استمارة البحث

  • ما هو الإقناع، كمسار طبيعي؟
  • لماذا علينا تعلّم المزيد عن مبادئ الإقناع؟
  • ما هي عناصر القيام بحجة مقنعة؟
  • ما هي بعض مبادئ الإقناع؟
  • متى علينا استخدام الإقناع؟ (غير موجود في الداخل)
  • كيف نستخدم الإقناع؟ (غير موجود في الداخل)

ما هو الإقناع، كمسار طبيعي؟

يقدّر علماء الاجتماع أنّ كلاًّ منّا يتعرّض لمئات بَل لآلاف من الرسائل يوميّاً بهدف الإقناع. تشكل الرسائلُ الإعلاميّة جزءاً كبيراً منها، لكنّها ليست القصّة بأكملها، فإنّ رسائل التفاعل اليومي هي بنفس الأهميّة.


أمثلة:

  • يسأل النادل في المطعم: "هل يمكن أن أحضر لكم شيئاً آخر؟"

  • يحدّق بكم غريبٌ ما في حفلة لوقت أطول من المقبول.

  • حملة تسويق عبر الهاتف تبدأ اتصّالاتها الهاتفيّة بقوّة.

  • منشور عن بيع أرض يخطف نظركم.

 

نصادف كلّ يوم هذه الرسائل بهدف الإقناع على نطاق صغير، وهي مصمَّمة للتأثير على مواقفنا وسلوكياتنا، مع أنّنا قد لا نطلق عليها دائماً هذا التصنيف. نحرّف أحياناً بعضاً من هذه الرسائل أو نتجاهلها، فيما يصل الآخر يصل إلينا وينجح، على الرغم من أفضل النوايا لدينا أحياناً.

ولكنّ الآخرين ليسوا فقط أولئك الذين يبعثون برسائل مقنعة. فنحن نقوم بذلك أيضاً، إذ إنّ العديد منّا يبعث هكذا رسائل أكثر ممّا يتلقّى.

نحن نقنع شريكنا برؤية هذا الفيلم وليس ذاك، أو نقنع زميلنا في العمل بترك العمل قبل انتهاء الدوام بدقائق، أو نقنع مدير الخدمات بتغيير الزيت بحلول الساعة الثالثة بعد الظهر، لأنّ هذا هو الوقت الذي نحتاج فيه إلى السيّارة. إنّ نسبة كبيرة من تواصلنا، بوعي أو بغير وعي، مصمّمة بحيث تكون مقنِعة، أيْ لكي تساعدنا على الحصول على شيء نريده. يمكن للمرء أنْ يقول إنّ التواصل، بحكم طبيعته، من المفترض أن يكون مقنعاً.

إذا كنتم في موقع قيادة، موقع سلطة ومسؤولية، فستبعثون برسائل إقناع أكثر من معظم الناس. في الواقع، إنّ عملكم عندها يكون بعث هذه الرسائل، فإذا لم تفعلوا، سيعاني تأثيركم، فإنّ نجاحكم، كقادة أو كبناة مجتمعات، مرتبط بشكل مباشر بتناسب الرسائل التي تبعثونها وبفعاليّتها.

في حال كان كل ما سبق صحيحاً، وإذا كان الإقناع جزءاً طبيعياً ولا مفر منه في عملية التواصل والاتّصال، فقد يكون مفيداً أن نتعلّم كيف نحسّن عملنا هذا (ويمكن لنا أن نصبح أفضل!). يركّز هذا القسم على فهم مبادئ الإقناع.

لماذا ينبغي علينا تعلّم المزيد عن مبادئ الإقناع؟

السبب الذي يجعل من المفيد تعلّم المزيد عن الإقناع هو أنّه سيساعدكم على أن تصبحوا أكثر نجاحاً في تحقيق غاياتكم. والأمر بهذه البساطة، كما أنّ هنالك فرضيّة غير مُعلَنة خلف هذا المنطق: جرى اختبار بعض مبادئ الإقناع التي يمكن أن يجري تعلَّمها وأن تستخدم بشكل جيّد.

من المؤكّد أنّ جميعنا يعرف شيئاً عن الإقناع وعن كيفية إقناع الآخرين، وبعضنا أصلاً موهوب بذلك. في الحقيقة، قد يكون شبه مستحيل أن يصبح المرء بالغاً يعمل بشكل كامل من دون معرفة كيفية إقناع الآخرين، على الأقل لبعض الوقت. فالإقناع والاقتناع يشكّلان جزءاً من أن يكون المرء عضواً في المجتمع. لكن الإقناع هو أيضاً مهارة يتعلّمها الإنسان، ومثل أي مهارة، يمكن للمرء أن يتحسن من خلال التعلّم والممارسة.

من المهم أن نذكر هنا أنّ هنالك مناقشات عديدة ولفترات طويلة عن المسائل الأخلاقيّة المرتبطة باستخدام مبادئ الإقناع. نناقش هذه المسائل بشكل تفصيلي في جزء المواضيع ذات الصلة.

في هذه المرحلة، فالخطّة هي عرض بعض مبادئ الإقناع المختبَرة، ثمّ سنقترح كيف يمكن استخدام هذه المبادئ ومبادئ أخرى لزيادة اهتمام المجتمع المحلّي في موضوعكم، ولكسب الناس  إلى وجهة نظركم، بشكل منصف وأخلاقي. في النهاية، سنقدّم لكم بعض الأمثلة من الحياة الواقعيّة، فضلاً عن بعض التعليقات عن كيف يمكن أن يتجاوب المقْنِع المحترف.

تنطبق مبادئ الإقناع التي نطرحها على معظم أشكال التواصل المكتوب، وهي تكمّل معظم الأقسام الأخرى من هذا الفصل عن خلق اهتمام مجتمعي بمسألة ما. هذه الأقسام الأخرى تقدّم كذلك مبادئ إضافيّة خاصّة بالمواضيع التي تغطّيها. وتنطبق أيضاً المبادئ العامّة التي نعرضها على معظم الأوضاع التي تتضمّن تواصلاً شفهيّاً (وجهاً لوجه أو عبر الهاتف، أو عبر الراديو والتلفزيون)، ومن هنا فهي صالحة للعديد من أقسام "عدّة العمل المجتمعي" ربطاً بمواضيع خارج هذا الفصل. وكلّما أسهبنا في القراءة، فقد يساعدنا ذلك على التفكير بتطبيقات لأوضاع الإقناع الشفهي والكتابي التي يمكن أن نواجه.

فلنبدأ بمخطّط أساسي لمبادئ الإقناع، ثم ننتقل إلى المزيد من التفاصيل لاحقاً في القسم. تنطوي كل حالة تواصل من أجل الإقناع على ما يلي: (أ) المتواصِل (أو المُرسِل) الذي (ب) يستخدم شكلاً (أو نموذجاً أو وسيلة) لتسليم (ت) الرسالة إلى (ث) الجمهور.

تحذير قبل أن نواصل: الإقناع هو موضوع واسع ومعقّد وشديد الدقّة. ولأنّ المساحة المتاحة لنا محدودة، فإن ما يلي ملخّص ولا يمكن بأي شكل أن يحتوي على كل الفروق الدقيقة ضمن مبادئ الإقناع. لمزيد من التفاصيل، يُرجى الرجوع إلى المراجع المذكورة في نهاية القسم.

المتواصِل (المرسِل)

تميل محاولة الإقناع إلى أن تكون أكثر فعاليّة عندما يكون المتواصِل (الشخص الذي يوصل الرسالة):

  1. ذا مصداقية، على الصعيد العام وبشكل خاص ربطاً بالمسألة المعيّنة المطروحة: بكلمات أخرى، ينبغي أن يصدّقكم الشخص أو الجمهور الذي يتلقّى الاتّصال، ويمكن لهذه الثقة أن تعتمد على صفات المتواصِل فضلاً عن أدائه السابق.


عندما يخبركم الطبيب أنكم لم تكسروا أيّ عظمة من عظامكم، وأنّ عليكم أن ترتاحوا لبعض الأيّام فأنتم تأخذون هذه النصيحة على محمل الجد. لا شك لديكم أنّ الطبيب مؤهّل، وربّما سبق أن وثقْتم بنصيحة مماثلة في السابق. أمّا إذا قدّم لكم نفس الرسالة طالب في الخامس ابتدائي فهو على الأرجح لن يقنعكم، لكنّ الطبيب مرسلٌ ذو مصداقيّة، ومن هنا لقد اقتنعتم.

  1. صاحب دراية ومعرفة بالمسألة المطروحة: الخبرة تجعل المرء متواصِلاً (مُرسِلاً) أكثر مصداقيّة، ولكن هذه الخبرة يجب أن يُنظر إليها ربطاً بالسياق المحدّد والموضوع المعيّن المطروح.


قد يكون طبيبكم ذا مصداقية ومُقنعاً ربطاً برعايتكم الصحيّة، ولكنّه لن يكون أكثر مصداقيّة من أي شخص آخر عندما يتعلّق الأمر باختيار سيّارة جديدة. من جهة أخرى، الشخص الذي يصلّح الثلاّجات قد لا يعرف الكثير عن السيّارات أو الطب، ولكن عندما يتعلّق الأمر بتشخيص تسرّب المياه من الثلاّجة فهنا مجال اختصاصه: بالنسبة للثلاّجات فهو متواصِل/مرسِل مُقنع.

  1. مشابهاً للشخص أو الجمهور المستهدف في الخلفيّات والقيم: عندما تكون سائر الأمور متساوية، يميل الناس أكثر إلى الاقتناع ممّن يرونهم مماثلين لهم في العمر والخلفيّة الثقافية ونمط العيش، فضلاً عن سمات أخرى.


في حملات جمع الأموال المحليّة، على الأرجح أن يكون الشخص الذي يطلب منكم التبرّع صديقاً أو من معارفكم. والحملات السياسية من باب إلى باب ستقرع أجراس بيوتكم دون رسميّات، كما أنّ حملات التسويق الإعلانية للفيتامينات المقويّة ستستخدم متكلّمين كباراً في السن، وجذّابين، وذوي مظهر صحّي، وبشكل ما، يشبهونكم.

 

تتداخل وتترابط المصداقيّة والمعرفة والتشابه، أي إنّ الشخص الذي يشبه الجمهور أكثر يميل إلى أن يكون أكثر مصداقيّة بالنسبة لهم، وهكذا دواليك.

  1. له سمات غير لفظية إيجابية أو مؤثرة، والتي قد تبدو غير مرتبطة بالاتّصال المطروح.

عندما تكون سائر الخصائص متساوية، فنحن على الأرجح نقتنع أكثر من المرسِل الجذّاب جسديّاً والذي يرتدى ملابس أنيقة ومناسبة، والذي يبتسم، ويقوم بالإيماء في الأوقات المناسبة، ويقومون بالاتّصال البصري العين (كما في معظم الثقافات الغربية). هذه الخصائص غير اللفظية تميل إلى رفع تقديرنا للمتواصِل، وبالتالي للرسالة. فنجد أنفسنا نفكر: "تبدو شخصاً لطيفاً وصادقاً وودّياً، فأميل إلى تصديقها". قد نرغب بأن تكون الأمور على خلاف ذلك، ولكنها ليست كذلك.

الشكل

تكون الرسالة المقنعة على الأرجح فعّالة في حال:

  1. سُلّمت وجهاً إلى وجه: مرّة أخرى، في حال تساوت الأمور الأخرى، يكون التواصل الشخصي أكثر فعاليّة من الأشكال الأقل شخصيّة إلى حد كبير، لأنه يشد انتباه الجمهور. علاوةً على ذلك، تزيد صعوبة رفض نداء من مرسِل ذي مصداقيّة إذا كان واقفاً أمامكم. وعندما يكون التواصل وجهاً لوجه غير ممكن فالاتّصال من شخص إلى شخص عبر الهاتف يكون الخيار الثاني الأفضل. ويُفضَّل هذان الخياران عن البريد المكتوب أو أي شكل آخر من التواصل المكتوب.

من جهة أخرى، ليس التواصل الهاتفي أو التواصل وجهاً إلى وجه دائماً ممكناً أو قابلاً للتحقيق، وهنالك مناسبات يمكن للتواصل الورقي أن يساعدكم فيها على الوصول إلى أهدافكم في التواصل. الحسنات العظيمة للتواصل المطبوع هي الوصول إلى أكبر عدد من الناس وإمكانية القيام بذلك بكلفة أقل بكثير على الشخص الواحد. التواصل المكتوب مهم وضروري من أجل توليد الاهتمام بالمسألة.

إرشاد سريع للتواصل المكتوب: عندما يُرسَل "التواصل المكتوب" عبر البريد فهنالك عوامل معروفة تجعل احتمال الرد أكبر، وهي تشمل:

  • استخدام بريد الدرجة الأولى (وطوابع تذكاريّة)

  • استخدام الألوان في الورق والتصميم

  • المضمون الشخصي (على سبيل المثال، إضافة سلامات أو توقيعات مكتوبة باليد)

  • كتابة العناوين باليد أو طباعتها، بالمقارنة مع استخدام ملصقات العناوين

  • تنوع وإبداعات مرئيّة في الرزمة البريدية ككل

الرسالة

تكون رسالة الإقناع أكثر فعاليّة في الحالات التالية:

  1. عندما تلفت انتباه الجمهور:

يجب أن يسمع الجمهور الرسالة فعلياً (أو يراها) قبل أن يقتنع بها، وإلاّ، فلن يحصل أي شيء. الانتباه للرسالة يأتي أوّلاً.

ما الذي يلفت انتباه الجمهور إلى رسالتكم؟ إنها نفس العوامل التي تشدّ انتباهه عمليّاً إلى أي حافز أو منبّه مادّي:

  • شيء جديد

  • التباين مع حافز آخر (أي أن تكون نافرة)

  • المفاجأة (غير منتظَرة أو غير متوقّعة)

  • السمات الجماليّة

  • اللون

  • القياس

  • الحجم

  • المدّة

هذه هي الصفات النوعية الأساسيّة التي تلفت النظر والتي يستخدمها في كافّة الأوقات المتخصّصون في مجال الإقناع، وفيما هذه الخصائص لا تضمن أن تكون رسالتكم مُقنِعة فهي تزيد الفرص في أن تكسب رسالتكم انتباه الجمهور، فيكون لمضمون رسالتكم فرصة كذلك.

ومع أنّ هذه الصفات يمكن أن تلفت الانتباه، ينبغي استخدامها بعناية، فإنّ الاستخدام المبالَغ فيه (أي في حال كان الصوت عالياً جداً أو الألوان فاقعة، أو المبالغة في استخدام سمات جديدة) يمكن في الواقع أن ينفّر الجمهور المستهدف. كما ينبغي أن تكون الرسالة مكيَّفة ثقافيّاً مع بعض الجمهور من أجل جذب انتباه. على سبيل المثال، قد تتفاعل مجموعة إثنيّة معيّنة إيجابيّاً مع صوت الموسيقى العالي والألوان الفاقعة، وهو تكتيك قد لا يكون فعّالاً عند مجموعة أكبر في السن. كما قد لا ينسجم رجال الأعمال مع رسالة تحتوي على صور لمشاهير مراهقين أو لموسيقى البوب.

  1. عندما تكون متكرّرة:

في معظم الأحيان تقترح الأبحاث بشدّة أنّه كلّما تكرّرت الرسالة يزداد احتمال تصديقها.

عندما تسمعون حجّة غير مألوفة للمرّة الأولى (على سبيل المثال، ينبغي أن تكون مدّة السنة المدرسيّة 300 يوم، أو الاستماع إلى موسيقى "التِكنو" يحسّن تركيزكم، أو يجب أن نحمي بلادنا من الهجمات الإرهابية) فقد تميلون إلى عدم قبولها، ولكن، في المرّة العشرين التي تسمعونها فيها- لاسيّما إذا كانت تأتي من مصادر عديدة مختلفة وذات مصداقيّة- فقد تبدأ قيمتها الإقناعيّة بالازدياد علاوةً على فعل الأسس الموضوعية للحجة نفسها. يَعرف المُقنِعون الماهرون من كافّة الأنواع هذه الاستراتيجية ويستخدمونها حتّى ولو قد كانت دوافعهم في بعض الأحيان  مشتبهاً بها.

  1. عندما تقدّم منافع أو مكافآت للجمهور المقصود:

باختصار، يمكن إقناع الناس إذا كان هنالك فائدة لهم في الموضوع، أي سيحصلون أو يعتقدون أنّهم سيحصلون على منفعةٍ ما في حال تبنّوا الرسالة أو سلكوا سلوكاً معيّناً.

ما هي أنواع المنافع التي يستخدمها المُقْنِعون؟ فيما يلي لائحة مختصرة عمّا يمكن أن تشمل أنواع المنافع:

  • الأمان الجسدي

  • الأمان النفسي (تقدير الذات والثقة)

  • طعام أو شراب (وجبة طعام مجّانيّة للمشاركة في نشاط ما)

  • مال أو أغراض مادّية (حمّالة مفاتيح مجّانية أو قميص مقدّم للحضور، أو أموال تساهم في افتتاح حساب توفير)

  • موافقة اجتماعية أو وضعيّة ما أو نفوذ أو سلطة (ذكر اسم في برنامج بسبب التبرّع لقضيّة ما، أو لقب تكريمي)

  • صفات إيجابيّة مجرّدة، مثل المساعدة والإنصاف والعدالة ("من خلال عملكم هذا فأنتم تساعدون الأطفال في الحي"، أو "مشاركتكم تؤمّن تحقيق العدالة.").

بالطبع، لن تتمكّنوا من تقديم كافّة هذه المنافع للجمهور، وليس عليكم أصلاً أن تقوموا بذلك، فمنفعةٌ واحدة يمكن أن تكفي أحياناً، ومن غير الضروري أن تكون المنفعة فعليّاً مقدّمة بشكل مباشر، يمكن أن تأتي ضمن وعود أو تلميحات.

ما هي المنافع التي يجب أن تقدّموها؟ ينبغي أن يعتمد ذلك على الجمهور الذي تتوجّهون إليه. وسيعرف المُقْنِع الماهر مسبقاً معلومات قدر الإمكان عن جمهوره المستقبلي، بشكل يسمح بتقديم المنافع التي تلبّي الحاجات الخاصّة هذا الجمهور على وجه التحديد.

إذا  فعلتم ذلك فسيكون أطفالكم أكثر صحّةً... سيزيد قبول جيرانكم لكم.... ستُخّفض نسبة الضريبة... ستبدون أصغر سنّاً... سيشعر المجتمع المحليّ بالرضا عن نفسه... سيتم خلق فرص عمل جديدة... ستتعلّمون مهارة جديدة عن جني الأموال...

يشكّل ما سبق أمثلة عن منافع يمكن أن تكون مُقنعة للغاية للناس المناسبين في الظروف المناسبة.

  1. عندما تتزاوج الرسالة أو تترافق مع أمرٍ آخر قيّم أو مجزٍ:

قد لا يكون الجمهور مدركاً المكاسب التي يمكن أن تأتي من الأمر الذي تدعمونه، أو قد لا يصدّق ببساطة أن المنفعة ستحصل. ولكن إذا كانت رسالتكم مرتبطة بأمرٍ مجزٍ دون أي شك، أو بشخص يثير الإعجاب دون تردّد، فستتصاعد أسهم قيمة المنفعة فضلاً عن التأثير الإقناعي. المبدأ هو ببساطة التزاوج.

ما طُرح هنا يشكّل جزءاً من الأسباب التي تجعل الاحتفالات المجتمعية غالباً ما تترافق مع الضيافة، إذ إنّ الطعام والشراب مجزيان. كما إنه جزء من الأسباب التي تحث على تقديم عارضين وعارضات يتمتعون بالجاذبية  بالترافق مع رسالة الإقناع: "أرأيتم هذا الرجل المهني (أو هذه السيّدة المهنيّة)، وكيف يزول الألم في رأسه/ها فوراً بعد تناول كذا وكذا؟ يمكن للألم في رأسكم أن يزول بنفس الطريقة." (وإذا كنتم تعرفون أو تعرّفتم على العارض/العارضة، فهذا أفضل.)

  1. عندما يبدو أنّها غير مكلفة:

المقصود بالكلفة هنا يتخطى مسألة المال، إذ يمكن أن تكون الكلفة وقتاً، أو جهوداً، أو استثماراً شخصيّاً نفسيّاً. كما يمكن أن تتضمّن الكلفة مخاطر، فهنالك مثلاً تخوّف من عدم قبول أفراد العائلة، أو أن يقوم التحرّك المرغوب بردّة فعل عكسيّة فيترككم في وضع أسوأ من الوضع السابق.


من هنا، قد يودّ المقْنِع، أثناء عرضه الرسالة، أن يخفّف من الكلفة المتوقّعة إلى الحد الأدنى فضلاً عن زيادة المنافع إلى الحد الأقصى: "لن يكلّفكم الموضوع قرشاً، ولا خطر إطلاقاً عليكم، ولن يأخذ منكم إلاّ دقيقة من الوقت، ويمكن أن تجربّوه في بيتكم بسريّة تامّة، والضمان غير مشروط." كل ما قيل هنا يقصد إلى تخفيف الكلفة المتوقّعة من أعضاء الجمهور. وكما ذكرنا سابقاً، سيكون على المقنِع/ة التعرّف على جمهوره حتى يكون عالماً (أو عالمة) بما يراه الجمهور ككلفة محتملة، وكيف يمكن تخفيضها.

فيما يلي مبادئ إضافيّة بأشكال أقصر:

تكون الرسالة أكثر إقناعاً عندما:

  1. يتبناها ويدعمها آخرون نافذون يتمتعون بمنزلة رفيعة في المجتمع المحلي و/أو في مجموعتكم.

  1. تفيد بأنّ المنفعة المقدَّمة هي قليلة أو نادرة، أي "لم يبق لدينا الكثير" أو "يجري حجز المقاعد بشكل سريع"، أو "من يأتِ أوّلاً، يُخدَم أوّلاً".

  2. تقترح أنّ للمنفعة حدوداً زمنيّاً أو تاريخ انتهاء، أي "العرض لمدّة زمنيّة محدودة"، أو "نتمنّى إعلامنا بنهاية الأسبوع"، أو "ينبغي رد الطلبات بحلول الأوّل من أيلول/سبتمبر".

  1. تكون منسجمة مع سلوكيات سابقة للجمهور أو مع توقّعاته:

يقاوم الناس تصديق أمور أو التصرّف بطرق غير منسجمة مع معتقداتهم أو تصرّفاتهم السابقة. ولكن، إذا تمكّنت رسالتكم من إظهار تلاؤمها مع هذه المعتقدات والسلوكيّات السابقة، ومن أن تكون امتداداً طبيعيّاً لهذه المعتقدات والسلوكيّات، فإنّ ذلك يوفر لكم إيجابيّة مُقنعة.

  1. تحاكي أعراف أو تقاليد جمهوركم أو المجموعة المستهدفة:

لكل مجموعة أعرافها، أي طقم من المعايير ربطاً بالسلوكيات والمواقف، وهي تكون أحياناً واضحة ولكنها غالباً ما لا تكون كذلك. إذا تبيّن أنّ رسالتكم تعتدي على هذه الأعراف المجتمعية (في المُلكية أو العادات، أو القواعد المكتوبة أو غير المكتوبة)، فسيجري رفضها على الأرجح. أمّا إذا تماشت مع هذه الأعرف فاحتمال أن تُقبَل يكون كبيرا.

  1. استخدام مبدأ التبادليّة:

هذا المبدأ يقترح فعليّاً أن المتواصِل/المرسِل (أو شخص آخر) الذي كان قد ساعدكم في الماضي، يحتاج منكم إلى مساعدة بدوره. كما يمكن أن يكون هنالك شكلٌ معدّل (إمّا بشكل معلن أو مضمر) وهو أن تساعدوه أنتم الآن، ثمّ يمكنكم مطالبته بمساعدتكم في وقت لاحق والحصول على تلك المساعدة أو العون.

الجمهور

وأخيراً، هنا بعض المبادئ المتعلّقة بالجمهور. يرتبط بعضٌ من هذه المبادئ بتلك التي ذكرناها سابقاً، وسنذكرها باختصار هنا، ولكن هذه المرّة من وجهة نظر المتلقّي.

تكون محاولة الإقناع أكثر فعاليّة على الأرجح عندما يكون الشخص أو الجمهور المستهدَف (ونحن نستخدم هنا التعبيرين لنقصد نفس المعنى) في الحالات التالية:

  • يعرف ويحب ويحترم المتواصِل/المرسِل (المتواصل ذو مصداقيّة).

  • يؤْمن أصلاً بالرسالة.

  • هو محضَّر مسبقاً للتصرّف وفقاً لهذه المعتقدات.

  • له تاريخ أصلاً بالتحرّك (والتحرّك بنجاح) باسم قضيّتكم.

  • يشعر بالتحفيز الإضافي للتحرّك من خلال المنافع التي تخاطبه تحديداً.

  • يستطيع القيام بالتحرّك المطلوب (التحرّك قابل للتحقيق).

  • لديه الوقت والموارد الكافية للقيام بالتحرّك المطلوب.

ولكن حذار: تكمن المشكلة لدى المقنِعين في أنّ الجمهور المستهدَف في معظم الأحيان لا يعرفكم ولا يتّفق معكم بالضرورة، كما قد يعرف القليل عن المسألة أو قد لا يعرف أيّ شيء عنها. مع هذا، هؤلاء هم الناس تحديداً الذين تحتاجون إلى كسبهم إلى صفكم. وللقيام بذلك، سيتطلّب الأمر استخدام مبادئ الإقناع التي قمنا بوصفها آنفاً.


من أين تأتي هذه المبادئ؟

إنّ جزءاً كبيراً مّما نعرفه عن الإقناع يأتي من تجارب الحياة اليوميّة العاديّة. تراكمت هذه التجارب وكُتب عنها لآلاف السنين. وأرسطو كان ممّن كتبوا عن تقنيات الإقناع في البلاغة (في القرن الرابع قبل الميلاد)، وهو كتاب لا يزال قيّماً ومفيداً للقراءة حتّى الآن.

من جهة أخرى يأتي الكثير من معرفتنا المنهجيّة عن الإقناع من استخدام الطريقة العلميّة، وتحديداً، من الدراسات التي أقامها علماء النفس الاجتماعي في النصف الثاني من القرن العشرين. وتضمّن معظم دراساتهم اختبارات يبدّلون فيها عاملاً من العوامل المتغيّرة، في كل مرّة، مع الحفاظ على سائر العوامل مثبّتة، حتّى يتأكّد الباحثون من أن الفروق هي فعلاً بسبب العامل الوحيد الذي قاموا بتغييره.

ولقد أضافت نتائج أبحاث علم النفس الاجتماعي على تجارب الحياة اليومية، وقد ساعدتنا على التعرّف أكثر على مبادئ الإقناع مّما كنّا نعرف قبل جيل أو جيليْن. وفيما هذه النتائج ليست هي الكلمة الأخيرة، كما إنها ليست الأدبيّات الوحيدة عن هذا الموضوع، فلا تزال تعتَبر جسم الأدلّة الأكثر حسماً من قبل معظم الباحثين والأكاديميين الحديثين في هذا المجال.

كيف يمكن وضع هذه المبادئ حيّز التنفيذ؟

كيف يمكن لهذه اللائحة الطويلة من المبادئ (وهي فقط جزئيّة) أن تُترجَم إلى ممارسة، وتحديداً في وضعكم الخاص بالإقناع؟

بدايةً، تختلف كل حالة عن الأخرى. فما سيُحدّد مبادئ الإقناع المعيّنة التي عليكم استخدامها يأتي من طبيعة ظروفكم الخاصّة. بل إنّ هدفكم المعيّن وجمهوركم المعيّن وموارد الإقناع التي بحوزتكم، هي التي ستحدّد بوجه الخصوص هذه المبادئ. على سبيل المثال، إذا أردتم أن يوقّع أحدهم على عريضة، قد يستدعي ذلك نوعاً من مقاربات الإقناع، ولكن، إذا أردتم لهذا الشخص نفسه أن يتطوّع لقضيّتكم، أو أن يوقّع شيكاً مصرفيّاً كبيراً، فقد يتطلّب الأمر مقاربات أخرى. وبشكل مماثل، تختلف الأمور بين إقناع شخص متعاطف وإقناع مئات من الأشخاص غير المبالين، أو بين كون أرقام موازنة حملتكم عالية أو متوسّطة أو كون الموازنة دون أرقام بتاتاً.

بما أنّ كل حالة إقناع تختلف عن الأخرى بالفعل فمن المنطقيّ إذاً فهمُ كل حالة بشكل جيّد وتحليلها بتمعّن قبل الغوص فيها. بعد ذلك، ستتمكّنون من تخطيط جهودكم مسبقاً، ما هو مهمّ بدرجة لا حدّ لها.

ما هي مبادئ الإقناع؟

فيما ستختلف تكتيكات الإقناع معظم الأحيان من مناسبة إلى مناسبة، مع ذلك تبقى هنالك خطوطٌ توجيهيةٌ عريضةٌ تنطبق على عدد كبير من أوضاع الإقناع، أكان شفهيّاً أو كتابيّاً. فيما يلي بعضٌ من هذه الخطوط التوجيهية. لا تنطبق جمعيها على السياق الذي تتواجدون فيه، كما ليس بالضرورة استخدام كل من هذه الخطوط التوجيهية المناسبة، ولكن، على الأرجح، عندما تستخدم نتيجة تفكير فسيزيد احتمال نجاح محاولتكم الإقناعيّة:

  1. معرفة الوقائع:

من الأفضل امتلاك الوقائع بشكل كامل، وجعلها على حافّة لسانكم، أو على الأقل في دفتر الملاحظات الذي تحتفظون به قربكم. عليكم التمكّن من توثيق أي ادّعاءات تقومون بها بطريقة متوازنة وغير متعالية، دون أن تكون متواضعة بشكل مبالغ به. فلقد قمتم بأبحاث لإيجاد الدلائل، ويجب أن يعرفها الآخرون. هذا هو أحد المفاتيح لتكونوا متواصِلين/مرسِلين ذوي مصداقيّة.

  1. معرفة الجمهور:

ما هو عدد أعضاء الجمهور؟ ما أنواع الأشخاص فيه؟ ما هو رأيهم الحالي بالمسألة؟ ما هو أساس رأيهم؟ من أين يحصلون على معلوماتهم؟ ما هي حاجاتهم ومصالحهم الخاصّة؟ ما هي الحجج التي يمكن على الأرجح أن تقنعهم؟

لنفترض، في حالةٍ ما، أنّ جمهوركم مكوّن من رياضيين من الصفوف الثانوية، وفي حالة أخرى، هم مزارعو دواجن، وفي حالة ثالثة، هم من تجمّع ديني معيّن، وفي أخرى هم رفاق هواية مشتركة. مع هذا، فلنفرض أنّ المسألة المطروحة هي نفسها (مثلاً، عادات الأكل الصحيّة): ألا تكون خصائص طريقتكم في الإقناع مختلفة؟ ألن تكون رسالتكم أكثر فعاليّة إذا قمتم بتكييفها وفق كل مجموعة مستهدفة محدّدة؟

أنتم لا تحتاجون بالضرورة إلى إقناع كل فرد في الجمهور، أو حتّى محاولة القيام بذلك، ولكن، كلّما تعرّفتم على جمهوركم مسبقاً قبْل محاولة الإقناع فستتمكّنون من تصميم حجج فعّالة محدّدة لهم بشكل أفضل. يُستشهَد باقتباس قاله مرّةً سُولْ ألينْسكي، المنظِّم المجتمعي الشهير: "لا تخرجوا أبداً عن خبرات شعبكم." ونحن نعتقد أنّه كان على حق.

  1. التعبير عن التشابه بينكم وبين الجمهور:

عليكم إستحضار القيم والمعتقدات والخبرات المشتركة لأنّ التشابه بين المتواصِل/المرسِل وبين الجمهور يزيد الإقناع. فيما يلي بعض الأمثلة الواسعة:

  • نريد جميع أطفالنا أن يربوا في مجتمع محلّي آمن.

  • أشعر تماماً كما تشعرون.

  • لم تكن نشأتي سهلة، وأظنّ أن هذا ينطبق عليكم أنتم أيضاً.

وينبغي ألاّ تخترعوا التشابه الذي تُعبّرون عنه، إذ يجب أن يكون أصيلاً وأن يُذكر بصدق.

  1. استخدام قادة الرأي:

حتّى لو كنتم تملّكتم الوقائع وعبرتم عنّ نقاط التشابه، قد لا تكونون بنفس مصداقيّة متواصِلين/مرسِلين مَرئيين أكثر أو لديهم منزلة أرفع في مجتمعكم المحلّي. يمكن للمرء تحديد قادة رأي ربطاً بمعظم المسائل المجتمعية، وربّما بما فيها مسألتكم أيضاً، وهؤلاء القادة هم أشخاص محترمون و/أو محبوبون بقدر عالٍ في المكان الذي تقطنون فيه، والأرجح أن آراء هؤلاء الأشخاص تهمّ جمهوركم المستهدف. قد يكون قادة الرأي هؤلاء رجالَ دين أو سياسيين أو مدراء أعمال أو محرّرين صحافيين أو مدراء مدارس أو مدراء وكالات أو رؤساء نوادٍ أو ناشطين في الأحياء أو مدرّبين أو آخرين دون ألقاب محدّدة. كائناً مَن كانوا، فهم لديهم إمكانيّة التأثير على الجمهور المستهدف أفضل منكم، لذلك، عليكم معرفة مَن هم، ربطاً بقضاياكم. وقوموا بمحاولة لكسب تأييدهم. (وبطبيعة الحال، للقيام بذلك، سيلزمكم معرفة الوقائع ذات الصلة فضلاً عن استخدام مبادئ إقناع أخرى كذلك.)

عندما يصبح قادة الرأي إلى جانبكم، يمكنكم أن تطلبوا منهم شهادات أو تأييداً، كما يمكنكم أن تطلبوا من أحدهم التأثير على الآخر. النقطة الأهم هي مطالبتهم هم بشكل مباشر بالتأثير على أنصارهم وجمهورهم. من خلال القيام بذلك تستخدمون رافعة اجتماعية، وهو مبدأ لا يقلّ تأثيراً في العالم الاجتماعي عمّا هو بالنسبة للرافعات الميكانيكية في العالم المادّي.

  1. تقديم افتتاحيّة مبهرة:

يحصل الافتتاح (أكان لخطاب أو لرسالة أو لمطويّة) عندما يكون اهتمام الجمهور في أعلى مستوى له، وعندما يكون رأي هذا الجمهور أكثر مرونة. قوموا باستخدام الافتتاح لالتقاط الانتباه ولتشكيل الرأي. في الإقناع الشفهي يكون الانطباع الأوّل الجيّد، بما فيه الانطباع غير اللفظي، أمراً جوهريا. في الإقناع الشفهي والخطّي تحدِّد الجملة الأولى أو أوّل جملتين حجّتَكم الرئيسية، وإذا ما طُرحت بثقة فهذا يساعد بالتأكيد. وهذا هو أيضاً مكانٌ جيّد للدعابة في حال اخترتم استخدامها. يمكن أن تكسر النكتة الجدران بسهولة أكبر مما كنتم تتوقّعون.

  1. التطرّق بسرعة إلى الموضوع:

ليس بالضرورة من السطر الأوّل، ولكن سريعاً بعد ذلك. فنحن نعيش في عالم إيقاعه سريع، وليس لدى جمهوركم وقتٌ يُضيّعه، ويمكن أن تفقدوا انتباه الناس إذا انتظرتم مدّة طويلة، فضلاً عن فقدان مصداقيّتكم. وعندما تخسرون الانتباه والمصداقيّة فلن يقتنع الكثير من الجمهور بما تقولونه. وحتّى لو كنتم على الطريق الصحيح، لا تستمرّوا بعملية الإطلاق لوقت طويل، إذ ينبغي أن تعرفوا متى تتوقّفون. قوموا بتوضيح بعض النقاط الرئيسية بشكل مقتضب، وأنهوا بِخُلاصات، ثم ابعدوا عن الدرب. إنّها طريقة لإظهار الاحترام لجمهوركم الذي سوف يقدّر لكم ذلك كما سوف يقدّركم.

  1. تقديم منفعة (أو أكثر) تدعم موقفكم:

قوموا بتعظيم منافع موقفكم إلى الأقصى بأفضل شكل ممكن. ينبغي تكييف المنافع مع الجمهور، وهو الجمهور نفسه الذي كنتم قد قمتم بدراسته أصلاً. تحدثوا عن الليرات والدراهم إذا كان معظم دوافع جمهوركم متعلّقة بالأمن الاقتصادي، أمّا إذا كانت دوافع أكثريّة الجمهور تتعلّق بكرامة المجتمع المحلّي، أو بالجريمة في الشوارع، أو (...املئوا الفراغ)، فعليكم مجاراة ذلك.

باختصار، عليكم تحديد المنافع التي تخاطب جمهوركم بأفضل شكل، واستخدامها وفقاً لذلك.

  1. التخفيف من الكلفة باستخدام نفس المنطق أعلاه.

  1. تحصين جمهوركم ضد الحجج المعارضة التي قد يسمعها الجمهور من الجهة المقابلة أو التي قد يخلقها أعضاء الجمهور بأنفسهم:

غالباً ما يكون من الأفضل توقّع الحجج المقابلة مسبقاً والرد عليها، إلاّ إذا كنتم تعتقدون أن الجمهور لن يسمع قط وجهات النظر الأخرى، أو أن احتمال المقاومة أو المعارضة ضئيل جدّاً. على سبيل المثال:

  • "سيقول لكم المعارضون، كذا وكذا، ولكن نحن وأنتم نعرف تماماً أنّ..."

  • "نحن متأكّدون الآن أنّكم قد تفكّرون بكذا أو كذا، فنحن كنّا نفكّر بهذه الطريقة أيضاً، ولكن بعد فترة أدركنا أنّ..."

  1. المطالبة بخطوة تحرّك:

في العمل المجتمعي، غالباً ما لا يكون كافياً أن يقتنع أحدهم بحججكم، فأنتم تريدون الناس أن يتحرّكوا ما إن تُقدَّم الحجّة إليهم. تريدونهم أن ينضمّوا إلى لجنة أو بالتبرّع بالأموال أو بالتصويت أو بملء استمارة الاستطلاع أو بأمر آخر. الآن هو الوقت الأفضل للمطالبة بذلك.

يطرح الباحثون الذين يدرسون التطوّع السؤال التالي على الناس: "ما الذي دفعكم إلى التطوّع في (كذا)؟ الجواب الأكثر شيوعاً الذي يُعطى هو ما يلي: "أحدهم طلب منّي". بكلمات أخرى، الناس ستساعدكم إذ طلبتم منها ذلك.

  1. جعل خطوة التحرّك واضحة:

ما هو المطلوب تماماً أن يقوم به الناس؟ نعم، أنتم تريدونهم أن يدعموكم، ولكن كيف، تحديداً؟ أكيد أنّكم تحتاجون لمساعدتهم، ولكن بأي طريقة محدّدة؟ عليكم أن تجعلوا المطالبة بتحرّككم جليّة ومحدّدة.

  1. جعل خطوة التحرّك بسيطة:

عادةً، يجب ألاّ تتطلّب الخطوة المطلوبة الكثير من الإنفاق) مِن قِبل من سيقوم بها (سواء من الوقت أو المال أو الطاقة النفسية. (الاستثناء الواجب ذكره هنا هو مع مانحين أثرياء في أثناء حملات جمع الأموال الشخصيّة، عندما يكون الشائعَ طلبُ أكبر هديّة يمكن أن يقدّمها المانح.)

النتيجة الطبيعية لما سبق هي أنّ خطوة التحرّك يجب أن تكون قابلة للتحقيق. على سبيل المثال، قد يكون إرسال قصاصة قابل للتنفيذ بسهولة، أمّا الاتّصال بمشرّع فقد يكون مهمّة صعبة لمَن ليس لديهم خلفيّات في السياسة، واستقبال أهل الحي لعقد جلسة مسائيّة حول  فنجان قهوة قد تخلق مشكلات لمَن يعمل دواماً ليليا.

  1. امتلاك مروحة متنوعة من خطوات التحرك:

هذا ما يسمّى أحياناً قائمة التحرّكات. إذا تردّد الشخص المستهدَف أمام قبول قطعة كبيرة، يمكنكم تقديم واحدة أصغر. إذا لم يكن أحدهم يستطيع حضور الاجتماعات، فهل يمكن أن يقوم بكتابة رسالة قصيرة أو بنشر بعض المنشورات في الحي أو حتّى إبقاء اسمه على لائحة البريد فحسب؟ قد تودّون المطالبة بالتحرّك الأكبر بدايةً، ما يعني أنّ لا ضرورة لعرض بنود القائمة المختلفة في نفس الوقت. ولكن، وفي أي حال، تأكّدوا ممّا يلي:

  1. الحصول على التزام بالقيام بالخطوة:

إذا عبّر أحدهم عن التزام قائلاً بشكل عملي: "نعم، سأفعل ذلك"، فهذا يزيد احتمال القيام بالخطوة فعليّاً.

تميل الالتزامات إلى أن تكون أكثر فعاليّة عندما تقدم علناً، بحضور آخرين، فيشعر عندها الشخص الذي يقوم بالالتزام بكمّ أكبر من المساءلة. على كلّ حال، تبقى الالتزامات (لاسيّما إذا كانت مكتوبة كما يحصل في التعهّد)، أفضل من عدم وجودها إطلاقاً. أكثر من ذلك، إنّ الذين يقومون بالتزامات صغيرة ويلبّونها سيقومون على الأرجح بالتزامات أكبر لاحقاً، بالمقارنة مع مَن لم يلتزم شيئاً، ما يدعم الرغبة بالحصول حتّى على التزامات متواضعة عند الإمكان.

  1. استخدام عارضين/عارضات بالإضافة إلى قادة الرأي:

العارضون، بهذا المعنى، هم أشخاص قاموا بالتحرّك المطلوب، واستفادوا منه، وهم على استعداد لإعلان ذلك على الملأ. والعارض ليس بالضرورة من قادة الرأي، فقد يكون من العائلة أو زميلاً أو جاراً يسكن في آخر الشارع أو أي شخص آخر يعرفه الشخص المستهدَف ويحبّه ويحترمه. العارضون هم أقران يعملون معكم للتأثير على الجمهور المستهدف، وإذا أدّى هذا العارض التحرّك المطلوب علناً، أو قال أنّه استفاد منه فلا بدّ من أنْ يكون لذلك تأثيرٌ إيجابي على الإقناع.

  1. تكرار الرسالة بالقدر اللازم:

يمكن أن يحصل ذلك بتعبيرات مختلفة، لاسيّما إذا كان مضمون الرسالة غير مألوف أو جديد. الفكرة ليست الإفراط أو الإزعاج (فالتكرار يمكن أن يصبح مبالغاً فيه)، بل هي التأكّد من أنّه جرى تسجيل الرسالة والتحرك المطلوب. يمكن للإقناع أن يأخذ وقتاً، فقد لا يكون الجمهور جاهزاً للتجاوب مع التعرّض الأوّل ولا الثاني ولا الثالث. قد يحتاج الناس إلى رؤية أو سماع الرسالة في أكثر من مناسبة قبل أن تصبح في داخلهم، وأن يصبحوا هم جاهزين للتحرّك. قوموا بالتكرار كما يلزم، وكونوا صبورين، واجعلوا التكرار حليفكم.

في عالم الحكومات، غالباً ما يستخدم المستشارون السياسيّون استراتيجية مشابهة ومكوّنة من ثلاثة أجزاء لكسب الانتخابات المحليّة والحملات، كالتالي: أ) استهداف الناخبين المحتملين، ب) تقديم الرسالة لهم، ج) إعطاءها لهم مرّة أخرى.

  1. شكر الشخص المستهدف:

نوجه الشكر بعد إتمام الالتزام المعقود ("هذا رائع! نحن فعلاً نقدّر ما قمتم به!"). حتّى لو لم يكن هنالك التزام معقود، من المفيد شكر الشخص على الاستماع وعلى الاهتمام. القبول اللفظي، أو حتّى كلمة "شكراً" هي مجزية، وتقوّي احتمال القيام بالمزيد من الالتزامات (أكان للمرّة الأولى أو التزامات لاحقة) واتّخاذ المزيد من الخطوات في المستقبل.

  1. المتابعة:

المتابعة ضرورية من أجل التأكّد من أنّ التحرّك الذي جرى الالتزام به حصل فعلاً. هل أتى الناخب إلى مركز الاقتراع؟ هل وصل الشيك؟ يمكن أن يجري ذلك بطريقة ودّية ومهذّبة: "هل تمكّنتم من القيام بكذا...؟"، أو "هل سنحت لكم الفرصة للقيام بكذا؟". هنالك مسافة طبيعية عند البشر بين النيّة والتصرّف، ويصبح دوركم هنا إقامة الجسر بين الاثنين. وعندما يُنفّذ التحرّك، ينبغي شكر الشخص المستهدَف مرّة أخرى.

  1. إبقاء الشخص المستهدف على اطّلاع على التبعات:

"بفضل دعمكم، أصبح هنالك إمكانية لتطوير برنامج جديد للشباب في المجتمع المحلي"، أو "يعود الفضل إليكم في أنّنا استطعنا إطعام ثلاث عائلات إضافيّة في موسم الأعياد هذا". يُحبّ الناس أنْ يعرفوا أنّ ما قاموا به أحدث فرقاً إيجابيّاً.

عند تطبيق هذه الخطوط التوجيهية، من المفيد أن تتذكّروا هذه الأفكار الإضافيّة الثلاث:

  • إنّ تقنيات الإقناع تساعد، ولكنّها تساعد أكثر عندما لا تطبّق بشكل آلي، بالأرقام، فأنتم بالطبع لا تريدون أن تحشروا أنفسكم في تقنيّة تجعلكم تغضّون النظر عن طبيعتكم البشرية الخاصّة:

من المهم معرفة التقنية الجيّدة واستخدامها. ولكن (وفي ما عدا الحالات شديدة الرسميّة كالإجراءات القانونية أو التقارير الفنية)، فإن بعض التعبير عن حالكم الطبيعية يميل إلى تقوية موقعكم. يجب ألا نتوقَّع الكمال البارد والجامد، ولا نحبّذهما... بل بالعكس، ففي نظر الجمهور فإن بعض الشوائب التي نقرّ بها، ممزوجة بصدق القناعة، وإظهار المشاعر الطبيعية، غالباً ما تُحسَب لدى الجمهور أكثر من تقنية الإقناع الجافّة.

  • المحافظة على إدراك إنسانية الأشخاص الذين تتعاملون معهم، فهم أيضاً بشر لهم نقاط قوّتهم وإخفاقاتهم. في حالات الإقناع المجتمعي، عندما تتواصلون مع أناس تعرفونهم، وقد تكون لكم صلات مستمرّة معهم، يكون في غاية الأهميّة أن تتعاطوا مع الجمهور المستهدف برعاية وباحترام:

هذا لا يعني أنّكم لا تستطيعون المجادلة بقوّة، واستخدام المبادئ التي وصفناها بشكل كامل، ولكن هذا يعني أنّ عليكم بطبيعة الحال التخفيف من التعليقات التي تستخف بالناس أو من الهجوم الشخصي، فهكذا مقاربات مشكوك فيها على الصعيد العملي، ولاسيّما على المستوى المحلّي. قد تضطرّون إلى التعاطي مع نفس الأشخاص في مجتمعكم مرّة أخرى، وإذا قمتم بإهانتهم أو إبعادهم أو تهميشهم فسيخف تماماً احتمال أن يعملوا معكم في وضع آخر، حتّى لو كنتم على اتّفاق وتحتاجون بعضكم بعضاً.

  • قد تدخل القيم الأخلاقية هنا إلى الصورة. فكّروا أنّ خصومكم المحتملين هم أيضاً جيرانكم. قد تتساءلون، "كيف يمكن أن أشعر لو استخدم أحدهم تكتيكات الإقناع هذه معي؟"، فقد يوجّهكم ذلك. لا تستخدموا أبداً الإقناع للتلاعب بالجمهور دون أمانة

باختصار

من أجل التأمّل في مبادئ الإقناع، حاولوا أن تتخيّلوا جسراً عليه يقف الشخص أو الجمهور المستهدَف. يمثلّ الجانب الشمالي من الجسر غياب المعرفة أو الاهتمام بمسألتكم، والجانب الجنوبي يمثّل التحرّك المطلوب أي هدفكم. بعض العلامات الوسطيّة على طول الجسر هي الانتباه والفهم والنيّة.

قد يكون الشخص المستهدَف موجوداً على أي نقطة من الجسر. مهمّتكم كمُقنعين هي نقل هذا الشخص عبر الجسر باتّجاه هدفكم، على مراحل إذا لزم الأمر. قد تودّون نقله من اللا معرفة إلى الانتباه، أو من الانتباه إلى الفهم، أو من الفهم إلى النيّة، أو من النيّة إلى التحرّك، بحسب القضيّة.

يمكن لاستخدام مبادئ الإقناع بفعاليّة وبأمانة أن يحقّق غاياتكم في خلق مجتمعات محلّية صحية والمحافظة عليها.

نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المادة، لكن نرجو أن تذكروا مرجعها، "عدة العمل المجتمعي" على الموقع:

Http://ctb.ku.edu

 

Contributor 
بِيْل بِرْكووِيتْز

موارد

Berkowitz, B. (2000). Community and neighborhood organization. In J. Rappaport & E. Seidman (Eds.), Handbook of community psychology. New York: Plenum.

تنظيم المجتمع المحلي والأحياء، من كتيّب عن علم النفس المجتمعي.

Cialdini, R. B. (1993). Influence: Science and practice (3rd ed.). New York : HarperCollins.

التأثير: علم وممارسة.

Karlins, M., & Abelson, H. I. (1970). Persuasion: How opinions and attitudes are changed. New York: Springer.

الإقناع: كيف تتغيّر الآراء والمواقف.

Oskamp, S., & Schultz, P. W. (1998). Applied social psychology (2nd ed.). Upper Saddle River, NJ: Prentice-Hall.

علم النفس الاجتماعي التطبيقي.

Petty, R. E., & Wegener, D. T. (1998). Attitude change: Multiple roles for persuasion variables. In D. T. Gilbert, S. T. Fiske, & G. Lindzey (Eds.), Handbook of social psychology (4th ed., Vol. 1, pp. 323-390). New York: McGraw-Hill.

تغيير المواقف: الأدوار المتعدّدة لمتغيرات الإقناع، من كتيّب علم النفس الاجتماعي.

Petty, R. E., Wegener, D. T., & Fabrigar, L. R. (1997). Attitudes and attitude change. Annual Review of Psychology, 48, 609-647.

المواقف وتغيير المواقف، من المجلّة السنوية لعلم النفس.

Pratkanis, A. R., & Aronson, E. (1992). Age of propaganda: The everyday use and abuse of persuasion. New York: W. H. Freeman.

عصر البروباغاندا (الدعاية والإعلام): الاستخدام اليومي والاستغلال اليومي للإقناع.