيرة لتنفيذ مسار بناء الرؤية. يمكن للمسار أن يكون أكثر تعقيداً وأطول، ما هو، في الواقع، أكثر احتمالاً إذا كنتم تبنون رؤية مجتمعية. ومع أن المجموعة الكبيرة ستنقسم إلى مجموعات أصغر عديدة للقيام بالعمل الحقيقي فإن الحاجة إلى سماع الجميع ومهمّة جمع عدد من النسخ المختلفة للرؤية في واحدة قد تتطلّب اجتماعات عدة ووقتاً لا بأس به. (انظروا أيضاً الفصل 8، القسم 2: التصريح عن الحلم: تطوير الرؤية والرسالة.)

بعض الإشارات المساعِدة من موقع "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات":

أسئلة نموذجية للعصف الذهني حول رؤية مشتركة:

  1. ماذا تعني لكم أن تكون منطقتكم الصحية؟

  2. ما هي السمات المهمّة لمجتمع محّلي صحّي لجميع من يعيش ويعمل ويلعب فيه؟

  3. كيف تتصوّرون نظام الصحّة العامّة المحلي في السنوات الخمس أو العشر القادمة؟

أسئلة نموذجية للعصف الذهني حول القيم المشتركة:

  1. آخذين في الاعتبار الرؤية التي طوّرتم: ما هي السلوكيّات الأساسية المطلوبة من شركاء نظام الصحّة العامّة المحلّي والمجتمع المحلّي والآخرين في السنوات الخمس إلى العشر القادمة من أجل تحقيق هذه الرؤية؟

  2. ما هو نوع مناخ العمل أو البيئة اللازمة لدعم هذه السلوكيات وتحقيق الرؤية؟

 

4.صياغة بيانات الرؤية والقيم:

يمكن أن يكون هذا أصعب جزء في مسار بناء الرؤية، فالبيان أو النص يجب أن يكون قصيراً (جملة واحدة أفضل، وبالتأكيد ليس أكثر من مقطع)، قويّاً ومُصاغاً بألفاظ يفهمها الجميع في المجتمع المحلي، ويصف أين تريدون المجتمع أن يذهب. قد يكون بيان الرؤية ما يلي: "مجتمع محلّي تكون فيه للجميع الفرص والوسائل لعيش حياة مُرضِية جسدياً واقتصادياً واجتماعياً في بيئة صحّية".

يؤسّس بيانُ القيمِ لِلقيمِ المشتركة المتضمّنة في بيان الرؤية ومسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، ويمكن أن يكون أطول من نص بيان الرؤية، ولكن يجب أن يكون أيضاً بلغة مفهومة، ويجب أن يشدّد على القيم الإيجابية التي تسهم في تحقيق الرؤية. قد تشمل الأمثلة التعاون واحترام الآخرين بصرف النظر عن الاختلافات.

5.إبقاء الرؤية والقيم حيّة طوال مسار التعبئة:

لأن الرؤية يجب أن تقود المسار، من المهم إبقاؤها في الواجهة حلال التطبيق وتنفيذ خطّة العمل. يمكن لبيانات الرؤية والقيم أن تظهر على القرطاسيّة أو المواد الأخرى المطبوعة، وأن تعلَّق على واجهة غرفة التخطيط، وتُقرأ في الاجتماعات...الخ..

يجب أن تكون البيانات معروفة من قبل كافّة المنخرطين، لكن من المهم أيضاً ألاّ ينظر إليها أنّها متحجّرة، إذْ يمكن الإضافة إليها أو تعديلها كما تملي الظروف، أو صقلها عندما تنفّذ بعض الجوانب وتتوسّع الرؤية.

  • المرحلة الثالثة: عمليّات القياس / الدراسة

بسبب تشديده على بيانات المعلومات، فإن مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" يتضمن مرحلة قياسات مفصّلة بشكل استثنائي، وهو ينظر إلى المجتمع المحلّي من أربع زوايا مختلفة:

  1. قياس نقاط القوة والمواضيع المجتمعية:

يحدّد الأفكار والآراء والهموم التي تهمّ المجتمع المحلي وتعنيه، بما فيها التأمل في نوعية الحياة والمقدّرات التي يملكها المجتمع المحلي والتي يمكن أن تُستخدم لتحسين الصحّة. وباستخدام التقنيات المناسبة للمجتمع المحلّي (المسوح والاستطلاعات، والمقابلات الفردية و/أو الجماعيّة، والمراقبة والرصد، والمجموعات المركّزة، والمنتديات المجتمعية...الخ.) والمتوفّرة من الموارد المتاحة، تَعلم لجنة "التعبئة" من أعضاء المجتمع المحلي ما الذي يهمّهم وكيف يرون المجتمع المحلي، بالإضافة إلى ما يعتبرونه موارد يملكها المجتمع المحلّي أصلاً. (بالنسبة للصحّة، قد تشمل هذه الموارد طرقات للمشي والدراجات الهوائية، ومخزون مياه جيّد، ومستشفى وعيادات، وسهولة وصول للأشخاص ذوي الإعاقات، والعديد من الناس المدرّبين كتقنيين طبيّين في الطوارئ، وممارسي الطب البديل، ورياضة ذات كلفة مقبولة وتسهيلات للتمارين...الخ.) انظروا الفصل 3، القسم 1: بناء خطة لتحديد الحاجات والموارد المحلية والقسم 2: فهم المجتمع المحلي ووصفه والقسم 7: إجراء مسح لتقدير الحاجات والقسم 8: تحديد أرصدة المجتمع المحلي وموارده والقسم 10: إجراء مسوح بالهموم.

  1. قياس نظام الصحّة العامّة المحلّي:

هذا يتم باستخدام الأداة المحلّية من "البرنامج الوطني لمعايير الأداء للصحة العامّة"، وهو ينظر إلى وضع نظام الصحة العامة من زاوية كونه نظاما، كما يأخذ القياس في الاعتبار كافّة عناصر هذا النظام وكيف تتلاءم وتعمل معا (من المساعدين الصحّيين في المنازل إلى المستشفيات الكبرى والصيادلة وعلماء نفس الأطفال). كما ينظر هذا النوع من القياس إلى النظام من خلال عدسة الخدمات العشر الأساسية للصحّة العامّة التي ذكرناها سابقاً، ويستكشف ما إذا كانت هذه الخدمات تقدَّم أم لا، وكيف تقدّم. هذا لا يؤمّن معياراً موضوعيّاً لتفحّص فعاليّة النظام فقط ، بل يربط النظام المحلي بالبرنامج الوطني لمعايير الأداء للصحة العامّة.

الخدمات العشر الأساسية للصحّة العامّة هي:

  1. مراقبة وضع الصحّة لتحديد المشكلات الصحّية المجتمعيّة وحلّها، ودراسة المجتمع المحلّي بشكل دوري لتحديد المسائل الصحّية والتصدّي لها. (انظروا الفصل 3، القسم 5: تحليل مشكلات المجتمع المحلي والقسم 7: إجراء مسح لتقدير الحاجات والقسم 11: تحديد استخدام الخدمات والقسم 15: الطرق النوعية في تقدير المسائل المجتمعية والقسم 19: استخدام السجلات الرسمية ومعلومات الأرشيف.)

  2. تشخيص المشكلات والمخاطر الصحّية في المجتمع المحلي والتحقيق فيها. قد تتطلّب هذه التحركات مزيداً من العمل لحل المشكلات وإزالة المخاطر.

  3. إعلام الناس وتثقيفهم عن المسائل الصحيّة وتمكينهم منها. قد يشمل ذلك أيّ أمر من مناهج المراحل الابتدائية إلى الحملات الإعلاميّة مروراً بالتأكّد من أنّ كافّة العاملين في المجال الطبّي لديهم معلومات دقيقة ومحدَّثة لإيصالها للناس. (انظروا الفصل 4، القسم 2: إيصال المعلومات عن مسائل الصحة والتنمية المجتمعيّة والقسم 4: التحدّث عن المخاطر وعوامل الحماية المتصلة بالمسائل المجتمعيّة والقسم 5: إعداد عروض مجتمعية، بالإضافة إلى الفصل 6، القسم 1: تطوير خطّة اتّصال.)

  4. تعبئة الشراكات والتحرّكات المجتمعيّة لتحديد المشكلات الصحّية وحلّها. ينبغي أن يكون النظام الصحّي سبّاقاً في تشكيل شراكات على المستوى الداخلي وعلى مستوى القطاعات الأخرى، وفي إطلاق تحالفات ومبادرات مثل "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، أو الانضمام إليها. (انظروا الفصل 5، القسم 2: التنمية المحلية والقسم 3: التخطيط الاجتماعي وتغيير السياسات والقسم 5: إنشاء ائتلاف (1): بدء ائتلاف والقسم 6: إنشاء ائتلاف (2): صيانة الائتلاف.)

  5. تطوير سياسات وخطط تدعم جهود الصحة المجتمعية والفرديّة. وقد تشمل هكذا سياسات وخطط الاستعداد للتعاون ولتشارك الموارد والمناداة المستمرة للتمويل والدعم والسياسات الصديقة للصحّة. (انظروا الفصل 25: تغيير السياسات.)

  6. إنفاذ القوانين والتنظيمات التي تحمي الصحّة وتؤمّن الأمان. (انظروا الفصل 33، القسم 5: السعي وراء تنفيذ القوانين أو السياسات القائمة.)

  7. ربط الناس بالخدمات الصحية الشخصية اللازمة والتأكّد من تأمين الرعاية الصحية عندما لا تكون متوفّرة بطرق أخرى. بالإضافة إلى تأمين الرعاية الصحّية المجانيّة أو ذات الكلفة المقبولة لمن ليس لديهم تأمين أو وسائل للحصول على هذه الرعاية، قد تتضمّن هذه الخدمة المناداة بسياسة صحّية عامة (والمشاركة في صياغتها). (لمعلومات مفصّلة عن المناداة وإدارة حملة مناداة انظروا الفصول 30-35، أي الجزء "ذ": الانتظام من أجل مناداة فعّالة.)

  8. التأكّد من تأمين قوّة عمل للرعاية الصحيّة الفردية والعامّة ذات كفاءة عالية. لا تعتمد كفاءة عاملي الرعاية الصحّية فقط على مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم السابقة، بل أيضاً على التدريب المستمر والتعلم الذاتي (على سبيل المثال، قراءة المجلاّت الطبية والمنشورات البحثيّة الأخرى)، والرصد والإشراف بكفاءة بهدف تشجيع الأسئلة و تحسين الأداء. (انظروا الفصل 10: توظيف الموظفين الأساسيين في المنظمات المجتمعية وتدريبهم والفصل 25، القسم 10: تعديل السياسات لتعزيز نوعية الخدمات.)

  9. تقييم فعاليّة الخدمات الفردية الخدمات الجماعية، والقدرة علىالوصول إليها ونوعيّتها. هل الحصول على الخدمات الطبّية الضرورية، مثلاً، سهلٌ نسبياً للجميع في المجتمع المحلي، بغض النظر عن ظروفهم أو قدرتهم على الدفع؟ ما هي أوقات الانتظار في غرف الطوارئ؟ ما هي نسبة السكّان التي لا يؤمّن لها أحدٌ الرعاية الصحّية الأولّية؟ ما هي نسبة الأطفال الذين حصلوا على كافّة اللقاحات اللازمة من بداية رياض الأطفال؟ (انظروا الفصول 35-37 لنظرة معمّقة عن التقييم.)

  10. إجراء الأبحاث من أجل رؤى جديدة وحلول مبتكرة للمشكلات الصحّية. (انظروا الفصل 31، القسم 1: كيف نُجري بحثاً: نظرة عامّة.) يمكن الذهاب إلى الفصل 2، القسم 7: عشر خدمات صحّة عامّة أساسيّة.

 

يتطلّب قياس نظام الصحّة العامّة المحلي والعام أن نحدّد هذا النظام، ما يستلزم التفكير على صعيد النظم. قد نعتبر نظام الصحة العامة المحلي مكوَّناً من الأجزاء البديهيّة:

  • أقسام الصحة والهيئات الحكوميّة على مختلف المستويات

  • المستشفيات الصحّية الخاصّة والعامّة

  • العيادات

  • العيادات الطبيّة الخاصّة

  • خدمات الصحة النفسيّة ومؤمّنيها، في القطاعين الرسمي والخاص

  • المعالجين الفيزيائيين والانشغاليين

  • الممارسات الطبيّة البديلة مثل العلاج بالوخز بالإبر، والتدليك، وتقويم العمود الفقري

  • تقنيي الطوارئ الطبية وخدمات الإسعاف

  • الصيدليات (وصناعة الأدوية)

  • شركات التأمين

  • المنظّمات التي تمثّل مصالح متلقّي الخدمات

  •  

كما يجب الانتباه إلى عناصر عدة أخرى ربطاً بالنظام:

  • الشرطة ورجال الإطفاء، والذين يجيبون على خطوط هاتف الطوارئ الصحيّة الذهنية والطبية

  • مثقّفي الصحة المجتمعيين ومثقفي صحة الأقران (من شاب إلى شاب، من أم إلى أم...) وبرامج التعليم

  • ممرّضي المدارس والمرشدين والمدرّبين الرياضيين

  • معلّمي الصحة المدرسيّة

  • الأشخاص الذين يعملون مع الكبار والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقات والفئات السكّانية المعرّضة الأخرى: وكالات الخدمة الإنسانية وأمكنة رعاية الأطفال والمعلّمين وعاملي الرعاية المنزلية ومساعدي الصحة المنزلية.

  • الأشخاص المدرّبين على الإسعافات الأوليّة في الطوارئ الذين يمكنهم أن يقوموا بتحرّك فوري لإنقاذ الحياة: عمّال الإنقاذ، موظّفي بعض الجمعيات الشبابية، وبعض أماكن الرياضة الخاصّة، وحرّاس الشواطئ، ومرشدي المخيّمات.

  • الأشخاص والمنظمات العاملة على تعليم أو تعزيز الممارسات الصحية لدى الأفراد أو المجموعات: المدرّبين الشخصيّين وعلماء التغذية، والنوادي الرياضية بمختلف أنواعها، وجمعيات الشباب، والصالات الرياضية الخاصة، وجمعيات الدراجات، و"العاملين على تخفيف الأوزان" ومنظمات مماثلة...الخ.

  • البرامج والتسهيلات العلاجية والتعليمية الخاصة بالإدمان على المخدرات

  • برامج الوقاية والتوعية من العنف والوصول إلى العصابات، والجهود المماثلة

  • برامج بيئية تهدف إلى حماية الصحة المجتمعية، مع التركيز على الهواء والماء النظيفيْن، وإلى توفير فرص ترفيه صحيّة في الهواء الطلق، وإلى استخدام الطرائق والموارد النظيفة والمستدامة. (انظروا الفصل 2، القسم 11: قياس الأثر الصحّي.)

إنّ نفس طرق التفكير ضروريّة لتحديد أي نظام مجتمعي ووصفه. عليكم التفكير في كافّة العوامل التي تؤثّر عليه، بما فيها ما قد لا يكون جزءاً من المجتمع المحلي بنفسه.

3.قياس وضع الصحة المجتمعية:

ينظر إلى صحّة المجتمع المحلي وإلى نوعيّة الحياة: ما هي المسائل الصحيّة الأساسية في المجتمع؟ هل هنالك أمراض أو ظروف تُشكّل هموماً أو تَحدث بوتائر عالية؟ ما هو وضع صحّة السكّان بشكل عام؟ هل هنالك طرق يكون من خلالها المجتمع أو السكّان في حال صحيّة بشكل خاص، وكيف يمكن المحافظة والبناء عليها؟ كيف تؤثّر نوعية الحياة المجتمعية على الصحة؟

مرّة أخرى يمكن أن تكون الطرائق المستخدمة هنا  أي أمرٍ يناسب المجتمع المحلّي (مقابلات أو رصد أو مسوح أو استطلاعات أو دراسة الملفّات...الخ). للمزيد عن طرائق دراسة المجتمع المحلي انظروا الفصل 3: تقدير حاجات المجتمع المحلي وموارده والفصل 31، القسم 1: كيف نُجري بحثاً: نظرة عامّة

4.قياس قوى التغيير:

يحاول تحديد أي عوامل حاليّة أو متوقّعة (تشريعات، أو تحوّلات سكّانّية، أو تكنولوجيا، أو صعود أو هبوط اقتصادي) تؤثّر بشكل مباشر أو غير مباشر على الصحّة وصحة المجتمع. قد يكون في هذه العوامل احتمالات إيجابيّة أو سلبيّة (أو الاثنيْن معاً)، ولكنّها ستُحدث تغيّرات في أي حال. من خلال فهم هذه التغييرات والتحضير لها يمكن أن يعمل المجتمع المحلي على درء التهديدات أو التخفيف منها والاستفادة من الفرص المتاحة لحماية صحة المجتمع والنظام الصحي العام وتحسينهما.

خططوا لكيفيّة تنفيذ الدراسات هذه، وبأي ترتيب. ليس بالضرورة إتمام العمليّات الأربع في نفس الوقت، رغم احتمال بعض التقاطعات فيما بينها. (قد تنفَّذون مثلاً أجزاءٌ من قياس نقاط القوّة والمواضيع المجتمعية مع قياس وضع الصحة المجتمعية معاً، ما يوفّر الوقت والجهود.) فكّروا في أي عمليّات قياس أو أي أجزاء منها يمكن أن تفيد الأخرى. (قد تعطيكم نقاط القوّة والمواضيع المجتمعية بعض الإشارات إلى ما يجب البحث عنه في وضع الصحّة المجتمعية أو قوى التغيير، مثلاً.)

وفيما يمكن تنفيذ قياس قوى التغيير في جلسة عصف ذهني واحدة وإشراك اللجنة وبعض الآخرين المختارين فحسب نظراً لمعرفتهم المجتمع المحلي وخبرتهم في توقّع التغيير، فقد تأخذ عمليّات قياس أخرى أسابيع أو شهور. تقترح "الجمعية الوطنية لمسؤولي الصحة في المدينة والمقاطعة" أن تُدار كلٌّ عملية من عمليّات القياس الأولى مِن قِبل لجنة مصغَّرة يُختار أعضاؤها بسبب المهارات التي يمكنهم إحضارها إلى عمليّة القياس المحدّدة. في بعض الحالات، قد ينتمي بعض الأعضاء إلى أكثر من لجنة مصغّرة، ما يشجّع على التنسيق بين مختلف عمليّات القياس.

من المهم ربط عمليات القياس ببعضها بعضاً. يمكن لكلّ منها استخدام نتائج الأخرى للاستفادة منها، وسيجنّب التنسيق الملائم ازدواجيّة الجهود وزيادة العبء على مزوِّدي المعلومات الجيّدين بشكل خاص. يمكن للربط أن يساعد أيضاً على تأمين تقاطع مراجع المعلومات والمزوِّدين ضمن عمليّات القياس.

من المهم كذلك الاحتفال بالنجاحات بعد انتهاء كلّ عمليّة قياس وبسبب الإنجازات التي تحقّقها. الاحتفال يخلق حماساً بين المشاركين في الجهود ويصونه، كما يُبقي الناس في المجتمع المحلّي على اطّلاع على العمل الذي ينفَّذ.

  • المرحلة الرابعة: المسائل الاستراتيجية

يمكن للمجتمع المحلّي أن يكون سبّاقاً في تحديد المسائل التي ستساعد على تحقيق رؤيته. نموذج "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" يعرّف المسائل الاستراتيجية على أنّها "خيارات السياسات الجوهريّة أو التحدّيات الجوهرية الواجب التصدّي لها لكي يحقّق المجتمع المحلّي رؤيته". هي ليس مسائل صحّة عامّة محدّدة، كالسكّري أو أمراض القلب، بَل مسائل تتضمّن مروحة واسعة من هموم الصحّة العامّة. أحد الأمثلة يمكن أن يكون تحسين الوصول إلى المعلومات الصحّيّة والرعاية الصحّية من خلال تحسين العلاقات بين نظام الرعاية الصحّية ومَن لا يثق به.

قد ركّز مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" حتّى الآن على تطوير الرؤية وجمع المعلومات. في هذه المرحلة، تستخدمون الرؤية الموجِّهة والمعلومات لتحديد أي مسائل مجتمعية هي الأهم في المساعدة على تحقيق رؤيتكم. ففيما تبني هذه المرحلة على ما سبق فإنها تشكّل نقطة الاختيار في تقرير ما ستبدو عليه خطة تحرّككم.

يجري تغذية المسائل الاستراتيجيّة من خلال التحليل ودمج نتائج عمليات القياس الأربع. فقط من أخذ كافّة المعلومات المتوفّرة في الاعتبار يمكنكم التأكّد من إيجاد مسائل تتخطّى كونها مشكلات أو ظروف آنية، وتطرح الصحّة المجتمعية بشكل عام.

ومن أجل تحديد المسائل الاستراتيجيّة الحقيقية، يجب استخدام التفكير على صعيد النُظم. هل تذكرون النقاش السابق عن التفكير على صعيد النظم في هذا القسم سابقاً؟ من المهم القيام بالتغييرات على المستوى البنيوي من أجل طرح الأسباب الحقيقية للمسائل المجتمعية وحلّها بشكل نهائي. وعندما تبحثون عن المسائل الاستراتيجيّة (التي تمثّل نقاط الارتكاز التي ذكرناها سابقاً، أي النقاط التي يمكنكم ممارسة الضغط من خلالها لتغيير النظام) عليكم فهم الهياكل القائمة داخل المجتمع المحلّي، والتي تؤثّر على المناطق التي تريدون تغييرها.

يقدم موقع "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" إجراءات بخمس خطوات لتحديد القضايا الاستراتيجية:

 

 

توصي "الجمعية الوطنية لمسؤولي الصحة في المدينة والمقاطعة" أن تشمل المرحلة الرابعة فريق الدعم النواة ولجنة "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات". في حال كانت اللجنة تمثل المجتمع المحلي تمثيلاً حقاً، فقد يكون ذلك كافياً، ولكن يبقى احتمال استقطاب أعضاء آخرين من المجتمع في هذا الجزء من المسار، من أجل توليد أكبر عدد ممكن من الأفكار والتأكّد من شمل أصوات كافّة أصحاب المصلحة.

 

 
  1. العصف الذهني للمسائل الاستراتيجية المحتلمة:

تبدأ هذه الخطوة برؤية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات". يجب أن تعرفوا أين تريدون أن تصلوا قبل التفكير بكيفية الوصول، وينبغي أن يتوجّه الانتباه إلى عمليّات القياس الأربع، حيث تظهر الأنماط. ما هي المسائل التي تبدو جليّة في أكثر من عمليّة قياس (أو في جميعها، وهذا أكبر دلالة)؟ ما هي صلة هذه الأنماط برؤيتكم؟ (انظروا الفصل 17، القسم 6: ابتكار الحلول واختيارها لشرح عن العصف الذهني.)

  1. تطوير إدراك السبب الذي يجعل مسألة ما استراتيجية:

هل ستؤثّر المسألة بشكل مباشر على عنصر من عناصر الرؤية؟ هل تمثّل نقطة ارتكاز، أي هل تمثّل مكاناً في النظام يمكن أن يغيّر كيفية عمله؟ هل هي مهمّة لأكثر من سبب؟ هل تحتوي على عدد من المسائل الأصغر داخلها؟ هل يمكنكم القيام بأمر ما تجاهها بطريقة منطقية وذات كلفة مقبولة؟ هذه أنواع من الأسئلة التي يمكن أن تساعدكم على فهم لماذا قد تكون المسألة استراتيجية أو لا.

  1. تحديد تبعات عدم طرح المسألة:

قد يكون تناول مسألة معيّنة صعباً، إذْ ينهك المواردَ الشحيحةَ أصلاً ويتطلّب الكثير من الوقت والجهد، ولكن قد تكون عواقب عدم التصدي لها أسوأ بكثير. فإذا كانت هي المفتاح لتحقيق رؤيتكم، أو إذا كان عدم التصدي لها سيُبقي على الوضع غير المقبول أصلاً كما هو أو يجعله أسوأ، عندها، لا يمكنكم تحمّل عدم معالجتها.

  1. دمج المسائل المتداخلة أو المتّصلة:

بعد تحديد كافّة المسائل التي ترونها استراتيجية، عليكم النظر في تلك التي تتشابه في الواقع أو تطرح نفس الهموم. في حال كنتم تفكرون التفكير على مستوى النُظُم فستجدون على الأرجح أنّ العدد الحقيقي للمسائل أقل بكثير ممّا خرجتم به. لإيجاد الصلات وتقليص عدد المسائل غرضان:

  • يترككم ذلك مع عدد من المسائل قابل للمعالجة. يقترح نموذج التعبئة اختيار من ثلاث إلى خمس مسائل استراتيجيّة لتناولها، ولا تختار معظم المجتمعات المحلّية بالممارسة أكثر من خمس. من المهم اختبار بعض النجاح في البداية، وتنخفض احتمالات حصول ذلك في حال شملت التوقّعات حلَّ عددٍ كبير من المشكلات. وإذا كانت تلك أوّل جهود تعاونيّة لمجتمعكم فقد تكون حتّى خمس مسائل كثيرة عليكم.

  • يسهم ذلك في تحديد البنى المهمّة فعلاً التي تحتاج إلى انتباه. إذا أردتم حلّ المسائل مرّة وللأبد، عليكم تغيير النُظُم التي تشكّل هذه البنى جزءاً منها. ويمكنكم القيام بذلك فقط إذا حدّدتم هذه النُظُم بشكل صحيح، ويساعدكم دمج المسائل على ذلك.      

  • تنظيم المسائل ضمن لائحة بالترتيب:

قبل صياغة اللائحة، يجب أن تقرّروا العدد الأقصى من المسائل لوضعها عليها، ثمّ عليكم أن تصنّفوا في اللائحة كافّة المسائل التي حدّدتموها والتي تميل أكثر من غيرها إلى مساعدتكم على تحقيق رؤيتكم. (تذكّروا أنّ محاولة معالجة كافّة المسائل في نفس الوقت ليس ضرورية، بَل يجب ألاّ تقوموا بذلك. غالباً ما يكون أكثر منطقيّةً التعاطي مع مسألة أو اثنتين في نفس الوقت.)

بعد ذلك، لتكن لائحة المسائل المُختارة بترتيب منطقي، وقد تودّون بناء اللائحة بحسب ترتيب الأولويّات، إمّا ربطاً بالطارئ منها، أو بما يجب إتمامه أوّلاً لكي يمكن طرح المسألة التالية على اللائحة بنجاح. قد تكون بعض المسائل، مثلاً، مثيرةً للجدل وصعب طرحها قبل اكتساب ثقة المجتمع المحلّي وتبنّيه لما تفعلونه، من خلال حلّ أمرٍ ما أوّلاً.

تصبح اللائحة بعد ذلك بدايات خطّة تحرّككم، فهي تقول لكم ما عليكم طرحه ومتى من أجل إحداث التغيير المجتمعي.

لبعض الأفكار عن كيفية التفكير في تحديد المسائل الاستراتيجيّة يمكن الذهاب إلى الفصل 3، القسم 5: تحليل مشكلات المجتمع المحلي والفصل 17، القسم 2: التفكير النقدي.

  • المرحلة الخامسة: الغايات / الاستراتيجيات

بعد بناء لائحة المسائل الاستراتيجية ومعرفة ما الذي ستقومون به، يجب عليكم اتّخاذ قرار حول كيفيّة القيام بذلك. لكل مسألة قمتم باختيارها عليكم وضع غاية منطقيّة أو أكثر تعكس السبب الذي جعلكم تختارون هذه المسألة أصلاً. السؤال هو إذاً: ما هو التحرّك الذي يمكن القيام به والذي يسمح لكم أو للمجموعة تحقيق غايتكم؟ بكلمات أخرى، ما هي استراتيجيتكم؟

هيّا بنا إذاً نضع الغايات ونبني الاستراتيجيات لتحقيقها، خطوةً بخطوة. في المرحلة الأخيرة، اقترحنا استقطاب أعضاء المجتمع المحلي للعمل مع لجنة التعبئة. في هذه المرحلة، قد يبدو أكثر منطقيّةً أن تعمل اللجنة وحدها، إذ إنّ تطوير استراتيجية ضمن مجموعة صغيرة أكثر فعاليّة وأكثر جدوى. قد تقومون ببعض الاستثناءات  بالنسبة لعدد صغير من الأشخاص لديهم معرفة خاصّة بالمجتمع المحلي أو بالفئات السكّانية المعرّضة للخطر والذين قد يُضيفون إلى خيارات اللجنة في كلٍّ من الأهداف والاستراتيجيات.

يقترح موقع "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" توزيع اللجنة إلى مجموعات صغيرة في كافّة خطوات هذه المرحلة ما عدا في الخطوتيْن الأخيرتيْن. قد تفكّرون في استخدام المجموعات الصغيرة، على أن يلتقي الجميع في نهاية كل خطوة حتى يتسنّى للّجنة بأسرها فرصة التفاعل مع الأهداف والاستراتيجيات المختارة. ربّما كان عليكم أن تكون الخطوةُ الخامسة عن اختيار الاستراتيجيات واعتمادها، مهمّةً لكافّة أعضاء اللجنة. ثم قد تُكلف مجموعة صغيرة بصياغة تقرير التخطيط ثم تعود مرّة أخرى إلى اللجنة مجتمعةً من أجل التغيير والتبديل.

  1. تطوير غايات متّصلة بالرؤية والمسائل الاستراتيجية:

عودوا إلى رؤيتكم وإلى المسائل الاستراتيجيّة لتذكير أنفسكم بما تنوون تحقيقه. بعد ذلك، فيما أنتم تأخذون كلّ مسألة على حدة، عليكم اتّخاذ قرار حول الغايات الفعليّة التي ستساعدكم على حلّ كلٍّ منها. قد يكون منطقياً خلق غايات لكافة المسائل، حتّى لو سيبقى بعضها دون معالجة لفترة طويلة، لأنّه بهذه الطريقة، سيمكنكم تطوير استراتيجيّة عامّة متّسقة، وقد يمهّد تحقيقُ غايةٍ السبيلَ لغاية أخرى، ويكون هذا أسهل بكثير في حال خطّطتم للاستراتيجية بأكملها لمرّة واحدة. (انظروا الفصل 8، القسم 3: بناء الأهداف.)

 

فلنفترض أنّ رؤيتكم تتضمّن الصحة الممتازة والرعاية لكافّة الأطفال في المجتمع المحلي. قد تكون إحدى المسائل الاستراتيجيّة أنّ عدداً من العائلات مع أطفالها، لا تصلها المعلومات والرعاية والمنتجات والممارسات الصحّية التي يوفّرها نظام الصحة العامّة المحلّي. قد تكون الغاية العامّة إذاً زيادة هذا الوصول.

ومع ذلك، الوصول هو أكثر بكثير من الوصول المادّي إلى مكاتب الأطباء أو العيادات، فهو يشمل مواقف المجتمع (سواءٌ كيف يرى أولئك الذين يفتقرون إلى الوصول نظامَ الصحة العامة المحلي، وكيف يراهم النظام وبقية المجتمع المحلي)، بل يمتدّ إلى مواقع الشركات (هل هناك مخازن حيث الأغذية الصحية والمنتجات مُتاحة في كل جزء من المجتمع المحلّي؟)، وطرق النقل العامّة، وسياسات الرعاية الصحية الحكومية، والتعليم، وتطبيق القانون ... ويمكن للقائمة أن تستمر وتستمر.

يجب أن تقسّم غاية كهذه تتضمّن عناصر عديدة إلى أهداف (وهي خطوات تؤدّي إلى تحقيق الرزمة الكاملة)، ويجب متابعة هذه الأهداف بنفس الوقت، أو هدف تلو الآخر، وفقاً لقدرات المجتمع المحلي وموارده، ويلزم كل هدف استراتيجية تؤدّي إلى تحقيقه.

  1. خلق بدائل استراتيجية:

عندما يكون لديكم لائحة من الغايات، تكون الخطوة التالية هي تصميم استراتيجيات لتحقيقها، وقد تتطلّب كل غاية أكثر من استراتيجية، ويجب أن تَبني الاستراتيجيات، عند الإمكان، على المقدّرات أو الإمكانات التي حدّدتم، وأن تستخدم الفرص التي وجدتم، وتتصدّى للتهديدات التي ظهرت في عمليّات القياس. قد تكون جلساتُ العصفٍ الذهني في مجموعات صغيرة طريقةً جيّدة لتوزيع المهمّات هنا، على أن تأخذ كل مجموعة غايات مختلفة. (يمكن الذهاب إلى الفصل 8، القسم 4: بناء استراتيجيات ناجحة: التخطيط من أجل الفوز.) لنَنْظر في مسألة الوصول إلى نظام الصحة العامّة المحلي، مرّة أخرى كمَثَل.

 

هنالك عدد من الأسباب التي تجعل عدداً كبيراً من الأهالي غير مستعدّين، أو غير قادرين، على كسب الوصول إلى المعلومات والرعاية والمنتجات والممارسات الصحّية. يمكن تكون عمليّات القياس قد أعطتكم على الأرجح المعلومات اللازمة لفهم ماهيّة بعضها على الأقل. فيما يلي أربعة احتمالات:

  • الكلفة: الكثير من العائلات لا يملك تأميناً صحّياً. وقد تجد العائلات المؤمَّنة صعوبة في دفع الرسوم، وفي حال تواجُد خدمات مجّانيّة أو ذات كلفة دنيا، فقد تكون هذه العائلات (أو تظنّ أنّها) غير مؤهّلة لها، أو قد لا تدري بوجودها.

  • الإتاحة: قد لا تكون هنالك خدمات كافية متاحة للعائلات مع أطفالها في المجتمع المحلي، أو قد تكون هذه الخدمات غير مناسبة أو غير ملائمة لها (لا خدمات طب أطفال، مثلاً). يمكن لذلك أن يمتد ليس فقط إلى الرعاية الطبّية (العيادات والممارسات الطبّية ومراكز الصحّة النفسية) بل إلى الأماكن الآمنة للّعب والتمارين الرياضية، والمخازن والمطاعم التي تقدّم غذاءً صحّياً، ومصادر المعلومات عن التغذية والرعاية الوالديّة والرعاية ما قبل الولادة...الخ..

  • عدم الثقة بنظام الرعاية الصحّية: قد ترى العائلات أن نظام الرعاية الصحّي يتعالى عليهم أو أنه ديكتاتوري، وقد تكون قد عانت من تجارب سيّئة معه، أو (في حال لم تكن أوضاع العائلة سليمة من القانونيّة) فقد تخشى التورط في مشاكل مع القانون إذا أرادت اللجوء إليه.

  • المسائل الشخصيّة: أمورٌ، كالإدمان أو الأمراض الذهنية أو العنف المنزلي أو مجرّد قلّة الخبرة والمعرفة، قد تُبعد بعض العائلات عن كافّة جوانب نظام الصحّة العامّة المحلّي.

 

تهدّد كلّ من هذه الأسباب الوصول إلى المعلومات والرعاية والممارسات الصحّية، ويلزم كلّ منها استراتيجيّة مختلفة للمواجهة.

قد تكون هنالك استراتيجية غالبة تغطّي كافّة هذه العوامل، ويمكن أن تُستخدم في التنفيذ. من الاستراتيجيات هذه، يتبادر إلى الذهن استقطاب أفراد من المجتمع المحلّي وتدريبهم كمثقِّفّي أقران في مجال الصحة، وهم يستطيعون أن يعملوا مع كلّ من العائلات وحدها ومع المجموعات لنشر المعلومات عن الإمكانيات المتاحة في سائر نظام الصحة العامة المحلي، وعن التغذية والرعاية الوالديّة وأنماط الحياة الصحّية ومواضيع مماثلة.

يمكن طرح مسألة الكلفة من خلال المناداة بتمويل للرعاية الصحية للعائلات مع الأطفال غير المؤمَّنة. إضافةً إلى ذلك أو بدل ذلك، يمكن التوصّل إلى الحصول على منح من مؤسسات أو غيرها لتمويل هذه الرعاية. قد يتطلّب ذلك أيضاً التفاوض مع المستشفيات والعيادات وأطباء الأطفال حول تأمين خدمات مجانية أو بأسعار مخفضة. (انظروا الفصل 33، القسم 10: القواعد العامّة لتنظيم مناداة تشريعيّة والقسم 11: تطوير العلاقات مع المشرّعين ومساعديهم والمحافظة على استمرارها.)

يمكن كذلك معالجة عدم الإتاحة من خلال المناداة التشريعية أو جمع الأموال لبناء عيادات محليّة أو مراكز علاج أخرى. في حال توفُّر مراكز العلاج أصلاً، فقد تكون الحاجة هي المزيد من مزوِّدي الرعاية المؤهّلين للتعاطي مع العائلات وأطفالها (أطبّاء الأطفال أو ممرضي الأطفال أو علماء نفس الطفل...الخ)، وقد يتطلب توفير تسهيلات ومنتجات أخرى متعلّقة بالصحة (كمناطق لعب آمنة ومخازن تقدّم طعاماً صحّياً) المناداة المحلية، أو التفاوض مع سلسلة مخازن محلية أو أكبر، أو الاتّفاق مع الشرطة حول حراسة الأحياء...الخ.

أمّا فقدان الثقة، فيمكن معالجته من خلال الوصول الشخصي والزيارات المنزليّة من قبل العاملين الصحّيين أو المثقّفين الصحيّين للأقران الملمّين بلغة وعادات العائلات. في حال كان الناس يُعامَلون فعلاً بازدراء أو دكتاتوريّة فقد يكون العلاج عبر العمل مع مزوِّدي الرعاية الصحيّة لمساعدتهم على تغيير مقاربتهم مع مَن يخدمونهم، ويمكن إحالة العائلات لأشخاص يثقون بهم، مثل رجال الدين أو الأصدقاء أو قادة مجتمعهم المحلي...الخ. قد ينطوي جزءٌ من الاستراتيجية على نشر الخبر عن الخدمات لدى هؤلاء المخبرين المفاتيح الموثوق بهم وآخرين، من خلال التشبيك المجتمعي. وقد تكون الاستراتيجية الأقوى هي استقطاب أهلٍ ليس لديهم (أو يشعرون أنّه ليس لديهم) وصولٌ إلى نظام الصحة المحلي، للمساعدة في التخطيط لمسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" أو التخطيط لنشاطات أو مشاريع محدّدة، ومن هنا تزويدهم بشعورٍ أنّهم يستثمرون في النظام.

أمّا المشكلات الشخصيّة، فقد تُحضر الصلاتُ مع برامج علاج الإدمان والمرشدين، والعاملين في الصحّة النفسية، والنظام القضائي، وملاجئ النساء والمتشرّدين، العائلات (أو تجبرهم، في حالات المحاكم ومراكز العلاج) إلى نظام الرعاية الصحية. قد يكون كذلك ضروريّاً هنا برنامجُ وصولٍ شبيهٌ بالذي وصفناه أعلاه، لاسيّما للمشرّدين. مرّة أخرى، قد تتبيّن هنا أهمّية مثقِّفين الصحّة الأقران.

  1. التفكير في العوائق أمام التطبيق:

هنا تبحث المجموعات الصغيرة في كل استراتيجية محتمَلة لتحديد العوامل التي قد تجعل التطبيق صعباً. يمكن أن تشمل لائحةٌ قصيرة من العوائق المحتملة النقصَ في الموارد (التمويل والناس والوقت)، والسياسات الرسميّة التي تعمل ضد التوجه العام للاستراتيجية، والصعوبات اللوجستية أو التكنولوجية، وضعف الاتصالات لاسيّما عند انخراط العديد من المجموعات اللغويّة، وانعدام الثقة، والنزاعات الداخلية ضمن نظام الصحة أو غيره من النظم، وعدم وجود الدعم المجتمعي. وينبغي ألاّ تقضي أيٌّ من هذه بالضرورة على الاستراتيجية، ولكن من المهم فهم أي عوائق يتوجب التغلب عليها لأنّها تَحول دون تنفيذها، وتحديد ما إذا كانت لديكم القدرة على القيام بذلك.

  1. التفكير في تفاصيل التطبيق:

بعد ذلك، تكسو المجموعات الصغيرة كل استراتيجية بكيفيّة التطبيق. يشمل ذلك وضع الجداول الزمنية وتعيين المسؤوليات وتحديد مصادر التمويل والموارد الأخرى وتحديد المشاركين وكيفية استقطابهم...الخ. ويجب أن يساعد صقل تفاصيل التطبيق، جنباً إلى جنب مع دراسة العوائق، على توضيح أي استراتيجيات ستكون قابلة للتنفيذ واحتمال نجاحها كبير.

لا تقوموا بهذه الخطوة دون تأمين من سيرجح أن يقوموا بالعمل، هذا إنْ لم يكونوا منخرطين معكم أصلاً. فهم ليس فقط يجب أن يكون لهم صوتٌ في القرار حول ما يمكن أن يقوموا به، بل هم أيضاً يعلمون ما هو قابل للتحقيق.

  1. اختيار استراتيجيات وتبنّيها:

عند هذه النقطة، يجب أن تكون قابلية التنفيذ والفعاليّة المحتملة للاستراتيجيات المتنوّعة قد أصبحت واضحة ،وهما من المعايير البديهيّة لاختيار استراتيجيات للتطبيق. معيارٌ آخر هو مدى تناسُبِها مع الاستراتيجية العامّة. هل تعمل الاستراتيجيات سويّةً للمساعدة على تحقيق رؤيتكم؟ هل تشكّلُ جميعُها استراتيجيةً عامّة متّسقة يمكن استخدامها على المدى البعيد لخلق تغيير حقيقي ومستمر؟

  1. صياغة تقرير التخطيط:

يجب أن يجمع شخصٌ أو مجموعة صغيرة نتائج التخطيط بشكل يخدم من جهة كخريطة طريق للعمل القادم ومن جهة أخرى كوثيقة يمكن أن تُعلِم المجتمع المحلي عن المسار. يجب أن توَصَّل رؤية مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" وغاياته واستراتيجياته إلى الشركاء والمجتمع المحلّي. وبعد أن تراجعها اللجنة وتعدّلها عند اللزوم، يجب أن تُعتمد رسميّاً كخطة التحرّك للتعبئة، وأن تمرّر قدر الإمكان إلى كافّة قطاعات المجتمع المحلي.

عندما تنتهي مرحلة التخطيط، يجب أن يكون هنالك احتفال ليخدم، كما سبق أن ذكرنا، عملية تنشيط المشاركين ولخلق الاهتمام والدعم في المجتمع المحلي. الاحتفال سيجعل الجميع يعلم عن بدء مرحلة تحرّك المبادرة فيما يجري الاحتفال، في نفس الوقت، وعن التعاون الذي جعل المبادرة ممكنة والعمل الذي أنتج الخطة التي أصبحت على وشك التنفيذ.

 

 

  • المرحلة السادسة: حلقة التحرّك

إنّها المرحلة الأخيرة التي تطبّقون فيها كافّة ما عملتم عليه من تخطيط وتنظيم. وهي تتضمّن تسع خطوات، مقسّمة إلى ثلاثة أطوار: التخطيط والتطبيق والتقييم.

  1. الطور الأوّل: التخطيط للتحرّك

  2. التنظيم من أجل التحرّك:

ينبغي أن تشرف على حلقة التحرّك لجنةٌ مصغّرة، تشمل كافّة مَن سيكون منخرطاً في تطبيق الخطّة. وستكون اللجنة مسؤولة عن تنسيق المسار ومحاولة تأمين سيره بسلاسة، أي أن تجري الأمور في الوقت المفترض وأن يتحمّل جميع المشاركين مسؤولياتهم وأن تنفّذ كافّة الأمور وفقاً للخطّة.

  1. تطوير الأهداف وتأسيس المساءلة والمحاسبة:

الأهداف هي الإنجازات الدقيقة جدّاً التي تؤدّي إلى التحقيق الشامل للغايات. يجب أن يكون لكل غاية هدف أو أكثر، وهذه الأهداف، في حال تحقّقت، هي المؤشر على أنّ المسار يعمل كما يجب.

إذا نظرنا إلى الغاية والاستراتيجيات التي بحثنا فيها سابقاً، تصبح فكرة الأهداف واضحة. الغاية الإجماليّة كانت زيادة وصول العائلات التي لديها أطفال إلى نظام الصحة العامّة المحلّي. إحدى الاستراتيجيات كانت تدريب أعضاء من المجتمع المحلي كمثقّفين صحّيين للأقران. بعض أهداف هذه الاستراتيجية قد تكون:

  • الاتّصال في الأشهر الثلاثة الأول بمئة وخمسين عائلة، واستقطاب 25 من أهالي المجتمع المحلي المعنيين لكي يتدرّبوا كمثقّفين صحّيين للأقران.

  • تنفيذ تدريب مثقِّفين صحّيين للأقران لمدّة 30 ساعة، على مدى خمسة أسابيع، يليه تطبيق لمدّة أسبوعين، على أن ينتهي في الشهر السادس على بدء الجهود. ستقدَّم رعاية لأطفال المشاركين في التدريب. والذين يتمّون هذا التدريب سيحصلون على راتب.

  • تخريج 18 مثقِّف صحّي للأقران، سيذهبون لاحقاً للعمل في المجتمع المحلّي.

  • تأمين ساعة إشراف أسبوعي جماعي للمثقِّفين الصحّيين للأقران.

  • سيقوم كل مثقِّف صحّي للأقران على الأقل بثلاث زيارات كل أسبوع لعائلات لديها أطفال، خلال أسبوعين بعد انتهاء التدريب. سيكون غرض الزيارات تفقّد وضعها الصحّي، وعمل الإحالات والاقتراحات المناسبة، والإجابة عن الأسئلة (أو إحالة العائلة على مَن يستطيع القيام بذلك)...الخ. ستشمل كل زيارة أيضاً تقريراً عن وضع صحّة العائلة، والتغييرات منذ الزيارة الأخيرة...الخ.

  • سينفّذ المثقّفون الصحّيون ورشة عمل كل شهر، بمساعدة تقنيّة وغيرها من لجنة التعبئة، حول موضوع يهم ويعني العائلات التي لديها أطفال. قد تتضمّن الأمثلة التغذية والإدمان والجنس الآمن وضبط السلوك...الخ.

(هنالك أهداف أخرى عديدة يمكن أن تكون ذات صلة هنا، كعدد الإحالات التي جرت وعلى أي عنصر من عناصر نظام الصحّة العامّة المحلّي، أو عدد الساعات التي قضاها المثقّفون الصحّيون ، أو عدد ساعات رعاية الأطفال المؤمّنة، ووتيرة زيارات العائلات، وغيرها. لأغراض المساحة، سنقتصر على الأهداف التي ذكرناها آنفاً.)

إحدى الطرق لتطوير الأهداف هي استخدام مجموعة المعايير الموصوفة في الفصل 8، القسم 3: بناء الأهداف. فالأهداف الجيّدة لها السمات التالية:

  • محدّدة: أي هي تخبرنا كَمْ (مثلاً، 40%) ِمنْ ماذا سيتحقّق (مثلاً، أي سلوك وسلوك مَن أو أي نتيجة) بحلول متى (مثلاً، 2015). (في مثلنا السابق، نذكر عدد المثقِّفين صحّيين للأقران وعدد الزيارات وورش العمل التي نسعى إلى الوصول إليها).

  • قابلة للقياس: يمكن جمع المعلومات المتعلّقة بالهدف، أو اكتشافها أو الحصول عليها من الملفّات (على الأقل كاحتمال). (يمكن مقارنة الأعداد التي نتوقّعها بالعدد الفعلي للأشخاص المدرَّبين وعدد الزيارات وورش العمل التي ينخرط فيها عاملو الصحّة).

  • قابلة للتحقيق: الأهداف ليست فقط ممكنة بحدّ ذاتها، بل ستتمكّن على الأرجح منظمّتكم من تحقيقها. (يجب ألاّ تكون هذه الأعداد غير منطقيّة، علماً بحجم الفئة السكانيّة المعنيّة، والوقت المطروح، وعدد العاملين المتوقَّع وجودهم في العمل، ومعرفتنا للمجتمع المحلي واتصالاتنا داخله.)

  • ذات صلة بالرسالة: تمتلك منظّمتكم فهماً واضحاً لكيفية تناسُب هذه الأهداف ضمن رؤية المجموعة ورسالتها بالإجمال. الأهداف هي متّصلة بوضوح بتحقيق غايتنا واستراتيجيتنا، التي هي بدورها متّصلة بالاستراتيجية العامّة لتحقيق الرؤية.

  • موقوتة: تبني منظمتكم جدولاً زمنيّاً ستتحقّق ضمنه (علماً أنّ قسماً منه يوضّح في الأهداف). (نحدّد الجدول الزمني لكل من الأهداف المذكورين، ويجب أن يتناسب الجدول الزمني مع الجدول الإجمالي لتطبيق المسار). قد لا تعالَج الغايات الأخرى إلاّ في وقت لاحق، يمكن أن يصل إلى سنوات، ولكنّنا أصبحنا نعرف ذلك الآن.

  • تشكّل تحدّياً: فهي تحث المجموعة على التصويب نحو تحسينات كبيرة تُعتبر مهمة لأعضاء المجتمع.

تأسيس المساءلة والمحاسبة يعني تحديد مَن سيكون مسؤولاً عن كل هدف، وبناء خطوط واضحة بين مَن هم مسؤولون وبين تنفيذ المهام الموكلة إليهم. (هذا لا يعني دائماً معرفة ما إذا كانت هذه التحرّكات ناجحة أم لا. يمكنكم القيام بكافّة الأمور تماماً كمّا خطّطتم لها، ومع ذلك قد تحصلون على القليل من النتائج أو قد لا تحصلون على نتائج، إمّا بسبب أخطاء في الخطط أو بسبب ظروف غير طبيعية أو غير متوقّعة.)

في حال جرى تحديد خطوط المحاسبة بوضوح، يمكنكم تعقّب أي أمر يسير بشكل خاطئ وإصلاحه، والتأكّد من ألاّ يحصل الخطأ ثانيةً، ويمكنكم تحديد من قام بعمل رائع، وتسليمه المزيد من المسؤوليات، أو الطلب منه تولّي دور القيادة.

  1. بناء خطط التحرّك:

يجب الآن تحويل الأهداف إلى خطط محدّدة لتحقيقها. هذا لا يعني فقط كيف ستنفّذون ما خطّطتم له، بل أيضاً كيف ستنفّذون كل توظيف أو تدريب أو جمع أموال أو أي تحضيرات أخرى لازمة لوضع هذه الخطط على سكّة التحرّك. (انظروا الفصل 8، القسم 5: بناء خطّة تحرّك والقسم 7: تحديد خطوات التحرّك لإحداث التغيير في المجتمع المحلّي والنظم.)

قد ينفّذ بعض هذه الخطط من قبل منظّمة، وأخرى من قبل منظمة ثانية، وربمّا بعضها من خلال تعاون بين عدّة منظمات، وذلك وفقاً للغايات والاستراتيجيات.

فلنعد إلى مثالنا، ولننظر بدقّة إلى كيف يمكن تحقيق الأهداف التي وضعناها.

سنحتاج إلى موارد: أشخاص ومكان وربّما أموال (للرواتب و/أو لندفع لمثقِّفي الأقران الصحيّين والمدرّبين والمشرفين). قد يكون بعضٌ من هذه الموارد متاحاص من خلال موارد مشتركة بين المنظمات الممثّلة في لجنة التعبئة أو المتّصلة بها. قد تتطلّب الموارد الأخرى تقديم طلبات لمنح أو الحصول على عقود لتأمين الخدمات.

للاتّصال بمئة وخمسين عائلة، علينا بدايةً إيجاد هؤلاء الناس، فهم في نهاية المطاف، ممَن ليس متوقّعاً أن يكون لهم علاقة بالنظام الصحّي. سيتعيّن علينا أن نستخدم الشبكات المجتمعيّة، ومنها الأُسر التي تستفيد من النظام الصحي، ورجال الدين ومنظمات خدمة الإنسان، والمرشدين الاجتماعيين والعاملين في الشوارع، والناشطين المجتمعيين، وملاجئ النساء والمشرّدين...الخ.. وقد تودّ اللجنة الوصول إلى عدد أكبر من الشركاء، كالمنظّمات أو الأفراد الذين لديهم اتصالات مع هذه العائلات، من أجل الوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم.

بالنسبة للتدريب، سيلزمكم مدرّبون، أشخاص لهم مهارات الوصول إلى الناس بالإضافة إلى معرفتهم بكيفيّة مساعدة المتدربين على اكتساب الكفاءات اللازمة. قد يكون هؤلاء الأشخاص متوفّرين من خلال المنظمات والمؤسسات الممثَّلة في اللجنة، أو قد يكون عليكم إحضار المزيد من الشركاء من أجل العثور عليهم. كما قد تكون متاحةً أيضاً أمكنةٌ لرعاية الأطفال مع مانحين لهذه الرعاية ممَثَّلين في اللجنة أو من خلالها.

بالإضافة إلى المهارات والمعارف، سيحتاج المثقّفون الصحّيّون إلى هيكليّة للعمل ضمنها، إذ عليهم معرفة متى وكيفية إحالة الناس على عناصر أخرى من نظام الصحة العامة المحلية، والمتابعة وكيفية القيام بذلك...الخ. كما ينبغي أن تكون هناك سياسات وإجراءات تغطّي ما يتوقع هؤلاء العاملون القيام به. على سبيل المثال، في حال كانت لديهم وسائل نقل، هل يتوجّب عليهم إيصال الناس إلى مواعيدهم؟ سيجعل توقّعُ هذا النوع من المسائل ووجودُ مبادئ توجيهية واضحة سلفاً مهمّات العاملين أسهلَ بكثير.

وأخيراً، على هؤلاء المثقّفين الصحيّين أن يعْلَموا ما هي السجلات والوثائق الواجب الحفاظ على، وكيف سيتقاضون الأموال (هذا إذا كانوا يتقاضون أموالاً، إذ قد يكونون متطوّعين، وهذا يتوقف على كيفية إعداد البرنامج)، وما الذي يمكن القيام به دون التشاور مع مشرف وما لا يمكن...الخ.. كلّما كانت الخطوط التوجيهية أكثر وضوحاً، تصبح مهمّة المثقّفين الصحيّين أفضل، ويزدادد احتمال تحقيق أهداف الجهود.

 
  1. الطور الثاني: التطبيق

  1. مراجعة خطط التحرّك من أجل فرص التنسيق:

عندما تصنعون خطط تحرّككم وتنظرون إليها، حاولوا تحديد التحرّكات أو الأوضاع التي يمكن لمنظماتكم أن تدمج فيها العمليّات، أو أن تتناول أكثر من هدف من خلال تحرّك واحد. ابحثوا عن أمكنة يمكن فيها تجنّب ازدواجيّة الخدمات، لكي تزيدوا إلى الأقصى نتائج الموارد القليلة. عليكم استخدام المقدّرات المجتمعية الموجودة التي حدّدتموها في عمليّات القياس إلى أقصى حد ممكن.

  1. تطبيق خطط التحرّك ورصدها:

هي المرحلة التي تلتئم فيها كافّة الأمور وتطبَّق الاستراتيجيات وخطط التحرّك في العالم الحقيقي. رصد التحرّك يعني مراقبته والمحافظة على التوثيق الدقيق لما يجري (مسار التطبيق بالإضافة إلى نتائجه) لكي يكون لديكم سجلٌ واضح بما حصل، من أجل استخدامه في بناء التقييم.

يجب أن تعطيكم خطّة التحرّك مخطّطاً خطوة بخطوة لما يجب القيام به ومتى، ربطاً بكل استراتيجية. وسيجلب لكم اتّباع هذا المخطّط النجاحَ، إنْ كانت خطّتكم واقعيّة وكنتم محقّين بما يجب القيام به. إذا لم تتبعوا خطّة التحرّك يصبح أصعب بكثير تحديد أين قد تكمن المشكلة، في حال لم تحقّقوا المقَرَّر.

لا يمكنكم أن تضمنوا عدم إغفال أمرٍ ما، حتّى لو كان مستوى المشاركة في التخطيط عالياً والتفكير دقيقاً. وهذا سبب إضافي للرصد: إذا عرفتم، من خلال الرصد، أنّكم قمتم بكافّة الأمور وفقاً للخطّة، ولكنكم لم تحصلوا على النتائج التي أملتم بها، لا يكون عندها الخطأ في التنفيذ. سيكون إمّا في الخطة نفسها، أو في الفرضيّات الأساسيّة لما يمكن أن ينجح. تعطيكم المعلومات أساساً لفهم ما جرى حقيقةً والقيام بالتعديلات المناسبة.

يقترح موقع "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" أنّ على كل مشارك في المسار (أعضاء اللجنة وآخرون منخرطون في مسار التخطيط) أن يكون منخرطاً في تطبيق على الأقل استراتيجية واحدة. "الانخراط" هنا يمكن أن يعني عدّة أمور، منها ما يلي:

  • يمكن أن يكون المشارك منخرطاً بشكل مباشر كموظّف أو مدير إحدى المنظمات التي تطبّق إحدى الاستراتيجيات أو أكثر.

  • قد يرصد أو يراقب استراتيجية تطبَّق مِن قبَل منظمة أو عملية تعاون بين منظمات لا علاقة له بها.

  • قد يكون جزءاً من منظمة تؤمّن الدعم لتطبيق الاستراتيجية أو تنسّق مع منظمة أخرى لتطبيقها.

  • قد يكلَّف بالتقييم مِن قبَل منظمة أو أكثر تطبّق الاستراتيجيات.

  • قد يكون ملتزماً المناداة، إمّا كتطبيق مباشر للاستراتيجية أو لجعل استراتيجية معيّنة ممكنة.

تعتمد سهولة جعل الجميع منخرطاً بشكل مباشر إلى حد كبير على عدد الاستراتيجيات المطبّقة والجدول الزمني والطبيعة الفعلية للاستراتيجيات.

من المفيد في هذه المرحلة شمل الأفراد أو المنظمات الأخرى الذين يمكن أن يكونوا مفيدين في المسار، إمّا في نقل مرحلة التطبيق إلى الأمام، أو في تجميع وعي المجتمع المحلي ودعمه. كلّما انخرطت قطاعات (وأشخاص) من المجتمع المحلي، زاد احتمال تطبيق الخطط بفعاليّة.

  1. الطور الثالث: التقييم

فيما يجب تقييم كل استراتيجية بشكل فردي، يجب أن يكون هنالك أيضاً تقييمٌ للتطبيق الإجمالي لمسار التعبئة بأسره ولنتائجه. صحيح أنّ التقييم هو الطور الثالث المطروح، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنّه يجب أن يكون الأخير من هذه المرحلة.

وكما نشرح طوال فصول "عدّة العمل" (36 - 39) حول الموضوع، يجب أن يُخطّط للتقييم وينفّذ في نفس الوقت مع المبادرة ذاتها. إذا نويتم تقييم مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، يجب مراقبة المسار إذاً منذ أول بداية، ويجب أن يبدأ التقييم عندما يبدأ المسار. وتتطلّب الأسئلة التي قد تودّون الإجابة عنها حول الاستراتيجيات الفردية والمسار بأكمله سجلاًّ بما جرى فعلاً:

  • ما الذي قمنا به فعلياً؟

  • هل تمكنّا من تنفيذ المسار أو تطبيق الاستراتيجية كما خطّطنا، وضمن الجدول الزمني المُراد؟ في حال لا، لمَ لا؟ ما الذي حصل كبديل، ولماذا؟

  • هل كان يجب شمل قطاعات أو منظمات أو أفراد، غفلنا عنهم، أو هل كان يجب أن نُقصي بعض من شملناهم؟

  • هل كانت هنالك مشاركة كافية؟ هل تحمّل المشاركون مسؤوليات وهل نفّذوها؟

  • هل نُفّذ التطبيق كما أردنا (الطرق والعاملون والجدول الزمني)؟ في حال لا، لمَ لا؟

  • ماذا كانت نتائج كل استراتيجية؟ هل كانت ناجحة؟ في حال لا، لم لا؟ كيف يمكن مقارنة النتائج مع نتائج استراتيجيات أخرى جُرّبت في ظروف أو مجتمعات محلّية مماثلة؟

  • ماذا كانت نتائج مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" بالإجمال، على الصعيدين قصير الأمد (تحسّن و/أو توسيع في الخدمات لفئة سكّانية معيّنة، مثلاً) وطويل الأمد (إعادة هيكلة شراكات بين منظمات وقطاعات، أو إعادة هيكلة نظام صحي أو غيره من النظم المجتمعية، أو تغييرات في نظرة الممارسين والمجتمع المحلي إلى الصحّة العامّة أو مجال آخر)؟

  • ما الذي جرى بشكل جيّد؟ ما الذي يجب أن نحافظ عليه وما الذي يجب أن نقوّي؟

  • ماذا  كانت التحدّيات والعقبات (ما مدى صواب توقّعاتنا)؟ ما الذي يلزمه زيادة أو تعديل أو إزالة؟

ينبغي أن يبدأ مسار التقييم في نفس وقت مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" نفسه، ويستمرّ معه آخذين في الاعتبار هذه الأسئلة وغيرها مما يجب أن يُطرح في التقييم.

  1. التحضير للتقييم:

يجب أن تبدأ المراقبة أو الرصد، في حين تبقى عينٌ على التقييم، منذ أن يبدأ مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات". وستصبح الموادَ الخام للتقييم محاضرُ كافّة الاجتماعات، وتوثيق تقدّم المسار نفسه، وأسماء المشاركين واللجنة وإحداثيّاتهم، والذين يتولون الأدوار القيادية، ونتائج عمليات القياس. تبدأ خطّة التقييم (ما الذي ستقيمّونه وكيف) ما إن يبدأ التخطيط لمسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، لأن المسار نفسه هو جزء ممّا سيجري تقييمه.

يشكّل اتّخاذ قرار حول من يجب أن يكون منخرطاً جزءاً من التخطيط للتقييم. غالباً ما قد يدور هذا القرار حول ما إذا كان سيقوم بالتقييم فردٌ أو مجموعة موضوعية من خارج المجتمع المحلي (احتمال شركة أو أكاديميّ، بأجر أو بدون) أو مجموعة تشاركية من اللجنة وأصحاب المصلحة الآخرون. عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" تفضّل المسار التشاركي بوضوح، مبقيةً بذلك الجانب التشاركي من المسار بأكمله. (انظروا الفصل 36، القسم 2: البحث التشاركي المرتكز إلى المجتمع المحلّي والقسم 6: التقييم التشاركي.)

  1. جعل تصميم التقييم مركّزاً:

يجب أن يجريبناء تصميم تقييم المسار في بداية المسار، كما شرحنا سابقاً. المطلوب هنا هو تصميم تقييمات لكل استراتيجية / خطّة تحرّك. يشمل ذلك (كما في حال التقييم الشامل) اختيار الأسئلة الواجب الرد عليها من قبل التقييم، واتّخاذ قرار حول ماهية المعلومات اللازمة للإجابة عن هذه الأسئلة، وكيف وممّن يجب جمعها، وكيف ستنفّذ هذه النشاطات، وكيف ستُكتب التقارير عن هذه المعلومات وكيف ستُستخدم. (انظروا الفصول 36 – 39 للمزيد عن التخطيط والتطبيق وتقارير نتائج التقييم، كما يمكن أن يكون تحديداً الفصل 36، القسم 5: بناء خطّة تقييم والفصل 38، القسم 1: قياس النجاح: تقييم مبادرات صحيّة مجتمعيّة شاملة مهمَّيْن بشكل خاص هنا.)

  1. جمع الأدلّة ذات المصداقيّة وتبرير الاستنتاجات:

يَجمع هنا فريق التقييم ويحلّل البيانات للإجابة عن أسئلة التقييم. مرّة أخرى، هذه الخطوة تكون مستمرّة منذ بداية المسار أو النشاط الذي يجري تقييمه. قد يعني ذلك أنّ التقييم يستمر لعدّة السنوات، طالما يستمر مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، أو أي استراتيجية. (انظروا الفصل 37، القسم 1: جمع المعلومات والاستخلاصات والقسم 5: جمع البيانات وتحليلها والقسم 6: جمع المعلومات الإثنوغرافية وتفسيرها والقسم 7: جمع بيانات الأرشيف وتحليلها. كما يمكن أن يكون مفيداً الفصل 38، القسم 2: جمع المعلومات: رصد التقدّم.)

بما أنّ المقصود بمسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" أن يبقى حلقة مستمرة، يجب أن يكون التقييم جزءاً لا يتجزّأ من كلّ من نشاطاته لأنّ الظروف (حتّى عندما يكون النشاط في غاية النجاح) يمكن أنْ تتغيّر في المجتمع المحلي أو المنظمة، وقد تطرأ الحاجة إلى إعادة التفكير. يمكن للتقييم أن يُظهر ذلك، ويجعل التعديلُ ممكناً قبل أن تجدوا أنفسكم تفشلون في أمر كنتم تظنون أنّكم تجيدونه.

يصحّ ذلك أيضاً على الشراكات والمشاركة التي يولّدها المسار. فالشراكات، والمشاركة المجتمعية، والائتلافات والتعاون، كافّة هذه المكوّنات تحتاج إلى تغذية إذا أُريد لها البقاء. إذ لا يمكنكم بناء منزل والافتراض أن كافّة نظمه ستستمر في العمل بشكل كامل دون صيانة. هذا الأمر يصح كذلك ربطاً بأي نظام قمتم بتغييره أو خلقه في المجتمع المحلي، فهو يحتاج إلى صيانة طالما هو موجود، والتقييم المستمر يشكّل جزءاً مهمّاً من هذه الصيانة.

  1. تشارُك الدروس المستفادة والاحتفال بالنجاحات:

فيما يستمر مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، وتحصلون على مردود من التقييم، تأكّدوا من تشارك النتائج مع كافّة الشركاء والمشاركين ومع المجتمع المحلي بأسره. دعوا الناس يعلمون ما الذي وجدتم لكي يعاد استخدام الاستراتيجيات الفعّالة، وتحذف غير الناجحة. احتفلوا بنجاحاتكم عبر أخبار ومقالات في الإعلام، وحفلات، ومؤتمرات صحفيّة (أو أيّ أمر له دلالة في مجتمعكم). عليكم تغذية حماس المشاركين للمرحلة القادمة من المسار وليعرف المجتمع المحلي أن الأمور أصبحت أفضل بسبب حصول مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات". (انظروا الفصل 41، القسم 1: تنظيم الاحتفالات والقسم 3: إدراك بلوغ الغاية.)

  1. الإبقاء على الأمور إلى ما لا نهاية:

إنّ مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" صُمّم بشكلٍ يكون فيه متواصلاً ويبقى مستمراً إلى ما لا نهاية. من هنا، تنطبق اللازمة المتكرّرة لعدّة العمل المجتمعي، كما تنطبق في أماكن أخرى: عليكم المحافظة على المسار من أجل إدامة شراكاتكم، والمحافظة على التغييرات الإيجابية، ومواجهة التحدّيات الجديدة التي لا بدّ أن تظهر، والتعاطي مع التحولات في ظروف المجتمع وحاجاته، وتطوير مزيد من المقدّرات أو الإمكانات المجتمعية. ليس هنالك مجتمع محلي صحي بشكل تام، أو أي نظام مجتمعي كامل. وطالما أن هذا هو الوضع يجب أن تستمرّوا في العمل.

باختصار

إنّ "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" نموذجٌ لتطوير مجتمع محلي صحي. فيما يركّز هذا النموذج على تحسين نظام الصحة العامة المحلّي فإنه منظوره المجتمعي يتناول المجتمع المحلي بأسره، كما يجعله مرناً بما يكفي لكي يُستخدم مع أي نظام مجتمعي. تتشابه فلسفةُ هذا النموذج الرئيسية (المشاركة الناس المحليين الواسعة في التخطيط وفي تطبيق المبادرة) وبنيتُه (بناء الرؤية، ودراسة المجتمع المحلي، وتحديد المسألة، والتخطيط الاستراتيجي ووضع الغايات، والتطبيق والتقييم) مع تلك التابعة لنماذج أخرى في هذا الفصل. أمّا ما يميّزه، فيكمن في شموليّة مرحلة الدراسة التي تتضمّن أربع عمليات قياس مختلفة (نقاط القوّة والمواضيع المجتمعية كما حدّدها أعضاء المجتمع المحلي، ووضع نظام الصحة العامة المحلّي، ووضع الصحّة المجتمعية، وقوى التغيير الواقعيّة أو المحتملة) وفي استخدامه للتفكير على صعيد النظم لتحليل عمليات القياس هذه، وتحديد المسائل المفاتيح، وتطوير استراتيجيات لتناول هذه المسائل.

يصوّب مسار "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات" باتّجاه التغيير الحقيقي والمستمر في نظام الصحة العامة المحلي وفي المجتمع المحلي. وإذا ما جرى تركيز النموذج على الشراكة والمشاركة واسعة القاعدة، تركيزاً صحيحاً، فإنه يمكن أن يغيّر بشكلٍ نهائي إلى الأفضل الطرقَ التي ترتبط فيها المنظمات والأفراد مع بعضها بعضاً وكما يغير مدى التحكّم الذي يمكن أن يتمتّع به المجتمع المحلي من أجل تحسين الصحّة ونوعية الحياة داخله.

نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المادة، لكن نرجو أن تذكروا مرجعها، "عدة العمل المجتمعي" على الموقع:

Http://ctb.ku.edu

Contributor 
فِيْل رابيْنوفيتز

موارد

مواقع على الإنترنت

قسم "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات

Mobilizing for Action through Planning and Partnerships (MAPP)

 على موقع "الجمعية الوطنية لمسؤولي الصحة في المدينة والمقاطعة"

NACCHO National Association of County and City Health Officials

يتضمن الموقع أدوات عدة للمجتمعات المحلية المنخرطة في عملية "التعبئة للتحرّك من خلال التخطيط والشراكات"، كثير منها مرتبط بمراحل وأنشطة محددة في النموذج. منها أدلة تساعد على توفير المعلومات للمجتمع المحلي والمشاركين.