استمارة البحث

القسم 5. نموذجنا الخاص بالتقييم: تقييم المبادرات المجتمعية الشاملة

  • لماذا التقييم؟
  • التحديات أمام التقييم المجتمعي التشاركي
  • نموذج تقييم: المبادرات المجتمعية كمحفزة للتغيير
  • مبادئ التقييم المجتمعي وفرضياته وقيمه
  • "النموذج المنطقي" للتقييم المجتمعي
  • توصيات

يجتمع الناس والمنظمات في كل أنحاء العالم لطرح المسائل التي تهمهم. فمثلاً، تتكوّن شراكات مجتمعية لمكافحة الإدمان أو العنف أو تزويج المراهقين وحمل المراهقات وتشغيل واستغلال الأطفال الخ.. كما تحاول جهود مرتكزة إلى المجتمع المحلي تخفيض أخطار شلل الأطفال أو فيروس نقص المناعة/الإيدز أو أمراض شرايين قلبية أو أنواع السرطان أو الإصابات. وتركّز ائتلافات أخرى بين الناس في المجتمع المحلي على تعزيز التنمية الاقتصادية المدينية، وعلى قدرة الوصول إلى سكن لائق، وعلى تعليم نوعي.

تحاول هذه المبادرات تحسين نوعية الحياة للجميع في المجتمع المحلي. وغالباً ما تقوم بذلك عبر طريقتين. الأولى هي استخدام مقاربات عامّة، أي محاولة الوصول إلى كل مَن يمكن أن يكون متأثراً بالهمّ المطروح، والثانية هي مقاربات موجَّهة وهي تلك التي تحاول التأثير في ظروف الناس الأكثر تعرّضاً للخطر بسبب المشكلة. ومن خلال هاتين المقاربتين، أو النهجين، تحاول المبادرات تغيير سلوك الناس، كما في استخدام المخدرات غير الشرعية، أو النشاط الجسدي المفرط، أو رعاية الأطفال. ويمكن للمبادرات أن تذهب أعمق من ذلك وتحاول تغيير الظروف المحيطة بهذه السلوكيّات، كتوفّر المخدرات أو فرص الحصول عليها، أو فرص الرعاية النهارية.  

يشكّل تعزيز الصحة المجتمعية مساراً يتضمّن عدّة أمور على مستويات مختلفة. فمثلاً، تستخدم الجهود استراتيجيات متعدّدة كتأمين المعلومات عن المشكلة أو تحسين وصول الناس إلى المساعدة. كما تعمل الجهود على عدّة مستويات تشمل الأفراد والعائلات والمنظمات، ومن خلال قطاعات مجتمعية متنوعة مثل المدارس والأعمال والمنظمات الدينية. ويعمل كل هؤلاء معاً للقيام بتغييرات في الصحة المجتمعية قد تكون صغيرة لكنّها واسعة النشر. الغاية هي تعزيز السلوكيات الصحية من خلال جعلها أسهل وجعل الاحتمال حصول مردود إيجابي عليها أكبر.

هنالك نماذج مختلفة تصف الطريقة الفضلى لتعزيز الصحة والتنمية المجتمعيين. أكثر النماذج الشائعة هي "نموذج مدن صحية/مجتمعات محلية صحية"، و"نموذج استبق/تقدم"  Precede/Procedeو"المقاربة المخطّطة للصحة المجتمعية" PATCH. كما تجدون نموذج مجموعة العمل لبناء القدرات للتغيير المجتمعي في جامعة كنساس. وبينما تختلف كيفية عمل الأمور من نموذج إلى آخر، فإن غاية هذه المقاربات المجتمعية نفسها تبقى زيادة الفرص لأعضاء المجتمع المحلي بالعمل معاً من أجل تحسين نوعية حياتهم.

لكن للأسف، المعلومات عن فعاليّة المبادرات الاجتماعية الموجودة متواضعة. هذا لأنّ ممارسة التقييم لم تصل إلى مستوى القفزة الجديدة باتّجاه إمساك المجتمع المحلّي بالبرامج. ورغم وجود نماذج لدراسة جهود الصحة المجتمعية فغالباً ما يجري تقييم المبادرات المجتمعية باستخدام طرائق بحثية مستعارة من محاولات عيادية (إكلينيكية)، وتقنيات أخرى محكومة من قبل الباحث. وفيما تنجح هذه الطرائق في المجال التي طُوّرت من اجلها فهي لا تناسب بالضرورة تقييم العمل المجتمعي. فهي :إدخال إسفين مربّع في فتحة دائرية، أي أنه يمكن القيام بها ولكن من خلال كم هائل من العمل ودون أن يكون بالسلاسة المُرادة.

تجد الأفكار الجديدة عن التقييم المجتمعي جذورها في عدّة نماذج وتعاليم مختلفة، تتضمّن:

  • أنثروبولوجيا التحرّك (أو التدخل) Action anthropology، التي تعني استخدام البحث لتمكين المجتمعات المحلية.

  • البحث النوعي، الذي يضيء على قيمة التجربة كجزء أساسي من فهم الجهود، أي يعتبر أموراً أخرى مهمّة إلى جانب الإحصائيات.

  • البحث التشاركي المرتكز إلى المجتمع المحلي (CBPR)Community-based participatory research, الذي يستخدم الحوار بين الشركاء المجتمعيين والعلماء، من أجل إنتاج المعرفة وتوجيه التحركات التي تقوم بها المجموعة أو المجتمع المحلي.

  • التقييم التمكيني، الذي يهدف إلى دراسة قيمة الجهود التي تستهدف تحسين رغبة المجتمع المحلي وقدرته على الاهتمام بمشاكله الخاصّة.

تُشرك هذه الأنواع من الأبحاث وغيرها، بشكلٍ نشط، أعضاء المجتمع المحلي في تصميم التقييم وإجرائه. ولكافّة هذه المقاربات هدفان رئيسيان هما فهم ما يجري، وتمكين المجتمعات المحليّة من الاهتمام بنفسها. لكن هذه الطرائق تختلف في قيمة الثقل الذي تضعه على كل من هذه الهدفين.

في هذا القسم، سننظر في نماذج وطرائق وتطبيقات للتقييم المجتمعي في فهم المبادرات المجتمعية الشاملة وتحسينها. سنبدأ بعرض بعض الأسباب التي تجعل تقييم المجموعات المجتمعية لجهودها ضرورياً. ثم نصف بعض التحديات الأساسية التي تواجه التقييم، كما نصف نموذجاً للمبادرات المجتمعية كمحفزّة للتغيير. بعد ذلك، نناقش بعض المبادئ والفرضيات والقيم التي توجه التقييم المجتمعي، ونضع الخطوط العريضة "للنموذج المنطقي" لنظام التقييم كما طورته "مجموعة عمل جامعة كنساس". كذلك سنقدّم توصيات محدّدة للممارسين ولواضعي السياسات حول كيف يمكن طرح هذه المسائل. وأخيراً، سننهي بنقاش يبحث في بعض المسائل والفرص الواسعة في التقييم المجتمعي.

لماذا التقييم؟

هنالك عدّة أسباب وجيهة لكي تقيّم مجموعة مجتمعية جهودها. فهي عندما تقوم بذلك بشكل صحيح فإن التقييم يمكن أن يحسّن جهود تعزيز الصحة والتنمية على أي مستوى كان، سواء كانت جهود مجموعة صغيرة محلية غير ربحية أو جهودأً على امتداد وطنية. ويقدّم التقييم الميزات التالية للمجموعات من أي حجمً كانت:

  • جمع معلومات عن كيفية إتمام الأمور وعن النتائج ما يساعدنا على فهم كيفية تطوّر المبادرات المجتمعية ويقدّم دروساً يمكن أن تستفيد منها مجموعات أخرى.

  • تأمين مردود مستمر من الناس يمكن أن يحسّن العمل المجتمعي من خلال التشجيع على تعديلات مستمرّة في البرامج والسياسات والتدخلات الأخرى.

  • وأخيراً، يساعد التقييم على جعل المجموعة قابلة للمساءلة والمحاسبة من قِبل المجتمع المحلي والمؤسسات المانحة المموِّلة، كما يساعد على جعل المؤسسات المانحة قابلة للمساءلة والمحاسبة من قِبل المجتمعات المحلية التي تخدمها.

التحديات أمام التقييم المجتمعي التشاركي

رغم الإيجابيات العديدة لتقييم الجهود المجتمعية، هذا لا يعني أنّ القيام بذلك أمرٌ سهل. فهنالك عدّة تحديات جدية تجعل القيام بتقييم عمل مجتمعي ذي معنى عملاً صعباً، وهي:

  • إن أسباب عدد كبير من المشكلات المجتمعية كالإدمان أو العنف غير مفهومة بشكل جيّد. ودون هذا الفهم الجيد للأسباب من الصعب اتخاذ قرار حول ما يجب القيام به وما إذا كان العمل ناجحاً أو لا.

  • قد يكون قياس بعض أهم الأمور المطلوب تقييمها (كقدرة المجموعة على إنجاز غاياتها بنجاح أو نوعية الحياة لأعضاء المجتمع المحلي) في غاية الصعوبة.

  • المبادرات المجتمعية في غاية التعقيد. فهي تتضمن القيام بأمور كثيرة وعلى مستويات متعدّدة ومع أناس متنوعين. لهذا، يصبح صعباً وصف ما جرى في مجتمعٍ محلي ما بالتفصيل بما يكفي لكي يقوم مجتمعٌ محلّي آخر بنفس الشيء.

  • لم يتمكّن الباحثون بعد من إيجاد طرائق صالحة لتحديد ما إذا كانت الجهود ناجحة أم لا بالنسبة لبعض المسائل المجتمعية (كالإساءة للأطفال أو العنف المنزلي). لهذا، يصعب تقييم فعالية هذه الجهود.

  • يأخذ نقل المسألة الأساسية العالقة وقتاً طويلاً بالنسبة لعدّة مسائل. فمثلاً، عندما تحاول مجموعة تخفيض فيروس نقص المناعة/ الإيدز من المجتمع المحلي، لن تستطيع معرفة ما إذا كان عملها قد أثّر على عدد الناس الذين التقطوا الفيروس منذ سنوات وسنوات. لذا، من الضروري تحديد علامات قياس على الطريق، أي قياس النتائج الوسطية، مثل التغييرات في المجتمع المحلي أو النظام التي تعطي أعضاء المجتمع المحلي فكرةً عما إذا كانوا يتجهون في الطريق الصحيح أو لا.

  • من الصعب تقدير قوة مبادرةٍ يقودها المجتمع المحلي: هل ستترك أثراً كبيراً أم هي فقط موجة وتَمر؟ إن على مَن يقوم بالتقييم أن يجمع معلومات دقيقة عمّا جرى، ومع مَن حصل ما حصل، وكم دام التدخّل.

  • لا يمكن دائماً تعميم المعلومات المجمّعة عن أفرادٍ واستخلاص نتائج منها عن المجتمع المحلي ككل.

  • ليس ممكناً بشكل دائم القول إن النتائج جاءت فعلاً بسبب المبادرة المجتمعية وليس لأنّ أمراً آخر حصل، وذلك لأنّه لا يوجد دوماً تصاميم اختبارية مناسبة أو مقارنات متجانسة (فمثلاً، من الصعب القول أن بلدتين تتشابهان تماماً).

  • لأنّ المبادرات المجتمعية تتغير مع الوقت والظروف فإن ما تقوم به هذه المبادرات يجري تعديله أيضاً.  وبما أنّها شديدة المرونة، يصعب قياس إمكانية تعميم النتائج واتخاذ قرار حول جودة برنامجٍ ما بشكل عام، أو قياس ما إذا كان قد نجح في ظرف محدّد فقط.

  • يرى الناس الأمور بأشكال مختلفة. على الذين يقومون بالتقييم، خصوصاً العاملون منهم في مجال التقييم التشاركي، أن يحذروا الالتباس المحتمل الناتج عن وجهات النظر المتناقضة أحياناً الصادرة عن الناس عند سؤالهم عن الحدث نفسه.

  • تقييم المبادرة المجتمعية بشكل كامل وجيّد يستغرق وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، ويمكن ألاّ يكون قابلاً للتطبيق بهذا الشكل في مؤسسة متخمة بالعمل.

  • كما ذكرنا سابقاً، هنالك هدفان أساسيّان للتقييم: فهم ما يجري وتمكين المجتمعات المحلية من الاهتمام بنفسها. ويمكن أن تكون محاولة تحقيقهما معاً في نفس الوقت محاولةً صعبة. غالباً ما يصار إلى التنازل.

رغم التحديات التي يفرضها التقييم فنحن نعتقد أنّه مسارٌ جدير بالاهتمام. وللتخفيف من هذه التحدّيات طوّرت "مجموعة العمل في جامعة كنساس" نموذجاً وبعض المبادئ التي تؤمّن خطوطاً عريضة للّذين يحاولون تقييم العمل في مجتمعاتهم المحلية.

نموذج تقييم: المبادرات المجتمعية كمحفزة للتغيير

رغم أنّ المجتمعات المحلية المختلفة تمتلك رسائلَ مختلفة فإن معظمها يستخدم نفس النموذج المنطقي أو الإطار، وهو "نموذج المبادرة المجتمعية كمحفّزة للتغيير". يحاول هذا النوع من المبادرات المجتمعية تحويل بعض أجزاء المجتمع المحلي. فهم يغيرون برامج وسياسات وممارسات لجعل السلوكيات الصحية أكثر ترجيحاً لأكبر عدد من الناس.

نقدّم أدناه نموذجاً لما يجري في مبادرة مجتمعية ونتائجها. (انظروا الأدوات من أجل رسم يبيّن العناصر الخمسة المترابطة في هذا النموذج التحفيزي).

  1. دعم التخطيط التعاوني

  2. توثيق التطبيق والتحرك والتغيير في المجتمع المحلي

  3. دراسة تأقلم المجتمع المحلي ومأسسته وقدرته

  4. تقييم النتائج بعيدة المدى

  5. الترويج للنشر

هذا النموذج لا يسير على خط أحادي فقط، أي أنّ الشراكات المجتمعية لا تقوم بأمر واحد في نفس الوقت، بل يمكنها أن تشارك في عدّة نشاطات مترابطة ومتزامنة. فمثلاً، يمكن لمبادرة جديدة لتخفيض العنف الشبابي أن تعدّل خطة عملها فيما هي تتابع تغييرات بسيطة نسبياً في المجتمع المحلي، كوضع لوائح إعلانية تحذّر الناس من العنف المرتبط بالعصابات.

عناصر النموذج مترابطة أيضاً، أي لا يمُكن التعاطي معها بشكل منفصل. هي جزء من نفس التركيبة. فمثلاً، على التخطيط التعاوني أن يقرر ما يجب أن يحصل في المجتمع المحلي، وهذا بدوره يوجّه التحرّك المجتمعي والتغيير. التحرّكات المجتمعية المهمّة تكيَّف لكي تناسب الظروف المحلية، ثمّ تستمر من خلال تغيير السياسات أو التمويل العام أو وسائل مؤسساتية أخرى.

الأمر الآخر المهم في هذا النموذج هو فكرة أنّ النجاح يولد النجاح. فإذا استطاع مجتمعٌ ما أن يُحدث تغييرات، فستتحسّن قدرته على خلق مزيد من التغييرات المجتمعية المتصلة برسالة المجموعة. وهذا بدوره يؤثر على النتائج الأبعد أي على الغايات طويلة المدى التي تعمل من أجلها المجموعة. وفي النهاية، يمكن انتقاء المبادرات المجتمعية الناجحة أو مكوناتها (مثلاً، التوعية العامّة والتغييرات والسياسات) وتكييفها من قبل مجتمعات محليّة أخرى تطرح نفس المسائل.

تختلف غايات المبادرات الاجتماعية وتوقعاتها. إذ يمكن لمجتمع محلي أن يكون لديه رسالة واحدة ومحدّدة بشكل ضيّق (كزيادة حصانة الأطفال من الأمراض)، كما يمكن أن يكون له غايات واسعة تتضمن عدة أهداف مختلفة. فمثلاً، يمكن أن يرغب أعضاء المبادرة العمل على مشكلتين: خفض الإساءة للأطفال والعنف المنزلي، وهاتان المشكلتان تتشاركان نفس عوامل الخطر والحماية.

لبعض المجتمعات المحليّةِ الحريةُ المطلقة نسبياً في اتخاذ القرارات حول ما ستقوم به، بينما يمكن لأخرى أن تكون مُلزَمة مِن قبل المؤسسات المانحة باستخدام وسائل "مجرّبة وصحيحة" بالإضافة إلى دور المحفّز. فيقومون بذلك من خلال تطبيق مكونات أساسية (كالتربية الجنسية ودعم الأقران للوقاية من حمل المراهقات) بالإضافة إلى تطوير تغييرات مجتمعية جديدة (كتحسين الوصول إلى التوعية الأسرية أو التربية الجنسية للجميع) مرتبطة بالنتائج التي تتوخاها المجموعة.

يعدّل مختلف المبادرات البرامج لجعلها تعمل جيداً في مجتمعاتها. فمثلاً، يمكن أن ترغب مجموعات مختلفة بتطوير نشاطات بديلة يتم الإشراف عليها لجعل اشتراك المراهقين في سلوكيات خطرة أقل ترجيحاً، كالإدمان على المخدرات أو الممارسات الجنسية غير الآمنة. ولكن، يمكن للمجتمعات المحلية أن تبدأ بمجموعة مختلفة من التدخلات مثل توسيع الفرص الترفيهية أو تقديم وظائف صيفية أو إنشاء حدائق مجتمعية.

هنالك إيجابيات كثيرة لتكييف التدخلات لكي تناسب حاجات المجتمع المحلي:

أولاً، يخلق ذلك مقاربةً "تنتمي" إلى أعضاء المجتمع المحلي: هم فخورون بها، ويشعرون أنهم صنعوها بأنفسهم، وهي حقاً لهم.

ثانياً، بما أنّها عُدّلت لملاءمة حاجات المجتمع المحلي، فمن المرجّح أن تبقى السياسات أو البرامج موجودة.

ثالثاً، يحسّن أعضاء المجتمع المحلي قدراتهم على الاهتمام بمشاكلهم من خلال تغيير التدخلات وجعلها تناسب الحاجات المحلية.

في حال برهنت مبادرة مجتمعية ما (أو برنامج أو سياسة جزء من هذه المبادرة) نجاحها لمدّة طويلة، يمكن استخدامها كمثال تحتذي به مجتمعات محلية أخرى. فمثلاً، مبادرات شاملة للتخفيف من أمراض شرايين القلب أو أجزاء محدّدة من التدخّل، كزيادة الوصول للطعام خفيف الدهون، يمكن أن تساعدنا كأمثلة لمجموعات أخرى. على قادة المنظمات غير الربحية أن يعرفوا ما ينفع، وما يجعل الأمور تعمل، وما لا ينفع. بهذه الطريقة، يمكن للجهود المحلية أن تتعلم من التجارب والمشاريع المجتمعية وتتبنّى ما يقترحه بعض الأبحاث والاختبارات "كممارسات فضلى" على الأرض.

مبادئ التقييم المجتمعي وفرضياته وقيمه

عندما ننظر إلى عمليات دعم المبادرات المجتمعية وتقييمها، علينا أن ننظر إلى ما ترتكز عليه أفكارنا. تخدم المبادئ والفرضيات والقيم التالية كأساس لهذه المسارات. ستلاحظون أنها تعكس تحديات طرح كلٍّ من هدفَيْ التقييم الأساسيَّيْن معاً: فهْم المبادرات المجتمعية مع تمكينها لطرح همومها.


مبادئ التقييم المجتمعي وفرضياته وقيمه

  1. غالباً ما تؤدّي المبادرات المجتمعية وظيفة المحفز للتغيير حيث يعمل أعضاء المجتمع المحلي والمنظمات معاً لتحسين نوعيّة الحياة.

  2. المبادرات المجتمعية شديدة التعقيد وتتغيّر باستمرار ويجب تحليلها على مستويات متعدّدة.

  3. تساعد المبادرات المجتمعية على إطلاق تدخلات يخطط لها ويطبقها أعضاء المجتمع المحلّي.

  4. يجب أن يفهم التقييم المجتمعي المسألة ويعكسها بالإضافة إلى فهم الإطار الذي تتم فيه.

  5. يجب أن يُشرك التقييم المجتمعي أناساً من كافة أنحاء المجتمع المحلي.

  6. يجب أن تكون معلومات التقييم المجتمعي مرتبطة بأسئلة ذات أهمية لأصحاب المصلحة.

  7. يجب أن يُحسّن التقييم المجتمعي قدرة أعضاء المجتمع المحلي على فهم ما يجري وتحسين الممارسات وزيادة الحكم الذاتي.

  8. يجب أن يبدأ التقييم المجتمعي باكراً وأن يبقى مستمراً.

  9. يجب أن تُستخدم نتائج التقييم المجتمعي، إذا كانت إيجابية، للمساعدة على إدامة التبني الواسع النشر للمبادرة المجتمعية و/أو مكوناتها وتعزيزها.

  10. يجب أن يتزاوج التقييم المجتمعي مع المساعدة التقنية لتأمين الدعم الكامل للمبادرة.

 

 

تُدخل المبادرات المجتمعية أعضاء المجتمع المحلي والمنظمات كمحفّز للتغيير: هم يحوّلون المجتمع المحلي من أجل أن يكون لديهم نوعية حياة أفضل. يرتكز التقييم الاجتماعي على فرضيّة أن المبادرات المجتمعية شديدة التعقيد. ولكي تكون فعّالة فهي تحتاج لمستويات عديدة من التدخلات. يحاول الباحثون فهم المسألة وتاريخ المبادرة والمجتمع المحلي الذي تعمل فيه. في الشكل المثالي، يجري تخطيط المبادرات المحلية وتطبيقها بإشراك أعضاء عديدين من المجتمع المحلي يشملون أناساً من خلفيات مختلفة. لهذا السبب، يُعتبر التقييم المجتمعي مساراً تشاركياً يتضمّن كثيراً من التعاون والتفاوض بين أناس عديدين ومختلفين.

يجب أن يبدأ التقييم مع بدء المبادرة. بهذه الطريقة، يمكن أن يقدّم التقييم مردوداً من  المعلومات المتطورة باستمرار ما يساعد على فهمٍ أفضل للمبادرة وتحسينها. ويجب أن ترتكز أولويات التقييم (أي ماذا نقيّم) على ما هو الأهم لأعضاء المجتمع المحلي والمانحين والميدان.

إذا تمّ التقييم بشكل صحيح، يجب أن تساعد النتائج فعليّاً على إدامة المبادرة المجتمعية وتجديدها. ويمكن استخدام المعلومات المجمَّعة في التقييم للحصول على موارد كأموال منح، ولإظهار كيفية التحسين، ولتقديم فرصة للاحتفال بالإنجازات. وإذا تبيّن أنّ المبادرة فعالة عندها يمكن استخدام التقييم المجتمعي للترويج لتبنّيها ونشرها على نطاق واسع. وأخيراً، يجب أن يتزاوج التقييم المجتمعي مع المساعدة التقنية لتأمين نظام الدعم الكامل للمبادرة، فالتقييم دون دعم يمكن أن يؤذي المبادرة. إذ1 يمكن أن يبدو مجرد انتقاد وأن يترك أعضاء المجموعة محبطين وغير واثقين من الخطوات القادمة.

"النموذج المنطقي" للتقييم المجتمعي

يصف الرسم أدناه النموذج المنطقي لنظام التقييم عند "مجموعة العمل في جامعة كنساس". النموذج المنطقي هو بكل بساطة طريقة تفكير في أمٍر ما بتنظيم عقلاني: تلحق الفكرة الأخرى بشكل طبيعي، ويجري البناء على الأفكار في أثناء العملية. وللنموذج المنطقي جذورٌ في النموذج المحفّز الذي ذكرناه سابقاً وهو يحاول إظهار الوضع المثالي - أي ما يمكن أن يحصل في التقييم المجتمعي المُطبّق بشكل كامل.

المبادرة المجتمعية كمحفّز للتغيير

دراسة تأقلم المجتمع المحلي، ومأسسته، وقدرته

تقييم النتائج بعيدة المدى

دعم التخطيط التعاوني

توثيق التطبيق والتحرك والتغيير في المجتمع المحلي

الترويج لنشر التجربة

المراحل الأوليّة ونشاطات التقييم

تستند أفكارنا عن التقييم ودعم المبادرات المجتمعية على النموذج الذي وصفناه سابقاً وهو نموذج المبادرات المجتمعية كمحفزّة للتغيير. تجدون النموذج في الأدوات ادناه. وأجزاؤه الخمسة هي:

  1. دعم التخطيط التعاوني

  2. توثيق التطبيق والتحرك والتغيير في المجتمع المحلي

  3. دراسة تأقلم المجتمع المحلي ومأسسته وقدرته

  4. تقييم النتائج بعيدة المدى

  5. الترويج للنشر

ولننظر إلى كل واحد من هذه الأجزاء:

  1. دعم التخطيط التعاوني

إنّ وضع الأجندات أو جداول الأعمال، أي اتخاذ القرار حول المسائل والخيارات التي يجب العمل عليها، هو أهم ما يمكن أن تقوم به المبادرة المجتمعية. فجداول الأعمال ترسم الخيارات حول المسائل اللازم طرحها. ويمكن اتخاذ القرار حول مواضيع الأجندة من خلال استخدام أدوات القياس، كجمع المعلومات عن هموم المجتمع المحلي. ويمكن أن تساعد المناداة الإعلامية (أي فهم كيفية استخدام الإعلام لكي يُسمع الصوت عالياً وبفعالية) جهودَ بناء جدول الأعمال. لمزيد من المعلومات، انظر الفصل 34: المناداة عبر الإعلام

وإذا تمّ بشكل صحيح، فإن التخطيط التعاوني يتضمن دعم ما يلي:

  • إشراك العديد من الناس في جهود التخطيط بمن فيهم أناس من خلفيات متنوعة

  • توضيح رؤية المجموعة ورسالتها وأهدافها واستراتيجياتها

  • بناء خطة تحرّك تعرّف التغييرات المجتمعية المحدّدة المطلوبة (الموثقة لاحقاً) في المجتمع المحلي

  • تحديد الهموم المحلية وتجميع المعلومات عنها

  • تحديد الموارد المحلية التي يمكن أن تساعد على حل المشكلة

  1. توثيق التطبيق والتحرك والتغيير في المجتمع المحلي

يوثّق التقييم المجتمعي ما تقوم به المبادرات المجتمعية ويجعل كافة أعضاء المجتمع المحلي تعلم بهذه التغييرات. وبذلك، يمكن لأعضاء المجتمع المحلي أن يقوموا بتحسينات بناءً على ما قاموا به. ويتضمن التوثيق:

  • الجهود والإنجازات المحلية

  • التغييرات في المجتمع المحلي وفي النظام: التغييرات في البرامج والسياسات والممارسات المرتبطة برسالة المجموعة

  • كيف جرت الأمور

  • عدد التغييرات التي جرت في المجتمع المحلي وأين جرت هذه التغييرات (ما يُعرف أيضاً بالنتائج الوسطية)

  1. دراسة تأقلم المجتمع المحلي ومأسسته وقدرته

ينظر المقيّمون أيضاً إلى الطريقة التي تغيرت فيها التدخلات، وفي ما إذا كانت هذه التعديلات لملاءمة المجتمع المحلي قد نجحت أم لا. كما يحدّدون ما إذا كانت جهود إدامة المبادرة فعّالة أم لا. وأخيراً، يحاول المقيّمون قياس فعالية جهود تحسين قدرة المجتمع المحلي على طرح مسائله الحاليّة (والمستقبليّة).

  1. تقييم النتائج بعيدة المدى

وتبقى طبعاً الغاية النهائية من معظم المبادرات المجتمعية تحريك أساس المشكلة، مثلاً، أي أن يصبح عدد مَن ضحايا العنف ومن يلتقط فيروس نقص المناعة/الإيدز أو يتشرد أقل. ولمعرفة ذلك، يستخدم المقيّمون المجتمعيّون وسائل كميّة، منها المسوح السلوكية. فمثلاً، يمكن لمشروع الوقاية من التزويج المبكر والأمهات المراهقات أن يجري مسحاً عن عدد المعنيين ممن كانوا معهم في المدرسة أو في الحي أو عن نشاط في ترويج أو استعمال التبغ أو أقراص الهلوسة. الوسيلة الكمّية الأخرى هي إعداد سجلات (الأرشيف) بالنتائج. فمثلاً، يمكن للمشروع أعلاه استخدام المعدّلات التقديرية لحمل الأمهات المراهقات من دائرة الصحة.

كما يستخدم المقيّمون وسائل نوعية، كالمقابلات مع المشاركين، من أجل فهمٍ أفضل لمعنى الجهود وقيمتها. وفي حال استُخدمت المعلومات الكمية والنوعية معاً فهذا يؤدي إلى حبك نسيج غنيّ من الفهم يحيط بجهود المبادرة، ويقدّم فهماً متيناً للنتائج على صعيد المجتمع المحلّي. هي إذاً أقوى معاً  يمكن أن تكون أقوى من كل من هذه الوسائل بمفردها.

للأسف، إنّ التحقّق ممّا إذا كانت المبادرة قد نجحت في التأثير فعلياً على المسألة الجوهرية يأخذ وقتاً طويلاً لدرجة أنّ المعلومات لا تفيد للتحسين اليومي الذي تحتاج إليه المبادرات. لذلك، نوصي بتوثيق النتائج الوسطية كالتغييرات في المجتمع المحلي أو في النظام الأوسع. إن قياس التغييرات المجتمعية (برامج جديدة أو معدّلة، أو سياسات، أو ممارسات) في استبيان الأنماط يساعد في معرفة ما إذا كانت المبادرة تساعد على خلق مجتمعات محليّة أفضل.

  1. الترويج للنشر

وأخيراً، يساعد المقيّمون المبادرات المجتمعية على الإعلام عن الفعاليّة باتّجاه جماهير مهمّة كالمجالس البلدية والمؤسسات المانحة، كما يساعدون على تأمين المعلومات عما ينفع وما يجعل الأمور تعمل وما لا ينفع، وشرحها. وتتضمن طرائق النشر العروض والمقالات المحترفة وورش العمل والتدريب والكتيّبات والتقارير الإعلامية والإنترنت.


إذن، كيف تعمل كل هذه الأمور بعضها مع بعض؟

فيما يلي مراجعة سريعة:

تحديد الهموم المحليّة يساعد المجتمعات على اتخاذ قرارات حول الاستراتيجيات والتكتيكات وتطويرها. وهذه بدورها توجّه عمليات تطبيق التدخلات والتحركات والتغييرات. ويمكن تكييف أجزاء مهمّة لتعمل أفضل في المجتمع المحلي ويمكن الإبقاء على تغييرات مهمّة أحرى، ما يحسّن قدرة المجتمع المحلي على طرح المسائل الحالية (والمستقبليّة)، كما يساعد على تحقيق الغايات بعيدة المدى، وهو في نفس الوقت يحسّن فهم الباحثين كيف تشتغل الأمور. ويساعد ذلك في الترويج لتبنّي المبادرة بأكملها أو أجزائها الأكثر فعالية مِن قبل مجتمعات محلية أخرى. وتؤثّر كل من هذه الخطوات على بعضها وتساعد على اتخاذ القرارات حول الخطوات التالية للمجتمع المحلّي.

توصيات للممارسين ولصانعي السياسات

تزوّدنا الأبحاث والتجارب من الميدان بتوصيات للتقييم المجتمعي. وفيما يلي 34 توصية مصنّفة وفقاً للمراحل الخمس من النموذجين المنطقي والتحفيزي:

  1. دعم التخطيط التعاوني

  2. توثيق التطبيق والتحرك والتغيير في المجتمع المحلي

  3. دراسة تأقلم المجتمع المحلي ومأسسته وقدرته

  4. تقييم النتائج بعيدة المدى

  5. الترويج للنشر

هذه التوصيات موجّهة للجمهور الواسع الذي يتضمّن كلاً من الممارسين (وبشكل خاص أعضاء المبادرات المجتمعية) وصانعي السياسات (بمن فيهم المسؤولون المُنتخَبون والمعيّنون والمؤسسات المانحة).
  1. التوصيات المرتبطة بدعم التخطيط التعاوني

  2. يجب أن يدعم صانعو السياسات، وأن يساعد الممارسون، أعضاءَ المجتمع المحلي على تحديد الهموم المحلية وعلى جمع المعلومات التي توثّق هذه المشكلات.

  3. يجب أن يدعم صانعو السياسات، وأن يساعد الممارسون، أعضاءَ المجتمع المحلي على التخطيط الاستراتيجي. ويتضمّن ذلك تحديد الرؤية وتطوير الرسالة والأهداف والاستراتيجيات وخطوات التحرّك.

  4. على الممارسين أن يطوروا المعلومات المتعلّقة بالعوامل التي تشكّل خطراً على الناس (وتلك التي تحميهم) ربطاً بالهموم المحلية وأن يتشاركوها.

  5. على الممارسين استخدام معرفة أعضاء المجتمع المحلي لما يجري والبناء على هذه المعرفة من خلال المساعدة على فهم المعلومات المتوافرة وتحليلها.

  6. على الممارسين وصانعي السياسات إشراك أعضاء المجتمع المحلي في بناء خطّة تقييم المبادرة.

  7. على الممارسين أن يبنوا علاقة "خذوا وأعطوا" مع أعضاء المبادرات المجتمعية، أي هم يؤمنّون الدعم التقني والموارد للمبادرة، وبالمقابل يطلبون المعلومات والبيانات.

  8. يجب أن يتم تشارك المعلومات بين الممارسين وأعضاء المجتمع المحلي وأصحاب المصلحة الآخرين.

التوصيات المرتبطة بتوثيق التطبيق والتحرك والتغيير في المجتمع المحلي

  1. على الممارسين وصانعي السياسات مساعدة أعضاء المجتمع المحلي على اختيار التدخّلات ووضع أولويات الأهداف، مستخدمين المعرفة المحلية والمتخصصة لما هو مهم وقابل للتنفيذ.

  2. على الممارسين وصانعي السياسات تشجيع المبادرات المجتمعية على أن تكون محفّزة للتغيير. يجب أن يركّزوا جهودهم على تحويل البيئة المحيطة (أي من خلال تغيير البرامج والسياسات والممارسات) أكثر من التركيز على السلوك الفردي.

  3. على الممارسين أن يضيئوا على نتاج التخطيط كتشكيل اللجان أو استكمال طلبات المنح أكثر من التركيز على مسار العملية التي جرت (مثلاً، كم مِن الوقت صُرف أو عدد الاجتماعات التي عُقدت).

  4. على الممارسين أن يؤمّنوا الدعم التقني والمردود البنّاء لمساعدة المبادرة على فهم ما ينفع المجتمع المحلي والقيام به.

  5. على الممارسين أن يقيّموا التقدّم الذي حصل في تحريك المسألة الأساسيّة أو نتائج المؤشرات على مستوى الناس.

  6. على الممارسين أن يقيّموا المعلومات عن المسار ويتشاركوها مع أعضاء المجتمع المحلي. فمثلاً، يمكن أن ينظروا في مدى التغطية الإعلامية ويفسروا ذلك، بالإضافة إلى عدد أعضاء المجتمع المحلي والمنظمات المشاركة، والموارد التي تم تحصيلها، والخدمات المقدّمة.

  7. على صانعي السياسات المطالبة بطريقة لقياس التغييرات في المجتمع المحلي مثل معرفة عدد البرامج الجديدة أو المعدلة والسياسات والممارسات التي أحدثتها المجموعة وعلى الممارسين تأمينها. هذه البيانات عن التغييرات في المجتمع المحلي (أو النظام) تساعد على إظهار كيف تتغير البيئة المحيطة لمساعدة الصحة والتنمية المجتمعيين.

التوصيات المرتبطة بدراسة تأقلم المجتمع المحلي ومأسسته وقدرته ودعمها

  1. يجب أن يسمح صانعو السياسات، وأن يدعم الممارسون، إعادةَ بناء التدخلات أو تكييفها لتصبح أكثر فعالية في المجتمع المحلي.

  2. يجب أن يجمع الممارسون المعلومات عمّا يجري وما يجعله يتم، لمعرفة ما إذا كان عمل المجموعة فعّالاً.

  3. يجب أن يشجّع صانعو السياسات مجموعات المجتمع المحلي في النظر إلى الأمور على المدى البعيد. هذا يعني المساعدة على التخطيط طويل الأمد، وتأمين التدريب والنقل التدريجي للتمويل مع مرور الوقت. فمثلاً، يمكن لمنحة أن تقدّم الأموال الأكثر في السنة الأولى، ثم مبالغ أقل في السنة الثانية، وأقل في الثالثة. يمكن لذلك أن يسمح للمبادرة أن يكون لديها الدعم الأساسي اللازم، ثم يدفع المجموعة للبحث عن تمويل أكثر استدامة. كل ذلك يجب أن يساعد على تعزيز مأسسة المبادرة.

  4. يجب أن يُجري الممارسون تقييمات دوريّة لمعرفة كم مِن التغييرات في المجتمع المحلي أو النظام استدامت. يساعد ذلك على تحديد مستوى مأسسة المبادرة.

  5. يجب أن يجمع الممارسون المعلومات عن معدّلات التغييرات المجتمعية التي وقعت عبر الوقت وربطاً بعدّة هموم (أي التغييرات المجتمعية التي جرت ربطاً برسائل مختلفة كالإدمان والإساءة للأطفال). إن النسب العالية من التغيير، التي حصلت عبر الوقت وربطاً بمجالات متنوعة من الهموم المحلية، تشير إلى "القدرة المجتمعية".

  6. يجب أن يجمع الممارسون المعلومات عن أعضاء المجتمع المحلي الذين يصبحون "أبطالاً مجتمعيين"، أي مَن يقوم بأمور عظيمة من أجل المبادرة والمجتمع المحلي ككل.

  7. يجب أن يطالب صانعو السياسات بتقارير دورية عمّا يجري، وعلى الممارسين تأمينها.

  8. يجب أن يؤمّن الممارسون المردود عن كيفية حصول التغييرات ومكان حصولها، من أجل المساعدة على فهم جهود طرح المسائل المجتمعية وتحسين هذه الجهود.

  9. يجب أن يؤمّن صانعو السياسات منحاً تمويلية تحسّن قدرة فريق متنوع من القادة على حمل المبادرة بنجاح. فمثلاً، يمكن أن يؤمنوا تدريباً على كتابة المنح أو على تطوير القيادة.

التوصيات المرتبطة بتقييم النتائج بعيدة المدى

  1. على الممارسين تسجيل ما يقول الناس أنّه حصل في ما يتعلق بعوامل الحماية والخطر (مثلاً، "أنا لا أدخّن")، والبراهين الإحصائية التي تدعم أو تنقض ما يقوله الناس (مثلاً، عدد حالات سرطان الرئة).

  2. على الممارسين درس كيف يكون "تعزيز الصحة" البيئية وكيف تتغيّر تلك الصحة مع الوقت. يمكن لذلك أن يشمل دراسة معدّلات التغييرات في المجتمع المحلي أو في النظم وعلاقتها بالتغييرات في المسألة الأساسيّة.

  3. على الممارسين تطوير وسائل عملية ومتّسقة لجمع المعلومات عن السلوكيات والنتائج المتصلة في مجتمع المقارنة. (مجتمع المقارنة هو مجتمعٌ مماثل للّذي تدرسونه ولكنه دون تدخّل مبرمج داخله). فمثلاً، إذا كنتم تقومون بمبادرة شاملة في حي مديني يمكنكم استخدام حي مديني قريب للمقارنة.

  4. على صانعي السياسات تشجيع أعضاء المجتمع المحلي والاختصاصيين الخارجيين على تقييم أهمية إنجازات المبادرة وعلى الممارسين دعم ذلك، ما يساعد على زيادة المساءلة والمحاسبة من قبل أعضاء المجتمع المحلي وأصحاب المصلحة الآخرين.

  5. على الممارسين استخدام الوسائل النوعية لتحسين فهم ما يحصل وكيف. تتضمّن هذه الوسائل المقابلات مع المشاركين حول العوائق والموارد والدروس المستفادة من العمل.

  6. على صانعي السياسات تأمين تمويل مرتكز على إظهار النتائج الإيجابيّة. فمثلاً، يمكن أن يرتكز التجديد السنوي للمنح على أدلة على حصول معدّلات عالية من التغيير في المجتمع المحلي أو النظام، ويمكن أن تعطى جوائز إضافية للمجموعات التي قامت بعمل مميز، وأن توزّع العائدات الزائدة على مَن أظهر تحسينات في النتائج على مستوى المجتمع المحلي.

  7. على الممارسين تشارك المعلومات عمّا جرى وكيف، وعن التغييرات الناتجة عن ذلك في المجتمع المحلي. ويجب أن يجري التشارك باكراً ودورياّ مع شريحة واسعة من الناس تتضمن الموظفين وأعضاء المجتمع المحلي وأعضاء المجلس والمانحين.

  8. على الممارسين التعاون مع أعضاء المبادرة لتطوير وسائل مفيدة لعرض بيانات التقييم لأصحاب المصلحة الأساسيين.

التوصيات المرتبطة بالترويج للنشر

  1. يجب أن يَعرض الممارسون وأعضاء المجتمع المحلي والموظفون البيانات في أماكن محلية، وفي أماكن أخرى على صعيد البلد ككل وحتى العالم، من أجل خلق جمهور أوسع لجهودهم.

  2. يجب أن يتشارك الممارسون وصانعو السياسات المعلومات عن البرامج الفعالة وأن يشجعوا المجتمعات المحلية الأخرى على تبنّيها.

  3. يجب أن يستخدم صانعو السياسات والممارسون الوسائل التقليدية كالصحف ورواية القصص، بالإضافة إلى الوسائل الحديثة كالإنترنت، لإطلاع الناس عن التدخلات الناجحة والممارسات الواعدة والدروس المستفادة.

  4. يجب أن يُجري الممارسون تقييمات دوريّة لمعرفة كم مِن التغييرات في المجتمع المحلي أو النظام استدامت. يساعد ذلك على تحديد مستوى مأسسة المبادرة.

باختصار

يقدّم التقييم المجتمعي فائدتين متداخلتين. يساعدنا أولاً على فهمٍ أفضل للمبادرة المجتمعية، وثانياُ، يحسّن قدرة المجتمع المحلي على طرح المسائل التي تهم الناس المحليين. هذا المنظور للتقييم يجتمع مع غاية البحث التقليدي وهي تحديد القيمة مع أفكار التمكين.

في التقييم المجتمعي، يعمل أعضاء المجتمع المحلي والمانحون والمقيّمون معاً على اختيار الاستراتيجيات الأفضل للمجتمع المحلي. أما الخليطَ المعيّن المُختار فتحدده عدّةُ أمور هي: المسألة المطلوب طرحها، ومصالح الناس المنخرطين وحاجاتهم، والموارد المتوفّرة للتقييم، وما تقوم به المبادرة. يصمَّم التقييم بشكل دقيق للإجابة عن السؤال التالي: بأية جودة يساعدنا ذلك على فهم قدراتنا وعلى والمساهمة بها في تحسين مجتمعنا المحلي؟

مثلاً، يمكن لمبادرة الوقاية من الإصابات أن تعمل مع العيادة المحلية على قياس السلوكيات الخطرة من خلال مسوح وتحديد عدد الأموات والإصابات التي جرت بسبب العنف أو حوادث السيارات أو أسباب أخرى. ومن جهة أخرى، يكون التقييم مختلفاً تماماً في مبادرة من أجل رفاهة الأطفال، حيث تكون عملية مراقبة أهل وأطفال يتفاعلون عالية الكلفة، وتوفير مسح سلوكي غير ممكن. لكن ذلك يمكن استبداله بجمع المعلومات عن عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر أو من خلال قياسات أخرى لرفاه الأطفال.

الوضع المثالي هو أن يكون التقييم المجتمعي جزءاً مبكراً وأساسياً من نظام دعم المبادرة. في البداية، يساعد التقييم على اتخاذ القرارات حول الغايات والاستراتيجيات. ولاحقاً، يمكن لفريق التقييم أن يوثق تقدّم المجتمع المحلي باتّجاه الغايات.

لدى المجتمعات المحلي في أغلب الأحيان نظام دعم محلّي، يتضمن أموراً كالموارد المالية أو شبكات الخدمات، ما يجعل ممكناً للمبادرة أن تُحدث فرقاً في المجتمع المحلي. يساعد التقييم المجتمعي المجتمعات المحلية على التعرّف على قدراتها الخاصة لإحداث التغيير، ومن ثمّ التحرّك بناءً على هذه المعرفة. المجتمعات المحلية هي شريكة مع فريق التقييم، ويعملون معاً من أجل فهم المبادرة وتحسينها.

تحدّد المجتمعات المحلية الموارد المتوفرة لإحداث التغيير، وتحرّكها، كما يساعد الأعضاء على توثيقها. ومن خلال توثيق هذه التغييرات في المجتمع المحلي أو النظام، يمكن للتقييم المجتمعي أن يدفع أعضاء المجتمع المحلي والقيادات إلى اكتشاف أين يحدث (وأين يجب أن يحدث) التغيير.

من جهة أخرى، عندما تكون المجتمعات المحلية غير قادرة على القيام بالأمور، ستُحوِّل دورَ فريق التقييم المجتمعي إلى جعل المبادرة قابلة للمحاسبة على أعمالها. عندما يمر وقت طويل دون أي تغيير، مثلاً، يمكن استخدام معلومات التقييم لتشجيع قادة المبادرة على تغيير ما يحصل. وفي الحالات القصوى، يمكن التشجيع على تغيير قيادات المبادرات المجتمعية. وأخيراً، يرتكز التمويل (والجوائز الإضافيّة والأرباح) على دليل التقدّم، مع النتائج متوسطة المدى وطويلة المدى.

ويشكّل تبيان قدرة المجتمع المحلي (أي قدرة المجتمع المحلي على تحسين الأمور التي تهم الناس المحليين) تحدّياً مهمّا بشكل خاص للتقييم المجتمعي. فمثلاً، المبادرة التي تعمل على الوقاية من الإدمان فتُحدث تغييرات مجتمعية عديدة مهمة عبر الوقت وتُحرّك فعلياً واقع الأمر من مكانه، يمكن أن يقال عنها أنها تملك قدرة مجتمعية أكبر من تلك التي لا تُرى تغييراتها. وإذا أخذ أعضاء هذه المبادرة على عاتقهم لاحقاً همّاً جديداً كالوقاية من العنف وتعاطوا معه بنجاح كان ذلك دليلاً إضافياً على تَحسّن القدرة المجتمعية.

تُطوّر الشراكات المجتمعية الناجحة تدخّلات وممارسات واعدة تنفع في مجتمعاتها، وتتبنّاها أو تكيّفها. وتصبح كيفية تكييف التدخلات وتطبيقها تقريباً بنفس أهمية ما جرى كنتيجة لحصول التدخل.

يبدو أنّ هنالك تغييراً في العلاقات بين العلماء والمجتمعات المحلية. وهذا يعكس ثورة مصغّرة في الصيَغ التقليدية التي تحكم العلوم والممارسة. في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، برز تقديم المنح المرتكز إلى المجتمع المحلي كأسلوب جديد (أو مستحدث) لتوزيع الموارد. تقدَّم المنح إلى المجتمعات المحلية لكي تتعاطى مع همومها بنفسها بدل تقديمها إلى العلماء الباحثين لتصميم التدخلات وتطبيقها. تلك الطريقة السابقة للعمل التي يتحكم بها الباحث لم تكن تطرح الأهداف المتعدّدة للمبادرات المجتمعية (تحسين الفهم والقدرة والسيادة). لذلك، لم يكن هنالك رضا بالأبحاث والتقييمات التقليدية. وساعدت التحديات التي واجهت أهدافها على بروز المقاربات المجتمعية الجديدة في عمليات التقييم والتي تناولناها في هذا القسم.

يعطي نظام التقييم المجتمعي الذي طرحناه في هذا الفصل إطار العمل والنموذج المنطقي لمراقبة المبادرات المجتمعية وتحسينها. وتتضمّن الوسائل تأمين الدعم والتوثيق والمردود. ونعتقد أن هذه المقاربة للتقييم يمكن أن تساعد الناس المحليين على إحداث فرق إيجابي في مجتمعاتهم.

نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المادة، لكن نرجو أن تذكروا مرجعها "عدة العمل المجتمعي" على الموقع:

Http://ctb.ku.edu

Contributor 
سْتيفِن فوْسيت

هذا القسم أعلاه هو نسخة محرّرةمن المقالة "تقييم مبادرات مجتمعية للصحة والتنمية"، من كتاب "التقييم في تعزيز الصحة: مبادئ ومناظير" (صص. 241 – 269) ، 2001، الدنمرك، منظمة الصحة العالمية، أوروبا:

Evaluating Community Initiatives for Health and Development, by Stephen B. Fawcett, Ph.D., Adrienne Paine-Andrews, Ph.D., Vincent T. Francisco, Ph.D., Jerry Schultz, Ph.D., Kimber P. Richter, M.P.H., Jannette Berkley Patton, M.A., Jacqueline L. Fisher, M.P.H., Rhonda K. Lewis, Ph.D., M.P.H., Christine M. Lopez, Stergios Russos, M.P.H., Ella L. Williams, M.Ed., Kari J. Harris, M.S., and Paul Evensen. In I. Rootman, D. McQueen, et al. (Eds.) (2001). Evaluation in health promotion: principles and perspectives. (Pp. 241-269). Copenhagen, Denmark: World Health Organization - Europe.

 

 

المراجع المذكورة في المقال فهي التالية:

 

 

References

 

Ashton, J., Grey, P., and Barnard, K. (1986). Healthy cities: WHO's new public health initiative. Health Promotion International, I, 55-60.

 

Baum, F. (1995). Researching public health: Behind the qualitative-quantitative debate. Social Science and Medicine, 55(4), 459-468.

Bracht, N., ed. (1990). Health promotion at the community level. Newbury Park, CA: Sage Publications.

Collie-Akers, V.L., Fawcett, S.B., Schultz, J.A., Carson, V., Cyprus, J., & Pierle, J.E. (2007). Analyzing a community-based coalition's efforts to reduce health disparities and the risk for chronic disease in Kansas City, Missouri. Preventing Chronic Disease [serial online]. 2007 Jul. Available from http://www.cdc.gov/pcd/issues/2007/jul/06_0101.htm

Connell, J.P., Kabisch, A.C., Schorr, L.B., and Weiss, C. (Eds.), (1995). New approaches to evaluating community initiatives. Washington, D.C.: The Aspen Institute.

Fawcett, S.B., Boothroyd, R., Schultz, J.A.(2004). Understanding and improving the work of community health and development. In J. Burgos and E. Ribes (Eds.), Theory, basic and applied research, and technological applications in behavioral science. Guadalajara, Mexico: Universidad de Guadalajara.

Fawcett, S.B., Lewis, R.K., Paine-Andrews, A., Francisco, V.T., Richter, K.P., Williams, E.L., and Copple, B. (1997). Evaluating community coalitions for the prevention of substance abuse: The case of Project Freedom. Health Education & Behavior, 24 (6), 812-828.

Fawcett, S.B., Paine-Andrews, A., Francisco, V.T., Schultz, J.A., Richter, K.P ., Lewis, R.K., E.L. Williams, Harris, K.J., Berkley, J.Y., Lopez, C.M., and Fisher, J.L. (1996). Empowering community health initiatives through evaluation. In D.M. Fetterman, S.J. Kafterian, and A. Wandersman (Eds.), Empowerment evaluation: Knowledge and tools for self-assessment & accountability, 161-187. Thousand Oaks, CA: Sage Publications.

Fawcett, S.B., Schultz, J.A. (2008). Using the Community Tool Box's online documentation system to support participatory evaluation of community health initiatives. In M. Minkler and N. Wallerstein (Eds.). Community-based participatory research for health. San Francisco: Jossey-Bass.

Fawcett, S.B., Schultz, J.A., Carson, V.L., Renault, V.A., and Francisco, V.T. (2003). Using Internet-based tools to build capacity for community-based participatory research and other efforts to promote community health and development. In M. Minkiler and n. Wallerstein (Eds.), Community-based participatory research for health. (Pp. 155-178). San Francisco: Jossey-Bass.

Fawcett, S.B., Sterling, T.D., Paine-Andrews, A., Harris, K.J., Francisco, V.T ., Richter, K.P., Lewis, R.K., and Schmid, T.L. (1995). Evaluating community efforts to prevent cardiovascular diseases. Atlanta, GA: Centers for Disease Control and Prevention, National Center for Chronic Disease Prevention and Health Promotion.

Fawcett, S.B., Suarez-Balcazar, Y., Balcazar, F.E., White, G.W., Paine, A.L., Blanchard, K.A., and Embree, M.G. (1994). Conducting intervention research: The design and development process. In J. Rothman and E.J. Thomas (Eds.), Intervention research : Design and development for human service, 25-54. New York, NY: Haworth.

Francisco, V.T., Paine, A.L., and Fawcett, S.B. (1993). A methodology for monitoring and evaluating community health coalitions. Health Education Research: Theory and Practice, 8, 403-416.

Green, L.W., and Kreuter, M.W. (1991). Health promotion planning: An educational and environmental approach, 2nd ed. Mountain View, CA: Mayfield.

Joint Commission on Standards for Educational Evaluation. (1994). The Program Evaluation Standards. Thousand Oaks: Sage.

Koepsell, T.D., Wagner, E.H., Cheadle, A.C., Patrick, D.L., Martin, D.C., Diehr, P.H., and Perrin, E.B. (1992). Selected methodological issues in evaluating community -based health promotion and disease prevention programs. Annual Review of Public Health, 13, 31-57.

Mittlemark, M.B., Hunt, M.K., Heath, G.W., and Schmid, T.L. (1993). Realistic outcomes : Lessons from community-based research and demonstration programs for the prevention of cardiovascular diseases. Journal of Public Policy, 14, 437-462.

Paine-Andrews, A., Fisher, J., Berkely-Patton, J., Fawcett, S.B., Williams, El, Lewis, R., Harris, K. (2002). Analyzing the contribution for community change to population health outcomes in an adolescent pregnancy prevention initiative. Health Education & Behavior, 29(2), 183-193.

Parcel, G.S., Perry, C.L., and Taylor, W.C. (1990). Beyond demonstration: Diffusion of health promotion innovations. In N. Bracht, (Ed.), Health Promotion at the Community Level. Newbury Park, CA: Sage Publications.

Rogers, E.M. (1995). Diffusion of innovations. New York, NY: Free Press.

Thompson, J., Fawcett S.B., Schultz, J.A. (2008). A framework to promote community mobilization for health youth development. American Journal of Preventative Medicine, 34 (3S), S72-S81.

Windsor, R.A., Baranowski, T., Clark, N., and Cutter G. (1984). Evaluating program effectiveness. Evaluation of health promotion and education programs, 126-170. Palo Alto, CA: Mayfield Publishing Company.

World Health Organization. (1987). Ottawa charter for health promotion. Health Promotion, 1-4, iii-v.