القسم 2: جمع المعلومات: رصد التقدّم

• ما الذي يعنيه رصد تقدّمنا؟
• لماذا نحتاج إلى رصد تقدّمنا؟
• كيف نرصد تقدّمنا؟

 

 

ما الذي يعنيه رصد تقدّمنا؟

إنّ رصد المبادرة المجتمعية (المرتكزة إلى الناس في المجتمع المحلي) قد يساعد على قياس أعمالنا مقابل النتائج لنرى ما إذا كنّا نحقّق غايات المجتمع المحلّي وأهداف مبادرتنا. من ناحيةٍ مُعيَّنة، تساعدنا بيانات الرصد على فهم مدى نجاح المبادرة. وبالتالي، قد يساعد الرصد على تحديد المجالات التي تفشل فيها أعمال المبادرة في إنتاج الآثار المنشودة. علاوةً على ذلك، قد يساعدنا نظام الرصد على:

• فهم المبادرة بشكلٍ أفضل
• اتّخاذ القرارات بشأن برمجة المبادرة
• تعزيز إدراك الإنجازات
• تجنيد الدعم
• تأمين التمويل

وعلى الرغم من المضامين المخيفة التي تنطوي عليها عبارة "نظام الرصد"، ربّما سبق لنا أن شاهدنا أمثلةً عن الرصد بطرقٍ متنوّعة. فالمُرشَّحون السياسيون يرصدون أحوال حملاتهم من خلال إجراء الاستفتاءات وتحليل النتائج. والمعلّمون يرصدون تقدّم تلاميذهم من خلال الاختبارات في بداية العام الدراسي ونهايته ليروا ما إذا كانوا قد أجادوا اكتساب والمعارف والمهارات الجديدة. وقد نرصد فواتيرنا من خلال متابعة الزيادات والتناقصات الشهرية فيها. إذاً، يُطبَّق الرصد على الكثير من الصُعُد. وكعضوٍ في مبادرةٍ مجتمعية فإنّ الرصد يعني طريقةً لمتابعة أبرز أحداث المبادرة وإنجازاتها.

في الفصل 38، القسم 1: قياس النجاح: تقييم مبادرات مجتمعية شاملة، أوردنا ثلاثة أجزاء رئيسية في نظام الرصد. فلنتذكّرها سريعاً:

1. قياسات العملية (السيرورة)  والمُخرَجات
2. نظام المراقبة
3. المردود المنتظم من الناس المعنيين حول الأداء

في هذا القسم، سوف نشرح ما نعنيه بقياسات العملية والمُخرَجات، ونظام المراقبة. ولاحقاً، في الفصل 38، القسم 2: جمع المعلومات: رصد التقدّم، سوف نتناول طرق توفير المردود لأعضاء ائتلافنا ومجتمعنا المحلّي.

قياسات العملية والمُخرَجات

قياسات العملية هي الأنشطة الحاصلة في أثناء المبادرة والتي تساعدنا على تحديد مدى نجاح الأمور. وقد تشمل قياسات العملية جوانب كثيرة من مبادرتنا، كالتالي:

• الأعضاء المشاركون: أعداد المشاركين وأنواعهم، وتواتر الحضور، ومعدّل تغيّر الأعضاء.

مثال: في الاجتماع العام الأخير للمبادرة، حضر 17 شخصاً. ومن بين هؤلاء كان 10 من الأعضاء الدائمين، و7 كانوا يحضرون الاجتماع للمرّة الأولى.

• منتجات التخطيط: الأهداف المكتوبة، أو النظام الداخلي، أو اللجان التي تساهم في المبادرة.

مثال: لقد تمّت الموافقة على خطّة العمل للائتلاف من قبل هذا الأخير، وسوف تُطبَّق فوراً.

• التغطية الإعلامية: عبر الراديو، والتلفاز، ووسائل الإعلام المكتوبة.

مثال: تبثّ إحدى محطّات الراديو المحلّية على موجة "إف إم"  الكثير من الرسائل القصيرة على الراديو التي تصف أحد مشاريع مجموعتنا.

• الموارد المالية: المنح أو الهبات. قد تشمل الموارد المالية أيضاً الخدمات "العينية"، كالدعاية المجانية، أو المنتجات التي قد يقدّمها فردٌ أو مؤسّسة ما بدلاً من المال.

مثال: تمّ استلام مبلغ 8000$ في غداء كلفةُ الوجبة فيه 50$، أُقيم لجمع التبرّعات للجهود المحلّية المتعلّقة بإساءة استخدام المخدّرات والكحول.

• الخدمات التي يتمّ توفيرها في النهاية: الصفوف الدراسية/ الفصول، أو البرامج، أو ورش العمل، أو المنشورات، أو الخدمات الأخرى، أو الاتصالات التي تقدّمها المبادرة للمجتمع المحلّي.

مثال: ورش العمل حول التوعية بشأن التغذية التي أجراها مزوّدو رعاية الأطفال.

• الأعمال المجتمعية: الأعمال المُنجَزة لتشجيع التغيير في المجتمع المحلّي.

مثال: طُلِب من التجّار عرض لافتة تصف عقوبة بيع الكحول للقاصرين والحاجة إلى معرفة العمر الصحيح للشاري.

لاحقاً، سوف نُدرِج قياسات العملية ضمن سجلات الفعاليات لقياس تقدّم عمل مجموعتنا بشكلٍ أفضل. وفي هذا القسم، سوف نشرح لاحقاً مثالاً عن سجّل للأحداث.

في حين أنّ قياسات العملية توثّق الطرق المُحدَّدة التي نستخدمها لإحداث التغيير، تشرح قياسات المُخرَجات الأثر العام الذي يحدث نتيجةَ هذه الأعمال الفردية. فقياسات المُخرَجات تلقي الضوء على التغييرات الحاصلة في المجتمع المحلّي بنتيجة العمل المُنجَز من قبل مبادرتنا. وتشمل هذه القياسات:

• التغييرات في البرامج، كبرنامج خدمات جديد أو مُعدَّل.

مثال: قامت المبادرة بتطبيق صفٍّ عن التربية الوالدية.

• التغييرات في السياسات، كالسياسات الجديدة أو المُعدَّلة.

مثال: تمّ إقرار قانونٍ يطلب من أصحاب آلات بيع السجائر أن يضعوا على كلّ آلةٍ إشارةً تتضمّن الرسالة التالية: "يُمنَع بيع السجائر للقاصرين". ولقد تمّ تقديم هذا التشريع بناءً على طلب لجنة تنفيذ القانون والحكومة. 

• التغييرات في الممارسات، كما في الممارسات الجديدة أو المُعدَّلة.

مثال: وضع التجّار إعلانات تصف عقوبة بيع الكحول للقاصرين والحاجة إلى معرفة  عمر الشاري.

كما رأينا، ينطوي نظام الرصد على الكثير من المكوّنات التي سوف تساعد مجموعتنا على تحديد مدى نجاحها، وما تقوم به بشكلٍ صحيح، وما يمكن تحسينه. هل يبدو ذلك مثيراً للاهتمام؟

فلنتابع القراءة!

لماذا نحتاج إلى رصد تقدّمنا؟

الآن، ربّما نفكّر قائلين: "يجب أن نجمع المعلومات حول مبادرتنا. ولكن، ماذا علينا أن نفعل بحميع هذه الأرقام والتعليقات؟ لماذا يُعَدُّ ذلك مهمًّا لنجاح مجموعتنا؟" لا داعي للقلق؛ فالبيانات التي نجمعها من خلال استخدام نظام الرصد قد تساعد المجموعة بطرقٍ متعدّدة.

• بإمكان البيانات أن تحدّد أين تضع المبادرة تركيزها. على سبيل المثال، قد يكشف نظام الرصد أنّ مبادرتنا تركّز على الخدمات، بدلاً من التغيير، فإذا كنّا نريد التغيير فسوف يساعدنا نظام الرصد على اكتشاف ذلك في وقت مُبكِر.
  • قد تشير البيانات إلى المجموعات المتأثّرة بمبادرتنا في المجتمع المحلّي. هل تُحدث مبادرتنا الكثير من التغييرات في المدارس، في مقابل القليل منها في نظام القضاء الجنائي؟ هل هذا هو ما نريده ونحتاج إليه، نحن والمجتمع والمحلّي؟ مَن يتمّ استهدافه؟

من خلال نتائج نظام الرصد، قد نتمكّن من الإجابة عن هذه الأسئلة بشكلٍ أفضل.

• قد تكشف البيانات عن الاستراتيجيات التي نتوجه إليها مخاطبتها: بإمكان نظام الرصد أن يحدّد ما إذا كانت مبادرتنا تقدّم المعلومات من دون المتابعة مع دعم الأقران أو الوصول إلى موارد أخرى.
• يمكن استخدام البيانات من قبل العاملين لتحقيق مجموعةٍ من النتائج: بإمكان الموظّفين والقادة أن يستخدموا البيانات لتعزيز إدراك المجتمع المحلّي أنشطة المبادرة وإنجازاتها، وتجنيد الدعم المجتمعي، وتأمين الموارد المالية.

 

كيف نرصد تقدّمنا؟ دليلٌ مُفصَّل

تماماً مثل جوانب كثيرة من عملية بناء المبادرة المجتمعية، ينطوي نظام الرصد على خطواتٍ مهمّة متعدّدة. فقبل أن نبدأ بتحليل بياناتنا، علينا أوّلاً أن نجمعها.

1- يمكن جمع البيانات من خلال إعداد سجلات بالفعاليات وغيرها من النماذج بشكلٍ منتظم. سجلات الفعاليات هي تقارير مكتوبة عن أبرز أنشطة المبادرة. وقد تُستخدَم أيضاً لتسجيل أيّ تغيير في المجتمع المحلّي قامت به المبادرة، كالبرامج، أو السياسات، أو الممارسات الجديدة المتعلّقة بغايات المبادرة ورسالتها.

قد يتضمّن سجل الفعاليات معلوماتٍ مهمّة، كالعناصر التالية:

• تاريخ الحدث: اليوم/الشهر/السنة
• وصف للحدث بحدّ ذاته، وهذا يشمل:
  • لماذا كان مهمًّا
  • ما الذي حدث بنتيجته
• وصف لتفاصيل الحدث، وهذا يشمل:

• مَن كان منخرطاً؟
• ما هي المنظّمات التي ساهمت بالأشخاص والموارد؟
• ما هو قطاع المجتمع المحلّي أو الهدف الذي يتعلّق به هذا الحدث؟
• هل كانت هذه المرّة الأولى التي يحصل فيها هذا الحدث؟

مثال

قامت مجموعة تُسمَّى "مبادرة الوقاية من الزواج المبكر وحمل المراهقات" (في منطقة التل الأخضر)، بالمشاركة في فعالية للمساعدة على إحداث التغييرات في المجتمع المحلّي في ما يتعلّق بخفض معدلات الزواج المبكر وحمل الأمهات المراهقات. وفي اجتماع المبادرة التالي، تولّت ميساء ب. - وهي عضو في الائتلاف وكانت ساعدت في تنظيم الفعالية – ملء المعلومات في السجل الخاصّ بهذا الحدث. فكتبت ما يلي:

"شارك كلٌّ من أميمة ب. وليلى ج. في اجتماعٍ في المدرسة الثانوية في 14 شباط/فبراير 2012. اجتمعا مع مدير المدرسة الثانوية للحصول على إذنٍ بتنظيم لجنة عمل للمراهقين في المدرسة. وافق المدير على ذلك نظراً للأهمية لأنّه يتيح أمام الشباب فرصاً للقيادة واستكمال الدراسة والاستعداد للعمل الستقلالية وتجنب تحديات الحمل المبكر ومخاطرها على الفتيات والمواليد."

سجّلت أميمة هذه المعلومات في جدول حدّدت فيه التفاصيل، كاليوم والشهر، والسنة التي حصلت فيها الفعالية، بالإضافة إلى وصفٍ الفعالية بحدّ ذاتها، ووصفٍ لتفاصيلها. ويرد الجدول الذي أعدّته كمثالٍ في نهاية هذا القسم.

2- يمكن ملء سجلات الفعاليات هذه من قبل أشخاصٍ عدّة، كالعاملين الرئيسيين في المشروع، والأعضاء الناشطين في المبادرة. والأشخاص الذين يملؤون السجلات هم أنفسهم الأعضاء الذين يعملون بالنيابة عن المبادرة. من الناحية المثالية، ينبغي على كلّ مَن ينجز أمراً ما للمبادرة أن يملأ سجلات الحدث. وينبغي أن يتمّ ملؤها بعد أسبوعٍ من حصول الحدث كحدٍّ أقصى. بهذه الطريقة، تكون التفاصيل المهمّة ما زالت موجودة في أذهان الجميع! بعد ذلك، يمكن إعطاء سجلات الفعاليات المُنجَزة إلى الأشخاص المسؤولين عن التقييم في المجموعة.

3- لقد وجدنا أنّ عملية جمع البيانات في عملنا الخاص يستغرق إنجازها ساعتَين إلى أسبوعٍ. طبعاً، إذا كانت مبادرتنا تعمل على مشروعٍ خاص ومهم جداً، قد نمضي ضعفَي أو حتّى ثلاثة أضعاف هذه المدّة لجمع البيانات. وإذا تأنّينا في جمع معلوماتنا، فسوف يسهم ذلك في الحصول على نتائج أكثر دقّةً، وبالتالي أكثر قيمةً بالنسبة إلى مبادرتنا.

4- بعد جمع المعلومات، يجب تحويلها إلى أعضاء مجموعتنا الذين سوف يقومون بترتيب البيانات ضمن سياقٍ مُعيَّن، حتّى تتمكّن المبادرة من استخدامها بطريقةٍ مفيدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الخطوة في العملية قد تستغرق وقتاً طويلاً. ولكن، لا داعي للقلق! فكما قرأنا مرّاتٍ عدّة، لن تكون المنافع التي نجنيها من عملية التقييم مفيدة إلا إذا كرّسنا الوقت الكافي لتحليل النتائج بدقّة. وصحيحٌ أنّ هذا الأمر قد يستغرق بضع ساعات غير أنّنا سوف نكون مسرورين بالنتيجة!

5- إنّ الذين ينظّمون المعلومات التي يتمّ جمعها سوف يكرّسون بعض الوقت لاحقاً لتلخيص سجلات الفعاليات. بعد ذلك، تُوزَّع النتائج على أعضاء المجموعة. للمزيد من التفاصيل حول المردود، راجعوا الفصل 39: استخدام التقييم في فهم المبادرة وتحسينها.

تهانينا! لقد وصلنا إلى نهاية القسم الذي تعلّمنا فيه إحدى أهمّ الطرق لتقييم المبادرة المجتمعية. فلنتابع القراءة للاطّلاع على بعض الأمثلة عن سجل الفعاليات، وغيرها من جداول الرصد. ولكن، يجب ألاّ نكتفي بهذا المقدار! فهناك أقسامٌ شيّقة أخرى تنتظرنا وتنتظر مبادرتنا. في الفصول التالية، سوف نتعرّف إلى المسح الأساسي للغايات، والعملية، والمُخرَجات، والطرق الأخرى لقياس التقدّم ونجاح مبادرتنا. وفي النهاية، يجب ألّا ننسى أنّ رصد مبادرتنا يساعد مجموعتنا على أن تقدّم أفضل ما لديها!