- تستند "المجتمعات المحليّة الراعية" إلى استراتيجية النمو الاجتماعي التي صاغها ديفيد هوكِنْز وريشار كاتالانو من جامعة واشنطن.
- ما هي "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
- لماذا قد نودّ أن نتبنّي (أو قد لا نودّ) مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
- مَن يجب أن يكون جزءاً من "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
- كيف نستخدم مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
نظرْنا في الفصل الثاني في مروحة متنوّعة من النماذج لبناء مجتمعات محلّية صحّية، بما فيها النموذج الذي ركّز على الإيجابيّات التي يحتاجها الشباب الصغار من أجل النمو ككبار ناجحين وصحّيين (تنمية المقدّرات، أو الأرصدة، في القسم الرابع). يقارب ذلك النموذج صحّة المراهقين والنمو من زاوية إيجابيّة، مفترضاً أنّه إذا أمكننا تزويد الشباب بالدعم والفرص المناسبة، فسيسير التطوّر في الاتّجاه الصحيح.
من جهة أخرى، وفضلاً عن تلك الإيجابيّة، هنالك تأثيرات سلبيّة للعمل في العائلات والمدارس والمجتمعات المحلّية. إذا لم يكن هنالك أحد في عائلة المراهق قد تخرّج من المدرسة الثانوية، فقد يرى هذا المراهق تركَ التعليم عند بلوغه 16 عاماً أمراً طبيعيّاً ومرغوباً. كما قد يجد الشباب أنّه من الأصعب تجنّب استخدام المخدّرات إذا كانت المخدّرات متوفّرة بسهولة في المدرسة وعلى الطرقات. وإذا رعى المجتمع المحلي ثقافة العنف فسيميل الشباب إلى إيجاد أنفسهم عالقين في هذه الثقافة.
في هذا القسم، سننظر في النموذج الذي يعترف بالعوامل الإيجابيّة (الحماية) وتلك السلبيّة (الخطر) التي تؤثّر على المراهقين، بهدف تحسين الأولى والتخفيف من الأخيرة. تركيز هذا النموذج أضيق من بعض النماذج التي رسمناها، ولكنه يرمي إلى نفس الغاية، وهي تحسين النمو الصحّي للشباب، ومن هنا خلق مجتمع محلّي أكثر صحّةً.
كما في عظم النماذج الأخرى، تتبنّى "المجتمعات المحليّة الراعية" منظوراً مجتمعيّاً، وتدعو إلى مشاركة مجتمعية واسعة. مثل نموذج "اسبق/تابع" (انظروا القسم الثاني من هذا الفصل)، يحدّد هذا النموذج المشكلات والموارد، ويصنع حلولاً موجّهة بشكل مباشر إلى المشكلة المحدّدة، ويُدخل التقييم ضمن تطبيق الحل. يشبه نموذج "المجتمعات الراعية" نموذج "تطوير المقدّرات"، أو الأرصدة (انظروا القسم الرابع من هذا الفصل عن تنمية الإمكانات الموجودة)، في تشديده على الشباب وعلى عوامل الخطر التي تؤثّر عليهم. وفيما ينظر "تطوير المقدّرات" إلى النمو المتكامل للأطفال والمراهقين، تركّز "المجتمعات المحلية الراعية"، كما سنرى، تحديداً على السلوكيّات المشكلات والوقاية منها أو إبطالها. |
ما هي "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
تستند "المجتمعات المحليّة الراعية" إلى استراتيجية النمو الاجتماعي التي صاغها ديفيد هوكِنْز وريشار كاتالانو من جامعة واشنطن. وهي ليست برنامجاً بَل هي "نظام تشغيل" يؤمّن البنية، لا المضمون، لجهود مجتمعية تطرح مسائل الشباب، وهي تركّز على عوامل الخطر والحماية التي تتم مقاربتها من خلال مسار على صعيد المجتمع المحلي، يتضمّن تدريباً في كل خطوة. (انظروا الفصل 19، القسم 2: فهم عوامل المخاطر والحماية واستخدامها في اختيار أهداف محتملة واستراتيجيات تدخّل واعدة.)
"المجتمعات المحليّة الراعية" هي مسار ذو هيكلّية وحقوق نشره محفوظة، وتتقاضر مؤسّسة "شانينغ- بيت" رسوماً على تنفيذ الجهود المجتمعية الشاملة التي تتضمّن التدريب، والمواد، والمساعدة في القياس والتخطيط، واختيار التدخّلات المحدّدة المصمّمة لطرح عوامل الخطر والحماية بالنسبة إلى الشباب، وتطبيقها وتقييمها. |
تصوّب "المجتمعات المحلّية الراعية" تحديداً باتّجاه التصدّي لخمس سلوكيات تمثّل مشكلات لدى الشباب، وهي:
- استخدام المواد المخدّرة
- الانحراف
- حمل المراهقات
- التسرّب المدرسي
- العنف
عوامل الخطر
عوامل الخطر هي تلك العناصر في البيئة أو في التشكيل الداخلي للأشخاص، التي تجعلهم أكثر عرضة لسلوكيات أو ظروف محدّدة. وقد حدّدت الأبحاث 19 عامل خطر، وهذه العوامل مرتبطة بإحدى السلوكيات- المشكلات المذكورة أعلاه أو بأكثر من واحدة. الفرضية خلف نموذج "المجتمعات المحلّية الراعية"، والتي تشترك فيها مع النماذج الأخرى في هذا الفصل، هي أنّ عناصر مثل عوامل الخطر والحماية تمتد على كافّة مجالات حياة المجتمع المحلي. بناء على هذه الفرضيّة، تقسَّم عوامل الخطر، وهي 19، إلى أربع مجموعات متّصلة، بالترتيب، بالمجتمع المحلي، والعائلة، والمدرسة، وأُطر الفرد/الأقران. (انظروا لائحة الأرصدة التنموية المذكورة في الفصل 2، القسم 4: تنمية المقدّرات أو مصادر القوّة.)
عوامل الخطر في المجتمع المحلّي:
لهذه العوامل علاقة بالأوضاع أو الظروف داخل المجتمع المحلي، كما لها علاقة بمواقفه وبنيته:
- توفّر المخدّرات: يشكّل توفّر المخدّرات (وهذا غير مفاجِئ) عاملَ خطر أساسي لاستخدام المخدّرات كما للعنف. إنّ التوفّرَ عاملٌ مهم لدرجة أنّه تبيّن أنّ نسبة استخدام المخدّرات أعلى في المجتمعات المحلية التي تُعتبر فيها المخّدرات متوفّرة بسهولة، في حين أنها ليست فعليّاً كذلك.
- توفّر السلاح: تُظهر الإحصائيّات أنّه كلّما زاد توفّر السلاح في المجتمع المحلي، تميل نسب الجرائم العنفيّة إلى الازدياد أيضاً، وفي الجانب الآخر، يتلازم عدد الأسلاحة الأقل في المجتمع المحلي مع نسب أقل من الجرائم العنفيّة.
- القوانين والأعراف المجتمعية المحبّذة لاستخدام المخدّرات والسلاح والجريمة: الضريبة العالية على الكحول والسجائر، بالإضافة إلى منع استخداماتها في ظروف متنوعة، يمكن أن تسيطر على استعمالها، وأن تبعث برسالة عن موقف المجتمع المحلّي منها.
يمكن لغياب الوضوح في القوانين والممارسات أن يخلق مشكلات عند الشباب. إذا كانت الكحول تقدَّم دوماً في الاحتفالات المجتمعيّة، وإذا لم يكن عمر احتساء الكحول معمولاً به أو إذا كان لا يُنظر إلى الشرب حتّى الثمالة لدى الكبار والمراهقين على أنه مشكلة، تكبر الفرص في ألاّ يرى المراهقون الصغار أي سبب لتجنّب هذه السلوكيّات. |
- التصوير الإعلامي للعنف: توجد براهين على أنّ الشباب الصغار الذين يشاهدون كمّيات كبيرة من العنف في الإعلام يفقدون الإحساس تجاه أثره، ويصبحون هم بأنفسهم أكثر ميلاً إلى السلوك العنفي.
- التنقّلات والحراك: إن الانتقال (من مدرسة إلى أخرى، مثلاً، أو من المرحلة المدرسيّة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية) هو دائماً صعب بالنسبة للمراهقين. والانتقالات المجتمعيّة غير العاديّة (دمج المجموعات الاقتصادية الاجتماعيّة ضمن برنامج نقل مشترك في حافلات النقل المدرسيّة، مثلاً، أو خسارة الوظائف على نطاق واسع) قد تعقّد الأمور بالنسبة للمراهقين. الانتقالات و/أو المستوى العالي من الغياب (العائلات التي تنتقل بشكل دائم) يمكن أن تجعل الأطفال معرّضين لاستخدام المخدّرات، والانحراف والتسرّب المدرسي.
- القليل من التعلّق بين الجيران وانعدام التنظيم المجتمعي: عندما يشعر الناس أنّ لديهم مجرد قليل من السيطرة على حياتهم الخاصّة فغالباً ما تكون النتائج انخفاضاً في المشاركة في المجتمع المحلّي وفي مستويات التصويت، وانعدام الرقابة المجتمعية على الأماكن العامّة، وتخريباً وانحلالاً في البنية المادّية والاجتماعيّة للحي. هذه الظروف قد تدفع المراهقين إلى الإدمان على المخدّرات، وإلى العنف، وإلى الانحراف.
- الحرمان الاقتصادي البالغ: يجعل الفقر الشباب أكثر تعرّضاً لكافّة السلوكيّات المشكلات.
العائلة:
كما هو متوقَّع، فإن المواقف والظروف التي تسِم عائلة الطفل تترك تأثيراً عظيماً على سلوكه الحالي والمستقبلي. إنّ كافّة السلوكيّات- المشكلات الخمس هي عرضة لعوامل خطر متعلّقة بالعائلة:
- تاريخ العائلة ربطاً بالسلوك المشكلة: في حال كان الوالد قد أمضى وقتاً في السجن أو كان عمر الوالدة 15 سنة عندما أنجبت أول طفل لها، أو إذا كان أحد الوالدين قد تسرّب من المدرسة، أو كان أحد من العائلة يحتسي دوريّاً كمّيات كبيرة من الكحول، أو إذا كان العنف الجسدي من الأعراف العائلية فقد يزداد عندها الخطر بأن يكرّر المراهقون في العائلة نفس السلوكيّات، وأن ينخرطوا في سلوكيّات - مشكلات أخرى كذلك.
- مشكلات إدارة العائلة: تتضمّن إدارة العائلة الطرائق والإجراءات التي يستخدمها الأهل لتنظيم العلاقات داخل العائلة ولتربية الأطفال. بعض مشكلات إدارة العائلة بديهيّة: لا سيطرة على نشاطات الأطفال وعلى أماكن وجودهم، أو الإساءة للأطفال بحجّة التأديب. وهنالك مشكلات غيرها قد تكون أقل ظهوراً ولكنّها تساويها بالأذى، وهي تتضمّن غياب التوقّعات الواضحة للسلوك والشخصيّة، ومطالب غير متسقة، وتعريفات غير واضحة للحدود بين الأهل والأطفال. هذه الأمور جميعها تلعب دور عوامل خطر للسلوكيّات - المشكلات الخمس.
- النزاع العائلي: سواء كان النزاع بين الأهل، أو بين الأهل والأطفال، أو بين الإخوة فيما بعضهم، أو بين الإخوة والأشقاء، أو بين أفراد آخرين في المنزل فإن المستوى العالي من النزاع يزيد من قابليّة المراهقين التعرّض لكافّة السلوكيات - المشكلات.
- مواقف الأهل تجاه الإدمان على المخدرات والجرائم والعنف، أو انخراطهم فيها: في حال كان الأهل يوافقون على هذا النوع من السلوكيّات أو يقبلونها، أو يشاركون فيها هم، فإن احتمال انخراط أطفالهم فيها يكبر أيضاً. ويصبح ذلك صحيحاً عندما يُشرك الأهل الأطفال بشكل مباشر في سلوكيّاتهم - المشكلات الخاصّة (المدمنون على الهيرويِن الذين يأخذون أولادهم معهم لشرائها، مثلاً، وهي حالة قد شهدها كاتب هذه السطور مراراً، أو الأهل الذين يرسلون أطفالهم لشراء السجائر).
المدرسة:
لا تمثّل المدرسة مجرد مكان لتعلّم القراءة أو الرياضيات. فهي مركز اجتماعي، ومكان مصغّر عن المجتمع بأكمله. والهويّة التي يتبنّاها الطفل، أو التي تؤثّر عليه في المدرسة هي الهويّة التي يتوقّع الطفل والآخرون أن يتبنّاها عندما يصبح بالغاً. وتؤثّر عوامل الخطر المرتبطة بالمدرسة على كافّة السلوكيّات المشكلات:
- سلوك غير اجتماعي مبكر ومستمر: الطفل الذي يشكّل إرهاباً في الحضانة، ولكن يتعلّم أن يبقى بعيداً عن المشكلات في معظم الأوقات عندما يصبح في المدرسة، هو الأرجح على ما يرام. ولكن، إذا استمرّ السلوك غير الاجتماعي عندما يصبح عمره 12 سنة هو في خطر جدّي.
- الفشل الأكاديمي في المدرسة الابتدائيّة: بالإضافة إلى كونه سبب مصدر إحباط لكلا التلميذ والمعلّم، فالفشل الأكاديمي يُديم نفسه: الطفل لا يفهم المواد فيقلّل من انتباهه نتيجة لذلك، فيخسر المزيد، ويتراجع أكثر وأكثر إلى الوراء. الفشل الأكاديمي يُبعد الطفل عن فكرة التعليم كأداة من أجل الحياة فيجعله يبدو غير ذي صلة به: "ليس لي". وأخيراً، يشجّع الفشل الأكاديمي على بناء صورة ذاتيّة مقسّمة إلى جزأين متساويين بين الغضب واليأس: "بطيء"، وليس مجدياً في أي أمر مرتبط بالذهن، ودخيل، الخ. كافّة هذه الأمور تدفع الطفل بعيداً عن الخط العام السائد، وتقوده إلى الثقافة المصغّرة من السلوكيّات- المشكلات.
في بعض الحالات، قد ترى الثقافة المصغّرة لمجموعة كاملة من الأطفال أن النجاح الأكاديمي خاطئ أو مشكوك بأمره. فمثلاً، ينظر بعض المراهقين السود في ضواحي المدن الأميركيّة إلى الإنجاز المدرسي كمحاولة للتحوّل إلى شخص أبيض البشرة. كما نظرت بعض ثقافات الطبقة العاملة بدونيّة إلى النجاح الأكاديمي واعتبرتْه خيانة طبقيّة. وفي حال التفت الطفل إلى أصوات هذه الثقافات واهتمّ بها فهو يحدّد خياراته كمراهق، ويفتح أمامه طريق السلوكيّات - المشكلات. |
- النقص في الالتزام بالمدرسة: قد يكون ذلك نتيجةً للصعوبات الأكاديميّة، أو ببساطة لقلّة الاهتمام بالمدرسة، وللشعور أن المدرسة والتعليم بشكل عام غير مهمّين.
الفرد / الأقران:
هذه المجموعة الأخيرة من عوامل الخطر تعني الصفات والمواقف الشخصيّة التي هي إمّا متأصّلة في الفرد أو متأثّرة بعلاقات الأقران القريبة، وفي بعض الحالات تكون الاثنتين معاً:
- العزلة والتمرّد: يصف المركز الإقليمي الوقائي في تلال فْلينتْ في ولاية كنساس الأميركيّة الشباب المنعزلين أو المتمرّدين كالذين "يشعرون أنّهم ليسوا جزءاً من المجتمع، ولا تحكمهم قوانين، ولا يؤْمنون بمحاولة أن يكونوا ناجحين أو مسؤولين، أو مَن يتّخذ موقفاً فاعلاً ثوريّاً تجاه المجتمع".
- الأصدقاء الذين ينخرطون في السلوكيّات المشكلات: بسبب أهمّية موافقة الأقران عند المراهقين، يمكن لمواقف الأصدقاء وتحرّكاتهم أن تكون عاملاً نافذاً في سلوك المراهقين. عامل الخطر هذا هو من أهم المؤشرات الثابتة في توقّع وجود مشكلات سلوكيّة. بكلمات أخرى، "كانت أمّك على حق: يجب ألا تعاشر هؤلاء المتسكّعين".
- مواقف إيجابية تجاه السلوكيات المشكلات: في حال كان أصدقاء الشاب (أو ربّما أهله) يشربون حتّى الثمالة، أو يرتكبون جرائم، أو يتسّربون من المدارس، سيميل الشاب إلى أن يكون إيجابيّاً تجاه هذه السلوكّيات. إذ إنّ تطوير مواقف إيجابيّة تجاه السلوكيّات- المشكلات يعرّض الأطفال لخطر شديد للانخراط بها.
- بداية مبكرة للسلوكيّة- المشكلة: كلّما أبكرتم في شرب الكحول، مثلاً، كلّما أصبح الشرب سلوكاً "طبيعيّاً". في حال كنتم تثملون خلال نصف حياتكم تقريباً عندما يصبح عمركم 17 سنة فلن تتمكّنوا من رؤية الخلل في ذلك.
- العوامل البنيويّة (المتعلّقة ببنية المرء الجسمانية): هذه هي العوامل الداخليّة التي قد تكون منذ الولادة (جينية أو عصبيّة أو بيولوجيّة) أو بيئية مكتسبة، ولكنّها في أي حال تشكل جزءاً كبير ممّا هو الفرد. يمكن لهذه العوامل أن تشمل فقدان التحكّم بالاندفاعات القويّة، والسعي وراء المشاعر الجامحة، والقليل من تجنّب المخاطر. فمثلاً، بعض الشباب من سكان أميركا الأصليّين معرّضون لخطر الكحول تحديداً، لأسباب مجتمعيّة (الفقر) ولأسباب بيولوجيّة (أجسامهم لا تحرق الكحول بسرعة، والإدمان على الكحول خطر فعلي).
العوامل الحامية
مقابل عوامل الخطر التي تضع المراهق على طريق الخراب، هنالك عوامل حماية تتولّى أمر إبعادهم عن الانخراط في السلوكيّات المشكلات. (لنظرة أكثر شموليّةً إلى عوامل الحماية، الرجاء الذهاب إلى القسم الرابع من هذا الفصل، تنمية المقدّرات أو مصادر القوّة). تقع عوامل الحماية ضمن ثلاث فئات:
الخصائص الفردية:
- الجندر (النوع الاجتماعي): تصح الحكمة التقليدية هنا التي يقول: تَقع البنات في مشكلات أقل ممّا يقع الصبيان. أكان السبب العوامل البيولوجية (التِسْتُسْتِرون) أم التكيّف الاجتماعي، فالصبيان أكثر تعرضاً لكافّة السلوكيّات - المشكلات من البنات، ما عدا حمل المراهقات.
- الطبع المرن: يبدو أنّ بعض الأطفال والمراهقين يستطيعون التكيّف ببساطة مع الصعوبات أكثر من آخرين، فيمكنهم اختبار عدد كبير من عوامل الخطر دون خسارة قدرتهم على التكيّف بشكل منطقي مع أي أمر يطرأ.
- التوجّه الإيجابي: الأطفال المتفائلون والسعداء والذين يستمتعون بالأشخاص الآخرين، الذين يكونون هم أنفسهم محبوبين، يكون خطر تعرّضهم للسلوكيّات- المشكلات منخفضاً.
- الذكاء: يشكّل الذكاء دفاعاً ضد الانحراف والتسرّب المدرسي، ولكن ليس بالضرورة ضد الإدمان على المخدّرات.
كلّ منّا يستطيع تعداد أمثلة عن علماء أو شعراء لمعوا وكانوا يتعاطون المخدّرات أو غيره. السؤال الحقيقي هو لماذا آخرون (غالباً ما يكونون قد عانوا من مآسٍ مشابهة في حياتهم) لم يتعاطوها. ربّما يكون هنا النوع اللازم من الذكاء هو ليس الذهني بَل الذكاء العاطفي: القدرة على فهم الذات والآخرين، والصدق مع الذات عن الدوافع، والتفكير بما تقومون به قبل التصرّف. |
الترابط:
عدد كبير من الطيور والحيوانات الأخرى "مُبرمَجَة" على التعرّف والترابط مع أوّل مخلوق ضخم يلتقون به بعد الولادة على اعتبار أنّ هذا المخلوق أمّهم. كذلك الأطفال والمراهقون يترابطون: فهم يؤسّسون صلات قويّة مع الأهل وأفراد آخرين ومجموعات أخرى. عندما يكون الأطفال مرتبطين بهذه الطريقة فهم يميلون إلى التصرّف بالطرق المتوقّعة منهم مِن قبَل الأفراد أو المجموعات التي يشعرون بالصلة معها، لكي لا تتهدَّد العلاقة.
يقدّم نموذج "المجتمعات المحليّة الراعية" الترابط كعامل حماية غير مشوب، ولكن ما يستحق الذكر هو أنّ هذه الروابط ليست دائماً مع الأفراد أو المجموعات التي ستمنع السلوكيّات المشكلات. فإذا التصق المراهقون بعصابات عنيفة فلن تلعب هذه الصلة على الأرجح دور عامل الحماية. الصلات الحامية هي تلك التي تكون فيها العلاقة مع أفراد أو مجموعات يحملون قيماً تشجّع العلاقات الاجتماعية، في مواجهة السلوكيّات- المشكلات. وقد تشمل هذه العلاقات:
- الأهل والعائلة
- بالغين آخرين مهمّين: أقارب، أو جيران، أو مرشدين وموجّهين، الخ
- معلّمين
- مجموعات الأقران
- المدرسة
- المنظمات كالكشافة والمجموعات الدينية والنوادي الاجتماعية وأماكن العمل، الخ
- فرق الرياضة
- مجموعات الخدمة المجتمعية، أو المنظّمات الثقافية، الخ.
معتقدات صحّية ومعايير واضحة:
يخلق البالغون الرئيسيون والمجموعات المهمّة بيئة مجتمعية توصل نظام قيم إيجابية، وتدَع المراهقين يدركون ما هو متوقّع منهم.
على العائلات والكبار الآخرون والمدارس والمجتمع المحلي بأسره أن يعلنوا بوضوح القيم التي تعارض السلوكيّات - المشكلات، وأن تمارسها. وبالإضافة إلى حَمْل المعتقدات الإيجابيّة، يجب أن تتمتّع العائلات والمدارس والمجتمع المحلّي بتوقّعات ومعايير، عالية ومُعلَنة بوضوح، خاصة بسلوكيّات الأطفال والمراهقين وإنجازاتهم.
بكلمات أخرى، يجب أن يدعو الكبار في المجتمع المحلي إلى نظام قيمٍ يثير الإعجاب، وأن يمارسوه، وأن يتوقّعوا من الشباب القيام بالمثل.
الأمر المثالي هنا (الأمر الذي تتوقّع "المجتمعات المحلية الراعية" أن تخلقه في المجتمعات المحلية ما لم يكن موجوداً أصلاً) هو أن يتكلّم المجتمع المحلي بصوت واحد عن القيم والمعايير. في الممارسة، فإنّ ذلك غاية صعبة التحقيق. ولكن، إذا أوصل الكبار المهمّون (لاسيّما الأهل والمعلّمون والمدرّبون) بوضوح أنظمة قيمٍ معقولة، بالإضافة إلى المعايير التي يُتوَقّع من المراهقين أن يلبّوها، فسيتلقى معظم المراهقين الرسالة. |
كيف تعمل عوامل الحماية على موجهة البيئات عالية التعرّض: استراتيجية التنمية الاجتماعية
تشرح استراتيجية التنمية الاجتماعية التي وضعها هوْكِنْز وكاتالانو كيف تعمل عوامل الحماية:
- تؤمّن الخصائص الفرديّة أساساً للسلوك الصحّي: إن كلاًّ من الجندر والطبع المرن والتوجّه الإيجابي والذكاء لا يقود الأطفال، من تلقاء نفسه، بالضرورة إلى الاتّجاه الصحيح، ولكن امتلاك واحدة أو أكثر من هذه الخصائص يعطي المراهق مكاناً للبداية يستطيع أن يتحرّك منه بهذا الاتّجاه. أن تتمكّن من الوصول إلى البيانو لا يؤمّن لك تعلّم اللعب عليه، ولكنّه يؤمّن لك الفرصة، ومن دون هذا الوصول، فأنت بالتأكيد لن تستطيع التعلّم.
فيما تستطيع الخصائص الشخصيّة أن تلعب دور العوامل الحامية فإنّ غياب أيّ من هذه السمات الشخصيّة الحامية لا يعني أن الشاب محكومٌ عليه بالهلاك. يمكن تقوية عوامل حماية أخرى للتعويض عنها، أو في بعض الحالات، يمكن تنمية هذه الخصائص الحامية. يمكن أن تتغيّر المواقف، وحتّى الشخصيّة، مع تغييرات إيجابيّة في الظروف، أو مع إرشاد مناسب أو علاج نفسي. وحتّى الذكاء يمكن زيادته في وجود الاستثارة والظروف الملائمة. |
- يجب أن يُعطى الأطفال والمراهقون فرصة للمساهمة في عائلاتهم ومدارسهم ومجتمعاتهم المحليّة، لتنمية أو تحسين الخصائص الفرديّة:
يحتاج الأطفال إلى ثلاثة أمور من أجل المساهمة وحصاد المنافع الحامية:
- المهارات: وهي تتضمّن المهارات الاجتماعية للعمل مع الآخرين، بالإضافة إلى الكفاءات المحدّدة (المهارات الأساسيّة، والتفكير المنطقي، والمعرفة المتخصّصة، و/أو القدرات الجسديّة) التي ستجعل مساهمات الأطفال ذات قيمة.
- الفرصة للمساهمة: يحتاج الأطفال إلى أن يتم إعطاؤهم مسؤوليّات تتناسب مع أعمارهم وقدراتهم، وهي تأتي مع توقّعات عالية بالدرجة الملائمة. يجب أن يكون لديهم فرصة القيام بمساهمة قيّمة، لا مجرّد مساهمة رمزيّة.
يمكن للمساهمات أن تختلف، وفقاً لعمر الطفل وقدراته، مِن مهمّات منزليّة بسيطة إلى إدارة منظّمة شبابية، أو الخدمة في مجلس مجتمعي. كما يمكن أن تتضمّن مروحة الاحتمالات نشاطات كتعليم أطفال أصغر داخل المدرسة، أو الوساطة بين الأقران في المدرسة، أو مسؤوليات في النوادي الاجتماعيّة أو في الكشّاف أو في مجموعات دينية، أو عضوية في فرقة أو أوركسترا، أو الاهتمام بالأخوة الأصغر. |
- الاعتراف بمساهمات الأطفال: كجميع الناس، يحتاج الأطفال إلى أن يعرفوا أن عملهم مقدَّر، وأنّ أحداً ما لاحظ أنّهم قاموا بعملٍ جيّد. كما يساعد التقدير الأطفال على توطيد مشاعرهم بأنّهم جزءٌ من المجموعة، أكانت العائلة، أو المدرسة، أو المنظّمة، أو المجموعة حيث العضو الوحيد الآخر هو شخصٌ بالغ يهتم لأمره.
-
المساهمة تؤدّي إلى الترابط:
إنّ تأمين المساعدة الحقيقية لفرد أو لمجموعة أو لمنظمة أو للمجتمع المحلي يساعد الشباب على التماهي مع هذا المكوّن، ومع مثاليّاته وقيمه. هذا التماهي يجعل المراهقين أقل ميلاً للانخراط في السلوكيّات - المشكلات، لسببين هما الخوف من الابتعاد عن الفرد أو المجموعة التي تعلّق بها، أو لأنّ صورتهم عن أنفسهم تشمل التصرّف بطرق متماشية مع القيم التي يحملها الفرد أو تحمله المجموعة التي ارتبط معها.
- بالنسبة للطفل أو المراهق المرتبط، فإن تأمين معتقدات صحية ومعايير واضحة يجهّز البنية والمردود التصحيحي اللازم للتطوّر الإيجابي:
يتلقّى المراهقون رسائل واضحة عن الغايات التي يجب أن يناضلوا من أجلها، ويصبحون عرضةً للمساءلة والمحاسبة ربطاً بالوصول إلى هذه الغايات، مِن قبل البالغين والمجموعات المهمّة في حياتهم.
- في النهاية، يقود هذا التطور التدريجية إلى سلوك صحّي:
يَظهر أداء العوامل الحامية في الرسم البياني أدناه، الذي يجسّد "استراتيجية التطور الاجتماعي":
المسارات الأفضل للتغيير والتحسين في المجتمع المحلي
-
تطوير بنية تنظيمية وآليّة تشغيل
-
تحليل المعلومات عن المشكلة أو الغاية
أ. التقدير ووضع الأولويات والتخطيط
-
تطوير إطار عمل أو نموذج تغيير
-
تأسيس رؤية ورسالة
-
تطوير خطط استراتيجيّة وخطط تحرّك واستخدامها
ب. تحسين صحة السكان والتنمية
-
جعل النتائج تهمّ
-
التحضير للتعبئة المجتمعية
ج. تطبيق التحرّك المستهدف
-
استدامة العمل
-
تطوير القيادة
-
المساعدة التقنية
-
تطبيق التدخّلات الفعّالة
ث. إنجاز تغيير واسع الانتشار في السلوكياتوفي عوامل الخطر
ح. تغيير الظروف والنظم المجتمعية
-
توثيق التقدّم واستخدام المردود
لماذا قد نودّ تبنّي (أو قد لا نودّ) مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
كما في كافّة النماذج التي ناقشنا في هذا الفصل، هنالك حسنات وسيئات لاستخدام "المجتمعات المحليّة الراعية". ويمكن أن يُنظر إلى الكثير من حسناتها كسيئات، وذلك يتوقف على وجهة نظركم. الحسنات المذكورة أدناه تعكس بشكل واسع ادّعاءات "المجتمعات المحليّة الراعية" بالفعاليّة، فيما تقدّم السيئات في حالات عديدة طريقة بديلة للنظر إلى هذه الادّعاءات.
الحسنات:
-
"المجتمعات المحليّة الراعية" مؤسّسة على النظرية والممارسة: إنّ الأفكار التي تحكم "المجتمعات المحليّة الراعية" (مفاهيم عوامل الحماية والخطر، مثلاً، والدراسات التي تُشير إلى تأثيرها) تأتي من النظريّة الوقائيّة، وتشمل لائحة "الممارسات الفضلى" التي تتبنّاها "المجتمعات المحليّة الراعية" الطرائق والبرامج التي ذُكرت فعاليّتها، والتي يمكن إعادة إنتاجها في أطر أخرى.
-
"المجتمعات المحليّة الراعية" جامعة وتشاركيّة: يتضمّن مسار التخطيط والمسار الذي يتعلّق بالمفاهيم أشخاصاً من كافّة قطاعات المجتمع المحلي، في النقاش وفي صناعة القرار. ويشرف مجلسٌ مجتمعي على تطبيق البرنامج وتقييمه.
هنالك حسنات حقيقية في الدمج (إشراك أشخاص من كافّة قطاعات المجتمع المحلي، بمن فيهم الشباب وآخرون متأثّرون بشكل مباشر بأي تدخّل) والشراكة (إدخال الجميع، وليس فقط القادة، في صناعة القرار).
أوّلاً، تستقي من مروحة واسعة من الأفكار والمعرفة، لاسيّما عن تاريخ المجتمع المحلّي وشبابه، وخصائصهم.
ثانياً، تتأكّد مناقشة كافّة القرارات برويّة، وعدم تبنّي أي أمر بتسرّع.
وربّما كان الأمر الأهم هو أنّ هذا يعني أنّ الخطّة النهائيّة سيتملّكها المجتمع المحلّي، بما أنّ الجميع في المجتمع المحلّي تمّ تمثيله. وطالما الخطّة أتت من الناس، بدل أن تكون مفروضة عليهم من آخرين، فسيدعمها الناس على الأرجح وسيعملون على إنجاحها. للمزيد عن هذا الموضوع، انظروا الفصل 18، القسم 2: مقاربات تشاركية في التخطيط لتدخلات مجتمعية.
-
تتمتّع "المجتمعات المحليّة الراعية" بمنظور مجتمعي: تتبنى "المجتمعات المحليّة الراعية" وجهة نظر مشابهة لوجهات سائر النماذج التي يراجعها هذه الفصل، وهي تنظر إلى الوقاية من السلوكيّات - المشكلات وإلى التطوّر الصحّي للشباب على أنها مسؤولية المجتمع المحلّي بأسره، وأنها تتطلّب جهوداً مجتمعيّة. وسواء كان المجتمع المحلي المطروح قرية ريفيّة أو بكبر مدينة كبرى (مثلاً، تبنّت مدينة سِياتِل في واشنطن هذا النموذج، بقيادة النظام المدرسي)، تفترض "المجتمعات المحليّة الراعية" أنّه فقط من خلال إشراك المجتمع المحلّي بكامله يمكن لبرنامج الوقاية أن يكون فعّالاً بشكل حقيقي.
-
تتضمّن "المجتمعات المحليّة الراعية" التدريب في كل مرحلة: بدلاً من مجرّد تقديم النموذج أو المساعدة في الدراسات، تقدّم "المجتمعات المحليّة الراعية" التدريب والمساعدة في كل مرحلة من مراحل المسار. وتتولّى مراحلَ أساسيّة كدراسة المجتمع المحلي والتخطيط الاستراتيجي مجموعاتٌ لتتمتع بخلفيّة عن العمل بكفاءة.
-
تؤمّن "المجتمعات المحليّة الراعية" قائمةً بالممارسات الفضلى للاختيار منها: بدلاً من الاضطرار إلى الانخراط في أبحاث مطوّلة أو تخطيط تدخلاّت من لا شيء، يختار المشاركون في "المجتمعات المحليّة الراعية" التدخلاّت التي تناسب المجتمع المحلّي بالشكل الأفضل من لائحة من "الممارسات الفضلى" التي تتضمّن الطرائق والبرامج التي تَبيّن أنّها فعّالة. إضافةً إلى ذلك، تشجّع "المجتمعات المحليّة الراعية" المجتمعات المحلّية على اختيار مقاربات متعدّدة الأوجه وتصوّب نحو مروحة واسعة من عوامل الخطر.
"الممارسات الفضلى" هي تلك التي يجري توثيق فعاليّتها في دراسات مِن قبل مموّلين (غالباً ما تكون مؤسّسات حكوميّة) أو أكاديميّين (الذين ينشرون النتائج في مجلاّت ومنشورات أخرى).
6.تتأقلم "المجتمعات المحليّة الراعية" مع الحاجات الخاصّة لكل مجتمع محلّي: بدلاً من استخدام مقاربة "الوصفة الجاهزة"، يشجّع نهج "المجتمعات المحليّة الراعية" المجتمعات على مزج الممارسات الفضلى والتوفيق بينها من أجل بناء برنامج وقاية يحاكي تحديداً الحاجات والخصائص المحلّية. ولأنّ التدريب ودراسة الجزء المحلّي هما جزء من النظام فإن كل مجتمع محلّي يبني المعرفة والمهارات اللازمة لتحليل حاجاته الخاصّة والقيام بالخيارات الحكيمة.
7.تتضمّن "المجتمعات المحليّة الراعية" التقييم والقيام بالتعديلات كجزء متمّم لأي جهود: لا يتمتّع أي برنامج، أكان ممارسةً فضلى أم لا، بالكمال بالنسبة إلى كل مجتمع محلي، وكذلك، لا يوجد تطبيق مثالي لبرنامج أو طريقة. التقييم الدوري وإعادة التعديل يساعدان كثيراً باتّجاه تأمين الفعاليّة.
8.تبدو "المجتمعات المحليّة الراعية" ناجحة في معالجة معظم السلوكيّات - المشكلات: يبدو أنّ النتائج الصادرة عن المجتمعات المحلية جيّدة في ما يتعلق بخفض السلوكيّات - المشكلات، وذلك كما يُستنتج من تقاريرها الذاتيّة، باستثناء الإدمان على المخدّرات.
-
السيئات:
-
مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية" جامعة وتشاركيّة لبعض الناس فحسب: فيما تدّعي أنّها تُشرك المجتمع المحلّي بأسره، فإنّ مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية" هي في الحقيقة عمودية، من الأعلى إلى الأسفل، وهي تبدأ بعدد صغير من "القادة المجتمعيين المفاتيح". ثمّ "يدعو" هؤلاء القادة، الذين قد يكونون أو لا يكونون ممثّلين للمجتمع المحلي بأسره من ناحية العرق والطبقة الاجتماعية الاقتصادية أو المصالح، ثم يشاركون آخرين "من كافّة القطاعات" لتأسيس مجلس مجتمعي مكوّن من 30 شخص. وفي الواقع فإن المجموعة النواة تدعو عادةً أشخاصاً يعرفونهم، وهم على الأرجح يشبهونهم، وقد لا يمثّلون التنوّع الحقيقي للمجتمع المحلّي.
لمعرفة مَن يجب إشراكه، تحديداً في مجتمع محلّي واسع، يستلزم الأمر بحثاً، فقد يكون العدد 30 أقل من أن يكون ممثّلاً فعليّاً لكافة القطاعات. إضافةً إلى ذلك، لن يتم على الأرجح شمل بعض القطاعات (الشباب، مثلاً، أو الأمهات أو الآباء الوحيدين الذين يعيشون من المساعدات الخيريّة) إلاّ إذا كانت مستهدَفة بشكل خاص من المسار. وإذا كان "القادة المجتمعيّون المفاتيح" يرون أنفسهم قادةً للمسار فإن طبيعة المقاربة التشاركيّة يمكن أن تتلاشى نهائيّاً. (انظروا الفصل 13، القسم 11: القيادة التعاونية والفصل 18، القسم 2: مقاربات تشاركية في التخطيط لتدخلات مجتمعية.)
-
تسمح "المجتمعات المحليّة الراعية" باختيار عدد محدود فقط من المقاربات: إنّ ادّعاء "المجتمعات المحليّة الراعية" أنّها تسمح للمجتمعات المحليّة بحريّة الخروج بحلولهم الخاصّة هو فقط جزئيّاً دقيق. يمكن المجتمعات المحليّة أن تخلق مزيجاً من التدخلاّت التي تحاكي حاجاتها ولكن من مجموعة محدودة فقط من الخيارات.
إن واقع أنّ "المجتمعات المحليّة الراعية" تقدّم قائمة من الممارسات الفضلى، هو سيف ذو حدَّيْن. فمن جهة، يعرض النموذج أمام المجتمع المحلّي عدداً من البرامج والتدخّلات التي نجحت في أماكن أخرى، وكفالة توفير منهاج منظّم للتطبيق. ومن جهة أخرى، يمكن لذلك أن يحدّ من احتمالات الإبداع واستخدام الحكمة المحلّية التي قد تطفو لو كان للمجتمع المحلّي حرّية اختيار أكبر وفرصة لبناء برنامجه بنفسه.
-
قد يشجّع الاختيار مِن بَين الممارسات الفضلى المجتمعات المحليّة على مجرّد اتّباع التعليمات، بدلاً من الاندماج قلباً وروحاً في الجهود: رغم كونه يبسّط المسار، فإنّ التدّخل "المصنَّع" للمجتمع المحلّي (بدل أنْ يكون مبنيّاً من القاعدة صعوداً)، قد يجعل الناس يعتقدون أنّهم إذا طبّقوه بالشكل "الصحيح"، فسيحصلون على النتائج بشكل آلي. وفي حال لم تأت النتائج بسرعة، فقد يميل المجتمع المحلي إلى محاولة "صقل" التطبيق بجدّية أكبر، بدلاً من تحليل الوضع تحليلاً متروّيا.
-
إنّ تركيز "المجتمعات المحليّة الراعية" ضيّق: تركّز "المجتمعات المحليّة الراعية" تحديداً على الشباب، وبشكل أخص على السلوكيّات - المشكلات الخمس (الإدمان والانحراف وحمل المراهقات والتسرّب المدرسي والعنف). لهذا التركيز جوانب إيجابيّة وأخرى سلبيّة. فمن جهة، هذا يعني عدم محاولة القيام بالعديد من الأمور بنفس الوقت، ووضع غايات قابلة للإدارة. ولكن هذا، من جهة أخرى، يؤّدي إلى منظور ضيق للصحة المجتمعية والتنمية وعدم التخطيط، بالضرورة، للمدى البعيد أو للمجتمع المحلّي بأسره.
إذا كانت الأهداف النهائيّة ضيّقة وتقتصر على التخفيف من إحدى السلوكيّات- المشكلات أو أكثر فهي يمكن أن تعطي الانطباع بأنّ تحقيق هذه الأهداف "يصلّح" المشكلة والمجتمع المحلّي. وإذا كانت الأهداف هي نهاية المسار فلن يقوم التزام مجتمعي بالتغيير الاجتماعي على المدى البعيد في حين يكون التغيير الاجتماعي طويل الأمد، عادةً، ضروريّاً لحل المشكلات الاجتماعيّة نهائيّاً.
-
تستند "المجتمعات المحليّة الراعية" إلى الفرضيّات إلى حد كبير: فيما خضعت النظريّة خلف هذا النموذج والممارسات الفضلى إلى كمّية لا بأس بها من الأبحاث، لم يظهر البرنامج فعاليّته إلاّ على المدى القصير والمدى الوسط. لم تُجْمَع بعد بيانات عن المدى البعيد.
-
"المجتمعات المحليّة الراعية" عندها خدمة تودّ بيعها: في معظم الحالات، تباع مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية" كَرُزمة تتضمّن الأدبيّات والتدريب والدعم. وفيما يوجد طبعاً بعض الحسنات لذلك فهذا يعني أيضاً أنّ المرونة في النموذج يمكن أن تكون أقل من المطلوب، وأنّ المزوّد يستفيد من بيع كافّة قطع الرزمة، سواء كانت الأكثر ملاءمة أو فعاليّة للمجتمع المحلي أم لا. إن كونها مغامرة تجاريّة لا يجعل تضارب المصالح لا مفرّ منه، ولكنّه يرفع احتمال وجوده.
بعض هذه السيئات جدّي، ولكن جميعها يمكن تخطيه إذا كيّفتم البرنامج ليناسب حاجات المجتمع المحلّي الخاصّة. قد تعرّفون "القادة المجتمعيين المفاتيح" بشكل أوسع قليلاً، مثلاً، رغم احتمال أن ترغبوا بإدخال بعض مِمّن يلبون معايير "المجتمعات المحليّة الراعية" على الأقل في المجموعة الأوليّة. يمكنكم ضم المراهقين والأهل ومجموعة أشخاص عابرة للقطاعات من المجتمع المحلي كذلك، حتى تكون مبادرة الجهود مجتمعيّة فعلاً لا عمودية من الأعلى إلى الأسفل. قد تتمتّعون بلقدرة على الإبداع ربطاً بأفكار البرمجة أو قد تستخدمون بعض برامج الممارسات الفضلى، والخروج بأخرى من صنعكم. لا يوجد نموذج مقدّس، ولا نموذج يعمل بنفس الجودة في كافّة المجتمعات المحلّية.
مَن يجب أن يكون جزءاً من "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
ما ذكرنا سابقاً، يجب أن ترتكز "المجتمعات المحليّة الراعية" على أوسع قاعدة ممكنة. لا ننكر أهمّية القادة المجتمعيين (المسؤولين المنتخبين رجال الأعمال المحترمين...الخ)، ولكنّكم تحتاجون إلى كافة أصحاب المصلحة إذا كنتم تتوقّعون أن تتبنى كافّة قطاعات المجتمع المحلي الجهود.
يشمل أصحاب المصلحة كافّة مَن لديه مصلحة مكتسبة في المبادرة: الداعمين والمستفيدين والمخططين والمنفّذين، الخ. تشمل الاحتمالات:
-
أولئك المتأثّرين بالسلوكيّة- المشكلة: فهم يقدّمون إلى النقاش خبرتهم وفهماً عميقاً للسلوكيّات وتأثيراتها:
-
الشباب أنفسهم، لاسيّما هؤلاء الذين عاشوا التجربة (أعضاء عصابات سابقين، أو مدمنون يتعافون، أو أهل المراهقين، أو متسرّبون، الخ). يمكن لهؤلاء تقديم ليس فقط نظرة أعمق ومعرفة شخصية بل المصداقيّة عند العمل مع الشباب الآخرين، فهم يتحدّثون عن خبرة وليس من موقع شخص بالغ يريد إصلاحهم أخلاقيّاً.
-
العائلات، والآخرين المهمّين، وأصدقاء المنخرطين في السلوكيّات - المشكلات. تكون تجربة هؤلاء بنفس الشدّة بل أحياناً أكثر إيلاماً من تجربة المراهقين أنفسهم.
-
الأشخاص المتأثرين بشكل غير مباشر بالسلوكيات المشكلات: تشمل هذه المجموعة أشخاصاً لهم عدد من المصالح المختلفة، مثل:
-
المعلّمين والموجّهين والمدرّبين وموظفين آخرين في المدرسة.
-
الذين يعملون في منظمات غير مدرسيّة تخدم الشباب (كالعاملين في الحالات الاجتماعية أو في الشوارع، والصلات مع العصابات، والمرشدين، والمدربين، وقادة مجموعات الشباب، الخ).
-
الذين يتعاطون مع تبعات تصرّفات الشباب (الشرطة، والمهنيين الطبيين، وعاملين آخرين في مجال الصحّة، والقضاة، ومسؤولي الكفالات).
-
التجار وغيرهم ممّن يعتقدون أن قيمة أعمالهم أو أملاكهم تنخفض بسبب تسكّع المراهقين و/أو أعمالهم أو تعاطيهم المخدّرات في الخارج، أو بسبب الشوارع التي أصبحت غير آمنة بسبب العنف الشبابي.
-
قادة المجتمع المحلّي وصانعي السياسات: يوجد هنا، في الحقيقة، نوعان من قادة الرأي: الرسميّون وغير الرسميين:
-
القادة الرسميّون: هم بشكل عام المسؤولون المعيّنون والمنتخبون الحاليّون والسابقون.
-
القادة غير الرسميين: هؤلاء يشكّلون مجموعة أكبر، وهي مكوّنة من قادة الرأي، ورجال أعمال معروفين، وشخصيات مؤسّساتية ومدنية، وناشطين مجتمعيين، ومتحدّثين عن مجموعات معيّنة (أقلّيات لغويّة أو غيرها، اتحادات عمّاليّة، أو تجّار، أو سكان الأحياء...)، ورجال الدين، ومواطنين عاديين يحترمهم الآخرون ويُصغون إليهم.
-
الذين لهم اهتمام في المصلحة العامّة المجتمعية: هم الأشخاص الذين قد لا يكونون منخرطين أو متأثّرين بشكل مباشر، ولكنّهم معنيّون بالأطفال والمجتمع المحلّي:
-
الأهل وآخرون ممّن يريدون أفضل بيئة ممكنة وأفضل دعم للشباب.
-
رجال الأعمال ومتعهّدو البناء في المجتمع المحلي...الخ، الذين يريدون أن يتمكّنوا من تقديم المجتمع المحلي كمكان مرغوب للإقامة أو لتربية الأطفال أو لفتح مشاريع أعمال فيه.
-
المتطّوعون المجتمعيّون ومواطنون آخرون معنيّون.
-
الإعلام: يشكّل إشراك ممثلين عن الإعلام منذ البداية (كأفراد وأهل أكثر من مجرّد كونهم ذوي قدرات مهنيّة) الطريقة الفضلى لتأمين حصول المجتمع المحلّي على المعلومات اللازمة عن "المجتمعات المحليّة الراعية" ونشاطاتها في المجتمع المحلّي.
كيف نستخدم مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية"؟
أسّس هوكنْز وكاتالونا شراكةً عام 2000 (مع مؤسّسة "شانينع بيت"، في جنوب ديرْفيلد بولاية مساتشوستس الأميركية)، لتسويق العلامة المسجّلة باسم رزمة "المجتمعات المحلية الراعية" لدى المجتمعات المحلّية. تتضمّن الرزمة: الاستراتيجية العامّة، وتدريب المشاركين من المجتمعات المحلّي في فترات متعدّدة، والمساعدة على اختيار التدخّلات الفعّالة وتطبيقها، وأدوات التقييم، والمساعدة التقنيّة خلال المسار.
من أجل تطبيق برنامج "المجتمعات المحليّة الراعية" الرسمي، ينبغي القيام بترتيبات مع "شانينغ- بيت". يمكن زيارة قسم "المجتمعات المحليّة الراعية" على موقعهم (CTC). إنّ وصف مراحل الوقاية أدناه يرسم خطوطاً عريضة لمسار "المجتمعات المحليّة الراعية" (أي يصف ما سيحصل إذا كلّفتم شانينغ- بيت بمساعدة مجتمعكم المحلّي على إدارة برنامج "المجتمعات المحليّة الراعية". ومفهومٌ أنّ الأمر هنا ينقصه تفاصيل، بما أنّ جماعة "المجتمعات المحليّة الراعية" لا يستطيعون بيع برنامجهم إذا قدّموا كافّة التفاصيل مجّانيّاً. |
وفقاً لنموذج "المجتمعات المحليّة الراعية" فإنّ مسار الوقاية المجتمعيّة الفعّالة له سبع مراحل، تشكّل أولى اثنتين منها الشق التحضيري، وقد تكون ضرورية أو لا في مجتمع محلّي معيّن:
-
الوعي: المرحلة الأولى من المسار هي تقدير جهوزيّة المجتمع المحلّي للتصدّي للسلوكيّات -المشكلات لدى المراهقين. يجب أن يكون المواطنون من كافّة القطاعات واعين أنّ المراهقين منخرطون في سلوكيّات - مشكلات في المجتمع المحلي، وعليهم أن يروا في ذلك مسألةً مهمّة. فقط عندما يصل المجتمع المحلي إلى هذه المرحلة، يكون مستعدّاً للمرحلة التالية.
التثقيف: عندما يفهم الناس أنّ هناك سلوكيّات - مشكلات يجب التصدّي لها، فهم يحتاجون إلى معلومات عنها من أجل فهمها بشكل أفضل، ومعرفة لماذا سيكون طرحها مهمّاً. التثقيف المجتمعي يعرض للمواطنين ما يحتاجون إلى معرفته للبدء بمقاربة المسألة (ما هي هذه السلوكيّات - المشكلات، وطبيعتها وتأثيراتها، وأدلّة على وجود بعضها أو جميعها في المجتمع المحلّي... الخ).
تعكس هاتان المرحلتان الطورين الأوليين من الاستعداد للتغيير اللذيْن يقترحهما المسوّقون الاجتماعيّون. تصف "عدّة العمل المجتمعي" في الفصل 45، القسم 1: فهم التسويق الاجتماعي: التشجيع على تبنّي المنتجات والممارسات المقدَّرة واستخدامها "مسار الفهم التسلسلي " الذي يرافق تغيير السلوك:
إنّ مرحلتَي الوعي والتثقيف في مسار "المجتمعات المحليّة الراعية" يطرحان الطورين الأوّلين في هذه السلسلة المتّصلة، ويقودان بالشكل المثالي إلى الطور الثالث. أمّا الأطوار الثلاثة اللاحقة، فيتم التعاطي معها كجزء من عرض "المجتمعات المحليّة الراعية" وتبنّيها وتطبيقها، كجهود مجتمعيّة. جانبٌ أساسي من النظريّة خلف هذه السلسلة المتّصلة هي أنّ مستوى فهم الشخص للمشكلة هو أساسي لإقناعه بالتغيير. عليكم مقاربته في الطور الذي يتواجد فيه حاليّاً، وعليكم محاولة نقله إلى الطور التالي، عبر الحجج أو المعلومات التي تحاكي طور فهمه الحالي. لذا يصبح من بالغ الأهميّة قياس نبض فهم المجتمع المحلّي للمسائل التي تودّون طرحها، قبل البدء بأي مبادرة مثل "المجتمعات المحليّة الراعية" أو أي من النماذج الأخرى المذكورة في هذا الفصل. ومهما كان المسار أو التدخّل الذي تقترحونه جيّداً، إذا لم يصل المجتمع المحلّي إلى المرحلة التي يكون فيها مستعدّاً لدعم الجهود، فسيواجهكم الفشل على الأرجح. عليكم القيام بالعمل الأساسي وهو جلب المجتمع المحلّي إلى هذه المرحلة (ويكون من الأفضل أن يتمّ ذلك عبر مشاركة المجتمع المحلي بنفسه) قبل البدء بالقيام بأي تحرّك. |
3.تعبئة المجتمع المحلّي: عندما يرى المجتمع المحلّي ويفهم المشكلة والحاجة إلى التصحيح والوقاية، تبدأ تعبئة المجتمع المحلي باستقطاب عدد صغير من "القادة المجتمعيين المفاتيح". وهؤلاء هم صانعو القرارات وقادة الرأي الذي يكون دعمهم لازماً لكي تحصل الأمور في المجتمع المحلّي (أعلى المسؤولين المنتخبين، وقادة الأعمال والعمّال، ورؤساء المؤسسات والوكالات، ومدراء المدارس...الخ).
تتلقّى هذه المجموعة النواة توجيهاً لتطبيق "المجتمعات المحليّة الراعية" وتلتزم المسار. بعد ذلك، تدعو المجموعة 30 شخصاً من كافّة القطاعات في المجتمع المحلي لتأليف مجلس مجتمعي للإشراف على مسار "المجتمعات المحليّة الراعية". وبدوره، يتلقّى المجلس المجتمعي توجيهاً وتدريباً لمدّة يومين على النظريّة الكامنة خلف "المجتمعات المحليّة الراعية"، وعلى كيف يجب أن يعمل المسار.
-
استطلاعات الشباب: الاستطلاع المُعطى إلى الشباب في المدارس هو جزء من رزمة "المجتمعات المحليّة الراعية". والمقصود به تحديد عوامل الحماية وعوامل الخطر، ومساعدة المجلس المجتمعي على فهم مكانة حاجات الوقاية وماهيّتها.
-
إحصاءات وبيانات من "أنظمة المعلومات الجغرافيّة": إنّ تفحص هذه المعلومات ومقارنتها بتلك الموجودة في إحصاءات سابقة قد تضيء على ميول أو اتّجاهات، وتغييرات، ومشكلات محتملة، أو مقدّرات جديدة في المجتمع الحلي. كما يمكن لخرائط "أنظمة المعلومات الجغرافية" أن تُظهر تركّز مجموعات معيّنة عرقية أو إثنية، وأقليات لغويّة، ومجموعات اجتماعية اقتصادية، وأنماط توظيف، ومعلومات أخرى قد تكون مفيدة.
-
سجلاّت أرشيفية: إن سجلاّت النظام المدرسي والشرطة والصحف والوكالات الحكومية المختلفة يمكن أن توصلكم إلى معلومات قيّمة حول ما جرى في الماضي،والمشكلات التي كانت سائدة في الأزمنة المختلفة، وسواء كان هنالك جهود سابقة أو لا، وفيما كانت ناجحة، والمزيد.
-
الاتّصال المباشر مع الشباب والمواطنين الآخرين: من خلال مجموعات التركيز، والمنتديات المجتمعيّة، والمقابلات الفرديّة، والمحادثات، والاجتماعات غير الرسميّة مع المجموعات يمكن للمجلس المجتمعي أن يحصل على معلومات مباشرة ممّن يختبرون السلوكيّات المشكلات، وعوامل الخطر والحماية، وتأثيراتها كل يوم.
من خلال استخدام هذه السبل، يحدّد المجلس المجتمعي طبيعة عوامل الخطر والحماية في المجتمع المحلّي، ويختار اثنين إلى خمسة عوامل خطر للتركيز عليها. أي تحرّك على عوامل الخطر هذه سيكون محدّداً للحاجة في هذا المجتمع المحلّي المعيّن، أيْ مجهّزاً للمناطق والسكان الذين تظهر الاستطلاعات والبيانات الأخرى أنّ الحاجة لديهم لتخفيف الخطر وزيادة الحماية هي الأعظم.
ثم يتلقّى المجلس تدريباً لمدّة يوم واحد على تحديد نقاط القوّة في المجتمع المحلي وموارده التي ستُستخدم لإيجاد موارد لدعم جهود "المجتمعات المحلّية الراعية":
-
المال: على شكل ممولين محليّين أو مصادر أخرى.
-
الخبرة: سواء كانت من الأكاديميين الغارقين في النظريات، أو من الأفراد أو المجموعات في المجتمع المحلّي التي تملك خبرة في العمل مع الشباب.
-
الناس: (غالباً ما يكونون مأجورين ومتطوعين) لتأمين الجبهة الأمامية ولتقديم مهمّات الدعم من أجل جعل الجهود تنجح.
- سبل للوصول إلى الشباب: (المدارس، والمكتبات، ووسائل الإعلام، وأماكن الرياضة، والوصول عبر الشارع، والاتّصال المباشر مع الأهل...الخ).
5.تطوير خطة الوقاية: هنا، يقرّر المجتمع المحلي أين يضع جهوده، ويطوّر غاياته، والطرق لقياسها، ويختار من بين عدد من برامج تطرح مسائله وبرهنت عن نجاحها. تبدأ هذه المرحلة مع التدريب على التخطيط المجتمعي، ثمّ تنطلق في مسار التخطيط الاستراتيجي. (للمزيد من المعلومات انظروا الفصل 8: بناء خطّة استراتيجية.)
ينظر المجلس المجتمعي برويّة في عوامل الخطر والحماية التي اختارها للتصدّي لها في المرحلة الأخيرة، وإلى المجموعات الجغرافيّة أو الاجتماعية أو الديموغرافيّة التي تُظهر الحاجات الأكبر. ومن خلال استخدام هذه المعلومات، يحدّد المجلس النتائج الواضحة لتحسين الحماية، وخفض الخطر، وتغيير السلوك. كما يضع جداول زمنيّة، ويعيّن المساءلة والمحاسبة للقيام بتنفيذ الخطّة.
الخطوة التالية هي ورشة عمل لمدّة يومين عن "الاستراتيجيات الفعّالة للوقاية"، وتعرّف ورشةُ العمل المجلسَ على ممارسات برهنت فعاليّتها، ويساعد المجلس على اختيار استراتيجية أو أكثر تكون مناسبة للمجتمع المحلّي وغايات التخطيط. وبدل من التركيز على مجال واحد، يُطلب بإصرار من المجلس اختيار استراتجيات تتوجّه إلى العائلة والمدرسة والعوامل المجتمعيّة.
6.تطبيق البرنامج: يؤسّس المجلس المجتمعي مجموعة عمل للتطبيق، تكون مؤلّفة من أعضاء المجلس أنفسهم، وآخرين سيديرون فعليّاً البرنامج أو يعملون فيه، ومن المستفيدين من البرنامج وأعضاء مجتمعيين آخرين. تؤمّن "المجتمعات المحلّية الراعية" توجيهات وتساعد في التحضير للتطبيق، وفي نَسخ البرامج المُختارة...الخ.
في "المجتمعات المحلّية الراعية"، كما في أي نموذج،فإن مفاتيح التطبيق الجيد هي: التخطيط الشامل والعميق المفصّل، وعملية تطبيق مَبنيٌّة بدقة (أي كل شخص يعرف ماذا يأتي متى، ومَن المسؤول عن فعل ماذا)، وتواصل جيّد بين كافة الفرقاء وذلك للتأكّد من أنّ المسار يعمل بالطريقة التي صُمّم من أجلها. إذا كانت هذه العناصر حاضرة فإن فرص سير تطبيق الخطة بسلاسة تكبر. ولكن هذا لا يضمن أن التطبيق سيكون فعّالاً، فالفعاليّة تعتمد على مدى اختياركم التدخّل الذي يتصدّى بالشكل الصحيح للمسائل المطروحة، وعلى مدى جودة تنفيذ التطبيق المباشر وعلى كيفية تواصل المنفذين مع الجمهور الذي تجري خدمته، وكيف يعملون معاً. |
7.تقييم النتائج: يجري تقييم البرنامج ربطاً بمعايير النتائج والمساءلة التي تمّ تطويرها سابقاً. تُقدّم "المجتمعات المحلّية الراعية" أدوات التغيير وتساعد في المسار. المقصود بهذا التقييم هو أن يتبين المجلس أين كان التدخّل ناجحاً، وأين لم يكن، ومن ثم تزويد أعضاء المجلس بالمعلومات اللازمة لتعديل البرنامج عند الضرورة.
التقييم والقيام بالتعديلات يشكّلان جزءاً لا يتجزّأ من المسار، ويجب أن يستمرّا في أثناء استمرار الجهود. المبادرة لا تنتهي عندما يرى المجتمع المحلي نتائج إيجابيّة. إذا كانت النتائج فعلاً إيجابيّة، عندها يجب على البرنامج أن يستمر من أجل المحافظة عليها. أمّا إذا كانت النتائج أقل إيجابيّةً ممّا كنتم تأملون فسيكون عليكم عندها أن تستمرّوا في تعديل المسار ومضمون التدخّل إلى أن تحصلوا على النتائج التي تهدفون إليها.
وحتّى لو كانت النتائج إيجابيّة بشكل ساحق، فالوقت لم يحن بعد للاسترخاء إذ إنّ التغييرات الإيجابيّة يمكن لها أن تختفي عندما تديرون ظهوركم لها. عليكم صيانة الجهود إلى ما لا نهاية (من خلال متابعة التقييم، والتكييف، وتطبيق التدخّلات، وتحديد الحاجات وطرحها) من أجل خلق مستقبل أفضل وأكثر صحةً للشباب ولمجتمعكم المحلّي.
باختصار
إنّ مقاربة "المجتمعات المحلّية الراعية" هي مسار لعلامة تجاريّة مسجّلة، نما من عمل ديفيد هوكِنْز وريشار كاتالانو في جامعة واشنطن. إنها ترتكز إلى علم الوقاية، وتنظر استراتيجية النمو الاجتماعي فيها إلى الطرق التي تدفع بها عوامل الخطر والحماية المراهقين بعيداً عن أو نحو التطولر الصحّي.
تركّز "المجتمعات المحلّية الراعية" على خمس من السلوكياّت التي تشكل مشكلات: الإدمان والانحراف وحمل المراهقات والتسرّب المدرسي والعنف. وهي تهدف إلى التخفيف من عوامل الخطر التي حدّدتها الأبحاث، وعددها 19 (وهي مقسّمة إلى فئات الفرد/الأقران، والعائلة، والمدرسة، والمجتمع المحلّي)، هي التي قد تشجّع على هذه السلوكيات، كما تهدف "المجتمعات المحلّية الراعية" إلى تقوية العوامل الحامية وهي ثلاثة (السمات الشخصيّة، والترابط، والمعتقدات الصحية والمعايير الواضحة) وهي تُبعد المراهقين عن السلوكيّات المشكلات.
تشمل حسنات هذا المسار:
-
"المجتمعات المحليّة الراعية" مؤسّسة على النظرية والممارسة.
-
"المجتمعات المحليّة الراعية" جامعة وتشاركيّة.
-
تتّخذ "المجتمعات المحليّة الراعية" منظوراً مجتمعيّاً.
-
تتضمّن "المجتمعات المحليّة الراعية" التدريب في كل مرحلة.
-
تؤمّن "المجتمعات المحليّة الراعية" قائمةً بالممارسات الفضلى للاختيار منها.
-
تتأقلم "المجتمعات المحليّة الراعية" مع حاجات كل مجتمع محلّي.
-
تتضمّن "المجتمعات المحليّة الراعية" التقييم والقيام بالتعديلات كجزء متمّم لأي جهود.
-
يبدو أنّ "المجتمعات المحليّة الراعية" تنجح مع معظم السلوكيّات المشكلات.
مقابل هذه الحسنات فإن "المجتمعات المحليّة الراعية" لها عدد من مكامن الخلل المحتملة:
-
إن مقاربة "المجتمعات المحليّة الراعية" دامجة وتشاركيّة فقط لبعض الناس.
-
تسمح "المجتمعات المحليّة الراعية" باختيار عدد محدود فقط من المقاربات.
-
قد يشجّع الاختيار مِن بَين الممارسات الفضلى المجتمعات المحليّة على مجرّد اتّباع التعليمات، أكثر من الاندماج قلباً وروحاً في الجهود.
-
تركّز "المجتمعات المحليّة الراعية" بشكل ضيّق على الشباب وعلى سلوكيّات معيّنة.
-
تستند "المجتمعات المحليّة الراعية" إلى الفرضيّات إلى حد كبير.
-
"المجتمعات المحليّة الراعية" لها خدمة تودّ بيعها.
ولأنّ المشاركة ذات القاعدة الواسعة ضرورية لجهود ناجحة، يجب أن تشمل "المجتمعات المحلّية الراعية" كافّة أصحاب المصلحة وكافة قطاعات المجتمع المحلّي، ويشمل ذلك هؤلاء المتأثّرين بشكل مباشر من السلوكيّات - المشكلات ومن التدخّل المقترح، وهؤلاء المتأثرين بشكل غير مباشر، والذين يتعاطون مع تبعات هذه السلوكيّات والمواطنين المعنيين، وأعضاء الإعلام.
تقدَّم "المجتمعات المحلّية الراعية" إلى المجتمع المحلي كرزمة تتضمّن بنية شاملة، وتدريبات عديدة، وأدبيّات، وأدوات تقييم ومسح، وتوجيهات في أثناء التطبيق، ومساعدة تقنيّة. يبدأ المسار بتحليل مدى وعي المجتمع المحلي المسائل، وما إذا كان مستعدّاً لدعم التحرّك ربطاً بها. في حال لم يكن المجتمع كذلك فيجب العمل على إيصاله إلى تلك المرحلة. لاحقاً، يجب تثقيف المجتمع المحلي حول السلوكيّات - المشكلات (خصائصها، ودرجة خطورتها، وتواترها في المجتمع المحلّي، ومَن معرَّض للخطر...الخ). ثم يبدأ المسار جدّياً.
أولاً، يجري استقطاب عدد صغير من القادة المجتمعيين المفاتيح، ثم يتلقّون التوجيه، ويوافقون على رعاية الجهود. بعد ذلك، تستقطب هذه المجموعة بدورها 30 شخصيّة من مختلف القطاعات المجتمعيّة لتأسيس مجلس مجتمعي. بعد التدريب، يقدّم هذا المجلس مقاربة "المجتمعات المحلّية الراعية" إلى المجتمع المحلّي، ويستنبط رؤية مشتركة مع مدخَلات من المجتمع المحلّي.
بعد المزيد من التدريب، ينخرط المجلس في تقدير أوضاع المجتمع المحلّي لتحديد عوامل الخطر والمجموعات الأكثر حاجةً، بالإضافة إلى تحديد الموارد المتوفّرة لتمويل البرنامج ودعمه. ثم يصل مسار التخطيط إلى استراتيجية، مترافقاً مع التدريب، ويجري اختيار التدخّلات (مثاليّاً في كافّة المجالات الأساسيّة لعوامل العائلة والمدرسة والمجتمع المحلّي) من بين عدد من الممارسات الفضلى التي أظهرت فعاليّتها وقابليّتها للتكرار.
ثم تتسلم مجموعة عمل التطبيق (وهي تشمل مَن سيقوم بأعمال التدخّل) من أجل الإشراف على تنفيذ الجهود. تضع المجموعة الجداول الزمنيّة، وتحدّد المساءلة والنتائج، وتصمّم العمل الحقيقي. التقييم الدوري جزءٌ لا يتجزّأ من المسار، والمقصود به الإشارة إلى النجاحات التي يجب أن تستمر، والمشكلات التي يجب أن تُصلّح. يجب أن يجري تعديل التدخّل وتحسينه باستمرار بناءً على هذا التقييم.
في النهاية، يجب الحفاظ على المسار والتدخّلات من أجل استمرار المكاسب وكي لا تخبو من الإهمال.
نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المادة، لكن نرجو أن تذكروا مرجعها، "عدة العمل المجتمعي" على موقع:
Http://ctb.ku.edu
موارد على الإنترنت
Regional Prevention Center of the Flint Hills (KS).
معلومات عن المقاربة.
المتعهد الذي يزود بالمقاربة ومواردها والتدريب..
“Communities That Care Delinquency Prevention Model: A Study in Florida.” Research report #72, Florida Dept. of Juvenile Justice.
دراسة تحاول أن تحدد مفاعيل عوامل الخطر على السلوكيات – المشكلات.
A study trying to determine the effects of risk factors on problem behaviors, and the role of race in those effects.
Lower Dauphin School District (PA).
مثال مدرسة تبنت المقاربة ومنها انتقلت كتوصية إلى محافظات أخرى في الولاية.
“Communities That Care,” by Catherine Paglin. An article on the Portland, OR CTC program from the Winter 1998 issue of Northwest Education Magazine, a quarterly publication of the Northwest Regional Educational Laboratory.
Southern York County (PA) School District.
مدرسة أخرى تبنت المقاربة. في الموقع أيضاً تاريخ المسار في المحافظة.
موارد مطبوعة
Hawkins, J. David, Richard F. Catalano, and Michael W. Arthur. Promoting science-based intervention in communities. Addictive Behaviors, vol. 27 (2002), pp. 951-976.
Hawkins, J. David and Richard F. Catalano. Communities That Care: Action for Drug Abuse Prevention. San Francisco: Jossey-Bass, 1992.