استمارة البحث

القسم 1: نظرة عامة على تطوير وتحسين الخدمات المجتمعية

  • ما الذي نعنيه بتطوير وتحسين الخدمات المجتمعية؟
  • من ينبغي أن نُشرك في تطوير وتحسين الخدمات المجتمعية؟
  • متى علينا أن نسعى لتطوير وتحسين الخدمات المجتمعية؟
  • خيارات في تطوير وتحسين الخدمات المجتمعية

بدأ الأمر في اليوم الذي تصادف فيه أن التقى اثنان من أطباء غرفة الطوارىء في المستشفى المحلي في المقصف لتناول القهوة. الدكتور كمال الخارج لتوه من نوبته كان منهكاً: "لا بد أنني عاينت 45 طفلاً اليوم". "أفهم ما تقول"، ردت الدكتورة ليلى. "أنا أيضاً أعاين أعداداً كبيرة من الأطفال وأغلبهم لأسباب طبية روتينية. ألم يَعد الناس يأخذون أطفالهم إلى طبيب الأطفال؟"

فيما استمرت المحادثة، قرر الإثنان أن يدققا في الأرقام وأن يتشاورا مع أطباء الأطفال في المنطقة في  أعبائهم الثقيلة. وتبيّن أن أعداداً كبيرة من الأهل يستعينون بأطباء عيادات الطوارىء لمشكلات أطفالهم العادية، وخصوصاً  الذين لا يمتلكون تأميناً صحياً  أو من لا يستفيد من التغطية الطبية الحكومية. وكان هذا يُثقل على العاملين في غرف الطوارىء ويفاقم أعباءهم، كما كان يضر بمرضى الطوارىء إذ كانوا يجبرون على الانتظار أوقاتاً طويلة فيما هم يتألمون. ولحق الضرر بالأطفال أيضا إذ لم يكن مَن يعالجهم في الطوارئ اختصاصياً في مشكلات الأطفال القادر على تحديد المشكلات التي قد تفوت مَن ليس من حقل طب الأطفال.

اتصلت نواة من أطباء الأطفال وأطباء الطوارىء بالجهات العاملة مع الأطفال أو الصحة في المستشفيات والبرامج وخدمات الصحة العامة لمناقشة حلول محتملة لهذه المشكلة. وفي نهاية الأمر، نتج عن مناقشاتهم إنشاء "العيادة الصحية للأطفال والآباء في المستشفى المحلي" التي زُودت بأطباء الأطفال وأطباء العائلة واتي تقدم خدمات مجانية أو شبه مجانية. ويشكل إنشاء هذه العيادة مثالاً على بناء خدمات محلية تؤدي إلى تحسين حياة شريحة مهمة من الناس.

يدور هذا الفصل حول طرق لتحسين وتطوير الخدمات العامة في مجتمعكم المحلي.  وهذه يمكن أن تشمل أي شيء: من استبدال مصباح في الشارع إلى إطلاق مبادرة واسعة في المجتمع المحلي تنخرط فيها عدة برامج جديدة. إن أياً من هذه الخطوات يمكن أن فعّالاً في حل مشكلة ما وتحسين الحياة في الحي أو القرية. والتحسين في الخدمات المحلية قد يشكل أو لا يشكل تدخلاً في حد ذاته إلا أنه يمكن أن يكون جزءاً مهماً في وضع أساس التغيير في المجتمع المحلي.

ويؤدي تطوير وتحسين الخدمات إلى تحضير الأساس لتغييرات أوسع لاحقاً وتيسير تدخلات أخرى. وسنجد في الأقسام 3 و4 و14 من هذا الفصل أن أعمال التمهيد التأسيسية تظهر على شاكلة علاقات عمل مع مؤسسات أخرى ومع فروع مختلفة من المجتمع المحلي. وهي تتخذ في الأجزاء 5 و6 و7 و8 و11 و12 و13 شكل تدخلات فعلية في بعض البؤر السكانية تكون أساسية بالنسبة لرفاه الأفراد والجماعات.

أما في هذا القسم التمهيدي فسنناقش ما نعني بتحسين الخدمات وبعض الطرق التي يمكن للمنظمة أن تستخدم فيها الأوضاع المحلية في التصدي لتلبية التحسين.وهو يوفر إطارا لتقديم مزيد من المعلومات المحددة في بقية هذا الفصل وفي فصول قادمة.

ما معنى تطوير وتحسين الخدمات المجتمعية؟

يتمتع الناس في المجتمعات المحلية الصحية بالقدرة على الاستفادة من الخدمات التي يحتاجون إليها من أجل حياة كريمة. في الواقع، هناك ثلاثة أنواع من الخدمات في معظم المجتمعات المحلية رغم بعض التداخل بينها. سندعوها هنا : المستوى أ، والمستوى ب والمستوى ج.

  • المستوى أ: نجد هنا الخدمات التي يعتبرها الناس أساسية لحياة المجتمع، أي تلك التي تجعل من الممكن للمجتمع أن يوجد، كخدمات الإطفاء والشرطة والمدارس والأشغال العامة والحكم المحلي. وقد يُعتبر وجود هذه الخدمات تحصيل حاصل، وهي ضرورية لرفاه المجتمع المحلي.

  • المستوى ب: نجد هنا الخدمات الموجودة للوقاية من المشكلات وصيانة نوعية الحياة في المجتمع المحلي. وتعالج هذه الخدمات، في العادة، تلك المسائل التي إذا ما أهملت فقد تقود إلى صعوبات أو قصورات في المستقبل. من تلك المسائل الصحة وأمية الكبار والتأهيل المهني والإسكان وتنمية الشباب. وكثيراً ما تشمل خدمات تتعلق بنوعية الحياة كبرامج الترفيه ودعم الفنون.

وربما اختلفت هذه الخدمات من مجتمع محلي إلى آخر. فقد وجد إئتلاف مجتمعات محلية في مدينة صناعية في ولاية كارولينا الجنوبية، مثلاً، أن أهم المسائل هناك كانت تلوث المياه. لذا شملت خدمات المستوى ب هناك وضع حدود للتلوث، وتنظيف مصادر المياه المحلية، والمراقبة لضمان أن تكون مياه الشرب المحلية سليمة.

  • المستوى ج: تقوم هذه الخدمات تحديداً لحل المشكلات الراهنة وتصحيح النواقص. وكثيراً ما تكون قصيرة المدى ومركزة تركيزاً شديداً. وقد تعالج أعراض المشكلات المجتمعية، كتوفير الغذاء للجوعى أو الملجأ للمشردين، إلا أنها قد لا تصل إلى الأسباب الكامنة خلف تلك الأعراض كالفقر ونقص المساكن وغياب خدمات الصحة النفسية وتقطّع العلاقات ما بين الناس في المجتمعات المعاصرة.

وفي حين يجري تمويل خدمات المستوى "أ" آلياً ببعض المبالغ في ميزانية كل مجتمع، سواء كانت هذه المبالغ كبيرة أم صغيرة، فإنه يندر أن يجري تمويل خدمات المستويين "ب" و"ج" بالطريقة نفسها على الرغم من أنها تتسم بالقدر نفسه من الأهمية. الفصل 24 يركز على هذين المستويين من الخدمات مع أن الخدمات "أ" هي أيضاً في حاجة إلى تحسين لتلبية حاجات السكان المستهدَفين والمجتمع المحلي عموماً. فعلينا ألا ننسى لمبات مصابيح الشوارع ( نناقش لمبات مصابيح الشوارع وغيرها من المسائل المتعلقة بالخدمات الأساسية في الفصل 26: تغيير البيئة المادية والاجتماعية).

إن المجتمع المحلي الذي يتمتع بخدمات وقائية ممتازة (أي المستوى "ب") قد يحتاج إلى قدر أقل بكثير من الخدمات التصحيحية أو خدمات الطوارىْ (المستوى "ج")، لذا فإن على جانب من تحسين الخدمات أن يشمل إقامة وصيانة وتوسيع خدمات المستوى "ب" إلى أن تصبح في متناول كل من يحتاج إليها. ولا يقل أهمية هنا أن نتأكد من أن الناس لا يموتون جوعا أو برداً، أو أن تطلق النار عليهم، في حين نعمل على برامج اكتساب المهارات الأساسية أو التأهيل الوظيفي. وينبغي إتاحة الخدمات التصحيحية وخدمات الطوارئ حيث تلزم.

يجري أحياناً جمع الخدمات التصحيحية وخدمات الطوارئ معاً. إن أفضل مراكز إيواء الأشخاص المشردين، على سبيل المثال، توفر تعليماً أساسياً للكبار، وتأهيلاً وظيفياً، ودروساً في التربية الوالدية، وإرشادات في إعداد الموازنات، وغير ذلك من أشكال الدعم  لمساعدة المقيمين فيها على اكتساب مهارات واستراتيجيات تحفظ لهم استقلاليتهم وسكناً بعد أن يغادروا الملجأ. ويجري توفير هذه الخدمات إما من خلال التعاون مع آخرين أو بفضل موارد المركز الخاصة.

بالمقابل، كثيراً ما لا تتمكن هذه البرامج النموذجية من خدمة أكثر من أعداد صغيرة من الناس في كل مرة. ففي حال كان هناك عدة مئات من المشردين في المجتمع المحلي فإن العمل مع عشرة منهم لا يعالج إلا مشكلة هؤلاء. أما تحسين الخدمات في ذلك المجتمع فقد يعني توسيع برنامج الملجأ باتجاه شريحة أكبر من السكان المشردين.

في هذا السياق، فإن تطوير وتحسين الخدمات المجتمعية قد يعني إنشاء خدمات لم تكن موجودة من قبل، وزيادة فعّالية البرامج القائمة، وتوسيع نطاق وصول الخدمات القائمة، وتحسين القدرة على الوصول إلى خدمات فعّالة، و/أو تنسيق الخدمات بحيث يعمل جميع مزوِّدي  الخدمات في المجتمع المحلي معاً، بدلاً من العمل على غايات متقاطعة. ويأتي كلٌّ من هؤلاء بأولوياته الخاصة وبجدوله الخاص من المسائل.

إقامة خدمات لم تكون موجودة من قبل:

ينبغي أن يكون التشديد هنا على التخطيط وإيجاد الموارد. في حال كنا نبدأ من الصفر، يكون علينا أن نعمل على:

  • إنشاء منظمة، أو العمل مع منظمة قائمة أو ائتلاف موجود.  لكلٍ من الحالين تحديات خاصة بها.

  • إجراء تقدير دقيق في المجتمع المحلي حثى نفهم تماماً نوع الخدمات التي يلزم توفيرها.(انظروا الفصل 3: تقدير حاجات المجتمع المحلي وموارده).

  • تخطيط المبادرة أو التدخل وإشراك السكان المستهدفين وقطاعات أخرى من المجتمع المحلي بحيث نجعل الخدمات في المتناول ونوفرها للمستهدفين من الناس، في أفضل طريقة ممكنة.

  • نجد المال والأشخاص لنجعل كل ذلك ممكنا.

        يمكننا أن نلعب عدة أدوار في هذا الوضع. أحدنا يمكنه أن يكون قائداً أو عضواً في ائتلاف أو مجموعة عمل تسعى للحصول على خدمة جديدة للمجتمع. ويمكن الآخر أن يكون مديراً أو موظفاً في منظمة تبغي التوسع لتوفير تلك الخدمة لتضاف إلى ما تقدمه بالفعل. أو يمكن الإنسان أن يكون مديراً أو موظفاً في منظمة جديدة تأسست لتقديم الخدمة المطلوبة. من الواضح أن ما يمكنكم القيام به يمتد من المشاركة في اجتماعات التخطيط وصولاً إلى تحمل مسؤولية العملية كلها أو معظمها، وهذا يتوقف على دوركم.

زيادة فعالية الخدمات القائمة:

في هذا الوضع تكون الخدمات موجودة من دون أن تكون كافية لأنها لا تقدم ما يحتاج إليه السكان المستهدفون. ويختلف تحسين الخدمات في هذه الظروف اختلافاً شديداً عن بدء خدمة جديدة، أقله بسبب المعارضة التي قد تواجهون.

دائماً ما يكون التغيير صعباً، وقد لا يدرك الكثير من الموظفين الحاجة إليه. كذلك فإن المجتمع المحلي أو أجزاء منه قد لا يرون تلك الحاجة، أو قد يكون لديهم من الأسباب ما يدفعهم إلى معارضة التغيير. والتخطيط للتغيير يحتاج إلى إشراك الناس الذين سيكون عليهم إنجاحه، وذلك قد يتطلب من الوقت أكثر من المتوقع. كذلك، سيتطلب التغيير بعض الوقت لتحديد ما إذا كانت التغييرات التي أحدثتم قد جعلت الخدمة أفضل في الواقع (أي عليكم أن تقيّموا عملكم) ولإجراء تعديلات.

توسيع نطاق وصول الخدمات القائمة:

في هذه الحال، تكون الخدمة غير مناسبة لأن حجم الخدمات غير كبير بما يكفي لخدمة الناس الذين يفترض أن ينتفعوا بها. إن محاولة زيادة حجم الخدمات قد يكون مرتبطاً بإيجاد التمويل، أو أنها قد تتوقف على جذب وتأهيل متطوعين جدد، أو حتى على إيجاد طريقة مختلفة في تقديم الخدمات.

مثال: واجه برنامج في مدينة بوسطن لتعليم الإنجليزية للناطقين بالصينية مشكلة تمثلت في وجود قائمة انتظار لثلاث سنوات. في محاولة للوصول إلى المنتظرين، وزع البرنامج أشرطة فيديو تعليمية وجنّد متخرجين وطلاباً لتقديم دروس. لم تحصل الدروس في قاعات الدرس إلا أنها وفرت للمنتظرين فرصة أن يبدؤوا ، وساعدت المدرسين من الطلاب  على أن يمارسوا مهاراتهم الجديدة. كذلك، فطلاب قائمة الانتظار المشاركون في البرنامج، التحقوا بالصفوف عندما حان دورهم في المستوى المتوسط – وليس كمبتدئين، فيما اكتسب المدرسون احتراماً جديداً عند المجتمع. وهكذا خلق البرنامج وضعاً إيجابياً من قلب الشعور بالإحباط.

زيادة الوصول إلى الخدمات:

يمكن هنا الحديث عن إتاحة الوصول المادي إلى الخدمات أمام المشاركين ذوي الأعاقات (مداخل للكراسي المتحركة، حمامات سهلة الولوج، هواتف خاصة لأصحاب الصعوبات السمعية، الخ)، إلا أن ذلك يمكن أن يشمل تيسير أنواع الولوج الأخرى. وقد تشكل المواصلات مسألة كبرى. فموقع الخدمات قد يؤدي إلى استبعاد مجموعة لا ترتاح إلى تلك المنطقة أو الحي أو لا تشعر بالأمان هناك. أما مواعيد تقديم الخدمات فقد يولّد صعوبات لعدد كبير من الناس. كل هذه الأمور يمكن أن تكون عوامل في محاولة زيادة الخدمات.

مسائل الولوج والوصول إلى الخدمات لأصحاب الإعاقات تُناقش بتفصيل أكبر في الفصل 23، القسم 5: زيادة الولوج للأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية، وفي القسم 7 من هذا الفصل: تطوير وزيادة الوصول إلى الخدمات الصحية والمجتمعية.

تنسيق الخدمات:

وجه آخر من أوجه تحسين الخدمات هو محاولة جعل الخدمات كلها متواصلة من دون فواصل قدر الإمكان. هذا يعني تنسيق الخدمات بما يكفي لتمكين المشارك في أحد البرامج الذي يحتاج إلى خدمات أخرى من الحصول عليها بسرعة وبشكل مناسب حتى عندما تكون هذه الخدمات من تقديم عدة منظمات مختلفة توفر تنوعاً من الخدمات لعدد من السكان المستهدَفين. وهو يعني أيضاً أن المنظمات تدرك ما تفعله المنظمات الأخرى ، وأنها تعمل معاً إلى أقصى حدٍ ممكن على تأمين طيفٍ من الخدمات لكل من يحتاج إليها.

 

جميع الطرق الأربع لتحسين الخدمات توظّف أيضاً المناداة، والتثقيف العام، ومد اليد إلى الناس في المجتمع المحلي.

من المهم أن يفهم الناس في المجتمع المحلي عموماً ( بمن في ذلك المشرّعون والموظفون الرسميون المحليون وغيرهم من صانعي السياسات) الحاجة إلى الخدمات والمنافع التي توفرها للمجتمع المحلي ككل، وكذلك عليه أن يفهم حقيقة أن أولئك الذين يستخدمون تلك الخدمات هم جيرانهم (وقد يكونون هم أنفسهم من الذين ربما استخدموها لاحقا). أما الدعم من قبل المجتمع المحلي فيترجم نفسه في التمويل والمتطوعين، وفي أن يكون هناك صوت في صنع السياسات المحلية لكلٍّ من مقدّمي الخدمات والسكان المستهدَفين.

من ينبغي أن ينخرط في تطوير وتحسين الخدمات المجتمعية؟

يتضح مما أوردنا أن تحسين الخدمات ليس وظيفة شخص بمفرده، أو حتى منظمة بمفردها. وهو يتحقق بأفضل ما يمكن عندما يشارك أكبر عدد ممكن من الأفراد والمجموعات.

السكان المستهدَفون:

إن إشراك أولئك المرشحين أكثر من غيرهم للإستفادة مباشرة يكتسب مغزاه بطرق عدة. فهو:

  • يضمن أن تلبي الخدمات المقدمة أولئك المقصودين بها وذلك من خلال توفير معلومات مباشرة.

  • يمنح أعضاء الجماعة المستهدَفة صوتاً في تقرير ما هو ملائم لهم، ويرسي وجودهم كجزء من فريق صنع السياسات.

  • يقوي الدعم للسكان المستَهدَفين عبر اعطائهم شعوراً بامتلاك الخدمات المطروحة.

  • يوفر قنوات اتصال إلى أولئك الذين ينبغي أن يعرفوا عن الخدمات وعن الوصول إليها.

  • يمكن أن يخفف من أثر الفروق الثقافية، ويعطي مقدِّمي الخدمات مدخلاً إلى الجماعة المستهدَفة.

الوكالات الأخرى والمنظمات المجتمعية والمجموعات القاعدية:

إن العمل مع الآخرين من مقدّمي الخدمات والمنظمات يمكن أن يحسن الخدمات تحسينا كبيراً. فهذا العمل:

  • يسمح بتنسيق وبلورة هذه الخدمات لتصبح كلاً منسجما.

  • يجعل من الممكن لعدد من المنظمات أن تركز على مسألة واحدة من زواياها المختلفة ما يتيح تناولها بفعالية أكبر.

  • يمكّننا من تشكيل علاقات وائتلافات وتعاملات وشراكات مع منظمات أخرى.

  • ييسّر تشارك المعلومات والموارد.

الموظفون الرسميون المحليون والحكومين:

إن إشراك المسؤولين المحليين، المنتخبين والمعيّنين، والمشرّعين وموظفي الوكالات الحكومية في تحسين الخدمات في مجتمعنا المحلي يمكن أن تنجم عنه آثار بعيدة المدى:

  • فهو يوفر لنا الفرصة لإعلام المسؤولين عن المسائل المهمة لمجتمعنا المحلي.

  • المشرّعون والمسؤولون الآخرون قد يتمكنون من مساعدتنا في الحصول على تمويل، أو على زيادة التمويل لمسألتنا المطروحة في كل نواحيها.

  • إن مساعدتهم إيانا على تحسين الخدمات يعطيهم "ملكية" جزئية ما يؤمن دعمهم السياسي لهذه الخدمات في المستقبل.

  • إشراكهم يجعلهم مدينين لنا إذ نوفر لهم الفرص لنسج علاقات عامة إيجابية، أو أنه يسهّل لهم القيام بوظائفهم، كما في حال الشرطة، على سبيل المثال.

جماعة الأعمال:

كثيراً ما يدرك أرباب العمل حاجات المجتمع المحلي، أو بعضها على الأقل، لأن هذه الحاجات تظهر عند العاملين لديهم. ويمكنهم أن يكونوا مخططِّين جيدين لهذه الخدمات ومنادين فاعلين بها من خلال:

  • مكانتهم في المجتمع تمكنهم من أن يقدموا دعماّ لهذه الخدمات.

  • تحسين ظروف الأفراد والمجموعات في المجتمع المحلي يحسّن أيضاً الظروف التجارية من حيث أنها توفر قوة عاملة أفضل وأكثر مهارة، وتزيد من الزبائن المحتملين، وتوفر بيئة أفضل للأعمال.

  • كثيراً ما يمكنهم أن يكونوا فعالين في جمع التمويل وأن يصلوا إلى موارد أخرى كالمساعدات العينية والمتطوعين والأمكنة، الخ.

على مستوى المجتمع المحلي عموماً:

إن مد اليد إلى المجتمع المحلي ككل طلباً للمساعدة في التخطيط وتحسين الخدمات يمكن أن يكون مهماً لأسباب عدة:

  • يمكنه أن يوفر تنوعاً من الأفكار والمعلومات.

  • قد يساعد الناس على فهم تاريخهم ما يمكن أن يؤثر بدوره على مدى النجاح في بناء الخدمات وتقديمها.

  • يمكنه أن يوفر موارد، كالمال والمتطوعين، الخ.

  • يمكنه أن يساعد أعضاء المجتمع المحلي على فهم أفضل لما يحتاجه خلق جماعة صحية للعيش والعمل فيها.

متى علينا أن نسعى إلى تنمية وتحسين الخدمات المجتمعية؟

يجب أن تكون محاولة تحسين الخدمات جهداً متواصلاً في أي جماعة كان، ويمكن أن ترشدنا الخطة الإستراتيجية إلى كثيرٍ مما يجب أن نفعل ومتى نفعل ذلك. ولكن قد توجد أوقات يصبح فيها من الملحّ، أو من الأفضل بشكل خاص، أن نحاول إجراء تغييرات إيجابية.

  • في بداية مبادرة مجتمعية واسعة النطاق وطويلة الأمد: إن إدخال تحسين الخدمات في خطة المبادرة سيضمن الاهتمام بهذه الخدمات وسيحسّسن كذلك فرص المبادرة في النجاح.

مثلا: فضلاً عن الحلول قصيرة الأمد كتوسيع دائرة الوصول إلى المشردين وزيادة عدد الأسرّة في الملجأ، يمكن أن تتضمن مبادرةٌ ما لإنهاء التشرد إما برامج جديدة أو زيادة قدرة البرامج القائمة على توفير التأهيل الوظيفي، والمهارات الأساسية، والخدمات الصحية الجسدية والنفسية، ومعالجة تعاطي المواد المخدرة، والمهارات الحياتية ( كإعداد الموازنة، والرعاية الوالدية). وقد تشمل أيضاً تطوير وبناء مساكن معقولة الإيجارات إلى جانب برامج  تربوية موجهة بشكل خاص إلى الشباب المشردين.

  • متى تعبر الحاجة عن نفسها بوضوح: عندما يصبح من الواضح أن الخدمات في منطقة معينة لم تعد ناجعة، أو عندما تنشأ مشكلة جديدة فجأة (كزيادة كبيرة في أعداد المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب، أو في أعداد الشباب الذين يتعاطون المواد المخدرة، على سبيل المثال) فكثيراً ما يكون من الممكن كسب دعم المجتمع المحلي للتغيير والتحسين.

  • عندما لا يعود ما نقوم به ينفع: إذا ما توقفت الخدمات الراهنة عن تحقيق الأثر المبتغى، يحين الوقت للتحرك وتحسينها.

  • عندما يطلب المجتمع المحلي خدمة: قد تحدد مجموعة تخطيط محلية (مثلاً، ائتلاف من المجلس البلدي، غرفة التجارة) خدمة وأن تطلب تأمينها، أوقد يلجأ قطاع من الجمهور إلى خلق رأي عام يدعم خدمات محددة.

  • عندما يتاح التمويل لأمر نحتاج إليه منذ وقت بعيد: تؤدي رياح التغيير السياسي واهتمامات وسائل الإعلام أحياناً إلى الكشف عن مسائل كانت مشكلا ت  لسنوات.عندما يحدث ذلك، كثيراً ما يصبح التمويل متاحاً ويكون من المعقول الاستفادة منه لتحسين الخدمات الخاصة بتلك المسائل.

مثلاً: في العام 1984، احتل كتاب " أميركا الأمية" الذي ألفه جوناثان كوزول العناوين الرئيسية عندما أعلن حقيقة كان يدركها المربون وغيرهم منذ عقود: هناك قطاع واسع من الأميركيين الذين لا يستطيعون القراءة أو الكتابة بما يكفي لأداء أعمالهم أداءً كاملاً في المجتمعات المعقدة في أواخر القرن العشرين.  وبدا فجأةً وكأن كل صحيفة ومجلة وكل وكالة حكومية قد اكتشفت الأمية كقضية فجرى تسليط الضوء على  مسألة طالما أُهملت. أُجريت الدراسات وزيد التمويل فبات لدى كثير من المجتمعات المحلية القدرة على خلق أو تحسين الخدمات التربوية للكبار.

خيارات في تطوير وتحسين الخدمات المجتمعية

الخيارات التي نطرح أطرها العامة في بقية هذا الفصل تغطي بعض الإرشادات العامة في مجال تحسين الخدمات، كما تطرح بعض الطرق في تحسين خدمات أساسية، أو نواتية، في المجتمع المحلي. سنَصِف هنا بإيجاز كل واحدة منها ونناقش كيف يمكن أن نطبقها على المجتمع المحلي أو الجماعة المستهدفة.

بناء وتطبيق برامج  تساعد الناس على وضع أهداف شخصية وتحقيقها:

قد تتراوح هذه البرامج بين التأهيل الوظيفي وتعاطي المواد المخدرة ( بما في ذلك التوقف عن التدخين)، وبين برامج العافية (التمارين الرياضية وأهداف ضبط الوزن) والرعاية الوالدية وصولاً إلى تغيير عام في نمط الحياة. ومهما كان تركيز هذه البرامج فإن هدفها هو تعزيز الحياة الفردية و الوصول من خلال ذلك إلى تعزيز نوعية الحياة للجماعة ككل.

وكما أن هناك طيفاً من البرامج فهناك إمكانيات واسعة في أشكال هذه البرامج. ويتطلب بعض تلك لبرامج، فعلاً، تدخلاً مهنياً (كما في معظم معالجات تعاطي المواد المخدرة) فيما يمكن تطبيق بعض البرامج الأخرى عبر الدعم المتبادل (كما في كثير من برامج تحسين العافية وبعض برامج التربية الوالدية)، والمساعدة من المتطوعين ( كما في مساعدة المسنين في أعمالهم المنزلية)، و/أو الحملات في وسائل الإعلام. وتعتمد أنواع البرامج التي يمكن أن نبنيها أو نطورها على حاجات مجتمعنا المحلي وطبيعته.

تعزيز التنسيق واتفاقيات التعاون واتفاقيات التعاضد بين الوكالات:

(أنظروا القسم 3 من هذا الفصل وكذلك الفصل 9، القسم 9: فهم وكتابة العقود ومذكرات الاتفاق، والفصل 46، القسم 6: َتشارك المواقف والموارد الأخرى). ويكاد أن يكون من الصحيح، بالمطلق، أن الخدمات أفضل حيث تكون الوكالات على اتصال وثيق فيما بينها أو حيث تنسق معاً، في أقل حد. في الحالات التي يتطلب فيها البرنامج أو المبادرة خدمات متعددة، أو حين يعمل مشارك في البرنامج مع أكثر من منظمة واحدة، يصبح من الضرورة المطلقة أن تتواصل المنظمات والوكالات وأن تعمل معاً على الخطة والغايات ذاتها.

والائتلاف المحلي يمكن أن يشجع العلاقات والترتيبات المتبادلة بين الهيئات، كما يمكن أن تفعل ذلك الاجتماعات المنتظمة، أو منسق مركزي ينسق متطلبات الممولين المتعلقة بالتعاون. وسواء جاء إطلاق الدفع التعاوني الأصلي منا أو من الوكالات أو نتيجة ضرورات خارجية (كما في المواصفات التي يضعها المموّل، مثلاً) فإن تغذية وصيانة هذا الدفع هما مفتاح تحسين الخدمات المحلية.

اجتمع أكثر من 20 من وكالات الخدمات الإنسانية والتربوية والصحية، تنفيذاً لمتطلبات المموّل، لتقديم طلب منحة تخدم صغار الأطفال وأسرهم. عندما صدرت الموافقة على المنحة، كان كثير من تلك الوكالات، التي تكاد ألا تعرف شيئاً عن وجود بعضها بعضاً، قد بدأت تعمل معاً. ومع مرور الوقت، اكتشفت هذه الهيئات وجود أرضية مشتركة واسعة في مجالات أخرى إضافة إلى تلك التي تغطيها المنحة. ونتج عن هذه الروابط عدد من اتفاقات التعاون والتشارك التي كان كثيرها لا يرتبط بخدمة الأسر التي تغطيها المنحة. وقد طرأ على نوعية الخدمات تحسن كبير للغاية وخصوصاً في مجال صحة الأسرة نتيجة لتنمية تلك العلاقات. حدث هذا في ريف ولاية ماساتْشوسيْتس.

تطوير التعاون متعدد القطاعات:

(أنظروا القسم 4 من هذا الفصل وكذلك الفصل 5، القسم 5: إنشاء الائتلاف (1): بدء الائتلاف، والقسم 6: إنشاء الائتلاف (2): صيانة الائتلاف). وكما أن العلاقات والاتفاقات بين الوكالات تحسّن الخدمات فإن العلاقات والاتفاقات بين قطاعات كاملة من المجتمع المحلي تفعل الشيء نفسه، تماماً. وحتى لو كانت وكالات محددة هي التي تقدم خدمات معينة فإن الدعم من جانب المجتمع المحلي يروّج لها ويجتذب مشاركين ويسهّل التمويل. وقد يؤدي تعاون القطاع الخاص، على سبيل المثال، إلى إنشاء خدمات موضعية في مواقع العمل ذاتها (خدمات الرفاه والصحة الجيدة، والتعليم الأساسي للكبار، والتأهيل الوظيفي)، ويوفر للموظفين وقتاً للاستفادة من الخدمات،  أو يوفر حيّزا أو تمويلا. ويمكن أن تستفيد الخدمات الموجهة إلى الشباب استفادةً كبرى من التعاون والتشارك بين الوكالات العاملة على التنمية الشبابية والشرطة ومنظمات الاستجمام والمدارس وقطاع العمال المحلي.

تطوير برنامج للتوظيف:

إن أحد أعمدة الاستقرار في المجتمع المحلي هو توافر شغل كريم يحقق ما يكفي لإعالة أسرة. ويمكن أن تشتمل برامج التشغيل على عدد من المقاربات المختلفة:

  • الاستعداد للتوظف: كتابة سيرة ذاتية موجزة، التفاهم مع الزملاء والمشرفين، الوصول إلى الشغل في الوقت المحدد كل يوم، الخ. ويمكن أن يشمل الاستعداد أيضاً تنسيقاً بين الوكالات أو القطاعات لمساعدة المشاركين على اكتساب مهارات عامة وأوراق اعتماد أخرى ضرورية  للحصول على عمل (القراءة والحساب، التعامل مع النقود، رخصة قيادة، الخ).

  • التأهيل الوظيفي: تدريب الموظفين المحتملين على الوظائف، في صناعات أو مجالات تجارية محددة ( كالعمل في مصنع محلي، مثلاً) أحيانا، أو بطرق عامة أكثر أحياناً أخرى (مهارات أمانة السر/السكرتارية، ومهارات استخدام الحاسوب/الكمبيوتر،  والأعمال في مشاغل الحديد والمعادن، الخ.).

  • ملاءمة الوظائف: إيجاد وظائف محددة لأشخاص محددين.

  • تنمية الوظائف: العمل مع أرباب العمل على خلق وظائف لمجموعات معينة من الناس أو توظيفها ( كجماعات الناس الذين انضموا إلى الذين يتلقون مساعدات اجتماعية مؤخراً، أو المتخرجون من برنامج التأهيل، الخ).

تطوير برامج للنشاط البدني أو الاستجمام: النشاط البدني (كالرياضة وركوب الدراجات والسباحة...الخ) مهم للغاية لعافية الناس وصحتهم الطيبة. ولكن الاستجمام بأشكاله المختلفة هو جزء لا يتجزأ من الحياة الكريمة. فهو يحرر من التوتر والضغط ويوفر فرصاً لأفراد الأسر لكي يلعبوا معاً وتتوثق روابطهم، ويقوي العلاقات بين أناس من خلفيات متنوعة، ويوفر المتعة والاسترخاء اللذين يحتاج إليهما كل إنسان لحياة متوازنة.

ويمكن أن يشتمل الاستجمام المجتمعي على أكثر من الرياضة أو أماكن للاستجمام. وتضم الإمكانيات توفير عروض عامة مجانية أو غير مكلفة، مسرحية كانتً  أو موسيقيةً أو راقصة، وكذلك البرامج الصيفية وأنشطة ما بعد المدرسة، والمسرح المحلي، والفرق الموسيقية والغنائية التي يتلقى المشاركون فيها من المجتمع المحلي التأهيل وفرص الأداء، وحفظ المساحات الخضراء والبيئة الطبيعية لكي يتمتع بها الجميع.

في العادة، يصعب الترويج للاستجمام في مجتمع يكافح ضد عدد كبير من المشكلات. فقد يرى فيه الناس ترفاً لكنه مهم لتعزيز نوعية حياة الناس، مثله في ذلك مثل الخدمات الأساسية الأخرى.

تنمية الخدمات الصحية والمجتمعية  وزيادة فرص الوصول إليها:

(انظروا القسم 7 من هذا الفصل وكذلك الفصل 23: تطوير وزيادة الوصول إلى  والعوائق والفرص). حتى أفضل الخدمات في العالم يصبح عديم النفع إن لم يستخدمه أحد. وقد يعود أحد أسباب قلة الوصول إلى الخدمات، في جزء منه على الأقل، إلى مسألة التمويل، أي وجود مال لبدء أو توسيع برامج تلبي حاجة المجتمع المحلي. إلا أنه، وفضلاً عن ذلك، يبقى الوصول إلى الخدمات منقوصاً ما دامت الخدمات غير فعالة، أو إن كانت سيئة السمعة – سواء كان لذلك ما يبرره أم لا - أو إذا كانت ترتيبات إيصال الخدمات غير ملائمة أو كان تطبيقها سيئاً، أو إذا كانت معاملة المشاركين المحتملين أو الفعليين تفتقر إلى الاحترام، أو إنْ لم تكن الخدمات في متناول مجموعات محددة – كالأشخاص المعوقين أو الذين لا يتكلمون لغة البلد، الخ.

يبقى الوصول إلى الخدمات مسألة أساسية بغض النظر عن الخدمات المقدمة، وتبقى زيادة الوصول إليها حجر زاوية في تحسين الخدمات المجتمعية.

تأسيس برامج الأقران للتثقيف:

(انظروا القسم 8 من هذا الفصل). في بعض الأحيان، تكون أفضل طريقة لإيصال المعرفة والمعلومات إلى مجموعات بعينها (كالشباب أو مجموعة ناطقة بلغة واحدة أو وافدة من من بلد واحد) في استخدام أعضاء من المجموعة نفسها. على سبيل المثال، فإن تدريب شباب على تثقيف شباب آخرين عن التربية الجنسية أو على الوقاية من المخدرات والتدخين، أو تعليم مجموعة من المواطنات أو العاملات الأجانب كيفية مساعدة زميلاتهن في التعلم عن الرضاعة الطبيعية أو عن الفحص الذاتي والفحص الإشعاعي للوقاية من سرطان الثدي...هي من طرق كثيرة لبناء برنامج تثقيفي للأقران.

إن الوصول إلى الناس في أحيائهم من خلال مثقِّفين مألوفين كثيراً ما يساعدنا على زيادة كلٍّ من المشاركة واحتمال أن تنجز الخدمة غرضها.

تعزيز أنشطة بديلة للشباب تحت الإشراف:

في كثير من المجتمعات (وخصوصاً في المجتمعات المحلية الريفية أو في أحياء وضواحي الدخل المحدود) لا يوجد إلا القليل مما يمكن أن يفعله المراهقون ومَن هم دون سن المراهقة. ينجذب الأطفال في هذه الأعمار، بعضهم إلى بعض، وقد يعوزهم الحكم الصائب في غياب إشراف، وقد ينخرطون في سلوك خطير أو مخالف للقانون. ويزداد في المدن خطر وقوعهم فريسة تعاطي المواد، وإغراءات العصابات وإغواء الشوارع.

إن الأنشطة تحت الإشراف (الأنشطة الممتعة فعلاً و/أو المقْنِعة والتي يرى الشباب أنها أفضل من البدائل التي يعرضها الشارع) يمكن أن تفعل الكثير لتغيير دينامية العلاقة بين الفتية ومجتمعهم. ويمكنها أيضاً أن تزود المراهقين ببالغين يهتمون لأمرهم ويمكنهم أن يلعبوا دور القدوة، وأن تساعد المجتمع من حولهم على أن ينظر إلى الشباب على أنهم مورد بدلاً من أن يكونوا مصدر إزعاج أو خطر.

يعلّم كثير من هذه البرامج الاعتماد على الذات، وحل المشكلات أو المهارات في إدارة العلاقات بين الأشخاص (كحل النزاعات والتوسط بين الرفاق). وقد تشرك الشباب في الفنون والرياضة أو في دورات تدرب على العمل. ومهما كان شكلها، فإن الخدمات المحسنة للشباب تنفع المجتمع وتسهم في بناء مناخ

يؤدي إلى تحسين مجمل الخدمات.

على التخطيط لبرامج الشباب أن يراعي مشاركة الشباب الذين نتوجه إليهم مشاركة كاملة. وكثيراً ما يحصل أن يخلق الكبار برامج هي نتاج عقولهم هم والتي يبدو وكأن أصحابها لم يمروا بمرحلة مراهقة من قبل. يتجنب الفتية مثل هذه البرامج لأنها لا تخاطب وقائع حياتهم وتحاول أن تصبّهم في قوالب الكبار التي هي، ببساطة، الشكل الخطأ. تساعدنا عملية التخطيط التشاركي على تجنب هذه المشكلة وعلى بناء أنشطة يرغب المراهقون بالمشاركة فيها.

بناء برامج صحة مرتبط بالمدرسة:

كثيراً ما ينزلق طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، بمن فيهن المتسربون، عبر شروخ نظام الرعاية الصحية. وما لم يكن الأهل ممن يدرك أهمية الفحوصات الطبية المنتظمة وأهمية العافية فقد لا يزور المراهقون الطبيب أو المرشد الصحي إلا بشكل متقطع، هذا إذا ما زاروه أصلا.  في الوقت نفسه، يتعرض هؤلاء الشباب إلى مخاطر الأمراض المنتقلة جنسياً، والتزويج المبكر، والحمل المبكر، وتعاطي المواد المخدرة، والعنف، سوء التغذية.

تصل البرامج المرتبطة بالمدارس إلى السكان عبر إقامة علاقات مع المدارس ومخاطبة احتياجات المراهقين. وقد تتجنب هذه المراكز الصحية، أحياناً، اللجان المدرسية والإجراءات الرسمية (خصوصاً إذا ما كانت تعرقل نشر التربية الإنجابية والتربية الجنسية والصحة النفسية ومسائل المخدرات وغيرها من ضرورات مرحلة المراهقة) فتنشط خارج حرم المدرسة. إلا هذه البرامج تعمل كعناصر مرجعية، إحداها للأخرى،  لكنها قد ترتبط فيما بينها بصلات غير رسمية. وتكون هذه البرامج، في العادة، مجدية اقتصادياً ( إذ يمكن أن تخدم عيادة واحدة طلاب عدة مدارس فضلاً عن خدمة المتسربين والمراهقين المشردين) وتمدّ خدماتها إلى فئات صعبة من السكان لخفض حالات تعاطي المخدرات والعنف والحمل المبكر والأمراض الجنسية وغيرها من مشكلات المراهقين الصحية الخطرة.

لا تخرج جميع برامج الصحة المرتبطة بالمدارس من القالب ذاته.: يجب تصميم كل برنامج خصيصاً لكل مجتمع محلي. ويمكن لمركز صحي مرتبط بالمدارس أن يكون جزءاً من تحسين الخدمات الصحية في المجتمع المحلي عندما تكون صحة المراهقين مصدر قلق.

تطبيق برامج الزائر المنزلي:

إحدى طرق تحسين الخدمات هي إحضارها إلى المنزل مباشرة. برامج الزائر المنزلي لرعاية المواليد، والمسنين، والأشخاص ذوي الإعاقة، وأطفال الحاجات الخاصة، توفر الخدمات في بيوت الناس من دون مشكلات من نوع النقل إلى المركز أو الاهتمام بالصغار في غياب الأهل في المركز أو إضاعة الوقت بعيداً عن البيت. فضلاً عن ذلك، توفر البرامج للزائرين فرصة ليروا كيف تتفاعل الأم مع  طفلها، أو مدى قدرة الشخص المعوّق أو المسن على التحرك في البيت والاهتمام بنفسه. هذا يمكّنهم من التدخل فوراً باقتراحٍ أو تجهيزات أو عرض لمهارة، الخ، ما يحسّن الوضع في الحال.

إن برامج الزيارات المنزلية (خصوصاً تلك التي تعمل على تعزيز مهارات الرعاية الوالدية ومهارات المحافظة على استقلالية المسنين والأشخاص المعوقين)  يمكنها أن تترك أثراً مهماً على حياة المجتمع من خلال منع مشكلات محتملة، وتوفير المال العام والخاص، وإثراء الحياة الاجتماعية بمساعدة هؤلاء الناس على البقاء في الحي بدلاً من أن ينتهوا في المراكز.

تخطيط وبناء برنامج لتعلم الكبار

(انظروا الفصل 24، القسم 12: تخطيط برنامج لتعلم الكبار القراءة والكتابة والحساب والقسم 13: تأسيس برناج لتعلم الكبار القراءة والكتابة والحساب). لم يعد اكتساب مهارات القراءة والكتابة والحساب مجرد همٍّ تعليمي عند المجتمعات بل بات همّاً اجتماعياً واقتصادياً كذلك. فقد أصبحت تلك المهارات اليوم من متطلبات التدريب الوظيفي، والرعاية الوالدية، والتثقيف الصحي والخدمات الأخرى. والمجتمع المحلي الذي يتمكن من توفير هذه المهارات للكبار يزيد بشكل كبير من فرص الناس الذين اكتسبوا مهارات القراءة والكتابة والحساب من الحصول على وظائف والمحافظة عليها، وعلى مساندة أنفسهم وأسرهم ، وتعزيز دورهم كأبوين وأفراد في الأسرة، فضلاً عن تشجيعهم على المشاركة كمواطنين.

في أثناء التخطيط لبرنامج في مجتمعكم ، من المفيد التفكير في أنواع الحاجات التعلمية الأهم، وأنواع البرامج التي يمكن أن تخدم المتعلمين أكثر من غيرها. على سبيل المثال، قد تحتاج مجتمعات فيها مجموعات كبيرة من العمالة الوافدة إلى تعلم العربية (أو الإنجليزية بحسب اللغة السائدة في بيئة العمل والسكن) أكثر من برنامج لتعليم القراءة والكتابة والحساب للسكان الناطقين بها. والبرامج التي تعطي المتعلمين القدرة على التحكم بما يتعلمون تختلف اختلافاً كبيراً في بنيتها ومحتواها- ناهيك عن فلسفتها- عن البرامج التي تتخذ شكل التعليم المدرسي حيث المعلم هو المسؤول. لذا علينا تقدير حاجات مجتمعنا الحقيقية لتحديد نوع البرنامج المرشح للنجاح أكثر من غيره.

تعزيز المقدرات أو الإمكانات  النمائية عند الأطفال:

يشير عمل "معهد البحث"  Search Institute وغيره إلى أن هناك عدداً من العوامل المجتمعية والأسرية والشخصية التي تساعد الأطفال على التقدم نحو النمو الصحي والتطور ونحو مرحلة رشد ناجحة. وحين يقوم المجتمع بإجراء تقدير لنفسه فهو يكتشف المقدرات النمائية التي يوفرها أو يدعمها بما يكفي فعلاً، وتلك التي يجب أن يعمل على تحسينها. وقد يشمل التحسين أحياناً إدخال أو توسيع خدمات. في أحيان أخرى، قد يعني ذلك تشجيع الجمهور على دعم – أو رفض – أنماط معينة من السلوك، أو تغييراً في السياسات أو التشريعات، أو تغييراً في البيئة المحيطة لجعلها أكثر صحة وأماناً للأطفال. ومهما كان الوضع، فإن مفهوم "المقدّرات النمائية" يقوم على افتراض مستعار من مثل إفريقي يقول إن تنشئة طفلِ تتطلب قرية بكاملها. (للمزيد عن المقدّرات النمائية انظروا الفصل 2، القسم 4: تنمية المقدرات).

تعزيز الموارد من أجل التنمية الشبابية:

هذا التعزيز يماثل التشجيع على تحسين عملية تنمية الأصول أو المقْدِرات الموجودة، ولو كان يختلف عنها. وهو يمكن أن يتضمن توفير الموارد لهذه الفعالية كالتمويل، والمتطوعين، والأفكار، والمناهج، والوظائف...الخ. ويمكن أن يشتمل أيضاً على أنشطة تقوم بها منظمات خدمة الشباب والتي تساعد الشباب على تحقيق أهدافٍ  من نوع رعاية البالغين، وتوفير أماكن آمنة للسكن والتعلم والعمل واللعب، وبداية عادلة في الحياة، والمهارات التي يمكن تسويقها لتمكينهم من إعالة أنفسهم، وكذلك توفير فرص لأداء الخدمة. وحيث تتاح مثل هذه الظروف، فإن مموِّلين معنيّين والمجتمعات المحلية يقدّمون الموارد للبرامج والمبادرات التي تخاطب واحداً أو أكثر من تلك الأهداف الخمسة (للإطلاع على نموذج عما سبق يمكن زيارة موقع منظمة (America’s Promises.

وسواء وُجدت برامج فاعلة من هذا القبيل أم لا، فإن في مقدور المجتمع المحلي أن يلتزم توفير الموارد للخدمات التي تستهدف تنمية الشباب. مثل هذه الخدمات يمكن أن تشمل برامج ما بعد اليوم المدرسي، وفرصاً مدفوعة للمتدربين في الخدمة المجتمعية، وألعاب كرة السلة وغيرها ليلاً...الخ. وكما ذكرنا أعلاه،  ليس من الضروري أن تكون الموارد مالية، فأعضاء المجتمع المحلي المتطوعون لإرشاد الشباب المعرضين للمخاطر، مثلاً، يمكن أن يشكّلوا أداة ثمينة في تحسن الخدمات في هذا المجال.

برامج تعزيز رعاية الأطفال:

تشكل رعاية الأطفال الآمنة والموثوقة والمُحِبّة حاجةً أساسية عند الأُسَر التي تسعى إلى الحصول على خدمات مجتمعية أو عمل. أما الأشخاص الذين يعيشون على الإعاشة الاجتماعية والذين يُطلب منهم أن يعملوا أو يتطوعوا، فإن مثل هذه الحاجة تشكل أكبر حجر عثرة أمام تحقيق التزاماتهم واكتساب استقلالهم. وتمثل هذه الحاجة عسراً مالياً حقيقياً للوالدين اللذين يشتغلان، بل يمكن أن تهدد قدرتهما على العمل والاحتفاظ بعمليهما. والواقع أن جعل رعاية الأطفال آمنة ومؤهلة ومقدوراً عليها مالياً ومتاحة فعلاً لجميع من يحتاج إليها لهو واحد من أهم الأشياء التي يمكن أن يفعلها المجتمع المحلي من أجل خفض الضغوط وتحسين نوعية حياة مواطنيه.

تتطلب برامج تعزيز رعاية الأطفال تمويل المواد واستخدام عاملين مدرَّبين، وتدريب عاملين أو مزوِّدين جدد، وتجهيز المكان أو إقناع – أو دعم – أصحاب العمل من أجل أن يرعوا برامج محلية، فضلاً عن احتمالات أخرى. وكما شددنا تكراراً هنا وفي مواقع أخرى من "عدة المجتمع المحلي"، فحتى أفضل الخدمات يمكن أن يفشل في حال لم يعمد الناس إلى الانتفاع بها. وتقع رعاية الأطفال المقبولة في صلب تحسين الخدمات للمجتمع المحلي ككل.

يناقش كل قسم من أقسام هذا الفصل الباقية واحداً من هذه الخيارات مناقشة مفصلة. والنقطة الأخيرة هنا تشير إلى تلك التي ترد في نهاية كل قسم تقريباً: يجب أن نواظب على ما نقوم به لوقت طويل. ففي حين ستؤدي هذه الخيارات إلى تحسين الخدمات فإن ذلك التحسن لن يُديم نفسه. فهذه ليست أعمالاً قصيرة المدى أو لمرة واحدة: إن كلاً منها يُقصد به أن يُنفَّذ إلى ما لا نهاية فور وصوله إلى المستوى الذي يلبي حاجة المجتمع المحلي. تخيّلوا الأمر وكأنه، حرفياً، بناء مجتمع محلي أو جماعة. إذ فور اكتمال عملية بناء المجتمع المحلي أو الجماعة فإنها تصبح في حاجة إلى إدامة وصيانة حتى تستمر. فالتسرب يجب وقفه، والسقف والعتبات يجب استبدالها من وقت إلى آخر، والنوافذ المكسرة يجب إصلاحها والجدران دهنها. من دون هذه العناية يضعف البناء ويتهاوى. كذلك فمن دون الصيانة اللازمة تواجه البرامج والمبادرات المصير نفسه. إن بناءها وتحسينها والاستمرار في تحسينها يعني عملاً مستمراً طالما استمرت الحاجة إلى الخدمات.

باختصار

يوفر كل مجتمع محلي، أو في مقدوره أن يوفر، ثلاثة أنواع من الخدمات العامة: الخدمات الأساسية (الماء، الإطفاء، الشرطة والمدارس) التي قد تعتبر مفروغاً منها، والخدمات الوقائية (الصحة، والتأهيل الوظيفي، والإسكان، وتعليم الكبار القراءة والكتابة والحساب) التي تلبي حاجات قد تؤدي إلى مشكلات خطيرة في المستقبل، فضلاً عن الخدمات التصحيحية وخدمات الطوارئ (مآوي المشردين، ومخازن المواد الغذائية) والتي توجد لتصحيح مشكلات مجتمعية محددة أو التصدي لحالات الطوارئ. ويتطلب بناء وتحسين الخدمات العامة التعامل مع الأنواع الثلاثة (مع تشديد أكبر على النوعين الثاني والثالث اللذين لا يُرجَّح حصولها على التمويل الكامل أو الدعم مقارنة بالنوع الأول)، كما يتطلب أن نختار من الطرق المتاحة تلك التي يمكن أن تخلق الأثر الأكبر على نوعية حياة الناس على المدى الطويل.

على كلٍّ من السكان المستهدَفين، ومنظمات وجماعات الصحة والخدمات الإنسانية والمجتمعية، والناشطين، والموظفين الرسميين المحليين، وجماعة الأعمال، والمواطنون عموماً، أن ينخرط في تخطيط وتنفيذ الخيارات المطروحة. ويجب أن يكون بناء وتحسين الخدمات جزءاً من خطة المجتمع المحلي طويلة المدى إلا أنها تكتسب أهمية خاصة حيث تدعو الحاجة إليها. ويمكن أن يشكل أيٌّ من الحالات التالية سبباً وجيهاً لإطلاق عملية تحسين الخدمات: من نوع بدء مبادرة جديدة، أو اكتشاف حاجة، أو إدراك أن الجهود السابقة لم تنجح، أو احتجاج شعبي صارخ، أو توفر تمويل لملء ثغرة.

إن بعض أكثر الخيارات انتشاراً وفاعلية في بناء وتحسين الخدمات يجري مناقشتها في بقية الأقسام من هذا الفصل. وهي ترتكز على المجالات المختلفة غير أنها تشترك في أمر واحد: كلها تتطلب جهداً مستداماً على الأمد الطويل إذا كان لها أن تحقق مفعولاً حقيقياً.

Contributor 
Phil Rabinowitz

موارد

http://www.glasgow.gov.uk/en/Residents/Care_Support/Homelessness/ChangingGlasgowsServices/DevelopingServices/
The city of Glasgow, Scotland’s plan for developing services to end homelessness. Link to the full pdf report as well as summaries of Glasgow’s strategy.

http://www.mdrc.org/publications/385/overview.html
Summary of the MDRC report “Building Bridges to Self-Sufficiency: Improving Services for Low-Income Working Families,” with a link to the full report.

http://www.urban.org/UploadedPDF/310572_OutcomeInformation.pdf
“Making Use of Outcome Information for Improving Services: Recommendations for Nonprofits.” A report by the Urban Institute.