- لماذا إشراك الأشخاص الأكثر تأثراً بالمشكلات؟
- كيف يمكن للأشخاص المتأثرين بالمشكلة أن ينخرطوا؟
- مِمن يجب أن نطلب المشاركة؟
- ما هي بعض العقبات المحتملة أمام المشاركة؟
- كيف نحفّز المواطنين على الانخراط والبقاء منخرطين؟
المشكلات الاجتماعية أو المجتمعية هي مشكلات تشمل، بتعريفها، عدداً كبيراً من الناس. وللأسف، غالباً ما يكون مَن يحدّد تعريف هذه المشكلات بالإضافة إلى حلولها هم الذين يتمتعون بالنفوذ الاجتماعي والاقتصادي، مثل المسؤولين الحكوميين أو مجموعات المصالح أو قادة المجتمعات المحلية. وفيما يتأثر الجميع بشكل غير مباشر بالمشكلات الاجتماعية فإنه غالباً ما يجري ترك أولئك الذين يعيشونها بشكل مباشر خارج عملية تحديد ما هي المشكلة فعليّاً.
لماذا إشراك الأشخاص الأكثر تأثراً بالمشكلات؟
لنفترض أن لديكم حصى في حذائكم. لا أحد غيركم يعرف تماماً ما هو الشعور بالحصى. قد يكون آخرون قد قرؤوا عن الحصى، أو شاهدوها، أو حتى قد يكون أحدهم اختبر بحصة علقت في صندله، ولكنكم أنتم الخبراء في هذه الواقعة الخاصة لأنكم تعيشونها.
ينطبق المنطق نفسه على المشكلات الاجتماعية والمجتمعية المحلية. الأشخاص الذين يعيشون المشكلة بشكل مباشر لديهم رؤية لحاجاتهم تختلف تماماً عن رؤية سياسيّ قرأ عن المشكلة في الجريدة فحسب، أو عن رؤية اختصاصي مساعِد كان قد كتب مرّة أطروحة جامعية عن المشكلة.
هنالك طريقتان مهمتان لإشراك الناس المتأثرين بالمشكلة في المساعدة على حلّها:
الطريقة الأولى هي الاستماع إليهم لكي يصبح لدينا فهمٌ أفضل لأسباب المشكلة، والعقبات التي تواجه إدارة المشكلة أو تجنبها، ولأفكارنا في حل المشكلة.
الطريقة الثانية، هي أن ينخرطوا عبر المشاركة في المبادرة أو البرنامج الذي يجري تطويره، من خلال المساعدة على تمكينهم من التعاطي مع المشكلات التي يواجهونها. من الأفضل دائماً للناس أن يشاركوا، ولكن إذا كان المتأثرون بالمشكلة لا يريدون ذلك فإن الاستماع إليهم يبقى طريقة جيدة لبداية بناء العلاقة معهم.
كيف يمكن للأشخاص المتأثرين بالمشكلة أن ينخرطوا؟
يستطيع الأشخاص الانخراط من خلال عدّة طرائق، فيما يلي بعضها:
-
المشاركة في مسارات التخطيط - كبناء الأهداف أو تعريف المشكلة
-
التبرع بالمال أو المساعدة في جهود جمع التمويل
-
التطوع للعمل في المكتب أو الرد على الهاتف أو متابعة البريد أو القيام بالاتصالات الهاتفية
-
القيام بأبحاث أو كتابة مشاريع من أجل المنح أو التعاطي مع المراسلات
-
حضور نشاطات عامة كالتجمعات أو الجلسات المحلية أو نشاطات جمع التمويل أو التبرعات
-
الخدمة في لجان تركّز على مشكلات أو نشاطات محدّدة
-
أخذ أدوار قيادية في شراكة مجتمعية
عند تفحّص المشكلة تصبح زوايا نظر كافة أنواع الناس والقطاعات في المجتمع المحلي ضرورية. مثلاً: إن حاجات وأفكار والدة مراهق يتعاطى المخدرات تختلف تماماً عن حاجات وأفكار ابنها، مع أنّ مسألة المواد المخدرة والمراهقة يؤثر عليهما معاً. للأسف، كثيراً ما يجري تجاهل الناس الذين يعيشون المشكلة مباشرة، أو في حال جرى شملهم فإن ذلك يتم ذلك بأشكال ثانوية.
مِمَّن يجب أن نطلب المشاركة؟
يتنوع المتأثرون بالمشكلة أو المسألة بحسب الطبقة الاجتماعية أو الجندر أو العرق أو الإثنية أو الميول الجنسية أو العمر أو الدين أو الثقافة. المهم أن نعتبر الجميع، فقد يكون الناس المتأثرون هم أهم المشاركين في المبادرة.
على سبيل المثال: في حال كنتم تعملون على مبادرة للوقاية من انتحار الشباب (أو تعاطي المخدرات) فيكون من المهم إشراك أكبر عدد ممكن من الشباب. عليكم أيضاً إشراك أشخاص تأثروا سابقاً بانتحار شباب كأصدقاء أو أعضاء من عائلة شباب أقدموا على الانتحار، أو شباب نجوا من محاولات انتحار.
انتبهوا بشكل خاص إلى المجموعات التي يجري تجاهلها عادةً أو تتعرض للتمييز ضدها أو إقصاؤها. يشمل ذلك الوصول إلى الأقليات والناس المهمّشين اقتصادياً.
قد لا يكون من السهل جعل هؤلاء المتأثرين بالمشكلة يشاركون، بشكل خاص إذا كانت المشكلة تتضمن وصمةً أو أموراً غير مشروعة. أحياناً تصبح المشكلة بذاتها العقبة أمام المشاركة الفعالة.
يوجد بعض الأمور التي يمكن أن تقوموا بها باستدراج الناس المتأثرين بالمشكلة إلى جهود حلّها. إنها الأمور التي تساعد، سواء كنتم تريدون استقطابهم للمشاركة في جلسات الاستماع وعمل اللجان أم كنتم تسعون إلى تمكينهم من الانخراط في التنظيم والمناداة. فيما يلي بعض الأفكار التي ستساعدكم:
-
يختلف كل مجتمع محلي عن الآخر. من هنا، ينبغي التآلف مع مجتمعكم المحلي من خلال طرح الأسئلة التالية: أين يعمل الناس؟ أين يجتمعون؟ أين يتلقون الخدمات؟ أين يتسوقون؟ كيف يصلون إلى المعلومات؟ كيف يترددون إلى المدارس أو إلى المراكز الدينية؟
-
يشارك الناس أحياناً أصلاً في مجموعات مدنية كمجالس الهيئات واللجان الاستشارية ومجالس الأحياء والمنظمات المجتمعية المحلية والحركات الاجتماعية وجمعيات تحسين الأحياء.
-
يمكنكم البحث عمّا هو موجود في مجتمعكم من خلال الاتصال بالمختار أو مكتب رئيس البلدية أو غرفة التجارة أو مسؤولين في البلدية أو وكالات معلومات أو قادة في الجمعيات غير الربحية أو الكشافة وغيرها.
-
الاجتماعات والمنتديات العامة قد تكون فعالّة أيضاً في الوصول إلى الناس غير الموجودين في أية مجموعة. نظموا دعاية مبتكرة للوصول إلى المجوعات المستهدَفة، وتذكّروا أن تعقدوا الاجتماعات في أوقات وأماكن مناسبة. خططوا بدقة وعناية بحيث لا يكون عدد المشاركين في الاجتماعات كبيراً جدّاً وذلك لكي تكون فعالة. فالقاعدة تقول إن المجموعات التي تتضمن أكثر من 20 شخصاً تخسر شيئاً من فعاليتها.
-
تختلف جلسات الاستماع بعض الشيء عن الاجتماعات والمنتديات العامة بأنّ الأولى مصمّمة خصّيصاً للسماح للمواطنين بأن يُسمعوا صوتهم في المسائل والمشكلات التي تهمهم. ويشكّل تنظيم منتدى عام أو جلسة استماع طريقة جيدة لجعل الناس يعرفون بشكل عام أنّكم فعلاً مهتمون بوجهات نظرهم وأفكارهم، وقد يكون مفيداً في تشجيعهم على المزيد من الانخراط في المبادرة. يعطيكم الفصل 3، القسم 3: إقامة منتديات عامة وجلسات استماع بعض الخطوط العريضة التوجيهية المفيدة عن كيفية القيام بذلك.
ما هي بعض العقبات المحتملة أمام المشاركة؟
من السهل أن نلوم فقدان الدافع وغياب المبالاة على انخفاض مستويات المشاركة، بشكل خاص إذا واجهَت جهودُنا لتشجيع المشاركة إحباطاً، وقد نجد أنفسنا مثبطي الهمّة لدرجة أننا قد نعتقد أن الأهالي غير مهتمين بصحة العائلة أو أنّ المراهقين لا يريدون وقف العنف في المدارس وعلى الطرقات. أمّا في الواقع فغالباً ما تكون هنالك أمور أخرى تمنع انخراط الناس مثل غياب وسائل النقل أو رعاية الأطفال في غيابهم.
بعض الناس الذين ترغبون في انخراطهم قد يحتاج إلى تعلم بعض الأساسيات عن القيام بهذا النوع من العمل. قد يحتاجون إلى تعلم المشاركة في ما يجري حولهم، وإلى تسجيل النقاط الأساسية من أجل تذكّر ما تم نقاشه، وإلى فهم النزاعات وحلها (بدلاً من تجاهلها أو أخذها على منحى شخصي)، وإلى جعل صوتهم مسموعاً دون أخذ الاجتماع إلى اتجاه آخر، الخ. بعضنا تعلّم هذه المهارات من خلال التدريب أو العمل، وأصبح يعتبرها تحصيلاً حاصلاً، ولكن الكثير من الأشخاص قد لا يكون قد تلقّى هذا النوع من التدريب، وقد يُحبطون بسهولة ويختفون من منظمتكم. بعض الطرق لمساعدتهم على تخطي ذلك هي تشبيكهم مع مرشدين من المجموعة، أو تنظيم نوع من التدريب للتعاطي مع هذه المسائل (والأفضل أن يكون التدريب للجميع وليس فقط لهم)، أو محاولة إيجاد دور لهم يفهمون أهميته ما يجعلهم يحقّقون ذاتهم بشكل جيّد فيما يتعلّمون المهارات اللازمة، الخ.
قبل محاولة إشراك الناس، اسألوا أنفسكم عن العوائق التي قد تمنع مشاركة هؤلاء المتأثرين بالمشكلة:
-
الأفكار المسبقة والمواقف في منظمتكم: هل لديكم مواقف إيجابية أم أنكم تجدون أنفسكم تفكّرون بأمور كالتالي: "لن أستطيع العمل أبداً على جعل الأهالي يشاركون في المبادرة لأنهم دائماً مشغولون ولا وقت لديهم للانخراط في أي مبادرة"؟ الموقف المتشائم يظهر دائماً، مهما حاولتم إخفاءه. في حال رأى الناس أنكم لستم متحمّسين أو متفائلين بانخراطهم، عندها لن يستثمروا الكثير من تلقاء أنفسهم. أعطوا الناس الفرصة وتوقعوا منهم الأفضل.
-
تواصل مجتمعي غير مناسب: بكل بساطة، قد لا يكون الناس يعرفون المجالات المتاحة للانخراط في المجتمع المحلي. حاولوا التواصل مع مجموعات تعمل على نفس المسائل التي تعملون عليها من أجل معرفة كيف يمكن إشراك الناس. حاولوا أن تجدوا طرقاً لإعلام المجتمع المحلي أنكم تبحثون عن أشخاص للانضمام إلى جهودكم.
-
الخبرة المحدودة: قد يتجنّب الناس الانخراط لمجرّد أنّهم لم يختبروا العمل الجماعي، وعليه، هم لا يعرفون ما هو متوقَّع منهم، وكيف يمكنهم إحداث الفرق، أو ما إذا سيكون مُرحّباً بهم. يرى العديد من الناس أن المشاركة بطريقة غير مألوفة - كحضور اجتماع للحي- قد تسبّب قلقاً أو متاعب. كونوا واضحين جدّاً حول ما يمكنهم توقّع حدوثه في الاجتماع، والدور الذي بمكن أن ينتظرهم في المنظمة، وما سيكون متوقَّعاً منهم في حال انخرطوا. تأكّدوا من أن الناس يعرفون أنكم حاضرون في حال للرد على تساؤلاتهم، واحرصوا على أن تكونوا ودّيين وواضحين عندما تجيبون عن هذه الأسئلة.
-
تاريخ من التجاهل: يكون الأشخاص المتأثرون بالمشكلة قد عانوا أحياناً من تجاهلهم، أو يمكن أن يكونوا قد حاولوا المشاركة في الماضي، ولكن لم يُسمح لهم إلاّ بالمشاركة في أعمال رمزية. عدد قليل فقط من القادة المنظّمين قد يكون استمع فعلاً وجدّياً إليهم وأشركهم بفعالية في مسارات التخطيط والتنظيم والتقييم. عندما يتعود الناس على أن يتوقعوا تجاهلهم سيقلّ حتى احتمال محاولة الانخراط.
-
القادة الممانعون: قد يرى الناس المتأثرون بالمشكلة قادتهم كممانعين لاشتراكهم. هل القادة مستعدّون لإعادة التفكير في جداول أعمالهم وفقاً لمعطيات المواطنين؟ هل القادة قادرون على الاستماع ومتابعة ما سمعوه؟ من المهم أن يشعر المواطنون أنّ ما يقولونه له قيمة حتى يبقوا منخرطين.
-
شعور بالعجز: إنّ تعقيدات العمل السياسي يمكن أن تجفّل المواطنين وتمنعهم من الانخراط. المستويات المتعدّدة للعمل الحكومي تجعل من الصعب لأيّ كان معرفة مِن أين يبدأ، ومَن الذي يجب مقاربته، وكيف يمكن أن يكون مؤثراً. الوعي والتثقيف عن هذه العمليات يساعدان الأفراد على كسب الثقة بالنفس. قد يخاف الناس في لبداية من التكلّم لأنهم لا يفهمون كل ما يحصل وهم لا يريدون أن يبدوا أغبياء.
-
قلّة الوقت: يشكّل تنظيمُ مواعيد مناسبة للناس للاجتماع نقطةً أساسية، بما أنّه غالباً ما يكون وقت الناس ضيّقا. خذوا بعين الاعتبار متى يكون جمهوركم المستهدف متوفراً لكي يتمكن من المشاركة. فمثلاً، إذا أردتم العديد من الأشخاص الذين يعملون في دوامات ليلية أن ينخرطوا فعليكم توفير مواعيد لا تتعارض مع أوقات عملهم. إضافةً إلى ذلك يجب ألاّ تدوم الاجتماعات والنشاطات مدةً أطول مّما يلزم حتى لا يشعر الناس أن وقتهم يُهدر.
-
غياب وسائل النقل: حاولوا حيث أمكن تأمين النقل لمَن ليس لديه مال أو فرصة لاستخدام وسائل النقل. كما يجب أن تكون الاجتماعات في أماكن قريبة قدر الإمكان إلى المشاركين وفي أمكنة يعرفونها جيّداً، كالمدارس أو المكتبات. وإذا توفّر النقل العام قرب مكان الاجتماع فعليكم إعلام المشاركين بذلك.
-
غياب رعاية الأطفال: عدم التمكن من إيجاد رعاية يُعتمد عليها للأطفال أو الاضطرار إلى دفع المال لحاضنة الأطفال قد يكونان عائقين كبيرين أمام الأهل الذين قد يشاركون لولا هذا السبب. فكّروا بطرق يمكن من خلالها توفير رعاية الأطفال. فمثلاً، يمكن لكم تأمين رعاية للأطفال في مكان الاجتماع، أو أن تجعلوا الأهالي المشاركين ينظّمون تبادل الأدوار في تأمين الرعاية.
-
القادة أو المواطنون الملتزمون بشكل مبالغ فيه: في حال حاول المشاركون القيام بأكثر من الممكن والواقعي فقد يغادر الآخرون الذين لا يتمتعون بالوقت والقدرة على العمل على المسألة بنفس القدر. حاولوا جعل الإيقاع مقبولاً واعملوا على مَطالب واقعية من أنفسكم ومن الآخرين.
-
انخراط العديد من الأشخاص: تميل المجموعات الأصغر إلى العمل بشكل أسرع. استخدموا مجموعات أكثر بأعداد أقل حتى يستطيع كل فرد أن يُسمع صوته وأن يَشعر بأهميته بدلاً من الشعور بالإهمال.
-
التنظيم الضعيف لمجموعات التحرك الموجودة: في حال وُجدت مجموعات أخرى تتحرك ربطاً بالمسألة المطروحة فعليكم تنظيم الجهود والموارد بشكل لا يُحدث ازدواجية في الوقت والطاقات. في حال كانت هذه المجموعات مستخدَمة ومنظّمة بشكل ضعيف فعليكم أن تساعدوهم على إعادة تنظيم أنفسهم أو على الانضمام إلى مجموعات أخرى.
-
تاريخ من الاجتماعات غير المُنتِجة: الخبرات السابقة في الاجتماعات غير المنتجة تجعل الناس تشكّك بل وتسخر من فعالية الاجتماعات بشكل عام. عليكم إيجاد طرق تجعلهم يعرفون لماذا تعتقدون أن الاجتماع سيكون مساعداً ولماذا هناك دورٌ مهم لكل فرد.
تذكروا: تفحصوا العقبات بذهن مفتوح وفكّروا في طرق تخطيها بطرق مبتكرة.
كيف نحفّز المواطنين على الانخراط والبقاء منخرطين؟
معرفة الجمهور
يوجد عدّة طرق لتحفيز الآخرين على الانخراط والبقاء منخرطين. يبدأ التحفيز مع الفرد، لذا من المنطقي التركيز على فردية كل شخص. ساعدوا الناس على إدراك أنّ ما يمكن أن يقدموا مهمٌ جداً وموضع تقدير، وأن انخراطهم يمكّنهم من الاستفادة بأشكال تعنيهم.
عليكم أن تكونوا على معرفة وطيدة عن حياة المجموعات التي تريدون جذبها للعمل على مبادرتكم. كيف تؤثّر البيئات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والطبيعية على مشاركتهم وعلى ردودكم؟ إن تصوّر ما يمكن أن يكون عليه الأشخاص الآخرون قد يساعد على فهمهم بشكل أفضل، ويسهّل عليكم العمل سوية كفريق.
التعرف على نقاط القوة
لكل فرد مواهب ومهارات وتراث ثقافي وخبرات ومعتقدات وقيم فريدة. وبسبب هذه الخصائص، يميل كل فرد إلى تعلّم أمور مختلفة من خبرة الانخراط في المسائل المجتمعية. وفي نفس الوقت الذي نرى فيه أنه من المهم أن يساهم كل شخص، نجد أن الأهمية نفسها تكمن في الاعتراف بنقاط قوّته/ها وتقديرها واستخدامها. هذا يمكّن المشاركين من رؤية الطرائق التي ستساعدهم مشاركتُهم وتكون مفيدة.
فضلاً عن الاعتراف بنقاط قوة الأفراد، علينا أيضاً الاعتراف بنقاط قوّة المجتمع المحلي المعيّن. فمثلاً، في حال كنتم تعملون على جلب أعضاء من جماعة العمال الوافدين في بلدتكم، فيجب أن تعرفوا ما هي نقاط القوة التي يتمتع بها أفراد الجماعة وكيف ينتظمون لتسيير أمورهم ؟ قد يكون لديهم أصلاً أنظمة فعالة قائمة يمكنكم استخدامها. التنظيم السياسي قد يكون وقد لا يكون مألوفاً عندهم ولكن يمكنكم وصلهم بشكل من التنظيم الذي يعرفون ويرتاحون إليه كتنظيم حدث ثقافي كبير، مثلاً، أو نشاط جمع تمويل.
إدراك الحاجات
تختلف الأسباب التي تجعل الأفراد ينخرطون في المبادرة أو البرنامج. تتطابق هذه الأسباب أو تتجاوب مع الحاجات الأساسية التي يريدون تلبيتها. بعض هذه الحاجات تتضمّن:
-
الحاجة إلى تحسين تقدير الذات أو صيانته
-
الحاجة إلى الشعور أن مساهمتهم مفيدة ومساعِدة حقّاً
-
الحاجة إلى التمتع بشعور بالقدرة على التأثير على المسألة
-
الحاجة إلى التمتع بمستوى ما من التحكم بالذات وبالبيئة المحيطة
-
الحاجة إلى الصداقة
-
الحاجة إلى أن يتم الاعتراف بجهودهم
دعم مصالح أخرى لهذه المجموعات
إذا كنتم تتوقعون من الناس تقديم دعمهم لكم فعليكم القيام بالمثل. بكلمات أخرى، لا تتوقعوا منهم دعم مبادرتكم إلاّ إذا كنتم مستعدين لدعمهم أيضاً. فمثلاً، إذا كنتم تأمَلون بجعل جماعة من اللاجئين أو الوافدين أكثر انخراطاً في مبادرتكم فعليكم أن تكونوا جاهزين لتأييد قضاياهم. عَلّوا الصوت ضد العنصرية والتمييز في مجتمعكم المحلي، واجعلوا منظمتكم مرئية في نشاطات تلك الجماعات، واظهروا كحلفاء لهم، أنتم ومنظمتكم. قد لا يبدو حضور تجمعٍ في مناسبةٍ ما أو نشاط جمع تمويل مرتبطاً بشكل مباشر بغرض منظمتكم، ولكن إذا كان مرتبطاً بمصالح الناس الذين تودون الوصول إليهم وبهمومهم، فهو يصبح عندها مهمّاً لكم.
إدراك أنّ المجموعات مكوّنة من أفراد
يطوّر المواطنون الذين يشاركون بشكل فاعل في المسائل المجتمعية مهارات ومعرفة تحتاجها مشاركتهم الفعّالة. ولكن الأهم أنّهم يتمتعون بالثقة بالنفس، كما أنّ الإيمان بأنّهم قد يُحدثون فرقاً يؤدّي إلى الرغبة في المشاركة. من هنا، تذكّروا عندما تناشدون المواطنين المشاركة أنّ كل فرد هو مورد مؤثر، وأبلغوهم ذلك. وحتّى عندما تتوجّهون إلى مجموعات انتبهوا أن المجموعات مكوّنة من أفراد مختلفين بالرغم من روابطهم الوثيقة.
الطلب بشكل فردي من الناس المشاركة
أظهر استطلاع ("غالوب") في الولايات المتحدة سنة 1990 أنّ السبب الرئيسي الذي منع معظم الناس المهتمين بالتطوع من القيام بذلك هو أنّ أحداً لم يطلب منهم! إن دعوة الناس فردياً، تجعلهم يعرفون أنّهم ليسوا مجرد أرقام من دون وجوه أو مجرد جزء من مناشدة جماعية. عندما يتفاعل الناس على المستوى الشخصي، بشكل خاص بين الأصدقاء أو الجيران، فإن الانخراط يصبح أقل رهبةً وبُعداً.
يمكن أن تطلبوا أنتم مباشرة من الأشخاص المشاركة، أو يمكنكم جعل أرباب العمل يقومون بدعوة الموظفين لديهم وزملائهم، وجعل المعلمين يطلبون من الطلاب وعائلاتهم، والأصدقاء يطلبون من أصدقائهم، والجيران من جيرانهم، وهكذا دواليك. علماً بأنّ الاتصالات الهاتفية أو الرسائل الشخصية هي أكثر فعالية من الإعلانات العامة. تجدون بعض الإرشادات والأفكار السريعة للقيام بذلك بالشكل الأفضل في الفصل 7، القسم 4: كتابة رسائل إلى المشاركين المحتملين وفي الفصل 7، القسم 5: إقامة اتصال شخصي مع المشاركين المحتمَلين.
تطابق المواهب والمهارات والمعرفة والخبرة الفردية مع حاجات المجموعات
عندما تتطابق المواهب والمهارات والمعرفة والخبرة الفردية مع حاجات المجموعات فهذا لا يؤدّي إلى مجموعة أقوى فحسب، بَل يؤدي أيضاً إلى إبقاء الأشخاص منخرطين لأنهم يشعرون أنهم مفيدون. فمثلاً، اطلبوا من شخص يتمتع بشخصية اجتماعية ومنفتحة أن يتكلم أمام العموم، ومن شخص هادئ يستمتع بالكتابة أن يحتفظ بملفات تسجّل ما يجري.
جعل المشاركين يشعرون بالترحاب من خلال الإصغاء إليهم وأخذ ما يقولونه بجدّية
عندما يأتي أناسٌ جدد إلى الاجتماع أو النشاط الأول، كونوا حريصين على الترحيب بهم وشكرهم على المجيء، واطلبوا آراءهم واقتراحاتهم. اعملوا على إشراكهم في النقاش. حاولوا أن تجعلوهم ينخرطون في المشاريع الصغيرة التي تستثير اهتمامهم، والأهم أن تصغوا إلى ما يقولونه.
الإصغاء الفعّال يمنع تهميش بعض الأشخاص، كما يساعدكم على أن تضعوا أنفسكم مكانهم، وأن تفهموا مناظير وآراء مختلفة. تتضمن مهارات الإصغاء الفعال توضيح الأمور التي لا معنى لها، واختصار ما جرى عرضه، والسماح للمشاركين بالانتهاء من الكلام دون مقاطعتهم.
سبع أفكار سريعة للإصغاء
-
انتباه غير مشتّت: انظروا إلى الشخص وأوقفوا الأمور الأخرى التي تقومون بها. ضعوا الجريدة جانباً جنب، وأطفئوا هاتفكم المحمول، وانظروا إلى الشخص الذي يتكلّم، واسمعوا بانتباه.
-
لا تستمعوا إلى الكلمات فقط، بل إلى مضمون الأحاسيس كذلك. التواصل غير اللفظي يشكّل جزءاً كبيراً من التواصل الإنساني، وهو يتضمّن نبرة الصوت والحركات ولغة الجسد ودرجة ارتفاع الصوت. وغالباً ما يكشف التواصل غير اللفظي عن رسائل غير محكيّة كالغضب أو الانزعاج أو الحزن أو الخوف، التي قد تكون أكثر أهميّة بكثير من الكلمات المُستخدمة. كونوا حسّاسين تجاه هذه الرسائل.
-
كونوا مهتمين بصدق بما يقوله الشخص الآخر. تذكّروا أنه يمكنكم دائماً تعلم أمرٍ ما من أي أحد، وأنّكم تقدّمون خدمة (لأنفسكم وللآخرين) عندما تصغون عن حق.
-
أعيدوا صياغة ما قاله الشخص الآخر. هذه إحدى الطرق التي تجعل المتكلّم يعرف أنّكم فهمتم ليس فقط الكلمات بل ما كان ينوي قوله. يصبح ذلك في غاية الأهميّة عندما يكون هنالك نزاع أو عندما يكون الطرف الآخر عدائياً. قد توجّهكم غريزتكم إلى الرد على الادّعاء فوراً لكن هذا يخلق مجرد مزيد من التوتّر والبعد.
-
اطرحوا أسئلة توضيحية كل فترة. ذلك يجعل الشخصَ الآخر يعلم أنكم تصغون بشكل فعال، وأنّكم حقاً مهتمون بما يقوله.
-
كونوا واعين مشاعركم الخاصة وأرائكم المتطرّفة. عندما لا نعي مشاعرنا الخاصة وآراءنا القوية نميل إلى التعبير عن ردود فعل سريعة عندما نصغي، وردود الفعل هذه قد تكسر التواصل الفعّال. فمثلاً، يمكن لأحدهم أن يصرّح عن رأي ديني تختلفون معه، وقد يكون اندفاعكم الأوّلي أن تعبّروا عن هذا الاختلاف ما قد لا يؤدي إلاّ إلى البدء بجدال. كونوا واعين أنّه عندما تختلفون فقد لا يكون هذا هو الوقت هو المناسب للتعبير عن هذا الاختلاف.
-
عبرّوا عنها فقط بعد أن تصغوا وذلك في حال شعرتم بضرورة التصريح عن آرائكم. دعوا المتكلّم ينهي حديثه وأفصحوا عندها عن تجربتكم الخاصّة إذا رأيتم أن ذلك يساعد.
إظهار التقدير لمساهمات كل شخص
الاعتراف بخدمات الناس هو أمر أساسي للناس لكي يشعروا أنهم مطلوبون ومفيدون ومهمّون. يمكنكم كذلك إظهار التقدير من خلال شهادات تقدير، وحفلة أو وليمة تكريمية، وتنويه خاص بالمشاركين في نشرة أو جريدة أو مورد إعلامي آخر، ورسائل أو بطاقات شكر، واتصالات هاتفية شخصية أو أحاديث وجهاً لوجه تشكرون فيها المنخرطين وتعترفون بمساهمتهم. لمزيد من الأفكار والاقتراحات عن طرق القيام بذلك، انظروا الفصل 41: مكافأة الإنجازات.
اعرفوا أنفسكم
إن فكرة أن تفهموا أنفسكم توازي أهمية ما سبق، لأنّكم تشكّلون بشكل مستمر في عملية مساعدة هؤلاء الأكثر تأثراً بالمشكلة على الانخراط، وتؤثرون فيها. اطرحوا على أنفسكم الأسئلة التالية:
-
ما الذي يحفّزني؟
-
لماذا أشارك؟
-
ماذا أريد أن أنجز؟
-
كيف ستكون ردّة فعلي على أشخاص مختلفين وأوضاع مختلفة؟
-
ما مدى التزامي؟
-
ما مدى استعدادي للعمل؟ إلى أي حد؟
البقاء منظمين
عندما يدخل الناس إلى إطار غير منظّم أو غير واضح فغالباً ما يغادرون. من هنا، ولإبقاء الناس محفّزين عليكم المساعدة على أن يكونوا منظَّمين بالإضافة إلى أن تكونوا أنتم منظمين. القادة الجيدون يساعدون المشاركين على الشعور بالأمان والثقة. إذا فهم القائد ما يجري الآن وما يجب أن يحصل لاحقاً فسيتمكن عندها من تفويض المسؤوليات وشمل كافّة المشاركين بطريقة فعّالة.
تعريف الخطط والغايات والأغراض الخاصة بالمجموعة وتوضيحها مبكراً
من أجل أن يأتي الناس ويبقوا منخرطين فإنهم يحتاجون إلى أن يتمتعوا بحس الاتّجاه الذي يجب أن يرافقه أمر واضح يتطلّعون إليه. العمل باتّجاه غايات مشتركة يُعطي الناس صلاتٍ مميزة، ويمكّنهم من العمل معاً كفريق، ويجعلهم معنيين بشكل أعمق بالعمل الذين يقومون به. اخرجوا بخطط واضحة وبغايات واقعيّة.
من المهم أيضاً أن يكون لديكم جدولٌ زمني عملي وقابل للتحقيق. عندما يرى الناس أنّ لا شيء يحصل، أو إذا شعروا أنهم تحت ضغط فسيفقدون الاهتمام بالمشاركة. لذا اعرفوا كيف ترتّبون إيقاعكم. إن بناء جدول زمني يسمح لكم برؤية ما الذي تمّ وما الذي لا يزال يتطلب عملاً، فضلاً عن إعطاء كل شخص فكرة واضحة عن إيقاع واقعي للعمل. ومن وقت إلى آخر ذكّروا أعضاء المجموعة بأهدافهم وبالجدول الزمني من أجل أن من أجل يحافظوا على تركيزهم وإلهامهم.
إقامة تواصل جيّد داخل المجموعة وبين المجموعات المختلفة
تميل المجموعات المختلفة في المجتمع المحلي إلى تشارك الموارد ومساعدة بعضها بعضاً على تحقيق الغايات المحدّدة وذلك في حال تواصلت مع بعضها بشكل فعّال. كما إن إبقاء الأشخاص داخل المجموعة وفي المجموعات الأخرى على علمٍ بما يحصل يؤدّي إلى مساعدتهم على العمل على تلبية الحاجات المشتركة وتفادي العمل المزدوج.
من أجل بعض الأفكار عن كيفية العمل مع مجموعات أخرى في المجتمع المحلي، يمكن مراجعة الفصل 24، القسم 3: تعزيز التنسيق والاتفاقات التعاونية بين الوكالات والفصل 24، القسم 4: تطوير التعاون متعدّد القطاعات.
استخدام وقت الاجتماعات بشكل حكيم
يعطي الناس قيمة عالية لوقتهم، وفي الفترة التي يقضيها الناس منخرطين في مسألةٍ ما فإنهم يلتزمون بوقتهم الشخصي، ولكنهم أحياناً يضحّون من أجل المشاركة بوقت عملهم أو الوقت المخصّص للعائلة والأصدقاء أيضاً. عندما يأتي الناس إلى اجتماع فهم يتوقّعون- وهم على حق في ذلك - أن يجري استخدام وقتهم بحكمة. إذا ماطل الاجتماع أو أنجز القليل فقط فقد لا يحضرون اجتماعات أو نشاطات أخرى لأنّهم يشعرون أنها مضيعة لوقتهم الثمين. من هنا، علينا أن عرف كيف ندير اجتماعات فعالة وذات جدوى، وكيف نجعل الاجتماعات أقصر ما يمكن. يقدّم الفصل 16، القسم 1: إجراء اجتماعات فعّالة أفكاراً جيدة للقيام بذلك.
مثال
الاجتماعات التنظيمية للمتطوعين/عات التي كانت تديرها لُبنى، في الخط الساخن المحلي للنساء المعنَّفات، كانت شاملة ومفصّلة ولكنها كانت تطول. كانت لبنى تعتقد أنه من المهم تغطية كل بند من جدول الأعمال في الاجتماعات الشهرية، وكان مطلوباً من كافة المتطوعين/عات الحضور. شيئاً فشيئاً، بدأ يتسرّب المتطوعون، ولم تعرف لبنى لماذا.
ثمّ التقت لبنى مرّة في دكّان البقالة إحدى المتطوعات الذي كانت قد انسحبت. تحدّثتا بتهذيب لفترة، ثمّ قرّرت لبنى مجرّد سؤال المتطوعة السابقة ما الذي جعلها تنسحب. فأجابتها: "حسناً، في الحقيقة لم أعد أستطيع الذهاب إلى الاجتماعات، إذْ لم أكن أعرف متى قد ينتهي الاجتماع، وأنا لم أعد أتحمّل كلفة حاضنة الأطفال لمدّة أطول من ساعتين. وبما أن التطوع مربوط بحضور الاجتماعات انتبهت لبنى أن معظم المتطوعات من الأمهات الصبايا، ومعظمهن يعشن على دخل محدود، فغيّرت الاجتماعات، واستخدمت مهاراتها التيسيرية وحدِّدت وقتاً محدوداً صارماً للاجتماعات التي أصبحت تنتهي بعد ساعة واحدة مهما جرى، وأصبح يحق للمتطوعين/عات التغيب عن اجتماع كل ستة أشهر. كما جمعت بعض المتطوعين/عات لتأمين رعاية للأطفال في أثناء الاجتماعات. شهدت لبنى بعد ذلك ازدياداً هائلاً في عدد الأمهات اللواتي أصبحن قادرات على التطوّع.
المحافظة على موقف إيجابي فوق كل اعتبار
المواقف مُعدية، لذا في حال كانت مواقفكم ضعيفة فسيلتقطها الناس الذين تحاولون إشراكهم. أما في حال أظهرتم مواقف إيجابية تجاه العمل فسيميل الآخرون إلى الشعور بالأمل والتفاؤل وسيكونون أكثر استعداداً لقبول التحديات والتعلّم منها.
باختصار
إن التعاطي مع جذب الأشخاص المتأثرين بشكل مباشر بالمشكلة من أجل إشراكهم يشبه جذبَ أي شخص آخر لقضيتكم، وذلك بطرق عديدة، مع أنّ الجذب الأوّل قد يكون أصعب ويتطلب جهوداً أكثر من قِبلكم. مع ذلك، أن يكون معكم أناس من الذين يعانون بشكل مباشر من المسالة التي تطرحها منظّمتكم لهو يستأهل هذه الجهود. فهؤلاء هم الناس الذين يعرفون المشكلة بشكل حميم ويتعاطون معها يوماً بعد يوم، وهم مَن سيتمكّن من القيام بمساهمات أعمق وذات معنى وشخصيّة في نقاشات منظمتكم وخططها. افعلوا المستحيل لجعل هؤلاء الأشخاص منخرطين، وهذا سيسعدكم.
موارد
Dunn, D. (1977). Community guide: Community involvement series. Tucson, Arizona: The University of Arizona.