استمارة البحث

القسم 1: تصميم التدخّلات المجتمعية

(مُقتَبَس عن " ستيفن ب. فُوسيْت": إجراء البحث التدخلي: عملية التصميم والتطوير". أنظر الموارد أدناه)

  • ما هو التدخّل؟                     
  • لماذا ينبغي أن نطوّر التدخّلات؟
  • متى ينبغي أن نطوّر التدخّلات؟
  • كيف نطوّر التدخّل؟

لقد شكّلتم مجموعة من الأشخاص المتحمّسين والبارعين الذين يريدون فعلاً إحداث فرقٍ في المجتمع المحلّي. ربّما كنتم تريدون زيادة النشاط الجسدي لدى البالغين وتخفيض مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية؛ أو قد  تريدون أن يقرأ الأطفال أكثر ويتحسّن أداؤهم المدرسي. مهما كان ما تريدون أن تقوموا به، فالنهاية واضحة بما يكفي، ولكنّ الوسائل -- آه، الوسائل تسبّب لكم المتاعب. فكيف تبلغون هذه الغاية التي وضعتها مجموعتكم لنفسها؟ وما هي أفضل الأمور التي يجب القيام بها لتحقيقها؟

بشكل عام، إنّ ما تفكّرون فيه هو تدخّل في بيئات الناس، لكي يصبح من الأسهل والأنفع لهم أن يغيّروا سلوكياتهم. في حالة تشجيع الناس على النشاط الجسدي، قد توفّرون معلومات عن الفرص، وتزيدون إمكانية الوصول إلى الفرص، وتحسّنون الدعم من قبل الأقران. هذه الطرق المختلفة للقيام بذلك تُسمّى منطقياً، تدخّلات. والتدخّلات الشاملة تتضمّن المكوّنات المطلوبة والمتنوّعة لإحداث فَرْقٍ.

ما هو التدخّل؟

ولكن ما هو التدخّل بالضبط؟ حسناً، قد تختلف طبيعة التدخّل. فقد يكون برنامجاً، أو تغييراً في السياسة، أو ممارسة معيّنة تصبح شائعة. والمهمّ بشكل خاص في التدخّلات هو ما تقوم به. فالتدخّلات تركّز على سلوكيات الناس، وكيف يمكن لهذه التغييرات في البيئة أن تدعم تلك السلوكيات. على سبيل المثال، قد تعتمد مجموعة ما هدفاً يقضي بمحاولة منع الرجال من اغتصاب النساء.

ولكن، ومن دون شكّ، لا يكفي أن نبثّ رسائل تقول: "يجب ألا تقترفوا جريمة اغتصاب". إذن، فالتدخّلات التي تحقّق نجاحاً أكبر هي تلك التي تحاول تحسين الظروف التي تسمح بحصول هذه السلوكيات وتشجّعها. فالتدخّلات التي يمكن أن تُستخدَم للحدّ من الاغتصاب تشمل:

  • تحسين إنارة الطرقات مما يسهّل على النساء  تفادي المُعتَدين المُحتمَلين
  • "برنامج يضمن "التنقُّل الآمن" يؤمّن تنقُّلات مجانية لكي لا يُضطر الناس إلى السير بمفردهم في الليل.
  • تدريب على المهارات في ما يتعلّق بالاغتصاب في المواعيد العاطفية وكيفية تفاديه، حتى تكون النساء أكثر حذراً في اتّخاذ القرارات بشأن المواعيد الشخصية مع الرجال الذين لا يعرفنهم جيّداً، لا سيّما بما يتعلق فيها بتعاطي الكحول والمخدّرات
  • تغييرات في السياسات، مثل التشدّد في العقوبات المفروضة على مرتكبي الاغتصاب، أو تسهيل العملية التي يجب أن تمرّ بها ضحية الاغتصاب لمقاضاة الفاعل

لا تشكّل النقاط أعلاه سوى بعض أمثلة قليلة عن التدخّلات الكثيرة جداً التي قد تقوم بها مثل هذه المجموعة. ولكن، ما هي فوائد استخدام التدخّلات كطريقة لتنفيذ عملكم المجتمعي؟

لماذا ينبغي أن نطوّر التدخّلات؟

ثمّة الكثير من الفوائد الهامة لاستخدام التدخّل كطريقة لتحقيق أهدافنا. بعضها واضح جداً؛ وبعضها أقلّ وضوحاً ربّما. في ما يلي بعضٌ من أهمّ هذه الفوائد:

  • يمكنكم أن نحسّنوا الصحّة والرفاه في مجتمعكم المحلّي وللساكنين فيه من خلال تصميم التدخّل وتطبيقه بطريقة واضحة ومنهجية.
  • إنّ التدخّل يعزّز فهم الحالة التي تعملون عليها، وأسبابها وحلولها. وبكلّ بساطة، عندما تقومون بعملٍ ما بطريقة جيّدة، يلاحظ الناس ذلك، وينتشر الأمر شيئاً فشيئاً. في الواقع، فإنّ التدخّل قد يحثّ الآخرين على فهم المسألة التي تعملون عليها، وعلى التحرك هم أيضاً والعمل عليها.

على سبيل المثال، صُدِمَت مديرة مدرسة ابتدائية  بمقدار وقت الفراغ الذي يمضيه التلاميذ وحدهم من دون أيّ إشراف بين الساعة الثالثة والساعة السادسة حين يعود أهاليهم إلى المنزل من العمل. وعندما زارت أمّها في دار المسنين، علمت أيضاً بالوِحدة التي يشعر بها الكثير من ساكني مثل هذه الدور. فقرّرت التخفيف من هاتين المشكلتين من خلال إطلاق برنامج "القلوب الراعية". فأصبح الأطفال يذهبون إلى دور المسنين بعد المدرسة مرّة أو مرّتين في الأسبوع، ليزوروا المسنين، ويلعبوا معهم، ويتبادلوا القصص.

وسمع أحد الصحافيين بهذا البرنامج، فكتب مقالة عنه نُشِرت في الصفحة الأولى من زاوية "حياة الناس" في الصحيفة المحلّية. التجاوب كان هائلاً. إذ طلب الأهالي من أرجاء المنطقة كافة تسجيل أطفالهم، وجرى تطوير برامج مماثلة في عدّة مدارس في المدينة.

  • لتحسين ما تقومون به مسبقاً. ختاماً، من المهمّ أن نتعلّم كيفية تصميم التدخّل بشكل مناسب، لأنّكم ربّما كنتم تقومون بذلك فعلاً. عندما نعمل على تحسين صحّة أعضاء مجتمعنا المحلّي ورفاههم، فإن معظمنا يصمّم البرامج (أو يديرها على الأقلّ)، أو يحاول تغيير السياسات (كالقوانين المحلّية، أو أنظمة مجلس المدرسة)، أو يحاول تغيير الأمور التي يمارسها بعض الناس بشكل منتظم. ولكن، إذا فهمنا النظريات التي يقوم عليها اختيار التدخّل، وتصميمه، وتطويره، فهماً أفضل فسنتمكّن من تحسين العمل الذي نقوم به حالياً.

متى ينبغي أن نطوّر التدخّلات؟

من المنطقي تطوير التدخّل أو إعادة تصميمه:

  • عندما توجد مسألة أو مشكلة مجتمعية يعتبرها السكّان المحلّيون والمنظّمات المحلّية حاجة لم تتمّ تلبيتها،
  • وتمتلك منظّمتكم الموارد، والقدرة، والرغبة لتلبية هذه الحاجة،
  • وتقرّرون أنّ مجموعتكم هي المجموعة المناسبة لإنجاز ذلك.

تحتاج النقطة الأخيرة من هذه النقاط الثلاث إلى بعض التفسير. ثمّة دائماً أمور تستطيع أن تقوم بها منظّمتكم، ولكن ربّما يجب أن تُترَك لمنظّمات أخرى أو أفراد آخرين. على سبيل المثال، قد يجد مركز تطوّعي للاستشارات في الأزمات أنّه يمتلك القدرة على تأمين مأوى للأشخاص الذين يحتاجون إلى مكان يلجؤون إليه لبعض الليالي. ولكنّ ذلك قد يستنزف قدراته ويُلهي الموظّفين والمتطوّعين عن الرسالة الأساسية للوكالة.

في حالات كهذه، حيث لا تتساوى كلمة "تستطيع" مع كلمة "يجب"، قد يكون على منظّمتكم أن تفكّر جيّداً قبل أن تطوّر تدخّلاً يمكن أن يحرفها عن رسالتها.

كيف نطوّر التدخّل؟

إذن، الأشخاص متحمّسون، والتحضيرات جاهزة، وأنتم مستعدّون للانطلاق. مجموعتكم حاضرة لتولّي المسألة – تريدون تصميم تدخّل يؤدّي فعلاً إلى تحسين الظروف في المنطقة. فكيف تبدؤون؟

 

 أوّلاً، قرّروا ما الذي يجب أن يحصل: قد يكون ذلك مشكلةً يجب أن تُحَلّ، كـ"الزيادة الكبيرة في نسبة التسرّب المدرسي". ولكن، قد تكون المسألة المطروحة أمراً جيّداً أيضاً، وأنتم تريدون إيجاد طريقة لتعزيزه. على سبيل المثال، قد ترغبون في إيجاد طريقة لإقناع المزيد من البالغين بالتطوّع مع الأطفال في سنّ الدراسة. في هذه المرحلة، تريدون على الأرجح تحديد المشكلة بإطارها الواسع، لأنّكم ستتعلّمون المزيد عنها في الخطوات القليلة المقبلة. وفيما تفكّرون في ذلك، خُذوا بعين الاعتبار هذه الأسئلة:

  • ما هو السلوك الذي يجب أن يتغيّر؟
  • سلوك مَن يجب أن يتغيّر؟
  • إذا كان الناس سيغيّرون سلوكهم، ما هي التغييرات التي يجب أن تحدث في البيئة حتى يحصل ذلك؟ على سبيل المثال، إذا أردتم أن يقوم الناس بإعادة التدوير المهملات، فستحصلون على نتائج أفضل بكثير إذا توفر الوصول بسهولة إلى سلات المهملات المخصّصة لإعادة التدوير.
  • ما هي التغييرات المحدّدة التي يجب أن تحصل كنتيجة للتدخّل؟

ليس بالضرورة أن تحصلوا على إجابات عن جميع هذه الأسئلة في هذه المرحلة. في الواقع، من الأفضل ربّما أن تتركوا أذهانكم مفتوحة ريثما تجمعون المزيد من المعلومات، بما في ذلك من خلال التكلّم مع الأشخاص المتأثّرين بالتدخل ونتائجه (سنتطرّق إلى ذلك في الخطوات القليلة المقبلة). لكنّ التفكير في هذه الأسئلة يساعد على توجيهكم وإرشادكم نحو الوجهة الصحيحة.

 

استخدموا نظاماً للقياس من أجل جمع المعلومات حول مستوى المشكلة: ستحتاجون إلى جمع معلومات عن مستوى المشكلة قبل أن تقوموا بأيّ شيء آخر، لكي تقرروا ما إذا كانت خطيرة كما يظهر، ولكي تضعوا معياراً للتحسُّن لاحقاً (أو التراجع).

تشمل أدوات القياس ما يلي:

  • المراقبة المباشرة للسلوك: عل سبيل المثال، يمكنكم أن تراقبوا ما إذا كان الباعة يبيعون السجائر والنرجيلة والكحول إلى أشخاصٍ دون السنّ القانونية.
  • استطلاعات عن السلوكيات: على سبيل المثال، طرح الاستطلاع الخاص  استطلاع عن بالسلوك الخطر لدى الشباب الذي أعدّته يمكن أن يعده مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها أو المؤسسات الأكاديمية  في الولايات المتّحدة، والذي يمكن أن يطرح أسئلةً عن تعاطي المخدّرات، والتصورات والممارساتة الجنسية غير الآمنة، والعنف.
  • مقابلات مع أشخاص أساسيين:. على سبيل المثال، قد تسألون عن التغييرات في البرامج، والسياسات، والممارسات التي ساعدت المجموعة على تحقيقها.
  • مراجعة السجلات المحفوظة أو الحالية: على سبيل المثال، قد نراجع سجلات عن معدلات التزويج المبكر وحمل الأمهات المراهقات، أو البطالة، أو الأطفال الذين يعيشون في الفقر.

وقد تراجع المجموعة مستوى المشكلة مع الوقت لاكتشاف الاتّجاهات: "هل تتحسّن المشكلة أم تتفاقم"؟ وقد تقوم المجموعة أيضاً بجمع معلومات للمقارنة: "كيف هو أداؤنا مقارنةً مع المجتمعات المحلّية الأخرى المماثلة؟"

 

حَددوا الجماعات التي يجب أن يساعدها التدخّل: في برنامج لتحصين الأطفال، يمكن أن تكون تدخّلاتكم موجّهة إلى مساعدة الأطفال. وكذلك الأمر في برنامجٍ يُعنى بمساعدة الأشخاص للعيش باستقلالية. هنا سيحاول التدخّل مساعدة المسنّين أو الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد لا يستهدف التدخّل فئةً محدّدة، بل يكون موجّهاً إلى المجتمع المحلّي ككلّ. على سبيل المثال، قد تحاولون تعزيز وجود الشرطة لتصبح الحدائق العامة أكثر أمناً. وهذا التغيير في سياسة تنفيذ القانون سيؤثّر على الناس في المجتمع المحلّي بكامله.

في العادة، تستهدف التدخّلاتُ الأشخاصَ الذين يستفيدون من التدخّل استفادة مباشرةً ، ولكن هذا لا يصحّ دائماً. على سبيل المثال، إذا كان أحد البرامج يحاول زيادة عدد الأهالي والأوصياء الذين يُخضِعون أطفالهم للتحصين في الوقت المناسب، فالمستفيدون المباشرون منه هم الأطفال. ولكنّ التدخّلات لا تتوجّه إليهم، لأنّهم لا يتّخذون القرار. لذا قد يكون "المستهدَف الأساسي من التغيير" في تدخّلاتكم هنا هو الأهالي والعاملين في الرعاية الصحّية.

قبل أن نتابع، من المفيد أن نستعرض بعض التعريفات الموجزة:

المستهدَف من التغيير: هم الأشخاص الذين نحاول تغيير سلوكهم. وكما رأينا أعلاه، قد يكون هؤلاء الأشخاص --- ولكن ليس دائماً -- المستفيدين المباشرين أيضاً من التدخّل. وغالباً ما يشملون أشخاصاً آخرين، كالمسؤولين الرسميين الذين يمتلكون القدرة على إحداث التغييرات المطلوبة في البيئة.

أمّا "عملاء التغيير" فهم الأشخاص الذين يمكن أن يساعدوا في إحداث التغيير، وقد يشملون مثلاً السكّان المحلّيين، والقادة المجتمعيين أو المحليين، وصانعي القرار. إنهم "المحرّكون والمفعِّلون" هم الأشخاص الذين يستطيعون جعل الأمور تحدث – وهم الذين تريدون حتماً أن يساهموا في الحلّ.

نناقَش موضوع أهداف التغيير وعملائه بالتفصيل في الفصل 18، القسم 3: تحديد أهداف التغيير وعملائه: مَن الذي يمكن أن ينتفع ومَن يمكنه المساعدة؟

 

إشراك العملاء المحتمَلين أو المستخدِمين النهائيين للتدخّل: بعد أن تحددوا بشكل واسع ما يجب أن يحصل ومع مَن يجب أن يحصل، ينبغي أن تتأكّدوا من أنّكم أشركتم الأشخاص المتأثّرين. إسألوا في جميع الأحوال حتّى لو كنتم تعتقدون أنّكم تعرفون ما يريدون. ولكي ينجح تدخّلكم فإن أي قدرٍ من المردود من الناس لا يمكن أن يعتبر أكثر من اللازم. فقد يكون لدى بعض من هؤلاء الأشخاص تصور للمسألة لم تفكّروا فيه قط.

إلى ذلك، عندما تطلبون مساعدتهم فالبرنامج يصبح برنامجهم. على سبيل المثال، فإن إتاحة الفرصة للمعلّمين والأهالي لتقديم تصوراتهم وآرائهم في تصميم تدخّل يُعنى بـ"إنجاح المدرسة"، فهذا يعني" تملكهم البرنامج. وأنهم يفتخرون به. وهذا يعني أنّهم لن يستخدموه فحسب، بل سيدعمونه أيضاً ويخبرون أصدقاءهم به، والقصة ستنتشر.

وهنا أيضاً، إذا أردتم الحصول على أفكار حول كيفية إيجاد هؤلاء الأشخاص واختيارهم، قد يفيدكم القسم أعلاه عن أهداف التغيير وعملائه.

 

حَدّدوا المسائل أو المشكلات التي ستحاولون حلّها معاً بالاشتراك مع هؤلاء العملاء المستفيدين:

ثمّة طرق متعدّدة للتكلّم مع الأشخاص المتأثّرين بالتدخل عن المعلومات التي تهمّكم. بعض الطرق الأكثر شيوعاً تشمل:

  • الاتّصال الشخصي غير الرسمي، أي مجرد التكلّم مع الناس، والاطّلاع على ما يريدون قوله
  • المقابلات
  • المجموعات المركّزة (انظروا الفصل 3، القسم 6: تنظيم مجموعات مركّزة)
  • المنتديات العامة (انظروا الفصل 3، القسم3: إقامة منتديات عامة وجلسات استماع)
  • مسح الهموم (انظروا الفصل 3، القسم 10: إجراء استطلاع  بالهموم)

عندما تتكلّمون مع الناس، حاولوا التطرّق إلى المسألة الحقيقية، أي إلى السبب الكامن وراء ما يجري. فغالباً ما يكون من الضروري أن نركّز ليس على المشكلة بحدّ ذاتها، بل على ُمسبّبها.

على سبيل المثال، إذا كنتم تريدون خفض عدد الأشخاص المشرّدين في محلّتكم فيجب أن تعرفوا سبب افتقار هذا العدد الكبير من الناس في محلّتكم إلى المأوى اللائق: هل يفتقرون إلى المهارات المناسبة للحصول على وظائف؟ هل توجد نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية ولا يتلقّون المساعدة كما يجب؟ إن تدخّلكم النهائي قد يخاطب المسببّات الأعمق والتي لا يبدو على صلة قوية ومباشرةً بخفض التشرّد، مع أنّ ذلك يبقى هو الغاية.

يمكنكم إيجاد المزيد من المعلومات عن المشكلة الحقيقية أو "جذر المشكلة" في الفصل 17، القسم 4: تحليل الأسباب الجذرية للمشكلات: تقنية "ولكن لماذا؟"

 

حَلّلوا هذه المشكلات أو المسألة الواجب مخاطبتها في التدخّل: انطلاقاً من المعلومات التي جمعتموها في الخطوة الخامسة، ستحتاجون إلى إيجاد إجابات عن بعض الأسئلة المهمّة. تعتمد هذه الأسئلة على وضعكم، ولكن الكثير من الأسئلة التالية قد يلائم غايتكم:

  • ما هي العوامل التي تضع الناس في خطر التعرّض للمشكلة أو المسألة (أو التي تحميهم منها)؟
  • سلوك مَن سَبّب المشكلة (أو غياب سلوك من)؟
  • سلوك مَن سمح باستمرار المشكلة (أو غياب سلوك من)؟
  • مَن الذي يشكل له الوضع مشكلةً؟
  • ما هي التبعات السلبية بالنسبة إلى المتأثّرين مباشرةً؟
  • ما هي التبعات السلبية بالنسبة إلى المجتمع المحلّي؟
  • مَن المستفيد من استمرار الأمور على ما هي عليه الآن - إنْ كان هناك من يستفيد ؟
  • كيف يستفيد؟
  • مَن يجب أن يتشارك المسؤولية لحلّ المشكلة؟
  • ما هي السلوكيات التي يجب أن تتغيّر حتى تُعتبَر المشكلة "محلولة"؟
  • ما هي الظروف التي يجب أن تتغيّر من أجل حل المسألة أو المشكلة؟
  • ما هو مقدار التغيير الضروري؟
  • على أيّ مستوى/مستويات يجب مخاطبة المشكلة؟ هل يجب مخاطبتها من قبل أفراد؛ أم أسر تعمل معاً؛ أم منظّمات محلّية أو أحياء سكنية؛ أم على مستوى المدينة، أو المحلّة، أو البيئة الأوسع؟
  • هل ستتمكّنون من إحداث تغييرات على المستوى/المستويات المحدّد(ة)؟ يشمل هذا السؤال القدرة التقنية، وتأمين المال الكافي للقيام بذلك، والتأكّد من أنّ الأمر سيكون ممكناً من الناحية السياسية.

الأداة رقم1 في نهاية هذا القسم تسمح لكم بإجراء تحليل للمشكلة أو المسألة التي ستخاطبها مجموعتكم.

 

حدّدوا الغايات والأهداف: عندما تصلون إلى هذه المرحلة، تكونون مستعدّين لوضع الغايات والأهداف الواسعة لما سيفعله التدخّل. تذكّروا أنّكم في هذه المرحلة لم تقرّروا بعد ما سيكون هذا التدخّل. قد يبدو ذلك معاكساً بعض الشيء لطريقة تفكيركم -- ولكنّنا نبدأ من خطّ النهاية، ونطلب منكم أن تتحرّكوا بالاتّجاه المعاكس. جربوا -- فنحن نعتقد أنّه سينجح معكم.

ستكون هناك، بشكل خاص، حاجة إلى الإجابة عن الأسئلة التالية بطريقة ملموسة قدر الإمكان:

  • ما الذي يجب أن ينجزه التدخّل؟ على سبيل المثال، قد تتمثّل غايتكم في حصول معظم الأشخاص المشرّدين على وظائف إذا كانوا قادرين على ذلك، بحلول نهاية التدخّل.
  • كيف سيكون النجاح؟ وكيف ستعرفون ما إذا كان تدخّلكم ناجحاً؟ كيف ستشرحون للأشخاص الآخرين أنّ التدخّل نجح؟ ما هي "العلامات" أو المؤشّرات التي تدلّ على أنّكم تسيرون في الاتّجاه الصحيح.  قد يكون مفيداً في هذه المرحلة الرجوع إلى الفصل 38، القسم 9: جمع واستخدام المؤشّرات على المستوى المجتمعي.
  • ختاماً، ما هي الأهداف المحدّدة التي تريدون تحقيقها؟ كونوا واضحين قدر الإمكان عندما تكتبون أهدافكم. حَدّدوا مقدار التغيير الذي تريدون أن يتحقّق في أيّ سلوكيات وفي أيّ نشاطات. ومَن سيفعل ماذا؟ ومتى؟

على سبيل المثال، قد تقولون: "بحلول العام 2010 (متى)، 80% من المشرّدين اليوم (مَن) سينجحون في إيجاد وظيفة جزئية على الأقلّ (التغيير المرجو)."

يمكنكم إيجاد المزيد من المعلومات عن تحديد الأهداف في الفصل 8، القسم 3: بناء الأهداف.

 

اعرفوا ما قام به الآخرون: الآن، بعد أن حصلتم على جميع المعلومات التي وجدتموها حتّى الآن، أصبحتم مستعدّين لتبدؤوا التركيز على التدخّل المحدّد بعينه. والطريقة الأسهل للبدء بذلك تتمثّل في اكتشاف ما قام به أشخاص آخرون في مثل وضعكم. لا تكرّروا العمل نفسه! فقد توجد بعض "الممارسات الفضلى" – من البرامج أو السياسات الاستثنائية – القريبة ممّا تريدون القيام به. والأمر يستحقّ أن تخصّصوا وقتاً لإيجادها.

أين تبحثون عن المقاربات الواعدة؟ ثمّة خيارات متعدّدة، ومدى تفصيل في بحثكم يعتمد على الوقت والموارد التي لديكم (إلى جانب المدّة التي قد تمضونها بحثاً عن أمر يعجبكم!). ولكن بعض الموارد الأكثر شيوعاً والتي قد تبدؤون بها يتضمن ما يلي:

  • ابحثوا عن الأمثلة المحلّية المتوافرة: ما الذي نجح في مجتمعكم المحلّي؟ وماذا عن الأماكن المجاورة؟ هل يمكنكم معرفة سبب النجاح؟ تكلّموا مع الأشخاص المسؤولين عن هذه المقاربات، إذا أمكن، وحاولوا أن تفهموا لماذا وكيف قاموا بما قاموا به؟
  • ابحثوا عن الأمثلة في المقالات والدراسات في المجالات ذات الصلة: قد تكون المصادر صحفاً مهنية (كالمجلات الصحية العامة، أو حتى  الصحف والمجلّات  العامة في بعض الأحيان. وابحثوا أيضاً عن التدخّلات التي جرت سابقاً للتعاطي مع المشكلات ذات الصلة -- وربّما أمكن تكييفها لتستخدمها مجموعتكم. على سبيل المثال، إنّ الأحداث التي تهدف إلى الإعلام والتوعية تميل إلى أن تكون عامة بطبيعتها – لذا يمكنكم تنظيم فعالية مماثلة وتعديل غايتها. فالسباق الذي يشارك فيه 5000 شخص يمكن أن يُجرى لزيادة التوعية حول سرطان الثدي وجمع الأموال لهذه القضية، أو للاحتجاج على تدمير البيئية، أو غير ذلك.
  • المؤتمرات الوطنية: إنّ حضور الاجتماعات أو المؤتمرات الوطنية حول المشكلة أو المسألة التي تحاولون حلّها إذا أمكن ذلك، يمكن أن يعطيكم معلومات ممتازة عن بعض أفضل الممارسات المتوافرة.
  • انظروا الفصل 3، القسم 4: جمع المعلومات عن المشكلة، لمزيد من الأفكار.

 

تبادلوا الأفكار الخاصة بكم: خُذوا ورقةً واكتبوا جميع الاحتمالات التي ترد إلى ذهنكم. ويمكنكم في حال كنتم تقرّرون كمجموعة، أن تكتبوا على ورقة كبيرة تُعلق على الحائط، لكي يتمكّن الجميع من رؤية الاحتمالات -- فذلك غالباً ما يساعد الناس على إيجاد أفكار أخرى. كونوا مبدِعين!

 

حاولوا أن تقرّروا تلك التدخّلات أو أجزاء التدخّلات التي نجحت، وما يمكن تطبيقه في وضعكم: ما الذي بمقدور منظّمتكم أن تقوم به؟ ونقصد بكلمة مقدور تلك النواحي المالية، والسياسية، والوقت، والموارد. على سبيل المثال، كم يمكنكم أن تخصّصوا من الوقت لهذا الأمر؟ هل ستفقد المجموعة مكانتها في المجتمع المحلّي أو دعم بعض الأشخاص، بسبب القيام بتدخّل محدد؟

عندما تنظرون في التدخّلات التي قام بها الآخرون، ابحثوا بشكل خاص عن التدخّلات التي تكون:

  • تدخلات ملائمة -- هل تلائم غاية المجموعة؟
  • تدخلات فعّالة --  هل أحدثت فرقاً على صعيد السلوك والمُخرَجات؟
  • تدخلات يمكن تكرارها – هل جرى تفسير تفاصيل ونتائج ما حصل في التدخّل الأوّل بما يكفي  بحيث يمكن تكرار ما تمّ القيام به؟ لسوء الحظّ، لا يصحّ ذلك دائماً – فالكثير من الناس يقولون عندما تتكلّمون معهم: "آه! لقد قمنا بذلك بكلّ بساطة!".
  • تدخلات بسيطة -- هل هي واضحة بما يكفي بحيث يتمكّن الأشخاص في مجموعتكم من تطبيقها؟
  • تدخلات عملية -- هل لدينا الوقت والمال للقيام بذلك؟
  • تدخلات ملائمة لحالتكم – هل تناسب الاحتياجات، والموارد، والقيم المحلّية. هذه النقطة تمّت مناقشتها بمزيد من التفصيل في الفصل 19، القسم 4: تكييف التدخّلات المجتمعية في الثقافات والمجتمعات المحلّية المختلفة.

انظروا الأدوات أدناه للحصول على ورقة تساعدكم على تحديد ما إذا كانت تدخّلات الآخرين مناسبة لغايتكم وحالتكم أم لا.

 

حدّدوا الحواجز والمقاومة التي قد تواجهونها: ما هي الحواجز والمقاومة التي قد تعترضكم؟ وكيف يمكن التغلّب عليها؟ كونوا مستعدين لكلّ ما قد يواجهكم.

على سبيل المثال، أرادت مجموعة شبابية تُعنى بالوقاية من إساءة استعمال مواد الإدمان أن تحظّر التدخين على الجميع في حرم المدرسة، بمَن فيهم المعلّمون والموظّفون الآخرون. ولكنّهم علموا أنّهم سيواجهون مقاومةً من المعلّمين والموظّفين المدخّنين. فكيف يمكنكم التغلّب على هذه المعارضة؟

يمكن إيجاد المزيد من المعلومات في الفصل 30، القسم 5: تحديد الخصوم.

 

حدّدوا المكوّنات والعناصر الأساسية للتدخّل: في هذه المرحلة، نصل إلى الجزء الأساسي من عملية تصميم التدخّل.

أوّلاً، حددوا المكوّنات الأساسية التي ستُستخدَم في التدخّل. وكما في الاستراتيجيات الواسعة (انظروا الفصل 19، القسم 3: تحديد استراتيجيات وتكتيكات خفض المخاطر) فإن هذه المكوّنات هي الأمور العامة التي ستقومون بها كجزء من التدخّل. إنّها "الأفكار الرئيسية" التي يمكن تفصيلها.

ثمّة أربع فئات من المكوّنات يجب أخذها بعين الاعتبار لدى تصميم تدخّلكم. وهي:

  • توفير المعلومات والتدريب على المهارات
  • تحسين الدعم والموارد
  • تعديل إمكانية الوصول والحواجز
  • الرصد وإعطاء المردود

يتضمّن التدخّل الشامل مكوّناتٍ من كلٍّ من هذه الفئات الأربع. على سبيل المثال، قد يختار برنامج يُعنى بإرشاد الشباب المكوّنات التالية:

  • لتوفير المعلومات والتدريب على المهارات: قد يكون المكوِّن هو توظيف الشباب والمرشِدين.
  • لتحسين الدعم والتعزيز: قد يكون المكوِّن تنظيم احتفالات بين المشاركين في البرنامج.
  • لتعديل إمكانية الوصول والحواجز: قد يكون المكوِّن تسهيل التطوُّع.
  • للرصد وإعطاء المردود: قد يكون المكوّن مراقبة عدد الشباب والمتطوّعين المشتركين.

بعد ذلك، حددوا تلك العناصر التي تؤلّف كل مكوّن من المكوّنات. وهذه العناصر هي النشاطات المختلفة التي ستُقام لتطبيق المكوّنات.

على سبيل المثال، إنّ مشروعاً شاملاً للوقاية من تدخين الشباب قد يتضمّن نشر الوعي العام والتدريب على المهارات، والحدّ من إعلانات التبغ، وتعديل إمكانية الوصول إلى المنتجات التبغية. بالنسبة إلى المكوّن الذي يقضي بمحاولة تعديل إمكانية الوصول فقد يتمثّل أحد عناصر هذه الاستراتيجية في القيام بـ "مداهمات" للمتاجر والمقاهي، لاكتشاف الباعة الذين يخالفون القانون ويبيعون التبغ أويقدمون النرجيلة للمراهقين. وقد يقضي عنصر آخر بتشديد العقوبات على المراهقين الذين يحاولون شراء التبغ  والسجائر، وعلى الباعة الذين يبيعونها.

يمكنكم إيجاد المزيد من الأمثلة عن المكوّنات والعناصر في الأمثلة في نهاية هذا القسم.

 

ضَعوا خطّة عمل لتنفيذ التدخّل: تمّت مناقشة خطط العمل بشكل أساسي في الفصل 8: بناء خطّة استراتيجية، وهو يحتوي على الكثير من المعلومات، لذلك لن نذكرها هنا. ولكن، وكتذكير موجز، فعندما تقومون ببناء خطّة عملكم سيكون عليكم الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • ما هي المكوّنات والعناصر التي ستُطبَّق؟
  • مَن يجب أن يطبّق ماذا ومتى؟
  • ما هي الموارد والدعم المطلوبَين؟ وما المتوافر منها؟
  • ما هي الحواجز أو المقاومة المحتملة التي نتوقّعها؟ كيف سنحدّ منها؟
  • مَن هم الأشخاص وما هي المنظّمات التي يجب إبلاغهم/إبلاغها؟ وما الذي يجب أن نقوله لهم/لها؟

 

أجروا اختباراً أوّلياً لتدخّلكم: لا أحد منّا يحبّ أن "يطبّ على وجهه". ولكن، بصراحة، من الأسهل أن نتفادى ذلك عندما لا يتواجد الكثير من الأشخاص الذين يراقبوننا، وعندما لا نجازف بأمور كثيرة. فإذا اختبرتم تدخّلكم على نطاق محدود، تُتاح لكم فرصة تصحيح الشوائب، والنهوض قبل قدوم الحشود. وعند تنفيذ اختباركم الأوّلي فسيكون عليكم القيام بالأمور التالية:

  • قرّروا كيف سيتمّ اختبار التدخّلات على نطاق محدود
  • قيّموا نتائجكم
  • انتبهوا بشكل خاص إلى التبعات غير المقصودة أو التأثيرات الجانبية التي تجدونها عندما تقيّمون عملكم
  • استخدموا المردود الذي يقدمه الأشخاص الذين جرّبوا التدخّل لتبسيط خطّتكم وتنقيحها.

 

 نَفذوا تدخّلكم: إذا اتّبعتم جميع الخطوات أعلاه، فسيسهل تطبيق خطّة عملكم. وباشروا العمل!

 

ارصدوا عملكم وقيّموه باستمرار: عندما يسير العمل وتبدو الأمور تحت السيطرة – تقبلوا تهانينا!   لقد نجحتم في تطبيق تدخّلكم! ولكن، طبعاً، لا ينتهي العمل أبداً. فمن المهمّ أن نرى ما إذا كان التدخّل يعمل، وأن "نصلحه" ونجري التغييرات بحسب الضرورة. سيساعدكم الفصل 38: بعض الطرق في تقييم مبادرات مجتمعية شاملة على تقييم نجاح تدخّلكم.

الخلاصة:

ليس بالضرورة أن يكون تصميم التدخّل وإجراؤه بشكل جيّد مهمّةً سهلة. فهو ينطوي على خطوات متعدّدة، وعلى الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه، إذا أردتم إجراءه بشكل جيّد. ولكن، إذا طبّقتم العملية بطريقة منهجية، فسيكون في إمكانكم تفادي الأخطاء قبل حدوثها؛ وستستفيدون من خبرات الذين قاموا بهذا العمل قبلكم، فتتعلّمون من نجاحاتهم وإخفاقاتهم.

Contributor 
Jenette Nagy
Stephen B. Fawcett

موارد

Fawcett, S. B., Suarez-Balcazar, Y. Balcazar, F. E., White, G. W., Paine, A. L., Blanchard, K. A., & Embree, M. G. (1994). Conducting intervention research: The design and development process. In J. Rothman & E. J. Thomas (Eds.), Intervention research: Design and development for human service. (pp. 25-54). New York: Haworth Press.