- كيف نترك انطباعاً جيّداً
- ما ينبغي القيام به قبل اللقاءات
- ما ينبغي القيام به أثناء اللقاءات
- الذهاب من باب إلى باب
- القيام بالاتّصالات عبر الهاتف
- التعاطي مع الرفض
كما ذكرنا سابقاً، يشكّل اللقاء بالأعضاء المحتمَلين وجهاً لوجه الطريقة الأكثر فعاليّة لاستقطابهم. (مع أنّه في حالات عديدة، قد تكون الاتّصالات الهاتفيّة والرسائل خياراً أفضل أو إضافيّاً، وللمزيد من التفاصيل انظروا الفصل 7، القسم 3: طرق الاتصال بمشاركين محتمَلين والقسم 4: كتابة رسائل إلى المشاركين المحتملين.)
ولكن لنفترض أنّكم اخترتم تنظيم لقاء وجهاً لوجهاً، واقترب وقت الاجتماع. ها أنتم هنالك. ما العمل؟ كيف ينبغي استخدام وقت الاجتماع بأكثر إنتاجيّة ممكنة؟ كيف يمكن إحضار هذا الشخص بالشكل الأفضل إلى منظّمتكم؟
كيف نترك انطباعاً جيّداً
إن جزءاً كبيراً من الرد عن هذا السؤال بالغ السهولة، ونحن حتّى نتردّد في كتابته، ولكن ها هو: أنتم تريدون ترك انطباع جيّد. تُظهر الأبحاث أنّ الناس يشكّلون انطباعات بشكل سريع، وأنّ هذه الانطباعات تبقى، وأنّها توجّه سلوكنا. من هنا، ما دمتم ستتركون انطباعاً في أيّ حال، فافعلوا ما بوسعكم من أجل الانطباع الأفضل.
إذاً سترغبون في الابتسام والاتّصال عبر الأعين وإظهار الكياسة الاجتماعيّة. سترغبون بارتداء الثياب الملائمة لنجاح هذه المناسبة، كما ستحبّون عرض كل ما تعلّمتموه عن آداب السلوك اللائق حتّى وصولكم إلى الجامعة. هذا بديهي وهو أساسي، ومع ذلك، لا يتم اتّباعه دائماً، لذلك نأمل أن تفهمونا إذا عدنا وذكّرناكم بذلك هذه المرّة فقط.
يمكنكم استخدام أفضل تقنية في العالم لكنّها لن تساعد إذا ظهرتم في وقت متأخر عن الموعد مع بقعة على قميصكم!
لكنّ التركيز في هذا القسم ليس على الأخلاق الأساسية، بَل هو أكثر على التوجيهات الأساسيّة والتفصيليّة للقاء الأعضاء المحتمَلين شخصيّاً. هنالك في الواقع تقنيّات يمكنكم، بل وعليكم، استخدامها قبل الاجتماع المقرّر وأثناءه، ولكن ليس فقط في هذه الاجتماعات. فهي تنطبق أيضاً بصفة عامة على الأوضاع التي تستقطبون فيها أشخاصاً عبر الهاتف، أو في لقاءات غير مجدوَلة، أو من باب إلى باب. لا شك أنّ هنالك بعض الاعتبارات الخاصة للاتّصالات الهاتفية أو من باب إلى باب سوف نذكرها قرابة نهاية هذا القسم.
دعونا نستعرض الآن بعض التقنيات، واحدة تلو الأخرى.
ما ينبغي القيام به قبل اللقاءات
ينبغي القيام ببعض الواجبات التحضيرية حول الأشخاص المستهدفين. ماذا تعرفون عنهم؟ وماذا يمكنكم أن تعرفوا؟ ما هي خلفيّاتهم ومواقعهم المهنيّة واهتماماتهم الخاصّة؟ ماذا لاحظتم أو ماذا يمكنكم أن تعلموا عن نمطهم الشخصي أو عن طريقتهم للقيام بالأعمال؟ كلّما زادت معرفتكم المسبقة عن العضو المرتقب، تمكّنتم بشكل أفضل من عرض قضيّتكم بطريقة تلبّي حاجاتهم، وبشكل يمكنهم سماعه وتقديره بسهولة.
فكّروا بالاجتماع قبل حصوله في حال كان موعد الاجتماع محدد مسبقاً، وتخيّلوا ما سيجري. تخيّلوا كيف ترون الشخص الآخر يتجاوب، وما قد يقول/تقول، وما قد تردّون أنتم بالتالي. علاوةً على ذلك، تخيّلوا نتيجة اللقاء: ما هي النتيجة التي تتوخّونها؟ بماذا تريدون أن تخرجوا؟ ثمّ تخيّلوا أنفسكم تغادرون الاجتماع ومعكم هذه النتيجة بين يديْكم.
يقترح العديد من الدلائل من كافّة مشارب الحياة (الرياضة والعروض المسرحية وأي لقاء اجتماعي)، أنّ التخيّل -تخيّل النتيجة التي ترغبونها- يمكن أن يساعدكم على تحقيق هذه النتيجة المتوخّاة. جربّوا القيام بذلك بأنفسكم، فهذا الأمر مجّاني وسهل، ويمكنكم القيام به في أي وقت، وسيتحسّن أداؤكم مع كل ممارسة، وهو ينجح.
ما ينبغي القيام به أثناء اللقاءات
ملاحظة مساعِدة: في هذا القسم، نحن نركّز بشكل أساسي على الحالات التي يكون فيها اللقاء مع شخص واحد كلّ مرّة، أي كأفراد. ولكن من الممكن كذلك لقاء الأشخاص ضمن مجموعات، حيث يمكنكم، على سبيل المثال، تقديم عروض لدى منظّمة أخرى، أو التحدث في مكان عام، أو القيام بمبادرة ودعوة مجموعتكم للالتقاء في مكان تقترحونه مع آخرين. المبادئ الأساسيّة نفسها تنطبق هنا.
لنفترض أن محدد الاجتماع محدد مسبقاً:
عليكم شكر العضو العتيد على المجيء وبذل الوقت للقائكم، وينبغي أن تقوموا بذلك بصدق (شكر الشخص الآخر). صحيح أنّ هذا الشخص قد يستفيد بشكل أو بآخر هو أيضاً من اللقاء، وهو جاء لهذا السبب، ولكن هنالك احتمال في أن يكون قد أتى ببساطة لأنّكم طلبتم منه ذلك، إذْ لم يكن عليه المجيء. قد يكون حضوره، على الأقل جزئيّاً، ناتجاً عن احترامه لكم ولمعتقداتكم.
نضيف أن التعبير عن الشكر هو أيضاً عمليّ، فهو يكافئ سلوك الشخص الآخر، أي حضوره ولقاءه معكم، وبشكل غير مباشر فإن الشكر يعزّز اهتمامهم بقضيّتكم. التقدير يبني الدعم.
في معظم اللقاءات وجهاً لوجه، ابدؤوا المحادثة بكلام ودّي غير رسمي.
قد يكون هنالك أوقات لا تريدون فيها تضييع أي لحظة، والتطرّق فوراً إلى العمل بدءاً من السلام، ولكن هذه الأوقات نادرة. يمكن أن نكون مهتمّين بالأعمال دون أن نَقضي كل لحظة من أوقاتنا فيها، فنحن بشَرٌ كذلك.
ما هو الحديث الودّي غير الرسمي؟ يمكن أن يكون أي أمر ذا اهتمام مشترك، ومن الأفضل أن تعلموا مسبقاً ما هي هذه الاهتمامات المتبادَلة. ويمكن أن تتناول مواضيع هذا الحديث الطقس أو الرياضة أو المعارف المشتركة أو حدثاً مجتمعياً وقع مؤخّراً أو أمراً ما في الأخبار. المهم أن يكون أمراً تتفقّان عليه وألاّ يكون موضوع خلاف، فهذا آخر شيء تريدونه الآن، فأنتم تودّون البدء من خلال بناء بعض الأرضيّة المشتركة، وهذا ما يقوم به الحديث الودّي غير الرسمي.
كم من الحديث الودّي غير الرسمي؟ دعوا الشخص الآخر يوجّهكم. هو (أو هي) سيقوم بذلك من خلال بعض الإشارات غير اللفظيّة (تعديل في طريقة الجلوس، أو تغيير في تعبير الوجه، أو نظرة إلى ساعة اليد، أو ربّما تصريح مباشر). الحقوا هذا الخيط.
بكلمات أخرى، فإن الحديث غير الرسمي ليس بالضرورة أن يكون مختصراً، وهو يقام لسبب ما، فهو يبني العلاقة بين المتحدّثين. وقد تصنع علاقتكما الآن الفرق للأوقات اللاحقة. ففي مسار استقطاب الأعضاء، كما في الحياة، فإن العلاقات هي التي تسيِّر العالم.
مع هذا، عليكم أن تنتبهوا كذلك إلى الوقت الذي خصّصتموه لهذا الاجتماع. بهذه الطريقة، يمكنكم تكييف أنفسكم وتحقيق ما تريدون القيام به بحدود انتهاء اللقاء، أي قبل انقضاء الوقت. فأنتم لا تريدون الأمور أن تطول كثيراً قبل أن تصلوا إلى الحدث الرئيسي، أي السبب الأساسي الذي جئتم من أجله.
بعد الانتهاء من الحديث الودّي غير الرسمي، ينبغي الإفصاح عن غرض اللقاء من وجهة نظركم.
قولوا للعضو المحتمَل ما هو دوركم، ولماذا قمتم بهذا الاتّصال، وما الذي تريدون مناقشته في هذا اللقاء. افعلوا بذلك بشكل مباشر وصادق ومختصر. ضعوا الأجندة التي تحملونها مباشرةً على الطاولة.
هذا هو وقت عرض نقاطكم الأساسيّة بشكل مقتضب، فأنتم لا تريدون تقديم محاضرة مطوّلة في هذه المرحلة، إذ إن الشخص المستهدف قد لا يكون مهتمّاً، كما أنّ ما تبتغونه الآن هو الحوار. هذا لا يمنع وجوب أن تُحضروا معكم أوراق معلومات ومطويّات ومواد إضافية وتقارير، وأن تعطوها للعضو المرتقب أثناء الحديث أو بعد الانتهاء. ذلك يسدّ أي نقص في التفاصيل، وإذا كان عند العضو المحتمل أسئلة محدّدة فهو يعرف ما يكفي لطرحها عليكم.
ذكر ما تبتغونه نتيجة اللقاء: كونوا واضحين. أيّ مهمّة من المهمّات التالية تريدون العضو المحتمَل أن يقوم بها؟
-
حضور اجتماع من اجتماعاتكم؟
-
أن يكون ضمن المجلس الإداري أو المجلس الاستشاري؟
-
القيام بعمل معيّن (وحده أو مع مجموعة عمل من عندكم)؟
-
كتابة صك مصرفي؟
-
تقديم نوع آخر من الهدايا أو التبرّع بخدمات عينيّة؟
-
استقطاب آخرين لمنظّمتكم من خلال أن يكون وسيطاً؟
-
الانخراط بمزيج من المهام أعلاه؟
-
أمر آخر؟
أحياناً يكون الوضع أنّكم لا تريدون من العضو المرتقب القيام بأمر محدّد، بل أنتم تأملون أنْ يساهم أو يشارك من خلال واحدة أو أكثر من الطرق العديدة الممكنة. في هذه الحالة، قد تقولون شيئاً يشبه الآتي: "سنعرض عليك عدّة طرق يمكنك مساعدتنا من خلالها. أي منها تجدها/تجدينها معقولة؟" بكلمات أخرى، تقدّمون للعضو المحتمل بعض الخيارات. تعرضون عليه/ا قائمة الطعام ("تقنيّة القائمة")، مع "وجبات" عديدة مختلفة ليختار منها.
بعد تقديم الطلب، ينبغي تعداد المنافع التي ستفيد الشخص المستهدَف.
لماذا سيكون على الشخص المستهدَف أن يرغب في ما تطلبونه منه أو أن يكون مستعدّاً للقيام به؟ بشكل مباشر: بماذا سيستفيد/تستفيد؟ ينبغي أن تكونوا عارفين مسبقاً هذه المنافع وأن تتمكّنوا من عرضها دون أن تُسألوا عنها. تذكير: القيام بذلك بشكل جيّد يتطلب أن تستعلموا عن الشخص الذي ستلتقون به، وأن تخطّطوا مسبقاً لأفكاركم.
ما هي هذه المنافع؟ إنها باختصار تشمل:
-
مساعدة الآخرين
-
الحصول على معلومات
-
الالتقاء بأشخاص آخرين
-
حل مشكلة
-
أن يكون الشخص مشمولاً في ما يجري حوله
-
تحسين المكانة
-
التسلية
-
تحقيق ربح مالي
يمكنكم الذهاب إلى الفصل 7، القسم 4: كتابة رسائل إلى المشاركين المحتملين للحصول على لائحة مفصّلة.
أحيانا، وبحسب الحالة، ً قد ترغبون في ذكر بعض المنافع قبل طرح طلب ما تريدونه. قد يختلف ترتيب هاتين الخطوتين من وضع إلى وضع. كما يمكنكم أن تدمجوا الاثنتيْن معاً في عرضكم، بشكل يراعي "الزبون"، أي العضو المرتقب. في هذه المرحلة، من الصعب أن نكون أكثر تحديداً. بعض الممارسة، يساعدكم على تكوين فكرة أفضل عن كيفية القيام بذلك.
بعد العرض الأوّلي، عليكم التوقّف قليلاً والإصغاء إلى ما يريد العضو المحتمل قوله.
وفّروا له/ا بعض المساحة والوقت للرد. فالعرض سيُثير بعضاً من هواجسه/ا الأساسيّة من دون كثير من المساعدة منكم. وعندما تصغون، استمعوا بحرص إلى هذه الهواجس.
قد لا يعلن الناس الآخرون أحياناً عن هواجسهم الحقيقيّة بشكل مباشر، لكي يبقوا مهذّبين تجاهكم، أو لأن التعبير عن هذه الهواجس يزعجهم، أو للسببين معا. قد ترغبون عندها بالتعمّق قليلاً وإستخراجها منهم، وتشجيعهم على الإفصاح عن ردود فعلهم الحقيقيّة على الملء. سيكون ذلك مساعِداً لكم ولهم.
بالطبع، ينبغي أن تكون لديكم فكرة جيّدة عمّا قد تكون عليه هذه الهواجس قبل أن تدخلوا إلى الاجتماع، كما ينبغي أن تكون لديكم فكرة جيّدة عن الطريقة التي ستردّون بها على هذه الهواجس إذا أُعلنت على الملء. بكلمات أخرى، ستودّون أن تكونوا قادرين على توقّع معظم الاعتراضات الممكنة ومواجهتها. وللقيام بذلك جيّداً، عليكم أن تتمكّنوا من الإصغاء بشكل جيّد.
أمثلة: هواجس وردود ممكنة
قد يكون المجيب قلقاً بالنبسبة للالتزام بالوقت اللازم:
"لا أعرف إنْ سيكون لدي الوقت للقيام بهذا الأمر."
"أفهم ذلك، لكن الوقت الذي سيكون عليك التقيّد به لا يزيد عن ثلاث ساعات في الشهر. هل هذا أمر قد تكون قادراً على محاولته؟" (في حال لا، فليكن لديكم بديلٌ في ذهنكم.)
أو قد يكون الهاجس هو القدرة على الالتزام لفترة طويلة من الوقت:
"مَن يعرف أين سأكون بعد سنة من الآن."
"إذا كنت تستطيع تقديم المساعدة هذه السنة، فسيكون ذلك عظيماً."
أو قد يكون الهاجس هو أن يكون متوفّراً في وقت الاجتماع أو يومه:
"أيّام الخميس بعد الظهر هي أوقات سيئة بالنسبة لي أحياناً."
"نحن نفكّر في إعادة النظر بموعد الاجتماع. ما رأيك بيوم الأربعاء؟"
أو القدرة أو المهارة على القيام بالمهمّة:
"أنا لم أفعل شيئاً مثل هذا من قَبل."
"هذا ينطبق على الآخرين كذلك، كانت تلك المرّة الأولى عندما بدؤوا، لكن المهمّة ليست صعبة فعليّاً، وسنقدّم لك كافّة أنواع المساعدة الممكنة."
أو رسالة منظّمتكم نفسها وغرضها:
"أنا في الحقيقة أدعم الكثير ممّا تقومون به، ولكن بعضاً من غاياتكم يزعجني قليلاً."
"أيّ منها؟ هل يمكن أن أشرح لك ما الذي يجول في بالنا...؟"
كافّة هذه الهواجس شائعة،سواء ذكرها الشخص المرشح بشكل واضح ومباشر أم لا. هل هنالك هموم أخرى لم نشملها أعلاه؟ وما رأيكم في نماذج الردود التي قدّمناها؟ صحيح أنّها قصيرة وليست مفصّلة كثيراً. كيف يمكنكم تحسينها؟
عند الإصغاء للهواجس والتجاوب معها، قد يساعِد أن يكون لديكم بعض المواقف الاحتياطيّة أو البديلة في ذهنكم. على سبيل المثال، إذا كان الشخص المستهدف غير مستعد أو غير قادر على الالتزام بالمهمّة ألف، يمكن أن تقدّموا له المهمّة ب أو ت أو ث، أو ربّما نسخة أقل حجماً من المهمّة ألف. السؤال الأساسي يكون: "ما هي المهمّة التي تستطيعون الالتزام بها؟" هذه نسخة منوّعة من "تقنيّة قائمة الطعام" التي قدّمناها سابقاً، حيث تقدمون طلبكم المباشر (تعرضون "الطبق الخاص بالمحل")، فإنْ لم يَرْض به "الزبون" يمكنكم أن تقترحوا بنداً آخر، أو كمّية أصغر حجماً.
في هذه المرحلة، تكونون قد أصبحتم مستعدّين للبدء "بلَمْلمة" الاجتماع لإنهائه.
هنا يساعِدكم مراجعةُ ما توافقتم عليه حتّى تجعلوا أي اتفاقات أو التزامات أُقرّت واضحةً ومباشرة. وعند طرحها، يمكنكم سؤال الشخص الآخر: "هل يبدو ذلك مناسباً؟" أو "هل هذا يتوافق معكم؟". إذ يسمح ذلك له أو لها بالتصحيح إذا لزم، وأيضاً بالتأكيد لفظّياً على ما اتّفقتم عليه مرّة أخرى. الاتّفاق اللفظي يقوّي الالتزام.
بعد ذلك، يمكن إيصال اللقاء إلى خلاصة محدّدة وعدم ترك الأمور تجر لوقت طويل بعد الوقت المتّفق عليه بينكما. لا تستغلّوا ترحيب الشخص الآخ وحتّى لو لمْ تكن الجلسة بالنجاح الذي كنتم تبتغونه، لا شك في أنّه ستتاح لكم فرصٌ أخرى.
مع كل هذا التحضير والتنفيذ المبرمَج، الفرص كبيرة في أن يكون العضو المرتقب قد اتّفق معكم على أمرٍ ما، مهما كان حجمه صغيراً.
إذاً، دعوا العضو المستقبلي يعلم ما ستكون عليه الخطوات التالية. يمكن أن تقولوا ما يلي: "سنتأكّد من إعلامكم بالاجتماع القادم"، أو "سنرسل لكم معلومات من خلال البريد"، أو "سيتّصل بكم شخص ويُعطيكم التفاصيل".
وينبغي (مرّة أخرى) أن تكون خطوات المتابعة هذه واضحة ومباشرة، بشكل يعرف فيه العضو المستقبلي ما الذي سيجري لاحقاً ومتى، فلا يُفاجأ أو يؤخذ على غفلة بأي اتّصالات متابعة يمكن أن تحصل.
من المهم شكر العضو المستقبلي (أيضاً وأيضاً)، على الوقت الذي قدّمه فضلاً عن أي التزام قدمه لكم ولقضيّتكم.
أظهروا تقديركم له. ومرّة أخرى، ستودّون التأكيد على أي تحرّك يقوم به. (وهذا هو الوقت المناسب أيضاً لتقديم أي أدبيّات أو مواد إضافيّة للعضو المستقبلي ليأخذها معه، و/أو ليمرّرها لآخرين.)
في حال كان هنالك المزيد من الوقت فلا بأس بإنهاء اللقاء بقليل من الحديث الودّي غير الرسمي من جديد. الصلات تتوثّق بذلك.
ويكون هنا من نافل القول إنّه من الضروري المتابعة الفعليّة لما قلتم أنّكم ستفعلون من جهتكم، ولكن يبقى واجب التذكير به.
إذ إنّ العضو المستقبلي، في معظم الأحيان، يكون قد لاقاكم في منتصف الطريق تقريباً. الجزء المتبقّي هو من مسؤوليتكم.
اللقاءات غير المقرّرة مسبقاً
تنطبق الاقتراحات أعلاه بشكل خاص على اللقاءات وجهاً لوجه مع عضو محتمل (فرد أو مجموعة)، عندما يكون اللقاء محدّداً أو مرتّباً مسبقاً، ولكن، أحياناً قد تودّون أو ربّما تحتاجون إلى القيام باتّصال شخصي مع أعضاء مستقبليّين من خلال وسائل أخرى، كالذهاب من باب إلى باب، مثلاً، أو عبر الاتّصال الهاتفي.
ما هي التعديلات التي ينبغي أن تقوموا بها في هذه الأوضاع؟ ما هي الاعتبارات الخاصّة المطلوبة، في حال وُجدت؟
ولكن انتظروا قليلاً: ما دام اللقاء بموعد محدد ممكناً، فلماذا سيمكن أن يرغب أحدهم في استقطاب آخرين عبر الذهاب من باب إلى باب أصلاً؟
هنالك عدّة أسباب لذلك، منها:
-
قد تكون غايتكم الاتّصال بجميع القاطنين في بقعة جغرافيّة محدّدة، كحي صغير، أو دائرة انتخابية سياسيّة معيّنة. في هذه الحالة، يساعد الذهابُ من باب إلى باب على تحقيقَ هذه الغاية.
-
قد تكونون جزءاً من حملة على صعيد البلدة، حيث سيجري الاتّصال بكل ساكن فيها، ويكون عاملون آخرون يدقّون أجراس الأبواب في مناطق أخرى من البلدة، وهنا لديكم أرضيّتكم الخاصّة.
-
قد يكون هدفكم الحصول على دعم لمرّة واحدة، مثل التصويت أو التوقيع على عريضة أو مساهمة ما. تكون الحاجة أقل لتحديد مواعيد لاجتماعات رسميّة طالما كنتم لا تتوخّون عضوية لمدّة طويلة أو التزاماً طويل الأمد.
-
قد يكون تركيزكم على وسع الدعم أكثر من عمقه. قد تريدون مجرّد تجميع الأرقام، وبما أنّ اللقاءات على مداخل المنازل تستلزم وقتاً أقل في معظم الأوقات، فإن الذهاب من باب إلى باب في هذه الحالات يكون أكثر فعاليّة.
جميع الأسباب التي ذكرت جيّدة، ولكم من المفيد عدم التقليل من التحدّي الذي يواجه المستقطِب من باب إلى باب. ستضطرّون إلى مقاربة غرباء (أو غرباء نسبيّاً) من دون سابق إنذار، وربّما في أوقات غير مناسبة، وستطلبون منهم الاستغناء عن بعض الوقت و/أو المال، و/أو القيام بتحرّك باسم قضيّتكم التي قد يعرفون عنها القليل أو لا شيء. لن يكون العمل بالنسبة للمستقطبين من باب إلى باب مفصّلاً على قياسهم تماماً، فهو ليس نزهة على الشاطئ!
مع ذلك، وفي حين أن هذه التحدّيات حقيقية فإنه يمكن التخفيف من حدّتها: يُمكن لمَن يقرع الباب، إذا كان محضّراً مسبقاً ويتمتّع بالسلوك الصحيح، أن يكسب العديد من الداعمين الجدد، وأن يثير اهتمام داعمين محتمَلين آخرين، وأنْ يدفع القضيّة إلى الأمام بشكل ملحوظ، وأن يقضي وقتاً لطيفاً بالفعل من خلال التعرّف إلى بعض الناس الجدد والذين يثيرون الاهتمام. لا تنسوا هذه الإيجابيّات!
فيما يلي بعض الإرشادات السريعة، بشكل قصير وتلغرافي، وهي تفيد في الاستقطاب من طريق الذهاب من باب إلى باب، وهذه الإرشادات تضيف وتبني على المواد السابقة المذكورة في اللقاءات المجدوَلة مسبقاً، وهي يمكن أن تجعل مهمّتكم أسهل وأنجح، وأكثر إمتاعاً، على ما نأمل:
قبل (قرع الجرس):
-
معرفة الأرضيّة التي تتحرّكون عليها: هذه هي القاعدة الأساسيّة للباعة، وهي تنطبق عليكم هنا. القاعدة هي باختصار أنّه كلّما علمتم أكثر عن أرضيّتكم، زادت فعاليّتكم. أرضيّتكم في هذه الحالة هي الحي. عليكم معرفة حيّكم قدر الإمكان. اقرؤوا عنه، واسألوا عنه. تمشّوا في الحي وحوله قبل المباشرة. ستشعرون عندها براحة أكبر عندما تتعاطون مع الآخرين، وهم أيضاً سيشعرون براحة أكبر لدى التعاطي معكم.
-
التخطيط لأهدافكم مسبقاً: أوّلاً، ما هي أرضيّتكم تماماً، وما هي حدودها؟ تالياً، هل تريدون أن تدقوا كلّ باب في الحي، أو مجرد عيّنة منها، أو مجرّد نوع معيّن من المساكن؟ على سبيل المثال، لنفترض أنّكم تريدون أن تتحدّثوا إلى النساء فقط، فسيكون ذلك عندها سهلاً دون شك. أو لنفترض أن غايتكم هي الاتّصال بالمستأجرين، وليس بمالكي المنازل. هنا، قد تحتاجون إلى التحضير من خلال الاتّصال بوكالات تأجير منازل ومكاتب العقارات، وأن تقسّموا شقق الأبنية إلى أجزاء، وأن تبنوا لائحة يمكنكم تفقّدها عندما تصلون إلى كلّ باب.
-
وضع خارطة طريق، للسير من منزل إلى منزل: يمكنكم رسمها بعد إيجاد خرائط جيّدة مفصّلة (وهنا يمكن مراجعة دائرة التخطيط المحلّي، في حال وجودها)، وأخذ الخرائط معكم.
-
حددوا لأنفسكم هدفاً من خلال تحديد عدد المنازل التي ستغطّونها خلال الوقت المخصّص لكم: (سيساعدكم ذلك على وضع غاية تصبون إليها، كما سيمنعكم من التوقّف طويلاً أمام أحد العناوين.)
-
وضع بعض المواد المطبوعة التي تصف قضيّتكم أمام كل باب، قبل القيام بالزيارة، إنْ أمكن: يمكنكم أن تذكروا أنّكم ستمرّون في هذا اليوم أو في أحد أيام معينة. بهذه الطريقة، سيكون عند المتلقّين فرصة التآلف بأنفسهم مع المسألة، وسيكون احتمال تخوفّهم منكم أقل عندما تظهرون على عتبتهم.
-
التخطيط مسبقاً لأوضاع مختلفة قد تواجهون: لنفترض أنّكم أمام الباب ومستعدّون للسماع. ولكن، على سبيل المثال، ماذا ستفعلون في حال: أ) لا أحد يفتح الباب (هل ستتابعون رن الجرس أو قرع الباب أو تعودون مرّة أخرى؟)، أو ب) يفتح لكم الباب أحدٌ ليس ضمن الفئة المستهدفة (مثلاً، طفل يقول لكم: "الماما والبابا سيتأخّران بالعودة")، أو ت) يفتح أحدهم الباب، ويدعوكم للدخول (هل ستدخلون؟).
-
تجنّب بعض الأوقات: في الصباح الباكر أو في الليل المتأخّر أو في وقت العشاء، أو في أوقات العمل خلال النهار، هذا إذا كنتم تعتقدون أنّ الشخص المستهدَف سيكون في عمله. الأوقات الأفضل هي بين وقت الطعام والليل، أو يوم الخميس (حيث الجمعة هو يوم العطلة الأسبوعي) أو السبت (حيث الأحد) . من جهة أخرى، من المفيد إضافة المنطق العام على هذه التوجيهات، ومزجها مع معرفتكم للحي وعاداته.
-
ارتداء ملابس تناسب عادات الحي أو ربّما أكثر بدرجة: النظافة والترتيب دون أدنى شك. ولكن لن تكون الملابس الرسمية مناسبة في حي يكون فيه لبس القمصان الخفيفة سائداً، بل يمكن أن تكون نتائجها عكسيّة، علماً أنّ الجينز الممزّق والسترات رثّة المظهر لن تكون في معظم الحالات الملابس التي عليكم اختيارها.
أثناء (المقابلة على الباب):
عندما تكونون على عتبة الباب، وعلى وشك قرع الجرس، فالفكرة الأساسيّة هي بناء مصداقيّتكم والإيحاء بالثقة من أوّل البداية. وهذا يعني في معظم الحالات ما يلي:
-
البدء بالتعريف بأنفسكم، بالاسم الكامل: في حال كنتم تقطنون في الحي، اذكروا ذلك واذكروا المكان بالتحديد، وإذا كان لديكم مع الشخص المستهدف معارف مشتركة أو أصدقاء مشتركون، لاسيّما إذا كان أحدٌ مِن هؤلاء هو مَن اقترح عليكم إمكانيّة قرع هذا الباب، فمن المفيد ذكر ذلك (وربّما التشديد على تلك الصلة). ذلك يساعد على التخفيف من الشكوك الأوّلية المحتملة من جهة، وعلى بناء صلات محتملة من التشابه من جهة أخرى.
-
ذكر المجموعة التي تمثّلون، في حال وجودها، وسبب زيارتكم باختصار شديد.
-
التأكّد من اسم الشخص الذي تتكلّمون معه، في حال لستم متأكّدين من معرفته.
-
الاستئذان من الشخص/الأشخاص المستهدف/ين، بسؤالهم عما"إذا كان وقتهم يسمح بإعطائكم دقيقة فقط". إنّ ذلك جزء من اللياقة، ويؤدّي إلى نوع من الالتزام من الآخر بالإصغاء إليكم. هنا، عليكم انتظار الموافقة . وفي حال قالوا إنّهم مشغولون أو لمّحوا بقوّة إلى ذلك، فقد تطلبون منهم اقتراح وقت آخر يكون مناسباً لكي تعودوا. ينبغي ألاّ تتعدّى زيارتكم دقيقة من الوقت أو اثنتين على الأكثر، هذا إذا دخلتم فوراً في الموضوع وكنتم مستعدّين بشكل جيّد. إذ إنّ وقت الناس قيّم، وكذلك وقتكم أنتم.
-
ذكر سبب زيارتكم بشكل أكثر تفصيلاً: سيساعدكم ذلك على معرفة مدى تآلف الشخص المستهدف مع مسألتكم. يمكنكم القفز فوراً إلى النقطة الرئيسيّة في حال كان يعرف المسألة. وإلا فقد تودّون إعطاء بعض الخلفيّة المختصرة، على أن تكونوا قد خطّطتم لما ستقولونه في كلتا الحالتيْن. وإذا كنتم تستطيعون تحسّس مدى معرفة الشخص بالمسألة قبل الزيارة، يكون ذلك بالطبع أفضل، فسيوفّر ذلك الوقت عليكم وعليهم. أمّا إنْ لم تكونوا أكيدين فيمكنكم عندها أن تسألوهم.
-
البحث عن نقاط تشابه أو نقاط مرجعيّة مشتركة بينكم وبين الشخص المستهدَف عندما تتكلّمون. وأشيروا إلى هذه النقاط أو لمّحوا إليها، بما أنّ التشابه يزيد من الإقناع. (على سبيل المثال، "أظن أنّ ابني تخرّج في نفس السنة التي تخرّج فيها ابن حضرتكم.") كما من المفيد إيجاد بعض الأسئلة التي يستطيع أن يجيب عنها الشخص الآخر بالإيجاب، إذ إنّ التوافق الأوّلي كذلك يزيد من الإقناع. (على سبيل المثال، "هل تذكرون ذلك الحادث الكبير الذي جرى على التقاطع في آخر هذا الشارع؟" ["طبعا.ً"] "كان فظيعاً، أليس كذلك؟" ["نعم، كان رهيباً."])
-
التصريح عن التحرّك الذي تتمنّون أن يقوم به الشخص الآخر: قد يكون التوقيع على عريضة، أو التصويت أو حضور اجتماع أو شراء شيء ما أو تقديم مساهمة أو الاستعداد للاتّصال بسكّان آخرين أو وعدٍ بالقيام بمهمّة من هذه المهمّات أو أكثر. ستتغيّر المهمّة المطلوبة، ولكن الأساس أن تكونوا واضحين في طلبكم المحدّد مسبقاً.
-
ذكر منافع القيام بهذا التحرّك: لماذا ينبغي عليهم القيام به؟ بماذا سيستفيد هؤلاء الأشخاص؟ على ماذا سيحصلون؟ (انظروا الرقم 5 تحت عنوان "ما ينبغي القيام به أثناء اللقاءات".)
-
عليكم المتابعة فوراً في حال وافق الشخص (تقديم العريضة أو القيام بيع فكرة أو شيء أو الحصول على التبرع...الخ).
-
عزّزوا طلبكم بمنفعة أخرى إذا تردّد الشخص، أو كرّروا المنفعة السابقة، أو اجمعوا الاثنتيْن.
-
إذا رفض الشخص أو ماطل في التردّد، يمكنكم اقتراح شكل أكثر محدوديّة من التحرّك. قد لا يوقّعون على العريضة، ولكن هل يقبلون بعض الأدبيّات ويوافقون على قراءتها؟ إنْ لم يتمكّنوا من المساهمة الآن فهل يقبلون بالاحتفاظ باستمارة تعهّد بالمساعدة؟ في حال كانوا لا يستطيعون حضور الاجتماع هذا الأسبوع فهل يهمّهم أن نرسل لهم بطاقة تذكير بالاجتماع التالي؟
-
إذا رفض الشخص واقتنعتم بأنّه يعني الرفض بالفعل، فعليكم شكره على وقته والمضي قدماً إلى منزل آخر. في معظم الحالات، لا تستحق جهود محاول إقناع شخص أبدى اعتراضه فوراً، فلديكم العديد من الأشخاص الآخرين لزيارتهم.
-
السماح ببعض الوقت في الحديث، غالباً عند اقتراب نهايته، لاستدراج أفكار الأشخاص المستهدفين الخاصّة: قد يكون لديهم طريقة في المساهمة أو المساعدة لم تخطر على بالكم في ما قبل، ولكن لن تعرفوا ذلك إلاّ إذا سألتم. وربمّا أمكنهم دلّكم على جيران آخرين قد يكونون مهتمّين أو قد يساعدون، فهم ربّما يعرفون أكثر منكم. عليكم الإصغاء بتأنٍّ هنا، والاستفادة من أي عروض بالمساعدة.
-
شكر الأشخاص (فالجميع يحب أن يُشكر): لقد استمعوا إليكم واستحقّوا تقديركم. وبطبيعة الحال، عليكم المتابعة، كما ذكرْنا سابقاً، لذا تأكّدوا من الحصول على رقم هاتفهم قبل المغادرة، هذا إذا لم يكن معكم أصلاً.
-
بعد المغادرة، وقبل قرع جرس الباب التالي، سجّلوا محتويات الاتّصال الذي قمتم به: مع مَن تحدّثتم؟ ما كان جوابهم؟ ما التحرّك التالي المطلوب؟ دوّنوا هذه المعلومات فنحن ننسى بسهولة، وقد يكون ما دوّنتموه مفيداً لاحقاً.
-
أخيرا، من المفيد في معظم الأحيان أن تبتسموا وأن تكونوا ودودين، من دون نفاق. صحيح أنّ قول ذلك أسهل من فعله، لكن عليكم محاولة جعل كل حديث لقاءً اجتماعياً ممتعاً. وذلك يعود بالمنفعة على الشخص المستهدف وعليكم. سترغبون بأن يكون مزاجكم طيباً في أثناء المحادثة. فإذا أظهرتم أنّكم تشعرون بالتعب والملل أو أي شعور أقل من الحماس والالتزام يمكنكم أن تخمّنوا ما قد يكون تأثير ذلك على الشخص الآخر؟
في حال بدت لكم هذه اللائحة طويلة، فهي فعلاً كذلك. ولكنّها تصبح أسهل بكثير مع القليل من الممارسة. ولجعلها أكثر وأكثر سهولة يمكن لكافّة هذه التوجيهات، بل ويجب، أن تحدث بلغتكم الخاصة وبأسلوبكم الخاص. هذا صحيح لأنّه ينبغي "تكييف" اللغة والأسلوب مع الإطار الذي تعملون فيه، إذ تختلف كل حالة عن الأخرى كما يختلف كل شخص مستهدَف عن الآخر. من المفيد دائماً التجاوب مع ما يعبّر عنه الشخص الآخر بالكلمات أو بغيرها. فمن يدق الباب ليس مقدِّماً مقنِعاً فحسب، بل هو مستمع ماهر، وخبير في الارتجال!
فضلاً عن دق الأبواب، يمكن تطبيق هذه الإرشادات الأساسية نفسها على عدد كبير من اللقاءات الأخرى غبر المجدوَلة مسبقاً، كالمصادفات على الطريق، مثلاً، أو اللقاءات العامّة غير المخطّط لها. لا نقول هنا أنّ كل لقاء صدفة ينبغي أن يتحوّل إلى عرض استقطاب، فالوقت لا يكون دائماً مناسباً، وقد تكون هنالك أمور أفضل للتحدّث عنها، ولكن الوقت يكون أحياناً مناسباً، وعليكم أن تكونوا مستعدّين لانتهاز هذه الفرصة عندها.
هل هذا يعني أنّه عليكم التنقّل وأنتم تحملون بطاقات العمل في جيوبكم أو المطويات في الحقيبة؟ هنا نحن نطرح السؤال فقط. ما ردّكم أنتم؟
الاتّصالات عبر الهاتف
إذا ساوينا سائر الأمور، تكون اللقاءات وجهاً إلى وجه في معظم الأحيان هي الأفضل، ولكن سائر الأمور ليست متساوية في العمل المجتمعي، فهنالك مفاضلات. وفي بعض الحالات، قد تقرّرون أنه من الأفضل الاتّصال بالأعضاء المحتمَلين من طريق الهاتف.
لماذا؟
الإيجابية الرئيسة لاستخدام الهاتف هي أنّه بإمكانكم تغطية عدد أكبر بكثير من الأشخاص في وقت أقل، فالاجتماع المحضّر مسبقاً قد يأخذ نصف ساعة، والزيارة غير المُجَدولة إلى البيت قد تأخذ خمس دقائق، ولكن الاتّصال الهاتفي قد يأخذ دقيقتيْن أو أقل. هذه الأرقام هي تقريبيّة، ولكن في حال تمكّنتم من القيام بعشرة اتّصالات أو أكثر في الوقت نفسه الذي تقضونه في لقاء واحد، ألا يكون ذلك، على الأقل أحياناً، طريقاً أفضل للتصرف؟ (وهنالك أيضاً البريد الإلكتروني الفردي كما الجماعي، ولكن لأغراضنا هنا، لا نجمل هذه الطريقة ضمن طرائق "الاتّصال الشخصي").
متى؟
ينطبق هنا أيضاً العديد من الأسباب التي ذكرناها في الاتّصال من باب إلى باب:
-
عندما تبحثون عن دعمٍ لمرّة واحدة فقط.
-
عندما يكون تركيزكم على الدعم "الكمّي" أكثر من "النوعي".
-
يمكن للاتّصال الهاتفي أن ينجح بشكل جيّد عندما تكون رسالتكم بسيطة وغير معقّدة.
-
كما يمكن أن يكون الاتّصال الهاتفي مفضَّلاً عندما تعرفون الشخص الذي تتّصلون به أصلاً، وتعرفونه جيّداً. عندها، يكون اللقاء وجهاً لوجه أقل ضرورةً أو غير ضروري على الإطلاق.
-
وأخيراً، يمكن استخدام الاتّصال الهاتفي بالتزامن مع الاتّصال وجهاً إلى وجه، أو إضافة إليه. يمكنكم استكمال اللقاء باتّصال هاتفي، أو بالعكس، يمكنكم استخدام الاتّصال الهاتفي لجدولة اللقاء وللاتّفاق على الخطوات اللاحقة، أو يمكنكم القيام بالاثنين معاً.
كيف؟
ما هي الإرشادات السريعة التي تنطبق هنا، علاوةً على ما ذكرناه سابقاً؟
-
بالنسبة للاتّصالات الهاتفية تحديداً، عليكم التخطيط مسبقاً لمقاربتكم، وذلك بشكل خاص لأنّ الاتّصالات الهاتفية هي أقل شخصيّةً، ولأنّ الناس لا يتحمسون للتحدّث إلى غرباء على الهاتف، كما أنّه من الأسهل إساءة فهم نيّتكم (مثلاً، "ماذا يحاول هذا الشخص أن يبيعني؟"). لكافّة هذه الأسباب، فإن إقناع شخص غريب عبر الهاتف أصعب من الإقناع وجهاً لوجها. من هنا تصبح المقاربة المخطّط لها مهمّة جدّاً.
-
قد يساعدكم تحديداً كتابة نص المكالمة الفعلي لما ستقولونه. قوموا بممارسة قراءة النص بصوت عالٍ، إلى أن ترتاحوا إليه. يمكنكم استخدام النص كخطوط توجيهية عندما تقومون بالاتّصالات الفعلية. هذا لا يعني أنّكم ستسمّعون حرفيّاً النص على الهاتف (فالمستمعون يمكن أن يعرفوا ماذا يحصل أي أنكم تقرؤون، ولن ينبهروا بذلك قط!) ولكن يمكن استخدام النص كأساس لملاحظاتكم، ومع اكتساب المزيد من الخبرة، يمكنكم مراجعة النص بشكل إجمالي، والتخلّص منه تدريجيّاً، وستصبحون مع الوقت قادرين على تكييف كلماتكم بشكل أسهل مع ما تسمعونه من الجهة الأخرى.
-
ولكن القصّة ليست فقط ما تقولون، بل كيف تقولون ما تقولون. إن صوتكم عبر الهاتف يصنع فرقاً كبيراً، فعلى المستمعين أن يحكموا على كمّية محدودة من المعلومات، فهم لا يستطيعون النظر إلى أعينكم أو رؤية ابتسامتكم الساحرة. ما يستطيعون ويحكمون عليه فعليّاً هو صوتكم، وضوحه ورنّته وما إذا كان يبدو دافئاً وطبيعياً أم لا. للتعاطي مع هذه المسألة، يمكنكم تسجيل صوتكم والاستماع إليه، حتّى لو سمعتم فقط التحيّة التي تتركونها على آلة الرد الهاتفي في منزلكم إذا وجد. قِفوا وتأمّلوا قليلاً: هل هذا الصوت يمكن أن يقنعكم؟ كيف يمكن جعله أكثر إقناعاً؟ ثم قوموا بالتعديلات اللازمة.
-
عندما تقومون بالاتّصال، عليكم اختبار طريقة مقاربتكم، وحفظ سجلاّت باتّصالاتكم ونتائجها، وتقييم هذه النتائج. في حال لم تنجح مقاربتكم في المهمّة بشكل جيّد فقد تودّون تغيير ما تقولونه أو طريقة قوله. هل لديكم فهمٌ كافٍ عن خلفيّة الشخص المستهدَف وتجاربه؟ هل تقدّمون له المنافع الملائمة والأسباب الصحيحة ليصبح عضواً معكم؟
وكما في الاتّصال من باب إلى باب، عليكم التحضير لمروحة واسعة من الأحداث الممكنة خلال الاتّصالات الهاتفيّة. فلنفترض ما يلي، على سبيل المثال:
-
الرقم الذي تتصلون به مقطوع.
-
يرن جرس الهاتف، ولكن لا أحد يجيب.
-
الشخص الذي تريدون الوصول إليه غير مسجّل في دليل الهاتف.
-
ترد عليكم آلة الرد الأوتوماتيكيّة.
-
الشخص الذي تريدون الوصول إليه غير موجود في المنزل.
-
الشخص الذي تريدون الوصول إليه موجود في المنزل، ولكنّه غير قادر على التحدّث على الهاتف (أو لا يرغب بذلك؟).
-
يطلب منكم الشخص الذي يرد على الهاتف أن تتّصلوا في وقت آخر.
-
الشخص الذي يفتح الخط ينهي المكالمة معكم ويقطع الخط.
كيف ستردّون في كل حالة؟ لا يوحد قواعد جامدة وسريعة لكل حال. ما نقصده هو أنّه عليكم التفكير بهذه الاحتمالات مسبقاً وتكوين فكرة جيّدة عن كيفية تجاوبكم مع كل حال منها.
-
إن ما عليكم عمله عندما ترد عليكم الآلة (وستصادفون الكثير منها) يستحق الانتباه. هنالك سؤالان يجب التعاطي معهما هنا: أ) هل تتركون رسالة على الآلة أم هل من الأفضل الاتّصال مجدّداً على أمل تحقيق تواصل مباشر؟ ب) في حال اتّصلتم مرّة أخرى، كم اتّصال دون جدوى عليكم القيام به قبل التوقّف عن المحاولة؟ مرّة أخرى، لا يوجد جواب مسبق عن ذلك، ولكن سيكون عليكم اتخاذ القرار المناسب لإطار عملكم.
-
أخيراً، إليكم فكرة سريعة من اختصاصيين في التسويق عبر الهاتف: كلّما طال مكوث الشخص معكم على الهاتف، كبر احتمال استجابته/ها لطلبكم. والنتيجة الطبيعية لذلك هي أنّه عليكم ربط الشخص المستهدف من بداية الحديث، بحيث تبقون الحوار مستمراً من دون انقطاع. ربما سينجح هذا المبدأ معكم، ولكن لنأخذ في الاعتبار أنّه كلما أطلتم الحديث مع شخص واحد يقلّ مجموع عدد الاتّصالات التي سوف تتمكّنون من القيام بها في الوقت المتاح لكم. لذا المطلوب نوع من التوازن.
التعاطي مع الرفض
بالرغم من بذل أقصى جهودكم لن يقتنع الجميع بدعم قضيّتكم. وسيرفض العديد من الناس بكل بساطة، وسيعنون ما يقولونه، لاسيّما عند الاتّصال من باب إلى باب أو عبر الهاتف، وذلك لأسباب عديدة. بعض الناس غير مهذّب، وآخرون قد يكونون، بصراحة، بغيضين. قد تكون نسبة نجاحاتكم أقل بكثير ممّا ظننْتم، وفي بعض الأيّام، ستكون النسبة منخفضة إلى درجة تجعلكم على حافّة الإحباط.
ولكن لا تدعوا ذلك يثبط عزيمتكم. إنّ كسب بعض الأعضاء الجدد الجيّدين يمكن بسهولة أن يبرّر الوقت الذي قضيتموه، فهذا المكسب لقضيّتكم غالباً ما يتطلّب وقتاً طويلاً، ولا يحصل في مرّة واحدة. والأكثر من ذلك أنّ الناس الذين قد يبدون الآن غير مكترثين قد يتنّبهون بعد بضعة أشهر أو أكثر بقليل، وذلك بفضل البذور التي زرعتموها لديهم في الاتّصال الأوّل، ذاك الاتّصال الذي بدا لكم غير منتج عندها. أمّا بالنسبة لهؤلاء الأشخاص غير المهذّبين أو الفظّين أو حتّى الأسوأ من ذلك فلا تعتبروا الأمر شخصيّاً. فهم ربّما قضوا نهاراً سيئاً أو مجموعة أيّام سيئة. كلّ منّا يمر بهذه الأيّام، وإذا شعرنا بالطيبة تجاههم بغض النظر عن ردّة فعلهم فقد نعمّق شخصيتنا نحن، حتّى لو لم نربح داعمين.
باختصار
ليس القيام باتّصال شخصي مع الأعضاء المحتملين أمراً سهلاً في كل مرّة. ولكي تنجحوا كما تتمنّون فإن الأمر سيتطلّب وقتاً ومهارة، وصبراً وإصراراً، وصلابةً وإحساساً. الأمر يتطلّب أفضل الخصائص التي يمكن تقديمها.
ولكن النتائج المعوِّضة تستحق هذا المجهود. إذ عندما ينضم الأشخاص ويتحمّسون للعمل، أو عندما يبدؤون بتحمّل مسؤوليات القيادة، أو عندما تكسب منظمتكم معارك وتقوّي الحياة المجتمعية - إلى حد بعيد نتيجة لجهودكم -فستشعرون بالرضا طويل الأمد والمستحَق لعملٍ قمتم به بشكل جيّد.
موارد
Brown, Michael J. (1994). How to recruit people to your organization. Cambridge, MA: Brown, Michael J. (Available from author at 54-C Trowbridge Street, Cambridge, MA 02138)
كيف تستقطبون أشخاصاً إلى منظّمتكم.
Ellis, Susan J. (1996). The volunteer recruitment book. (2nd ed.) Philadelphia: Energize, Inc.
كتاب استقطاب المتطوّعين.
Kahn, Si (1982). Organizing. New York: McGraw-Hill. (See especially Chapter 6.) التنظيم
Leonard, Libby, Bill Ariano, and Eileen Ryan (1981). Strengthening volunteer initiative: A neighborhood self-help curriculum. Washington, D.C.: National Center for Urban Ethnic Affairs. (See especially the section on Door-knocking.) [Available from the Center at P.O. Box 20, Cardinal Station, Washington, DC 20064.]
تقوية مبادرات التطوّع: منهاج المساعدة الذاتيّة للأحياء.