- ما هي الرؤية؟
- ما هي الرسالة؟
- لماذا يجب تطوير الرؤية والرسالة؟
- كيف يتمّ تطوير الرؤية والرسالة؟
لقد رأينا جميعاً منظّمات لم نفهم غرضها تماماً: نعرف أنّها موجودة في بلدتنا، وتفعل شيئاً ما– ولكنّنا لسنا متأكّدين ممّا هو بالتحديد. قد يكون لها مرمى نستطيع اكتشافه، ولكن لم يسبق لنا أن كرّسنا الوقت لذلك: فلطالما شكّل ذلك جهداً أكثر ممّا يستحقّه الأمر.
إذا نظرنا عن قرب إلى هذه المنظّمات، فقد نتفاجأ عندما نعرف أنّه حتّى بعض أعضائها ليسوا متأكّدين تمامًا من غايات المنظّمة: فكلّ ما يعلمونه يقتصر على مشروع محدّد يعملون عليه في الوقت الحاضر. وكثيرًا ما تضعف هذه المنظّمات شيئاً فشيئاً؛ فإمّا أن تفقد زخمها وإمّا تمويلها. وفي آخر المطاف، تختفي المنظّمة من دون أن يتنبّه لذلك سوى موظّفيها.
على الأرجح، لم يكن لهذه المنظّمات رؤية ورسالة محدّدتان جيّدًا لتوضيح مرماها والتعبير عنه. والواقع أنّ تطوير هذه العناصر الرئيسية أساسيٌ لنجاح أيّ مبادرة مجتمعية؛ وفهم كيفية القيام بذلك هو ما يرمي إليه هذا القسم.
إنّ تطوير الرؤية والرسالة تشكّلان الخطوتين الأوليين في عملية التخطيط الاستراتيجي التي ناقشناها في القسم السابق من هذا الفصل. وفي الصفحات القليلة التالية، سنبحث عن قرب في ماهية الرؤية والرسالة، وسبب أهمّيتها، وكيف للمنظّمة أن تطوّرهما. هل يبدو لكم ذلك منطقياً؟ إذاً فلننطلق!
ما هي الرؤية؟
رؤيتكم هي حلمكم، فهي تعبّر عمّا تعتبره منظّمتكم بمثابة ظروف مثالية لمجتمعكم المحلّي؛ وبعبارة أخرى، ما ستكون عليه الأمور إذا تمّت مواجهة المسائل الهامة بالنسبة إليكم على نحو تام وكامل. قد تكون الرؤية عالماً خالياً من الحروب، أو مجتمعاً محلّياً يُعامَل فيه جميع الناس على قدم المساواة بصرف النظر عن الجندر (النوع الاجتماعي/الجنس) أو الخلفية العِرقية.
مهما كان حلم منظّمتكم، يمكن صياغته بشكل جيّد في رؤية واحدة أو أكثر. والرؤى هي عبارات أو جمل قصيرة تنقل آمال المجتمع المحلّي للمستقبل. ومن خلال تطوير الرؤية أو الرؤى، توضّح منظّمتكم معتقداتها ومبادئها الأساسية، لكم أولاً، ثمّ للمجتمع الأوسع.
تتميّز معظم الرؤى ببعض الخصائص المشتركة. وبشكل عام، يجب أن تكون الرؤية:
-
مفهومة ومشتركة لدى أعضاء المجتمع المحلّي
-
شمولية لكي تحتضن مجموعة متنوّعة من المنظورات المحلّية
-
ملهمة ومشجّعة لكلّ المشاركين في الجهود التي تبذلونها
-
سهلة الإيصال – مثلاً، يجب أن تكون قصيرة بحيث يمكن كتابتها على قميص
في ما يلي بعض الأمثلة عن الرؤية التي تلبّي المعايير الواردة أعلاه:
-
مجتمعات محلّية يسودها الاهتمام
-
أطفال أصحّاء
-
شوارع آمنة، أحياء سكنية آمنة
-
كلّ بيت منزل
-
التعليم للجميع
-
السلام على الأرض
ما هي الرسالة؟
المهمة التالية هي التعبير عن رؤيتكم بمصطلحات عملية. وهذا هو تطوير الرسالة التي تمثّل الخطوة التالية في عملية التخطيط. وتصف رسالة المنظّمة ماذا ستفعل المجموعة، ولماذا ستفعل ذلك، مثلاً: "تعزيز الرعاية والاهتمام في نهاية الحياة عن طريق التحالفات والمناداة."
إنّها شبيهة بالرؤية من حيث نظرتها الشمولية، ولكنّها ملموسة أكثر، وهي حتماً أكثر "تركيزاً على العمل". فالرؤية تلهم الناس ليحلموا؛ أمّا الرسالة فيجب أن تلهمهم ليتصرّفوا.
قد تشير الرسالة إلى مشكلة ما، كالمساكن غير الملائمة مثلاً، أو إلى غايةٍ ما كجعل الرعاية الصحّية في متناول الجميع. وصحيحٌ أنّها لا تدخل في الكثير من التفاصيل، إلا أنّها تبدأ بالتلميح – بطريقة شمولية جداً – إلى كيفية قيام منظّمتكم بمعالجة هذه المشكلات أو بلوغ هذه الغايات. وبحسب بعض المبادئ التوجيهية، يجب أن تكون الرسالة:
-
موجزة. على الرغم من أنّها ليست قصيرة كالرؤية، إلا أنّ معنى الرسالة يمكن التعبير عنه عادةً في جملة واحدة.
-
مركّزة على المُخرجات. تشرح الرسالة المُخرجات الأساسية التي تعمل منظّمتكم على تحقيقها.
-
جامعة ودامجة. فيما تعبّر الرسالة عن الغايات العامة لمجموعتكم، إلا أنّه من المهمّ جداً أن تكون شمولية جداً. فالرسالة الجيّدة لا تكون محدودة بالاستراتيجيات أو قطاعات المجتمع المحلّي التي قد تشترك في المشروع.
في ما يلي أمثلة عن الرسالة تساعدكم على فهم ما نعنيه برسالة فعّالة:
-
"تعزيز صحّة الطفل ونمائه من خلال مبادرة أسرية ومجتمعية شاملة."
-
"بناء مجتمع محلّي مزدهر للجماعات المحرومة واللاجئين، مثلاً، عبر تطوير الوظائف، والتربية، والسكن، والفخر الثقافي."
-
"إنشاء أحياء سكنية آمنة وصحّية عبر التخطيط التعاوني، والعمل المجتمعي، والمناداة بالسياسات."
-
"تعزيز الصحّة والتنمية في المجتمع المحلّي من خلال وصل الناس والأفكار والموارد." (هذه رسالة "عدّة العمل المجتمعي" [http://ctb.ku.edu/])
لماذا يجب تطوير الرؤية والرسالة؟
لماذا من المهمّ أن تقوم منظّمتكم بتطوير رؤيتها ورسالتها مثل تلك المذكورة أعلاه؟
أوّلاً، لأنّهما تساعدانها على التركيز على ما هو مهمّ فعلاً. فصحيح أنّ منظّمتكم تعلم ما الذي تحاولون القيام به لتحسين مجتمعكم المحلّي، إلا أنّه من السهل تضييع ذلك عند التعامل مع الهموم اليومية التي تضجّ بها المنظّمات كافة. فالرؤية والرسالة تساعدان الأعضاء على أن يتذكّروا ما هو مهمّ فيما يقومون بالأعمال اليومية.
ثانياً، إنّ الرؤية والرسالة تمكّنان الأفراد الآخرين والمنظّمات الأخرى، من اكتساب لمحة عامة عن ماهية مجموعتكم، وعما تريد أن تفعله. عندما تكون الرؤية والرسالة مرئيتين بسهولة (مثلاً، إذا كانتا مكتوبتين على أعلى الأوراق الخاصة بالمنظّمة)، يستطيع الناس التعرّف إلى منظّمتكم من دون السعي بجهد للحصول على المعلومات. وعندئذٍ، يقوم الأشخاص الذين يشاركونكم الاهتمام نفسه بتكريس الوقت اللازم لمعرفة المزيد. طبعاً، هذا مفيد جداً عندما تحاولون تجنيد أشخاص آخرين أو منظّمات أخرى للانضمام إلى جهودكم.
وأخيراً، إنّ الرؤية والرسالة مفيدتان للغاية أيضاً في تركيز الأعضاء وترابطهم حول مرمى مشترك. فهما تذكّرانهم دوماً بما هو مهمّ بالنسبة إلى المنظّمة، ولكنّ عملية تطويرهما تجعل الناس يعتبرونها "منظّمتهم". ومن البديهي أن يزيد عمق إيمان الشخص بشيء ما إذا كان مساهماً في صنعه.
وثمة أسباب أخرى كثيرة تدعو إلى تطوير الرؤية والرسالة. على سبيل المثال، تساعد الرؤية الواضحة والمقْنِعة على:
-
جذب الناس نحو العمل المشترك
-
بعث الأمل بمستقبل أفضل
-
إلهام أعضاء المجتمع المحلّي لتحقيق أحلامهم من خلال العمل الإيجابي والفعّال
-
توفير أساس لتطوير الجوانب الأخرى من عملية التخطيط: الرسالة، والأهداف، والاستراتيجيات، وخطط العمل
أمّا الرسالة الواضحة، فتساعد على:
-
تحويل الأحلام الشمولية في رؤيتكم إلى مصطلحات أكثر تحديداً وتركيزاً على العمل
-
شرح غاياتكم للجهات المهتمّة بطريقة واضحة وموجزة
-
تعزيز صورة منظّمتكم على أنّها تتمتّع بالكفاءة والمهنية، ما يؤكّد بالتالي لمصادر التمويل أنّ استثمارهم كان (أو سيكون!) خياراً صائباً
كيف يتمّ بناء الرؤية والرسالة؟
بعد اكتساب فهم أفضل للرؤية والرسالة، آن الأوان لكي تقوم منظّمتكم ببناء رؤيتها ورسالتها. وإذا سبق لمجموعتكم أن طوّرتهما، فقد ترغبون في إعادة النظر فيهما على ضوء المعايير التي ناقشناها أعلاه. وإذا شعر أعضاء منظّمتكم أنّه يمكن تحسين الرؤية والرسالة الحاليتين، فبإمكانكم استخدام هذه العملية لتعديلهما. جاهزون؟ فلننطلق!
-
اعرفوا ما هو مهم بالنسبة إلى الناس في مجتمعكم المحلّي
بما أنّ تطوير الرؤية والرسالة هو الخطوة الأولى لبناء خطّة العمل التي ستوجّه جهودكم، من المهمّ بشكل خاص أن تكون هذه الخطوات الأولى مبنية على معتقدات المجتمع المحلّي وقيمه. فمعرفة المسائل المهمّة في مجتمعكم المحلّي ضرورية لتطوير مجموعة عمل قوية، وفعّالة، وثابتة.
بناءً على ذلك، إنّ إحدى أولى الخطوات التي عليكم اتّخاذها عند تطوير الرؤية والرسالة هي تحديد المسألة/المسائل التي تهمّ الناس في مجتمعكم المحلّي أكثر من غيرها. كيف تفعلون ذلك؟ ثمّة طرق مختلفة تخوّلكم جمع هذه المعلومات. ومن أفضلها:
-
إقامة "منتديات عامة"، أو منابر، "جلسات استماع" تضمّ أعضاء المجتمع المحلّي بغية جمع الأفكار، والخواطر، والآراء حول الأمور التي يريدون تغييرها في المجتمع المحلّي.
في المنتديات العامة أو جلسات الاستماع، يجتمع الناس من مختلف أنحاء المجتمع المحلّي للتكلّم عمّا هو مهمّ بالنسبة إليهم. في العادة، يترأّس هذه الاجتماعات ميسّرون يتولّون توجيه النقاش الذي يدور حول ما يعتبره الناس نقاط قوّة المجتمع المحلّي ومشكلاته، وكيف يتمنّون أن يكون عليه المجتمع المحلّي. ويقوم غالبًا أحد الأشخاص بتسجيل هذه الاجتماعات، ويشكّل المحضر قاعدةً للتخطيط لاحقًا.
لمزيدٍ من المعلومات حول المنتديات العامة، يُرجى مراجعة الفصل 3، القسم 3: إقامة منتديات عامة وجلسات استماع.
-
تنظيم مجموعات مركّزة تضمّ أشخاصاً مهتمّين بالعمل على المسألة/المسائل، ومن بينهم القادة المحليون، والأشخاص الأكثر تأثّرًا بهذه المسائل، والشركات، والقادة االدينيون، والمعلّمون...
المجموعات المركِّزة (البؤرية) شبيهة بالمنتديات العامة وجلسات الاستماع، ولكنّها أصغر حجمًا وأكثر خصوصيةً. وهي تتألّف بشكل عام من مجموعات صغيرة من الناس، على أن يكونوا من خلفيات متشابهة لكي يشعروا بالراحة عند التكلّم علناً عن همومهم. على سبيل المثال، يكون أعضاء المجموعة عادةً من السنّ ذاته، والمجموعة الإثنية أو اللغوية ذاتها، أو يتشاركون تجربة أخرى. وتُستخدم المجموعات المركّزة بنفس طريقة استخدام المنتديات العامة، وتتطلّب أيضًا ميسّرين ومسجّلين للتركيز وتدوين رؤوس الأقلام حول العمل المنجز.
قد تختار منظّمتكم تنظيم مجموعات مركّزة مختلفة ومتعدّدة، بغية الحصول على نظرة شاملة على المسألة المطروحة. فإذا كانت منظّمتكم مثلاً معنيّة بصحّة الطفل، فقد تقيمون مجموعة مركّزة لمقدّمي الرعاية الصحّية، وأخرى للوالدين أو الأطفال، وأخرى للمعلّمين. وبعد تطوير رسالة أوّلية، يمكنكم أيضاً تنظيم مجموعة مركّزة أخرى لاختبارها.
لتعلّم كيفية استخدام المجموعات المركّزة، راجعوا الفصل 3، القسم 6: تنظيم مجموعات مركّزة.
-
الحصول على مقابلات مع أشخاص يحتلّون مناصب قيادية وخدماتية، ومن ضمنهم السياسيون المحلّيون، والمسؤولون في المدارس، وموظّفو المستشفيات ووكالات الخدمة الاجتماعية، وذلك حول المشكلات والاحتياجات التي يعتقدون أنّها موجودة في مجتمعكم المحلّي.
وغالباً ما يدعم هؤلاء الأشخاص وجهات نظرهم بواسطة الوقائع والتجارب. في هذه الحال، يمكنكم استخدام هذه البيانات أيضاً في وقت لاحق عندما تقدّمون طلباً للتمويل، أو عندما تطلبون دعماً محلياً لمواجهة المسائل. يمكنكم إيجاد المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع في الفصل 3، القسم 12: إجراء المقابلات.
طبعاً، إنّ هذه الطرق المختلفة في جمع المعلومات من مجتمعكم المحلّي ليست متنافية. في الواقع، إذا توافرت لديكم الموارد، من المنطقي القيام بكلّ ما سبق ذكره: تخصيص بعض الوقت للمجتمع المحلّي عموماً للاستجابة، ثمّ تمضية المزيد من الوقت في المجموعات المركّزة مع الأشخاص الذين نعتقد أنّهم قد يساهمون إلى حدّ كبير في (أو قد يكونون الأكثر تأثّراً بـ...) بعض المسائل التي تمّ تناولها في جلسات الاستماع المجتمعية. وأخيراً، يتمّ تخصيص بعض الوقت للالتقاء بالقادة المجتمعيين فرداً فرداً، فمن شأن ذلك أن يقوّي معارفكم وغرضكم؛ ولنتذكّر: لا شك بوجود أشخاص كثيرين في المجتمع المحلّي عانوا الكثير من إ المسائل نفسها التي تنظرون فيها الآن. استفيدوا من هذه التجربة؛ فطبعاً، لا يجوز إعادة اختراع البارود!
قرّروا ما ستسألون عنه
بغضّ النظر عمّا إذا كنتم تتكلّمون مع شخص واحد أو مع 300 شخص، فهدفكم واحد: معرفة ما هو مهمّ في مجتمعكم المحلّي. في ما يلي لائحة تتضمّن أسئلة يمكن استخدامها لتركيز نقاشاتكم مع أعضاء المجتمع المحلّي. يمكن استخدام هذه الأسئلة للمقابلات الفردية، أو المجموعات المركّزة، أو المنتديات العامة، أو أيّ طريقة أخرى تختارونها لجمع المعلومات.
-
ما هو حلمكم لمجتمعكم المحلّي؟
-
ما الذي تريدون أن يتغيّر؟
-
ما هو نوع المجتمع المحلّي (أو البرامج، أو السياسات، أو المدرسة، أو الحي السكني، الخ) الذي نريد أن نبني؟
-
ما هي الأمور التي تعتبرونها بمثابة مسائل أو مشكلات بارزة في المجتمع المحلّي (أو المدرسة، أو الحي السكني، الخ)؟
-
ما هي الأمور التي ترونها بمثابة نقاط قوّة وإمكانات في المجتمع المحلّي؟
-
ما الذي يجب أن يكون مرمى هذه المنظّمة برأيكم (أو مسعاها)؟
-
لماذا يجب معالجة هذه المسائل؟
-
كيف سيكون النجاح؟
عندما تطرح المنظّم الأسئلة على الناس، يجب على الميسّر أن يشجّع الجميع على التصريح عن أكثر أفكارهم مثاليةً وتفاؤلاً وإيجابيةً. لا تقلقوا الآن بشأن ما هو عملي وما ليس عملياً – إذ يمكن معالجة هذه الأمور لاحقاً. وينبغي تشجيع الجميع على أن يتحلّوا بالجرأة ويشاركوا ويتذكّروا أنّكم تحاولون بلورة رؤية لمجتمع محلّي أفضل، وعالم أفضل.
لمزيدٍ من الأفكار حول إجراء جلسات من نوع التفاكر (أو العصف الذهني)، راجعوا الفصل 17، القسم 6: ابتكار الحلول واختيارها.
-
قرّروا نقطة التركيز العامة في منظّمتكم.
بعد أن يكون أعضاء منظّمتكم قد سمعوا ما يريد المجتمع المحلّي قوله، يكون قد حان الوقت لتقرّروا ما الذي ستركز عليه منظّمتكم أو مبادرتكم بشكل عام. أوّلاً، ما هو الموضوع الأكثر أهمية عند منظّمتكم وعند مجتمعكم المحلّي؟ على سبيل المثال، هل ستتناولون مسائل التطوير المديني أم الصحّة العامة؟ التمييز العنصري أم الفرصة الاقتصادية؟
والسؤال الثاني الذي سيكون عليكم الإجابة عنه هو التالي: على أيّ مستوى ستعمل منظّمتكم. هل ستبدأ بمدرسة واحدة فقط، أو حي سكني واحد، أو في مدينتكم؟ أم أنّ تركيز مبادرتكم سيكون أكثر شمولية، من خلال العمل على المستوى المناطقي، أو الوطني، أو حتّى الدولي؟
ثمة أسئلة لا نجد لها إجابات سهلة. في الواقع، ستحتاج منظّمتكم إلى أن تأخذ بعين الاعتبار ما قد تعلّمته من المجتمع المحلّي، وتتّخذ القرار بشأن التوجّه الأفضل لها من خلال نقاش مدروس. نقترح عليكم فتح هذا النقاش للجميع في منظّمتكم من أجل الحصول على أفضل النتائج. وللمساعدة على توجيه هذه العملية، قد ترغبون في استخدام بعض الإرشادات العامة التي يقدّمها الفصل 16، القسم 1: إجراء اجتماعات فعّالة.
طبعاً، إذا كانت منظّمتكم تستفيد من منحة أو تمويل كبير من وكالة معيّنة، فقد تحدّد الجهة المانحة ما يجب أن تكون الغاية العامة لمجموعتكم. على سبيل المثال، إذا وافقت مجموعتكم على الحصول على منحة لتخفيض مجاعة الأطفال، يجب تخصيص جزء من رسالتها على الأقلّ لهذا الغرض. ولكن، حتّى في مثل هذه الظروف، يجب على المجتمع المحلّي تحديد الرؤية والرسالة النهائيتين اللتين تدفعان المسائل التي تهمّ الأشخاص المحلّيين، بأفضل ما يمكن.
-
تطوير رؤيتكم ورسالتكم
بعد أن اكتسبت منظّمتكم فهماً أوضح لما ستقوم به، ولماذا، وصلتم إلى المرحلة المناسبة لتطوير الرؤية والرسالة اللتين ستجسّدان أفكاركم.
في أثناء التفكير في الاحتمالات، تذكّروا أن تبقوها شمولية ودائمة. فالرؤية والرسالة اللتان تمتلكان نطاقاً واسعاً تتيحان حسًّا بالاستمرارية مع تاريخ المجتمع المحلّي، وتقاليده، ومراميه الشمولية. إلى ذلك، فالرؤية والرسالة اللتان يجري بناؤها على أساس من الاستمرارية، توجّهان الجهود اليوم وغداً.
بيان الرؤية
أوّلاً، يجب تذكير أعضاء منظّمتكم أنّنا غالباً ما نحتاج إلى رؤى متنوّعة لتجسيد أحلام المنخرطين في جهد لتحسين المجتمع المحلّي تجسيداً كاملاً. لستم بحاجة إلى– أو لا تريدون حتّى – أن يكون لديكم عبارة واحدة "كاملة". ينبغي أن تشجّعوا الناس على اقتراح جميع أفكارهم وتدوينها – ربّما على ملصق معلّق على واجهة الباب، لكي يستوحي الناس من أفكار الآخرين. وفيما تفعلون ذلك، يجب مساعدة الجميع على أن يضعوا في اعتبارهم:
-
ما تعلّموه من النقاشات مع أعضاء المجتمع المحلّي
-
مجال التركيز الذي قرّرت منظّمتكم اعتماده
-
ما تعلّموه عن الرؤى في بداية هذا القسم
وإذا استصعبتم البداية، فقد ترغبون في الاطّلاع على بعض الرؤى في الأمثلة، في نهاية هذا القسم. وقد تسألون أنفسكم عن مدى هي تلبيتها الاقتراحات الواردة أعلاه.
بعد تبادل الكثير من الأفكار، يمكن لمجموعتكم مناقشة الأفكار المختلفة بطريقة نقدية. فكثيراً ما تنهمر عليكم صيغُ متعدّدة من الرؤى– قد يقترحها شخص ما والناس سيقولون في اللحظة نفسها، "وجدناها!" ويمكن أيضاً أن تطرحوا على أنفسكم الأسئلة التالية حول الرؤى:
-
هل ستشد الناس نحو العمل المشترك؟
-
هل ستبعث الأمل بمستقبل أفضل؟
-
هل ستلهم أعضاء المجتمع المحلّي لتحقيق أحلامهم من خلال العمل الإيجابي والفعّال؟
-
هل ستوفّر قاعدة لتطوير الجوانب الأخرى من عملية التخطيط؟
تحذير أخير: حاولوا عدم الوقوع في فخّ اعتماد عدد معيّن من الرؤى لمنظّمتكم. فبغضّ النظر عمّا إذا كنتم توصّلتم إلى صيغتين أو عشر صيغ، فالأهمّ هو أن تطرح هذه الرؤى مجتمعةً نظرة شاملة لرؤية منظّمتكم.
بيان الرسالة
إنّ عملية كتابة بيان أو صيغة رسالتكم شبيهة جداً بتطوير بيان رؤيتكم. فعملية التفاكر نفسها تساعدكم على إيجاد احتمالات لصيغة رسالتكم. ولكن نذكروا أنّكم ستحتاجون إلى تطوير رسالة واحدة عن عملكم، بخلاف الرؤية. وبعد تبادل الأفكار حول الرسائل المحتملة، ستكونون بحاجة إلى طرح الأسئلة التالية لكلّ منها:
-
هل تصف صيغة الرسالة المقترحة ماذا ستفعل منظّمتكم، ولماذا ستفعل ذلك؟
-
هل هي موجزة (جملة واحدة)؟
-
هل هي موجهة نحو المخرَجات؟
-
هل تشمل الغايات والأشخاص الذين قد يشتركون في المنظّمة؟
بإمكان منظّمتكم مجتمعةً أن تقرّر بيان الرسالة الذي يلبّي هذه المعايير على أفضل وجه.
-
الحصول على الإجماع حول بيانات رؤيتكم ورسالتكم
بعد أن يكون أعضاء منظّمتكم قد طوّروا صيغتي رؤيتكم ورسالتكم، قد تكون الخطوة التالية معرفة رأي أعضاء المجتمع المحلّي الآخرين فيهما قبل البدء باستخدامهما بشكل منتظم.
للقيام بذلك، يمكنكم التكلّم مع القادة المجتمعيين عينهم، أو مع أعضاء المجموعات المركّزة الذين تكلّمتم معهم في البداية. أوّلاً، قد يساعدكم هذا الأمر على ضمان ألا يجدوا في الصيغتين أي إساءة أو تهجم بأيّ شكل من الأشكال. على سبيل المثال، إذا كانت إحدى المبادرات راغبة في شمل الشبان بطريقة أكبر في مشروع الوقاية من الزواج المبكر، قد تعتمد كإحدى رؤاها: "الشبان في مدينتنا هم الأفضل اطّلاعاً". ولكن إذا أخرجنا هذه الرؤية من سياقها فقد يظنّ بعض الأشخاص في المجتمع المحلّي أنّ ما تعنيه هو أنّ الشبان يحصلون على معلومات أو تربية أفضل مما تحصل عليه الشابات، وبالتالي قد يكون ذلك مهيناً بالنسبة إلى مجموعة أخرى من الناس.
ثانياً، سترغبون في الحرص على موافقة أعضاء المجتمع المحلّي على أنّ الرؤية والرسالة تجسّدان معاً خلاصة ما يؤمنون به ويرغبون فيه. وقد تجد منظّمتكم أنّها حذفت سهواً شيئاً مهمًّا جداً.
-
قرّروا كيف ستستخدمون رؤيتكم ورسالتكم
أخيراً، من المهمّ أن تتذكّروا ما يلي: صحيح أنّ بناء الرؤية والرسالة يشكّل خطوة ضخمة لمنظّمتكم (ويجب أن تحتفلوا بها!)، إلا أنّ المزيد من العمل ينتظركم. ففي الخطوة التالية، سيكون عليكم أن تقرّروا كيفية استخدام هذه الرؤية وهذه الرسالة وإلا، سيذهب عملكم الجاد كلّه سدى. فالمهمّ هو إيصال الرسالة.
ثمّة الكثير الكثير من الطرق التي يمكن أن تختارها منظّمتكم لنشر رؤيتها ورسالتها، وفي ما يلي جزء بسيط من الأمثلة على ذلك، إذ يمكنكم:
-
وضعها على رأس أوراقكم أو قرطاسيتكم
-
استخدامها في موقعكم الالكتروني
-
وضعها على قمصان، أو علامات الكتب، أو هدايا صغيرة أخرى
-
إضافتها إلى الرزمة الصحافية
-
استخدامها عند إجراء المقابلات
-
عرضها على غلاف تقريركم السنوي
... وإلى ما هنالك. ونعود فنكرّر أنّ هذه الخطوة ستستهلك إبداعكم بالكامل. وإذا أردتم الحصول على المزيد من الأفكار، راجعوا الفصل 6: تعزيز الاهتمام بالمسائل المجتمعية.
الخلاصة
إنّ يناء رؤية ورسالة فعّالتين هو من أهم المهام التي قد تقوم بها منظّمتكم، لأنّ كلّ شيء آخر ستفعلونه تقريباً سيتأثّر بهما. وعليه، نأمل أن يكون هذا القسم قد عزز ثقتكم في قدرة مجموعتكم على وضع رؤية ورسالة ناجحتين وملهمتين. تذكّروا أنّه عليكم التفكير بشمولية وجرأة! حظاً موفّقاً!
الموارد
Barry, B. W. (1982). Strategic planning workbook for non-profit organizations. St. Paul, MN: Amherst H. Wilder Foundation.
Bryson, J. M. (1988) Strategic planning for public and nonprofit organizations: A guide to strengthening and sustaining organizational achievement. San Francisco: Jossey-Bass Publishers.
Coover, V., et al. Resource manual for a living revolution: a handbook of skills & tools for social change activists. Philadelphia: New Society Publisher, 1985.
Fawcett, S. B., Paine-Andrews, A., Francisco, V., Richter, K. P., Lewis, R. K., Williams, E. L., Harris, K. J., Winter-Green, K., in collaboration with Bradley, B. and Copple, J. (1992). Preventing adolescent substance abuse: an action planning guide for community -based initiatives. Lawrence, KS: Work Group on Health Promotion and Community Development, University of Kansas.
Fawcett, S. B., Paine-Andrews, A., Francisco, V., Richter, K. P., Lewis, R. K., Harris, K. J., Williams, E. L., and Fischer, J. L., in collaboration with Vincent, M. L. and Johnson, C. G. (1992). Preventing adolescent pregnancy: an action planning guide for community-based initiatives. Lawrence, KS: Work Group on Health Promotion and Community Development, University of Kansas.
Kansas Health Foundation. VMOSA: An approach to strategic planning. Wichita, KS: Kansas Health Foundation.
Lord, R. (1989). The non-profit problem solver: A management guide. New York: Praeger Publishers.
Olenick, J. & Olenick, R. (1991). A non-profit organization operating manual: planning for survival and growth. New York: Foundation Center.
Stonich, P. J. (1982). Implementing strategy: making strategy happen. Cambridge: Ballinger Publishing Company.
Unterman, I., & Davis, R. H. (1984). Strategic management of not-for-profit organizations. New York: CBS Educational and Professional Publishing.
Wolff, T. (1990). Managing a non-profit organization. New York: Prentice Hall Press.
المنظّمات
American Planning Association
1776 Massachusetts Ave., N.W.
Washington, DC 20036
(202) 872-0611
FAX: (202) 872-0643