استمارة البحث

  • ما هو "قياس الأثر الصحّي"؟
  • لماذا القيام بقياس الأثر الصحّي؟
  • متى عليكنا القيام بقياس الأثر الصحّي؟
  • مَن يجب إشراكه  في قياس الأثر الصحّي؟
  • كيف نقوم بقياس الأثر الصحّي؟

لنفرض أنكّم جزءٌ من فريق تخطيط في مدينة متوسّطة الحجم. المدينة على وشك الضلوع في مشروع تنموي طموح سيجلب إليها التجارة والأعمال، والمساكن ذات الكلفة المعقولة وبسعر السوق، بالإضافة إلى حياة جديدة لمنطقة مدمّرة من البلدة. ولكن السكّان الحاليّين يعترضون، إذ يقولون إنّ البناء سيتطلّب سنوات عديدة، وإنّ التنمية ستجلب المزيد من زحمة السير إلى المنطقة، ما سيجعل التنقّل سيراً على الأقدام وعلى الدرّاجات الهوائية (وهي وسائل النقل الأكثر شيوعاً في حي معظم سكّانه لا يستطيع تحمّل نفقات السيّارة، وحيث هنالك العديد من الأطفال) أكثر خطورة وصعوبة. التنمية ستمنع الوصول إلى النهر، حيث يجد العديد من السكّان ملاذهم من الحر في أمسيات الصيف. إضافةً إلى ذلك، السكان مقتنعون أنّ البناء سيزيد من الضجّة وتلوّث الهواء، كما سيكون مضرّاً لصحتّهم.

ماذا لو كان السكّان على حق؟ قد يبقى مكتبكم لسنوات في مشاحنات قانونيّة: وجدت مجموعة من السكّان بمساعدة ناشطة مجتمعيّة محامياً سيمثّلهم مجّاناً. إضافةً إلى ذلك، إنّ غايتكم هي تحسين حياة سكّان المنطقة وليس جعلها أسوأ. ما الذي يمكنكم القيام به للتأكّد من أنّ التنمية تحسّن صحّة المجتمع المحلي، وأنّها عادلة لسكّان المنطقة ذوي الدخل المحدود العديدين؟

أحد الاحتمالات هو أن تعرفوا ما هي التأثيرات الصحيّة التي سيولّدها المشروع على الأرجح في صيغته المطروحة وما إذا كانت تسبّب الأذى لسكّان المنطقة. هذا القسم هو عن طريقة للقيام بمجرّد ذلك: قياس الأثر الصحّي. هو أداةٌ (يمكن أن تستخدمها الحكومات على كافّة المستويات، أو الشركات الخاصّة ومتعهّدي البناء الكبار، أو مجموعات المناداة ومنظمات أخرى) لتوقُّع التأثيرات (الإيجابية والسلبيّة) على الصحّة التي يمكن أن تَنتج عن مشروع، أو عن خطّة طويلة المدى ومتعدّدة المشاريع، أو عن سياسة ما، واستخدام هذه المعرفة لتصبح القرارات أكثر اطّلاعاً ومعرفة.

ما هو "قياس الأثر الصحّي"؟

عرّف إجماعٌ في لقاءٍ لمنظمة الصحّة العالمية، عُقد في مدينة غوثمْبرغ السويدية سنة 1999، قياس الأثر الصحّي على أنّه "مزيجٌ من الإجراءات والطرائق والأدوات التي قد يجري الحكم من خلالها على سياسة أو برنامج (سلسلة مشاريع على مدى معيّن من الوقت) أو مشروع، ربطاً بتأثيراتها المحتملة على صحة السكان، وتوزيع هذه التأثيرات ضمن تلك الفئة من السكان". بكلمات أبسط، هو طريقة لمعرفة إذا كان التحرّك المقترح أو السياسة المقترحة ستؤثّر على صحّة الناس المعرّضين لها بشكل ما، وكيف يجري ذلك.

فيما هنالك بالطبع فرقٌ بين المشروع الواحد وسلسلة المشاريع، فنحن(لأهداف متعلّقة بهذا القسم)، سنمزج الاثنين معاً عبر استخدام تعبير "مشروع". سنعتبر المشروع نشاطاً له تبعات مادّية واضحة، مقارنةً بالسياسة التي قد تضع خطوطاً توجيهية للتحرّك المستقبلي في عدد من المجالات أو القطاعات.

لا يهدف "قياس الأثر الصحّي" إلى تحديد اتخاذ القرار بَل إلى دعم صناعة القرار، فهو يساعد صانعي القرار على الاختيار بين الاحتمالات من خلال توقّع التبعات الصحيّة لكل خيار. وبدَلاً من امتلاك هيكلية موضوعة مسبقاً، تُصمَّم كل "قياسات الأثر الصحي" فرديّاً لملاءمة حاجات الأمكنة والظروف المختلفة وشروطها. وهي يمكن استخدامها (وقد استُخدمت فعلاً) على المستويات المحلية والمناطقية والوطنية والعالمية، كما جرى تطبيقه على مشاريع وسياسات في قطاعات كالزراعة والتنمية السكّانيّة والنقل والمناجم والصناعة والترفيه، ويمكن أن تكون مفيدة في صناعة القرارات في مجالات كالضرائب والسياسة الخارجيّة، واستراتجيات التوظيف، والتخطيط المدني.

يشمل العاملون على التطبيق الفعلي لقياس الأثر الصحي ممارِساً/ة أو أكثر (الأفضل أن يكونوا مدرَّبين ولهم خبرة في استخدامه)، يدرسون الأبحاث الموجودة عن المسائل المحتملة، ويجمعون دلائل خلفيّة من خبراء في موضوع المشروع أو السياسة المطروحة (زراعة أو نقل، الخ)، ومن سكّان وأعضاء محليين آخرين، ومسؤولين في القطاعات المنخرطة، ومهنيين طبيّين، الخ... إضافةً إلى ذلك، قد يحْضر منفّذ "قياس الأثر الصحي" و/أو ينظّم اجتماعات بين مختلف القطاعات، ويُشرك المجتمع المحلي في اجتماعات مع متعهّدين أو مسؤولين، أو أنه يشرف على المسار، من أجل جمع أكبر كمّ ممكن من المعلومات عن التأثيرات الصحيّة المحتملة وعن مجالات تعزيز الصحة المحتملة المتّصلة بالمشروع المقترح أو السياسة المقترحة. في النهاية، يحضّر منفّذو "قياس الأثر الصحّي" تقريراً يجب أن يُعرَض على كافّة المعنيين، بمن فيهم المجتمع المحلي. يمكن لصانعي القرار في المشروع أو السياسة أن يستخدموا عندها التقرير (الذي يتضمّن توصيات لعدّة خيارات) ليصبح قرارهم أكثر اطّلاعاً.

يمكن أن يجري "قياس الأثر الصحّي" بتكليف من الوكالات الحكومية المشرفة أو صانعي السياسة المعنيّين بالمشروع المقترح أو السياسة المقترحة، أو المتعاقد الذي ينفّذ مشروعاً أو البلديّة أو مجلس المحافظة أو الحكومة المركزيّة، أو مواطنين أفراد أو مجموعة مواطنين، وفق الظروف. بشكل عام يكون للقياس الوزن الأكبر عندما تكون سلطة الحكومة خلفه، بغض النظر عمّن قام بالتكليف.

يُنَفّذ عادةً "قياس الأثر الصحّي" بطريقة من ثلاث طرق، ويعتمد ذلك على الوقت والموارد والموظّفين المتوفّرين:

  • مكتبيّ: كما يدل الاسم، يكون "قياس الأثر الصحّي" عمليّة تُنفّذ على المكتب، وتركّز بمعظمها على الأبحاث الموجودة وعلى الاتّصالات الهاتفيّة مع بعض أصحاب المصلحة، يقوم بها على الأرجح شخص أو اثنان، وقد تتطلّب من أسبوعين إلى ستّة أسابيع.

  • سريع: "قياس الأثر الصحّي" السريع يستخدم الأبحاث الموجودة وتقنيات القياس السريعة، ومن هنا، فهو يشمل العمل الميداني بالإضافة إلى بحث الأدبيات. ومع أنّه يمكن أن ينفّذ من قبل باحثَيْن اثنيْن، قد يُشرك أحياناً أكثر، وقد يتطلّب حوالي ثلاثة شهور.

  • شامل: يسعى "قياس الأثر الصحّي" الشامل إلى استكشاف أكبر كمّ ممكن من الأدلّة، عبر استخدام بحث تفصيلي في الأدبيّات والبراهين الأخرى الموجودة، ومقابلات معمّقة واستطلاعات مجتمعيّة، وبعض الأبحاث الأصليّة إذا كان ذلك مناسباً، وكمّيّة لا بأس بها من الاتّصالات مع الخبراء والوكالات في القطاعات المنخرطة في المشروع أو السياسة تحت الدراسة. هذا النوع من "قياس الأثر الصحّي" يمكن أن يتطلّب ستة أشهر أو أكثر، ويلزمه فريقٌ للقيام به.

"قياس الأثر الصحّي" المثالي هو الذي نخطِّط له عبر عملية تشاركية تضم كافّة أصحاب المصلحة، وينفّذ من طريق التعاون بين كافّة الأفرقاء المعنيين. في الممارسة، يمكن لذلك أن يعني تشجيع هيئات متنوعة (لاسيّما الحكوميّة منها) على العمل سويّة وتشارك المعلومات. يمكن لذلك أن يعني أيضاً تغيير ثقافة المهنيّين بحيث يقْبلوا المشاركة المجتمعية ويرحّبوا بها.

في الوضع المثالي أيضاً، يكون "قياس الأثر الصحّي" مستقبلي النظرة أي إنه يتطلّع إلى الأمام والمستقبل. ولكي يكون "قياس الأثر الصحّي" أكثر إفادةً، يجب أن ينفَّذ قبل تطبيق المشروع أو السياسة (والأفضل أيضاً أن يجرى ذلك قبل التخطيط النهائي للمشروع أو السياسة)، لكي تؤخذ بعين الاعتبار أي تأثيرات صحيّة في التصميم النهائي ،سلبيةً كانت أم إيجابية. في الواقع، يتزامن أحياناً "قياس الأثر الصحّي" (يُنفَّذ مع تطبيق المشروع أو السياسة) أو استعادياً، أي بعد إتمام المشروع أو السياسة. سواء كان استرجاعياً أم متزامناً يبقى "قياس الأثر الصحّي" أفضل من لا شيء، ويمكن أن يُنتِج تعديلات تطرح الآثار الصحّية. من جهة أخرى، فإن تغيير أمر بات مبنيّاً أو وُضع قيد التنفيذ أصعب مِن تكييف الخطط. عند الإمكان، يجب تنفيذ "قياس الأثر الصحّي" قبل تطبيق المشروع أو السياسة بكثير.

أربعُ قيم أساسيّة توجّه "قياسَ الأثر الصحّي":

  • الديمقراطيّة: عند الإمكان، يجب أن يكون هنالك صوت لكافّة أصحاب المصلحة المتأثرين أو المشاركين في التحرّك أو السياسة المقترحة، من خلال "قياس الأثر الصحّي"، وفي تخطيطه وتطويره، ويجب أن يفهموا تبعاته الممكنة.

  • الإنصاف: يجب أن يقوم "قياس الأثر الصحّي" بتقدير التأثيرات الصحّية على السكان كلهم، متعاملاً مع الجميع بإنصاف وعدالة، مع انتباه خاص لحاجات المجموعات الأضعف (كالأطفال والكبار في السن وذوي الدخل المحدود، الخ).

  • التنمية المستدامة: يجب الانتباه إلى التأثيرات قصيرة المدى وطويلة المدى للتحرك المقترح أو السياسة المطروحة، البديهية منها وتلك التي لا تبدو بديهية كذلك. هذا يعني أنّه يجب أن تُفحص المشاريع أو السياسات المهمّة، ليس فقط على ضوء التأثيرات الصحية الآنية، بل على ضوء التأثيرات المحتملة في المستقبل أيضاً.


    يمكن أن ننظر إلى ذلك من زاويتين معاً: كمسألة صحيّة (هل ستبقى العوامل التي وضعناها لحراسة الصحة  ملائمةً بعد عشر أو عشرين أو مئة سنة؟)، وكمسألة مجتمعية أوسع مرتبطة ليس فقط بالصحّة الفرديّة، بَل كذلك بصحّة المجتمع على المدى الطويل. هل نطوّر نظام ريّ يساعد المزارعين الآن ولكنّه يتسبّب بجفاف الطبقة الصخرية المائية بعد عشر سنوات؟ هل نبني مساكن عبر تقنيات بناء ومواد تستخدم موارد قابلة للتجديد، ونجعلها تبقى إلى الأبد، ونؤمّن بيئة صحّية للسكّان؟

  • الاستخدام الأخلاقي للأدلة. يجب أن تكون الأبحاث في عملية "قياس الأثر الصحّي" موضوعية وأن تتعامل مع الواقع، بدل من البحث عن  واستخدام نتائج أبحاث تؤكّد موقفاً متخذاً من قبل. هذا يعني أن نشمل كافّة المعلومات التي نجدها، سواء كانت تدعم أو لا تدعم موقفنا مع أو ضد جزئيّة معيّنة من السياسة المُقترحة أو التحرّك المقترح.


    ليس المقصود باستخدام الأدلة أو البراهين استخداماً أخلاقياً الجانب الأخلاقي فحسب، بل أيضاً فعاليّة "قياس الأثر الصحّي". بشكل عام، هنالك أربعة مستويات لفعاليّة "قياس الأثر الصحّي":

    • الفعاليّة المباشرة: يتم تعديل أو إلغاء المشروع أو السياسة كنتيجة لقياس الأثر الصحّي.

    الفعالية العامّة: ينفّذ "قياس الأثر الصحّي" بالشكل الصحيح ويجري التعامل معه بالشكل المناسب، ولكنّه لا يُنتج أي تغييرات في القرار الأصلي (إمّا لأنّ التغييرات ليست ضروريّة، أو لأنّ الأدلة كانت كاملة وقد زينَتْ بعناية، وجاء القرار الأخير ليقول إن أي أثر صحّي محتمل سيبقى أقل أهمّية بالنسبة إلى خير المجتمع المحلي أو المنطقة أو البلد من النتائج المحتملة للمشروع الأصلي).

    • الفعاليّة النفعيّة: يُستخدم "قياس الأثر الصحّي" فقط للتأكيد على المشروع الأصلي أو دعمه. قد يَنتج عن ذلك أدلة متحيّزة أو مكتومة، أو قد ينتج عن ذلك "قياس أثر صحّي" شرعي إلا أنه ينفَّذ للأهداف الخاطئة.

    • عدم الفعاليّة: ينفّذ "قياس الأثر الصحّي" ولكن يتم تجاهله، أو ينفّذ تنفيذاً ضعيفاً فلا يساعد نهائياً.

     

    لكي يقع "قياس الأثر الصحّي" في إحدى الفئتيْن الأولى والثانية من حيث الفعالية الحقيقية، يجب اعتبار كافّة الأدلّة وتقديمها، حتّى تُرسَم أكمل صورة ممكنة عن الوضع. عندها فقط سيتمكّن صانعو القرارات من اتّخاذ قرار مطّلع. النتيجة النفعية، من جهة أخرى، هي مَثَل على الاستخدام غير الأخلاقي للأدلّة (عدم ذكر المعلومات التي تتعارض مع فرضيّات صانعي القرار، أو تغيير فعلي في الإحصاءات أو المعلومات أخرى لكي تتوافق مع القرار الذي يريد أن يراه أصحاب النفوذ).

    من الضروري الملاحظة أنّه فيما نعتبر عادةً أن من ينغمس في السلوك غير الأخلاقي هم ذوو النفوذ للتأكيد على مكانتهم، أو مّن يستفيد ماليّاً منه، فإن ذلك يمكن أن يكون كذلك نتيجة عقيدة ما. هذا الأمر أقل شيوعاً، لكنّه من غير المستحيل أن يتجاهل مناصرو الصحّة البيانات التي تُناقض اعتراضاتهم على المشروع. لا أحد معصوم عن محاولة التأكّد من أنّ فلسفته سائدة.

    كما في معظم النماذج الأخرى التي ناقشناها في هذا الفصل، ينظر "قياس الأثر الصحّي" إلى الصحّة بمنظور مجتمعي، فهو يأخذ في الاعتبار محدِّدات الصحّة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة بالإضافة إلى المادّية عند تفحّص التأثيرات الصحّية المحتملة للمشروع.

    تَشمُل منظمّةُ الصحة العالميّة ضمن هذه المحدّدات ما يلي:

    • العوامل البيولوجيّة (نوع الأجسام وعوامل وراثيّة أخرى)

    • عوامل أنماط الحياة الفردية (التدخين والتمارين والنطم الغذائية)

    • الشبكات الاجتماعيّة والمجتمعية (العائلة، ومجموعات الأصدقاء، والنوادي والجمعيّات، والمجموعات الدينيّة)

    • ظروف العيش والعمل (التعليم، ومناخ العمل، والمياه والنظافة، والسكن)

    • الظروف العامّة الاجتماعيّة الاقتصاديّة والثقافيّة والبيئية (الدخل، والبيئة المادّية، والوصول إلى الأماكن المفتوحة، والتصنيف حسب الجندر أو المجموعة المغلقة التي ينتمي إليها الفرد، الخ)

    قد تعمل هذه العوامل وحدها أو مجمتعةً، كما قد تتفاعل لتحديد صحّة الأفراد والمجتمعات المحليّة وحتى البلدان بأسرها، وتحدد خيرهم بشكل عام.


    تتطابق لائحة المحدّدات هذه تماماً مع المحدّدات العشرة الاجتماعية التي وُضعت في "الحقائق الصلبة"، وهو منشور من "منظمة الصحّة العالميّة"، كتابة "ريشارْد وِلْكِنْسون" و"مايْكل مارمِت"، كما مع العناصر التسعة الضرورية لمجتمع محلي صحّي التي تطرحها "شرعة أوتاوا"، عبر بيان صدر عن مؤتمر لمنظمة الصحّة العالمية عام 1986 في أوتاوا في كندا. ( The Solid Facts. WHO. By Richard Wilkinson and Michael Marmet)

    من "الحقائق الصلبة":

    • الدرجة الاجتماعية (الإنصاف والعدل: درجة الفروق في الغنى وفي الفرص بين من لديهم الأكثر ومن لديهم الأقل)

    • الضغوط

    • الخبرة المبكرة في الحياة

    • الإقصاء الاجتماعي (مقابل الترابط الاجتماعي)

    • العمل

    • البطالة

    • الدعم الاجتماعي

    • الإدمان

    • التغذية

    • النقل

    من "شرعة أوتاوا":

    • السلام

    • المأوى/ السكن

    • التعليم

    • التغذية

    • الدخل

    • نظام بيئي مستقر

    • الموارد المستدامة

    • العدالة الاجتماعية

    • الإنصاف

    للمزيد عن المحدِّدات الاجتماعية والصحة من منظور مجتمعي، يمكنكم الذهاب إلى الفصل 2، القسم 3: مدن صحية / مجتمعات محلية صحية والفصل 17، القسم 5: تحليل المحدّدات الاجتماعية للصحة والتنمية.

    الانتباهُ المُعطى للمحدّدات الاجتماعيّة بشكل كبير يزيد من اتساع ما يمكن أن نعتبره التأثيرات الصحّية. ففيما

    التأثيرات على الصحّة غالباً ما تكون مَرئيّة بتعبيرات مباشرة وطبّية (الكيمائيّات من معمل صناعي أو من مخزون مياه مسمّم ينساب من مزرعة، مثلاً، مسبِّبة أنواعاً محدّدة من السرطان)، يمكنها أن تكون كذلك غير مباشرة وأقل مرئية بكثير.

    الضجة المتأتّية عن زحمة السير بسبب مشروع تجاري تنموي بعيد قد تزعج نوم السكّان في مجتمع محلّي ما، وتؤثّر على نظام مناعتهم... حتّى لو لم يكن للتنمية نفسها أثرٌ مباشر على حياتهم. الإعانات الماليّة للصناعة أو تقلّبات العملات في قارّة أخرى قد تسبب خسارة في الدخل وتوتّرات حادّة لعمّال في معمل في بلدة في أميركا الشماليّة، ما قد يؤدّي إلى سوء استخدام لبعض المواد المخدّرة، ومشكلة صحيّة عامّة كبيرة.

    لهذه الأسباب، يمكن أن يكون "قياس الأثر الصحّي" بهذه الأهمّية. وهو في أحسن الأحوال يمكن أن يمنع بشكل مباشر التبعات الصحّيّة السلبيّة، وحتّى عندما لا يتمكّن من ذلك (إذ إنّ سياسة محلّية أو مشروعا محلّيا لا يتحكّمان بالاقتصاد العالمي) فإنه يمكن لقياس الأثر من خلال توقّع التبعات أن يساعد على درء تأثيراتها الأسوأ. وفي أسوأ الأحوال، يمكن لقياس الأثر أن يجعل صانعي السياسات والآخرين الموجودين في مواقع السلطة واعين المسألة، ويحفّزهم على التفكير بطرق للتصدّي لها. للمزيد عن المعلومات عن "قياس الأثر الصحّي"، يمكنكم الاطّلاع على تقرير "المجلس الوطني للأبحاث" الأميركي (باللغة الإنكليزية) عن تحسين الصحّة في الولايات المتّحدة: دور "قياس الأثر الصحّي".


    جديرةٌ الملاحظة هنا أنّه في وقت كتابة هذا النص (2008)، كان "قياس الأثر الصحّي" ما زال غير مستخدَم بشكل واسع على المستوى العالمي. لقد قام الاتّحاد الأوروبي التزم قانوناً بتحليل التأثيرات الصحّية للبرامج والمشاريع والسياسات، ولكنّه ترك للأعضاء أفراداً أن يقرّروا كيف يُنفَّذ ذلك، وهؤلاء بدورهم، غالباً ما يتركونها للمقاطعات أو البلديّات. النتيجة هي وجود أماكن حيث يستخدم "قياس الأثر الصحّي" وحده بشكل دوري، وأماكن أخرى حيث يجري إدخال "قياس الأثر الصحّي" ضمن "قياس الأثر البيئي"، وأماكن أخرى حيث لا يوجد تقريباً أي قياس أثر رسمي يُذكر.

    أمّا باقي أنحاء العالم، فهو أقل التزاماً بمفهوم "قياس الأثر الصحّي". فلقد استُخدم "قياس الأثر الصحّي" في كندا وأستراليا وفي بعض أجزاء العالم النامي، ولكن بشكل أساسي في إطار المشاريع التي يكون لها تأثير بديهي على الصحّة (أنظمة المياه والسدود والمناجم فوق الأرض وما شابه). في الولايات المتّحدة، لا يزال استخدام "قياس الأثر الصحّي" في مراحله الجنينية، وغالباً ما يحصل في تخوم "قياس الأثر البيئي"، وقد يتفحّص فقط المشكلات الصحّية الممكنة البديهية (زيادة في الربو نتيجة لازدياد زحمة السير، مثلاً) وليس التبعات الدقيقة طويلة الأمد، أو إمكانيّة تعزيز الصحّة.   

    لماذا قياس الأثر الصحّي؟

    "قياس الأثر الصحّي" أمر شاق إذا ما نُفّذ بشكل جيّد، وهو يستهلك وقتاً طويلاً. لماذا إذاً صرف الوقت والمال والجهود عليه؟ هنالك مروحة متنوّعة من الأجوبة عن هذا السؤال:

    1. يساعد "قياس الأثر الصحّي" على اتّخاذ قرارات أفضل. يزوّد "قياس الأثر الصحّي" صانعي القرار بأكبر كمّ ممكن من المعلومات عن المشاريع أو السياسات التي يوشكون على مباشرة العمل عليها. هذا يعني مفاجآت أقل أو غياب المفاجآت تماماً في أثناء مسار العمل، وأخطاء أقل يتوجب إصلاحها لاحقاً.

    2. يعزّز "قياس الأثر الصحّي" التعاون بين القطاعات. الهيئات الحكوميّة والمؤسسات أو المنظمات الأخرى التي تمثّل قطاعات معيّنة (الصحة والزراعة والتعليم والنقل والسكن والترفيه والخدمات الإنسانيّة، الخ) نادراً ما تعمل معاً في التخطيط وتطبيق المشاريع، لاسيّما عندما تبدو هذه المشاريع ضمن دائرة اختصاص إحدى هذه القطاعات فقط. قد يجمع "قياس الأثر الصحّي" لمشروعِ نقلٍ، مثلاً، كل أو بعض مكوّنات المزيج من مهندسي الطرقات السريعة، ومسؤولي الصحّة العامّة، ومجموعات بيئية ومواطنين يسكنون قرب الطرقات المتأثّرة الحاليّة والمقترحة، ومسؤولي أقسام المياه، ومؤمّني الكهرباء، والمزارعين ذوي الأراضي المتاخمة للمشروع، ومهندسي الأراضي، وشركات الشحن، وآخرين لفحص كافّة جوانب المشروع. سيميل بعض هذه العلاقات بين القطاعات المطوَّرة إلى الاستمرار طويلاً بعد انتهاء "قياس الأثر الصحّي على الأقل، "، وقد يكون لها تأثير إيجابي على عدد كبير من القطاعات والسياسات أيضاً.

    3. يُعلي "قياس الأثر الصحّي" من صورة الصحة والمسائل الصحّية، ويجعل احتمال أن يتم التفكير بها في كافّة الظروف أكبر. من خلال جلب التأثيرات الصحّية إلى انتباه المسؤولين الحكوميين، والمتعهّدين، والصناعة، والعموم، يزيد "قياس الأثر الصحّي" المعرفة العامّة ويضع الصحّة كعامل أساسي يجب اعتباره أكان "قياس الأثر الصحّي" مطلوباً في وضع معيّن أم لا.

    4. "قياس الأثر الصحّي" هو بطل المقاربة التشاركية التي تقدّر المجتمع المحلي، وتشمله وتُمكّنه. يسمح ذلك للمتأثّرين بالمشروع أو السياسة بأنْ يجري استشارتهم والإصغاء إليهم، أو أنه يسمح بالمشاركة في التخطيط لقياس الأثر وتطبيقه (وهذا أفضل)، ومن خلال ذلك  تطبيق السياسة ذاتها أو المشروع بنفسه. تزيد مقاربه كهذه كميّة المعرفة والإبداع المتوفّرة لحل المشكلات والتعاطي مع التحدّيات، وتُمكّن أعضاء المجتمع المحلي وتُعطيهم صوتًا، وتزيد ثقة المجتمع المحلي في المسار، وتشجّع الدعم المجتمعي للنتيجة النهائيّة. (انظروا الفصل 18، القسم 2: مقاربات تشاركية في التخطيط لتدخلات مجتمعية.)

    5. يجمع "قياس الأثر الصحّي" المجتمع المحلي. من خلال التشديد على أهمّيّة التأثيرات الصحّية على كافة شرائح المجتمع المحلي، ومن خلال إشراكها في المسار، يتمكن قياس الأثر الصحّي من أن يوحّد المجتمع المحلي ويؤسس لعلاقات بين الناس ممن لم يكن بينهم أي تواصل في ظروف أخرى.


      يمكن لقياس الأثر الصحي كذلك أن يجمع من خلال المسار التشاركي قادة المجتمع المحليين والنشطاء مع الهيئات الحكومية والمتعهّدين وآخرين، للعمل على الاختلافات فيما بينهم وعلى بناء صلات شخصيّة ستؤدّي إلى تعاون في التخطيط لمشاريع وسياسات أخرى وتطبيقها.

      1. يعزّز "قياس الأثر الصحّي" الإنصاف. إحدى القيم الحاكمة في قياس الأثر الصحي لها علاقة بتعزيز الإنصاف والاعتبار الخاص للتأثيرات الصحّية على المجموعات الضعيفة. هذا يعزّز التعاطي العادل مع جميع المعنيّين، وطرح حاجات الأكثر ضعفاً، وإقامة التوازن بينها وبين حاجات العموم. يعطي "قياس الأثر الصحّي" أيضاً صوتاً للهموم المجتمعيّة، ما يعزّز الإنصاف في المشاركة كذلك.

      2. "قياس الأثر الصحّي" يعزّز السلوكيات والممارسات الصحّية. إن الفكرة من "قياس الأثر الصحّي" ليست فقط فهم السلبي والوقاية منه، بل هو أيضاً يستثير التأثيرات الصحّية الإيجابيّة للمشروع أو السياسة. فمثلاً، لا يكفي أن يمتنع مشروع تطوير سكني جديد عن استخدام المكوّنات العضوية المتطايرة في البناء (الكيمائيات الموجودة عادة في الغراء والمواد السائلة التي تستخدَم في البناء والتي يمكن أن تسبّب مشكلات صحّية لدى العديد من الناس)، ولكن يمكن للمشروع أن يحتوي على طرق للسير والدرّاجات الهوائية وعلى سمات أخرى تشجّع على التمارين البدنية وتعزّز صحة القلب. من هنا، يمكن لقياس الأثر الصحّي أن يعزز الصحّة من خلال إجهاط الأخطار الممكنة ومن خلال تقديم الممارسات الصحّية.

      3. يمكن استخدام "قياس الأثر الصحّي" في أوضاع عديدة ومتنوعة. يمكن لقياس الأثر الصحّي يل المقصود به أن يكون مكيَّفاً للاستخدام في مشاريع محلية أو مناطقية أو وطنية، وفي خطط طويلة الأمد لمشاريع متعدّدة ولقرارات مرتبطة بالسياسات يمكن أن تغطّي أيّ أمرٍ من التنمية الاقتصادية المحلّية إلى السياسة الخارجية المركزية. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن تصميم فردياً للمشاريع والسياسات في كافة القطاعات وفي الأنواع المختلفة من الظروف المحلية أو المناطقية أو الوطنية. إذاً يمكن لقياس الأثر الصحّي أن يكون أداةً قيّمة لصناعة القرار على أيّ مستوى كان بسبب مرونة المفهوم.

      4. يؤمّن "قياس الأثر الصحّي" المستقبلي المعلومات قبل الحدث، تاركاً وقتاً للقيام بالتعديلات في الخطّة. المقصود بقياس الأثر الصحي أن يكون مستقبلياً وأن يعطي معلومات يمكن أن توجّه القرارات الخاصة بكيفية تطبيق المشاريع والسياسات. يزيل ذلك المشكلات من الطريق ويتعاطى مع الشكاوي أو الهموم، ويدرأ الصراعات القانونية المُمْكنة والنزاعات الأخرى، ويجعل الأمور بشكل عام أكثر سلاسةً. وحتّى إذا كان "قياس الأثر الصحّي" متزامناً أو رجعيّاً، يمكن له أن يجعلَ ممْكناً تصليح المشكلات أو زيادة خصائص تعزّز الصحّة.

      5. يمكن لقياس الأثر الصحّي أن يعزّز التنمية المستدامة والمسؤولية البيئية. لأنّ التنمية المستدامة والهمّ البيئي متّصلان، دون مهرب، بصحّة المجتمعات المحلّية والشعوب (وهما بالفعل وبشكل خاص من ضمن محدّدات الصحّة)، غالباً ما ترتبط توصيات قياس الأثر الصحّي بهما. المحافظة على الأماكن المفتوحة، ومصادر الطاقة البديلة، والتنظيف البيئي، ومواد البناء غير السامّة، وضوابط التلوّث والضجّة، والسماد العضوي وتقنيات المزارع، كافّة هذه الأمور قد تكون عناصر تصدٍّ للتأثيرات الصحّية، تترافق مع طرح الاستدامة والأخلاقيّات البيئية أيضاً.

      6. إنّ "قياس الأثر الصحّي" قابل للتأقلم مع حاجات مجموعات عديدة مختلفة. يمكن للحكومات المركزية ومجالس المحافظات والبلديّات أن تستخدم "قياس الأثر الصحّي" للتأكّد من أنّ كافة المشاريع والسياسات التي يأخذونها على عاتقهم سيكون لها النتائج المتوخّاة دون أي تأثيرات جانبية سلبية غير متوقّعة على الصحّة. يمكن للمقاولين والمتعهّدين أن يتّخذوا قرارات عن البناء وعن مشاريع أخرى ضخمة تجنّب وقوع مشكلات مستقبليّة وترضي متطلّبات الحكومة. كما تستطيع المجتمعات المحلية والمنظمات المجتمعية أن تتأكّد من مراعاة صحّة المجتمعات المحلية بشكل أساسيّ في صناعة القرار ربطاً بالمشاريع والسياسات التي تؤثّر في سكانها، ويمكن لمناصري المحرومين أو المجموعات الأخرى الضعيفة (الأطفال أو الأشخاص ذوو الإعاقات أو الكبار في السن) أن يتأكّدوا من أنّ حاجات هؤلاء الناس مأخوذة في الاعتبار بدقّة عندما تُصنع القرارات.

      7. يساعد "قياس الأثر الصحّي" في تطوير السياسات. يؤمّن "قياس الأثر الصحّي" حضورَ الصحّة كهمّ عندما يفكَّر بالسياسات، ويؤمّن فهمَ التأثيرات الصحّية المحتملة لسياسةٍ ما قبل تطبيقها. هذا يؤدّي إلى سياسات أكثر شموليّةً، ويساعد على إزالة العواقب غير المقصودة.

      8. يساعد "قياس الأثر الصحّي" الاتّحاد الأوروبي وبعض صانعي السياسات الآخرين على طرح مستلزمات صناعة السياسات. في الأماكن حيث تُملي التنظيمات والقوانين المحلية أو المناطقية أو الوطنية أو الدوليّة ما الذي يجب أن يُشمَل أو يؤخذ في الاعتبار عندما يجري تطوّير السياسات وتطبيقها، يمكن لقياس الأثر الصحّي أن يزوّد صانعي القرار بمعلومات يحتاجونها من أجل تلبية المستلزمات.

      9. يدرك "قياس الأثر الصحّي" أن هنالك عوامل أخرى توجّه القرارات غير الصحّة. يمكن لقياس الأثر الصحّي أن يساعد صانعي القرارات على أن تأخذ كافّة العوامل التي تدخل في تصميم مشروع أو تطوير سياسة في اعتبارها. إذا كان هنالك احتمال وجود تأثيرات صحية خطرة على عدد قليل من الناس، مقابل منفعة اقتصاديّة ضخمة لعدد كبير من الناس (سيجري انتشال العديد منهم من الفقر، مثلاُ)، فقد يخدم "قياس الأثر الصحّي" في ترجيح القرار بعيداً عن جعل التأثير الصحّي أولويّة... وقد يكون ذلك مناسباً.

      10. إنّ "قياس الأثر الصحّي" هو عملية مبادِرَة وهو يقوم بتحسين النتائج الإيجابية ويخفّف من النتائج السلبيّة. يَمنح "قياس الأثر الصحّي" صانعي القرار الفرصة لاتّخاذ خطوات فعّالة لتحسين صحّة الناس ورفاههم، في أثناء عملية إنجاز مشاريع ضروريّة ومرغوبة، أو في غضون تطوير سياسات تحسّن المجتمع المحلي أو المنطقة أو البلد. يمكن لصانعي القرار أن يخلقوا وضعاً رابحاً للجهتَيْن، حيث يجني الجميع المنافع.

متى علينا القيام بقياس الأثر الصحّي؟

كما ذكرنا سابقاً، إنّ توقيت "قياس الأثر الصحّي" يمكن أن يحصل قبل تطبيق المشروع أو السياسة (مستقبلي)، أو خلال التطبيق (متزامن)، أو بعد إتمام المشروع أو وضع السياسة مكانها (استعادي). وفيما يمكن لأي من هذه الاحتمالات أن يكون قيّماً في حد ذاته فإنه يبدو واضحاً أنّ المثالي هو "قياس الأثر الصحّي" المستقبلي. إذ إنّ جمع كافّة الوقائع والمعلومات قبل البدء بمشروع أو تطبيق سياسةٍ ما يجعل الاحتمال أكبر بأن نفعل الأمور كما يجب، وإلاّ وجدنا فوضى كبيرة يجب ترتيبها لاحقاً. إنّ بعض مؤيّدي "قياس الأثر الصحّي" يعتبرون أنّ المتزامن أو الاستعادي ليسا "قياس الأثر الصحّي" نهائيّاً، بل مجرّد مراقبة أو تقييم للمشروع أو السياسة.

إذن، الوقت الأفضل للمباشرة في "قياس الأثر الصحّي" هو أثناء عمليّة التخطيط، قبل جدولة بدء النشاط أو وضع السياسة مكانها بوقت طويل. ويمكن لقياس الأثر الصحي اللاحق، أكان استعادياً أم متزامِناً، أن يكون مفيداً وأن يؤدّي إلى تصحيح الأخطاء التي تحصل الآن أو التي حصلت خلال مسار النشاط، ولكنّ تغيير مشروع أو تنقيح سياسة بعد أن تكون على الطريق أو (وهذا أسوأ) بعد إتمامها هو أصعب بكثير من تغيير الخطط مسبقاً. إضافةً إلى ذلك، عندما يأتي وقت اكتشاف "قياس الأثر الصحّي" المتزامن أو الاستعادي لتأثير صحّي سلبي وارد، الاحتمال كبير أن تكون قد نبّهت إليه أصلاً مجموعات محلية أو حتّى احتجّت عليه. إنّ أخذ التأثيرات بعين الاعتبار قبل الحدث لا يجعل طرحها أسهل فحسب، بل يجنّب فقدان ثقة ونزاعات غير ضرورية.

مَن يجب أن يكون مشاركاً في قياس الأثر الصحّي؟

في الحقيقة، توجد طريقتان للإجابة عن هذا السؤال. الأولى هي مناقشة من يجب أن يكون مشمولاً في مسار "قياس الأثر الصحّي" وكيف. الطريقة الثانية هي التفكير في مَن يجب أن يقود المسار وينفّذ الدراسة من الناحية الواقعية (ما يتضمّن قدراً كبيراً من العمل، كما سنرى، بعضه تقني ويستلزم بكامله مروحة متنوعة من المهارات). سننظر إلى الطريقة الثانية في جزء "كيفية العمل" من هذا القسم، ونقصر النقاش هنا على مَن يجب أن يكون مشمولاً في العملية.

المسار التشاركي الحقيقي هو المسار الذي يتمثّل فيه كافّة أصحاب المصلحة، وحيث دورهم أساسي وليس فقط رمزيّاً. هذا يعني أنّهم يلعبون دوراً حقيقيّاً في التخطيط لقياس الأثر الصحّي ومراقبته، كما في المساعدة على صياغة التوصيات. (انظروا الفصل 18، القسم 2: مقاربات تشاركية في التخطيط لتدخلات مجتمعية.)

يشمل أصحاب المصلحة:

  1. المتأثرين بشكل مباشر بالتحرّكات أو السياسات المُقترحة. يقع هؤلاء في عدّة فئات:

  2. أعضاء الجمهور الذي نصوَّب التغييرات باتّجاهه ، عندما يكون ذلك قابلاً للتطبيق.

  3. أعضاء الجمهور الموجودين على مقربة جغرافية من التحرّكات المقترحة، والذين سيتأثّرون بشكل مباشر بالعمل الذي سيقام أو بتحرّكات أخرى ستنفَّذ. بعض الأمثلة يشمل الذين يسكنون قرب موقع تنمية مُقترح أو قرب مشروع ري، والذين يسكنون على الطريق بين مركز سكّاني أساسي ومنطقة ستجري تنميتها، والقابعين في اتّجاه مجرى النهر أو مجرى الريح لمشروع تنموي صناعي مُقتَرح يمكن أن يلوّث المنطقة، حتّى لو كانوا بعيدين نسبيّاً. (فمثلاً، الصناعة الثقيلة في المملكة المتّحدة وألمانيا وبولونيا هي المسؤولة عن المطر الحمضي في النروج.)

  4. أعضاء المجموعات الأضعف التي يمكن أن تتأثّر كالأطفال، والكبار في السن، والأشخاص ذوي الإعاقات، والأقليّات اللغويّة أو غيرها، ومجموعات الدخل المحدود.

  5. السكّان والمسؤولين في المجتمعات المحلّية التي ستتأثّر بالتحّركات أو السياسات المُقتَرحة (مثلاً، المجتمعات المحلّية المعرّضة لزحمة سير أكثر قسوةً بسبب التنمية السياحيّة).

  6. المنخرطين في تنفيذ التحرّكات أو السياسات المقترحة. إنهم الأشخاص المسؤولين عن القيام الفعلي بتنفيذ المشروع أو تطبيق تفاصيل السياسة.

بعض الاحتمالات:

  • متعهّدو الأراضي في القطاع الخاص وشركات البناء.

  • المسؤولون والوكالات الحكومية على الصعيد المحلي والمناطقي والوطني.

  • المخطّطون.

  • الشرطة، ورجال الإطفاء، وعاملو الصحّة، ومؤمّنو الخدمات العامّة الآخرون.

  • المنظمات غير الحكوميّة وغير الربحيّة المعنيّة بالمسائل و/أو المجموعات المتأثّرة. في العديد من البلدان، لاسيّما الولايات المتّحدة، غالباً ما يكون هنالك مجموعات تقوم بأعمال تنفيذ السياسات الصحّية والمتعلّقة بالصحّة، وهي تخدم مَن لديهم مشكلات صحّية جسديّة ونفسيّة، وتطرح منع العنف ومسائل بيئية وتحدّيات مجتمعيّة أخرى. هذه المجموعات غالباً ما ترى نفسها كممثّلة للمجموعات الضعيفة، وقد تفهم حاجات هؤلاء الناس بشكل أوضح من الوكالات الحكوميّة التي تشرف عليهم أو صانعي السياسات الذين يقرّرون مصيرهم. من المنطقي إذاً إشراك هاتين الفئتين بسبب هذا الفهم ولأنّهم متأثّرون بأنفسهم بالمشاريع والسياسات.

  • مجموعات المناداة. يجب إشراك هذه المجموعات في عملية "قياس الأثر الصحّي" منذ البداية أكان موضوع المناداة قضيّة أو مجموعة. في حال كانت مجموعات المناداة هذه منخرطة بالفعل فإنه يمكنها أن تساعد بنفس الطرق كما تفعل المنظمات غير الحكومية. وفي حال كانت مُقصاة عن المشاركة فإنها ستشكك (وعن حق) بالمسار، ويمكن أن تخلق مشكلات لكلا مسار "قياس الأثر الصحّي" والمشروع أو السياسة موضوع التحليل. في حين أنه عندما يكون لها مكان على الطاولة فهي يمكن أن تعمل على أي مشكلة تنشأ، وتسير العملّية بشكل أكثر سلاسة.

  • صانعي القرار أنفسهم. هم الناس (الوكالات الحكوميّة والمتعهّدون والمهندسون والمخطّطون والمسؤولون المحلّيون) الذين يتحكّمون بالتخطيط وبتطبيق المشاريع أو السياسات. من نافل القول أنّه من الضروري تمثيلهم في مسار "قياس الأثر الصحّي". فهم أوّلاً، يعرفون تفاصيل الميزانيّة، والحدود الزمنيّة، وعوامل أخرى تجعل خياراً ما قابلاً للتنفيذ أو مستحيلاً. وبنفس الأهميّة، فإنّ ثقل القرار يقع على أكتافهم. من هنا تكون من مصلحتهم ومصلحة القرار الصائب، أن يفهموا الخصائص الحقيقية للدلائل وتبعاتها.

  • الوكالات الحكوميّة المسؤولة عن المسائل و/أو المجموعات التي تشكّل مواضيع البحث. غالباً ما يقع على عاتق الهيئات في القطاعات المتنوعة أن تنفّذ المشروع أو السياسة. من المهم إشراكها إذاً، ليس فقط من أجل هذا السبب، بل أيضاً لأنّها كلّما فهمت بشكل أفضل أسباب تنفيذ المشروع أو السياسة بهذا الشكل، يزداد احتمال أن تساهم في تحقيقه.

  • الممثّلين عن قطاعات أخرى متأثرة بالطرح. قد يؤثّر مشروع زراعي، مثلاً، بشكل مباشر أو غير مباشر، على مخزون المياه والنقل والبيئة والعمل (بعض الأمثلة على الاحتمالات). من هنا، يؤمّن شمل الوكالات أو الأقسام المسؤولة عن هذه المجالات معلومات أفضل وأكثر كمالاً، ويعزّز التعاون والتواصل بين القطاعات، ويبقي كافّة القطاعات ذات الصلة في الدائرة.

  • العاملين في المجال الصحّي على المستوى المحلي والوطني والعالمي. هم الناس الموجودون في المواقع التي تؤهلّهم على أحسن وجه لإصدار الأحكام حول التأثيرات الصحّية والمخاطر، ويمكنها أن تزيد من منافع "قياس الأثر الصحّي" بشكل لا حد له.

  • أرباب العمل والاتّحادات العمّاليّة. لإنهم الأشخاص الذين سيكونون مسؤولين عن القيام بالعمل الحقيقي المادّي في المشروع، والذين سيقومون به، يمكن لهذه المجموعات أن تتوقّع قابليّة تنفيذ الاحتمالات المتعدّدة، وهي تتأثّر بخيارات صانعي القرار. كما قد يكون لهذه المجموعات قواعد داخليّة أو شروط تعاقد يمكن أن تملي ما يمكن القيام به أثناء مسار المشروع وما لا يمكن.

  • المفوِّضين "بقياس الأثر الصحّي"، أي مَن سيقومون بتحريك عملية "قياس الأثر الصحّي" (ويدفعون كلفته في معظم الأحيان). قد يكون المفوِّض متعهّداً خاصّاً (إذ إنّه غالباً ما يُدفع لقياس الأثر البيئي كجزء من عملية الحصول على الترخيص)، أو بلديّة أو حكومة مركزّية أو منظّمة، الخ.

  • الذين ينفّذون "قياس الأثر الصحّي" في الواقع. من نافل القول إنّ الأشخاص الذين ينفّذون "قياس الأثر الصحّي" هم معنيّون بالتخطيط له تطبيقه، فهذه مهمّتهم.

كيف نقوم بقياس الأثر الصحّي؟

لقياس الأثر الصحي جوانب عمليّة وسياسيّة لا يمكن في الحقيقة فصلها عن بعض. الجوانب السياسية لها علاقة بالدوافع والدعم لتنفيذ "قياس الأثر الصحّي"، بالإضافة إلى التمويل. الجوانب العملية لها علاقة بالآليّات والأمور اللوجستية، أي جمع المشاركين المناسبين، ووضع الخطّة وتطبيقها، والخروج بمعلومات وعمليات تحرّك محتملة. سنبحث في النوعين من الجوانب المختلفة، بدءاً بالجوانب السياسية نظراً إلى ضرورة وجود بعض العناصر السياسيّة على الأقل لكي يحصل "قياس الأثر الصحّي" أصلاً.

الجوانب السياسية في تنفيذ "قياس الأثر الصحّي":

  1. لكي يصبح "قياس الأثر الصحّي" شائعاً، وتحديداً لكي يتمأسس، يجب على الأقل أن يكون لدى السياسيّين والوكالات الحكومية الاستعداد للتفكير في بعض المفاهيم:

  2. الصحّة مهمّة لدرجة جعلها جزءاً لا يتجزّأ من أي مشروع أو سياسة لها تأثير عليها.

  3. الصحّة ليست مسألة فرديّة، بَل يجب أن يُنظر إليها في إطار أوسع (إطار مجتمع محلّي أو مناطقي أو وطني أو عالمي)، وفقاً لمدى المشروع المقترح أو السياسة المطروحة.

  4. الصحّة أكثر من التخفيف من الأمراض أو الإصابات أو الظروف الطبيّة، أو القضاء عليها أو الوقاية منها، فهي تشمل كذلك تعزيز الصحّة والتبعات النفسيّة لها، وجوانب أخرى منها.

  5. المحدّدات الاجتماعية والمحدّدات الأخرى للصحّة هي حقيقية فضلاً عن كونها مهمّة جوهريّاً لخلق مجتمعات ومجتمعات محلّية صحّية.

  6. الصحّة تتخطّى قسماً واحداً أو وزارة واحدة، أي لا يكفي أن تُشرك وكالات الصحّة العامّة في تفحّص التأثيرات الصحّية لمشروع أو سياسة، والتعاون بين الأقسام وبين القطاعات ضروري من أجل الفهم الكامل للتأثيرات الصحّية الناجمة عن المشاريع أو السياسات.

  7. هم بحاجة إلى المعلومات الأكثر كمالاً ممكناً والأفضل والأدق من أجل القيام بقرارات صائبة تأخذ التأثيرات الصحّية بعين الاعتبار.

  8. لن يحصل "قياس الأثر الصحّي" بجودة مضبوطة أو بانتظام إلاّ إذا كان مُمَأسساً على أساس قانوني بشكلٍ ما (قانون أو نظام للوكالة أو سياسة واضحة أو مستلزمات الترخيص، الخ). يجب أن يضع الأساس القانوني معايير واضحة لما يحتاجه "قياس الأثر الصحّي"، ومَن يجب أن يشمل، وعلى أيّ مستوى يجب أن يجري. (صدر مؤخّراً عن الاتّحاد الأوروبي، مثلاً، أن تنفيذ أي مشروع جديد أو سياسة ذات صلة يستلزم قياساً بيئيّاً استراتيجيّاً، ويستوجب دراسة الناس والصحّة بالتزامن مع العوامل الأخرى.)

  9. يجب أن يكون "قياس الأثر الصحّي" مدفوع الكلفة. يجب أن تحتوي التنظيمات أو التشريعات الحاكمة" آليّةٌ متّسقة لتمويل "قياس الأثر الصحّي" كتابةً في وإلا فالقياس لن يتم. قد يكون ذلك تمويلاً من الحكومة عبر بند معيّن في الموازنة، أو من موازنة القسم المناسب أو الوزارة الملائمة (الأكثر منطقيّاً أن يكون بنداً معيّناً من الميزانيّة، إذ يزيل بذلك احتمال التباس المسؤوليّات ما بين الأقسام والهيئات حول تأمين كلفة "قياس الأثر الصحّي"، في مجال يكون لها جمعيها بعض الإشراف عليه.)

إن طريقة أخرى محتملة للتمويل، على الأقل بالنسبة للمشاريع التي تبادر إليها الشركات الخاصّة، هي في جعل المتعهّد أو الشركة أو المتعاقد يدفع كلفة "قياس الأثر الصحّي" كجزء من عملية الحصول على الترخيص، كما يفعلون في الولايات المتّحدة، مثلاُ، بالنسبة لقياس الأثر البيئي. كما قد يكون المزج بين التمويل الخاص والتمويل العام خياراً، على الأقل في بعض الحالات. ومع أنّ هنالك بعض الحالات قد تطلب فيها مجموعةٌ من المواطنين أو مجموعة مناداة أو منظّمة غير حكوميّة قياساً للأثر الصحي من أجل حماية مجموعة معرّضة، يجب ألاّ يعتمد التمويل بشكل عام على الناس المتأثّرين بل يجب أن يكون مسؤوليّة الحكومة بمعنى ما، كما يحصل "قياس الأثر البيئي" في الولايات المتّحدة. (في هذه الحالة، القانون يحدّد مَن يدفع لقياس الأثر البيئي.)

  1. يجب أن تتعاون الهيئات الحكوميّة لكي يكون "قياس الأثر الصحّي" بجودة عالية. يتطلّب الأمر عادةً أن ينظر قسم الصحة أو وزارة الصحة والوكالة المشرفة على القطاع المرتبط بشكل مباشر بالمشروع أو السياسة، وعلى الأرجح وكالات أخرى ذات صلة كذلك، في كافّة جوانب الطرح وتستخرج كافّة التبعات الصحّية المرتبطة بتنفيذه. فمثلاً، قد يشمل مشروع تنموي تجاري أقسام الصحّة والبيئة (جودة الهواء، والضجّة، والمحافظة على الأماكن المفتوحة، الخ) والنقل (أنماط السير والزحمة، وطرقات جديدة أو محسّنة) والعمل (العوامل الاقتصاديّة) والزراعة (التأثيرات على الأراضي الزراعيّة القريبة) والسكن (تهجير بسبب المشروع)، بالإضافة إلى أقسام أخرى.

غالباً ما تُستخدَم البيروقراطيّة الحكوميّة للمنافسة والسريّة، بدلاً من الانفتاح والتعاون. لكي يعمل "قياس الأثر الصحّي" يجب أن يكون واضحاً أنّ العمل سوية ينفع الجميع في الواقع ويجعل المهمّة أسهل على الجميع.

  1. يجب أن تكون الحكومة مستعدّة لإشراك مَن سيتأثّرون والانتباه إلى همومهم ونصائحهم. غالباً ما تكون البيروقراطيّات أكثر ممانَعةً للعمل مع المواطنين منها مع بيروقراطيات أخرى، وقد يلزم تغيير ثقافة أقسام الحكومة ووكالاتها لكي يحصل ذلك. وكما تظهر ضرورة التعاون بين البيروقراطيّات يجب أن يرى البيروقراطيّون إيجابيّات مشاركة العموم (تبنّي المواطنين، وزيادة الثقة في قرارات المسؤولين، وانخفاض في البغض، والتخفيف من الاحتجاجات ما بعد المشروع أو السياسة أو القضايا القانونية) قبل أن يلتزموا بها تماماً.

لا يوجد طريقة موصوفة للقيام بقياس الأثر الصحّي. بالتعريف، فإن قياس أثرٍ ما يُكيَّف مع سياقه (مكان السياسة المقتَرحة والقطاعات والسمات وكمّية التناقض التي تتسبّب بها والمستويات الحكوميّة المُنخرطة، الخ). ولكن يبقى شكل عام ينطبق على أي قياسٍ للأثر الصحّي، إذ يتكوّن من خمس مراحل، ومجموعة خطوط توجيهية، دون أن تكون متحجّرة، وهي تتماشى مع المراحل التي تساعدكم على تنفيذ "قياس الأثر الصحّي" بطريقة فعّالة.

الجوانب العملية لتنفيذ "قياس الأثر الصحّي:"

لا يوجد طريقة موصوفة للقيام بقياس الأثر الصحّي. بالتعريف، فإن قياس أثرٍ ما يُكيَّف مع سياقه (مكان السياسة المقتَرحة والقطاعات والسمات وكمّية التناقض التي تتسبّب بها والمستويات الحكوميّة المُنخرطة، الخ). ولكن يبقى شكل عام ينطبق على أي قياسٍ للأثر الصحّي، إذ يتكوّن من خمس مراحل، ومجموعة خطوط توجيهية، دون أن تكون متحجّرة، وهي تتماشى مع المراحل التي تساعدكم على تنفيذ "قياس الأثر الصحّي" بطريقة فعّالة.


المرحلة الأولى في المسار هي اختيار مَن سيقوم بقياس الأثر لتنفيذ "قياس الأثر الصحّي". بشكل عام، ومن دون أن يكون ذلك صالحاً لكل حلة، هناك إجماع بين مؤيّدي "قياس الأثر الصحّي" على أنّ المسؤولين عن هذه المهمّة يجب أن يتم تدريبهم على "قياس الأثر الصحّي" أو أن يختبروه، بصرف النظر عن خلفيّتهم المحدّدة التي يأتون منها (صحّة عامّة أو أبحاث في العلوم الاجتماعيّة أو إدارة عامّة أو أمر آخر مختلف تماماً). ومع أنّه لم يجر مناقشة التدريب بشكل واسع فيجب أن يتضمّن على الأرجح أساساً حول مسائل الصحّة العامّة ومحدّدات الصحّة، بالإضافة إلى منظور أوسع إلى الصحة باعتبارها مسألة مجتمعيّة (أو أوسع من ذلك). يجب أن يشمل التدريب أيضاً آليّات تنفيذ "قياس الأثر الصحّي" (إشراك المجتمع المحلي وإشراك كافّة الوكالات والمنظّمات ذات الصلة والاجتماع بهم ، وتوليد الخيارات.. الخ)  وربّما شمل التدريب بعض التعليمات وممارسة تقريب وجهات النظر المتعارضة، وإقناع القطاعات بالعمل معاً، وحل النزاعات، وتيسير النقاش.

يعتقد "جون كيم"، وهو منظّر وداعم أساسي لقياس الأثر الصحّي، أنّ التدريب أقل ضرورة من الخلفيّة العامّة في التعامل مع الناس وبعض القدرة على تنفيذ الأبحاث. وهو يشعر أنّ "قياس الأثر الصحّي" ضروريٌ لدرجة أنّه من الأهم نشره بأوسع طريقة ممكنة بدلاً من الانتظار إلى أن يصبح عددٌ كبير من الناس خبراء في قيادة العملية. بينما يشعر آخرون أنّنا نوقع أنفسنا في الفشل إذا باشرنا العمليّة من دون تدريب محدّد وخبرة في تنفيذ "قياس الأثر الصحّي".

الكاتب هنا يقع في مكان ما بين الاثنين كما سيُظهر هذا المقطع. إذ إنّه يبدو منطقيّاً افتراض تحلّي عدد من الأشخاص بالمهارات (والسمات الفرديّة) اللازمة لتنفيذ "قياس الأثر الصحّي" كنتيجة للتدريب والخبرات التي يعيشونها أصلاً، وإنّ تدريب منَ سيقيس الأثر الصحّي لفكرة جيّدة بالطبع، ولكن في مجالٍ جديد كقياس الأثر الصحّي فإن معظم الخبرة اللازمة ستأتي دون شك من الخبرة العملية في أي حال. التدريب الأفضل قد يكون مفيداً عبر التمرّن مع شخصٍ قد نفّذ قياس الأثر الصحّي بنجاح في السابق.

إذن مَن يُرجّح أن يكون منفّذو "قياس الأثر الصحّي"؟ إذا أخذنا في الاعتبار المهارات اللازمة (كلّما كان التدريب اللازم أقل، يكون استعدادهم للقيام بالمهمّة أسرع) فسيأتي هؤلاء المنفّذون من المجالات التي ذكرناها أعلاه، أو ربّما من مجالات أخرى كعلم النفس المجتمعي، أو عالم المنظّمات غير الحكوميّة حيث يكون العديد من هذه المهارات لازماً ومطبّقاً بشكل دوري. المصادر الأخرى الممكنة هي الجامعات، ومجموعات التفكير، والحكومة.  بغض النظر عن مكان مجيئهم  يجب أن يكون الذين ينفّذون "قياس الأثر الصحّي" قادرين على الاتّصال والتواصل بشكل فعّال ومحبّب مع مروحة واسعة من الناس، وأن يتعاملوا براحة مع النزاع والتناقضات الظاهرة، وأن يعرفوا كيفيّة التحرّك والتفاوض مع الحكومات وبيروقراطيّات أخرى، وأن يفهموا الأبحاث، وأن يحافظوا على هدوئهم أمام أي أمر يأتي على طريقهم.

هنالك جوانب سياسيّة لهذا الخيار كذلك. فإنّ "قياس الأثر الصحّي" الأكثر موضوعيّةً سيُنفّذه بالطبع أشخاص دون أي مصلحة في النتائج ودون أي صلات مع الوكالات أو أي الأفرقاء الآخرين المعنيّين. ولكن من جهة أخرى، قد تميل الحكومات وهيئات أخرى إلى جعل تنفيذ نشاطاتٍ كقياس الأثر الصحّي على أيدي أشخاص قد يحابون نهج الحكومات المُفضّل في العمل. يجب أن يكون هنالك نوعٌ من الموانع ضد توظيف ممارسين لقياس الأثر الصحّي يكون لهم إنحياز معيّن أو عليهم واجبات تجاه من كلّفهم بالقيام بقياس الأثر. إن كلاً من الحاجة للاستخدام الأخلاقي للأدلة المجموعة وعدم جدوى "قياس الأثر الصحّي" الانتهازي، يجعلان اختيار المنفّذين أمراً مهمّاً، وأمراً يجب ألاّ يتم إملاؤه سياسيّاً.

 

يتألّف "قياس الأثر الصحّي" من خمس مراحل:

  • الغربلة

  • تحديد المدى

  • قياس الأثر

  • التقرير

  • التقييم

سننظر إلى كل من هذه المراحل على حدة، ونضع بعض الخطوط التوجيهيّة ضمن كل منها لتأمين فهم أوسع لمسار "قياس الأثر الصحّي"، وسلسلة خطوات يمكنكم اتّخاذها لتنفيذ هذا المسار:

  1. الغربلة. يجب أن يجري تفحّص كل مشروع أو سياسة لتحديد ضرورة "قياس الأثر الصحّي" من عدمه. هنالك على الأقل سببان لعدم ضرورة "قياس الأثر الصحّي":

السبب الأوّل هو عدم وجود تأثير للمشروع أو السياسة على أي مجال يؤثّر على الصحة.

السبب الثاني هو أن تكون الصّحة مأخوذة تحديداً في الاعتبار في المشروع أو السياسة. على سبيل المثال، ما تجسَّد بالمشروع التنموي الذي صُمّم للمعيار الذهبي من أجل "القيادة في الطاقة والتصميم البيئي"، والذي نال النسبة الأعلى من مجلس "البناء الأخضر" الأميركي، مستخدماً مواد غير سامّة بالإضافة إلى وضع مساحات عديدة جانباً من موقعه للمساحات المفتوحة والترفيه، وخلق طرقات للسير على الأقدام وللدارجات الهوائية، واستخدام تصميم يشجّع التفاعل الاجتماعي والنشاطات الجماعيّة بين السكّان.

الغربلة هي المهمّة الأولى (وأحياناً الأخيرة) في تنفيذ "قياس الأثر الصحّي". يمكن لهويّة الشخص الذي يقوم بهذه المهمّة أن تشكّل مشكلة. فإذا وظّفتم فرداً أو فريقاً ليقوم بقياس الأثر الصحّي، سيكون لديه المعرفة والخبرة للحكم على ما إذا كان "قياس الأثر الصحّي" قيمّاً في هذه الظروف أم لا. وللأسف، قد يكون في ذلك تضارب مصالح: إذا قرّروا عدم ضرورة "قياس الأثر الصحّي"، فسيصبحون دون عمل. كما يمكن لترك هذه المهمّة للّذي يقوم بالتكليف أن تشكّل مشكلة مماثلة ("قياس الأثر الصحّي" يستهلك الوقت ويتضمّن التعامل مع المجتمع المحلّي وقطاعات أخرى، ما قد لا يثير حماس المكلّف) بالإضافة إلى خطر تجاهل أمر مهم. الخيار الجيّد قد يكون توظيف أحد يتمتّع بمعرفة وخبرة تحديداً للقيام بالغربلة، ثمّ توظيف شخص آخر للقيام بقياس الأثر إذ لزم الأمر.

  1. تحديد المدى. هي مرحلة التخطيط الحقيقي لقياس الأثر الصحّي، ففي هذه المرحلة، تحدّدون بشكل مبدئي الطرق التي يمكن للقرار تحت الدراسة أن يؤثّر على الصحة (إيجاباً أو سلباً)، والأشخاص الذين يمكن أن يتأثّروا، وكيف يجب قياس التأثيرات، وآراء أي خبراء لازمة لأخذ الصورة الكاملة، وما هي الموارد اللازمة لتنفيذ "قياس الأثر الصحّي"، وما هي أنواع الأدلّة التي يجب جمعها، الخ... في نهاية مسار تحديد المدى، يجب أن يكون قد أصبح لديكم خطّة كاملة لكيفيّة تنفيذ قياس الأثر.

كما ذكرنا سابقاً، لا يوجد طريقة واحدة لتنفيذ "قياس الأثر الصحّي"، فذلك يعتمد على الظروف الفرديّة لكل وضع ومكان. في ما يلي هو طريقة منطقيّة لبناء مسار تحديد المدى، ولكن يجب ألا تُعتبَر الطريقة الوحيدة:

  • استخدام المنطق والمعرفة السابقة وهموم المجتمع المحلّي، والقيام بتخمين مدروس عن التأثيرات الصحّية المحتمَلة للمشاريع أو السياسات المقترحة.

  • تحديد القطاعات والفئات والمجموعات والأفراد الذين يلزم التشاور معهم و/أو إدخالهم في المسار.

  • جمع فريق، فيه مَن سيخطّط ويقوم بالعمل الأساس لقياس الأثر الصحّي. يجب أن يضم هذا الفريق ممثّلين عن أكبر عدد ممكن من أصحاب المصلحة، بمن فيهم المتأثرون وهؤلاء الآتين من أو الذين يمثّلون الفئات الضعيفة.

قد يعتمد تكوين هذه المجموعة على الوقت. إذا كان الجدول الزمني قصيراً، فقد لا يكون منطقيّاً محاولة إشراك المجتمع المحلي في فريق التخطيط، مع أنّه بحاجة لأن يُستشار ويَبقى ملّماً بما يجري. ولكن من الضروري التأكّد من أنّ كافة الهيئات الحكوميّة ذات الصلة منخرطة، أو على الأقل في دائرة العِلم، لتجنّب إهمال أمر مهم، وللتأكّد من أنّ أمور المصالح لا تتداخل مع المسار.

الفريق التشاركي الجامع هو المثالي. بعض المفوّضين بقياس الأثر الصحّي يوظّفون مستشاراً أو شركة للقيام بالمهمّة، وقد يتأكّد أو لا يتأكّد هذا الفرد أو المجموعة من أن كافّة الأصوات مسموعة. إن الجدول الزمني القصير يخفّف من احتمال شمولية وتشاركية المسار فعليّاً، ولكن يجب أن يبقى التصويب على هذه الغايات قدر الإمكان.

إحدى نقاط أهمّية استخدام "النهج الفريقي" هي في أنّها تعطي الجميع فرصة إقامة علاقات شخصيّة عابرة للقطاعات. هذه العلاقات لا تجعل العمل أسهل في إطار "قياس الأثر الصحّي" فحسب، بل هي تحسّن العلاقات بين القطاعات للمستقبل. ففي نهاية الأمر، ليس "قياس الأثر الصحّي" المسار الوحيد الذي يمكن أن يستفيد من تعاون مختلف الوكالات الحكوميّة، أو من التنسيق بين الحكومة والمجتمع المحلي.

  • الألفة مع الوضع الحالي للسياسة المطروحة أو المشروع المطروح، ومع القرارات التي يمكن و/أو يجب أن تُتَّخذ. هل يمكن لأي جانب من جوانب المشروع هذا أو السياسة هذه أو جميع الجوانب أن تُلغَى أو تغيَّر، وفي حال نعم، أيّ منها؟ وهل هنالك مشاريع أو سياسات أخرى تعتمد على هذا المشروع / هذه السياسة أو بالعكس، وما هي؟ وما المقصود أن يحقّقه تنفيذ هذا المشروع أو السياسة؟ وما هي المنافع المتوقَّعة ولمَن؟ وهل تؤثّر على أي من الفئات أو المجموعات الضعيفة؟
  • تحديد الأدلة اللازمة. تحتاج مسارات "قياس الأثر الصحّي" المختلفة أنواعاً مختلفة من البراهين. قد يعتمد بعضها على مدى واسع من الأخبار والمقابلات المحليّة المباشرة، وقد يتطلّب البعض الآخر مراقبة بعض الأمور كتلوّث المياه أو مسار الزحمة، كما قد تعتمد أخرى جزئيّاً على دراسات متعلّقة بالأمراض (فحوصات واسعة القاعدة لمشكلات صحيّة من عدّة زوايا). معظمها سيحتاج بعض المزيج من أنواع الأدلّة. بعض الأدلّة التي يمكن السعي وراءها تشمل:

    • الأدلّة الموجودة: دراسات في المسألة ذات صلة مع الوضع الحالي، ودراسات في الفئات والمناطق الجغرافيّة التي ستتأثر، وإحصائيّات، الخ... مما  قد يكون متوفّرا عند الوكالات المتنوعة المنخرطة، أو عندالمستشارين، أو قد يلزم إيجادها في مجلاّت مهنيّة أو في المكتبات أو عبر الانترنت.


إنّ مؤيّدي "قياس الأثر الصحّي" يشدّدون على أهمية البحث في الأدبيّات الموجودة، أي الأبحاث المنشورة، و"الأبحاث الرماديّة"، أي الأدلّة التي جرى جمعها ولم تنشر. قد تكون هناك بيانات إحصائيّة جُمعت للمموّلين، أو أدلّة حسّية كنماذج من التربة أُخذت وتمّت المحافظة عليها لأغراض أخرى (لتفقّد المكان الأفضل لزراعة محصول معيّن)، أو مقابلات أُجريت أثناء الدراسة ما قبل التخرّج، الخ... وهي غالباً ما تقع أيضاً في هذه الفئة تلك  الدراسات والتقييمات التي تجريها داخليّاً المنظّمات غير الحكوميّة أو الوكالات الحكوميّة، حيث لا يكون المقصود منها نشرها، بل فقط توجيه عمل المنظمة أو الوكالة.

 

  • الأدلّة التي يلزم جمعها: هنالك عدّة أنواع من الأدلّة التي يمكن أن تكون مفيدة هنا. إحداها هي الظروف على الأرض، أي الوضع المادّي للمنطقة الجغرافيّة، واللوجستيّات (النقل والطاقة والمياه، الخ)، وقربها من المساكن والمناطق المأهولة (المدارس والأماكن الدينيّة والحدائق والأحياء التجاريّة)، ووضع المجموعة المتأثّرة (مرّة أخرى، قد تكون الوكالات مفيدة هنا، كما الخبراء في المجال). نوع آخر من الأدلّة يأتي من معلومات مصادر المعلومات الأساسيين والمجتمع المحلي بأسره، أي قادة المجتمع المحلي أو الناطقين الرسميّين، ومجموعات المناداة، والأشخاص الذين يتمتّعون بفهم لتاريخ المنطقة، والناس المتأثرين بالمشروع أو السياسة موضوع الدراسة.

  • النوع الأخير من الأدلّة يتكوّن من الدراسات أو الإحصاءات التي يجب القيام بها أو جمعها من قبل مسار "قياس الأثر الصحّي"، لاسيّما ربطاً بالمجموعات الضعيفة. قد يقوم بهذا العمل استشاريّون أو منفّذو قياس الأثر أو أعضاء آخرون من الفريق، عندما يكون ذلك مناسباً.

  • تعيين مسؤوليّات لكافّة أجزاء "قياس الأثر الصحّي". يجب أن يفهم الجميع بوضوح ما هو دور كل شخص (التخطيط والإشراف، أو إنجاز مهمّات محدّدة، أو حضور اجتماعات، أو الاتّصال بأشخاص أو مقابلتهم، الخ)، والجدول الزمني المتبع. يكون منفّذو "قياس الأثر الصحّي" بشكل عام مسؤولين عن الإشراف عن المسار بأسره، بالإضافة إلى أي مهمّات أخرى محدّدة يمكن أن يأخذوها، والتأكّد من أنّ أعضاء الفريق يفون بالتزاماتهم و يلبّون مواعيد التسليم.

3.قياس الأثر. حتّى هذه اللحظة، كنتم تخطّطون. حان الوقت الآن لأداء قياس الأثر الفعلي أي جمع الأدلّة ودراستها، وتحديد طبيعة التأثيرات المحتملة وحجمها وأهدافها، في خضم احتمالات متنوعة. الخطوات هنا ليست خطوات فعليّة، إذ إنّ معظمها يمكن القيام به في نفس الوقت، في حال وجود عدد من الأشخاص منخرطين في قياس الأثر.

مراجعة الأدلّة الموجودة: هذه مبدئيّاً مسألة متابعة الدراسات والتقارير الإحصائيّة المنشورة وغير المنشورة، وقراءتها. قد يكلف بهذه المهمّة باحث واحد ذي خبرة فيما يعمل الآخرون على مهمّات أخرى (قد تتضمّن البحث في مكتبات الجامعة وملفّات الوكالات الحكوميّة وأقسامها، وهنا تكون مفيدةً العلاقات الجيّدة مع أشخاص من عدّة قطاعات.) المُراجِع يتحمّل مسؤوليّة تحديد مصداقيّة الدراسات والأدلّة الأخرى الموجودة، فليست كل دراسة بالضرورة مبنيّة أو منفّذة بشكل جيّد، وليست كافّة الخلاصات المستنتَجة بالضرورة منطقيّة أو دقيقة، وتصبح مهمّة المُراجِع اتّخاذ قرار فيما إذا كانت الدراسة مبنيّة بشكل تقيس فعليّاً ما تقترَح أن تقيسه، أم أن تفسيرات الباحث للنتائج تبقى سليمةً بعد التدقيق. في حال لم تكن كذلك، يجب ألاّ تُستخدَم الأدلّة أو يجب أن تُعرَض مع شرح أنّه مشكوك بأمرها بشكل ما. (انظروا الفصل 31، القسم 1: كيف نُجري بحثاً: نظرة عامّة.)


الخطوات المفاتيح للقيام بمراجعة موضوعيّة ومنهجيّة هي:

  • استخدام مقاربة معياريّة لتوجيه العمليّة

  • أن تكونوا منهجيّين

  • التركيز على سؤال معيّن

  • قياس جودة الدراسات المشمولة في المراجعة

  • تحليل النتائج وجمعها

  • عرض نتائج وتوصيات واضحة

سينتج عن اتّباع هذه الخطوات اعتبار غير متحيّز للنتائج، وسيساند إحدى القيم الأساسيّة القابعة خلف "قياس الأثر الصحّي"، وهي الاستخدام الأخلاقي للدلائل.

  • التآلف مع السياسة أو المشروع قيد الدراسة. قوموا بزيارة أماكن العمل، والمناطق الطبيعيّة، والمصانع، والمناجم، والمزارع، والطرقات، الخ، المتأثرة بالمشروع المقترح (أو الحالي إذا كان هذا الواقع) أو السياسة، وتعلّموا كافّة ما يمكن تعلّمه عنها. حاولوا الحصول على المخطّطات والخرائط والمسالك المقترَحة وما شابه، وقوموا بدراستها. تعرّفوا على الحي وعلى المنطقة، الخ، التي ستتأثر بالمشروع أو السياسة، وما هي أوضاع السكّان، وما هي الحدود الاجتماعيّة الجغرافيّة للمشروع أو السياسة. افهموا نوايا صنّاع القرار، أي ما هي فرضيّاتهم حول الكلفة والمنافع للمشروع أو السياسة، والتأثيرات المقصودة، الخ. كونوا واضحين ربطاً بالفروقات بين المشروع المطروح أو السياسة، وما هو حاليّاً موجود. قوموا بالبحث في كافّة القوانين والتنظيمات ذات الصلة، وافهموا ما الذي يجب تغييره (إذا وجب ذلك) في حال تطبيق المشروع أو الرسالة، واعرفوا ما هي المناطق التي قد تتأثّر بالمشروع أو السياسة، بالإضافة إلى تلك المعنيّة أصلاً.

  • التعرّف على مروحة الخيارات. قد يكون بعض المشاريع أو السياسات قابلاً للإلغاء، أو مفتوحاً لأي تغييرات يلزم القيام بها من أجل طرح التأثيرات الصحّية (لا نحتاج إلى هذه الطريق لدرجة التعرّض لتأثيرات صحّية خطرة من خلال بنائها). قد يتم تعديل مشاريع أو سياسات أخرى بطرق محدّدة (يجب بناء الطريق ولكن السؤال هو مكان وضعها). وقد تكون أخرى محدّدة بشكل قوي بالتغييرات التي يمكن أن تستوعبها (يجب أن تمر الطريق من هنا، ولكنّنا نريد أن نخفّف من التأثيرات الصحّية لبنائها ولاستخدامها على الشعب المحلّي). في حال كان هنالك خيارات محدّدة، أي إذا أمكنَ للطريق أن تمر من هنا أو من هنا أو من هنالك (خيارات أولى وثانية وثالثة)، كونوا على علم بها، وسواء كانت هي الخيارات الوحيدة الممكنة أم كانت هنالك أخرى يمكن التفكير بها في حال كانت عمليّة.

  • إجراء مقابلات فرديّة وجماعيّة، وتنظيم اجتماعات، والقيام باستطلاعات، الخ، لجمع أدلة أخرى والحصول على معطيات من المجتمع المحلّي. (للمزيد عن جمع المعلومات من المجتمع المحلي، انظروا  الفصل 3، القسم 6: تنظيم مجموعات مركّزة والقسم 6: تنظيم مجموعات مركّزة والقسم 10: إجراء مسوح بالهموم والقسم 12: إجراء المقابلات والقسم 13: إجراء المسوح والقسم 15: الطرق النوعية في تقدير المسائل المجتمعية بالإضافة إلى الفصل 36، القسم 6: التقييم التشاركي.)


    يجب إبقاء المجتمع المحلي أو الناس مطّلِعين طوال المسار. أكان هنالك مجموعة تخطيط تشاركيّة أم لا، يجب أن يعلم المجتمع المحلّي بوجود "قياس الأثر الصحّي"، ومَن المنخرطون، ومَن يمثّلون. يجب وصف "قياس الأثر الصحّي" له في البداية، ويجب أن يبقى على اطّلاع آني بالتقدّم، ممّا يساعد على منع المواطنين من الشعور بأنّ الحكومة أو الأعمال الكبيرة أو المؤامرة بين الشركات والحكومة تقوم ببساطة بما تريده تحت غطاء من السريّة، وستجد وتقرّر ما يناسبها (كما يساعد ذلك على منع الحكومات والشركات من القيام بذلك).

     
    • جمع الإحصائيّات والبراهين الأخرى غير المتوفّرة في الوقت الحالي واللازمة لصورة كاملة عن الوضع، أو ترتيبها. في بعض الحالات، عندما تسمح الموارد والوقت، قد يتضمّن ذلك إجراء دراسة تحديداً لقياس الأثر الصحي. (انظروا الفصل 31، القسم 2: إجراء دراسات عن المسألة.)

    • جمع المعلومات المتوفّرة من الوكالات المتنوّعة والمنظّمات غير الحكوميّة ومراكز البحث والأعمال والمؤسسات، والمجموعات الأخرى التي عليها مسوؤليّات أو هموم متّصلة بشكل مباشر أو غير مباشر بقياس الأثر الصحّي أو المسألة أو القطاع أو المنطقة الجغرافيّة أو المجموعة المُحتمَل تأثّرها. قد تشمل هنا الأدلّة أموراً مثل بيانات الوضع الاقتصادي الاجتماعي، وإحصاءات صحّية وديموغرافيّة، ومعلومات علميّة، الخ. (انظروا الفصل 3، القسم 19: استخدام السجلات الرسمية ومعلومات الأرشيف.)

    • قياس تأثير المشروع المقترح أو السياسة على صحّة قطاعات السكان المتأثّرة. هذا هو فحوى "قياس الأثر الصحّي"، بمعنى ما. عندما تُجمع الأدلة وتُدرس، يجب تحليلها لفهم التأثيرات الصحّية الممكنة. يمكن لذلك أن يكون تمريناً معقّداً، شاملاً ليس فقط التأثيرات الفوريّة على الصحّة بالمعنى الطبّي (التلوّث الهوائي الذي يمكن أن يتسبّب بأمراض تنفّسيّة أو يزيد من سوئها، مثلاً) بل المحدّدات الاجتماعيّة للصحّة أيضاً.


      السياسات أو المشاريع التنمويّة (التي تنقل أناساً من حيّ ما وبذلك تعطّل الشبكات الاجتماعيّة والعائليّة) قد تترك آثاراً على الصحّة بنفس حجم التلوّث الهوائي أو رمي مواد تسبّب السرطان. وقد يؤثّر مشروع تنموي صناعي على التلوّث الهوائي على بعد عدّة مئات من الكيلومترات، إمّا من خلال البث الفعلي، أو من خلال زيادة زحمة الشاحنات. كما قد يزعج التوازن الاقتصادي للمنطقة، رامياً بالناس الموجودين على الحافّة في هوة الفقر، أو منتشلاً إيّاهم منه. الوضع الأخير يخلق معضلة، إذ إنّه يترك صانعي القرار وهم يزنون التأثير الصحّي الإيجابي للأمان الاقتصادي مقابل التأثير السلبي لزيادة الأخطار الطبّيّة.

      ولكن هذا هو هدف "قياس الأثر الصحّي". ليس المقصود به أن يقول لصانعي القرار ما يفعلون، بَل أن يعطيهم الصورة الكاملة لكي يتخذوا  قراراً مبنياً على المعرفة. إذا كان القرار صعباً وتتداخل فيه عوامل متناقضة، يصبح من الأهم اتّخاذه والأعين مفتوحة، وأن يكون صانعو القرار قادرين على شرح المنطق خلف القرار.

      من الجدير الملاحظة أنّ "قياس الأثر الصحّي" يمكن أن يخدم كذلك قيادة السياسات أو المشاريع بشكل تام في الاتّجاه الإيجابي. تذكر "كاريْن لوك"، في مقال على الإنترنت (انظروا الموارد في اللغة الإنكليزيّة)، خطّة تنمية مناطقيّة صُمّمَت بناءً على "قياس أثر صحّي" نُفّذ لتحديد نوع التنمية الذي يمكن أن يؤمّن التأثير الأقوى إيجابيّاً (ونفترض أيضاً الأضعف سلبيّاً) على صحة أهل المنطقة.

       
      • تحديد التأثيرات التي تتأتّى عن الخيارات المختلفة. مرّة أخرى، يمكن لذلك أن يكون معقّداً، ودقّته ليست مضمونة 100%. إذ تعتمد مدى دقّته على خبرات مَن ينفّذ "قياس الأثر الصحّي" وتجاربهم، بالإضافة إلى مدى تشاورهم مع الآخرين في مجالات متنوعة، من أجل التأكّد من أنّهم يعلمون كافّة ما يمكن أن يعلموه عن التبعات المحتملة لمسارات التحرّك المختلفة. كما يعتمد على ما إذا كانت الخيارات محدّدة مسبقاً أم ولّدها فريق "قياس الأثر الصحّي"، بناءً على الأدلة.


        هنالك بعض الأسئلة الأساسيّة التي يمكن طرحها للمساعدة على التفكير في الخيارات وتأثيراتها. في حال أتت تأثيرات صحّية سلبية مع خطّة مشروع أو سياسة كما هي، فكيف يمكن إزالة هذه التأثيرات؟ هل البدائل عمليّة؟ هل كلفتها محتمَلة؟ مَن ستنفع؟ مَن ستنفع الخطّة إذا بقيت كما هي؟ هل هنالك خيار يحوّل السلبي إلى إيجابي؟ (بناء مكان مخصّص للمشاة في مشروع تنموي قد يزيل خطر الإصابات والأمراض للأطفال الذين يلعبون في الخارج، ويخلق مساحة يستطيع الناس فيها بناء صلات اجتماعية بالإضافة إلى إقامة التمارين الرياضيّة، وبذلك يعزّز الممارسات الصحّية.)

        يجب أن يُعطيكم طرح أسئلة كهذه وترجيح الأجوبة أساساً لتأمين الخيارات والقيام بتوصيات، وهي الخطوات التالية في المسار.

         

4.التقارير والتوصيات. بعد أن تحلَّل الأدلة ويكتمل قياس الأثر، يقدّم فريق "قياس الأثر الصحّي" تقريراً إلى مَن كلّفه القيام بالعمليّة، وإلى المجتمع المحلي والهيئات المختلفة والمنظمات والمؤسسات المنخرطة. يتألّف التقرير من جزأيْن: الأوّل يصف المشروع المقترح أو السياسة المقترحة، ومسار "قياس الأثر الصحّي"، والأدلّة المجمَّعة، والنتائج المستخلَصة، والخيارات التي تمّ اعتبارها. ويتكوّن الجزء الثاني من التوصيات لتخفيف التبعات السلبية وتحسين تلك الإيجابيّة لكل خيار. وعندما يكون ذلك مناسباً، يجب أن تَعرض التوصيات إمّا خيارات محدّدة مسبقاً بترتيب الأولويّة أو اقتراحاً لاحتمالات أخرى (أيضاً حسب الأولويّة) بناءً على تحليل الوضع.

يحب أن تكون التوصيات مبنيّة على أساس الأدلّة، ما يعني عدم تسييسها، وموضوعيتها، واستخدام كافّة الأدلّة ذات الصلة وذات المصداقيّة، وتحليلها علميّاً عند الإمكان، ومحاولة فهم توفيق (أو شرح) الخلاصات المتضاربة عندما تكون موجودة. كما يعني ذلك اعتبار كافّة العوامل الموجودة وليس الصحّة فقط. ففيما المقصود بقياس الأثر الصحّي دراسة التأثيرات الصحّية، إنّ إحدى الفرضيّات خلف العمليّة هي أنّه قد يكون هنالك عدّة أغراض متناقضة (غالباً ما تكون إيجابيّة)، وأنّه في بعض الحالات لا يمكن أن تحافظوا على الكعكة سليمةوأن تأكلوها في الوقت نفسه. قد يكون أمام صانعي القرار خيارات صعبة للقيام بها، ويمكن لمسار "قياس الأثر الصحّي" مساعدتهم في ذلك.

يجب أن يكون التقرير مؤطّراً بشكل يستطيع كل من كان منخرطاً أن يفهمه. في حال وجود اعتبارات علميّة أو هندسيّة أو أخرى، يجب شملها في التقرير الكامل، ولكن يجب أن يكون هنالك ملخّص يمكن أن يفهمه الشخص العادي، ويشرح الأدلّة والخلاصات الواردة فيه. من المهم تحديداً أن يتاح للمتأثّرين بالمشروع أو السياسة فهم واضح لما تمّت مراجعته، وما كانت النتائج والتوصيات، ومدى طرح همومهم. سيكونون أكثر استعداداً لدعم القرار النهائي إذا وثقوا بالمسار.

يجب كذلك أن يقدّم التقرير مباشرةً إلى صنّاع القرار، وأن يشرَح التوصيات والنتائج بالتفصيل وشخصيّاً من نفّذ "قياس الأثر الصحّي". من بالغ الأهمّية أن يفهم صانعو القرار التقرير تماماً لكي يتمكّنوا من استخدام المعلومات داخله للفائدة القصوى.

كما على التقرير أن يكون متوفّراً لكافّة أصحاب المصلحة، وليس فقط كسجلّ رسمي يمكن إيجاده في مقر البلديّة أو في الأرشيف الوطني. يجب أن يكون سهل المنال، كأنْ يُرسَل إلى كافّة المنازل المتأثّرة إذا كان العدد مقبولاً، مثلاً، و/أو أن يُنشَر في الجريدة أو يوزَّع على المكتبات العامّة. يمكن كذلك إرساله إلى المنظّمات التي تخدم المجموعات المتأثّرة، أو تقديمه في اجتماعات عامّة. مهما كانت طريقة نشره يجب أنْ تعمل الجهود على التأكّد من أنّ المجتمع المحلّي علم بتنفيذ "قياس الأثر الصحّي" وبنتائجه.

من المهم أيضاً أنْ يفهم الجميع (من صنّاع القرار إلى الجمهور العام) أنّ "قياس الأثر الصحّي" ليس تعليمات بل هو أداة تساعد صنّاع القرار على الاستخلاص المنطقي للمسار الأفضل للتحرّك. وقد يختار هؤلاء عدم الأخذ بكافّة أو حتّى بأيٍ من توصيات "قياس الأثر الصحّي"، ولكنّهم ملزمون شرح أسباب ذلك والدفاع عن قراراتهم بحجج مقابلة.

5.تقييم فعاليّة "قياس الأثر الصحّي". كما ذكرنا، يمكن لقياس الأثر الصحّي أن يكون فعّالاً بشكل مباشر (نتج عن قياس الأثر تغييرات في خطّة المشروع الأصلي أو السياسة)، أو فعّالاً بشكل عام (نُفِّذ "قياس الأثر الصحّي" وأُخذ بعين الاعتبار ولكنّه لم يُنتج أي تغييرات)، أو فعّالاً بانتهازيّة (استُخدِم "قياس الأثر الصحّي" للتأكيد على الطرح الأصلي أو دعمه)، أو غير فعّال نهائيّاً (تمّ تجاهل "قياس الأثر الصحّي"، أو جرى تنفيذه بطريقة ضعيفة فأصبح دون جدوى.) إنّ مسار "قياس الأثر الصحّي"، ونتائجه واستخلاصاته، وتوصياته، وتأثيراته على صنّاع القرار، يجب أن تؤخذ بأسرها بعين الاعتبار في التقييم من أجل فهم سواء كان فعّالاً أو لا، ولمَ كان  فعّالاً أو لم لا.

يمكن تقييم المسار عبر خطوط متعدّدة: إلى أي مدى يعكس "قياس الأثر الصحّي" قيم الديمقراطيّة والإنصاف والإدامة والاستخدام الأخلاقي للأدلة؟ ما مدى التشاركيّة والشموليّة التي يتمتّع بها، وإلى أي مدى أقنع أصحاب المصلحة بالمشاركة؟ ما مدى نجاحه في تشجيع التعاون بين القطاعات؟ إلى أي مدى جرى توزيع المسؤوليّات (في حال كان هنالك أكثر من شخص منخرط في تنفيذ "قياس الأثر الصحّي")؟

هل أَخذت النتائج في الاعتبار كافّة الأدلة؟ هل عَكست بدقّة المعلومات الموجودة  في هذه الأدلة؟ هل أخذت بالحسبان كافّة محدّدات الصحّة المنخرطة؟ هل اعتبرت مشاعر الناس المتأثّرين ومخاوفهم وآراءهم؟ هل أدركت الهموم الصحّية المتناقضة ووَصفتْها (نوعيّة الهواء مقابل الأمان الاقتصادي، مثلاً)؟

هل تأتّت التوصيات عن النتائج؟ هل كانت منطقيّة، وأخذت بعين الاعتبار عوامل كالكلفة والبيروقراطيّة والأمور اللوجستيّة والأذى للسكّان، الخ؟ هل أُعطيت التأثيرات على المجموعات الضعيفة اعتبارات جدّية وأولويّة؟

هل جرت متابعة التوصيات؟ في حال لمْ يحصل ذلك، لِمَ لا؟ وفي حال حصل، كيف جرى تطبيقها (مثلاً، هل مرّ قانونٌ ما أو هل عُدّلت تحرّكات أو هل تمّ استبدال مواد مختلفة أو هل اختيرت طريق أخرى، الخ)؟ ما مدى المساعدة التي قدّمها "قياس الأثر الصحّي" لصنّاع القرار من وجهة نظرهم؟

يمكن كذلك النظر في نتائج المشروع أو السياسة، ولكنّها قد تقع على الأرجح تحت بند تقييم المشروع أو السياسة بنفسه، ويكون هذا التقييم مستمرّاً، وبالشكل المثالي، قد يشمل العودة إلى وربّما مراجعة بعض التوصيات الأصليّة لقياس الأثر الصحّي، بالإضافة إلى تأمين المردود من الناس على فعاليّة مسار "قياس الأثر الصحّي". (تخصّص "عدّة العمل المجتمعي" أربعة فصول هي 36 و37 و38 و39 لتخطيط التقييمات ولتنفيذها، واستخدام النتائج لتحسين جهودكم.)

تتغيّر الأوضاع والقطاعات السكانية والظروف الاقتصاديّة، وقد تتغيّر التأثيرات الصحّية معها. فقد تظهر معلومات جديدة، وقد تأتي مخاطر صحّية جديدة، فيما تختفي أخرى سابقة. عندما يحصل ذلك، يجب أن تحصل أيضاً تعديلات تعكس هذه التغييرات وتعمل على متابعة دعم المجتمعات المحليّة الصحّية. إنّ "قياس الأثر الصحّي" والاستمرار في الانتباه إلى نتائجه وتوصياته يمكن أن يساعدا المشاريع والسياسات على أن تبقى ديناميكيّة وأن تتجاوب مع الحاجات الصحّية الحقيقيّة للمجتمعات المحليّة أو المناطق أو البلاد التي تقصد خدمتها هذه المشاريع والسياسات.

باختصار

يشكّل "قياس الأثر الصحّي" مساراً يحاول فهم التأثيرات الصحيّة الممكنة للمشاريع والخطط والسياسات المحلية والمناطقية والوطنية والعالمية، والقيام بتوصيات ربطاً بها. وهو يشمل كافّة اللاعبين (الوكالات الحكوميّة في قطاعات عديدة، والمتعاقدين والمتعهّدين، والمسؤولين المحليّين، والمؤسّسات المدنيّة، والأشخاص المتأثرين بالسياسات أو المشاريع المُقتَرحة، الخ)، على الأقل لدرجة ما، في التخطيط لقياس الأثر الصحّي وتنفيذه، والمُراد به إعلامهم جميعاً بالنتائج كذلك.

ليس المقصود أن يكون "قياس الأثر الصحّي" تعليمات لما يجب أن يقوم به صنّاع القرار، بَل أداةً تعطيهم أفضل وأدق معلومات ممكنة للعمل معها، وهم ليسوا محكومين بتوصياته، ولكن يمكنهم ترجيح المصالح والغايات المتنافِسة، واتّخاذ القرارات التي تبدو أنّها تحمل المصلحة العامة الأكثر شموليّة، والأقل احتمالاً للنزاع.

"قياس الأثر الصحّي" توجّههه قيم الديمقراطيّة والعدل والاستدامة والاستخدام الأخلاقي للأدلّة. في حال مورست هذه القيم فإنه يمكن لقياس الأثر الصحّي الذي ينفّد بشكل جيّد ويُنظر إليه بدقّة من قبل صنّاع القرار، أن يُنتِج ليس فقط مشروعاً يُخطّط ويُنفَّذ بشكل جيّد أو سياسة منصفة وفعّالة، بل أيضاً قد يُنتج تبنّياً ودعماً من المجتمع المحلّي، ومشاريع وسياسات تحمي عن حق وتُحسّن الصحة العامّة وتساهم في بناء مجتمع صحّي.نشجّعكم على إعادة إنتاج هذه المادة لكن نرجو أن تذكروا مرجعها، "عدة العمل المجتمعي" على موقع:

Http://ctb.ku.edu

Contributor 
فِيْل رابيْنوفِيتز

على الشبكة:

Improving Health in the United States: The Role of Health Impact Assessment

كتاب عن توجيهات للمسؤولين في القطاعين العام والخاص عن كيفية تنفيذ "قياس الأثر الصحي" للبرامج والسياسات والخطط في إطار من 6 خطوات، صادر عن مجلس البحوث القومي.

UCLA Health Impact Assessment Clearinghouse.

صادر جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس عن قياس الأثر الصحي في سياسات النقل.

Health Impact in the United States

موقع عن خارطة تفاعلية لمشاريع قياس الأثر الصحي في قطاعات مختلفة جرت تنفيذها في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.

APHA's Health Impact Assessment Fact Sheet.

أداة لضمان أخذ الصحة والإنصاف في سياسات ونظم النقل في الاعتبار.

Growing the Field of Health Impact Assessment in the United States: An Agenda for Research and Practice.”

 

(U. of California, Berkeley, School of Public Health). Andrew L. Dannenberg, MD, MPH, Rajiv Bhatia, MD, MPH, Brian L. Cole, DrPH, Carlos Dora, PhD, Jonathan E. Fielding, MD, MPH, Katherine Kraft, PhD, Diane McClymont-Peace, MS, Jennifer Mindell, MBBS, PhD, FFPH, Chinwe Onyekere, MPH, James A. Roberts, PhD, CEP, Catherine L. Ross, PhD, Candace D. Rutt, PhD, Alex Scott-Samuel, MB, ChB, MCommH and Hugh H. Tilson, MD, DrPH.  From the American Journal of Public Health, February 2006, Vol 96, No. 2, pp. 262-270.

Health impact assessment.  Karen Lock.  In BMJ (formerly British Medical Journal), May, 2000.

U.S. Centers for Disease Control HIA page, with a number of references, including

Use of Health Impact Assessment in the U.S. 27 Case Studies, 1999–2007.”  Andrew L. Dannenberg, MD, MPH, Rajiv Bhatia, MD, MPH, Brian L. Cole, DrPH, Sarah K. Heaton, MPH, Jason D. Feldman, MPH, Candace D. Rutt, PhD.

The World Health Organization موقع قياس الأثر الصحي على موقع منظمة الصحة العالمية

 

Wikipedia article on HIA,

مواد وملراجع على موسوعة "ويكيبيديا" الرقمية..

موارد مطبوعة

Wilkinson, Richard, and Michael Marmet, eds.  “The Solid Facts: Social Determinants of Health.”  World Health Organization: Copenhagen, 1998.

Wismar, Matthias, Julia Blau, Kelly Ernst, and Josep Figueras, eds.  The Effectiveness of Health Impact Assessment: Scope and limitations of supporting decision-making in Europe.  World Health Organization 2007, on behalf of the European Observatory on Health Systems and Policies