استمارة البحث

القسم 1. استراتيجيات التغيير والتحسين المجتمعيين: نظرة عامة

المثل الأوّل: الانتظام من أجل إسكان مجتمعي ذي كلفة مقبولة

تحدّثَنا إلى عضو "الائتلاف المحلي الجنوبي للإسكان" في الولاية السيدة سهى نجار. والائتلاف عبارة عن شركة تنموية أهلية غير ربحيّة أُسّست عام 1988. رسالتها ضمان السكن ذي الكلفة المقبولة وتعزيزه، فضلاً عن تعزيز الفرص الاقتصاديّة لسكّان الحي الجنوبي ذوي الدخل المنخفض والمتوسّط. ويلتزم الائتلاف برامج وممارسات تعزّز تمكين المجتمعات المحليّة. بالغ الشكر للسيدة نجارعلى وقتها ونصائحها.

السيدة نجار: إنّ "الائتلاف المحلي الجنوبي للإسكان" عبارة عن شركة أهلية تنموية تأسّست عام 1988 نتيجة مَوْجة من فقدان استثمارات سادت عندها، وأصبحت المصارف تملك العديد من الأبنية في خضم شكل من أشكال أزمة السوق العقاريّة. من هنا بداية عمل الائتلاف على المباني المتروكة أو الممتلكات التي أصبحت للمصارف نتيجة العجز عن فك الرهن.

  •  كيف بدأ الائتلاف تحديداً؟

السيدة نجار: أطلقت الائتلافَ مجموعةٌ من نشطاء في البيئة أرادوا فعل شيء ما على المستوى المحلّي. كان أحد الأعضاء المؤسسين قد حصل على بعض المعلومات عن شركات التنمية المجتمعية وقال: "آه، هذا ما يجب أن نقوم به في مجتمعنا المحلّي." (ملاحظة من المحرّر: تُناقَش شركات التنمية المجتمعية في الفصل 44، القسم 5 من "عدّة العمل المجتمعي".) وَصفَت المجموعة الأصليّة نفسها بأنها مجّرد جماعة محليّة أرادت السيطرة على ما يجري في الحي.

من هنا، شملَتْ السنوات الأولى في الحقيقة الكثيرَ من المفاوضات حول قانون إعادة الاستثمار المجتمعي، ومحاولة جعل المصارف المحليّة تعيد الممتلكات وتدعم إعادة تأهيل قدرات السكن. كما جرى التركيز في البداية على جعل البلدة أكثر انخراطاً في حماية السكن ذي الكلفة المقبولة وتعزيزه، وقد عشنا صراعات طويلة من أجل تعزيز السكن بكلفة مقبولة عن طريق بعض القوانين المحلية التي تمّ تعديلها أو تطويرها في ذلك والوقت. على سبيل المثال، كان هنالك ضغط كبير لإعادة تأهيل الواجهة المائيّة، إذْ يمر في البلدة نهر يصل إلى وسط البلاد.

أراد احد المتعهّدين التدخّل لإقامة بعض الحدائق والوحدات السكنيّة بهدف تحسين المنطقة، وهو أمرٌ كان الائتلاف يدعمه في ذلك الوقت. من جهة أخرى، أردْنا التأكّد من وجود بعض التدابير الاحتياطيّة لمساكن ذات كلفة مقبولة ضمن هذا المزيج، ما تطلّب صراعات طويلة. ونتيجةً لذلك، تمكّن الائتلاف من تمرير بناء قانون شامل لتقسيم الأراضي في المدينة، فأصبح أي مشروع لأكثر من عشر وحدات سكنيّة ملزماً بتقديم 10% من الوحدات السكنّية بكلفة مقبولة، أو بالمساهمة بما يعادل 5% من كلفة مجموع المشروع التنموي في صندوق ائتمان لتطوير المساكن.

  •  لا شك أن النضال كان مضنياً!

السيدة نجار: أظّن أنّ النضال كان صعباً وطويلاً إلى حد كبير. بعض التكتيكات الأوليّة المُستَخدَمة تضمّنت حملة توعية عامّة مع السكّان، في محاولة للتشديد على أنّ التنمية المستقبليّة للمدينة ستذهب إلى متعهّدين مضاربين من خارج البلدة إلاّ إذا انتظمْنا ووضعنا نصب أعيننا ما هو المهم لنا. من هنا، عُقدت اجتماعات عديدة لتداول المعلومات، وتحرّكات عامّة كثيرة أمام مبنى البلدية، وأمام الأبنية المستهدفة التي كانت قد أصبحت ملك المصارف، كما اسْتُخدمت الصحف المحليّة بشكل كبير. هذا تقريباً يلخّص ما جرى، إذْ كان هناك نوع من الضغط الثابت المستمر. فأنا لا أستطيع القول أنّ هنالك حدثاً واحداً أو نشاطاً أو عنصراً واحداً كان الأهم في الحملة أو أنه جعل الائتلاف يكسب، بل هو قرْع الباب المستمر وبتصميم، وقد تطلّب الأمر حوالي سنتيْن.

بعد ذلك، بدأنا سلسلة من عمليات اكتساب وإعادة تأهيل وإعادة بيع بعض الوحدات العقاريّة (من وِحدة إلى أربع وحدات). وفي مرحلة امتدّت حوالي ثلاث سنوات أعدنا تجديد تسعة أبنية فيها 17 وحدة سكنيّة مقبولة الكلفة، ومعظمها أُعيد بيعه. ولكنّنا احتفظنا ببعضٍ منها للتأجير، فلا زلنا نملكها الآن ونشغّلها.

  • حسناً، وهل لا يزال هذا يشكّل رسالة ما تقومون به الآن؟

السيدة نجار: في الحقيقة، نحن الآن نعود قليلاً إلى جذورنا، أيْ إلى المزيد من التنظيم المجتمعي والوعي العام وإلى نوعٍ من الجهود المركّزة على السياسات العامّة. علينا أنّ نتابع مع البلدة والمحافظة والمؤسسات الخاصّة، وإلزامهم القيام بالمزيد لتحقيق المساكن المقبولة الكلفة. إذ إنّ جهودنا لشراء الأبنية وإعادة تأهيلها يمكن أن تنجح على صعيد صغير وبطيء نسبيّا، بينما يمكن للبلدية سن قوانين لا عودة عنها تعاقب المضاربة في المجتمع المحلّي.

  •  إذاً لديكم أهداف محدّدة على خطوط السياسات العامّة؟

السيدة نجار: نحن في الوقت الحالي في طور بناء هذه السياسات، فإنّنا نحاول رفع مطالبنا إلى عشرة. حاليّاً، تتضمّن لائحتنا سبع نقاط سنطالب بها المرشّحين لرئاسة البلدية، وهي تشمل أموراً كالمطالبة بإنفاذ أكثر صرامة للقوانين، وحماية الأشخاص الذين يقدّمون شكاوى صحيّة من الإخلاء، وتخفيض الضرائب على مالكي العقارات الذين يوافقون على تأجير الأشخاص ذوي الدخل المنخفض أو المتوسّط عبر استخدام الصناديق العامّة والخاصّة، وخلق برنامج رهن آخر للناس الذين يريدون شراء منازل في البلدة. وفي البلدة صندوق ائتمان لمساكن مقبولة الكلفة لم يُصرف منه قرشٌ خلال سبع سنوات. الصندوق موجود، لذا سنحاول حثّهم على العمل معنا لخلق خطّة لصرف هذه الأموال. هذه نوعيّة أفكارنا بشكل عام هذه الفترة.

أظن أنّ أي شركة، لاسيّما غير الربحيّة منها، يجب أن تسير مع السوق. وأسواقنا تحتاج إلى التغيير، وإحدى نقاط الضعف الحقيقية للعديد من الشركات والهيئات غير الربحيّة هي عدم استعدادها للإصغاء إلى مكوّناتها أوتعديل برامجها كما يلزم. أظن أنّ الناس يتغيّرون، والظروف تتغيّر، وبناءً عليه، على البرمجة أن تتغيّر.

  • هل لديكم توصيات للآخرين الذين يقومون بالتنظيم المجتمعي؟

السيدة نجار: الأمر الأهم الأوحد هو الإصغاء بصدق وبانفتاح إلى الناس، واحترام حاجاتهم واهتماماتهم ومصالحهم. هذا يعني أنّ العمل يجب أن يعكس هذه الحاجات والمصالح. فالأمر يكون سيئاً للغاية إذا كان لديكم منحة كبيرة للقيام بتدريب على الكومبيوتر في حين لا يكون ذلك هو حاجة الناس في المجتمع المحلي. الأمر الثاني المهم هو وجوب عدم اليأس من الناس. لا تسأموا من أشخاص قد لا يأتون إلى اجتماع مساء الخميس أو لا يردّون على اتّصالاتكم، إذ إنّهم سيفعلون ذلك يوماً ما عندما يكونون مستعدّين، فلا تُغلقوا الباب أمام فرص أي أحد.

( من مقابلة أجرتها في الأصل جينيت ناجي من أسرة "عدة العمل المجتمعي")

المثل الثاني: الانتظام من أجل المساعدات الاجتماعية

بدأَتْ رحلتي في تنظيم عمل المساعدات الاجتماعية قبل سنتيْن عندما وقفتُ في جلسة عامة وطرحت هذا السؤال: "كيف يمكن لما يحصل أن يساعد العائلات على تحقيق الاكتفاء الذاتي؟". وكوني أمّاً وحيدة لثلاثة أطفال تتأثّر بشكل مباشر بإصلاحات المساعدات الاجتماعيّة، جعلني أشعر أنّني أستحق جواباً.

طرحت السؤال ثلاث مرّات، وحصلت على الجواب نفسه في المرّات الثلاث: "لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال"، كان جواب مسؤول وزارة الصحة العامّة والخدمات الإنسانيّة.

شعرت بالإحباط وبالوحدة التامّة. سمعت صوتاً من خلفي إذْ وقفَتْ سيّدة وقالت: "أنتم تدينون لها بجواب". هم يدينون لي بجواب؟ نعم، صحيح. وكان الشعور أنّ صوتاً آخر يقف معي هو الذي أوصلَني إلى حيث أنا اليوم: أعمل في تنظيم المساعدات الاجتماعيّة مع "تحرّكات الناس في الولاية".

قرأتُ نصوص السياسات ودرست القوانين. كنت أريد أن أعرف كافّة الأمور الواجب معرفتها عن إصلاح المساعدات الاجتماعية في الولاية، فبدأت أدلي بشهادات في جلسات استماع اللجنة، وقدّمت خطاباً قويّاً في لقاء يحتج على تخفيضات مقترَحة، وأُجريت معي مقابلة لمقال في جريدة محلية. جعلتُ صوتي يُسمَع. لا أخفي أنني عشت ردود فعل معادية على نشاطي من جانب أعضاء آخرين في المجتمع المحلي ومن مكتب المساعدات الحكومية، وكان ذلك أمراً لم أتوقّعه ولم يحذّرني منه أحدٌ. أُطيح بي ثم استطعت الوقوف من جديد والمتابعة، وأصبحت قائدة في النضال من أجل حقوقنا بينما كنت أستمر في طرح السؤال الأصلي، ولم أحصل حتّى الآن على جواب بالرغم من حصولي على ردود كثيرة. تعلّمت أنه عندما لا تحصل على الجواب فربّما يكون قد حان الوقت لتغيير السؤال. أصبح سؤالي الآن: "كيف يؤذي ما يحصل العائلات؟"

أعتقد أنّ كوني "متلقّية" يعطيني منظوراً فريداً في تنظيم "متلقّين" آخرين. فنحن لدينا نظرة مشتركة في فهم نضالات البقاء من يوم إلى اليوم، وقد تعلّمت من خبرتي ما هي الدعائم الضروريّة للمتلقّين لكي ينخرطوا في النضال ويصبحوا قادة. فنحن نحتاج إلى رعايةٍ للأطفال لكي نتمكّن من حضور الاجتماعات والنشاطات، كما قد نحتاج أحياناً إلى النقل. فضلاً عن ذلك، يلزمنا إصغاء الآخرين إلى ما نقوله والتصديق عليه من قبلهم. هذه هي الحكايات التي نتشاركها. الأمر ليس سهلاً لكنّه يستحق المجهود، إذ لا يحصل التغيير وحده، ونحن يمكننا إحداث الفرق. من المهم أن نشارك بأصواتنا ونجعلها تُسمَع، وعلينا أن نكون على الطاولة مطالبين بحزم بحقوقنا لكي يكون لنا بأنفسنا تأثير على حياتنا، وينبغي أن نقوم بذلك بشكل جماعي، متكاتفين، لأن قوّتنا تأتي من الوقوف سويّة. علينا أن نكوّن رؤية عما نريد أن نكون في العامين القادمين. والأهم أنّه علينا أن نصنع صوتاً لهذه الرؤية وأن نجعله مسموعا.

(أصل النص: مساهمة من شيلي أيْسنْهاور التي تدير مشروع "المُنادين من أجل المساعدات الاجتماعية في مونتانا!" Welfare Advocates of Montana! (WAM!)، من ضمن "تحرّكات الناس في مونتانا"، وهي منظمّة عضويّة على صعيد الولاية، تابعة إلى "اتّحاد المنظّمات المجتمعية" و"جمعيّة المنظمات المجتمعية للإصلاح الآن" و"أكورْن" ACORN. ظهر هذا المقال على موقع "مركز التغيير المجتمعي"، ويعاد طبعه هنا بإذن).

المثل الثالث: الانتظام من أجل إنهاء التمييز

تحدّثنا إلى السيدة مريم وهي من قادة جمعية وإئتلاف يساند المشرّدين والعمال الوافدين الذين يعانون أشكالاً مختلفة من التمييز. بالغ الشكر للسيدة مريم على وقتها ونصائحها.

السيدة مريم: الحملة الأولى التي بدأتُها كانت في الحي الشمالي. كان هنالك مسرحٌ في المدينة، في مبنى تملكه البلديّة، فسألْنا رئيس البلدية إذا كنّا (المشردون والوافدون والناشطون معنا من منظمة ضد التمييز) نستطيع أن ندخله مثل غيرنا. باشرنا بتشكيل خط احتجاج (كنّا طلاّبا وعاملات وعمالا وناشطين من ألوان وجنسيات مختلفة)، وأقمنا مسيرات لأيّام وأسابيع في محاولة للقاء المدير لنشرح له أنّ عدمَ السماح لنا أمرٌ خاطئ وفيه تمييز غير مقبول، وأنّ لنا الحق في دخول المسرح (وغيره من الأماكن كالمسابح..الخ). ولكنّنا لم نحظ بالكثير من الاهتمام، إلى أن أتت عطلة نهاية أسبوع حيث كان يُعرض في صالة المسرح عرض موسيقي مشهور. فكّرنا: "أنتم تتمتعون بهذا العرض ونحن لا نستطيع مشاهدته؟!"

ومع نفس المجموعة، قرّرنا الذهاب في نهاية الأسبوع تلك، وكانت عطلة عيد، ما جعل القيام بهذا الأسلوب من الانتظام أمراً أكثر إثارة. قمت بتبليغ الأهالي عمّا سنفعله: سنقوم بتشكيل سلسلة بشريّة أمام الصالة، فإذا لم نتمكّن من الدخول، لن يتمكّن أي شخص آخر من الدخول! واعتقدْنا أنّه سيتم توقيفنا، وبالطبع، هذا ما حصل. تلقّيت اتّصالات من رئيس البلديّة يقول: "سنقوم بتوقيفكم إذا لم تتحرّكوا من أمام صالة المسرح." فرفضنا وبالفعل دخلنا إلى السجن حيث بقيْنا طوال نهاية الأسبوع. وعرضوا إلينا أن نتنازل بتعهّدات وكفالة، فرفضنا التنازل عمّا هو من حقوقنا. فإذا أردتم إخراجنا دون شروط، عندها، بالطبع سنخرج.

لزيادة الضغط،اخترنا الصوم خلال نهاية الأسبوع تلك. صمنا وصلّينا وغنّينا في السجن، إلى أن وصلتهم الرسالة أنّنا سنمرض إنْ لم نأكل. فقرّوا:  "علينا إخراجهم من هنا". في هذا الوقت، في صباح ذلك اليوم، ساد الكثير من الضجّة حولنا، وكان بإمكاننا سماع ذلك. ومن الطرف الآخر من السجن، وصلنا خبر من شخص كان يمكنه أن ينظر إلى الخارج ويرى، كان هنالك أناس كثيرون من المتضامنين معنا أمام السجن.

وبالفعل أخرجونا من السجن في الصباح. وعندما خرجنا علمنا أن كثيرين صلوا من أجلنا وأن آخرين من جمعيات حقوقية أخرى أعلنوا تضامنهم.

إذاً، لقد تطلّب الأمر هذا النوع من الدراما لجذب المزيد من الانتباه، أكان انتباه السلطات أو مجتمعاتنا المحلّية. ولأنّ الكثير من الجمعيات ودور العبادة سمح لنا بإقامة اجتماعاتنا فقد ارتفع عدد الطلاب المتضامنين معنا من 10 أو 15 طالب جامعي قبل هذا الحدث إلى مئات الأشخاص.

أعتقد أنّ هنالك الكثير من الشباب في الوقت الحالي يكرهون سماعنا نتكلّم عن هذا الأمر، عن هذا النوع من التنظيم، عن نوع من العصيان المدني. وذلك لأننّا "تعبنا من سماع أحاديث عن التضامن بلا نتائج.. ولكنّه فعلاً وقت الإصرار على التقدم في مجال الحقوق للجميع من دون تمييز..."إلاّ إذا كانت لديكم فكرة أفضل!". نعم، لقد حان وقت شدّ انتباه النظام فعليّاً وجعله يدرك أنّنا جدّيون. لا مهرب من هذا النوع من التنظيم المجتمعي الآن. هنالك الكثير من الكلام، والكثير من التنظيم، ولكن يجب أن توجد حركة لتحقيق الأهداف. ما كنّا لنتعاطى مع مسائل الإصلاح والمساعدات الاجتماعيّة أو التمييز بالطريقة التي نضطر إلى التعاطي من خلالها الآن لولا الحاجة إلى التنظيم والحركة. أصلاً، ما كان سيكون عندنا هذا النوع من التمييز الموجود الآن لو كنّا منظَّمين، وأعني بذلك التنظيم الفعلي، لكي نقول للنظام: كفى، حقّاً كفى.

  • وللناس الذين يصبحون ينظمون أنفسهم، ما هي النصيحة التي قد تُسدينها لهم؟

السيدة مريم: عليهم أن يكونوا فعلاً منفتحين على ما يقوله الناس، وبعد ذلك، يقومون باختيار المسائل. على المسألة أن تكون نتيجة اختيار من جانب الناس والمجتمع المحلّي. على سبيل المثال، يعنيني موضوع الرعاية النهارية كثيراً لصغار الأطفال، ولكن إذا حدّثتموني عن الرعاية النهارية وأنا ليس لدي مكان أعيش فيه أو لا عمل لي يؤمّن لي المعيشة، فلن أستمع إليكم. من هنا، عليكم التأكّد من اختيار مسألة يشعر بها المجتمع المحلّي على امتداده.

عليكم البدء بمسألة يمكن أن تكسبوها، ومعرفة ما هو الهدف، والتأكّد من عدم اختيار مسألة يمكن أن تقسّم المجتمع المحلّي. حاولوا جمع الناس، والقضيّة يجب أن يشعر بها الناس بعمق.

كما ينبغي أن تحترموا كافّة الأشخاص الذين تقومون بتنظيمهم. يجب أن تصيروا مِنْ هؤلاء الناس، سواء كنتم منظِّمين من داخل المجتمع المحلي، أو كنتم مكلَّفين من منظّمة أرسلَتكم إلى ذلك المجتمع المحلي. عليكم أن تصبحوا جزءاً من نسيج المجتمع وأن تحترموه.

فضلاً عن ذلك، ينبغي أن تكون لديكم التزامات قويّة وأن تُدركوا أنّه عندما تدخلون في التنظيم المجتمعي، فلن يكون الموضوع دواماً من التاسعة صباحاً إلى الخامسة بعد الظهر. وعليكم الاستعداد للذهاب إلى كافّة أنواع الأحياء، لأنّ الفقراء والذين يعانون التمييز، للأسف، يعيشون في أحياء كئيبة وتكثر فيها الانتهاكات، وعليكم أن تكونوا جاهزين لذلك.

ومن منطلق روحي، اعْتَبِروا أن القوّة المطلقة هي إلى جانبكم. لا يفكّر الجميع بهذه الطريقة، وهذا لا يعني أنّكم لن تكونوا منظِّمين جيّدين إنْ لم تفكّروا كذلك، ولكن هذه الطريقة في التفكير ببساطة تساعدني. ومن وجهة نظر شخصيّة، أقول أنّه من الصعب فصل نفسي عن هذا الجزء من حياتي، لذا أفكّر به.

كما أنّه من شبه المستحيل التنظيم من دون حضور الناس المتأثّرين بالمسألة التي "ننتظم" حولها. عليكم إشراك الأشخاص الخاضعين للتمييز والانتهاكات والمشرّدين، والناس الفقراء المتأثرين بضعف أو غياب المساعدات الاجتماعيّة وبغياب المساكن ذات الكلفة المقبولة والمهن التي تؤمّن معيشة مقبولة. نعم، عليهم أن ينخرطوا وأن يكونوا هنالك ويقولوا إنّ هذا هو ما نحتاج إليه من أجل إحداث التغيير الذي سيجعل حياتنا أفضل. إذاً هذا هو أملي، فعسى أنْ نجلب الآخرين إلى نفس المكان. علينا تنظيم المحرومين من الحقوق والفقراء وجعلهم يسجّلون أنفسهم للانتخابات، إذا وجدت،  وأن ينظما أنفسهم وأن نجعلهم يتكّلمون عن أنفسهم بأنفسهم!

Contributor 
جينيت ناجي